عنوان الفتوى : هل للزوج أن يمنع زوجته من زيارة والديها؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

ما حكم الشرع في زوج يمنع زوجته من زيارة والدتها المريضة ويمنعها من الاهتمام بهاحيث إنها محتاجة للخدمة ومحتاجة إلي من يعولها؟وشكرا

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: ‏

فالأصل هو قرار المرأة في بيتها، وطاعتها لزوجها، كما قال تعالى: ( وقرن في بيوتكن) ‏‏[الأحزاب:33] وقوله صلى الله عليه وسلم: " لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لغير الله ‏لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى ‏تؤدي حق زوجها كله، حتى لو سألها نفسها وهي على قتب لم تمنعه". رواه أحمد وابن ‏ماجه بسند حسن وهو عند الترمذي إلى قوله: " أن تسجد لزوجها" إلى غير ذلك من ‏النصوص.‏
واتفق الفقهاء على جواز خروجها بلا إذن زوجها عند الضرورة والحاجة التي لا بد منها، ‏كخوف هدم وعدو وحريق وللاستفتاء في مسألة تحتاجها إذا لم يغنها الزوج في ذلك.‏
واختلف الفقهاء في خروجها لزيارة أهلها وعيادتهم، فذهب الحنابلة إلى أن للزوج أن ‏يمنعها من ذلك، وأن عليها أن تطيعه حينئذ. قال أحمد في امرأة لها زوج وأم مريضة: ‏طاعة زوجها أوجب عليها من أمها إلا أن يأذن لها.‏
إلا أنهم قالوا: يستحب للزوج أن يأذن لها في الخروج لما في ذلك من صلة الرحم، ولما في ‏منعها من قطيعة رحم، وربما حملها عدم إذنه على مخالفته.‏
وعندهم: لا يملك الزوج منعها من كلامهما، ولا يملك منعهما من زيارتهما لها ، إلا مع ظن ‏حصول ضرر بسبب زيارتهما فله أن يمنع دفعاً للضرر.‏
واستدلوا بما رواه ابن بطة في أحكام النساء عن أنس: أن رجلاً سافر ومنع زوجته ‏الخروج، فمرض أبوها فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حضور جنازته فقال ‏لها: اتقي الله، ولا تخالفي زوجك، فأوحى الله إلى النبي صلى الله عليه وسلم أني قد غفرت ‏لها بطاعة زوجها".‏
وذهب الحنفية والمالكية إلى أنه ليس للزوج أن يمنعها من زيارة والديها، قال الزيلعي في ‏تبين الحقائق: قيل لا يمنعها من الخروج إلى الوالدين إلخ. قال الكمال: ولو كان أبوها زمنا ‏‏(مريضاً) مثلاً، وهو يحتاج إلى خدمتها، والزوج يمنعها من تعاهده فعليها أن تعصيه، ‏مسلماً كان الأب أو كافراً.‏
وقيد بعض الحنفية بما إذا لم يقدر الأبوان على إتيانها.‏
وعند المالكية: لو حلف أن لا تزور والديها حنث، وقضي لها بالزيارة إن كان والداها في ‏نفس البلد.‏
بشرط أن تكون مأمونة، والأصل حملها على الأمانة حتى يظهر خلافها.‏
واختلف في المدة التي تزور الزوجة فيها أبويها:
فقال المالكية: يقضى لها في الجمعة مرة.‏
وإلى هذا ذهب جماعة من الحنفية، لكن قال ابن الهمام ( ينبغي أن يأذن لها في زيارتهما في ‏الحين بعد الحين على قدر متعارف، أما في كل جمعة فهو بعيد، فإنه في كثرة الخروج فتح ‏باب الفتنة، خصوصاً إذا كانت شابة والزوج من ذوي الهيئات) انتهى.‏
والحاصل أنه ليس للزوج أن يمنع زوجته من زيارة والديها مطلقاً في قول جماعة من أهل ‏العلم إلا أن يكون في ذهابها إليهما ضرر ومفسدة.‏
وعلى الزوج أن يعلم أن في سعادة زوجته واطمئنان بالها وخاطرها على والديها سعادة له ‏ولأبنائه. وأنه ينبغي له أن يعين زوجته على الطاعة، ومنها: برها بوالديها، والقيام على ‏رعايتهما عند الحاجة.‏
وفي زيارة الزوج والزوجة وأبنائهما لهؤلاء الأرحام تقوية للأواصر، ودعم للألفة والمحبة، ‏وتنشئة للأبناء على البر والإحسان، وغير ذلك من الفوائد التي يُحْرَم منها الزوج وأبناؤه ‏بسبب القطيعة.‏
والله أعلم.‏
‏ ‏