سلسلة منهاج المسلم - (91)


الحلقة مفرغة

الحمد لله؛ نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة..

أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة؛ ليلة الخميس من يوم الأربعاء، ندرس كتاب منهاج المسلم، وهو الكتاب الجامع للعقيدة والآداب والأخلاق والعبادات والأحكام الشرعية الإسلامية، وها نحن الليلة مع أحكام المسبوق.

واعلموا أن دراستنا للفقه ضرورية واجبة، فلا يحل لمؤمن ولا مؤمنة أن لا يعرف كيف يعبد الله، أو أن يعبد الله بدون علم، والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يقول: ( تعلموا فإن العلم بالتعلم، وتفقهوا في الدين ).

قال المؤلف غفر الله لنا وله ولكم ولسائر المؤمنين: [المسبوق:]

أولاً: دخوله مع الإمام على أي حال

[أولاً: دخوله مع الإمام على أي حال] دخول المسبوق من الرجال أو النساء يكون مع الإمام على أي حال، سواء كان راكعاً أو ساجداً أو جالساً [إذا دخل المصلي المسجد ووجد الصلاة قائمة وجب عليه أن يدخل فوراً مع الإمام على أي حال وجده].

إذاً: إذا دخل المصلي المسجد ووجد الصلاة قائمة وجب عليه أن يدخل فوراً وبدون تراخ مع الإمام على أي حال وجده فيها [راكعاً أو ساجداً، أو جالساً، أو قائماً] فلا يقف ينتظر حتى يركع أو حتى يقوم أو حتى يسجد، أبداً، بل كيف ما كان الإمام موجوداً دخل هو معه [لقوله عليه الصلاة والسلام: ( إذا أتى أحدكم الصلاة والإمام على حال )] من الأحوال قائماً أو راكعاً أو جالساً [( فليصنع كما يصنع الإمام )].

إذاً: لنحفظ هذا الحديث: ( إذا أتى أحدكم الصلاة والإمام على حال فليصنع كما يصنع الإمام ) أي: إذا أتى أحدكم الصلاة والإمام على حال -من أحوالها- فليصنع كما يصنع الإمام.

وهذا دليل على أن من دخل المسجد ووجد الإمام في الصلاة فإنه يدخل في الصلاة على أي حال، سواء كان الإمام راكعاً أو قائماً أو ساجداً أو جالساً، ولا يتراخى. والحديث رواه الترمذي وفي سنده ضعف، غير أن العمل عليه عند جماهير العلماء من أهل السنة والجماعة، وما دامت الأمة عاملة به فهو حديث صحيح، وإن كان في سنده ضعف فلا قيمة له.

ثانياً: ثبوت الركعة بإدراك الركوع

[ثانياً: ثبوت الركعة بإدراك الركوع] متى تثبت الركعة للمسبوق؟ [تثبت الركعة للمأموم إذا أدرك الإمام راكعاً فركع معه قبل أن يرفع الإمام من ركوعه] فمن لم يدرك الركوع مع الإمام فلا يعتد بتلك الركعة، ولا تحسب له بل تلغى، وإذا سلم الإمام قام وأتى بالركعة التي فاتته.

إذاً: ثبوت الركعة بإدراك الركوع، فإذا أدركت الإمام راكعاً وقلت: الله أكبر وركعت قبل أن يرفع الإمام عُدّ هذه ركعة واحسبها ولا حرج، ولا تلتفت إلى قول شاذ: أنه ما دام لم يقرأ الفاتحة فلا يعدها؛ لأن الذي عليه أكثر الأمة من الأئمة الأربعة والصحابة والتابعين أن من أدرك الركوع أدرك الركعة ولو لم يقرأ الفاتحة، فتثبت الركعة للمأموم -المسبوق- إذا أدرك الإمام راكعاً فركع معه قبل أن يرفع الإمام من ركوعه قائلاً: (سمع الله لمن حمده)، والدليل: [لقوله صلى الله عليه وسلم: ( إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدوها شيئاً )] أي: أن تلك الركعة ملغاة لا تعتبر.

( إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا ) وكيف نسجد؟ ندخل أولاً ناوين الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء ثم نخر سجداً، وبعض العوام لا يعتدل في تكبيرة الإحرام ولكن يسرع قائلاً: الله أكبر، ولا بد وأن تعتدل وتقول: الله أكبر، ثم تركع أو تسجد. يجب التنبه لهذا، فأكثر العوام لا يفعلون هذا، بل يأتي يجري ومباشرة يقول: الله أكبر، فيركع! وتكبيرة الإحرام ركن من أركان الصلاة، وفريضة من فرائضها، ولا بد لها من القيام والاعتدال، فقف معتدلاً قائلاً: الله أكبر، ناوياً الصلاة التي ستصليها، ثم ادخل مع الإمام راكعاً أو ساجداً، ولا يضر إن فاتتك الركعة أو السجدة.

[( ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة )] من أدرك الركعة مع الإمام فقد أدرك الصلاة، وقد بينا أنك إذا وقفت معتدلاً وأحرمت اركع، فإذا ركعت قبل أن يرفع الإمام فقد أدركت الركعة؛ وبذلك تكون قد أدركت الصلاة، أما إذا هويت للسجود ورفعت فلا تعدها وليست لك بل ألغها، ومعنى إلغائها أي أنك لا تعدها وائت بركعة بعد سلام الإمام.

والمراد من الركعة في قوله صلى الله عليه وسلم: ( ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة ) أي: الركوع.

ثالثاً: قضاء ما فات بعد سلام الإمام

[ثالثاً: قضاء ما فات بعد سلام الإمام] لا تقم تقضي والإمام لم يسلم، لا يصح هذا أبداً، فإذا سلم الإمام عن يمينه وشماله قائلاً: السلام عليكم ورحمة الله، قم أنت وائت بما فاتك، وإياك أن تقوم قبل سلام الإمام، فقضاء ما فات لا يكون إلا بعد سلام الإمام، فما أن يقول: السلام عليكم حتى تقوم أنت؛ ولا تستعجل [إذا سلم الإمام يقوم المأموم لقضاء ما فاته من صلاته] فإذا سلم الإمام يقوم المأموم -المسبوق- لقضاء ما فاته من صلاته، وهنا: [وإن شاء جعل ما فاته هو آخر صلاته] وإن شاء جعله أول صلاته، وهنا جمعنا -كما علمتم- بين أئمة أهل السنة والجماعة، ولهذا المنهاج يقرأه الحنفي والحنبلي والمالكي والشافعي، فقد جمعنا فيه ما عليه أهل السنة والجماعة، ولهذا نذكر الوجهين:

إذا سلم الإمام يقوم المأموم أو لا؟

يقوم. لماذا يقوم؟ لقضاء ما فاته من صلاته، ركعة أو ركعتان أو ثلاث ركعات، وإن شاء جعل ما فاته هو آخر صلاته، مثلاً إذا فاتته ركعة من المغرب، إن شاء جعل الركعة الأخيرة بالفاتحة سراً، وإن شاء جعلها أول صلاته بالفاتحة والسورة جهراً.

[لقوله صلى الله عليه وسلم: ( فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا )] الذي فاتك تتمه، فإذا فاتتك ركعة أو ركعتان أتممتها [فلو أدرك ركعة من المغرب مثلاً] والمغرب ثلاث ركعات، ركعتان بالفاتحة وسورة جهراً، والثالثة بالفاتحة سراً [قام فأتى باثنتين الأولى بالفاتحة والسورة والثانية بالفاتحة فقط، ثم تشهد وسلم] هذا عملاً بـ: ( وما فاتكم فأتموا ).

[وإن شاء جعل ما فاته أول صلاته؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم في رواية أخرى: ( وما فاتكم فاقضوا )] أي: وما فاتكم فاقضوه كما فات، وسبحان الله الحديثان صحيحان، وعمل بهما أهل السنة والجماعة، والسر فيهما -والله أعلم- أن الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم أن الأمة ليست كلها فقهاء نساءً ورجالاً، فالفقيه هو الذي يستطيع أن يقضي ما فاته كما فاته، لكن عامة الناس تمت صلاته وكفى، فإذا أدرك ركعتين أتي بركعتين، بالفاتحة سراً ويسلم، وإذا أدرك ثلاثاً أتى بالركعة الأخيرة بالفاتحة سراً ويسلم، لكن إن كان ذا فقه وبصيرة فحينئذٍ يقضي ما فاته كما فاته، فإذا فاتته الفاتحة وسورة قضى الركعة بالفاتحة وسورة؛ ولهذا يقول عليه الصلاة والسلام: ( فأتموا )، ومرة يقول: ( فاقضوا )، ففتح الباب على مصراعيه، علماً منه أن الأمة تتفاوت في إدراكها وفهمها وفقهها [وعليه فإن فاتته ركعة من المغرب قام فأتى بركعة بالفاتحة والسورة جهراً كما فاتته، ثم تشهد وسلم].

هذان هما المذهبان: أحدهما مأخوذ من قوله: ( وما فاتكم فأتموا )، والثاني -وأخذ به مالك -: ( وما فاتكم فاقضوا )، والذي فيه القضاء معناه فيه زيادة أجر قطعاً.

[وقد ذهب بعض المحققين من أهل العلم إلى أن كون ما يدركه يجعله أول صلاته أرجح] وهذا من باب الراجح، والكل جائز ولا حرج فيه، فإن شئت جعلت ما فاتك أول صلاتك، وإن شئت جعلته آخر صلاتك، والكل صحيح؛ لأن الرسول المشرع صلى الله عليه وسلم قال: ( فاقضوا )، وقال مرة: ( فأتموا ).

فلهذا لا خلاف بيننا نحن أهل السنة والجماعة أبداً.

رابعاً: قراءة المأموم خلف الإمام

[رابعاً: قراءة المأموم خلف الإمام] كيف تكون؟ [لا تجب على المأموم القراءة إذا كان في صلاة جهرية] إذا كان في صلاة الصبح أو صلاة المغرب أو العشاء فلا تجب عليه القراءة [بل يسن له الإنصات وقراءة الإمام مجزية له] أي: كافية؛ لأنه أصغى وسمع، وقد قال الله تعالى: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا [الأعراف:204].

[لقوله صلى الله عليه وسلم: ( من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة )] الحمد لله ( من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة ) [وقوله صلى الله عليه وسلم: ( مالي أنازع القرآن )] قام بعض الأصحاب وراء الرسول صلى الله عليه وسلم يقرءون وهو يقرأ، فقال بعد أن سلم: ( مالي أنازع القرآن )، يعني: أنا أقرأ آية وهو يقرأ أخرى! يريد أن يأخذها مني! [فانتهى الناس أن يقرءوا فيما يجهر عليه الصلاة والسلام] أما ما يُسر فيقرءون بلا خلاف، ففي الركعة الأخيرة من المغرب يُقرأ بالفاتحة سراً، والركعتين الأخيرة من العشاء كذلك، فهذا خاص بالقراءة الجهرية فقط كالصبح وركعتي المغرب وركعتي العشاء. فقراءة الإمام قراءة لك، أديتها بالإصغاء والاستماع والتدبر والتأمل فيما يقرأ ويقول.

[وقوله صلى الله عليه وسلم: ( إنما جعل الإمام ليؤتم به )] لنمشي وراءه ونقتدي به [( فإذا كبر فكبروا، وإذا قرأ فأنصتوا )]

إذاً: حكم قراءة المأموم خلف الإمام: أنه لا يجب على المأموم القراءة إذا كان في صلاة جهرية، بل يسن له الإنصات وقراءة الإمام مجزية له، والدليل: قوله صلى الله عليه وسلم: ( من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة )، وقوله صلى الله عليه وسلم: ( مالي أنازع القرآن ) فانتهى الناس أن يقرءوا بعده بما يجهر به عليه الصلاة والسلام، وقوله صلى الله عليه وسلم: ( إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا قرأ فأنصتوا ) أي: اسكتوا واسمعوا.

[غير أنه يسن له] لا يجب [أن يقرأ فيما لا يجهر الإمام فيه] أي: من السنة للمأموم أن يقرأ -إذا كان الإمام في صلاة سرية- الفاتحة وسورة، والفاتحة في الركعتين الأخيرتين من الصلاة الجهرية، سنة وليست واجبة، وفرق بين السنة والواجب، فالواجب ما تفسد به الصلاة إذا ترك، لكن السنة تركها لا يفسد وإنما ينقص الحسنات.

[كما يستحب له أن يقرأ الفاتحة في سكتات الإمام] فإذا كان الإمام يسكت عندما يكبر للمغرب أو للعشاء فيدعو: سبحانك اللهم وبحمدك.. في هذه الفترة تستطيع أنت أن تقرأ الفاتحة سراً، أو كان يسكت بعدما يقول: ولا الضالين.. آمين، فيمكنك كذلك أن تسرع وتقرأ الفاتحة على سبيل الاستحباب وليس الوجوب.

وإذا كان للإمام سكتتان، فإذا سكت في الأولى حاول أن تقرأ الفاتحة سراً في نفسك، فإذا لم يسكت في الأولى وسكت في الثانية اغتنم الفرصة واقرأ الفاتحة سراً في نفسك على سبيل الاستحباب لا الوجوب.

إذاً: من السنة أن تنصت عندما يقرأ الإمام جهراً، وإذا كانت له سكتتان اغتنمت الفرصة وقرأت الفاتحة سراً في نفسك في سكتتي الإمام إن كان يسكت، فإذا لم يسكت فلا حرج عليك.

خامساً: لا يجوز الدخول في النافلة إذا أقيمت الفريضة

[خامساً: لا يجوز الدخول في النافلة إذا أقيمت الفريضة] والنافلة كركعتي الفجر، فإذا دخلت المسجد وقد أقيمت الصلاة فلا تصلي سنة الفجر؛ لأنه انتهى وقتها، ولكن صلها بعد الصلاة أو في الضحى، أو دخلت المسجد -مثلاً- وأردت أن تصلي تحية المسجد فقام المؤذن وأقام الصلاة، عندها تترك تحية المسجد؛ وتسقط، أو دخلت في النافلة وما زلت تقرأ وإذا بالصلاة تقام، فعندها سلم واخرج، أو قرأت وركعت ما زلت راكعاً فأقيمت الصلاة، فكذلك سلم واخرج. أما إذا ركعت ورفعت فلا تخرج من صلاتك ولا نلتفت إلى من يقول بذلك؛ لأنها انعقدت بالرفع من الركوع، فيجب أن يتمها لقوله تعالى: وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ [محمد:33].

ويوجد من يقول: إذا قامت الصلاة وأنت في الصلاة، يجب أن تخرج، ولو كنت ساجداً وجالساً.

والجواب: القول الذي عليه أكثر الأمة من الصحابة والتابعين والأئمة أن الركعة تدرك بالركوع، فإذا ركعت ورفعت وقامت الصلاة فأتم صلاتك النافلة ولا تخرج منها، أما إذا كبرت فقط، أو شرعت في القراءة فقط، أو ركعت ولم ترفع من الركوع ثم أقيمت الصلاة فسلم واخرج.

إذاً: لا يجوز الدخول في النافلة متى؟

إذا أقيمت الفريضة.

[وإن أقيمت وهو فيها قطعها] إن أقيمت الفريضة وهو في النافلة قطعها [إن لم تنعقد الركعة بالرفع من الركوع] بهذا الشرط [وإلا أتمها خفيفة] يسرع فيها ويتمها [لقوله عليه الصلاة والسلام: ( إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة )] والحديث يدل دلالة قطعية أنه لا يجوز لنا أن ندخل في النافلة والصلاة قائمة، أما إذا دخلنا قبل أن تقوم الصلاة فإننا ننظر: فإذا انعقدت الصلاة بالرفع من الركوع نتمها خفيفة، وإذا لم تنعقد خرجنا منها ودخلنا في الفريضة.

وقد يقول بعض الطلاب: اخرج حتى ولو قبل السلام، ويفهمون هذا من الحديث والأمة فهمت غيره، فمعنى الحديث: لا يجوز لك أن تدخل في نافلة والصلاة قائمة، وبعض الجهلة والمقلدين قد يصلي السنة والإمام يقرأ، ولا يصلح هذا أبداً، فـ( إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة ) تصح من صاحبها وتقبل (إلا المكتوبة) أي: المفروضة.

فأقول: يا أبناء الإسلام! الذي عليه أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين والأئمة: أن من دخل في نافلة وهو يقرأ في الركعة بفاتحة وسورة أو أنه ركع، ثم قامت الصلاة، فله أن يخرج من تلك الصلاة النافلة لزاماً ويدخل في الفريضة، أما إذا ركع ورفع من الركوع فإنه يتم ركعتين خفيفتين ولا يبطل صلاته.

واسمعوا ماذا قيل: لا يجوز أن يدخل في النافلة إذا أقيمت الفريضة -بلا خلاف- وإن أقيمت وهو فيها قطعها إن لم تنعقد الركعة بالرفع من الركوع، وإلا أتمها خفيفة فلا يشرع الإمام في تكبيرة الإحرام حتى ينهيها هو قبل أن يدخل الإمام في الصلاة؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: ( إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة ).

سادساً: من أقيمت عليه صلاة العصر ولم يصلِّ الظهر

[سادساً: من أقيمت عليه صلاة العصر ولم يصلِّ الظهر] إذا دخل شخص المسجد وقد أقيمت صلاة العصر ولم يصل الظهر بعد، أو دخل ليصلي المغرب فأقيمت العشاء، فماذا يصنع؟ [ اختلف أهل العلم في حكم من لم يصل الظهر وقد أقيمت صلاة العصر، فهل يدخل مع الإمام بنية الظهر، وإذا سلم قام فصلى العصر؟ أو يدخل بنية العصر، فإذا فرغ قام فصلى الظهر والعصر معاً محافظة على الترتيب، ولولا قوله صلى الله عليه وسلم: ( فلا تختلفوا على الإمام ) لكان دخوله بنية الظهر أولى، فالأحوط إذاً أن يدخل بنية العصر، فإذا فرغ قام فصلى الظهر والعصر، وصلاته مع الإمام تكون له نافلة] وهذا أكمل وأجمل وأحوط؛ لحديث: ( لا تختلفوا على الإمام ) فكيف أنت في ظهر وهو في عصر؟ أو أنت في فريضة وهو في نافلة؟ فلا بد وأن تتحد حال المأموم والإمام، فمن هنا الأحوط والذي عليه كثير من أهل العلم وبه نعمل: أنك إذا دخلت المسجد وهم يصلون العصر وما صليت الظهر أن تدخل بنية العصر، فتصلي العصر معهم ثم تقوم فتصلي الظهر الذي فاتك وتزيد بعده صلاة العصر، وما صليته مع الإمام يكون لك نافلة.

إذاً: اختلف أهل العلم في حكم من لم يصل الظهر وقد أقيمت صلاة العصر، فهل يدخل مع الإمام بنية الظهر، وإذا سلم قام فصلى العصر؟ وهذا يقول به كثيرون، أو يدخل بنية العصر، فإذا فرغ قام فصلى الظهر والعصر معاً محافظة على الترتيب؟ ولولا قوله صلى الله عليه وسلم: ( فلا تختلفوا على الإمام ) لكان دخوله بنية الظهر أولى، ولكن الأحوط: أن يدخل بنية العصر، فإذا فرغ قام فصلى الظهر والعصر وصلاته مع الإمام تكون نافلة له.

سابعاً: لا يصلي خلف الصف وحده

[سابعاً: لا يصلي خلف الصف وحده] المسبوق لا يصلي خلف الصف وحده أبداً، ولو أذن الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا لكان كل من عليه ثياب نظيفة ورائحة طيبة لا يصلي في الصف أبداً -وإن شئتم حلفت لكم- فلولا قوله صلى الله عليه وسلم: ( لا صلاة لمنفرد خلف الصف ) لكان كل من يرى نفسه نظيفاً لا يصلي إلى جانب من يرى أن ثيابه وسخة، ولكنه قطع الطريق بهذا صلى الله عليه وسلم.

[لا يجوز للمأموم أن يقف خلف الصف وحده، فإن وقف مختاراً] ليس مكرهاً ولا مضطراً أنه لم يجد مكاناً [فلا صلاة له؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لرجل صلى خلف الصف وحده: ( استقبل صلاتك، فلاة صلاة لمنفرد خلف الصف )] أي: استقبل صلاتك من جديد فلا صلاة لمنفرد خلف الصف.

لكن لو أنه دخل فلم يجد مكاناً، أو حاول أن يدخل بين اثنين فدفعوه وما استطاع، فالصواب أنه لا حرج؛ لأن الحديث أولاً -كما قلنا-: لمن يريد أن يقف وحده، ولا يقف مع صفوف المؤمنين.

فلا يحل لمؤمن أن يخرج عن الصف ويصلي وحده وهو قادر على أن يقف فيه، لا يحل أبداً ولا صلاة له، وإذا دخل المسجد فعليه أن يحاول أن يدخل بين الصفوف إن وجد فرجة، ويستطيع إذا كان يعرف مؤمناً أن يجره بلطف ليصلي معه إلى جنبه، فإذا ما استجاب له من جلبه فليس عليه شيء وصلاته صحيحة.

[وإن وقف على يمين الإمام فلا بأس] فإذا جاء والصفوف مملوءة فوقف عن يمين الإمام فلا حرج وصلاته صحيحة.

ثامناً: الصف الأول أفضل

[أولاً: دخوله مع الإمام على أي حال] دخول المسبوق من الرجال أو النساء يكون مع الإمام على أي حال، سواء كان راكعاً أو ساجداً أو جالساً [إذا دخل المصلي المسجد ووجد الصلاة قائمة وجب عليه أن يدخل فوراً مع الإمام على أي حال وجده].

إذاً: إذا دخل المصلي المسجد ووجد الصلاة قائمة وجب عليه أن يدخل فوراً وبدون تراخ مع الإمام على أي حال وجده فيها [راكعاً أو ساجداً، أو جالساً، أو قائماً] فلا يقف ينتظر حتى يركع أو حتى يقوم أو حتى يسجد، أبداً، بل كيف ما كان الإمام موجوداً دخل هو معه [لقوله عليه الصلاة والسلام: ( إذا أتى أحدكم الصلاة والإمام على حال )] من الأحوال قائماً أو راكعاً أو جالساً [( فليصنع كما يصنع الإمام )].

إذاً: لنحفظ هذا الحديث: ( إذا أتى أحدكم الصلاة والإمام على حال فليصنع كما يصنع الإمام ) أي: إذا أتى أحدكم الصلاة والإمام على حال -من أحوالها- فليصنع كما يصنع الإمام.

وهذا دليل على أن من دخل المسجد ووجد الإمام في الصلاة فإنه يدخل في الصلاة على أي حال، سواء كان الإمام راكعاً أو قائماً أو ساجداً أو جالساً، ولا يتراخى. والحديث رواه الترمذي وفي سنده ضعف، غير أن العمل عليه عند جماهير العلماء من أهل السنة والجماعة، وما دامت الأمة عاملة به فهو حديث صحيح، وإن كان في سنده ضعف فلا قيمة له.