سلسلة منهاج المسلم - (74)


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على النبي خاتم الأنبياء وإمام المرسلين، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

[الفصل الثالث: في الوضوء

وفيه أربع مواد: المادة الأولى: في مشروعية الوضوء وفضله] فالوضوء مشروع بالكتاب والسنة وله فضل عظيم.

مشروعية الوضوء

[أولاً: مشروعيته: الوضوء مشروع بالكتاب] أي: بالقرآن [والسنة] أي: السنة النبوية [قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا [المائدة:6]] لبيك اللهم لبيك! [ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ [المائدة:6]] هذه آية من كتاب الله تبين الوضوء وهي من سورة المائدة المدنية [وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ )] وليحفظ الحديث: فلا تقبل صلاة أحدنا نافلة كانت أو فريضة إذا أحدث، ومعنى الحدث: خروج بول منه، أو غائط، أو ضراط، أو فساء، أو مس امرأة بشهوة، حتى يتوضأ، وهذا الحديث بيَّن فرضية الوضوء ومشروعيته للمؤمنين، فالوضوء واجب فرض فرضه الله في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يخال مؤمناً عالماً يصلي الصلاة بدون وضوء أبداً.

فضل الوضوء

[ثانياً: فضل الوضوء] الوضوء فضيلة عظيمة، وله فضل كبير والحمد لله ما حرمنا الله منه [يشهد لما للوضوء من فضيلة عظيمة قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا )] يعني: الذنوب [( ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله )] أي: دلنا [( قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط )]فالرباط ليس للاجئين في أوروبا والصين واليابان! وإنما إذا صححوا عقائدهم وعبدوا ربهم وتخلقوا بأخلاق نبيهم، ونووا بإقامتهم الدعوة الإسلامية، فهم بذلك مرابطون، ليس للوظيفة ولا للأكل والشرب والتجارة، وإنما من أجل نشر دعوة الإسلام.

فالرباط له شأن عظيم يقول النبي صلى الله عليه وسلم مرغباً في هذه العبادة: ( إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط ).

ومعنى إسباغ الوضوء: تعميم أعضاء الوضوء بالماء وإسباغها، لا أن يبل موضعاً ويترك آخر، بل لا بد وأن يغسل الأعضاء كاملة، و(على المكاره) أي: في الشتاء والبرد، أو الآن بالماء الساخن الحار يسبغ ويتوضأ به؛ لأنه يكره الوضوء على المكاره، (والخطا) جمع خطوة، (إلى المساجد): المشي إلى المسجد، فأي مسجد تمشي إليه خطاك كان فضيلة عظيمة، (وانتظار الصلاة بعد الصلاة) كأن يصلي المغرب ويجلس منتظراً العشاء، أو يصلي العصر ويجلس منتظراً المغرب، أو الظهر ثم ينتظر العصر، فانتظار الصلاة بعد الصلاة هو أن يصلي فريضة ثم يجلس منتظر الأخرى.

ولهذا قلت غير ما مرة: لمَ أهل المدينة لا يجتمعون في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بنسائهم وأطفالهم ورجالهم كل ليلة؟! فيوقفون العمل مع غروب الشمس، فتغلق الدكاكين والمقاهي، ويأتون إلى بيت الله، ويصبح المسجد جامعة لا نظير لها، فلا مكان لغير طلب العلم، وينتظرون الصلاة أيضاً، فهذا واجب المؤمنين في الشرق والغرب، وقد بينا وقلنا لهم: إن النصارى جيرانكم إذا دقت الساعة السادسة مساءً ألقوا مفاتيح العمل وآلاته وأدواته وحملوا أطفالهم ونساءهم إلى المراقص والمقاصف والملاهي والملاعب إلى نصف الليل، وأنتم لمَ لما تغرب الشمس لا تتركون العمل وتحملون نساءكم وأطفالكم إلى بيوت ربكم، فتصلون المغرب وتجلسون أمام عالم رباني يعلمكم الكتاب والحكمة، حتى يؤذن العشاء، فتصلوا العشاء وتعودون إلى بيوتكم وكلكم ذكر لله وشكر، ناسين أوساخ الدنيا وقاذوراتها؟

وما زلت أقول: والله لن يستقيم أمر المسلمين إلا على هذا المنهج المحمدي، إذ الجهل هو الذي وقع بهم هذا الوقع: فالخيانة والكذب والسرقة والزنا والتلصص والربا، وكل هذه الجرائم التي عمت بها الدنيا سببها -والله- الجهل، فما عرفوا الله حتى يحبوه أو يكرهوا غيره.

وادخل أي بلد في بلاد المسلمين وقل لهم: دلوني على أتقى رجل في هذا البلد، والله لن يكون إلا أعلمهم، أقسم بالله، لن يكون إلا أعلمهم، هل تشاهدون العلماء يسرقون أو يزنون أو يفجرون أو يكذبون، فكل من عرف الله وعرف محابه التزم بعبادته، والجهل هو سبب كل شر وخبث وفساد، هذه حقيقة كالشمس واضحة.

فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغب في ذلك بقوله: ( وانتظار الصلاة بعد الصلاة )، ولا يكون الانتظار إلا في بيت من بيوت الله، فيجلس المرء في حلقة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو من ينوب عنه يتعلم الكتاب والحكمة.

[وقوله صلى الله عليه وسلم: ( إذا توضأ العبد المسلم )] والعبد الكامل العبودية من أسلم قلبه ووجهه لله [(أو المؤمن )] هناك روايتان [( فغسل وجهه خرجت من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء أو آخر قطر للماء )] فالمؤمن المسلم بحق إذا توضأ وغسل وجهه خرجت كل خطيئة اكتسبها بعينه من النظر إلى ما لا يحل النظر إليه مع آخر قطرة من الماء [( وإذا غسل يديه خرجت كل خطيئة بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء )] وإذا غسل يده خرجت الخطايا من يديه مع آخر قطرة من الماء [( حتى يخرج نقياً من الذنوب )] حتى يخرج نقياً طاهراً من الذنوب. وهذا يدل على وجوب الوضوء ومشروعيته.

[أولاً: مشروعيته: الوضوء مشروع بالكتاب] أي: بالقرآن [والسنة] أي: السنة النبوية [قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا [المائدة:6]] لبيك اللهم لبيك! [ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ [المائدة:6]] هذه آية من كتاب الله تبين الوضوء وهي من سورة المائدة المدنية [وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ )] وليحفظ الحديث: فلا تقبل صلاة أحدنا نافلة كانت أو فريضة إذا أحدث، ومعنى الحدث: خروج بول منه، أو غائط، أو ضراط، أو فساء، أو مس امرأة بشهوة، حتى يتوضأ، وهذا الحديث بيَّن فرضية الوضوء ومشروعيته للمؤمنين، فالوضوء واجب فرض فرضه الله في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يخال مؤمناً عالماً يصلي الصلاة بدون وضوء أبداً.




استمع المزيد من الشيخ ابو بكر الجزائري - عنوان الحلقة اسٌتمع
سلسلة منهاج المسلم - (51) 4154 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (95) 4080 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (63) 3865 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (139) 3859 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (66) 3833 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (158) 3821 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (84) 3745 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (144) 3643 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (71) 3628 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (101) 3606 استماع