سلسلة منهاج المسلم - (37)


الحلقة مفرغة

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة، ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب: منهاج المسلم، وها نحن في باب الآداب، وها نحن مع الأدب مع الإخوة.

قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم وسائر المؤمنين والمؤمنات: [ المسلم ] المسلم بحق وصدق: الإنسان الذي أسلم -أي: أعطى- قلبه ووجهه لله تعالى، فأصبحت حياته كلها وقفاً على الله، فهو يأكل من أجل الله، ويشرب من أجل الله، وينام من أجل الله، ويستيقظ من أجل الله، ويتزوج من أجل الله، ويطلق من أجل الله، ويزرع ويحرث من أجل الله، ويصوم ويصلي ويرابط ويجاهد في سبيل الله، فحياته كلها عطاء لله، هذا هو المسلم الذي أسلم قلبه لله ووجهه، فلا يلتفت إلى غير الله، لا راجياً طامعاً ولا راهباً خائفاً، وليس له إلا الله، وقطعاً يقيناً أن الذي لا يعرف ما يحب الله ولا ما يكره لا يتأتى له أن يسلم، فلابد من العلم والمعرفة. هذا المسلم [ يرى ] ويعتقد [ أن الأدب مع الإخوة كالأدب مع الآباء والأبناء سواء ] تقدم لنا الأدب مع الآباء كيف يكون، والأدب مع الأبناء كيف يكون، والإخوة مثلهم، فالكبار اجعلهم كآبائك، والصغار كأولادك، فإخوتك الكبار اعتبرهم كأبيك وأمك، وقد عرفت ما يجب عليك لهما، والصغار دونك اعتبرهم كأولادك، كأولاد الآباء والأمهات، هذه هي الحقيقة [ فعلى الإخوة الصغار من الأدب نحو إخوانهم الكبار ما كان عليهم لآبائهم، وأن على الإخوة الكبار نحو إخوتهم الصغار ما كان لأبويهم عليهم من حقوق وواجبات وآداب، وذلك ] وقد وجب هذا وتعين، قال: [ لما ورد: ( حق كبير الإخوة على صغيرهم كحق الوالد على ولده ) ] ولفظ الحديث: ( حق كبير الإخوة على صغيرهم كحق الوالد على ولده، وحق الصغير على الكبير كحق الولد على والده ). [ ولقوله صلى الله عليه وسلم: ( بر أمك وأباك ) ] أطعهما وأحبهما [ ( ثم أختك وأخاك ) ] فذكر بعد الآباء الإخوة [ ( ثم أدناك فأدناك ) ] الأقرب فالأقرب، كأبناء الإخوان مثلاً.

فالمسلم بحق العالم بمحاب الله ومكارهه ذاك الذي أوقف حياته كلها على الله، فإذا مررت به يهدم جداراً وسألته: لم؟ قال: من أجل الله، خشية أن يسقط على مؤمن فيقتله، وإذا مررت به يزرع الأرض وسألته: لم تزرع؟ قال: من أجل أن يطعم هذا المؤمنون أولياء الله، فحياته كلها وقف على الله، واقرءوا قول الله تعالى من سورة الأنعام: قُلْ [الأنعام:162]، أمر الله لرسوله، إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي [الأنعام:162]، أي: عباداتي، وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام:162-163]. وإذا سألته: لم طلقتك امرأتك يا عبد الله؟! قال: طلقتها خوفاً من الله، وإذا سألته: لم تزوجت أبا عبد العزيز؟! قال: تزوجت من أجل أن أصون نفسي عن معصية الله، فأنا متزوج لله. وهكذا حياة المؤمنين، فهذا النوع يكذبون ويسرقون ويفجرون ويقتلون، فالفجور والخيانة والكذب وإراقة الدماء وغيرها كلها ناتج عن قلوب ما أسلمت لله، ووجوه ما عرفت الله، ومن لم يعرف الطريق لا يدري كيف يمشي ويصل إلى هدفه وغرضه، فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ [محمد:19] فالعلم أولاً، وبعد أن عرفنا حقوق الآباء والأولاد والإخوة والآن حقوق الزوج مع زوجته.

قال المؤلف: [ المسلم يعترف بالآداب المتبادلة بين الزوج وزوجته ] المسلم بحق الذي آمن بالله ولقائه، وعرف محابه ومساخطه وأوقف حياته على الله هذا المسلم يعترف بالآداب المتبادلة بين الزوج وزوجته [ وهي حقوق كل منهما على صاحبه ] فللزوجة حقوق على زوجها، وللزوج حقوق على زوجته [ وذلك لقوله تعالى ] في كتابه العزيز: [ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:228] ] ولهن من الحقوق مثل الذي عليهن من الحقوق لكن بالمعروف [ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ [البقرة:228] ] وهي درجة القيومية، لما وهبهم الله من كمال العقل وقوة البدن، فالرجل هو الحامي، وهو السائد، وهو الذي يحمي الزوجة وينصرها؛ لأنه أقوى منها [ فهذه الآية الكريمة قد أثبتت لكل من الزوجين حقوقاً على صاحبه، وخصت الرجل بمزيد درجة لاعتبارات خاصة ] وهي كما قلنا: كمال عقله، وكمال بدنه ودينه. إذاً: لا معنى للمساواة، وكل من يطالب بمساواة المرأة بالرجل فهو كافر، وقد خرج من ملة الإسلام؛ لأنه رد كلام الله وكذب الله وأعمى بصره عن كتاب الله، ويريد فقط أن يلهث وراء الملاحدة والعلمانيين، وإلا فالواقع أن المرأة ليست كالرجل، بل ( ناقصات عقل ودين ). أخبر بهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالذين يطالبون بالمساواة معناه: أنهم مسخوا أنفسهم من الإسلام، والله ما هم بمسلمين، فالله هو الذي خلق المرأة وخلق الزوج والزوجة، وهو الذي يعطي هذا ويمنع هذا، وأنت لا شأن لك حتى تتدخل، فأنت لست الخالق، فاخلق وبعد ذلك تصرف كما تريد، وأما أن يخلق الله وأنت تتحكم بعقلك فهذا أفحش ما يكون من السوء والباطل.

قال: [ فهذه الآية الكريمة قد أثبتت لكل من الزوجين حقوقاً على صاحبه وخصت الرجل بمزيد درجة لاعتبارات خاصة ] معروفة لدى عند أهل العلم [ وقول الرسول صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ] والرسول حج حجة واحدة، وودع الناس فيها في السنة العاشرة، وقد قال في حجة الوداع: [ ( ألا إن لكم على نسائكم حقاً ) ] يجب أن نحفظ هذه الكلمة [ ( ولنسائكم عليكم حقاً ) ] ( ألا) بمعنى: انتبهوا واصغوا واستمعوا، ( إن لكم على نسائكم حقاً) يجب أن تأخذوه، ( ولنسائكم عليكم حقاً) يجب أن يأخذنه أيضاً. وهذا نص صريح في أن للرجل حقوقاً على امرأته وللمرأة حقوقاً على زوجها، ومن أبطل هذه الحقوق كفر، ولم يرد الإسلام ولا كتاب الله ولا هدي رسول صلى الله عليه وسلم [ غير أن هذه الحقوق بعضها مشترك بين كل من الزوجين، وبعضها خاص بكل واحد منهما على حدة ].

[ فالحقوق المشتركة هي ] ما يلي، المشتركة بين الزوج والزوجة.

أولاً: الأمانة بين الزوجين

[ أولاً: الأمانة ] يجب أن يكون الزوج أميناً على زوجته، وأن تكون الزوجة أمينة على زوجها [ إذ يجب على كل من الزوجين أن يكون أميناً مع صاحبه، فلا يخونه في قليل ولا كثير؛ إذ الزوجان أشبه بشريكين، فلابد من توفر الأمانة والنصح والصدق والإخلاص بينهما في كل شأن من شئون حياتهما ] ولا يعرف الرجال هذا ولا النساء، ومن أين يعرفون؟ وكيف يعرفون؟ فالرجل يعيش سبعين سنة ما يجلس جلسة كهذه، فكيف يتعلم؟ وهل سيوحى إليه؟ بل يدرس دراسة هدفها واضح معلوم، وهو المادة والوظيفة، ما فيها هذا النور ولا هذه الهداية، ولن تعرف الأمة أبداً إلا إذا طلبت المعرفة، ولو عرف إنسان هذا الحق لم يقصر فيه أبداً، ولو عرفت امرأة ما عليها من هذا الحق ما تقصر فيه، وهي مؤمنة تؤمن بالله ولقاء الله، فيجب على كل من الزوجين أن يكون أميناً مع صاحبه فلا يخونه في قليل ولا كثير، لا من مال ولا عرض.

ثانياً: المودة والرحمة بين الزوجين

[ ثانياً:] الحق الثاني المشترك [ المودة والرحمة ] بين الزوج وزوجته، ولابد من هذا [ بحيث يحمل كل منهما لصاحبه أكبر قدر من المودة الخالصة والرحمة الشاملة، يتبادلانها بينهما طيلة حياتهما، مصداقاً لقوله تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً [الروم:21] ] فأين هذه المودة والرحمة من الذي يلعن ويحرم بالطلاق وكذا والهيجان؟ وأين هما من هذا الذي يهيج هيجاناً ويطلق، وأنت كذا وأنت كذا؟ فهم مساكين ضلال ما عرفوا الطريق، والذي لا يعرف الطريق لا يستطيع أن يمشي أو يهتدي، فهذا مستحيل، بل لا بد وأن يضل.

ومعنى هذا: أن نعود إلى بيوت ربنا نتعلم الكتاب والحكمة، ولا يوجد مانع من هذا، والذين جرينا وراءهم واقتدينا بهم ورفعناهم إلى عنان السماء من اليهود والنصارى والكفار إذا دقت الساعة السادسة مساءً أوقفوا العمل، فلا متجر ولا مقهى ولا مصنع ولا شيء، ويذهبون إلى دور السينما والمراقص والمقاصف والملاهي والملاعب يروحون على أنفسهم، ونحن ضدهم، ولسنا منهم ولا على شكلهم، فعلينا إذا دقت الساعة السادسة أن نوقف العمل، فلا نفتح متجراً ولا مصنعاً ولا مطعماً ولا شيء، بل نتوضأ ونحمل أطفالنا ونسائنا إلى بيوت ربنا، فإذا صلينا المغرب جلسنا جلوسنا هذا، والنساء وراء ستارة، والأطفال بيننا، ونتعلم الكتاب والحكمة، ليلة آية، وأخرى حديثاً، وطول العمر، فلا يبقى جهل، فالذي يجلس أعواماً من المغرب إلى العشاء يتعلم الكتاب والحكمة لا يبقى معه جهل، ولن نتعلم أو نعرف ما يحب الله وما يكره ولن نقوى ونقدر على فعل المحبوب وترك المكروه إذا كانت القلوب خالية، والإيمان مهلهل، والنفوس شاردة،

وقوله تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ [الروم:21] الدالة على وجوده وعلى قدرته وعلى علمه وعلى حكمته المقررة لألوهيته أَنْ خَلَقَ لَكُمْ [الروم:21] ومن أجلكم مِنْ أَنفُسِكُمْ [الروم:21]، لا من البهائم ولا من الحيوانات، أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا [الروم:21]، وتطمئنوا وتهدءوا وتستقروا. وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً [الروم:21]. فجعلها وفرضها، فمن رفضها رفض كتاب الله وخرج عن طاعة الله [ وتحقيقاً لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( من لا يرحم لا يرحم ) ] لا يرحمه الله ولا عباده.

ثالثاً: الثقة المتبادلة بين الزوجين

[ ثالثاً: الثقة المتبادلة بينهما ] أي: بين الزوجين [ بحيث يكون كل منهما واثقاً في الآخر، ولا يخامره - أو يخالطه- أدنى شك في صدقه ونصحه وإخلاصه له؛ وذلك لقوله تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [الحجرات:10] ] فكيف إذا كانا زوجين؟ كيف لا تتحقق الأخوة بالنصر والمودة والمحبة؟ [ وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) ] ولن تبلغ مستوى الإيمان الحق فيقال: فلان مؤمن حتى تحب لأخيك المسلم ما تحب لنفسك، وهنا ما تستطيع أن تغشه في التجارة، ولا أن تخدعه في معاملة، ولا أن تنال عرضه، وهو غائب ولا تهنه، ولا شيء؛ لأنك تحب له ما تحب لنفسك، وإلا فلا إيمان حق، والرسول يقول: ( لا يؤمن أحدكم - معاشر المستمعين!- حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ). كما تحب لنفسك النجاة أحبب له النجاة، وكما تحب الفلاح أحبب له الفلاح، وكما تخاف أو تبغض المرض أبغضه لأخيك وهكذا، فتحب له وتكره كما تحب لنفسك وتكره. وهذه التعاليم قد نجحت، وقد تمثلها أصحاب رسول الله وأولادهم وأحفادهم وأحفاد أحفادهم ثلاثمائة سنة، ووالله ما رأت الدنيا أمة أصدق ولا أصلح ولا أطهر ولا أكمل من تلك الأمة طول الحياة، فقد أخذوا العلم بهذه الطريقة، فلم يكن هناك لا كليات ولا جامعات يتعلمون ويعملون، فانطبع العلم في سلوكهم وحياتهم، وأصبحوا ربانيين نساءً ورجالاً [ والرابطة الزوجية لا تزيد إخوة الإيمان إلا توثيقاً وتأييداً وتقوية ] الرابطة الزوجية تزيد في الإيمان وتوثقه [ وبذلك يشعر ] بهذا الذي سمعنا، الأمانة والمودة والثقة، بهذه [ يشعر كل من الزوجين أنه هو عين الآخر وذاته ] الرجل يرى زوجته هو هي، هو عينها، هو ذاتها، وهي كذلك [ وكيف لا يثق الإنسان في نفسه ولا ينصح لها؟ ] ما دام كل واحد يعتبر أنه هو فإنه يثق في نفسه وينصح لها [ أو كيف يغش المرء نفسه ويخدعها؟ ] ليس معقولاً.

رابعاً: المعاشرة بالمعروف

[ رابعاً: الآداب العامة ] بين الزوجين [ من رفق في المعاملة، وطلاقة وجه، وكرم قول وتقدير واحترام، وهي المعاشرة بالمعروف التي أمر الله ] تعالى [ بها: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [النساء:19]. وهي الاستيصاء الخير الذي أمر به الرسول العظيم في قوله: ( واستوصوا بالنساء خيراً ) ]، أي: يوصي بعضكم بعضاً بالنساء خيراً. [ فهذه جملة من الآداب المشتركة بين الزوجين، والتي ينبغي أن يتبادلاها ] الزوج والزوجة [ بينهما عملاً بالميثاق الغليظ الذي أشير إليه في قوله تعالى: وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا [النساء:21] ] وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ [النساء:21]؟ هذا المهر. وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا [النساء:21]، فلا تخن امرأتك في مهرها أو مالها.

قال: [ وطاعة لله القائل سبحانه ] وتعالى: [ وَلا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إن الله بما تعملون بصير [البقرة:237] ] أربعين سنة أو خمسين سنة وهي تربي أولاده وتطبخ في بيته ثم يناديها: يا كلبة! أو يا عمياء! أو يا كذا! وهي أيضاً زوجها يعمل الليل والنهار ليعد لها الطعام أو كذا، فترفع رأسها وتتكبر عليه وأنت ما تصلح، وأنت ما أنت زوج، هذا الشائع أنا أحكيه، وإن كنا والحمد لله والله ما وقع هذا قط، ولا قلت لامرأتي كلمة سوء قط، فضلاً أن أمسها بيدي، ولا سمعت منها ستين سنة كلمة سوء، فقد عرفنا الطريق فسلكناه، ونحن نبكي على الذين ما عرفوه، وكل يوم الشكاوى: طلقت، قلت: بالحرام إن دخلتي كذا فأنت كذا، لا إله إلا الله، من يهدي هذه الأمة سوى الله؟ والله يهديها بكتابه الذي وضعه، وبرسوله الذي بين لها الطريق فتسلكه، ومن غير هذا لا تهتدي.

فيا أهل القرآن! اجتمعوا في بيوت ربكم بين المغرب والعشاء، وما المانع؟ لا شيء، إلا الهوى والدنيا والشيطان، ساعة ونصف نتعلم فيها الطريق إلى الله كل ليلة، ونعرف محاب الله ومكارهه، ونحب ما يحب ونكره ما يكره، فتنشرح الصدور، وتنار القلوب، ونصبح أولياء الله بحق، فلا نخاف فقراً ولا هماً ولا كرباً؛ إذ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [يونس:62]. وتنتهي الفتن والمقاطعات والبلايا، فلا علاج إلا العلم فقط، والرسول يقول: ( إنما العلم بالتعلم، والفقه بالتفقه ). ( اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد ). ولا تقولوا: إنني واهم، فهيا ندخل دمشق أو بغداد أو القاهرة أو عواصم العالم، لا نجد المساجد بعد المغرب أهلها مجتمعين فيها يقرءون الكتاب والسنة، فكيف نعرف الطريق إلى الله؟ لا نستطيع، والذي ما يعرف الله ما يستطيع أن يستقيم، فلا يسرق ولا يفجر ولا يكذب، فهذا مستحيل، فهو كالميت، إنا لله وإنا إليه راجعون.

[ أولاً: الأمانة ] يجب أن يكون الزوج أميناً على زوجته، وأن تكون الزوجة أمينة على زوجها [ إذ يجب على كل من الزوجين أن يكون أميناً مع صاحبه، فلا يخونه في قليل ولا كثير؛ إذ الزوجان أشبه بشريكين، فلابد من توفر الأمانة والنصح والصدق والإخلاص بينهما في كل شأن من شئون حياتهما ] ولا يعرف الرجال هذا ولا النساء، ومن أين يعرفون؟ وكيف يعرفون؟ فالرجل يعيش سبعين سنة ما يجلس جلسة كهذه، فكيف يتعلم؟ وهل سيوحى إليه؟ بل يدرس دراسة هدفها واضح معلوم، وهو المادة والوظيفة، ما فيها هذا النور ولا هذه الهداية، ولن تعرف الأمة أبداً إلا إذا طلبت المعرفة، ولو عرف إنسان هذا الحق لم يقصر فيه أبداً، ولو عرفت امرأة ما عليها من هذا الحق ما تقصر فيه، وهي مؤمنة تؤمن بالله ولقاء الله، فيجب على كل من الزوجين أن يكون أميناً مع صاحبه فلا يخونه في قليل ولا كثير، لا من مال ولا عرض.


استمع المزيد من الشيخ ابو بكر الجزائري - عنوان الحلقة اسٌتمع
سلسلة منهاج المسلم - (51) 4156 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (95) 4082 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (63) 3869 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (139) 3863 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (66) 3834 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (158) 3823 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (84) 3748 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (144) 3646 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (71) 3633 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (101) 3607 استماع