سلسلة منهاج المسلم - (201)


الحلقة مفرغة

الحمد لله؛ نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة؛ ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، ذلكم الكتاب الحاوي للشريعة الإسلامية بكاملها عقائد وآداباً وأخلاقاً وعبادات وأحكاماً، وهو جامع لأهل السنة والجماعة فلا مذهبية ولا فرقة أبداً، وها نحن قد انتهى بنا الدرس إلى [المادة الرابعة: في حد السرقة].

أولاً: تعريف السرقة

[أولاً: تعريفها: السرقة أخذ المال المحروز على وجه الاختفاء] السرقة هي أخذ المال المحروز -أي: الذي في حرز- كبيت مثلاً على وجه الاختفاء [كأن يدخل أحد دكاناً أو منزلاً فيأخذ منه ثياباً أو حباً أو ذهباً ونحو ذلك] هذه هي السرقة.

إذاً: السرقة هي أخذ المال المحروز -المصون المصان- على وجه الاختفاء، لا القوة والظهور والعلنية، كأن يدخل أحد دكاناً أو منزلاً فيأخذ منه ثياباً أو حباً أو ذهباً ونحو ذلك، هذه هي السرقة، والله يقول: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا [المائدة:38].

ثانياً: حكم السرقة

[ثانياً: حكمها: السرقة كبيرة من الكبائر] أي: من كبائر الذنوب [حرمها الله تعالى بقوله: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [المائدة:38]، ولعن الرسول صلى الله عليه وسلم مرتكبها، فقال: ( لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده )، ونفى عن صاحبها الإيمان حين فعلها] نفى الرسول صلى الله عليه وسلم الإيمان عن السارق فليس هو بمؤمن حين يفعلها في تلك الساعة [فقال صلى الله عليه وسلم: ( لا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن )] ولكن عندما يفقد الإيمان يمد يده للحرام، ولو كان مؤمناً بالله ما سرق ولا قوي على أن يسرق، ولكن نسي الله تماماً.

[وقال صلى الله عليه وسلم في بيان أنها حد من حدود الله] كحد الزنا وما إلى ذلك [يقام على كل أحد] على الكبير والصغير [( والذي نفسي بيده لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها )] والذي نفس محمد بيده، أي: الله عز وجل، لو سرقت فاطمة ابنته -بنت محمد- لقطع يدها.

[أولاً: تعريفها: السرقة أخذ المال المحروز على وجه الاختفاء] السرقة هي أخذ المال المحروز -أي: الذي في حرز- كبيت مثلاً على وجه الاختفاء [كأن يدخل أحد دكاناً أو منزلاً فيأخذ منه ثياباً أو حباً أو ذهباً ونحو ذلك] هذه هي السرقة.

إذاً: السرقة هي أخذ المال المحروز -المصون المصان- على وجه الاختفاء، لا القوة والظهور والعلنية، كأن يدخل أحد دكاناً أو منزلاً فيأخذ منه ثياباً أو حباً أو ذهباً ونحو ذلك، هذه هي السرقة، والله يقول: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا [المائدة:38].

[ثانياً: حكمها: السرقة كبيرة من الكبائر] أي: من كبائر الذنوب [حرمها الله تعالى بقوله: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [المائدة:38]، ولعن الرسول صلى الله عليه وسلم مرتكبها، فقال: ( لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده )، ونفى عن صاحبها الإيمان حين فعلها] نفى الرسول صلى الله عليه وسلم الإيمان عن السارق فليس هو بمؤمن حين يفعلها في تلك الساعة [فقال صلى الله عليه وسلم: ( لا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن )] ولكن عندما يفقد الإيمان يمد يده للحرام، ولو كان مؤمناً بالله ما سرق ولا قوي على أن يسرق، ولكن نسي الله تماماً.

[وقال صلى الله عليه وسلم في بيان أنها حد من حدود الله] كحد الزنا وما إلى ذلك [يقام على كل أحد] على الكبير والصغير [( والذي نفسي بيده لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها )] والذي نفس محمد بيده، أي: الله عز وجل، لو سرقت فاطمة ابنته -بنت محمد- لقطع يدها.

[ثالثاً: بم تثبت السرقة؟ تثبت السرقة بأحد أمرين:

إما باعتراف السارق الصريح بأنه سرق، اعترافاً لم يلجأ إليه إلجاء بضرب] تثبت السرقة باعتراف السارق بنفسه أنه سرق ولم يضطر إلى أن يعترف بها لضرب أو تهديد أبداً وإنما اعتراف من نفسه، هذا أولاً [وإما بشهادة عدلين يشهدان أنه سرق].

إذاً: تثبت السرقة باعتراف السارق الصريح الواضح بأنه سرق؛ اعترافاً لم يلجأ إليه إلجاءً بضرب أو تهديد إنما بدون خوف، وإما بشهادة عدلين من المؤمنين يشهدوا أنه سرق وإن أنكر هو وكذب.

[وإن رجع في اعترافه] من اعترف أولاً ثم قال: أنا كاذب لم أسرق [فلا تقطع يده، وإنما عليه ضمان المسروق فقط] من اعترف ولم تقطع يده وما زال لم يرفع أمره إلى المحكمة ثم أنكر بعد ذلك عليه ضمان المسروق فقط.

[إذ قد يستحب أن يلقن الإنكار تلقيناً؛ حفاظاً على يد المسلم] لا بأس أن يلقن السارق الإنكار؛ حتى لا تقطع يد المؤمن، فإن قال: أنا لم أسرق، فلا بد وأن يضمن المسروق كيفما كان، أي: يدفع المسروق نقداً أو عيناً.

والدليل: [لقوله صلى الله عليه وسلم: ( ادرءوا الحدود بالشبهات ما استطعتم )] و(ادرءوا) أي: ادفعوا الحدود بالشبهات ما استطعتم، فلو عرفت أن صديقك أو أخوك سرق فقل له: لا تقل سرقت!. حتى لا تقطع يده، وهذا قبل أن يرفع أمره إلى المحكمة والقاضي، أما إذا رفع أمره فلم يبق من يقول ولو قالوا كلهم لا يُصدقون.

[رابعاً: شروط القطع: يشترط في وجوب القطع توفر الشروط التالية] وهي ستة شروط:

[أولاً: أن يكون السارق مكلفاً، عاقلاً، بالغاً] أما الصبي والمجنون فلا [لحديث: ( رفع القلم عن ثلاثة ) ومن بينهم المجنون والصبي].

ثانياً: [أن لا يكون السارقُ والداً لصاحب المال المسروق] فإذا سرق الوالد مال ولده لا تقطع يده [ولا ولداً له] والولد إذا سرق مال والده لا تقطع يده كذلك [ولا زوجاً أو زوجة] حتى الزوجة إذا سرقت من زوجها لا تقطع يدها، أو إذا سرق الزوج مال زوجته كذلك [لما لكل منهما على الآخر من حقوق في ماله] أليس الوالد وارث والولد وارث والزوجة ترث والزوج يرث؟! فلذلك لا تقطع اليد.

[ثالثاً: أن لا يكون للسارق شبهة ملك في المال المسروق بأي أوجه الشبه، كمن سرق رهنه من المرتهن عنده، أو أجرته من المستأجر عنده] هذه شبهة لا تقطع بها يد.

[رابعاً: أن يكون المسروق مالاً مباحاً لا خمراً أو مزماراً مثلاً] أن يكون المسروق مباحاً استعماله فإن كان خمراً فلا أو مزماراً وما إلى ذلك [وأن يكون بالغاً ربع دينار في القيمة] أما ما كان أقل من ربع دينار فلا تقطع فيه يد السارق أبداً [لقوله صلى الله عليه وسلم: ( لا تقطع اليد إلا في ربع دينار فصاعداً )] أي: لا تقطع اليد إلا في ربع دينار فما فوق.

[خامساً: أن يكون المال المسروق في حرز كدار، أو دكان، أو حظيرة، أو صندوق، ونحو ذلك مما يعتبر حرزاً] أما إذا كان المال في غير حرز فليست هذه سرقة، فالسرقة أن يؤخذ المال من مكان محروز كدار أو دكان أو حظيرة للغنم -مثلاً- أو صندوق ونحو ذلك مما يعتبر حرزاً محروزاً.

[سادساً: أن لا يؤخذ المال على وجه الخلسة وهي أن يختطف الشيء من بين يدي صاحبه ويفر به هارباً] من اختلس من بين يديك شيئاً وهرب منك لا تقطع يده؛ لأن هذا ليس بسرقة، ولكن يرجع المال منه بأن يقبض عليه ويؤخذ منه المال فقط ولا تقطع يده.

[أو الغصب وهو الأخذ على وجه الغلبة والقهر] كمن دخل على عائلة بالسلاح فأخذ الأموال وقتل [ولا على وجه الانتهاب وهو الأخذ على وجه الغنيمة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( ليس على خائن ولا منتهب ولا مختلف قطع )] ولكن يعزر ويؤخذ منه المال ولا تقطع يده.

[خامساً: ما يجب على السارق؟ يجب على السارق بعد إدانته حقان] يجب على السارق بعد أن ثبت أنه سرق حقان:

[أولاً: ضمان المال المسروق إن كان بيده، أو كان موسراً] من كان عنده مال وهذا المال الذي سرقه ضاع، وهو موسر ليس بفقير فإنه يؤخذ منه [وإن تلف المال المسروق فهو في ذمته لمن سرقه منه].

[ثانياً: القطع كحق لله تعالى؛ إذ الحدود محارم الله تعالى، وإذ لم يجب القطع لعدم توفر شروطه فضمان المال لازم لصاحبه قليلاً كان أو كثيراً، وسواء كان السارق موسراً أو معسراً] القطع حق لله تعالى؛ إذ الحدود محارم الله تعالى وإذا لم يجب القطع لعدم توفر الشروط، أو أنه ما اعترف بنفسه ولا شهد شاهدين عدلين على السرقة، فضمان المال لازم لصاحبه قليلاً كان أو كثيراً، وسواء كان السارق موسراً أو معسراً.

سادساً: [كيفية القطع: أن تقطع كف السارق اليمنى من مفصل الكف؛ لقراءة ابن مسعود : (( فاقطعوا أيمانهما ))، ثم تحسم بغمسها في زيت مغلي لتسد أفواه العروق فينقطع الدم، ويستحب أن تعلق فترة في عنق السارق؛ للعبرة].

إذاً: كيف تقطع يد السارق وما هي يده؟

تقطع كف السارق اليمنى التي سرق بها من مفصل الكف، ومفصل الكف معروف؛ لقراءة ابن مسعود : (( فاقطعوا أيمانهما ))، ولم يقل: (أيديهما)، واليمين هي: اليد اليمنى، ثم تحسم بغمسها في زيت مغلي؛ لتسد أفواه العروق فينقطع الدم؛ لأنه لو بقي الدم يسيل لمات، وإذا كان الآن هناك من الأدوية أو العلاج ما يحصل به المقصود فإنه يكفي، المهم إذا قطعت يده تعالج؛ حتى لا يسيل الدم ويموت الرجل السارق.

ويستحب بعد ذلك أن تعلق يد السارق فترة في عنقه، يعني: إذا أحب الحاكم وعلق فلا بأس، وإذا لم يعلق فليس عليه شيء؛ لأنه يستحب فقط؛ حتى يبقى بين الناس ويده معلقة في عنقه فلا يسرق سارق أبداً.

[سابعاً: ما لا قطع فيه: لا يجوز القطع في سرقة مال غير محروز] أي: ما كان من المال غير مصان ولا محفوظ فلا قطع فيه [ولا في مال لا تبلغ قيمته ربع دينار] كذلك لا قطع فيه، وربع الدينار يعرفه بائع الذهب [ولا في ثمر في شجر] كما لو صعد نخلة وأكل منها [أو في ثمر من نخل، وإنما يضاعف عليه ثمن الثمر إذا اتخذ منه خبنة] فإذا وقف على النخلة يأكل فليس عليه شيء إلا إذا أخذ خبنة في جيبه فإنه يؤاخذ بها ويعاقب عليها، ولكن ليس بقطع اليد [ويؤدب بالضرب] هذا الذي أخذ من النخلة أو من الشجرة تفاحة أو عنباً أو ما إلى ذلك إن أكل فقط فلا شيء عليه لكن إن اتخذ خبنة فإنه يعاقب ويؤدب بالضرب [وأما ما يأكله في بطنه فليس عليه فيه شيء] ولو أكل كل ما في البستان [لقوله صلى الله عليه وسلم: وقد سئل عن الحريسة التي تؤخذ من مراتعها] والحريسة هي الشاة تؤخذ في موضع الرعي كالغابات والجبال وما إلى ذلك من أماكن رعي الحيوانات [قال: ( فيها ثمنها مرتين )] من أخذ شاة من الصحراء أو الجبال أو ما كان ليس بمكان مصون وإنما أرض عامة فإن فيها ثمنها مرتين، فإذا كانت الشاة تساوي عشرين ريالاً -مثلاً- دفع أربعين [وضرب نكال] يضربونه ضرباً ويعذبونه بعض الشيء؛ حتى يتأدب [وما أخذ من عطنه ففيه القطع إذا بلغ ما يؤخذ من ذلك ثمن المجن] والمجن هو ما يوضع على الرأس في الحرب.

[وقيل: يا رسول الله! فالثمار وما أخذ منها في أكمامها؟ قال: ( من أخذ بفمه ولم يتخذ خبنة فليس عليه شيء، وما احتمل فعليه ثمنه مرتين وضرب نكالٍ، ومن أخذ من أجرانه ففيه القطع إذا بلغ ما يؤخذ من ذلك ثمن المجن )] والأجران جمع جرن: وهو موضع تجفيف الثمر؛ لأن أهل الثمر يجمعونه في مكان فيه شمس ليجففونه، فهو مصون ومحروز، ومن أخذ منه تقطع يده؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( من أخذ بفمه ولم يتخذ خبنة فليس عليه شيء، وما احتمل فعليه ثمنه مرتين وضرب نكال، ومن أخذ من أجرانه -الثمر هذا- ففيه القطع إذا بلغ ما يؤخذ من ذلك ثمن المجن ).