سلسلة منهاج المسلم - (199)


الحلقة مفرغة

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، ذلكم الكتاب الحاوي - أي: الجامع- للشريعة الإسلامية بكاملها، عقائد وآداباً وأخلاقاً وعبادات وأحكاماً، فقد جمع المسلمين على منهج الحق .. على منهج أهل السنة والجماعة، فلا طائفية ولا مذهبية، ولكن قال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم.

وقد انتهى بنا الدرس إلى هذه المقطوعة [ الفصل الحادي عشر: في الحدود ] والكتاب والله كأنه دستور إسلامي، وفيه مواد وفصول.

[ وفيه ] أي: كتاب الحدود [ تسع مواد:]

[ المادة الأولى: في حد الخمر:

أولاً: تعريف الحد والخمر، الحد هو: المنع من فعل ما حرم الله عز وجل ] إما [ بواسطة الضرب أو القتل، وحدود الله تعالى ] هي [ محارمه التي أمر أن تتحامى ] ويبتعد عنها [ فلا تقرب ] أي: فلا يقربها أحد.

[ والخمر: المسكر من كل شراب أياً كان نوعه ] فكل ما يسكر فهو خمر حتى ولو كان لبناً؛ وذلك [ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( كل مسكر خمر، وكل خمر حرام ) ]. وهذا لفظ نبوي عجيب.

حكم شراب الخمر

[ ثانياً: حكم شرابها ] أي: شراب الخمر: [ يحرم شرب الخمر قليلاً كان المشروب أو كثيراً ] ولو قطرة [ لقوله تعالى في النهي عنها وعن الميسر ] وهو القمار: [ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ [المائدة:91]؟ ] أيام كانوا يشربون الخمر ويلعبون القمار، فلنقل: انتهينا يا رب! [ وقوله تعالى: فَاجْتَنِبُوهُ [المائدة:90] ] أي: اتركوه وابتعدوا عنه، وهو الخمر [ وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( لعن الله شارب الخمر وبائعها ) ] ولنحفظ هذا الحديث، وكذلك لعن صانعها والمتاجر فيها والمستورد لها، فكل هؤلاء داخلون تحت اللعن، ومن لعنه رسول الله فلن يفلح، وأبعده الله عن رحمته [ ولإقامة النبي ] الكريم [ صلى الله عليه وسلم الحد على شاربها ] أي: شارب الخمر [ بالضرب في فناء ] أي: ساحة [ المسجد ] النبوي الشريف، وهذا [ في الصحيحين ].

الحكمة في تحريم الخمر

[ ثالثاً: الحكمة في تحريمها ] أي: في تحريم الله لها: [ الحكمة من تحريم الخمر ] هي [ المحافظة على سلامة دين المسلم وعقله وبدنه وماله ] فالخمر تفسد الدين والعقل والبدن والمال.

والدخان لم يكن موجوداً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو حرام؛ لأنه يفسد العقل والدين والعرض والمال والبدن، فالدخان ضار بالعقل وبالبدن وبالمال وبالدين، فهو حرام، إلا أنه لم يكن موجوداً على عهد رسول الله وأصحابه.

حكم شارب الخمر

[ رابعاً: حكم شاربها: حكم من شرب الخمر وثبت ذلك باعترافه أو بشهادة عدلين ] اثنين [ أن يحد بجلده ثمانين جلدة ] بالعصا [ على ظهره ] وهذا الحكم [ إن كان حراً ] ليس عبداً، والآن لا يوجد عبيد، فكل الناس أحرار [ وإن كان عبداً فأربعين جلدة ] على نصف حد الحر دائماً؛ وذلك [ لقوله تعالى في الإماء ] وهن الجواري غير الحرائر: [ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ [النساء:25] ] فعذاب الأمة نصف عذاب الحرة، وكذلك شرب الخمر عليه أربعين جلدة [ فقيس العبد على الأمة في تنصيف العذاب الذي هو الجلد ].

شروط وجوب الحد على شارب الخمر

[ خامساً: شروط وجوب الحد على شاربها: يشترط في إقامة الحد على شارب الخمر ] ستة شروط، وهي ما يلي:

أولاً: [ أن يكون مسلماً ] فالكافر لا يقام عليه الحد، فهو يشربها ليلاً ونهاراً.

ثانياً: أن يكون [ عاقلاً ] فالمجنون لا يقام عليه الحد؛ لأنه لا عقل له.

ثالثاً: أن يكون [ بالغاً ] فإذا كان طفلاً صغيراً لم يقم عليه الحد؛ لأنه لا يعقل.

رابعاً: أن يكون [ مختاراً ] شرب الخمر باختياره، وأما إذا كان مكرهاً والعصا فوق رأسه يشربها أو يقتل فلا بأس أن يشربها؛ لأنه مكره.

خامساً: أن يكون [ عالماً بتحريمها ] وأما إذا لم يكن عارفاً ولا عالماً بحرمتها فلا يقام عليه الحد حتى يعلم.

سادساً: أن يكون [ صحيحاً غير مريض ] فإذا كان مريضاً عفي عنه [ غير أن المريض لا يسقط عنه الحد ] أبداً [ وإنما ينتظر برؤه، فإن برئ من مرضه أقيم عليه الحد ] فانتبهوا إلى هذه اللطيفة، فالمريض لا يقام عليه الحد إذا شرب الخمر؛ لأنه مريض، بل ننتظره حتى يشفى من مرضه، فإذا شفي أقيم عليه الحد ولو بعد شهر أو سنة أو عشر سنين.

حكم تكرار الحد على شارب الخمر

[ سادساً: عدم تكرر الحد على شاربها ] فسواء شرب كأساً .. كأسين .. ثلاثة .. أربعة .. برميلاً فالحد واحد، ولا يضرب على كل كأس، بل [ إذا تكرر من المسلم شرب الخمر عدة مرات ثم أقيم عليه الحد فإنه يكفيه إقامة حد واحد ] وإن شرب مرات عديدة، وإن شرب خمسة أو عشرة أيام ولو عشرين سنة فإنه يحد حداً واحداً يطهره مما شرب، فالحد يطهر العبد من ذنبه ويمحوه ويزيله، هذا تشريع الله عز وجل، ولا يقام عليه الحد على كل شربة شربها، إلا إذا شرب فأقيم عليه الحد، ثم شرب فيقام عليه الحد، وهكذا دائماً كلما شرب أقيم عليه الحد، وأما إذا شرب المرة الأولى والثانية ولم يقم عليه الحد إلا في المرة الرابعة فلا يقام عليه إلا حد واحد، ويمحو كل الذنوب الماضية [ ولو تكرر الشراب مرات عديدة ] كأن يكون يشرب الخمر مدة عشرين سنة ثم جيء به فلا يقام عليه إلا حداً واحداً [ وإن هو شرب بعد إقامة الحد عليه، فإنه يقام عليه حد آخر، وهكذا كلما شرب أقيم عليه الحد ] ولو عشرين مرة.

كيفية إقامة الحد على الشارب

[ سابعاً: كيفية إقامة الحد على الشارب: يقام الحد على الشارب بأن يجلس على الأرض، ويضرب على ظهره بسوط ] أو عصا [ معتدل بين الغلظة والخفة ثمانين جلدة ] ويكون ظهر الرجل مكشوفاً [ والمرأة كالرجل، غير أنها تكون مستورة بثوب رقيق ] وليس غليظاً [ يسترها ] لأنه لا يجوز أن يكون جسمها مكشوفاً [ ولا يقيها الضرب ] وتجلد المرأة ثمانين جلدة كالرجل، إلا الأمة والعبد فيجلدان أربعين جلدة.

تنبيه

[ تنبيه: لا يقام على الشارب الحد في حال شدة البرد، أو الحر، بل ينتظر به ساعات تلطف الجو واعتداله من النهار ] فإذا كان البرد شديداً في الصباح فإنه لا يقام عليه الحد، بل يؤخر إلى العشاء، أو إلى الظهر، وإذا كان الحر شديداً في الظهر فيؤخر إلى ما بعد العصر؛ إكراماً لهذا المؤمن الذي نريد أن نطهره ونغسله من ذنوبه، وهذه من لطائف الشريعة الإسلامية [ كما لا يقام عليه الحد وهو سكران ] فما دام سكران فلا يقام عليه الحد؛ لأنه ليس فيه فائدة، فيؤخر حتى يصحو ويفيق، وأما إذا أقيم عليه الحد وهو سكران فإنه لا يفهم، ولا يبالي [ ولا وهو مريض ] فإذا كان مريضاً لا يقام عليه الحد [ بل ينتظر به إفاقته وبرؤه ].

[ ثانياً: حكم شرابها ] أي: شراب الخمر: [ يحرم شرب الخمر قليلاً كان المشروب أو كثيراً ] ولو قطرة [ لقوله تعالى في النهي عنها وعن الميسر ] وهو القمار: [ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ [المائدة:91]؟ ] أيام كانوا يشربون الخمر ويلعبون القمار، فلنقل: انتهينا يا رب! [ وقوله تعالى: فَاجْتَنِبُوهُ [المائدة:90] ] أي: اتركوه وابتعدوا عنه، وهو الخمر [ وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( لعن الله شارب الخمر وبائعها ) ] ولنحفظ هذا الحديث، وكذلك لعن صانعها والمتاجر فيها والمستورد لها، فكل هؤلاء داخلون تحت اللعن، ومن لعنه رسول الله فلن يفلح، وأبعده الله عن رحمته [ ولإقامة النبي ] الكريم [ صلى الله عليه وسلم الحد على شاربها ] أي: شارب الخمر [ بالضرب في فناء ] أي: ساحة [ المسجد ] النبوي الشريف، وهذا [ في الصحيحين ].

[ ثالثاً: الحكمة في تحريمها ] أي: في تحريم الله لها: [ الحكمة من تحريم الخمر ] هي [ المحافظة على سلامة دين المسلم وعقله وبدنه وماله ] فالخمر تفسد الدين والعقل والبدن والمال.

والدخان لم يكن موجوداً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو حرام؛ لأنه يفسد العقل والدين والعرض والمال والبدن، فالدخان ضار بالعقل وبالبدن وبالمال وبالدين، فهو حرام، إلا أنه لم يكن موجوداً على عهد رسول الله وأصحابه.

[ رابعاً: حكم شاربها: حكم من شرب الخمر وثبت ذلك باعترافه أو بشهادة عدلين ] اثنين [ أن يحد بجلده ثمانين جلدة ] بالعصا [ على ظهره ] وهذا الحكم [ إن كان حراً ] ليس عبداً، والآن لا يوجد عبيد، فكل الناس أحرار [ وإن كان عبداً فأربعين جلدة ] على نصف حد الحر دائماً؛ وذلك [ لقوله تعالى في الإماء ] وهن الجواري غير الحرائر: [ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ [النساء:25] ] فعذاب الأمة نصف عذاب الحرة، وكذلك شرب الخمر عليه أربعين جلدة [ فقيس العبد على الأمة في تنصيف العذاب الذي هو الجلد ].


استمع المزيد من الشيخ ابو بكر الجزائري - عنوان الحلقة اسٌتمع
سلسلة منهاج المسلم - (51) 4156 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (95) 4082 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (63) 3869 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (139) 3863 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (66) 3834 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (158) 3823 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (84) 3748 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (144) 3646 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (71) 3633 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (101) 3607 استماع