سلسلة منهاج المسلم - (196)


الحلقة مفرغة

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الأمسية أمسية يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، ذلكم الكتاب الحاوي - أي: الجامع- للشريعة الإسلامية عقيدة وآداباً وأخلاقاً وعبادات وأحكاماً، وهو يجمع المسلمين على منهج كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

وقد انتهى بنا الدرس إلى هذا الفصل، وهو في الجنايات وأحكامها.

[ الفصل العاشر: في الجنايات وأحكامها ] وهيا بنا نتدارس هذه الأحكام الشرعية التي نسأل الله أن تطبق في بلاد المسلمين، كما هي مطبقة عندنا هنا في هذه المملكة المباركة.

[ وفيه أربع مواد:

المادة الأولى: في الجناية على النفس ] والمرء يجني على نفسه.

[ أولاً: تعريفها: الجناية على النفس ] أي: نفس الإنسان [ هي التعدي على الإنسان بإزهاق روحه، أو إتلاف بعض أعضائه، أو إصابته بجرح في جسمه ].

حكم الجناية على النفس

[ ثانياً: حكمها: يحرم بدون حق إزهاق روح الإنسان، أو إتلاف عضو من أعضائه، أو إصابته بأي أذى في جسده، فليس بعد الكفر ذنب أعظم من قتل المؤمن؛ لقوله تعالى ] في سورة النساء: [ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا [النساء:93] ] ولما فقد المسلمون العلم وأعرضوا عنه انكبوا على الذنوب والمعاصي، وقتل بعضهم بعضاً [ وقوله صلى الله عليه وسلم: (أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء)] التي سالت ظلماً وعدواناً من دماء المؤمنين، وهذه قاعدة نبوية، فأول ما يقضى فيه يوم القيامة بين الناس الدماء التي أريقت ظلماً [ وقوله صلى الله عليه وسلم: (لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً)] فإن أصاب دماً حراماً هلك.

[ ثانياً: حكمها: يحرم بدون حق إزهاق روح الإنسان، أو إتلاف عضو من أعضائه، أو إصابته بأي أذى في جسده، فليس بعد الكفر ذنب أعظم من قتل المؤمن؛ لقوله تعالى ] في سورة النساء: [ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا [النساء:93] ] ولما فقد المسلمون العلم وأعرضوا عنه انكبوا على الذنوب والمعاصي، وقتل بعضهم بعضاً [ وقوله صلى الله عليه وسلم: (أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء)] التي سالت ظلماً وعدواناً من دماء المؤمنين، وهذه قاعدة نبوية، فأول ما يقضى فيه يوم القيامة بين الناس الدماء التي أريقت ظلماً [ وقوله صلى الله عليه وسلم: (لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً)] فإن أصاب دماً حراماً هلك.

[ ثالثاً: أنواع الجناية على النفس: الجناية على النفس ثلاثة أنواع، وهي: ]

أولاً: العمد

[ أولاً: العمد، وهو: أن يقصد الجاني قتل المؤمن أو أذيته، فيعمد إليه فيضربه بحديدة، أو عصاً، أو حجر، أو يلقيه من شاهق ] أي: مكان عال [ أو يغرقه في ماء، أو يحرقه بنار، أو يخنقه، أو يطعمه سماً فيموت بذلك، أو يصاب بتلف في أعضائه، أو جرح في بدنه ] هذا هو العمد والعياذ بالله [ وحكم هذه الجناية العمد أنها توجب القود - القصاص- ] فمن قتل يقتص منه، ومن جرح يجرح، ومن قطع عضواً يقطع عضوه، فحكم جناية العمد القصاص؛ وذلك [ لقوله تعالى ] في كتابه العزيز القرآن الكريم: [ وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ [المائدة:45] ] والعالم الإسلامي لا يطبق فيه هذا الحكم اليوم سوى هذه المملكة، والذي صرفهم ومنعهم وعطلهم كيد الأعداء الخصوم أعداء الإسلام [ وقوله صلى الله عليه وسلم: ( من قتل له قتيل فهو بخير النظرين، إما أن يودى ) ] أي: بالدية [ ( وإما أن يقاد ) ] له، فلو أن عبداً قتل أخاك أو ابنك، فأنت مخير إما أن تأخذ الدية أو تقتله؛ لنص الحديث بذلك، ثانياً [ وقوله صلى الله عليه وسلم: ( من أصيب بدم أو خبل - أي: جرح- فهو بالخيار ) ] أي مخير [ ( بين إحدى ثلاث: إما أن يقتص ) ] من الذي سفك دم المقتول أو آذاه [ (أو يأخذ العقل)] أي: الدية [ ( أو يعفو، فإن أراد رابعة فخذوا على يديه ) ] فلا تجوز الرابعة، فإن فعل غير ذلك فلا تسمحوا له.

ثانياً: شبه العمد

[ ثانياً: شبه العمد، وهو: أن يقصد الجناية دون القتل أو الجرح ] كأن يقصد أن يضربه وليس عازماً على قتله ولا يريد ذلك، ولا يقصد حتى الجرح [ كأن يضربه بعصا خفيفة لا تقتل عادة ] والعادة أن الضرب بالعصا لا يقتل، ولا يموت صاحبه [ أو يلكمه بيده ] فيموت [ أو يضربه برأسه ] فيموت [ أو يرميه في قليل ماء ] فيموت [ أو يصيح في وجهه ] صيحة فيموت من الفزع [ أو يهدده ] ويخوفه [ فيموت لذلك ] فإذا مات بواحدة مما سبق فهو شبه عمد، وليس عمداً [ وحكم هذا النوع من الجناية أنه يوجب على الجاني الدية ] فالحاكم يلزم الجاني بأن يدفع دية لمن جرح أو لورثة من مات [ على عاقلته ] والعاقلة هم أقرباؤه كالإخوان والأعمام وأبناء الأعمام، فالعاقلة يشتركون في دفع الدية [ والكفارة عليه ] وهي عتق رقبة، فإن لم يستطع صام شهرين متتابعين؛ وذلك [ لقوله تعالى: وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا [النساء:92] ] فلا حرح، كأن يقولوا: لسنا في حاجة إلى هذا، أو يقولوا: هي صدقة، وتحرير الرقبة هو عتقها، فإن عتق فبها ونعمت، وإن لم يستطع فيصوم شهرين متتابعين.

ثالثاً: الخطأ

[ ثالثاً: الخطأ، وهو: أن يفعل المسلم ما يباح له فعله من رماية أو اصطياد، أو تقطيع لحم حيوان ] بيده [ مثلاً فتطيش الآلة فتصيب أحداً فيموت بذلك أو يجرح ] هذا القتل الخطأ [ وحكم هذا النوع من الجناية كحكم النوع الثاني، غير أن الدية فيه مخففة، وأن الجاني غير آثم بخلاف شبه العمد، فإن الدية فيه مغلظة ] على العاقلة [ والجاني آثم ] وإن أعطى الدية وصام.

[ أولاً: العمد، وهو: أن يقصد الجاني قتل المؤمن أو أذيته، فيعمد إليه فيضربه بحديدة، أو عصاً، أو حجر، أو يلقيه من شاهق ] أي: مكان عال [ أو يغرقه في ماء، أو يحرقه بنار، أو يخنقه، أو يطعمه سماً فيموت بذلك، أو يصاب بتلف في أعضائه، أو جرح في بدنه ] هذا هو العمد والعياذ بالله [ وحكم هذه الجناية العمد أنها توجب القود - القصاص- ] فمن قتل يقتص منه، ومن جرح يجرح، ومن قطع عضواً يقطع عضوه، فحكم جناية العمد القصاص؛ وذلك [ لقوله تعالى ] في كتابه العزيز القرآن الكريم: [ وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ [المائدة:45] ] والعالم الإسلامي لا يطبق فيه هذا الحكم اليوم سوى هذه المملكة، والذي صرفهم ومنعهم وعطلهم كيد الأعداء الخصوم أعداء الإسلام [ وقوله صلى الله عليه وسلم: ( من قتل له قتيل فهو بخير النظرين، إما أن يودى ) ] أي: بالدية [ ( وإما أن يقاد ) ] له، فلو أن عبداً قتل أخاك أو ابنك، فأنت مخير إما أن تأخذ الدية أو تقتله؛ لنص الحديث بذلك، ثانياً [ وقوله صلى الله عليه وسلم: ( من أصيب بدم أو خبل - أي: جرح- فهو بالخيار ) ] أي مخير [ ( بين إحدى ثلاث: إما أن يقتص ) ] من الذي سفك دم المقتول أو آذاه [ (أو يأخذ العقل)] أي: الدية [ ( أو يعفو، فإن أراد رابعة فخذوا على يديه ) ] فلا تجوز الرابعة، فإن فعل غير ذلك فلا تسمحوا له.