Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 73

Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 73

أسماء الله الحسنى [1]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على من بعث رحمة للعالمين، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهديه، واستن بسنته إلى يوم الدين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أما بعد:

تأثير القرآن على الخلائق

فسيكون الدرس وقوفًا في ظلال الآيات التي قرأ بها الإمام في صلاة المغرب، وهي خطاب من الله سبحانه وتعالى لعباده المؤمنين، تذكيرًا وإحياءً للقلوب، وبيانًا لمنزلة هذا القرآن ولأثره كذلك في الإيمان.

فقد قال الله تعالى: لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللهِ[الحشر:21].

بين الله سبحانه وتعالى عظمة هذا القرآن وتأثيره، فهو مؤثر على كل الخلائق، سواء كانت من الأحياء أو كانت من الجمادات، ومن ذلك الجبال على ضخامتها وقوتها، فلو أنزل عليها هذا القرآن لخشعت لله سبحانه وتعالى من خشيته وخوفها منه، لذلك قال: لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللهِ[الحشر:21].

وقد بين الله سبحانه وتعالى أن الحجارة تخشاه، وبين أن منها ما تتفجر منه الأنهار، وأن منها ما يخرج منه الماء، وأن منها ما يهبط من خشية الله، وكل ذلك يدل على أن ما في هذا الكون من الخلائق جميعًا يذل ويخنع لله عز وجل، فالله سبحانه وتعالى هو ذو الملك والملكوت والعز والجبروت، وقد خنع لوجهه الكريم كل الخلائق: وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا[طه:111]، فجميع ما في الأرض وظلالهم يسجدون لله سبحانه وتعالى: كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ[النور:41]، سواءً من ذلك الأحياء والجمادات، والناطق والصامت، كلهم يعبدون الله سبحانه وتعالى، كل على حسب عبادته: وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ[الإسراء:44].

أعظم المخلوقات وتسخيرها للإنسان

وقد ضرب الله المثل بأقساها وأشدها، وهو الحجارة والجبال، فلا شك أن هذه الحجارة أقوى من الإنسان، وأصلب وأشد، وأطول أعمارًا، ولا شك أن الجبال أضخم، وأعلى من الإنسان، فإنه لا يستطيع مطاولتها: إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا[الإسراء:37]، فلذلك إذا كان الجبل الصلب الضخم يخشع لله سبحانه وتعالى ويتصدع ويتشقق، لو أنزل عليه هذا القرآن، فكيف بهذا الإنسان الكائن الضعيف، الذي ينبغي أن يكون خاشعًا لله على كل أحيانه خلق من عدم، وأنعم عليه بأنواع النعم، وشرف على كثير من الخلائق، وفضل عليها ومكن له حتى على الجبال، فجنود الله سبحانه وتعالى كثيرة، ومن أقواها النار، فهي تعدو بكل ما في الأرض وتأكله، ومع ذلك فالنار أقوى منها الماء؛ لأنه يطفؤها، والماء لا شك قوي من جنود الله سبحانه وتعالى، ولكن التربة أقوى منه؛ لأنها تشربه، والتراب لا شك كذلك جند قوي من جنود الله، ولكنها أضعف من جند آخر هو الريح؛ لأنها تنقلها وتذرها، والريح جند من جنود الله، وهي مسخرة، وهي قوية جدًا، ولكن أقوى منها الحجارة والجبال، فهي جند من جنود الله تعالى فتصدها وتصرفها، والحجارة أقوى منها الحديد، وهو جند آخر من جنود الله سبحانه وتعالى، والحديد أقوى منه الإنسان؛ لأنه الذي يسخره ويذلـلـه ويصنع منه الأشياء.

فلذلك سخر الله ما في هذا الكون من الخلائق للإنسان، وجعله نكتة العالم، كما قال الله تعالى: خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا[البقرة:29]، وقد قرأ ابن عباس رضي الله عنهما هذه الآية فقال: إما انتفاعًا وإما اعتبارًا وإما اختبارًا، كل ما في الأرض هو لمصلحة ابن آدم، إما انتفاعًا كالمأكولات والمشروبات والملبوسات والمسكونات والمركوبات، فكلها ينتفع بها الإنسان انتفاعًا ظاهرًا، وإما اعتبارًا، وهو ما يتعجب فيه فيكون تغذية لقلبه، فالإنسان: قلب وبدن، وروح، فالروح نفخة غيبية من أمر الله، وغذاؤها العبادة والطاعة، والبدن من تراب، وغذاؤه ملقى من المآكل والمشارب والأدوية، والقلب هو العقل الذي ميز به الإنسان على غيره وغذاؤه إنما يكون بالمواعظ والعبر، والعلم، فهذه تغذية القلوب، ولذلك لا يمكن أن يكون الإنسان عطلًا عن تغذية القلب، فإذا خلا من الذكرى ولو لمدة يسيرة قسا قلبه فأصبح كالبهيمة.

الفرق بين الطبيعة البشرية والحيوانية

فأنتم ترون أن البهائم يضرب بعضها بعضًا، ويقتله، ويشق قرونه، وينطحه وينهسه، وهذا الحال إنما هو لقسوة القلوب، وترون بعض الناس يكون كذلك يعتدي على البشر، ويؤذيهم بأنواع الأذى، ولو كان إنسانًا على الفطرة والطبيعة، لما كان منه ذلك؛ لأن الأصل في الإنسان: أنه آنس بغيره محتاج إليه، فهو يأنس بغيره ويحتاج إليه، ولو حبس وحده، فسد عنه الاتصال بالبشر، ولو لمدة يسيرة، اشتاق إليهم، وتمنى سماع أصواتهم ورؤيتهم، ولذلك يشق على الإنسان أن يحبس وحده، وأن ينفصل عن هذا الجنس البشري الذي هو معه، وقد قال أهل العلم في تفسير قول الله تعالى في سورة النمل في قصة سليمان عليه السلام في ذكر الهدهد: لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ[النمل:21]، قالوا: لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا[النمل:21] هو الحبس مع غير الجنس؛ لأنه طير صغير ضعيف، لا يمكن أن يضرب، ولا يمكن أن يفعل به إلا الذبح، وقد ذكر فقال: أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ[النمل:21]، فما هو العذاب الشديد إذاً؟ قالوا: الحبس مع غير الجنس، فكذلك حبس الإنسان مع غير جنسه يقتضي منه الوحشة والشوق إلى الجنس البشري.

فلذلك ينبغي للإنسان في أصل الفطرة، أن يكون حي القلب، وأن لا يكون كالبهيمة تتصرف على غير إدراك، ولذلك فالحيوان البهيمي يكون ذا رحمة بأولاده الصغار ما داموا في صغرهم فإذا كبروا انفصل عنهم، وضربهم وآذاهم وطردهم، وهذا الحال ليس موجودًا في البشر، بل الإنسان كلما تقدمت به السنين كلما احتاج إلى أولاده وازدادت محبته لهم، وذلك بتفضيل الله له.

فسيكون الدرس وقوفًا في ظلال الآيات التي قرأ بها الإمام في صلاة المغرب، وهي خطاب من الله سبحانه وتعالى لعباده المؤمنين، تذكيرًا وإحياءً للقلوب، وبيانًا لمنزلة هذا القرآن ولأثره كذلك في الإيمان.

فقد قال الله تعالى: لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللهِ[الحشر:21].

بين الله سبحانه وتعالى عظمة هذا القرآن وتأثيره، فهو مؤثر على كل الخلائق، سواء كانت من الأحياء أو كانت من الجمادات، ومن ذلك الجبال على ضخامتها وقوتها، فلو أنزل عليها هذا القرآن لخشعت لله سبحانه وتعالى من خشيته وخوفها منه، لذلك قال: لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللهِ[الحشر:21].

وقد بين الله سبحانه وتعالى أن الحجارة تخشاه، وبين أن منها ما تتفجر منه الأنهار، وأن منها ما يخرج منه الماء، وأن منها ما يهبط من خشية الله، وكل ذلك يدل على أن ما في هذا الكون من الخلائق جميعًا يذل ويخنع لله عز وجل، فالله سبحانه وتعالى هو ذو الملك والملكوت والعز والجبروت، وقد خنع لوجهه الكريم كل الخلائق: وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا[طه:111]، فجميع ما في الأرض وظلالهم يسجدون لله سبحانه وتعالى: كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ[النور:41]، سواءً من ذلك الأحياء والجمادات، والناطق والصامت، كلهم يعبدون الله سبحانه وتعالى، كل على حسب عبادته: وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ[الإسراء:44].

وقد ضرب الله المثل بأقساها وأشدها، وهو الحجارة والجبال، فلا شك أن هذه الحجارة أقوى من الإنسان، وأصلب وأشد، وأطول أعمارًا، ولا شك أن الجبال أضخم، وأعلى من الإنسان، فإنه لا يستطيع مطاولتها: إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا[الإسراء:37]، فلذلك إذا كان الجبل الصلب الضخم يخشع لله سبحانه وتعالى ويتصدع ويتشقق، لو أنزل عليه هذا القرآن، فكيف بهذا الإنسان الكائن الضعيف، الذي ينبغي أن يكون خاشعًا لله على كل أحيانه خلق من عدم، وأنعم عليه بأنواع النعم، وشرف على كثير من الخلائق، وفضل عليها ومكن له حتى على الجبال، فجنود الله سبحانه وتعالى كثيرة، ومن أقواها النار، فهي تعدو بكل ما في الأرض وتأكله، ومع ذلك فالنار أقوى منها الماء؛ لأنه يطفؤها، والماء لا شك قوي من جنود الله سبحانه وتعالى، ولكن التربة أقوى منه؛ لأنها تشربه، والتراب لا شك كذلك جند قوي من جنود الله، ولكنها أضعف من جند آخر هو الريح؛ لأنها تنقلها وتذرها، والريح جند من جنود الله، وهي مسخرة، وهي قوية جدًا، ولكن أقوى منها الحجارة والجبال، فهي جند من جنود الله تعالى فتصدها وتصرفها، والحجارة أقوى منها الحديد، وهو جند آخر من جنود الله سبحانه وتعالى، والحديد أقوى منه الإنسان؛ لأنه الذي يسخره ويذلـلـه ويصنع منه الأشياء.

فلذلك سخر الله ما في هذا الكون من الخلائق للإنسان، وجعله نكتة العالم، كما قال الله تعالى: خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا[البقرة:29]، وقد قرأ ابن عباس رضي الله عنهما هذه الآية فقال: إما انتفاعًا وإما اعتبارًا وإما اختبارًا، كل ما في الأرض هو لمصلحة ابن آدم، إما انتفاعًا كالمأكولات والمشروبات والملبوسات والمسكونات والمركوبات، فكلها ينتفع بها الإنسان انتفاعًا ظاهرًا، وإما اعتبارًا، وهو ما يتعجب فيه فيكون تغذية لقلبه، فالإنسان: قلب وبدن، وروح، فالروح نفخة غيبية من أمر الله، وغذاؤها العبادة والطاعة، والبدن من تراب، وغذاؤه ملقى من المآكل والمشارب والأدوية، والقلب هو العقل الذي ميز به الإنسان على غيره وغذاؤه إنما يكون بالمواعظ والعبر، والعلم، فهذه تغذية القلوب، ولذلك لا يمكن أن يكون الإنسان عطلًا عن تغذية القلب، فإذا خلا من الذكرى ولو لمدة يسيرة قسا قلبه فأصبح كالبهيمة.

فأنتم ترون أن البهائم يضرب بعضها بعضًا، ويقتله، ويشق قرونه، وينطحه وينهسه، وهذا الحال إنما هو لقسوة القلوب، وترون بعض الناس يكون كذلك يعتدي على البشر، ويؤذيهم بأنواع الأذى، ولو كان إنسانًا على الفطرة والطبيعة، لما كان منه ذلك؛ لأن الأصل في الإنسان: أنه آنس بغيره محتاج إليه، فهو يأنس بغيره ويحتاج إليه، ولو حبس وحده، فسد عنه الاتصال بالبشر، ولو لمدة يسيرة، اشتاق إليهم، وتمنى سماع أصواتهم ورؤيتهم، ولذلك يشق على الإنسان أن يحبس وحده، وأن ينفصل عن هذا الجنس البشري الذي هو معه، وقد قال أهل العلم في تفسير قول الله تعالى في سورة النمل في قصة سليمان عليه السلام في ذكر الهدهد: لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ[النمل:21]، قالوا: لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا[النمل:21] هو الحبس مع غير الجنس؛ لأنه طير صغير ضعيف، لا يمكن أن يضرب، ولا يمكن أن يفعل به إلا الذبح، وقد ذكر فقال: أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ[النمل:21]، فما هو العذاب الشديد إذاً؟ قالوا: الحبس مع غير الجنس، فكذلك حبس الإنسان مع غير جنسه يقتضي منه الوحشة والشوق إلى الجنس البشري.

فلذلك ينبغي للإنسان في أصل الفطرة، أن يكون حي القلب، وأن لا يكون كالبهيمة تتصرف على غير إدراك، ولذلك فالحيوان البهيمي يكون ذا رحمة بأولاده الصغار ما داموا في صغرهم فإذا كبروا انفصل عنهم، وضربهم وآذاهم وطردهم، وهذا الحال ليس موجودًا في البشر، بل الإنسان كلما تقدمت به السنين كلما احتاج إلى أولاده وازدادت محبته لهم، وذلك بتفضيل الله له.

فلهذا يحتاج الإنسان إلى تغذية قلبه بالعبرة والموعظة، ولذا شرعت خطبة الجمعة مرة في الأسبوع تغذية للقلوب، فالقلوب تصدأ وتحتاج إلى الذكرى، وهي في البشر ثلاثة أقسام.

القسم الأول من القلوب

قلب ميت، لا يمكن أن يفرق بين حق وباطل ولا يمكن أن ينتفع بذكرى، ولا يمكن أن تصل إليه موعظة، فصاحبه سادر مشغول عن الله تعالى منغمس في الدنيا ووحلها، لا يبالي، ولا يهتم بشيء، قد فقد الحياء بالكلية، وهؤلاء موتى القلوب يوجدون في الكفار، وفي المنافقين، وفي عصاة المؤمنين، يصلون على مستوًى من المعصية، يحال فيه بينهم وبين التوبة، نسأل الله السلامة والعافية، فيقبلون على وجوههم في المعاصي، لا يردهم شيء، ولا ينصرفون عما هم فيه من أنواع المعصية، نسأل الله السلامة والعافية.

القسم الثاني: مرضى القلوب

والقسم الثاني: مرضى القلوب، الذين قلوبهم مريضة، فهي تسمع الحق، وتقر بأنه حق، ولكنها لا تطبقه، وتسمع الموعظة فتتعظ بها وقت سماعها، ولكنها تنساها بعد ذلك، وترى ما جاء في وصف الجنة والنار فتحب دخول الجنة وتكره دخول النار، ولكنها لا تعمل بعمل الجنة، ولا تخاف من عمل النار، وهؤلاء هم موعظة لأهل الإيمان أن يكون الإنسان فعلًا عارفًا بما ينفعه، عارفًا بما يضره، فلا يعمل بما ينفعه ولا يترك ما يضره.

وقد قال معاوية بن قرة المزني رضي الله عنه وهو من أئمة التابعين: عجبت لمن يعلم أن الجنة فوقه قد زينت بكل ما فيها من الزينة، وأن النار تحته قد سعرت بكل ما فيها من العذاب، فيبيت بينهما نائمًا.

فهذا الإمام من أئمة التابعين يعجب من الإنسان الذي يستشعر في الليل إذا أوى إلى فراشه أن الجنة فوقه قد زينت بكل زينة، وأعدها الله تعالى لعباده المؤمنين وبارك فيها، وأن النار تحته كذلك قد ملئت بأنواع الأذى والعذاب، كيف يبيت بينهما فيبيت نائمًا، لا يطمع في الجنة فيعمل بعملها، ولا يخاف من النار فيهرب من عملها، فلذا أصحاب القلوب المريضة، إذا كان الحكم لصالحهم، أحبوه وأقبلوا إلى صاحبه وإن كان لغير صالحهم لم يرضوا به، كما قال الله تعالى: وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ * وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ * أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ المُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ * وَمَنْ يُطِعْ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ[النور:48-52].

ومن علامات موت القلب: إذا كان صاحبه لا يتعظ بالمواعظ، فلا يتأثر بذكر الجنة والنار، والموت والدار الآخرة ومشاهد القيامة، ولا يتعظ كذلك بعجائب هذا الكون وما فيه من الآيات، ولا تقطر دمعتاه من خشية الله، لا يذكر الله خاليًا فتفيض عيناه، فهذا الإنسان عبادته هي بمثابة تصرف الماكنة تشتغل وهي لا تدري أنها تشتغل، فهؤلاء هم مرضى القلوب.

القسم الثالث: القلوب السليمة

والقسم الثالث: هم ذوو القلوب السليمة، والقلب السليم: هو الصحيح الذي لم يمرض، فصاحبه يميز بين الحق والباطل، ويميز بين النافع والضار، ويقبل على الله سبحانه وتعالى، كما قال الله تعالى في ذكر إبراهيم عليه السلام: إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ[الصافات:84]، فالقلب السليم يقبل من الله سبحانه وتعالى ويقبل عليه، ويفهم عنه، ويعرف حكمه في هذا الكون، وعجائبه وتعرفه على خلقه، فيحمد الله سبحانه وتعالى ويتصل به ويأنس به، وعلامة سلامة القلب أن يكون صاحبه مقبلًا على الطاعة مدبرًا عن المعصية، إذا سمع موعظة انتفع بها، وإذا تذكر ذكرى بقيت، وإذا سمع الآن في الدرس موعظة فذهب إلى أهله فبات على فراشه فتقلب بدأ يفكر فيما سمعه من الموعظة أين هو من الجنة والنار وهو بينهما، فالجنة فوقه، والنار تحته، واعتبر بذلك وانتفع به، إذا جاء وقت الشهوة تذكر إيمانه فحال بينه وبين ما نهى الله عنه، إذا جاءت الشبهة تذكر إيمانه فكان حجة بين يديه قاطعة لشبهات الشيطان، فهذا هو ذو القلب السليم، وتغذية القلوب هي هذه الذكرى، والناس فيها على أربعة أقسام:

قلب ميت، لا يمكن أن يفرق بين حق وباطل ولا يمكن أن ينتفع بذكرى، ولا يمكن أن تصل إليه موعظة، فصاحبه سادر مشغول عن الله تعالى منغمس في الدنيا ووحلها، لا يبالي، ولا يهتم بشيء، قد فقد الحياء بالكلية، وهؤلاء موتى القلوب يوجدون في الكفار، وفي المنافقين، وفي عصاة المؤمنين، يصلون على مستوًى من المعصية، يحال فيه بينهم وبين التوبة، نسأل الله السلامة والعافية، فيقبلون على وجوههم في المعاصي، لا يردهم شيء، ولا ينصرفون عما هم فيه من أنواع المعصية، نسأل الله السلامة والعافية.

والقسم الثاني: مرضى القلوب، الذين قلوبهم مريضة، فهي تسمع الحق، وتقر بأنه حق، ولكنها لا تطبقه، وتسمع الموعظة فتتعظ بها وقت سماعها، ولكنها تنساها بعد ذلك، وترى ما جاء في وصف الجنة والنار فتحب دخول الجنة وتكره دخول النار، ولكنها لا تعمل بعمل الجنة، ولا تخاف من عمل النار، وهؤلاء هم موعظة لأهل الإيمان أن يكون الإنسان فعلًا عارفًا بما ينفعه، عارفًا بما يضره، فلا يعمل بما ينفعه ولا يترك ما يضره.

وقد قال معاوية بن قرة المزني رضي الله عنه وهو من أئمة التابعين: عجبت لمن يعلم أن الجنة فوقه قد زينت بكل ما فيها من الزينة، وأن النار تحته قد سعرت بكل ما فيها من العذاب، فيبيت بينهما نائمًا.

فهذا الإمام من أئمة التابعين يعجب من الإنسان الذي يستشعر في الليل إذا أوى إلى فراشه أن الجنة فوقه قد زينت بكل زينة، وأعدها الله تعالى لعباده المؤمنين وبارك فيها، وأن النار تحته كذلك قد ملئت بأنواع الأذى والعذاب، كيف يبيت بينهما فيبيت نائمًا، لا يطمع في الجنة فيعمل بعملها، ولا يخاف من النار فيهرب من عملها، فلذا أصحاب القلوب المريضة، إذا كان الحكم لصالحهم، أحبوه وأقبلوا إلى صاحبه وإن كان لغير صالحهم لم يرضوا به، كما قال الله تعالى: وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ * وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ * أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ المُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ * وَمَنْ يُطِعْ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ[النور:48-52].

ومن علامات موت القلب: إذا كان صاحبه لا يتعظ بالمواعظ، فلا يتأثر بذكر الجنة والنار، والموت والدار الآخرة ومشاهد القيامة، ولا يتعظ كذلك بعجائب هذا الكون وما فيه من الآيات، ولا تقطر دمعتاه من خشية الله، لا يذكر الله خاليًا فتفيض عيناه، فهذا الإنسان عبادته هي بمثابة تصرف الماكنة تشتغل وهي لا تدري أنها تشتغل، فهؤلاء هم مرضى القلوب.