سلسلة منهاج المسلم - (191)


الحلقة مفرغة

الحمد لله؛ نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة؛ ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، ذلكم الكتاب الحاوي للشريعة الإسلامية بكاملها عقائد وآداباً، وأخلاقاً وعبادات وأحكاماً، وهو جمع بين أهل السنة والجماعة، فلا مذهبية ولا طائفية، فكلهم أتباع النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.

وقد انتهى بنا الدرس إلى [المادة الثانية: في النذر] فما هو النذر؟

أولاً: تعريفه

[أولاً: تعريفه: النذر إلزام المسلم نفسه طاعة لله لم تلزمه بدونه -أي: النذر- كأن يقول: لله علي صيام يوم، أو صلاة ركعتين مثلاً] أو صلاة يوم، أو صدقة بمقدار من المال، أو أن يقول: لله علي صيام شهر، أو لله علي أن أقوم الليل كاملاً.

ثانياً: حكمه

[ثانياً: حكمه: حكم النذر ما يلي:

يباح النذر المطلق الذي يراد به وجه الله، كنذر صيام أو صلاة أو صدقة، ويجب الوفاء به] فلا تعد ربك ثم تخلف، فهذا حرام عليك.

مباح لك يا عبد الله أن تقول: لك علي يا رب! صيام هذا الشهر، أو لك يا رب علي أن أتصدق بألف ريال، أو لك يا رب علي أن أعتمر هذه الأيام.. فيباح لك أن تنذر لربك نذراً ما ألزمك به وأنت التزمته، ويجوز لك أن تتقرب بذلك إلى الله وتلتزمه ولا حرج.

[ويكره النذر المقيد كأن يقول: إن شفا الله مريضي صمت كذا أو تصدقت بكذا؛ لقول ابن عمر رضي الله عنه: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النذر، وقال: إنه لا يرد شيئاً، وإنما يستخرج به من مال البخيل )].

النذر المكروه كأن تقول: يا رب! إن شفيت ولدي أو زوجتي سأتصدق بكذا، ولكن النذر أن تقول: لك يا رب علي كذا وكذا تقرباً إليه عز وجل، فلا تقيده بشرط: إن شفا مريضك، أو رد غائبك، أو غير ذلك .. فهذا مكروه.

[ويحرم إذا كان لغير وجه الله تعالى كالنذر لقبور الأولياء أو أرواح الصالحين، كأن يقول: يا سيدي فلان] أو يا مولاي فلان [إن شفا الله مريضي ذبحت على قبرك كذا أو تصدقت عليك بكذا] فهذا النذر محرم لأنه شرك، لا يحل لمؤمن ولا مؤمنة [إذ هذا من صرف العبادة لغير الله تعالى، وذلك الشرك الذي حرمه الله تعالى بقوله: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا [النساء:36]].

إذاً: عرفنا النذر بأقسامه الثلاثة: المباح، والمكروه، والمحرم.

[أولاً: تعريفه: النذر إلزام المسلم نفسه طاعة لله لم تلزمه بدونه -أي: النذر- كأن يقول: لله علي صيام يوم، أو صلاة ركعتين مثلاً] أو صلاة يوم، أو صدقة بمقدار من المال، أو أن يقول: لله علي صيام شهر، أو لله علي أن أقوم الليل كاملاً.

[ثانياً: حكمه: حكم النذر ما يلي:

يباح النذر المطلق الذي يراد به وجه الله، كنذر صيام أو صلاة أو صدقة، ويجب الوفاء به] فلا تعد ربك ثم تخلف، فهذا حرام عليك.

مباح لك يا عبد الله أن تقول: لك علي يا رب! صيام هذا الشهر، أو لك يا رب علي أن أتصدق بألف ريال، أو لك يا رب علي أن أعتمر هذه الأيام.. فيباح لك أن تنذر لربك نذراً ما ألزمك به وأنت التزمته، ويجوز لك أن تتقرب بذلك إلى الله وتلتزمه ولا حرج.

[ويكره النذر المقيد كأن يقول: إن شفا الله مريضي صمت كذا أو تصدقت بكذا؛ لقول ابن عمر رضي الله عنه: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النذر، وقال: إنه لا يرد شيئاً، وإنما يستخرج به من مال البخيل )].

النذر المكروه كأن تقول: يا رب! إن شفيت ولدي أو زوجتي سأتصدق بكذا، ولكن النذر أن تقول: لك يا رب علي كذا وكذا تقرباً إليه عز وجل، فلا تقيده بشرط: إن شفا مريضك، أو رد غائبك، أو غير ذلك .. فهذا مكروه.

[ويحرم إذا كان لغير وجه الله تعالى كالنذر لقبور الأولياء أو أرواح الصالحين، كأن يقول: يا سيدي فلان] أو يا مولاي فلان [إن شفا الله مريضي ذبحت على قبرك كذا أو تصدقت عليك بكذا] فهذا النذر محرم لأنه شرك، لا يحل لمؤمن ولا مؤمنة [إذ هذا من صرف العبادة لغير الله تعالى، وذلك الشرك الذي حرمه الله تعالى بقوله: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا [النساء:36]].

إذاً: عرفنا النذر بأقسامه الثلاثة: المباح، والمكروه، والمحرم.

[ثالثاً: أنواعه: للنذر أنواع وهي].

أولاً: النذر المطلق

[أولاً: النذر المطلق، وهو الخارج مخرج الخبر نحو قول المسلم: لله علي صوم ثلاثة أيام أو إطعام عشرة مساكين مثلاً، يريد بذلك التقرب إلى الله تعالى] والتزلف إليه، فالنذر المطلق هو أن يقول الناذر: لله علي أن أصوم هذا الشهر، أو أقوم هذه الليلة، ولا يطلب من الله شيئاً؛ لا يطلب شفاء مريض، ولا رد غائب ولا غير ذلك.. إنما تملقاً وتزلفاً إلى الله. وهذا النذر مشروع.

[وحكم هذا النوع من النذر وجوب الوفاء به] فإذا قلت: لله علي أن أقوم هذه الليلة أو أصوم هذا الشهر فيجب الوفاء بما نذرت، والأجر على الله [لقوله تعالى: وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ [النحل:91]، وقوله سبحانه: وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ [الحج:29]] فمن قال: لله علي أن أتصدق بألف ريال كل أسبوع -مثلاً- فإنه يجب عليه أن يفي بالنذر، لكن لو قال: إن شفا الله مريضي أفعل كذا، أو إن أعطيتني كذا فعلت كذا، فهذا نذر مكروه، ومع هذا يجب الوفاء به.

ثانياً: النذر المطلق غير المعين

[ثانياً: النذر المطلق غير المعين، كقول المسلم: لله علي نذر ولم يذكر النذر. وحكمه أنه يجب عليه في الوفاء به كفارة يمين] من قال: لله علي كذا ولم يسم: صياماً، ولا صلاة، ولا صدقة، ولا غير ذلك .. فعليه أن يكفر كفارة يمين، وهي: إطعام عشرة مساكين، فإذا لم يستطع صام ثلاثة أيام.

[لقوله صلى الله عليه وسلم: ( كفارة النذر إذا لم يسمه كفارة يمين )] أما إن سماه فليفعله، نحو قول القائل: علي يا رب! أن أصوم، لزمه الصيام، أما إذا قال: لله علي نذر فقط، ففيه كفارة يمين [وقيل: يجزئه فيه أقل ما يسمى نذراً كصلاة ركعتين أو صيام يوم] قال بعض أهل العلم: إذا لم يعين الناذر شيئاً -أي: نذر نذراً مطلقاً- فيكفيه أن يصلي ركعتين أو يتصدق بصدقة، والصواب هو الذي صح فيه الحديث وهو: أن عليه كفارة يمين، ما دام أنه نذر لله شيئاً ولم يسمه.

ثالثاً: النذر المقيد بفعل الخالق عز وجل الخارج مخرج الشرط

[ثالثاً: النذر المقيَّد بفعل الخالق عز وجل وهو الخارج مخرج الشرط، كقول المسلم: إن شفا الله مريضي أو رد غائبي أطعمت كذا مسكيناً، أو صمت كذا يوماً.

وحكمه مع أنه مكروه يجب الوفاء به، فإذا ما قضى الله حاجته وجب عليه فعل ما سماه من العبادة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( من نذر أن يطيع الله فليطعه ). وإن لم يقض الله حاجته فلا وفاء عليه].

إذاً: النذر المقيد هو الذي قيدته بشيء، فإن قضى الله حاجتك فلا بد من الوفاء، أما إذا لم يقضها الله فلا وفاء عليك.

رابعاً: النذر المقيد بفعل المخلوق وهو نذر اللجاج

[رابعاً: النذر المقيد بفعل المخلوق وهو نذر اللجاج كقوله: أصوم شهراً إن فعلت كذا وكذا، أو وقع كذا وكذا، أو أخرج من مالي كذا وكذا إن فعلت كذا.

وحكمه أنه يخير بين الوفاء به وكفارة يمين إذا هو حنث فيما علق النذر عليه] أي: إن شاء وفى، وإن شاء كفر كفارة يمين [إذ نذر اللجاج غالباً لا يكون إلا مع غضب، ويراد به منع المخاطب من فعل شيء أو تركه] واللجاج هو الغضب في الخصومة، وهذا النذر لا يكون إلا عند الخصومة في القضاء، فعندما تجادل الخصم وتحاجه تقول: أصوم شهراً إن فعلت كذا. وحكمه أنك مخير بين أن توفي بما قلت أو أن تكفر كفارة يمين لقوله صلى الله عليه وسلم: ( لا نذر في غضب، وكفارته كفارة يمين ).

خامساً: نذر المعصية

[خامساً: نذر المعصية، وهو أن ينذر فعل محرم أو ترك واجب كأن ينذر ضرب مؤمن، أو ترك صلاة مثلاً] نحو: لله علي أن أضرب فلاناً، أو أن أترك صلاة هذا اليوم، أو أن ترك الصيام، فهذا النذر محرم والعياذ بالله.

[وحكمه أن يحرم الوفاء به] أي: لا يجوز أن ينذر نذر معصية ثم يفعله، وذلك [لقوله صلى الله عليه وسلم: ( من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه )، غير أن بعض أهل العلم رأوا أن على صاحبه كفارة يمين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( لا نذر في معصية، وكفارته كفارة يمين )] أي: لا وفاء في نذر المعصية، ومن نذر بمعصية فعليه أن يكفر كفارة يمين.

سادساً: نذر ما لا يملك المسلم أو ما لا يطيق فعله

[سادساً: نذر ما لا يملك المسلم، أو ما لا يطيق فعله، كأن ينذر عتق عبد فلان] وهو لا يستطيع أن يعتقه، أو لا يملكه، أو لا يقدر عليه [أو التصدق بقنطار من الذهب مثلاً، وحكمه أن فيه كفارة؛ لحديث: ( لا نذر فيما لا يملك )] فمن نذر ما لا يطيقه ولا يستطيعه، كأن قال: لله علي أن أصوم الدهر، أو أن أصوم هذا العام، وما استطاع ذلك، أو أن أتصدق بمليون دولار وهو لا يملك هذا المبلغ، أو أن أعتق عبد فلان وهو لا يملكه، فحكمه أن فيه كفارة؛ لحديث: ( لا نذر فيما لا يملك ).

سابعاً: نذر تحريم ما أحل الله تعالى

[سابعاً: نذر تحريم ما أحل الله تعالى] لا يجوز [كأن ينذر تحريم طعام أو شراب مباحين] كقوله: لله علي ألا آكل ولا أشرب [وحكمه أنه لا يحرم شيئاً مما أحل الله سوى الزوجة -فقط- فمن نذر تحريمها وجب عليه كفارة ظهار] أما غير الزوجة كأن نذر ألا يأكل أو لا يشرب أو لا يلبس فلا قيمة لذلك، وهذا نذر تحريم ما أحل الله [وما عدا الزوجة ففيه كفارة يمين] أي: لا يحرم عليه أبداً إلا إذا حرم زوجته، وما عدا ذلك ففيه كفارة يمين.