سلسلة منهاج المسلم - (16)


الحلقة مفرغة

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، وقد انتهى بنا الدرس إلى الفصل الحادي عشر: في عذاب القبر ونعيمه.

أذكركم ونفسي بأن العقيدة الإسلامية بمثابة الروح للإنسان، من رزقها ووهبها وأعطيها وكان مؤمناً بها فهو حي يسمع ويبصر، يعطي ويمنع، يجيب ويرفض، وذلك لحياته، ومن فقدها فهو في عداد الموتى، يسمع النداء فلا يجيب، ويُحذر فلا يحذر، ويُبشر فلا يبشر؛ وذلك لموته.

ومن كانت عقيدته -أي: العقيدة الإسلامية- فيها خلل بالزيادة أو النقص فهذا بمثابة المريض، والمريض يقدر يوماً على أن يصوم ويوماً لا يقدر، يقدر على أن يقول كلمة الحق ويعجز عنها يوماً آخر، يقوى على أن يفعل خيراً ويعجز عن أن يفعل آخر؛ وذلك لمرضه.

ومن هنا: وجب على كل مؤمن ومؤمنة أن يصحح عقيدته، فيعرضها على القرآن الكريم فإن وافق عليها القرآن فعقيدته صحيحة، ويعرضها على السنة النبوية فإن وافقت السنة فهي صحيحة، فإن لم يوافق القرآن عليها ولا السنة فهي ضعيفة، وهو مريض، شفانا الله وإياه.

وهذه العقيدة أركانها التي تنبني وتعتمد عليها ستة أركان، وهي: الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره.

وكل ركن متوقف على الأركان التي بعده، فمن آمن بالله ولم يؤمن بملائكته فما آمن، ومن آمن بالله وملائكته ولم يؤمن بكتبه فما آمن، ومن آمن بالرسل ولم يؤمن بواحد منهم فما آمن، ومن آمن بالقضاء والقدر ولم يؤمن بحادثة حدثت بقضاء الله فما آمن، فالإيمان بمثابة الروح، وقد درسنا الأركان الخمسة، وها نحن في الركن الخامس وهو: الإيمان بالبعث (الآخرة)، بالدار الآخرة، بيوم القيامة، بالساعة، فهذه كلمات معناها واحد.

سر الإيمان بالدار الآخرة

وأذكركم بما علمتم من سر الإيمان بالدار الآخرة، وهو أن الذي لا يؤمن بها لا يمكنه أن يستقيم على منهج الله أبداً، أما الذي يؤمن باليوم الآخر وبالحساب والجزاء، فإنه يحاسب نفسه طول عمره، ويجتهد أن لا يخل أبداً بواجب يسقطه، أو يغشى محرماً يرتكبه؛ فلهذا من قوي إيمانه بلقاء الله، وبالوقوف بين يديه، وبالحساب والجزاء على عمله وكسبه، فهذا أهلٌ لأن يستقيم طول حياته، فلا يترك واجباً ولا يغشى محرماً. ومن تخلخلت عقيدته في هذا فهو يقوم ويقعد، يسمع ولا يسمع.

سر الحياة الدنيا

وعرفنا فيما فتح الله علينا جميعاً: ما السر في هذه الحياة، ولماذا أوجد الله هذه الحياة بما فيها؟

من من الفلاسفة يجيبنا؟

الجواب زادكم الله علماً: أراد الله تعالى أن يُذكر ويُشكر فأوجد العوالم كلها من الإنس والجن والملائكة، وأوجد هذه الأكوان من أجل أن يُذكر ويُشكر، فعلة الحياة كلها أن يُذكر الله تعالى فيها ويُشكر.

فمن هنا: من ترك ذكر الله ونسيه ولم يشكره على آلائه وإحسانه فهو بمثابة من نسف الكون كاملاً وخربه، فالذي لا يذكر الله ولا يشكره بمعنى لا يعبده، فالعبادة تدور على الذكر والشكر ولا تخرج عنه أبداً، فمن ترك عبادة الله فكأنما نسف الأكوان كلها فتبخرت وصارت سداماً وبخاراً؛ لأن الله ما خلقها إلا للذكر والشكر، فعطل ذلك، فجريمته إذن كمن نسف الكون كله، ومن هنا: يعذب أبداً فلا ينتهي عذابه؛ لأن جريمته ليست نسف قرية أو مدينة وإنما العالم بأكمله؛ لأن الحياة إنما وجدت من أجل أن يعبد الله تعالى بها، فمن عطل هذه العبادة كان جزاؤه الخلود في النار.

قد يقول القائل: كيف يعصي الله ثمانين سنة أو مائة وعشرين سنة ثم يعذب آلاف السنين؟

والجواب: ما عصى الله فقط، وإنما عطَّل الحياة كلها، فنسف حتى الجنة والنار ودمرهما، إذ ما خلق الله ذلك إلا لعباده الذاكرين الشاكرين، فجريمة من ترك عبادة الله جريمة لا تقابل أبداً ولا يمكن أن تقدر، فلا تقل أنه ما صلى أو ما ذكر الله ثمانين سنة، وذلكم لأن علة هذه الحياة هي ذكر الله وشكره.

علة الحياة الآخرة

والسؤال الثاني: ما علة الحياة الثانية؟ ولمَ أوجدها تعالى؟

والجواب: للجزاء على الذكر والشكر بدار النعيم هناك، فأوجد الله الجنة وما فيها من حور وقصور وعيون وما فيها من نعيم أبدي؟

أوجدها للعابدين الذاكرين الشاكرين.

لم أوجد عالم الشقاء جهنم؟ وقد عرفنا أن ما بين كتفي صاحب النار مسيرة ثلاثة أيام، وأن ضرسه كجبل أحد، فهو خلق غير هذا الخلق، تأكله النار مليارات السنين بلا نهاية أبداً، فمن هنا لا ننسى إذا سئلنا عن علة هذه الحياة أن نقول: من أجل أن يعبد الله فيها فقط، وعلة الحياة الثانية بما فيها من نعيم أو عذاب أن يجزي الله الذاكرين الشاكرين والتاركين الناسين الكافرين.

وأذكركم بما علمتم من سر الإيمان بالدار الآخرة، وهو أن الذي لا يؤمن بها لا يمكنه أن يستقيم على منهج الله أبداً، أما الذي يؤمن باليوم الآخر وبالحساب والجزاء، فإنه يحاسب نفسه طول عمره، ويجتهد أن لا يخل أبداً بواجب يسقطه، أو يغشى محرماً يرتكبه؛ فلهذا من قوي إيمانه بلقاء الله، وبالوقوف بين يديه، وبالحساب والجزاء على عمله وكسبه، فهذا أهلٌ لأن يستقيم طول حياته، فلا يترك واجباً ولا يغشى محرماً. ومن تخلخلت عقيدته في هذا فهو يقوم ويقعد، يسمع ولا يسمع.

وعرفنا فيما فتح الله علينا جميعاً: ما السر في هذه الحياة، ولماذا أوجد الله هذه الحياة بما فيها؟

من من الفلاسفة يجيبنا؟

الجواب زادكم الله علماً: أراد الله تعالى أن يُذكر ويُشكر فأوجد العوالم كلها من الإنس والجن والملائكة، وأوجد هذه الأكوان من أجل أن يُذكر ويُشكر، فعلة الحياة كلها أن يُذكر الله تعالى فيها ويُشكر.

فمن هنا: من ترك ذكر الله ونسيه ولم يشكره على آلائه وإحسانه فهو بمثابة من نسف الكون كاملاً وخربه، فالذي لا يذكر الله ولا يشكره بمعنى لا يعبده، فالعبادة تدور على الذكر والشكر ولا تخرج عنه أبداً، فمن ترك عبادة الله فكأنما نسف الأكوان كلها فتبخرت وصارت سداماً وبخاراً؛ لأن الله ما خلقها إلا للذكر والشكر، فعطل ذلك، فجريمته إذن كمن نسف الكون كله، ومن هنا: يعذب أبداً فلا ينتهي عذابه؛ لأن جريمته ليست نسف قرية أو مدينة وإنما العالم بأكمله؛ لأن الحياة إنما وجدت من أجل أن يعبد الله تعالى بها، فمن عطل هذه العبادة كان جزاؤه الخلود في النار.

قد يقول القائل: كيف يعصي الله ثمانين سنة أو مائة وعشرين سنة ثم يعذب آلاف السنين؟

والجواب: ما عصى الله فقط، وإنما عطَّل الحياة كلها، فنسف حتى الجنة والنار ودمرهما، إذ ما خلق الله ذلك إلا لعباده الذاكرين الشاكرين، فجريمة من ترك عبادة الله جريمة لا تقابل أبداً ولا يمكن أن تقدر، فلا تقل أنه ما صلى أو ما ذكر الله ثمانين سنة، وذلكم لأن علة هذه الحياة هي ذكر الله وشكره.

والسؤال الثاني: ما علة الحياة الثانية؟ ولمَ أوجدها تعالى؟

والجواب: للجزاء على الذكر والشكر بدار النعيم هناك، فأوجد الله الجنة وما فيها من حور وقصور وعيون وما فيها من نعيم أبدي؟

أوجدها للعابدين الذاكرين الشاكرين.

لم أوجد عالم الشقاء جهنم؟ وقد عرفنا أن ما بين كتفي صاحب النار مسيرة ثلاثة أيام، وأن ضرسه كجبل أحد، فهو خلق غير هذا الخلق، تأكله النار مليارات السنين بلا نهاية أبداً، فمن هنا لا ننسى إذا سئلنا عن علة هذه الحياة أن نقول: من أجل أن يعبد الله فيها فقط، وعلة الحياة الثانية بما فيها من نعيم أو عذاب أن يجزي الله الذاكرين الشاكرين والتاركين الناسين الكافرين.

عرفنا بالأدلة العقلية والنقلية: أن الدار الآخرة حق لا محالة، والآن مع جزء من الدار الآخرة وهو عذاب القبر ونعيمه:

فالحياة ثلاث: هذه الحياة الأولى. وحياة البرزخ الثانية. وحياة الدار الآخرة هي الثالثة. فما بين الحياة الأولى حياة العمل والحياة الثانية حياة الجزاء برزخ وحاجز بينهما، ألا وهو عذاب القبر ونعيمه.

معاشر المؤمنين والمؤمنات! هل هناك من يقول: أنا لن أموت؟ أو لن أقبر؟ إذاً: كيف تنفي عذاب القبر أو نعيمه وأنت والله لمقبل عليه طالت أيامك أو قصرت؛ لأن الله عز وجل جعل لهذه الحياة الدنيا أمداً محدوداً، فجعل الناس يولدون ويموتون ثم يحيون من جديد وهم في البرزخ؛ حتى تنتهي الدورة كاملة، فإذا ما بقي شيء بعثهم للجزاء الكامل في الدار الآخرة.

قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم وسائر المؤمنين: [يؤمن المسلم] والمسلم هو العبد الذي أسلم قلبه ووجهه لله: وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ [النساء:125]، فالمسلم الحق هو من أعطى قلبه لله فلا يفكر إلا في مراد الله، وأعطى وجهه لله فلا يرى في الكائنات إلا الله يعبده بالذكر والشكر [بأن نعيم القبر وعذابه وسؤال الملكين فيه حق وصدق] ما نتلقى خبر عن الله أو الرسول في خصوص القبر إلا وهو حق وصدق [وذلك للأدلة النقلية والعقلية التالية:].


استمع المزيد من الشيخ ابو بكر الجزائري - عنوان الحلقة اسٌتمع
سلسلة منهاج المسلم - (51) 4156 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (95) 4082 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (63) 3869 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (139) 3863 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (66) 3834 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (158) 3823 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (84) 3748 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (144) 3646 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (71) 3633 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (101) 3607 استماع