سلسلة منهاج المسلم - (157)


الحلقة مفرغة

الحمد لله؛ نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة؛ ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، ذلكم الكتاب الحاوي الجامع للشريعة الإسلامية بكاملها عقيدة وآداباً وأخلاقاً وعبادات وأحكاماً. وقد انتهى بنا الدرس إلى الأحكام، وها نحن مع حكم [الإقطاع] فما هو الإقطاع؟

تعريف الإقطاع

[أولاً: تعريفه: الإقطاع هو أن يقطع الحاكم من الأرض العامة التي ليست ملكاً لأحد قطعة ينتفع بها في زرع أو غرس أو بناء، استغلالاً أو تمليكاً] فالإقطاع هو أن يقتطع إمام المسلمين قطعة من الأرض العامة التي ليست ملكاً لأحد ينتفع بها، إما في زرع أو غرس أو بناء، استغلالاً فقط، أو من أجل التمليك أيضاً. هذا هو الإقطاع في دولة الإسلام.

حكم الإقطاع

[ثانياً: حكمه: الإقطاع جائز] أي: ليس بواجب ولا سنة ولا حرام ولا مكروه، وإنما هو جائز [لإمام المسلمين] يعني: الحاكم دون غيره من الناس [إذ قد أقطع النبي صلى الله عليه وسلم، وأقطع أبو بكر بعده، وعمر وغيرهما رضي الله عنهم أجمعين] ولولا الجواز لما أقطع أبو بكر ولا أقطع عمر أرضاً عامة يعطيها لأحد يعمرها بزراعة أو ببناء أو بما إلى ذلك.

[أولاً: تعريفه: الإقطاع هو أن يقطع الحاكم من الأرض العامة التي ليست ملكاً لأحد قطعة ينتفع بها في زرع أو غرس أو بناء، استغلالاً أو تمليكاً] فالإقطاع هو أن يقتطع إمام المسلمين قطعة من الأرض العامة التي ليست ملكاً لأحد ينتفع بها، إما في زرع أو غرس أو بناء، استغلالاً فقط، أو من أجل التمليك أيضاً. هذا هو الإقطاع في دولة الإسلام.

[ثانياً: حكمه: الإقطاع جائز] أي: ليس بواجب ولا سنة ولا حرام ولا مكروه، وإنما هو جائز [لإمام المسلمين] يعني: الحاكم دون غيره من الناس [إذ قد أقطع النبي صلى الله عليه وسلم، وأقطع أبو بكر بعده، وعمر وغيرهما رضي الله عنهم أجمعين] ولولا الجواز لما أقطع أبو بكر ولا أقطع عمر أرضاً عامة يعطيها لأحد يعمرها بزراعة أو ببناء أو بما إلى ذلك.

[ثالثاً: أحكامه]

أولاً: أن لا يقطع غير الإمام

[أولاً: أن لا يقطع غير الإمام؛ إذ ليس لأحد التصرف في الأملاك العامة غيره] والإمام هو الحاكم، أو الملك، أو السلطان؛ إذ ليس لأحد التصرف في الأملاك العامة غيره هو.

ثانياً: أن لا يقطع من يقطعه أكثر مما يقدر على إحيائه وتعميره

[ثانياً: أن لا يقطع من يقطعه أكثر مما يقدر على إحيائه وتعميره] فإذا أعطاك الملك، أو أعطاك الأمير قطعة أرض فلا يعطيك إلا بالقدر الذي تقوى على إحيائه، فتغرس فيه أو تبني فيه، فلا يعطيك منطقة يعطلها لك، ولكن يعطيك القطعة التي تناسبك، وتقوى على تعميرها وإحيائها. لا بد من هذا.

ثالثاً: من أقطعه الإمام أرضاً ثم عجز عن تعميرها استردها الإمام

[ثالثاً: من أقطعه الإمام أرضاً ثم عجز عن تعميرها، استردها الإمام منه محافظة على المصلحة العامة] فإذا أعطاك الملك قطعة أرض وعجزت عن تعميرها أو غرسها وعن الانتفاع بها، استردها منك، لا تبقى معطلة.

هذا هو الإسلام، وهذه هي الدولة الإسلامية وهذا نظامها، والله لا يوجد في العالم دولة كالإسلام أبداً في النظام والتخطيط، وكل ما سواه قوانين باطلة.

فمن أقطعه الإمام أرضاً ثم عجز عن تعميرها -ما استطاع- استردها الإمام، وأعطاها لغيره.

رابعاً: للإمام أن يقطع إقطاع إرفاق لمن شاء من الرعايا

[رابعاً: للإمام] أي: الحاكم [أن يقطع إقطاع إرفاق من شاء من الرعايا] لإمام المسلمين أن يقطع إقطاع إرفاق ليس تعميراً لمن شاء من الرعايا مثل [مجالس للبيع في الأسواق] يعطيه قطعة [والساحات العامة، والشوارع الواسعة] للإمام أن يعطيه ذلك رفقاً به [إن لم يحصل بذلك ضرر لعامة الناس] وإن حصل ضرر فلا يعطي هذا أبداً [ولا يملك المقطوع له ذلك] أي: لا يملك هذا الإقطاع ملكاً ولكن ينتفع به فقط عند حاجته [وإنما يكون أحق به من غيره فقط] فهو أحق بهذه القطعة، أعطاه الملك إياها في السوق أو في الشارع، على شرط أن لا يحدث بها ضرر أبداً لأحد.

والدليل: [لقوله صلى الله عليه وسلم: ( من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو أحق به )] أما إذا سبقه غيره فلا يجوز.

إذاً: للإمام أن يقطع إقطاع إرفاق -ليس تمليكاً- ورحمة لمن شاء من الرعايا، كمجالس للبيع في الأسواق، أو ساحة عامة، أو شوارع واسعة، على شرط: إن لم يحصل بذلك ضرر لعامة الناس، فإن أحدث ذلك ضرر يسلب ولا يعطى، ولا يملك المقطوع له ذلك، وإنما يكون أحق به من غيره فقط، والدليل: قوله صلى الله عليه وسلم: ( من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو أحق به ).

خامساً: ليس لمن أقطعه الإمام مجلساً أو سبق إليه بدون إقطاع أن يضر بأحد

[خامساً: ليس لمن أقطعه الإمام مجلساً، أو سبق إليه بدون إقطاع، أن يضر بأحد، بأن يحجب عنه النور، أو يحول بينه وبين المشترين أن يروا بضاعته المعروضة للبيع] فليس لمن أقطعه الإمام مجلساً -كما بينا في الأسواق أو في الشوارع- أو سبق إليه هو بدون إقطاع ونزل فيه، أن يضر بأحد من المؤمنين أي ضر، كأن يحجب عنه النور -يسد عليه الطريق والنور في بيته- أو يحول بينه وبين المشترين أن يروا بضاعته المعروضة للبيع.

[لقوله صلى الله عليه وسلم: ( لا ضرر ولا ضرار )] هذا نظام الإسلام: ( لا ضرر ولا ضرار )، لا تَضُر ولا تُضَر.

إذاً: ليس لمن أقطعه الإمام مجلساً، أو سبق إليه بدون إقطاع الإمام، أن يضر بأحد من المؤمنين، وكيف يضره؟ بأن يحجب عنه النور، أو يحول بينه وبين المشترين أن يروا بضاعته المعروضة للبيع، فإن حصل الضرر فلا يجوز أبداً، والدليل: قوله صلى الله عليه وسلم: ( لا ضرر ولا ضرار ).

[أولاً: أن لا يقطع غير الإمام؛ إذ ليس لأحد التصرف في الأملاك العامة غيره] والإمام هو الحاكم، أو الملك، أو السلطان؛ إذ ليس لأحد التصرف في الأملاك العامة غيره هو.

[ثانياً: أن لا يقطع من يقطعه أكثر مما يقدر على إحيائه وتعميره] فإذا أعطاك الملك، أو أعطاك الأمير قطعة أرض فلا يعطيك إلا بالقدر الذي تقوى على إحيائه، فتغرس فيه أو تبني فيه، فلا يعطيك منطقة يعطلها لك، ولكن يعطيك القطعة التي تناسبك، وتقوى على تعميرها وإحيائها. لا بد من هذا.