سلسلة منهاج المسلم - (148)


الحلقة مفرغة

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة.. ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب: (منهاج المسلم)، ذلكم الكتاب الحاوي -الجامع- للشريعة الإسلامية، عقائد وعبادات وآداب وأخلاق وأحكام، فالشريعة الإسلامية حواها هذا الكتاب، وأدلته قال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد انتهى بنا الدرس إلى المعاملات [ المادة الثالثة: في المساقاة والمزارعة ].

تعريف المساقاة

قال: [ أولاً: المساقاة: تعريفها: ] على الحقيقة [ المساقاة: هي إعطاء نخل أو شجر، أو نخل وشجر لمن يقوم بسقيه ] بالماء أو بالبئر أو بالوادي أو بالآلة [ وعمل سائر ما يحتاج إليه من خدمة ] كالتأبير وما إلى ذلك [ بجزءٍ معلوم ] النصف أو الربع أو الثلث [ من ثمره، وأن يكون مشاعاً فيه ] أي: ليس خاصاً بهذا النخل.

حكم المساقاة

[ ثانياً: حكمها: المساقاة جائزة ] أي: ليست ممنوعة ولا محرمة [ والأصل في جوازها عمله صلى الله عليه وسلم، وعمل خلفائه الراشدين من بعده ] فالجواز سببه عمل الرسول صلى الله عليه وسلم وعمل أصحابه [ فقد أخرج البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها ) (أي: من أرض خيبر) من زرع وثمر -والشطر: هو النصف- كما أمضى هذه المعاملة من بعده أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ] وهذا دليل جواز المساقاة.

قال: [ أولاً: المساقاة: تعريفها: ] على الحقيقة [ المساقاة: هي إعطاء نخل أو شجر، أو نخل وشجر لمن يقوم بسقيه ] بالماء أو بالبئر أو بالوادي أو بالآلة [ وعمل سائر ما يحتاج إليه من خدمة ] كالتأبير وما إلى ذلك [ بجزءٍ معلوم ] النصف أو الربع أو الثلث [ من ثمره، وأن يكون مشاعاً فيه ] أي: ليس خاصاً بهذا النخل.

[ ثانياً: حكمها: المساقاة جائزة ] أي: ليست ممنوعة ولا محرمة [ والأصل في جوازها عمله صلى الله عليه وسلم، وعمل خلفائه الراشدين من بعده ] فالجواز سببه عمل الرسول صلى الله عليه وسلم وعمل أصحابه [ فقد أخرج البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها ) (أي: من أرض خيبر) من زرع وثمر -والشطر: هو النصف- كما أمضى هذه المعاملة من بعده أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ] وهذا دليل جواز المساقاة.

[ ثالثاً: أحكامها ] إذا اختلت أحكامها فسدت وبطلت ولا تجوز.

أولاً: أن يكون النخل أو الشجر معلوماً عند إبرام العقد

[ أولاً: أن يكون النخل أو الشجر معلوماً عند إبرام العقد ] إذا عقد شخص عقد مساقاة فلا بد أن يرى النخل والشجر وأن تكون معلومة لديه، فلا يكون العقد على أمر غائب [ فلا تجري المساقاة في مجهول؛ خشية الغرر وهو حرام ] فلا بد وأن تجري المساقاة على شيء معلوم لدى العامل ولدى صاحب البستان.

ثانياً: أن يكون الجزء المعطى للعامل معلوماً

[ ثانياً: أن يكون الجزء المعطى للعامل معلوماً كربع أو خمس مثلاً ] أما أن يعطيه ولا يحدد له الكمية التي سيأخذها مع رضاه عليها فلا يجوز [ وأن يكون مشاعاً -أي:عاماً- في جميع النخل أو الشجر، إذ لو حصره في نخل أو شجر خاص ] أو قطعة من البستان معينة [ قد يثمر وقد لا يثمر ] خشية أن يعطيه نخلة لا تثمر شيئاً طوال العام [ وفي ذلك غرر يحرمه الإسلام ] ولا يرضاه ولا يقبله.

ثالثاً: على العامل أن يقوم بكل ما يلزم

[ ثالثاً: على العامل ] وهو الساقي أو الخادم [ أن يقوم بكل ما يلزم لإصلاح النخل أو الشجر مما جرى العرف أن يقوم به العامل في المساقاة ] إما بالتأبير وإما بغيره، فكل ما جرى العرف بعمله فعليه أن يعمله.

رابعاً: الحكم فيما إذا كان على الأرض المعطاة خراج أو ضريبة

[ رابعاً: إن كان على الأرض المعطاة مساقاة خراج أو ضريبة فهي على المالك دون العامل ] فالبستان أو الأرض التي عليها خراج سنوياً أو ضريبة، فالعامل لا يعطي أبداً، بل على صاحب البستان أن يعطي الضريبة أو الخراج، أما العامل فيأخذ نصيبه كما هو [ إذ الخراج أو الضريبة متعلق بالأصل بدليل أن الضريبة مدفوعة ولو لم تغرس الأرض ولم تزرع ] فالضريبة تدفع على الأرض ولو لم تزرع وتسقَ [ أما الزكاة فهي على من بلغ نصيبه من الثمر نصاباً ] سواء كان خمساً أو سدساً أو ربعاً، والنصاب هو خمسة أوسق، أي: قناطير [ سواء كان على العامل أو رب الأرض ] أي: صاحب البستان، فإذا بلغ النصاب وجبت الزكاة بخلاف الخراج والضريبة فإنهما على صاحب البستان أو الأرض، أما ما كان من الزكاة فيجب عليهما معاً، فكل من بلغ ما أخذه نصاب الزكاة وجب عليه أن يزكيه [ إذ الزكاة متعلقة بالثمرة نفسها ].

خامساً: حكم المساقاة في الأصول

[ خامساً: تجوز المساقاة في الأصول، كأن يدفع رجل لآخر أرضاً ليغرسها نخلاً أو شجراً، ويقوم بسقيه وإصلاحه إلى أن يثمر ] تمراً كان أو شعيراً أو براً [ على أن له الربع منه أو الثلث مثلاً، وأن يأخذ العامل نصيبه من الأرض والشجر معاً ] فيصبح مالكاً للأرض معه؛ لأنه غرسها وأنبتها.

سادساً: العامل إن عجز عن العمل بنفسه

[ سادساً: للعامل إن عجز عن العمل بنفسه له أن ينيب غيره ] أي: مرض العامل فأتى بأخيه ليقوم مقامه [ وله الثمرة المستحقة بالعقد ] أي: للعامل إن عجز عن العمل بنفسه أن ينيب غيره ممن شاء، وله الثمرة المستحقة بالعقد كالنصف أو الربع أو الثمن.

سابعاً: الحكم فيما لو هرب العامل قبل بدو الثمرة

[ سابعاً: إن هرب العامل قبل بدو الثمرة ] العامل اشتغل أياماً ثم هرب قبل أن تظهر الثمرة [ فلرب الأرض الفسخ ] أي: يفسخ العقد بينه وبين صاحبه [ وإن هرب بعد بدو الثمر ] أي: سقى وعمل حتى بدا الثمر [ أقام ] أي: صاحب الأرض [ من يتمم العمل بأجرة من نصيب العامل ] وليس من نصيب صاحب البستان، إذا هرب العامل أوتي بآخر ليتم العمل؛ لأنه بعد صلاح الثمار، فالأجرة من نصيب العامل، حتى لا يضيع البستان ولا تضيع الأرض.

ثامناً: الحكم فيما إذا مات العامل

[ ثامناً: إن مات العامل فلورثته أن ينيبوا غيره ] فالورثة ينيبون عنه [ وإن اتفق الطرفان على الفسخ ] فلا مانع [ فسخت المساقاة ] أي: إذا اتفق صاحب الأرض وورثة الميت على الفسخ فلهم أن يفسخوا هذه المساقاة.

[ أولاً: أن يكون النخل أو الشجر معلوماً عند إبرام العقد ] إذا عقد شخص عقد مساقاة فلا بد أن يرى النخل والشجر وأن تكون معلومة لديه، فلا يكون العقد على أمر غائب [ فلا تجري المساقاة في مجهول؛ خشية الغرر وهو حرام ] فلا بد وأن تجري المساقاة على شيء معلوم لدى العامل ولدى صاحب البستان.