سلسلة منهاج المسلم - (134)


الحلقة مفرغة

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، ذلكم الكتاب الحاوي للشريعة الإسلامية بكاملها عقيدة وآداباً وأخلاقاً وعبادات وأحكاماً، وها نحن مع [ المادة التاسعة: في الهدنة والمعاهدة والصلح ] فنحن ما زلنا في كتاب الجهاد، وها نحن في آخره [ أولاً: الهدنة: يجوز عقد الهدنة مع المحاربين ] الكافرين [ إذا كان في ذلك تحقيق مصلحة محققة للمسلمين ] فيجوز عقد الهدنة مع المحاربين بشرط: إذا كان في ذلك تحقيق مصلحة محققة للمسلمين، والدليل: [ فقد هادن النبي صلى الله عليه وسلم في حروبه كثيراً من المحاربين، ومن ذلك مهادنته ليهود المدينة عند نزوله بها، حتى نقضوها وغدروا به صلى الله عليه وسلم، فقاتلهم وأجلاهم عنها ] واليهود: بنو قريظة، وبنو النضير، وبنو قينقاع.

[ ثانياً: المعاهدة: يجوز عقد معاهدة عدم اعتداء وحسن جوار بين المسلمين وأعدائهم، إذا كان ذلك محققاً لمصلحة راجحة للمسلمين، فقد عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم المعاهدات وكان يقول: ( نفي لهم بعهدهم، ونستعين الله عليهم ) ] أي: نفي لهم بعهدهم ولا نخونهم، ونستعين الله عليهم إذا خانوا وغدروا [ قال تعالى ] في تقرير جواز المعاهدة: [ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ [التوبة:7] ] فنستقيم لهم، فإذا اعوجوا فالله ينصرنا عليهم [ وحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل المعاهد، فقال: ( من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة ) ] وهيا نحفظ هذا الحديث، ( من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة ). وقوله: (لم يرح) أي: لم يشم، (رائحة الجنة). ومعنى هذا: أنه يحرم قتل المعاهد، فما دمنا عاهدناه وعاهدنا فلا يقتل [وقال صلى الله عليه وسلم: (إني لا أخيس بالعهد ولا أحبس البُرد)] فقوله: (لا أخيس بالعهد) أي: لا أنقض العهد، من قوله: أخاس به يخيس به إذا نقضه. والبُرد جمع بريد، وهم الرسل الذين تبعثهم دولهم لحاجات عندنا، فلا نحبسهم، كما كانوا يرسلون إلى النبي صلى الله عليه وسلم رسلهم، فالبريد لا يحبس أبداً ما دام جاء برسالة، فإذا قدمها قيل له: عد إلى بلادك.

[ ثالثاً: الصلح: يجوز للمسلمين أن يصالحوا من أعدائهم من شاءوا، ولكن إذا اضطروا إلى ذلك ] وألجئوا [ وكان الصلح يحقق لهم فوائد لم يحصلوا عليها بدونه؛ فقد صالح النبي صلى الله عليه وسلم أهل مكة صلح الحديبية ] عشر سنوات [ كما صالح أهل نجران على أموالهم يؤدونها، وصالح أهل البحرين على أن يدفعوا له جزية معينة، وصالح أكيدر دومة فحقن دمه على أن يدفع الجزية ] فإذا كان الصلح بيننا وبين الدولة الكافرة يحقق أهدافاً حقيقية لنا فلا بأس به، وهو جائز.

[ المادة العاشرة: في قسمة الغنائم والفيء والخراج والجزية والنفل ] وهذه خمسة أموال تقسم.

أولاً: الغنائم

[ أولاً: قسمة الغنائم: الغنيمة هي المال الذي يملك في دار الحرب ] التي قاتلنا أهلها، فذاك يسمى غنيمة [ وحكمه: أن يخمس ] أي: يقسم خمسة أقسام [ فيأخذ الإمام خمسه، فيتصرف فيه بالمصلحة للمسلمين، ويقسم الأربعة الأخماس الباقية على أفراد الجيش الذين حضروا المعركة، سواء من قاتل أو لم يقاتل ] فما دام حضر يعطى نصيبه؛ وذلك [ لقول عمر رضي الله عنه: الغنيمة لمن شهد الوقعة ] أي: لمن حضر، وسواء قاتل أو لم يقاتل [ فيعطى الفارس ثلاثة أسهم ] وهذه المسألة خلافية، والصواب فيها: يعطى الفارس سهمان لا ثلاثة أسهم [ والراجل ] يعطى [ سهماً واحداً ] وإن كان أبو حنيفة يقول: الفارس لا يعطى إلا سهماً واحداً، ولكن الصحيح أن الفارس الذي يقاتل على فرس يعطى سهماً له وسهماً لفرسه، والراجل الذي يمشي على رجليه فقط يعطى سهماً واحداً، فيعطى الفارس سهمين، سهماً له وسهماً لفرسه؛ لأنه ينفق على فرسه، والقتال عليه أقوى وأصلح، والراجل الذي يمشي على رجليه سهماً واحداً [ قال تعالى: وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ [الأنفال:41] ] فالخمس لله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل، والرسول كان يوزع هذا على أهل بيته وعلى من ذكر تعالى هنا من الفقراء والمساكين واليتامى وابن السبيل، والسلطان يحل محل النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا كانت غنيمة فيأخذ السلطان الخمس ليوزعه كما بين تعالى، وأربعة أخماس على المقاتلين المجاهدين كما في نص الآية: وَاعْلَمُوا [الأنفال:41] معشر المسلمين! أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ [الأنفال:41] قل أو كثر فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ [الأنفال:41] وأربعة أخماس للمجاهدين.

[ تنبيه: يشارك الجيش سراياه في الغنيمة، وإذا أرسل الإمام سرية من الجيش فغنمت شيئاً فإنه يقسم على سائر أفراد الجيش، ولا تختص به السرية وحدها ] فلو أن سرية بعثها القائد فغنمت فإن هذا المال يقسم على الجيش، ولو أن السرية ما شهدت هذا وإنما ذهبت فيقسم لها أيضاً معهم.

ثانياً: الفيء

[ ثانياً: الفيء ] من فاء يفيء إذا جاء ورجع ووجد [ الفيء هو: ما تركه الكفار والمحاربون من أموال وهربوا عليه قبل أن يداهموا ويقاتلوا ] فالفيء: ما فاء وتركه الكفار المحاربون من أموال وهربوا قبل القتال، فإذا تركوا أموالهم وهربوا قبل أن يقاتلوا، فهذا يسمى الفيء.

[ وحكمه: أن الإمام يتصرف فيه بالمصلحة الخاصة والعامة للمسلمين كالخمس من الغنائم ] فيصرف لأهل البيت والفقراء والمساكين واليتامى وغيرهم؛ لأن هذا فيء أفاء الله به على الرسول والمؤمنين؛ لأننا ما قاتلنا المشركين حتى ظفرنا بهذا وحصلنا عليه [ قال تعالى: مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ [الحشر:7] ] فالمال يتداول بين الأغنياء ولا يعطى المؤمنون إلا إذا غنموا، وأما إذا استسلمت دولة وقدمت أموالها أو هربت وتركتها فهذا لإمام المسلمين يقسمه كما قسمه الله تعالى. هذا هو الفيء. فبنو النضير هربوا وتركوا أموالهم، وما قاتلهم الرسول، فعاد هذا الفيء إلى رسول الله وقسمه، ولم يعط للمجاهدين منه، كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ [الحشر:7]، أي: متداولاً بين الأغنياء دائماً وأبداً.

ثالثاً: الخراج

[ ثالثاً: الخراج: الخراج: هو ما يضرب على الأرض التي احتلها المسلمون عنوة ] أي: بشدة وقوة وضريبة عليها [ فإن الإمام مخير عند احتلاله أرضاً بالقوة بين أن يقسمها بين المقاتلين وبين أن يوقفها على المسلمين ] وقفاً عاماً [ ويضرب على من هي تحت يده ] يتصرف فيها [ من مسلم وذمي خراجاً ] أي: غرامة [ سنوياً ] مستمراً [ ينفق بعد جبايته في صالح المسلمين ] العام [ كما فعل عمر رضي الله عنه فيما فتحه من أرض الشام والعراق ومصر ( في الصحيح).

تنبيه: لو صالح الإمام العدو على خراج معين من أرضهم ] مصالحة [ ثم أسلم أهل تلك الأرض ] التي صالحوا عليها [ فإن الخراج يسقط عنهم لمجرد إسلامهم، بخلاف ما ] لو [ فتح عنوة ] أي: بالقوة [ فإنه وإن أسلم أهله فيما بعد يستمر مضروباً على تلك الأرض ] فيدفعون الجزية أو ذلك الخراج.

رابعاً: الجزية

[ رابعاً: الجزية: الجزية: ضريبة مالية تؤخذ من أهل الذمة ] الذين هم تحت ذمتنا ورايتنا [ نهاية الحول ] كل سنة، فعندما ينتهي العام تؤخذ منهم [ وقدرها ممن فتحت بلادهم بالقوة أربعة دنانير ذهب ] سنوياً [ أو أربعون درهماً فضة، تؤخذ من الرجال البالغين دون الأطفال والنساء، وتسقط أيضاً عن الفقير المعدم والعاجز عن الكسب من مريض وشيخ هرم ] فلا تؤخذ إلا من الشبيبة والرجال [ أما أهل الصلح فيؤخذ منهم ما صالحوا عليه ] فالجزية هذه تؤخذ من البلد التي فتحناها عنوة، وأما المصالحة فهم على صلحهم [ وبإسلامهم تسقط عنهم كافة، وحكم الجزية أنها تصرف في المصالح العامة، والأصل فيها قوله تعالى: قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ [التوبة:29] ] أذلة، فالجزية في كتاب الله عز وجل.

خامساً: النفل

[ خامساً: النفل ] وهو الزيادة عن الواجب [ النفل: ما يجعله الإمام لمن طلب إليه القيام بمهمة حربية فيعطيهم زيادة على سهامهم شيئاً من الغنيمة ] مثل أن يقول الإمام للجيش: من يأتينا بكذا، أو من يصل إلى كذا فيفعل فيعطيه زيادة على سهمه ربع السهم أو ثلثه، والنفْل أو النفَل محرك ومسكن [ بعد إخراج خمسها ] فيعطون من الباقي [ على ألا يزيد هذا النفل على الربع ] من نصيبه الذي كان يأخذه [ إذا كان إرسالهم عند دخول أرض العدو، ولا على الثلث إن كان بعد رجوعهم منها ] فيعطيهم الثلث؛ لأنهم رجعوا بعد رجوعهم من القتال، والربع إذا أرسلهم قبل القتال، أي: ربع السهم الذي يعطاه؛ [ لقول حبيب بن مسلمة : ( شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم نفل الربع في البداية، والثلث في الرجعة ) ] وعمل بهذا مالك ، ورجحه الإمام ابن تيمية وغيره.

[ أولاً: قسمة الغنائم: الغنيمة هي المال الذي يملك في دار الحرب ] التي قاتلنا أهلها، فذاك يسمى غنيمة [ وحكمه: أن يخمس ] أي: يقسم خمسة أقسام [ فيأخذ الإمام خمسه، فيتصرف فيه بالمصلحة للمسلمين، ويقسم الأربعة الأخماس الباقية على أفراد الجيش الذين حضروا المعركة، سواء من قاتل أو لم يقاتل ] فما دام حضر يعطى نصيبه؛ وذلك [ لقول عمر رضي الله عنه: الغنيمة لمن شهد الوقعة ] أي: لمن حضر، وسواء قاتل أو لم يقاتل [ فيعطى الفارس ثلاثة أسهم ] وهذه المسألة خلافية، والصواب فيها: يعطى الفارس سهمان لا ثلاثة أسهم [ والراجل ] يعطى [ سهماً واحداً ] وإن كان أبو حنيفة يقول: الفارس لا يعطى إلا سهماً واحداً، ولكن الصحيح أن الفارس الذي يقاتل على فرس يعطى سهماً له وسهماً لفرسه، والراجل الذي يمشي على رجليه فقط يعطى سهماً واحداً، فيعطى الفارس سهمين، سهماً له وسهماً لفرسه؛ لأنه ينفق على فرسه، والقتال عليه أقوى وأصلح، والراجل الذي يمشي على رجليه سهماً واحداً [ قال تعالى: وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ [الأنفال:41] ] فالخمس لله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل، والرسول كان يوزع هذا على أهل بيته وعلى من ذكر تعالى هنا من الفقراء والمساكين واليتامى وابن السبيل، والسلطان يحل محل النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا كانت غنيمة فيأخذ السلطان الخمس ليوزعه كما بين تعالى، وأربعة أخماس على المقاتلين المجاهدين كما في نص الآية: وَاعْلَمُوا [الأنفال:41] معشر المسلمين! أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ [الأنفال:41] قل أو كثر فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ [الأنفال:41] وأربعة أخماس للمجاهدين.

[ تنبيه: يشارك الجيش سراياه في الغنيمة، وإذا أرسل الإمام سرية من الجيش فغنمت شيئاً فإنه يقسم على سائر أفراد الجيش، ولا تختص به السرية وحدها ] فلو أن سرية بعثها القائد فغنمت فإن هذا المال يقسم على الجيش، ولو أن السرية ما شهدت هذا وإنما ذهبت فيقسم لها أيضاً معهم.

[ ثانياً: الفيء ] من فاء يفيء إذا جاء ورجع ووجد [ الفيء هو: ما تركه الكفار والمحاربون من أموال وهربوا عليه قبل أن يداهموا ويقاتلوا ] فالفيء: ما فاء وتركه الكفار المحاربون من أموال وهربوا قبل القتال، فإذا تركوا أموالهم وهربوا قبل أن يقاتلوا، فهذا يسمى الفيء.

[ وحكمه: أن الإمام يتصرف فيه بالمصلحة الخاصة والعامة للمسلمين كالخمس من الغنائم ] فيصرف لأهل البيت والفقراء والمساكين واليتامى وغيرهم؛ لأن هذا فيء أفاء الله به على الرسول والمؤمنين؛ لأننا ما قاتلنا المشركين حتى ظفرنا بهذا وحصلنا عليه [ قال تعالى: مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ [الحشر:7] ] فالمال يتداول بين الأغنياء ولا يعطى المؤمنون إلا إذا غنموا، وأما إذا استسلمت دولة وقدمت أموالها أو هربت وتركتها فهذا لإمام المسلمين يقسمه كما قسمه الله تعالى. هذا هو الفيء. فبنو النضير هربوا وتركوا أموالهم، وما قاتلهم الرسول، فعاد هذا الفيء إلى رسول الله وقسمه، ولم يعط للمجاهدين منه، كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ [الحشر:7]، أي: متداولاً بين الأغنياء دائماً وأبداً.