خطب ومحاضرات
سلسلة منهاج المسلم - (132)
الحلقة مفرغة
الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة؛ ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، ذلكم الكتاب الحاوي للشريعة الإسلامية بأدلته القرآنية والنبوية ولم يخرج عن مذاهب الأمة، هذا الكتاب نفع الله به، وها نحن ندرسه، والله تعالى ندعو أن ينفعنا بما ندرس، وها نحن مع الجهاد، وعرفنا أن الجهاد جهاد النفس والشيطان وجهاد الكفار، والآن مع آداب الجهاد، فللجهاد آداب لابد من مراعاتها وتطبيقها والعمل بها [المادة السابعة: في آداب الجهاد: للجهاد آداب تجب مراعاتها، فإنها عوامل النصر فيه، وهي: ]
أولاً: عدم إفشاء سر الجيش وخططه الحربية
إذاً: من آداب الجهاد: عدم إفشاء سر الجيش وخططه، فرسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يغزو غزوة ما في الشرق يتجه نحو الغرب؛ تعمية لأعين المنافقين الذين يفشون الأسرار.
ثانياً: استعمال الرموز والشعارات والإشارات بين أفراد الجيش
ثالثاً: الصمت عند خوض المعركة
رابعاً: اختيار الأماكن الصالحة للقتال
فلابد من هذه كلها: اختيار الأماكن الصالحة للقتال، فإذا كان واد فيه شعاب مثلاً فلا يصلح، لا بد من مكان يصلح للقتال، ومن ثم ترتيب المقاتلين، واختيار الزمن المناسب لشن الهجوم على العدو [إذ كان صلى الله عليه وسلم من هديه في الحروب اختيار المكان والزمان لشن المعارك] هذه تعاليم رسول الله صلى الله عليه وسلم اختيار الزمان والمكان لشن المعركة؛ حتى لا يقعوا في مكان لا يناسبهم، فاختيار الأماكن الصالحة للقتال، وترتيب المقاتلين وتنظيمهم، واختيار الزمن المناسب لشن الهجوم على العدو ليلاً أو نهاراً من هديه صلى الله عليه وسلم في الحرب قبل شن المعركة.
خامساً: دعوة الكفار إلى الإسلام قبل إعلان الحرب عليهم أو مهاجمتهم
من آداب الجهاد: دعوة الكفار قبل إعلان الحرب عليهم أو مهاجمتهم، أولاً: دعوتهم إلى الإسلام أو الاستسلام للمسلمين بدفع الجزية والخضوع لدولتهم، فإن أبوا فالقتال، والدليل أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا بعث أميراً على سرية من السرايا أو جيش أوصاه بهذه الثلاث، والسرية أقل من الجيش، فالسرية: ما يسري بها صاحبها في الليل، والجيش أعظم. هذه وصية الرسول صلى الله عليه وسلم، وهكذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه يفعلون، والآن من كان حاكماً أو ملكاً عليه أن يوصي قادته بذلك.
سادساً: عدم السرقة من الغنائم
فلا يحل للمجاهد أن يخفي خاتماً -فقط- في يد كافر بعد موته، ولا يحل قتل النساء والأطفال الصغار والشيوخ الكبار، والرهبان؛ بشرط عدم مشاركتهم في القتال، أما إذا شاركوا ودخلوا فإنهم يقتلون، والعادة جارية أن الصبيان والشيوخ الكبار والنساء لا يقاتلون، وأما الرهبان فمنقطعين للتعبد، لكن إن حدث أن راهباً لبس لباس الجيش ودخل ثم قال: أنا راهب! فإنه يقتل [فإن قاتلوا قتلوا] أطفالاً كانوا أو نساءً أو رهباناً أو شيوخاً [لقوله صلى الله عليه وسلم لأمرائه] الذين يؤمرهم ويبعثهم للجهاد [( انطلقوا باسم الله، وبالله وعلى ملة رسول الله )] أي: انطلقوا أيها المجاهدون! باسم الله، فلا تقاتلون باسم أحد، وبالله، أي: مستنصرين طالبين للنصر من الله لا من غيره، وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم [( ولا تقتلوا شيخاً فانياً، ولا طفلاً ولا صغيراً، ولا امرأة، ولا تغلوا، وضموا غنائمكم وأصلحوا وأحسنوا إن الله يحب المحسنين )] هذه تعاليم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.
كان صلى الله عليه وسلم يقول لأمرائه الذين يؤمرهم على القتال: ( انطلقوا باسم الله، وبالله، وعلى ملة رسول الله، ولا تقتلوا شيخاً فانياً ولا طفلاً ولا صغيراً ولا امرأة ) ثم يقول: ( ولا تغلوا ) أي: لا تسرقوا من الغنيمة وتخفوها قبل قسمتها، أن يسرق المجاهد شيئاً فلا يجوز، ( وضموا غنائمكم وأصلحوا وأحسنوا إن الله يحب المحسنين ).
سابعاً: عدم الغدر بمن أجاره مسلم وأمنه على حياته
أيما كافر دخل في بلادنا وقال: أجيروني، أي: من يحفظني؟ فقال فلان من الناس: أنا! أصبح في ذمة هذا المسلم ولا يحل للمؤمنين أن يقتلوه [لقوله صلى الله عليه وسلم: ( لا تغدروا )] والغدر هو الخداع [وقوله: ( إن الغادر ينصب له لواء يوم القيامة، فيقال: هذه غدرة فلان ابن فلان )] الغادر هو الخادع، يوضع له راية في ظهره بين الناس يوم القيامة، ويقال: هذه غدرة فلان ابن فلان -والعياذ بالله-.
وقد أمّنت أم هانئ أحد المشركين، فجاء علي يريد أن يقتله فصاحت وذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لها: ( قد أجرنا من أجرت يا
ثامناً: عدم إحراق العدو بالنار
تاسعاً: عدم المثلة بالقتلى
عاشراً: الدعاء بالنصر على الأعداء
كان صلى الله عليه وسلم يقول بعد التعبئة للمعركة وتهيئة الرجال وصفهم، وقبل أن يدخل يقول: ( اللهم ) أي: يا ألله ( منزل الكتاب ) أي: القرآن ( ومجري السحاب ) من مكان إلى مكان ( وهازم الأحزاب ) هزمهم الله شر هزيمة ( اهزمهم وانصرنا عليهم )، هذه الدعوة يستعملها المجاهدون إلى يوم القيامة، عندما تصف الصفوف قبل إطلاق النار [وقوله صلى الله عليه وسلم: ( ثنتان لا تردان أو قلما تردان )] أي: دعوتان لا تردان أو قلما تردان [( الدعاء عند النداء )] الدعاء عند الأذان لا يرد [(وعند البأس )] إذا بدأت المعركة وقبل أن ندخلها ندعو الله عز وجل [(حتى يلحم بعضهم بعضاً )]. هذه عشرة آداب أحق الناس بها الجند، فيجب عليهم أن يعرفوا هذه الآداب، وكذلك أمراؤهم ومسئوليهم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
[أولاً: عدم إفشاء سر الجيش وخططه الحربية] من الآداب في الجهاد: منع إفشاء سر الجيش، وخطط المجاهدين، فلا يطلع عليها أحد [فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد الخروج إلى غزوة ما ورّى بغيرها كما ورد في الصحيح] فإذا أراد جدة ورى بغيرها كأن يسلك طريقاً غير الطريق التي تؤدي إلى جدة -مثلاً- أو أراد خيبر ورى بجدة -مثلاً- تعمية على المنافقين الذين يبلغون الأخبار للكفار؛ حتى لا يبلغوا العدو، فيستعد للقتال أو كذا.
إذاً: من آداب الجهاد: عدم إفشاء سر الجيش وخططه، فرسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يغزو غزوة ما في الشرق يتجه نحو الغرب؛ تعمية لأعين المنافقين الذين يفشون الأسرار.
[ثانياً: استعمال الرموز والشعارات والإشارات بين أفراد الجيش] إن كان في الجيش ألف أو ألفان أو مائة ألف استعملوا الرموز والشعارات والإشارات بين أفراد الجيش؛ كل هذا حفاظاً على هذه القوة، حتى لا تنهزم أو تنكسر [ليعرف بها بعضهم بعضاً في حال اختلاطهم بالعدو أو قربهم من مكانه] إذا اشتبكنا مع عدونا ونحن ألف وهم ألف كيف نعرف المؤمنين من الكافرين واللباس واحد؟ يكون ذلك بالرموز والإشارات التي لا يعرفها إلا الجيش ، أما مع عدم الاختلاط فلا، والدليل لهذه القضية: [فقد قال صلى الله عليه وسلم: (إن بيتكم العدو)] يعني تواعدوا على أن يغزونكم [( قولوا: حم لا ينصرون )] هذا رمز وإشارة بين المسلمين ليعرف بعضهم بعضاً [وكان شعار سرية غزت مع أبي بكر أمِت أمِت] هذا شعار ورمز يعرفونه ولا يعرفه العدو.
استمع المزيد من الشيخ ابو بكر الجزائري - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
سلسلة منهاج المسلم - (51) | 4156 استماع |
سلسلة منهاج المسلم - (95) | 4082 استماع |
سلسلة منهاج المسلم - (63) | 3869 استماع |
سلسلة منهاج المسلم - (139) | 3863 استماع |
سلسلة منهاج المسلم - (66) | 3834 استماع |
سلسلة منهاج المسلم - (158) | 3823 استماع |
سلسلة منهاج المسلم - (84) | 3748 استماع |
سلسلة منهاج المسلم - (144) | 3646 استماع |
سلسلة منهاج المسلم - (71) | 3633 استماع |
سلسلة منهاج المسلم - (101) | 3607 استماع |