فتاوى نور على الدرب [699]


الحلقة مفرغة

السؤال: ما حكم الإسبال الذي عم بين الكثير من الناس؟ وما هو ضابطه؟ وهل هو مقيد بالخيلاء؟

الجواب: الإسبال هو أن يكون الثوب أو السروال أو المشلح نازلاً عن الكعب في حق الرجال، وهو محرم بل من كبائر الذنوب؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيما رواه مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه: ( ثلاثةٌ لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذابٌ أليم، قالوا: خابوا وخسروا، من هم يا رسول الله؟ قال: المسبل، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب )، المسبل هو من نزل ثوبه من سروال أو إزار أو قميص أو مشلح عن الكعبين.

والمنان هو الذي يمن بما فعل من المعروف لغيره، فتجده يمن عليه، ويذكره بما فعل فيه من معروف، أو إذا دعاه قال: لا والله أنا مشغول، لكن أنت غالٍ عندي، وما أشبه ذلك مما يمن به على الغير، والمنان صيغة مبالغة تقتضي أنه كثير المن فيما يأتي به من معروف.

أما المنفق سلعته بالحلف الكاذب، فهو الذي يحلف في بيعه وشرائه من أجل زيادة الثمن وهو كاذب، بأن يقول: والله قد اشتريتها بمائة، وقد اشتراها بثمانين، أو يصفها بصفةٍ ليست فيها من أجل أن يزيد الثمن.

الشاهد في هذا الحديث هو قوله: المسبل. وظاهر الحديث الإطلاق، سواءٌ أسبل بخيلاء أم لا، وإنما حددناه بالكعبين؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( ما أسفل من الكعبين ففي النار )، أما ما كان فوق الكعبين فلا يضر، وقد يقال: إن النازل عن الكعبين ينقسم إلى قسمين:

الأول: أن يجر ثوبه خيلاء، فهذا هو الذي فيه الوعيد الشديد، أن الله لا ينظر إليه، ولا يزكيه، وله عذابٌ أليم، وعلى هذا فيكون حديث أبي ذر مقيداً بالحديث الذي يدل على أن المراد من فعل ذلك خيلاء.

والثاني: من نزل ثوبه عن كعبيه بلا خيلاء، فإن عقوبته دون ذلك، وهو أنه يعذب في النار بحسب ما نزل من ثوبه عن كعبيه، وهذا عذابٌ جزئي، ولا تستغرب أن يكون العذاب جزئياً، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال حين جعل بعض الصحابة يغسل رجليه، دون عقبيه، نادى بأعلى صوته: ( ويلٌ للأعقاب من النار ).

وخلاصة الجواب: أن من أسبل ثوبه خيلاء فله هذا الوعيد الذي في حديث أبي ذر : أن الله لا يكلمه يوم القيامة، ولا ينظر إليه، ولا يزكيه، وله عذابٌ أليم، وإذا كان غير خيلاء فإنه متوعد عليه بالنار، لكنه وعيدٌ جزئي فيما حصلت فيه المخالفة فقط.

السؤال: هل يجوز للمرتهن أن يستفيد من الرهن، كأن تكون مزرعة يقوم بإصلاحها المرتهن، فهل يجوز له أن يأخذ ما يخرج منها دون أن يعطي الراهن شيئاً؟

الجواب: لا يجوز ذلك؛ والذي أذن فيه هو المركوب والمحلوب، فقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( الدر يشرب بنفقته إذا كان مرهوناً، والظهر يركب بنفقته إذا كان مرهوناً )، يعني: اللبن إذا أخذ المرتهن البقرة، أو الشاة، وأنفق عليها، فإنه له أن يشرب اللبن، لكن بقدر النفقة، فلو قدر أن اللبن قيمته أكثر من النفقة، فالقيمة محفوظة للراهن، مثال ذلك: أنفق عليها كل يوم عشرة، لكنه يبيع من لبنها كل يومٍ بعشرين، فالعشرة الزائدة تحفظ للراهن، وتكون رهناً تبعاً لأصلها، كذلك الظهر الذي يركب، البعير والحمار يركب بنفقته إذا كان مرهوناً -أي: بقدرها- وأما ما سوى ذلك فإن النماء يكون تبعاً للراهن، أي: يكون ملكاً للراهن، لكنه يتبع الرهن في كونه مرتهناً عند المرتهن.

السؤال: فتاة تريد الزواج بابن عمها، ولكن إخوان هذه الفتاة قد رضعوا من أم هذا الشاب التي تريد الزواج منه هذه المرأة، فهل تحل له أم تحرم، أفيدونا بذلك؟

الجواب: من هذا السؤال يتبين أن الرجل الذي يريد المرأة لم يرتضع من أمها، وأنها هي لم ترتضع من أمه، وعلى هذا فلا أخوة بينها وبين الرجل، فيحل له أن يتزوجها.

السؤال: شاب متحصل على شهادة الدبلوم المتوسط، والمشكلة أنه في امتحان الشهادة قام بالغش في الامتحان، يقول: أنا غير مقدر لعواقب الفعل هذا، والسؤال: هل المرتب الذي سأحصل عليه عندما أشتغل بهذه الشهادة حلال أم حرام، أم أنه يكفيني أن أتوب إلى الله من فعلي هذا ولا إثم علي؟

الجواب: جوابي على هذا أني متوقفٌ في هذه المسألة، وذلك لأنه إنما استحق الراتب على قدر الشهادة، والحقيقة أن هذه الشهادة مزيفة، لكن هنا طريق وهو أن يطلب إعادة الامتحان فيما غش فيه، فإذا نجح فيه زال الإشكال.

السؤال: والدي متوفى، وأنا إذا بنيت له مسجداً وقلت: يا رب! هذا المسجد لوالدي المتوفى، هل يكون له صدقة جارية؟

الجواب: نعم يكون له صدقةٌ جارية، لكنه ليس هو الذي أنشأها، بل الذي أنشأها أنت، فما دام هذا المسجد يصلى فيه، وينتفع فيه، فأجره لأبيك، ولكنني سأدلك على خير من هذا، وهو أن تدعو لأبيك، وأن تجعل الأعمال الصالحة لك؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث؛ صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له )، والمراد بالصدقة الجارية الصدقة التي أنشأها الميت قبل أن يموت، وأما الولد فلم يقل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: أو ولدٌ صالحٌ يتصدق له، إنما قال: صالح يدعو له، فأرشد صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى الدعاء دون العمل، فالذي أشير به على هذا الأخ وعلى من يسأل سؤاله، أن يدعو للميت، ويكثر من الدعاء له، وأما الأعمال الصالحة فيختصها لنفسه.

السؤال: عندي سيارة أجرة، وهي مصدر رزقي، وليس عندي مصدر عمل آخر، فهل أخرج زكاة لهذه السيارة وكيف؟

الجواب: هذه السيارة ليس فيها زكاة؛ لأنها معدةٌ للأجرة لا للتجارة، ومثلها العقارات، لو كان لدى الإنسان عقارات كثيرة تساوي ملايين ولكنه لا يريد بيعها وإنما يريد استغلالها، فليس فيها زكاة، إنما الزكاة في أجرتها حسب الشروط المعروفة عند أهل العلم؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة ).

السؤال: والدي كثير اللعن لنا ولوالدتي عندما يغضب، حتى إنه يلعن جميع أغراضه إذا سقطت منه، حتى الكلام إذا لم يتمكن من النطق جيداً لعن، وإذا نصحناه يثور ويزعل ويدعو علينا، يقول: تنصحونني وأنا والدكم، وأعرف أكثر منكم، أرجو النصح والتوجيه لوالدنا؟

الجواب: إن المؤمن ليس بالطعان ولا باللعان، واللعانون لا يكونون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة، وإن نصيحتي لهذا الأب أن يتقي الله عز وجل، وأن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم إذا أحس بالغضب حتى يزول عنه، وليعلم أنه إذا لعن من ليس أهلاً للعنة عادت اللعنة عليه والعياذ بالله، وليعلم أن معنى اللعن هو الطرد والإبعاد عن رحمة الله تعالى، فليتق الله في نفسه، أما بالنسبة لكم، فإذا رأيتم أنه لا يزداد بالنصيحة إلا تمادياً في ما هو عليه، فلا فائدة في النصيحة، لكن اسألوا الله له الهداية، وإذا رأيتموه في يومٍ من الأيام هادئاً مستأنساً منشرح الصدر، فتكلموا معه على وجهٍ لا يؤدي إلى ثورته.

السؤال: أريد أن أحفظ القرآن في المدرسة الخاصة بتحفيظ القرآن، لكن ظروفي لا تسمح لي بذلك، أريد منكم الطريقة الصحيحة لحفظه في المنزل، وهل إذا حفظت القرآن بدون تجويد أو فهمٍ لمعانيه، هل فيه شيء؟

الجواب: الطريق إلى ذلك أن الإنسان يحفظ خمس آيات حتى يتقنها، ثم خمس آيات حتى يتقنها، ثم خمس آيات حتى يتقنها، فإذا أتم جزءاً كاملاً عاد فتعاهد ما حفظه حتى يعلم أنه لم ينسه، ثم يأخذ في الجزء الثاني كما أخذ في الجزء الأول حتى ينتهي من القرآن، ولا يشترط أن يكون بالتجويد، ولا أن يعرف معناه؛ والتجويد ما هو إلا تحسينٌ للفظ، وليس بواجب، والمعنى يمكنه بعد أن يكمل الحفظ ويكبر، أن يقرأ من التفاسير المأمونة الموثوقة ما ينتفع به.

السؤال: أنا أعلم بأن زيارة القبور للنساء محرمة ولا تجوز، ولكن إحدى الأخوات تقول: بأنني أريد أن أزور قبر أمي برفقة أبي، هل يجوز لها ذلك؟

الجواب: لا يجوز لها ذلك، لأن المرأة ممنوعةٌ من زيارة القبور، سواءٌ بنفسها أو مع محرمها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن زائرات القبور، وإذا كانت تريد أن تنفع أمها فلتدع الله لها، ومتى دعت الله في أي مكان، واستجاب الله دعاءها، فإن الأم سوف تنتفع بهذا الدعاء، نعم لو أن المرأة خرجت من بيتها لغير زيارة القبور، ثم مرت بالمقبرة، فلا بأس أن تقف وتسلم على أهل القبور بالسلام المعروف: السلام عليكم أهل دار قومٍ مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، يرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية، اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تفتنا بعدهم، واغفر لنا ولهم. وينصرف.

السؤال: هل يجوز للحائض أن تقرأ القرآن من التفسير لأنها تخاف أن تنسى ما حفظته إن لم تداوم على القراءة؟

الجواب: يجوز لها أن تقرأ القرآن من التفسير وغير التفسير، إذا كانت تخشى أن تنسى ما حفظته، فإن كان من التفسير لم يشترط أن تكون على طهارة، وإن كان من غير التفسير بأن يكون من المصحف، فلا بد أن تجعل بينها وبينه حائلاً من منديل أو قفاز أو نحوه؛ لأن المرأة الحائض ومن لم يكن على طهارة لا يحل له أن يمس المصحف.




استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة اسٌتمع
فتاوى نور على الدرب [707] 3916 استماع
فتاوى نور على الدرب [182] 3697 استماع
فتاوى نور على الدرب [460] 3649 استماع
فتاوى نور على الدرب [380] 3503 استماع
فتاوى نور على الدرب [221] 3499 استماع
فتاوى نور على الدرب [411] 3479 استماع
فتاوى نور على الدرب [21] 3447 استماع
فتاوى نور على الدرب [82] 3441 استماع
فتاوى نور على الدرب [348] 3421 استماع
فتاوى نور على الدرب [708] 3343 استماع