العدة شرح العمدة [68]


الحلقة مفرغة

قال: [ باب الشركة ].

تعريف الشركة هي: اجتماع في استحقاق أو تصرف.

مثال الاجتماع في الاستحقاق قوله تعالى: فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ [النساء:12]، يعني: إن كانوا أكثر من اثنين فهم شركاء في ثلث التركة توزع عليهم.

أيضاً: لو توفي زوج وترك أربع زوجات، وأنجب من كل واحدة أولاداً، فإن الزوجات الأربع شركاء في الثمن يوزع عليهن بالتساوي. هذه شركة استحقاق.

النوع الثاني من الشركات: التصرف، قال: [ وهي على أربعة أضرب ]، يعني: الشركات عنده أربعة أنواع، وهي خمس على الراجح.

شركة العنان

أولاً: شركة العنان: لماذا سميت بذلك لأننا حينما نطلق فرسين متساويين في الرهان والسباق وأحدهما يكون موازياً للآخر يقال: عنان هذا مساوٍ لهذا، كذلك الشركاء كلهم له نفس الحقوق والواجبات، شركة العنان يشترك فيها كل الأطراف بالمال والأبدان، فلو أعطيتني المال ولم تعمل ببدنك فليس عناناً؛ لأن العنان يشترط فيها أن تكون بالأموال والأبدان معاً.

إذاً: يشترط في شركة العنان أن تكون بالأموال والأبدان، والربح بين المشتركين بالتساوي على حسب الأسهم.

فأنا أتصرف في حدود سهمي باعتبار أنني مالك له، وأتصرف في سهم غيري باعتباري وكيلاً له، كذلك شريكي يتصرف في سهمه باعتباره ماله، ويتصرف في سهمي باعتباره وكيلاً لي، إذاً: لكل من الطرفين أن يتصرف في حقه باعتباره مالكاً، وفي حق شريكه باعتباره وكيلاً له.

وليس معنى التساوي أن يكون رأس مال هذا كرأس مال هذا، وربح هذا كربح هذا لا، بل المراد التساوي في الحقوق والواجبات.

قال: [ وهي جائزة بالإجماع. ذكره ابن المنذر ].

ابن المنذر يتساهل في مسائل الإجماع؛ لذا قالوا: لا يعتد بإجماع ابن المنذر ولا بتصحيح الحاكم ، ولا بوضع ابن الجوزي ، يعني: أنه للاستئناس ولا يعتبر به.

شروط شركة العنان

قال: [ وإنما اختلف في بعض شروطها، وسميت شركة العنان؛ لأنهما يتساويان في المال والتصرف، كالفارسين إذا سويا بين فرسيهما وتساويا في السير فإن عنانيهما يكونان سواء، ولا تصح إلا بشرطين:

أن يكون رأس المال دراهم أو دنانير ].

إذاً الشرط الأول: أن يكون رأس مال الشركة دراهم أو دنانير، وهذه هي العملة التي كانت في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، ويحل محلها اليوم أي عملة الجنيه أو الدولار.

وهل تجوز بالعروض؟ خلاف بين العلماء، والراجح أنها تجوز، ومعنى بالعروض: أنك معك عشرة آلاف جنيه، وأنا معي سيارة بعشرين ألف جنيه، دخلنا شركاء أنت برأس مالك النقدي وأنا بسيارتي، هل يجوز أم لا يجوز؟ قول المذهب: أنه لا يجوز، ولا بد أن تكون بالأموال، لكن الراجح أن تقوم العروض بالمال، فتدخل بقيمة السيارة شريكاً.

الشرط الثاني: [ أن يشترط لكل واحد منهما جزءاً من الربح مشاعاً معلوماً ].

شرطان لأي ربح: أن يكون مشاعاً أي: غير محدد بل متفرقاً في كل الشركة، ومعلوماً: ربحي وخسارتي أنا 40%، لكن الربح غير محدد، ومن هنا جاءت ربوية البنوك التجارية؛ لأنهم يحددون الربح سلفاً، يقولون لك: الربح كذا في المائة دون دراسة أو تحقيق لأرباح أو خسائر، أما العنان فأنت شريك في الربح والخسارة بنسبة كذا.

قال: [ الشرط الثاني: أن يشترط لكل واحد منهما جزءاً من الربح مشاعاً معلوماً، ولا خلاف في ذلك في المضاربة المحضة ].

المضاربة هي النوع الثاني من الشركات، فالعامل يشترط على رب المال ثلث الربح أو نصفه أو ما يتفقان عليه بعد أن يكون ذلك معلوماً، والمعنى: الاتفاق على نسبة ربح.

لكن ينتبه إلى أنه في شركات الشرع لا يجوز أن أتحمل خسارة أكثر من نصيبي في رأس المال، يعني: أنا دفعت عشرة وأنت دفعت خمسة، الربح على حسب ما نتفق، والخسارة ليست على حسب الاتفاق، لا. بل ينبغي ألا تزيد عن نصيبي في رأس المال.

حتى إذا اشترط علي شريكي أن أتحمل خسارة بمقدار أكبر لم يجز.

شركة الوجوه

القسم الثاني من الشركات: شركة الوجوه.

يعني: أنا وأنت لا نمتلك شيئاً من المال، ونريد أن نفتح معرضاً للسيارات، دخلنا على تجار السيارات، وأنت رجل وجيه أخذت عشر سيارات بالوجاهة، وأنا وجيه ذهبت إلى معرض آخر وأتيت بخمسة، وفتح المعرض بالوجاهة، ولذلك قال: [ وهو أن يشتركا فيما يشتريان بجاههما، وثقة التجار بهما، فما ربحا فهو بينهما؛ لأن مبناها على الوكالة والكفالة، لأن كل واحد منهما وكيل صاحبه فيما يشتريه ويبيعه كفيل عنه بذلك، والملك بينهما على ما شرطاه نصفين أو أثلاثاً أو أرباعاً، والوضيعة على قدر ملكيهما فيه، ويبيعان فما رزق الله تعالى فهو بينهما على ما شرطاه، فهو جائز، ويحتمل أن يكون على قدر ملكيهما.

وهما في جميع تصرفاتهما وما يجب لهما وعليهما في إقرارهما وخصومتهما بمنزلة شريكي العنان على ما سبق ].

يعني: شركة الوجوه هي شركة يشترك فيها أكثر من واحد بجاههما على أن يتفقا على الأرباح والخسائر بحيث لا تزيد الخسائر عن ملك أحدهما في الشركة.

شركة المضاربة

النوع الثالث من الشركات: المضاربة.

مثال المضاربة: أنت صاحب معرض سيارات، وأنا معي مائة ألف، فقلت لك: خذ المائة ألف ضارب بها، وشغلها في السوق، فأنا لست شريكاً معك لكني أعطيك رأس المال تستثمره وتعطيني ربحاً على حسب الاتفاق.

والبنوك الإسلامية فيها نظام المضاربة والمشاركة والمرابحة.

قال: [ المضاربة: وهو أن يدفع أحدهما ماله إلى آخر يتجر فيه والربح بينهما، ويسمى مضاربة وقراضاً، وينعقد بلفظهما، وكل ما يؤدي معناهما -لأن القصد المعنى- فجاز لما دل عليه كالوكالة ].

يعني: أي لفظ يفهم منه المضاربة.

قال: [ وأجمع أهل العلم على جواز المضاربة في الجملة. ذكره ابن المنذر ، ويروى ذلك عن جماعة من الصحابة، ولا مخالف لهم في عصرهم -فيكون إجماعاً- ولأن بالناس حاجة إليها، فإن الدراهم والدنانير لا تنمو إلا بالتقليب والتجارة ].

تنبيه: من الاعتقادات الخاطئة أن المضارب لا يقبل بالخسارة، ولكنه شرعاً مفروض عليه أن يقبل بها، لكن البعض يقول: بدلاً من وضعها في البنك بنسبة كذا في المائة أعطيها لفلان وآخذ منه 20% أو 15% ! يحسبها بهذه الطريقة، وعند الخسارة لا يقبل، وعند الربح ما شاء الله، يحبك إذا ربحت، ويكرهك إذا خسرت.

شركة الأبدان

قال: [شركة الأبدان].

آخر قسم ذكره المصنف شركة الأبدان، ومن اسمها يتضح معناها، وأنها شركة بالأبدان وليست بالأموال، والمعنى: أن يشتركا فيما يكسبان بأبدانهما، يعني: أشترك أنا وأنت بصناعة أو اصطياد وما نأتي به شركة ونتفق على الربح، أنت عشرة وأنا تسعين، يعني: واحد ذهب يصطاد معي شركة وإمكانياته في الصيد ضعيفة، فالربح من العدل أن يوزع على حسب الجهد المبذول، مثلاً: اشتركنا في شركة أبدان لحصد هذه المساحة من الأرض، أنا أحصد في الفدان 12 قيراطاً وأنت 12 قيراطاً إذاً النصف، أنا في يومين انتهيت وأنت لم تنته إلا في شهر إذاً: لا يستويان، المفروض ربحي يزيد على حسب العمل والجهد والكفاءة والمهارة والطاقة. هذه هي شركة الأبدان.

كالاحتطاب والتلصص على دار الحرب، وفي المعادن، وسائر المباحات، يقول ابن مسعود : اشتركت أنا وسعد بن أبي وقاص وعمار بن ياسر في التلصص على دار الحرب على المشركين وأن يأتوا بأسارى، يقول ابن مسعود : فلم آت أنا وعمار بشيء وجاء سعد بأسيرين، سيدنا سعد جاء بأسيرين.

قال: [ والربح في جميع ذلك على ما شرطاه ]، يعني: الربح في سائر الشركات على ما اشترطا ليس هناك حدود للربح، وما اتفقا عليه جاز؛ [لأن الحق لا يخرج عنهما].

والوضيعة يعني: الخسارة على كل واحد منهما بقدر ماله إن كانا متساويين تساويا في الخسران، قال: [ ولا نعلم في ذلك خلافاً ]، إذاً: الخسارة على قدر رأس المال.

شروط الأرباح في الشركات

قال المصنف رحمه الله: [ ولا يجوز أن يجعل لأحدهما دراهم معينة ولا ربح بشيء معين ].

المعنى: أن الربح في الشركات الشرعية لا بد له من شرطين، سواء كانت شركة وجوه، أو عنان، أو أبدان، أو مضاربة.. الربح في أي عقد شركة لا بد له من شرطين حتى يكون شرعياً.

الشرط الأول: أن يكون الربح معلوماً، أي: ليس مجهولاً.

أي: أنت لك نسبة (50 % ) وأنا (50 % )، وليس من الإسلام ولا من الشرع في شيء تعيين مبلغ من الدراهم، فالمعلوم المقدار كأن يكون 20 أو 30 أو 40 أو 50 أو 80 % من الأرباح المحققة.

فإن قال: لي بعض الأرباح ولك البعض الآخر لم يجز؛ لأنه ليس معلوماً.

أو قال: لك ربح السيارات ولي ربح الأقمشة، لا يجوز؛ فربما تربح السيارات وتخسر الأقمشة، فلا بد أن يكون الربح في عقود الشركات الشرعية معلوماً.

الشرط الثاني: أن يكون مشاعاً.

أي لا يكون بين الشريكين تحديد مبلغ من المال معيّن، إنما يكون معلوم النسبة، كأن تملك مساحة 10 أمتار في عقار 50 متر مشاع، فأين العشرة أمتار؟ الله أعلم، فأنت لا تدري هل هي في الأمام أم في الوسط ، فأنت كذلك ربحك مشاع في الربح المحقق.

حققنا أرباحاً في الشركة (3000)، في آخر السنة أنت لك (60 %) وأنا (40 %) إذاً فأنت لك (1800) وأنا لي الباقي وهي (1200) هذا هو الربح.

لذلك يقول المصنف: [ ولا يجوز أن يجعل لأحدهما دراهم معينة ولا ربح بشيء معين؛ لأن ذلك يفضي إلى جهل حق كل واحد منهما في الربح، ومن شرط المضاربة كون ذلك معلوماً فيفسد بها العقد؛ لأن الفساد لمعنى في العوض المعقود عليه، فأفسد العقد ].

والمعنى: أنه لو حدد الربح لأحدهما بمبلغ معين لكان من احتمال ذلك ألا يأخذ الثاني ربحاً على الإطلاق، قال أحدهما للآخر: أنا لي (1000) من الربح، فهنا حدد المبلغ، وحققت الشركة (999) ، فمن يأخذ الربح هنا؟ الذي حدد الألف، والآخر لا يأخذ شيئاً، وهذا ظلم.

حكم مقولة: العقد شريعة المتعاقدين

هناك كلمة تسري على الألسنة وهي خطأ شرعاً، وهي: العقد شريعة المتعاقدين، وهذا ينتشر عند المحامين، وهو خطأ شرعي، والأصل: أن العقد شريعة الله؛ لأن المتعاقد قد يتعاقد مع أخيه على أمر غير شرعي، فأنا وأنت متعاقدان اتفقنا على شركة لبيع لحم الخنازير، فهذا لا يجوز، فهنا انصرفت الإرادة لتكوين الشركة بهذه الشروط، فلو أن العقد شريعة المتعاقدين لكان معنى ذلك أن من حقهما أن يتفقا على أي شيء حتى ولو خالف الشرع، وإنما العقد شريعة الله، فما أباحه الله جاز، وما لم يبحه لم يجز.

وهذا خطأ نراه في واقعنا، فقد يعطي الرجل الرجل مائة ألف، ويقول له: سآخذ منك أرباحاً كل شهر بمقدار ألف جنيه وهذا أمر غير شرعي، فالشرع -وليس الهوى أو العرف المخالف- هو الذي يحكم المعاملات، ولذلك تقرأ العجب العجاب، فالمجلس القومي للمرأة كان يناقش الاقتراح الأول وهو: أن يُعاقب الرجل الذي يتزوج بأخرى معاقبة مالية، أو بمعاقبة تصل به إلى السجن.

الاقتراح الثاني: أن تساوى المرأة مع الرجل في الشهادة، مع أن الله يقول: فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ [البقرة:282] وهم يريدون للمرأة أن تكون كالرجل.

فهذه معاندة ومكابرة لشرع الله لأناس رضعوا من الغرب، وتربوا على مائدته، ولا يعرفون من الإسلام شيئاً، يحملون اسم الإسلام والإسلام منهم براء، فالله سبحانه هو الذي أباح التعدد، بل هو من محاسن شريعتنا، فنحن نتباهى به ونفتخر أمام الناس جميعاً أن الإسلام أباح للرجل أن يعدد بشرط أن يعدل، فكوننا نناقش: أن من تزوج بأخرى يعاقب عقوبة تصل إلى السجن هذا أمر بالغ الخطورة.

إن كنت لا تدري فتلك مصيبة وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم

قال: [ والحكم في المساقاة والمزارعة كذلك ] أي: أن عقود المساقاة والمزارعة لا بد أن يكون فيها الربح معلوماً مشاعاً.

جبران الخسائر في الشركات

قال: [ وتجبر الوضيعة من الربح ] والوضيعة هي الخسارة، وإذا حققت الشركة خسارة، جبرت الخسارة من الربح.

[ وتجبر الوضيعة من الربح؛ لأن الربح الفاضل عن رأس المال ] أي: الزائد عن رأس المال.

وربما تطال الوضيعة رأس المال إن لم يكثر الربح، أي أننا حققنا أرباحاً هذا العام مقدارها (3000)، ففي السنة القادمة حققنا خسارة قدرها (1000)، فهنا الألف تخصم من الثلاثة آلاف؛ لأن الربح هو الزيادة على رأس المال، فهي تجبر من الربح أولاً ولو لم يغط الربح لتناول رأس المال.

حكم بيع النسيئة في الشركات

قال: [وليس لأحدهما البيع نسيئة ].

المعنى: إذا فتحنا شركة لبيع السيارات، فليس لأحدنا أن يبيع بالتقسيط إلا بموافقة الآخر، لكن الشيخ ابن عثيمين يستدرك على هذه المسألة ومعه الحق، يقول: العرف في هذه الحالة هو الذي يحكم التعامل، فلو أن بيع السيارات في عرفنا يجري بالقسط، وباع أحد الشريكين بالقسط لم يخالف ما تعارف عليه الناس في البيع والشراء، إلا إن أراد أحد الشريكين أن يخالف الواقع المعمول به طالما لم يخالف الشرع فله ذلك، فيقول لشريكه: أنا أشاركك بشرط ألا نبيع بالتقسيط؛ لأن الواقع أن الناس جميعاً تبيع قسطاً، فواقع الناس هو الذي يحكم العلاقة في البيع بالقسط والبيع بالنقد، وهذا من حقوق الشريكين أحدهما على الآخر.

قال: [ وليس لأحدهما البيع نسيئة؛ لأن فيه تغريراً بالمال، وفيه وجه آخر يجوز؛ لأن عادة التجار البيع نسأ والربح فيه أكثر ] أي: أن الوجه الآخر هو الأرجح عند الإمام أحمد -كما قال المصنف- على حسب حال التجارة.

حكم الأخذ من الأرباح بدون إذن الشريك

قال: [ وليس له أن يأخذ من الربح شيئاً إلا بإذن الآخر؛ لأنه إذا أخذ من الربح شيئاً يكون قرضاً في ذمته، فلا يجوز إلا بإذن كما في الوديعة ].

في الشركات يشارك الرجل الرجل على مقدار من الأرباح المعلومة المشاعة، ثم يأخذ من الأموال في جيبه ويقول هذا من ربحي إلى حين تحقيق الربح، وهذه تسمى في المحاسبة مسحوبات الشركاء، وتعامل معاملة المسحوبات، أو تسمى في الشركات جاري الشريك (أ)، وجاري الشريك (ب)، وهذا قرض؛ لأن الأرباح لم تحدد بعد، فلا ينبغي لأحد الشركاء أن يسحب من الشركة إلا بإذن الآخر.

وهذا مما عمت به البلوى، فتجد أحد الشركاء يأخذ ما لذ وطاب من الشركة، وإن سألته: لم تفعل ذلك؟ قال لك: هذا من أرباحي، وأرباحه ليست معلومة، وربما قد تخسر الشركة، حتى أن البعض يأخذ من متاع الشركة من عروضها ومن أموالها لبيته، وينفق على البيت من الخضروات واللحم ما لذ وطاب، فنقول له: بأي حق تأخذ؟ يقول: من أرباحي، قلت: هذا لا يجوز شرعاً، فلا بد لك أن تخبر الشريك الآخر، ويعتبر ذلك قرضاً، ولا يعتبر ربحاً موزعاً إلا بعد تحقيقه. فالشرع مريح لكن الناس تبتعد عنه، فيحدث العجب العجاب والخلافات لا سيما أنه يزيد الطين بلة إذا كان بين اثنين ملتزمين، ولا يحتكمان إلى الشرع؛ لأنهما يجهلان الشرع، وهذه مصيبة كبيرة بل هي طامة.

أولاً: شركة العنان: لماذا سميت بذلك لأننا حينما نطلق فرسين متساويين في الرهان والسباق وأحدهما يكون موازياً للآخر يقال: عنان هذا مساوٍ لهذا، كذلك الشركاء كلهم له نفس الحقوق والواجبات، شركة العنان يشترك فيها كل الأطراف بالمال والأبدان، فلو أعطيتني المال ولم تعمل ببدنك فليس عناناً؛ لأن العنان يشترط فيها أن تكون بالأموال والأبدان معاً.

إذاً: يشترط في شركة العنان أن تكون بالأموال والأبدان، والربح بين المشتركين بالتساوي على حسب الأسهم.

فأنا أتصرف في حدود سهمي باعتبار أنني مالك له، وأتصرف في سهم غيري باعتباري وكيلاً له، كذلك شريكي يتصرف في سهمه باعتباره ماله، ويتصرف في سهمي باعتباره وكيلاً لي، إذاً: لكل من الطرفين أن يتصرف في حقه باعتباره مالكاً، وفي حق شريكه باعتباره وكيلاً له.

وليس معنى التساوي أن يكون رأس مال هذا كرأس مال هذا، وربح هذا كربح هذا لا، بل المراد التساوي في الحقوق والواجبات.

قال: [ وهي جائزة بالإجماع. ذكره ابن المنذر ].

ابن المنذر يتساهل في مسائل الإجماع؛ لذا قالوا: لا يعتد بإجماع ابن المنذر ولا بتصحيح الحاكم ، ولا بوضع ابن الجوزي ، يعني: أنه للاستئناس ولا يعتبر به.


استمع المزيد من الشيخ أسامة سليمان - عنوان الحلقة اسٌتمع
العدة شرح العمدة [13] 2694 استماع
العدة شرح العمدة [26] 2594 استماع
العدة شرح العمدة [3] 2517 استماع
العدة شرح العمدة [1] 2473 استماع
العدة شرح العمدة [62] 2373 استماع
العدة شرح العمدة [19] 2335 استماع
العدة شرح العمدة [11] 2331 استماع
العدة شرح العمدة [56] 2301 استماع
العدة شرح العمدة [15] 2235 استماع
العدة شرح العمدة [8] 2164 استماع