العدة شرح العمدة [15]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، شرع لنا ديناً قويماً، وهدانا صراطاً مستقيماً، وأسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وبعد:

تحدثنا سلفاً عن صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم، ولعل هذا هو عنوان كتاب شيخنا المبارك فضيلة الشيخ الألباني رحمه الله تعالى: صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم من التكبير إلى التسليم كأنك تراها.

وسنشرع الآن في إكمال صفة الصلاة من كتاب العدة، ونتحدث عن الأركان والواجبات والسنن في الصلاة.

ولابد أن نعلم أولاً أن الصلاة لها أركان وواجبات وسنن، فما الفرق بين الركن والواجب والسنة؟

معلوم أن الأركان من الواجبات، لكنه واجب لا يجبره سهو، فالواجبات متنوعة في درجتها؛ ولذلك يقول العلماء: أركان الصلاة تختلف واجباتها عن سننها، وهناك فرق بين شروط صحة الصلاة وبين أركانها، فالشرط يخرج عن ماهية الشيء، أما الركن فيكون داخل الماهية.

قبل البدء أريد أن أذكر أمراً، وهو أن صحيفة علمانية نشرت: حرب بين أنصار السنة والأزهر: أين الله؟ كان هذا في الأسبوع الماضي، ومن حسن ظني بهم أعددت رداً وأرسلته لهم على الفاكس، فنشروا الرد لكن كيف نشروه؟ راقصة عارية تماماً والرد تحتها، وهذا دأبهم! هل يستقيم أن تنشر كلاماً يعالج قضية من أخطر القضايا في العقيدة.. قضية العلو لله عز وجل وأدلة إثبات العلو تحت صورة راقصة، لكن هذا ليس غريباً على هؤلاء، فهؤلاء قد مسخوا قردة وخنازير! ولا تعليق.

أركان الصلاة

قال المصنف رحمه الله: (أركانها اثنا عشر، وواجباتها سبعة)، والفرق بين الركن والواجب: أن الركن لا بد من تحصيله ولا يجبره سجود سهو، مثال ذلك: رجل ترك السجود الثاني، ثم قام للركعة بعد ذلك، وتذكر أنه نسي أن يسجد السجدة الثانية، فلا يقال له: اسجد للسهو، بل لابد من تحصيل ركعة كاملة؛ لأن غياب ركن عن ركعة يفسدها، ثم يسجد للسهو بعد ذلك، ليس جبراً للركن وإنما جبراً للنسيان.

ثم ذكر أركان الصلاة فقال: (القيام مع القدرة)، فأول ركن هو القيام، والبعض يجلس في صلاة الفريضة مع قدرته على القيام، ومن صلى قاعداً وهو قادر على القيام فصلاته باطلة. إنما في النافلة يجوز أن يصلي قاعداً وهو قادر، وله نصف الأجر كما في الحديث، أما إن صلى قاعداً في الفريضة مع قدرته فتبطل، فالقيام مع القدرة ركن من أركان الصلاة؛ لأن الله يقول: وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ [البقرة:238].

الركن الثاني: تكبيرة الإحرام: وهي ركن من أركان الصلاة، وعدم تحصيلها يؤدي إلى بطلان الصلاة بالكلية؛ مثال ذلك: قد يأتي المصلي والإمام راكع فيدخل معه في الصلاة بتكبيرة الركوع دون أن يكبر تكبيرة الإحرام، وتكبيرة الإحرام لابد أن تكون من قيام؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام: (تحريمها التكبير، وتحليلها التسليم).

الركن الثالث: قراءة الفاتحة فـ: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)، ويستثنى من ذلك المأموم إذا أدرك الإمام وهو راكع، فقراءة الإمام تجبر قراءة المأموم، وإدراك الركوع إدراك لركعة، وهذا رأي الجمهور؛ لحديث أبي بكرة .

واعلم أن في المسألة خلافاً، لكن الراجح أن من أدرك الإمام راكعاً فقد أدرك الركعة.

الركن الرابع: الركوع، فمن ركع دون أن يأتي بالركوع الصحيح فصلاته باطلة؛ ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم للرجل: (ارجع فصل) فالركوع له هيئة، وهي: أن يستوي الظهر وأن يطمئن راكعاً.

الركن الخامس: الرفع من الركوع: بحيث يطمئن قائماً، ويعود كل عضو إلى محله، ويقول: سمع الله لمن حمده، ثم يطمئن ويعتدل، والاعتدال ركن في الركوع.

الركن السادس: السجود: فمن لم يسجد على سبعة أعظم فسجوده باطل، ومن ثم فصلاته باطلة، فلابد أن يكون السجود بالهيئة التي أمرنا بها النبي عليه الصلاة والسلام: (صلوا كما رأيتموني أصلي).

الركن السابع: (الجلوس عنه) أي: الجلوس بين السجدتين.

الركن الثامن: الطمأنينة في كل الأركان السابقة.

الركن التاسع: التشهد الأخير.

الركن العاشر: الجلوس للتشهد الأخير.

فالتشهد ركن والجلوس له ركن، وهب أن إنساناً قرأ التشهد الأخير من قيام، فصلاته باطلة؛ لأنه ترك ركناً وهو الجلوس للتشهد الأخير.

الركن الحادي عشر: التسليمة الأولى، السلام عليكم ورحمة الله، والثانية سنة، (وتحليلها التسليم) أي: تسليمة واحدة لا تسليمتين. وينبني على هذا أحكام فقهية:

فلو قال إمام: السلام عليكم ورحمة الله، ثم أحدث فما حكم الصلاة؟ صحيحة ولا شيء عليه.

أو مأموم يأتم بالإمام وبعد أن انتهى الإمام من التسليمة الأولى، قام ليأتي بالركعة المسبوق فيها، فصلاته صحيحة أيضاً؛ لأن الصلاة تنتهي بالتسليمة الأولى، ولكن الأولى أن ينتظر حتى ينتهي من التسليمتين.

ترتيب الأركان

الركن الثاني عشر : (ترتيبها على ما ذكر)، ترتيب هذه الأركان على هذا النحو الذي ذكرنا.

فأي ركن من هذه الأركان نسيته فلابد أن تأتي به، ولا يجبره سجود سهو، فمن نسي الفاتحة يأتي بركعة، ومن نسي الركوع يأتي بركعة، والسؤال الآن: إن استطاع أن يحصل الركن فلا بأس طالما أنه لم يفصل بين الركن والركن بركن، والمعنى: عندنا سلم فهل تستطيع أن تصعد إلى الدرجة الثالثة دون أن تصعد الأولى ثم الثانية ثم الثالثة؟

فإن نسيت الأولى وأنت على الثانية تستطيع أن تعود، أما إن نسيت الأولى ووصلت إلى الثالثة انتهى الأمر، فإن فصلت بين الركنين بركن لابد من تحصيل ركعة كاملة، أما إن تذكرت الركن وأنت في الركن الذي بعده فيمكنك أن تعود إلى الركن الذي تركته.

مثال ذلك: رجل نسي السجدة الثانية وجلس للتشهد، ظناً منه أنه سجد سجدتين، فتذكر أنه لم يسجد، إنما تشهد ثم سلم. فصل بين الركنين بركن؛ فإن تذكر الركن الذي نساه في الركن الثاني يجوز له أن يعود إلى الركن الذي نساه. أما إن فصل بين الركنين بركن فيحصل الركعة كاملة.

واجبات الصلاة

قال: (وواجباتها سبعة)، ولعل الحنابلة اختلفوا مع الفقهاء في هذه المسألة.

الإمام أحمد أحاط بالسنة ما لم يحط بها غيره، ولذلك من ثراء هذا المذهب أن فيه أكثر من رواية، ودائماً تجد إحدى الروايات توافق المذاهب الأخرى، فهو لا يقتصر على رواية واحدة.

قال: (وواجباتها سبعة) أي: واجبات الصلاة التي إن نسيت تجبر بسجود السهو، لكن إن تعمد ترك الواجب هل تبطل الصلاة أم تصح مع سجود السهو؟ رجل تعمد ألا يقول: سمع الله لمن حمده، فما حكم صلاته؟ عند أحمد روايتان: رواية أنها تبطل، ورواية أنها سنة لا تبطل وتجبر بسجود السهو.

قال الإمام أحمد : إن النبي عليه الصلاة والسلام نسي التشهد الأوسط -كما في البخاري- واعتدل للركعة الثالثة، فقام من خلفه، ولم يرجع إلى التشهد الأوسط مرة ثانية، ثم سجد للسهو قبل التسليمتين.

قال أحمد: وهذا يدل على أن التشهد الأوسط واجب، والواجبات تجبر بسجود السهو إن نسيها، فالنبي صلى الله عليه وسلم قد نسي، لكن ما قولك فيمن تعمد أن يترك التشهد الأوسط؟

النبي صلى الله عليه وسلم نسي فسجد للسهو قبل التسليمتين، أما هذا فقد تعمد أن يقوم للثالثة، إذاً: ترك واجباً مع التعمد، فما حكم صلاته؟ عند أحمد الرواية الأولى أنها تبطل، والرواية الثانية أنها لا تبطل، ولعل هذا هو رأي الجمهور؛ هل تعلم أن قولك: (رب اغفر لي) بين السجدتين واجب، وعلى رواية أحمد أن من تركها أن الصلاة باطلة.

فمثلاً: رجل تعمد ألا يقول: ربنا ولك الحمد، وهي من واجبات الصلاة، فإن تعمد أن يترك واجباً بطلت الصلاة في رواية، وفي رواية أنها لا تبطل، ولعل هذا هو رأي جمهور العلماء.

وواجباتها سبعة: (التكبير غير تكبيرة الإحرام)، وهي تكبيرات الانتقال، ولابد من متابعة الإمام في تكبيرات الانتقال؛ لأنها واجبة، والكثير لا يقولها وراء الإمام؛ لأنه يسهى أو ينسى أو يتعمد ترك تكبيرات الانتقال مع أنها مهمة، وهي خمس تكبيرات في كل ركعة: تكبيرة الركوع، ثم تكبيرة السجود، ثم الاعتدال من السجود، ثم السجود، ثم القيام، فهذه التكبيرات يسميها العلماء تكبيرات الانتقال من ركن إلى ركن.

وحينما قلنا: إن من يسجد للتلاوة فإنه يكبر عند السجود ويكبر عند القيام، قامت الدنيا عند بعض إخواننا في إمبابه؛ لأن بعض العلماء يقولون: لا تكبير عند الرفع، واستدلوا بحديث عائشة .

يا عبد الله! الانتقال من ركن إلى ركن لابد له من تكبير، والرأي المعتبر أن تكبر عند السجود وعند الرفع، ونحن لا نصادر آراء علمائنا، ولكن أقول: هذا هو الراجح، والله تعالى أعلم.

(وواجباتها سبعة: التكبير غير تكبيرة الإحرام، والتسبيح في الركوع والسجود مرة مرة)، يعني: إن ركع، وقال: سبحان ربي العظيم مرة واحدة. هذا هو الواجب والزيادة سنة.

ما تقول في رجل كبر وركع ثم تعمد الصمت، ترك واجباً أم ركناً ما حكم صلاته؟ في رواية عن أحمد تبطل؛ لأنه ترك واجباً متعمداً، والرواية الأخرى أنها لا تبطل.

(التكبيرات بخلاف تكبيرة الإحرام، والتسبيح في الركوع والسجود مرة مرة، والتسميع والتحميد في الرفع من الركوع)، يعني: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، هذه أيضاً من واجبات الصلاة.

(وقول: رب اغفر لي بين السجدتين)، واجب. (والتشهد الأول) الأوسط واجب، (والجلوس للتشهد الأوسط، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير).

قال أحمد : الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير من واجبات الصلاة، يعني قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله في التشهد الأخير ثم سلم، فإذا تعمد أن يترك واجباً، فإن الصلاة تبطل في رواية وهو الراجح، وقد رأيت البعض في رمضان في بعض المساجد يقول للمصلين في التراويح: يكفيكم أن تقرءوا إلى أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، ثم نسلم من أجل أن نصلي أكبر عدد من الركعات! يأمرهم بترك الواجب عمداً، ويأمرهم بترك الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام، أرأيتم الجفاء والجهل المدقع.

الأمة الآن مبتلاة، فهذا أستاذ دكتور في كلية الآداب قسم الفلسفة الإسلامية، في الأسبوع الماضي يخطب الجمعة ساعة إلا ربع، ويقول: إن الرسول أول خلق الله رغم أنف الحاقدين، ولما أذنب آدم في الجنة توسل بجاه النبي عند الله أن يغفر له، ولتفاهة رأيك لن نرد عليك، أنا أقول لك هذا الكلام، هذه تفاهة رأي، وأنت لا تعرف الفرق بين الوجود العيني والوجود العلمي!

الوجود العلمي ينقسم إلى ثلاثة أقسام: الأول: علمي: وهو أن أخبركم عن وجود كوب، الثاني: علمي لفظي: تلفظت به. الثالث: علمي رسمي: قمت وكتبت على السبورة (كوب) بالقلم، إذاً: الوجود الكتابي وجود علمي.

ولو قلت لكم: هذا كوب. فأنت تتخيل الكوب في ذهنك، هذا وجود ذهني، فالذهني والرسمي واللفظي كلها وجود علمي، ثم لو جئتك بالكوب وقلت: هذا هو الكوب، فهذا وجود عيني، وهنا فرق بين الاثنين.

والله أخذ الميثاق على النبيين أن يؤمنوا بالنبي عليه الصلاة والسلام قبل أن يوجد وجوداً عينياً، إنما هو وجد وجوداً علمياً في علم الله الأزلي، أما عينه فلم تخلق بعد، فكونك تقول: هو أول خلق الله عيناً فأنت جاهل؛ لأن أول خلق الله عيناً هو آدم، أول ما خلق الله من البشر عين آدم، ثم خلق منه الذرية. والنبي خلق من أم وأب، وآدم خلق من غير أم ولا أب، ففرق بين الوجود العلمي والوجود العيني.

وقولهم هذا أصله نظرية عند ابن عربي معروفة، فهم أتباع ابن عربي عرفوا أو لم يعرفوا، يقول ابن عربي: إن العدم وجود -قبل أن يخلق الله الخلق خلقهم هناك- كان هناك خلق والعدم وجود، ثم أراد الله أن يبرهن على ذاته فخلق الوجود، وعكس صورته على الوجود. فهذا كلام ابن عربي في فصوص الحكم، ولذلك نقول له: ماذا قال الله لزكريا وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا [مريم:9] رغم أنه في علم الله كان شيئاً إلا أنه في الوجود العيني لم يكن شيئاً.

حكم ترك واجبات الصلاة

قال: (فإن تركها عمداً بطلت صلاته، وإن تركها سهواً سجد لها)، واستدل ابن قدامة على هذا: بأن النبي صلى الله عليه وسلم نسي التشهد الأوسط فجبره بسجود، فقال: وسائر الواجبات تقاس عليه، ثم قال: (وما عدا هذا فسنن لا تبطل الصلاة بعمدها، ولا يجب السجود لسهوها)، يعني: ما عدا الأركان والواجبات فهو سنن لا تبطل الصلاة بتركها عمداً أو سهواً، ولا يجب السجود لها في السهو.

ولعل البعض يقول: ما رأيكم في قول الحنابلة: إن ترك الواجب عمداً بطلت الصلاة، وإن تركه نسياناً سجد للسهو؟ وهذه الرواية الأولى عن أحمد ، والرواية الثانية أنها لا تبطل، والحقيقة أن استدلال الحنابلة بمسألة التشهد الأوسط ثم قاسوا عليه سائر الواجبات فيه نظر، نقول: لا تقاس سائر الواجبات على بعضها؛ فإن من نسي قول: (رب اغفر لي) بين السجدتين، أو تعمد أن يتركها عمداً لا يمكن أن يقاس على من نسي أو تعمد أن يترك التشهد الأوسط، فالواجبات تختلف عن بعضها البعض في الرتبة.

قاعدة فيما يجوز في الفرض والنفل

القاعدة تقول: ما يجوز في الفرض يجوز في السنة وليس العكس.

هذه القاعدة بمعنى: يجوز في السنة أن تقعد مع القدرة على القيام، ولكن لا يجوز في الفرض.

وهذه القاعدة ترد على من يقول: إن من نسي وهو صائم في السنة لابد أن يفطر، ومن نسي وهو صائم في رمضان فليتم، وهذا يقوله بعض المالكية، وهو مرجوح، والصواب: إن كان الله عز وجل قد عفا عن النسيان في الفرض فمن باب أولى أن يعفو عنه في السنة، للحديث: (من أكل أو شرب ناسياً فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه)، والحديث لم يفرق بين الفرض والسنة، إذاً: أنت لا تفرق، فإن التفريق لا دليل عليه؛ ويصادم قاعدة ما يجوز في الفرض يجوز في السنة وليس العكس.

قال المصنف رحمه الله: (أركانها اثنا عشر، وواجباتها سبعة)، والفرق بين الركن والواجب: أن الركن لا بد من تحصيله ولا يجبره سجود سهو، مثال ذلك: رجل ترك السجود الثاني، ثم قام للركعة بعد ذلك، وتذكر أنه نسي أن يسجد السجدة الثانية، فلا يقال له: اسجد للسهو، بل لابد من تحصيل ركعة كاملة؛ لأن غياب ركن عن ركعة يفسدها، ثم يسجد للسهو بعد ذلك، ليس جبراً للركن وإنما جبراً للنسيان.

ثم ذكر أركان الصلاة فقال: (القيام مع القدرة)، فأول ركن هو القيام، والبعض يجلس في صلاة الفريضة مع قدرته على القيام، ومن صلى قاعداً وهو قادر على القيام فصلاته باطلة. إنما في النافلة يجوز أن يصلي قاعداً وهو قادر، وله نصف الأجر كما في الحديث، أما إن صلى قاعداً في الفريضة مع قدرته فتبطل، فالقيام مع القدرة ركن من أركان الصلاة؛ لأن الله يقول: وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ [البقرة:238].

الركن الثاني: تكبيرة الإحرام: وهي ركن من أركان الصلاة، وعدم تحصيلها يؤدي إلى بطلان الصلاة بالكلية؛ مثال ذلك: قد يأتي المصلي والإمام راكع فيدخل معه في الصلاة بتكبيرة الركوع دون أن يكبر تكبيرة الإحرام، وتكبيرة الإحرام لابد أن تكون من قيام؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام: (تحريمها التكبير، وتحليلها التسليم).

الركن الثالث: قراءة الفاتحة فـ: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب)، ويستثنى من ذلك المأموم إذا أدرك الإمام وهو راكع، فقراءة الإمام تجبر قراءة المأموم، وإدراك الركوع إدراك لركعة، وهذا رأي الجمهور؛ لحديث أبي بكرة .

واعلم أن في المسألة خلافاً، لكن الراجح أن من أدرك الإمام راكعاً فقد أدرك الركعة.

الركن الرابع: الركوع، فمن ركع دون أن يأتي بالركوع الصحيح فصلاته باطلة؛ ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم للرجل: (ارجع فصل) فالركوع له هيئة، وهي: أن يستوي الظهر وأن يطمئن راكعاً.

الركن الخامس: الرفع من الركوع: بحيث يطمئن قائماً، ويعود كل عضو إلى محله، ويقول: سمع الله لمن حمده، ثم يطمئن ويعتدل، والاعتدال ركن في الركوع.

الركن السادس: السجود: فمن لم يسجد على سبعة أعظم فسجوده باطل، ومن ثم فصلاته باطلة، فلابد أن يكون السجود بالهيئة التي أمرنا بها النبي عليه الصلاة والسلام: (صلوا كما رأيتموني أصلي).

الركن السابع: (الجلوس عنه) أي: الجلوس بين السجدتين.

الركن الثامن: الطمأنينة في كل الأركان السابقة.

الركن التاسع: التشهد الأخير.

الركن العاشر: الجلوس للتشهد الأخير.

فالتشهد ركن والجلوس له ركن، وهب أن إنساناً قرأ التشهد الأخير من قيام، فصلاته باطلة؛ لأنه ترك ركناً وهو الجلوس للتشهد الأخير.

الركن الحادي عشر: التسليمة الأولى، السلام عليكم ورحمة الله، والثانية سنة، (وتحليلها التسليم) أي: تسليمة واحدة لا تسليمتين. وينبني على هذا أحكام فقهية:

فلو قال إمام: السلام عليكم ورحمة الله، ثم أحدث فما حكم الصلاة؟ صحيحة ولا شيء عليه.

أو مأموم يأتم بالإمام وبعد أن انتهى الإمام من التسليمة الأولى، قام ليأتي بالركعة المسبوق فيها، فصلاته صحيحة أيضاً؛ لأن الصلاة تنتهي بالتسليمة الأولى، ولكن الأولى أن ينتظر حتى ينتهي من التسليمتين.

الركن الثاني عشر : (ترتيبها على ما ذكر)، ترتيب هذه الأركان على هذا النحو الذي ذكرنا.

فأي ركن من هذه الأركان نسيته فلابد أن تأتي به، ولا يجبره سجود سهو، فمن نسي الفاتحة يأتي بركعة، ومن نسي الركوع يأتي بركعة، والسؤال الآن: إن استطاع أن يحصل الركن فلا بأس طالما أنه لم يفصل بين الركن والركن بركن، والمعنى: عندنا سلم فهل تستطيع أن تصعد إلى الدرجة الثالثة دون أن تصعد الأولى ثم الثانية ثم الثالثة؟

فإن نسيت الأولى وأنت على الثانية تستطيع أن تعود، أما إن نسيت الأولى ووصلت إلى الثالثة انتهى الأمر، فإن فصلت بين الركنين بركن لابد من تحصيل ركعة كاملة، أما إن تذكرت الركن وأنت في الركن الذي بعده فيمكنك أن تعود إلى الركن الذي تركته.

مثال ذلك: رجل نسي السجدة الثانية وجلس للتشهد، ظناً منه أنه سجد سجدتين، فتذكر أنه لم يسجد، إنما تشهد ثم سلم. فصل بين الركنين بركن؛ فإن تذكر الركن الذي نساه في الركن الثاني يجوز له أن يعود إلى الركن الذي نساه. أما إن فصل بين الركنين بركن فيحصل الركعة كاملة.


استمع المزيد من الشيخ أسامة سليمان - عنوان الحلقة اسٌتمع
العدة شرح العمدة [13] 2697 استماع
العدة شرح العمدة [68] 2620 استماع
العدة شرح العمدة [26] 2595 استماع
العدة شرح العمدة [3] 2518 استماع
العدة شرح العمدة [1] 2476 استماع
العدة شرح العمدة [62] 2374 استماع
العدة شرح العمدة [19] 2337 استماع
العدة شرح العمدة [11] 2333 استماع
العدة شرح العمدة [56] 2302 استماع
العدة شرح العمدة [8] 2167 استماع