خطب ومحاضرات
فتاوى نور على الدرب [687]
الحلقة مفرغة
السؤال: اقترضت من زوجتي مبلغ ألف جنيه منذ عام ألف وتسعمائة وخمس وثمانين، وهي الآن تريد أن أرجع ذلك المبلغ ألفي جنيه، فما الحكم في ذلك؟
الجواب: اقترضت من زوجتك ألف جنيه، فثبت في ذمتك ألف جنيه فقط؛ وهي الآن تطالبك بألفي جنيه، ليس لها الحق في هذا، وليس لها إلا ما أقرضتك فقط وهو ألف جنيه، وما زاد على ذلك فإنه لا يلزمك، حتى لو اتفقت معها من قبل على أن تعطيك ألف جنيه بألفي جنيه، فالاتفاقية لاغية باطلة لأنه ربا، والربا في كتاب الله محرم، وفي سنة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ملعونٌ فاعله، وكل شرطٍ ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط.
السؤال: ما حكم الذهاب من مدينةٍ إلى أخرى لتقديم التعزية أو للصلاة على الميت؟
الجواب: الأصل أن هذا لا بأس به، لكني أخشى أن ينفتح على الناس بابٌ بالمباهاة فيه فيتعب الناس ويُتعبون؛ لأنه إذا صار هذا عادة صار المتخلف عنه عرضة للكلام وانتهاك عرضه، فصار ما ليس بسنةٍ سنةً، فالذي أرى أنه لا ينبغي أن يذهب للصلاة على الميت إذا كان في مسافة قصر أو للتعزية، اللهم إلا أن يكون قريباً جداً، كالأب والأم والأخ والأخت والعم وابن الأخ والخال وابن الأخت، فهذا قد يقال: إنه لا بأس به؛ لقوة القرابة؛ ولأن هذا لا يتأتى لكل أحد، فلا يخشى أن ينفتح الباب على الناس، والتعزية المراد بها التقوية على تحمل المصيبة، ليست تهنئة تطلب من كل واحد، فهي تقوية للمصاب أن يصبر ويحتسب، فإذا لم يكن مصاباً بميت فلا يعزى أصلاً؛ لأن بعض الناس قد لا يصاب بموت ابن عمه مثلاً لكونه في خصامٍ معه قبل موته وتعب، فلا يهمه أن يموت أو يحيا، فمثل هذا لا يعزى، بل لو قيل: إنه يهنأ بموته إذا كان متعباً له، لكن إذا رأينا شخصاً مصاباً حقيقة متأثراً فإننا نعزيه تعزيةً تشبه الموعظة، كما فعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في إحدى بناته حينما أرسلت إليه أن ابنها أو ابنتها في سياق الموت، فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم للذي جاء يدعوه: ( مرها فلتصبر ولتحتسب، فإن لله ما أخذ، وله ما أبقى، وكل شيء عنده بأجلٍ مسمى )، فمثل هذا إذا ورد على النفس اقتنع الإنسان، وهانت عليه المصيبة، أما أن نذهب لنعزي فنزيد الحزن حزناً، ونجلس نتذكر محاسن الميت وأفعاله في حياته ومعاملته الحسنة، فهذا من الندب المنهي عنه؛ لذلك اتخذ الناس اليوم التعزية على وجهٍ ليس بمشروع، ففي بعض البلاد تقام السرادقات والإضاءات والكراسي، وهذا داخل وهذا خارج، حتى إنك لتقول: إن هذه حفلة عرس، ثم يأتون بقارئ يقرأ القرآن بأجرة مالية، فيباع كتاب الله تعالى بالدراهم والدنانير، وهذا الذي يقرأ القرآن لا يقرأ إلا بأجرة ليس له ثواب، وليس له أجر، ولا ينتفع بذلك الميت، فيكون بذل المال له إضاعةً للمال، ولا سيما إذا كان من التركة، وفي الورثة أناسٌ قاصرون، فيكون انتهب من مال هؤلاء القصار مالاً بغير حق، بل بباطل.
وإنني أوجه النصيحة لإخواني إذا أصيبوا بموت أحد أقاربهم أو أصدقائهم أن يتحملوا ويصبروا، ويقولوا ما يقول الصابرون: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها. مات أبو سلمة رضي الله عنه عن زوجته أم سلمة ، وكانت تحبه حباً شديداً ويحبها، وقد سمعت من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن من أصيب بمصيبةٍ فقال: ( اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها )، أن الله تعالى يأجره في مصيبته، ويخلف له خيراً منها، فلما مات أبو سلمة قالت: اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها. وكانت تقول في نفسها: من خيرٌ من أبي سلمة ؟ تفكر من هذا الذي يأتي فيكون خيراً؛ لأنها مؤمنة بأن قول الرسول حق، وأنه لا بد أن يخلف الله عليها خيراً منه من أبي سلمة ؟ لكن تقول: من هذا؟ فلما انتهت عدتها تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم، فكان الرسول صلى الله عليه وسلم خيراً لها من أبي سلمة بلا شك، وقبل الله دعاء نبيه صلى الله عليه وسلم حين دخل على أبي سلمة رضي الله عنه وقد شخص بصره ومات، فرأى بصره شاخصاً، فأغمضه عليه الصلاة والسلام وقال: ( اللهم اغفر لـ
والحاصل: أنني أنصح إخواني نصيحةً لله عز وجل أن يدعوا هذه العادات التي ليست من هدي السلف الصالح، والسلف الصالح والله خيرٌ منا في طلب التقرب إلى الله عز وجل ونفع الميت، ما فعلوا هذا أبداً، وقد صرح علماؤنا الحنابلة وكذلك الشافعية ولعل غيرهم كذلك أن الاجتماع للتعزية من البدع، وبعضهم لم يصرح بأنه بدعة، لكن قال: بأنه مكروه، وإن شئتم فراجعوا كتب العلماء في ذلك حتى يتبين لكم، أسأل الله تعالى أن يهدينا صراطه المستقيم، وأن يوفقنا لسلوك منهج السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار.
السؤال: امرأة متزوجة ولديها سبعة من الأبناء والبنات، وزوجها كثيراً ما يسافر إلى الخارج بغير حاجة، وإذا أتى يصبح عصبي المزاج، ويتذمر إذا طلب منه شيء، ولا يسأل عنها ولا عن أولادها، وكأنها تقول: لست بزوجته، والصلاة لا يؤديها في المسجد، فمتى قام أداها، ولا يأمر الأبناء بالصلاة، وإذا أمرناه بصلاة الجماعة قال: إن شاء الله أصلي، بل قد يجمع الصلوات إذا رجع من العمل، ولا يرضى بخروجها لزيارة أقاربها وجيرانها، بل يضيق عليهم في ذلك، ما حكم خروج هذه المرأة إلى أهلها وأقاربها؟ وجهوها ماذا تعمل مأجورين؟
الجواب: قبل أن أوجهها أوجه هذا الزوج، فأقول له: اشكر الله على نعمته أن رزقك أموالاً وأولاداً وزوجة، ودع السفر إلى الخارج، فإن السفر إلى الخارج سمٌ نقاع، أموالٌ تتلف، وأوقاتٌ تضيع، وأفكارٌ تتغير، وأخلاقٌ تدمر إلا ما شاء الله عز وجل، دع السفر إلى الخارج، وابق في أهلك وأولادك تأنس بهم ويأنسون بك، تربيهم وتثاب على تربيتهم، الخارج ليس فيه إلا الشر والبلاء؛ ولهذا انظر إلى ما حدثت به هذه السائلة، وما الذي حصل لزوجها، كانت قرة عينه هي وأولاده، فإذا رجع من السفر ضاق بهم ذرعاً، وتعصب فيهم، ولم يقم بالواجب نحو تربيتهم.
أما بالنسبة لها فعليها أن تطيعه إلا في محارم الله، ولا تخرج من البيت إلا بإذنه، ولتصبر ولتحتسب، وربما يعوضها الله تعالى خيراً إذا صبرت واحتسبت بأن يغير ويبدل منهج زوجها حتى تعود الأمور إلى نصابها.
السؤال: ما مدى صحة هذا الحديث بأن أسماء رضي الله عنها دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهي ترتدي ملابس خفيفة فأشاح عنها بوجهه، وقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يا
الجواب: هذا الحديث ضعيف، سنده منقطع، وفيه رواةٌ فيهم نظر، ثم هو منكر المتن؛ إذ كيف يليق بـأسماء رضي الله عنها أن تدخل على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وعليها ثيابٌ رقاق، إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أجل وأكرم من أن تدخل عليه امرأة عليها ثيابٌ رقاق يقتضي أن يصرف النبي صلى الله عليه وسلم وجهه عنها، فهو منكر المتن ضعيف السند لا معول عليه، وقد بينا ذلك في رسالةٍ لنا اسمها رسالة الحجاب، وهي صغيرة الحجم لكنها كبيرة المعنى، فمن أحب أن يقرأها ففيها فائدةٌ وخيرٌ إن شاء الله تعالى.
السؤال: هل يجب على الرجل القادر مادياً أن ينفق على زوجته لتأدية فريضة الحج؟ وإذا لم يفعل فهل يأثم؟
الجواب: لا يجب على الزوج ولو كان غنياً نفقة زوجته في الحج، إلا إذا كان ذلك مشروطاً عليه في عقد النكاح فيجب عليه الوفاء به؛ وذلك لأن حج المرأة ليس عندنا من الإنفاق عليها حتى نقول: إنه كما تجب نفقتها يجب عليه أن ينفق عليها للحج، والزوجة في هذه الحال إذا لم يكن عندها مالٌ تستطيع أن تحج به ليس عليها حج؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال في كتابه العظيم: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [آل عمران:97]، وكذلك جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا بد من الاستطاعة، ومن ليس عنده مال لا يستطيع فليستقر في ذهن أولئك الذين ليس عندهم مالٌ يستطيعون الحج به بأنه ليس عليهم حج، كما أن الفقير ليس عليه زكاة، ومن المعلوم أن الفقير لا يندم لعدم وجوب الزكاة عليه؛ لأنه يعلم حاله أنه فقير، فكذلك ينبغي فيمن لا يستطيع الحج ألا يندم وألا يتأثر؛ لأنه ليس عليه حجٌ أصلاً، ولقد رأيت كثيراً من الناس يتأثر كثيراً إذا لم يقدر على الحج، يظن أنه أهمل فرضاً عليه، فأقول: استقر، واطمئن، لا فرض عليك، أنت ومن أدى الحج سواءٌ عند الله عز وجل؛ لأنك أنت معذورٌ ليس عليك جناح، وذاك مفروضٌ عليه أن يحج فقام بالحج، نعم، من عمل العبادة أفضل ممن لم يعملها وإن كان معذوراً.
السؤال: كان عندي أمانة مبلغ من المال لأحد الأشخاص، ونظراً لحاجتي الشديدة له تصرفت فيه وضيعته في استعمالي الشخصي، وقلت لصاحبه: بأنه ضاع، ولكن أريد أن أرد هذا المبلغ بعد فترةٍ طويلة، ودون أن يعلم هذا الشخص، فماذا أفعل مأجورين، هل أتصدق به أم ماذا أفعل؟
الجواب: أولاً: تصرفك فيه بدون إذن صاحبه حرامٌ عليك، وأنت آثمٌ بذلك غير مؤدٍ للأمانة، وقد قال الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا [النساء:58]، فعليك أن تتوب إلى الله، ولن تقبل توبتك حتى ترد المال إلى صاحبه، فعليك أن ترده إليه، وأن تعتذر منه وتسترضيه، ولا فكاك لك من ذلك إلا بهذا، حتى لو تصدقت به أو أعطيته إياه بدون علمه فإن ذلك لا يكفي، لا بد أن تعلمه وتقول له: يا فلان! إني احتجت ذات يوم، وبناء على ما بيني وبينك من الثقة استقرضت المال وأدتني الحاجة إلى أن أكذب عليك وأقول: إنه ضاع، فالآن أرجو منك السماح، وهذا مالك، وإني أرجو من صاحبك أن يعذرك، وأن يقبل عذرك؛ لأن في هذا أجراً وثواباً عند الله تعالى.
السؤال: بعض الناس يقولون: لا تقل: ربنا ولك الحمد ولك الشكر في الرفع من الركوع، وهل هذا وارد أم غير وارد؟
الجواب: أما قوله: (ربنا ولك الحمد) فهو وارد ومعلوم، وأما زيادة الشكر فالأولى عدم زيادتها؛ لأن الأدعية والأذكار الواردة على وجهٍ معين لا ينبغي أن يزيد فيها الإنسان على ما جاء في السنة، لكننا لا نقول: إن الإنسان فعل خطأً، بل نقول: الأفضل أن يقتصر على ربنا ولك الحمد كما جاءت به السنة، ولا يزيد على ذلك.
السؤال: أحد الأشخاص قال له: لا يجوز تسمية المولود إلا بعد أسبوع، هل هذا وارد أيضاً؟
الجواب: لا؛ المولود إذا كان اسمه قد هيئ من قبل، فالأفضل أن يسمى من حين الولادة، وإن كان لم يهيأ فالأفضل أن يكون يوم السابع، ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال حين ولد ولده إبراهيم رضي الله عنه لأهله: ( ولد لي الليلة ولد فسميته
السؤال: عندي نقود لرجل، ولكنني بحثت عنه ولم أجده، فماذا يجب علي أن أفعل مأجورين؟
الجواب: إذا أيست منه ولم تعلم له وارثاً فتصدق بهذه الفلوس عنه، ثم إن جاء يوماً من الدهر فخيره، قل له: إني أيست منك، وتصدقت بالدراهم، فإن أجزتها فالأجر لك، وإن لم تجزها فهذه دراهمك والأجر لي.
السؤال: شخص مسافر يتنقل بين الطائف ومكة وجدة، هل يصح له أن يجمع الصلاة؟
الجواب: نعم يصح له ذلك إذا كان أيسر له، فإن لم يكن أيسر فلا يجمع، وإن جمع فلا بأس؛ لأن الجمع للمسافر إن كان أيسر له فهو أفضل أن يجمع تقديماً أو تأخيراً، وإن لم يكن أيسر فالأفضل أن لا يجمع، وإن جمع فلا بأس.
استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
فتاوى نور على الدرب [707] | 3913 استماع |
فتاوى نور على الدرب [182] | 3693 استماع |
فتاوى نور على الدرب [460] | 3648 استماع |
فتاوى نور على الدرب [380] | 3501 استماع |
فتاوى نور على الدرب [221] | 3497 استماع |
فتاوى نور على الدرب [411] | 3479 استماع |
فتاوى نور على الدرب [21] | 3440 استماع |
فتاوى نور على الدرب [82] | 3439 استماع |
فتاوى نور على الدرب [348] | 3419 استماع |
فتاوى نور على الدرب [708] | 3343 استماع |