فتاوى نور على الدرب [654]


الحلقة مفرغة

السؤال: ما الطريقة المثلى لنصح الجار الذي يتخلف عن الصلاة؟

الجواب: الطريقة المثلى لنصح الجار أن تذهب إليه في البيت أو تدعوه إلى بيتك، أو ترافقه في السوق وتتلطف معه وتخاطبه بالتي هي أحسن, وتقول له: أنت جاري ولك حق علي, وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالجار خيراً, ولك حق علي أن أساعدك في كل ما فيه منفعتك في الدين والدنيا, وتأتي له بالأسلوب الذي تراه مناسباً, ثم تنتقل بعد ذلك وتقول: إن من خير ما أهدي إليك أن أنصحك بالمحافظة على الصلوات؛ لأن الصلاة عمود الدين, وتذكر له من فضلها, وتحذره من إضاعتها, ثم تقول: ومن إقامتها والمحافظة عليها أن تصليها مع الجماعة, ثم تذكر له فضل الجماعة, وتحذره من التخلف عنها.

وفي ظني أن الإنسان إذا نصح بطريق طيب لين فإنه سيؤثر قوله بلا شك إذا كان مخلصاً لله تعالى في نصيحته غير شامت ولا منتقد, فإن كلمة الحق إذا خرجت من قلب ناصح أثرت تأثيراً بليغاً إما في الحاضر وإما في المستقبل, ألا ترى إلى موسى عليه الصلاة والسلام لما أحضر إليه السحرة في مجمع عظيم قال لهم موسى: وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى [طه:61] قال الله تعالى: فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ [طه:62] يعني: حل بينهم النزاع في الحال؛ لأن الفاء في قوله فَتَنَازَعُوا [طه:62] تدل على الترتيب والتعقيب وعلى السببية أيضاً, إذا دخلت على الجمل فإنها تفيد السببية, فانظر كيف أثرت هذه الكلمة في أولئك السحرة, تنازعوا أمرهم بينهم, وإذا حل التنازع في أمة أو طائفة فإن مآلها الفشل والخذلان؛ قال الله تعالى: وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [الأنفال:46] هذا ما أراه في نصيحة جارك حول تهاونه بصلاة الجماعة, فإن أفاد فيه ذلك فهذا هو المطلوب, وإن لم يفد فإن عليك أن ترفع الأمر إلى الجهات المسئولة, وبذلك تبرأ ذمتك.

السؤال: أصبت في حادث في عام مضى ومكثت خمسة أيام لا أصلي فيها, علماً بأنني كنت في تعب ولم أتذكر تلك الأيام, ولم أتذكر تلك الصلاة أو خلاف ذلك؛ لأنني كنت في غيبوبة وتعب ولا أستطيع استعمال الماء أو التيمم فأفيدوني, هل أقضي تلك الأيام الخمسة؟

الجواب: إذا كان المريض أو المصاب بحادث في إغماء وغيبوبة أو اختلال فكر فإنه لا قضاء عليه سواء طالت المدة أم قصرت؛ لأن المغمى عليه ومن تغير فكره غير مكلف فلا يلزمه القضاء لا قضاء الصوم ولا قضاء الصلاة, فلو أن إنساناً أصيب بحادث في رمضان وأغمي عليه أياماً فإنه لا يلزمه القضاء, وقال بعض أهل العلم: بل يلزمه القضاء؛ لأنه من أهل التكليف في الجملة, والذي يظهر أنه لا قضاء عليه لا في الصيام ولا في الصلاة, هذا إن كان الإغماء بغير فعله, أما إذا كان الإغماء بفعله كالبنج وشبهه فإنه يلزمه القضاء؛ لأنه هو الذي تسبب لفقد الوعي فيلزمه القضاء.

السؤال: أنا موظف وأغلب عملي ميداني خارج الإدارة, ويختلف مقدار العمل الميداني من يوم إلى آخر, فمثلاً بعض الأيام يتم الخروج في الساعة التاسعة وينتهي في الساعة الثانية عشر ظهراً, وفي بعض الأيام يكون أقل من ذلك, فهل يجوز بعد انتهاء عملي المكلف به في الميدان أن أذهب إلى منزلي, علماً بأن عملي تحت أشعة الشمس وقد يتطلب جهداً كبيراً؟

الجواب: العمل الميداني يتقدر بقدره, فإذا أوكل إليه أن يعمل عملاً ميدانياً ثم أنهاه بساعة أو ساعتين فإن بقية الزمن يكون له، يذهب إلى بيته، يذهب إلى صديقه يذهب إلى المسجد، يذهب إلى ما شاء؛ لأن العمل الميداني قد تطول مدته، وربما تكون مدته أكثر من العمل الزمني وقد تقل؛ لأن المطلوب من العامل أن يأتي بهذا العمل بقطع النظر عن مدته, ولكن يجب أن نعلم أنه لا يجوز للإنسان أن يخل بالعمل الموكول إليه من أجل إنجازه بسرعة, بل يجب عليه أن يجتهد غاية الاجتهاد في إقامة هذا العمل على الوجه المطلوب.

السؤال: امرأة طلقها زوجها دون أن يسمعها شيء أو يخبرها بهذا الطلاق, هل هذا الطلاق صحيح؟

الجواب: الطلاق صحيح إذا نطق به, أما إذا أمره على قلبه أو فكر فيه أو عزم عليه فإنه لا يقع, لكن إذا نطق به وقع سواء كانت الزوجة تسمع أم لا, وسواء سمعه أحد أم لا, ما دام قد نطق به, وقال مثلاً: زوجتي طالق فإنها تطلق؛ لأنه تلفظ به, وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( إنما الأعمال بالنيات, وإنما لكل امرئ ما نوى ) أما لو فكر فيه أو عزم عليه أو أمره على قلبه بدون أن ينطق به لسانه فإنه لا يقع الطلاق.

السؤال: هل يجوز لهذه المطلقة أن تخرج لزوجها, وأن تتحدث معه في وقت العدة؟

الجواب: إذا كانت هذه الطلقة الأولى على غير عوض أو الثانية على غير عوض فإن لها أن تتحدث إليه وأن تجتمع به وأن تتجمل له؛ لأنها زوجة ما دامت في العدة؛ قال الله تبارك وتعالى: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ [البقرة:228] فقال: بُعُولَتُهُنَّ [البقرة:228] أي: أزواجهن أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ [البقرة:228] أي: في ذلك الوقت الذي هو وقت العدة؛ ولهذا قال العلماء رحمهم الله: إن المطلقة الرجعية في حكم الزوجات إلا في مسائل استثنوها.

السؤال: ما رأيكم في غطاء الوجه والكفين, هل هو ضروري للمرأة, وإذا لم تغط المرأة الوجه والكفين هل تحاسب بأنها عورة؟

الجواب: القول الراجح من أقوال العلماء الذي دل عليه الكتاب والسنة والنظر الصحيح: أنه يجب على المرأة أن تستر وجهها عن الرجال الذين ليسوا من محارمها؛ لأن ذلك هو الحشمة والبعد عن الفتنة؛ ولهذا نرى أن البلاد التي تطبق ما دل عليه الكتاب والسنة والنظر الصحيح فتغطي المرأة وجهها نجد أن هذه البلاد أبعد البلاد عن الفتنة وأسلمها من الشر.

فنصيحتي لأخواتي المسلمات في كل مكان أن يتقين الله, وأن يسترن الوجوه, وأن يبعدن عن التبرج وعن الفتنة, فإن المرأة مسئولة عن كل ما تكون سبباً له من الشر والبلاء.

السؤال: هل أم الزوجة محرمة دائماً أم مؤقتاً؟

الجواب: أم الزوجة محرمة على زوج ابنتها تحريماً مؤبداً بمجرد العقد, فلو عقد شخص على امرأة عقداً شرعياً صحيحاً ثم طلقها في مكانه فإن أمها تكون محرمة عليه, ويكون هو محرماً لهذه الأم؛ لقول الله تبارك وتعالى حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ [النساء:23] وجدة الزوجة مثل أمها، أي: أنها حرام على زوج ابنة بنتها.

السؤال: أنا أغسل العضو المراد غسله في الوضوء أكثر من المطلوب, هل يكون هذا حراماً؟ إنني أغسل العضو بسبب الوسواس كثيراً, وأيضاً في الصلاة أعيد قراءة الفاتحة أكثر من مرة, وأكرر أيضاً التسليم عدة مرات, وفي إحدى المرات دار خلاف بيني وبين زوجي حول هذا الموضوع, فقال بأن هذا محرم؛ فما رأيكم فضيلة الشيخ؟

الجواب: رأينا أن الزيادة في الوضوء على ثلاث من تعدي حدود الله, وقد قال الله تبارك وتعالى: وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ [الطلاق:1] وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( أنه توضأ مرة مرة, ومرتين مرتين, وثلاثاً ثلاثاً ) وقال: ( من زاد على هذا فقد أساء وتعدى وظلم ) وكذلك يقال في الصلاة لا يكرر المصلي أذكار الصلاة أكثر من مرة إلا ما وردت به السنة, فلا يكرر الفاتحة ولا التكبيرة ولا قراءة سورة مع الفاتحة, وأما ما ورد فيه التكرار كالتسبيح في الركوع وفي السجود لا بأس به, يكرر ما شاء.

وإني أنصح هذه المرأة من التمادي في الوسواس, وأقول: إنه ربما تصل إلى حال شديدة؛ لأن الشيطان يستدرج بني آدم من الصغير إلى الأصغر ومن الأصغر إلى الأكبر والعياذ بالله, فعليها أن تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم, وألا تزيد على ما جاءت به الشريعة لا في وضوئها ولا في صلاتها.

السؤال: إذا اشتكيت من زوجي لأهلي أو عند أهلي هل يكون هذا غيبة أو نميمة؟

الجواب: ليس هذا بغيبة ولا نميمة، الله تعالى يقول: لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ [النساء:148] فمن ظلم فله أن يبدي مظلمته لمن يفرج عنه من هذه المظلمة.

السؤال: هل يجوز الانفراد بالخطيبة؟ علماً بأننا ملتزمان والحمد لله, وقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( ما خلا رجل بامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما ) لكن الحمد لله عندما نجلس مع بعضنا البعض معنا الأسرة, سواء من أسرتي أو أسرتها, ولم نفكر في شيء, بل في جلستنا وحديثنا معها. أفيدونا بذلك.

الجواب: المرأة المخطوبة كغير المخطوبة في النظر إليها والتحدث إليها والجلوس معها, أي: أن ذلك حرام على الإنسان إلا النظر بلا خلوة إذا أراد خطبتها, وإذا كان الرجل يريد أن يستمتع بالجلوس إلى مخطوبته والتحدث إليها فليعقد النكاح فإنه إذا عقد على امرأة حل له أن يتكلم معها وأن يخلو بها وأن يتمتع بالنظر إليها, وحل له كل شيء يحل للزوج من زوجته, فأما أن ينفرد بالمخطوبة ويقول: أنا ملتزم وهي ملتزمة فإن هذا من غرور الشيطان وخداعه؛ لأن الإنسان مهما بلغ في العفة لا يخلو من مصاحبة الشيطان إذا خلا بالمرأة لا سيما وأنها مخطوبته, وأنه يعتقد أنها بعد أيام قلائل تحل له, فإن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم.

وخلاصة القول: أنه يحرم على الخاطب أن يتحدث مع مخطوبته في الهاتف أو يخلو بها في مكان أو يحملها في سيارته وحده, أو تجلس معه ومع أهله وهي كاشفة الوجه.