خطب ومحاضرات
شرح سنن أبي داود [521]
الحلقة مفرغة
إثبات فضل الصحابة في الكتاب والسنة
حدثنا عمرو بن عون أنبأنا ح وحدثنا مسدد حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خير أمتي القرن الذي بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم -والله أعلم أذكر الثالث أم لا- ثم يظهر قوم يشهدون ولا يستشهدون، وينذرون ولا يوفون، ويخونون ولا يؤتمنون، ويفشو فيهم السمن) ].
يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باب في فضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ].
هذه الترجمة معقودة لبيان الفضل الذي أكرم الله به أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن لهم ميزة تميزوا بها على غيرهم، وهي أنهم وجدوا في القرن الذي بعث فيه الرسول صلى الله عليه وسلم، وأكرمهم الله عز وجل في هذه الحياة الدنيا بصحبته، ومتع أبصارهم بالنظر إلى طلعته صلى الله عليه وسلم، وشنف أسماعهم بسماع حديثه من فمه الشريف، وأكرمهم ووفقهم للجهاد معه ونصرته والذب عنه، فصارت لهم هذه الفضائل وهذه الميزات التي ميزهم الله تعالى بها، ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [الحديد:21] ولهذا فإن أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام فضلوا على غيرهم بكونهم القرن الذي بعث فيه الرسول صلى الله عليه وسلم، وهم خير الناس: (خير أمتي القرن الذي بعثت فيهم) والمراد بالقرن هنا: المجموعة من الناس الذين رأوا النبي صلى الله عليه وسلم وصحبوه، فهؤلاء هم قرنه أو القرن الذي بعث فيه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، فليس المقصود به مدة معينة محددة لها بداية ولها نهاية، وإنما المقصود منه هؤلاء القوم وهؤلاء الصحب الذين بعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم وأكرمهم الله بصحبته، وسمعوا كلامه وحديثه، ورأوا شخصه وطلعته صلى الله عليه وسلم، وتلقوا الحق والهدى منه، وبلغوهما إلى الناس، فجعلهم الله عز وجل الواسطة بين الناس وبين الرسول صلى الله عليه وسلم، ما عرف الناس حقاً ولا هدى، ولا وصل إلى الناس كتاب ولا سنة إلا عن طريق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا اشتهر عند العلماء أن الصحابي لا يحتاج إلى أن يعدل وأن يوثق، ولا يحتاج إلى أن يقال: فلان ثقة، وفلان عدل، وفلان كذا وفلان كذا، إذ يكفيهم تعديل الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وثناء الله وثناء رسوله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
ولهذا كان المجهول فيهم في حكم المعلوم، فجهالة الصحابي لا تؤثر، أما من دون الصحابة فإن جهالتهم تؤثر، ولهذا يأتي في كتب الحديث ذكر الرواية عن الصحابة، فيقال: عن رجل صحب النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك حجة ومتفق عليه عند أهل السنة، ولا خلاف في ذلك، أما من دون الصحابة من التابعين ومن دونهم، فإنه يحتاج إلى معرفة أحوالهم وإلى بيان عدالتهم وبيان جرحهم من تعدليهم، وقد يقال في بعض الصحابة: فلان صحابي من أهل بدر، أو شهد بيعة الرضوان، أو شهد بدراً، وذلك للفضل الذي حصل لأهل بدر والفضل الذي حصل لأهل بيعة الرضوان، أي: ليبين أنه من أهل هذا الفضل وممن دخل في هذا الفضل الذي هو كونه بدرياً أو كونه ممن شهد بيعة الرضوان، وقد جاءت نصوص الكتاب والسنة مبينة قدر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيان فضلهم ونبلهم، وأثنى الله عليهم وأثنى عليهم رسوله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وجاء في ذلك آيات كثيرة، وجاء في ذلك أحاديث عديدة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومما جاء في القرآن في فضل الصحابة قول الله عز وجل: وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا [التوبة:100]، وكذلك قول الله عز وجل: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا [الفتح:29].
فهذه الآية الكريمة فيها بيان أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكروا في التوراة والإنجيل، وأنهم ذكروا في الكتب السابقة قبل أن يوجدوا وقبل أن يأتي زمانهم، وهذا دال على فضلهم ونبلهم رضي الله عنهم وأرضاهم، فهم قد ذكروا في تلك الكتب وأثني عليهم فيها، وهذا مما يدل على فضلهم، وفيه أنهم يغاظ بهم الكفار، وذلك لأنهم يقومون بنصرة الدين بالجهاد في سبيل الله، فالكفار يغاظون بهم، ولهذا قال: لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ثم أخبر أنه وعدهم بمغفرة ورحمة فقال: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا والمقصود من ذلك الصحابة، وقد قال منهم، وليس المقصود (من) التبعيضية، وإنما بياناً للجنس، وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً أي أن هذا الوعد إنما هو لهم، ولو لم يأت بكلمة ( منهم ) لصار الأمر لا يخصهم، فلو قيل: وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات مغفرة وأجراً عظيماً. فيكون لهم ولغيرهم، لكن لما جاءت كلمة (منهم) عرف أن هذا الوعد لهم، لكن ليس لبعضهم وإنما هو لجميعهم، لأن من بيانية، وليست تبعيضية، ونظير ذلك قول الله عز وجل: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [المائدة:73] فقوله: الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ ليس المقصود بعضهم، بل كل الذين قالوا: إن الله ثالث ثلاثة توعدوا بهذا الوعيد، فكلمة منهم لبيان الجنس وليست للتبعيض.
فقوله: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً (من) في قوله: (منهم) لبيان الجنس في جانب المدح وفي جانب أهل الحق، وقد تأتي لبيان الجنس في الذم مثل قوله تعالى: لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ أي: من الذين قالوا: إن الله ثالث ثلاثة، فهذا في جانب الذم وفي جانب السوء، مع أنهم كلهم موعودون بهذا الوعد، وليس بعضهم؛ لأن (من) هنا لبيان الجنس وليست للتبعيض.
وكذلك قول الله عز وجل: لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى [الحديد:10] فإنه وإن حصل بينهم التفاوت في الدرجات وعلو المنازل إلا أن الكل وعد الحسنى، والحسنى هي: الجنة، كما قال الله عز وجل: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ [يونس:26].
أما سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد جاءت أحاديث كثيرة تدل على فضل الصحابة وعظيم منزلتهم.
شرح حديث (خير أمتي القرن الذي بعثت فيهم...)
فإذاً: الشك في القرن الثالث بعد قرنه صلى الله عليه وسلم، وليس بقرنه عليه الصلاة والسلام، فالقرون الثلاثة هذه جاءت عن جماعة من الصحابة.
ويوضح ذلك الحديث الصحيح الذي جاء في صحيح البخاري وصحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يأتي على الناس زمان فيغزوا فئام منهم، فيقال: هل فيكم من صحب أو من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون: نعم، فيفتح لهم -وهذا المراد به الصحابة- ثم يأتي على الناس زمان فيغزوا فئام منهم، فيقال: هل فيكم من رأى من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون: نعم، فيفتح لهم، ثم يأتي على الناس زمان فيغزوا فئام منهم، فيقال: هل فيكم من رأى من صحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون: نعم، فيفتح لهم) وهذه القرون الثلاثة هي: قرن الصحابة، وقرن التابعين، وقرن أتباع التابعين.
وقد ذهب أهل السنة والجماعة إلى تفضيل جميع أفراد الصحابة على جميع الأفراد الذين يجيئون بعد زمانهم، أي: أن كل واحد من الصحابة أفضل من أي واحد ممن يأتي بعدهم، ولم يأت ما يخالف ذلك إلا ما نقل عن ابن عبد البر رحمه الله أنه قال: يمكن أن يكون في بعض من يأتي بعد الصحابة من هو أفضل من بعض الصحابة. ولكن هذا خلاف ما عليه أهل السنة والجماعة والذي لا يعرف عنهم غيره، وهو أن التفضيل للجميع لا للمجموع، وأن أي واحد من الصحابة فإنه يكون أفضل من أي واحد ممن بعدهم، فإن ما حصل لهم من صحبة النبي صلى الله عليه وسلم والجهاد معه وتلقي الكتاب والسنة عنه وتأديتهما إلى الناس هذا شيء تميزوا به واختصوا به، فصار لهم فضل لا يدانيه أحد ولا يساويه أحد، ولهذا جاء في حديث سعيد بن زيد رضي الله عنه الذي مر: (لمشهد رجل منهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يغبر به وجهه خير من عمل أحدكم عمره ولو عمر عمر نوح). قوله: [ (خير أمتي القرن الذي بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم) ]، أي: الصحابة والتابعون وأتباع التابعين.
قوله: [ والله أعلم أذكر الثالث أم لا؟ ].
أي: هل ذكر الثالث بعد قرنه؟ وليس الثالث مع قرنه، فإن الثلاثة القرون هذه جاءت فيها النصوص، وإنما الخلاف في القرن الرابع أي قرن أتباع أتباع التابعين، وإلا فإن الثلاثة القرون -قرن الصحابة وقرن التابعين وقرن أتباع التابعين- جاءت عن جماعة من الصحابة.
قوله: [ (ثم يظهر قوم يشهدون ولا يستشهدون) ].
معناه: أنهم يتساهلون في أمر الشهادة ويحرصون على الشهادة دون أن تطلب منهم، وأما إذا كان الإنسان عنده شهادة وصاحب الشهادة لا يدري أن عند فلان شهادة وعنده فصل في أمر من الأمور، وشهادته تبين حقاً وتوضح حقاً فإن إدلاءه بشهادته محمود، ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: (خيركم الذي يأتي بالشهادة قبل أن يسألها) وأما إذا كان صاحب الحق يدري ويعرف، ولكن الإنسان يأتي فيخبر بأنه عنده شهادة، إما لأمر يكون بينه وبين ذلك الشخص الذي يشهد عليه أو لغير ذلك؛ فهذا هو الذي يكون مذموماً.
قوله: [ (وينذرون ولا يوفون) ].
يعني: يحصل منهم النذر ثم لا يوفون، والنذر يجب الوفاء به إذا وجد، ولكن ليس من المرغب فيه أن ينذر الإنسان، وإنما على الإنسان إذا أراد أن يحسن أن يحسن بدون نذر، وإذا أراد أن يتقرب إلى الله عز وجل بقربة فليبادر إليها بدون أن يعلقها بشيء، ودون أن ينيطها بشيء؛ لأن إناطتها بشيء وتعليقها بشيء يعني أن هذا ما حصل منه ابتداءً من أجل أن يتقرب إلى الله عز وجل به، وإنما إذا حصل له كذا فإنه يفعل كذا وكذا، ثم إذا حصل له ذلك الشيء الذي يترتب عليه النذر ضاق صدره وصار يتألم ويبحث عن مخارج يتخلص بها من ذلك النذر الذي ألزم نفسه به، فيكون فعله لتلك العبادة ولتلك الطاعة لم يحصل في البداية على وجه مشروع وعلى وجه مستحب، وفي النهاية حصل التلكؤ وحصل الامتعاض والتأثر والتألم، وأنه لم يكن مرتاحاً إلى ذلك الذي تصدق به، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام (إن النذر لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل) فالبخيل لا يحسن، ولكنه ينيط إحسانه بشيء إذا وجد، وإذا وجد لزمه ذلك، وقد يبحث عن سبيل يتخلص به من ذلك النذر، فالنذر إذا وجد يجب الوفاء به، وهو عبادة لا تكون إلا لله عز وجل، لكن ليس مرغباً فيها وليس مأموراً بها؛ لأنها ليست عبادة متمحضة لله عز وجل ابتداءً، وإنما معلقة بشيء.
قوله: [ (ويخونون ولا يؤتمنون) ].
يعني: تظهر فيهم الخيانة وقلة الأمانة.
قوله: [ (ويفشو فيهم السمن) ].
لأنهم مهتمون بمتع الدنيا والانهماك فيها والافتتان فيها، وعدم الاشتغال بشيء آخر سواها.
تراجم رجال إسناد حديث (خير أمتي القرن الذي بعثت فيهم..)
عمرو بن عون ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أنبأنا ح وحدثنا مسدد ].
التحويل جاء بعد ذكر الصيغة من الشيخ الأول، وذلك أن صيغة كلٍ من الشيخين تختلف في روايته عن أبي عوانة ؛ لأن عمرو بن عون قال: أنبأنا ومسدد ، قال: حدثنا أبو عوانة ، فهو من أجل ذلك أتى بالتحويل.
ومسدد بن مسرهد البصري ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ حدثنا أبو عوانة ].
هو أبو عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن قتادة ].
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن زرارة بن أوفى ].
زرارة بن أوفى ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عمران بن حصين ].
رضي الله عنهما أبو نجيد ، وهو صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في فضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
حدثنا عمرو بن عون أنبأنا ح وحدثنا مسدد حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خير أمتي القرن الذي بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم -والله أعلم أذكر الثالث أم لا- ثم يظهر قوم يشهدون ولا يستشهدون، وينذرون ولا يوفون، ويخونون ولا يؤتمنون، ويفشو فيهم السمن) ].
يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باب في فضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ].
هذه الترجمة معقودة لبيان الفضل الذي أكرم الله به أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن لهم ميزة تميزوا بها على غيرهم، وهي أنهم وجدوا في القرن الذي بعث فيه الرسول صلى الله عليه وسلم، وأكرمهم الله عز وجل في هذه الحياة الدنيا بصحبته، ومتع أبصارهم بالنظر إلى طلعته صلى الله عليه وسلم، وشنف أسماعهم بسماع حديثه من فمه الشريف، وأكرمهم ووفقهم للجهاد معه ونصرته والذب عنه، فصارت لهم هذه الفضائل وهذه الميزات التي ميزهم الله تعالى بها، ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [الحديد:21] ولهذا فإن أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام فضلوا على غيرهم بكونهم القرن الذي بعث فيه الرسول صلى الله عليه وسلم، وهم خير الناس: (خير أمتي القرن الذي بعثت فيهم) والمراد بالقرن هنا: المجموعة من الناس الذين رأوا النبي صلى الله عليه وسلم وصحبوه، فهؤلاء هم قرنه أو القرن الذي بعث فيه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، فليس المقصود به مدة معينة محددة لها بداية ولها نهاية، وإنما المقصود منه هؤلاء القوم وهؤلاء الصحب الذين بعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم وأكرمهم الله بصحبته، وسمعوا كلامه وحديثه، ورأوا شخصه وطلعته صلى الله عليه وسلم، وتلقوا الحق والهدى منه، وبلغوهما إلى الناس، فجعلهم الله عز وجل الواسطة بين الناس وبين الرسول صلى الله عليه وسلم، ما عرف الناس حقاً ولا هدى، ولا وصل إلى الناس كتاب ولا سنة إلا عن طريق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا اشتهر عند العلماء أن الصحابي لا يحتاج إلى أن يعدل وأن يوثق، ولا يحتاج إلى أن يقال: فلان ثقة، وفلان عدل، وفلان كذا وفلان كذا، إذ يكفيهم تعديل الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وثناء الله وثناء رسوله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
ولهذا كان المجهول فيهم في حكم المعلوم، فجهالة الصحابي لا تؤثر، أما من دون الصحابة فإن جهالتهم تؤثر، ولهذا يأتي في كتب الحديث ذكر الرواية عن الصحابة، فيقال: عن رجل صحب النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك حجة ومتفق عليه عند أهل السنة، ولا خلاف في ذلك، أما من دون الصحابة من التابعين ومن دونهم، فإنه يحتاج إلى معرفة أحوالهم وإلى بيان عدالتهم وبيان جرحهم من تعدليهم، وقد يقال في بعض الصحابة: فلان صحابي من أهل بدر، أو شهد بيعة الرضوان، أو شهد بدراً، وذلك للفضل الذي حصل لأهل بدر والفضل الذي حصل لأهل بيعة الرضوان، أي: ليبين أنه من أهل هذا الفضل وممن دخل في هذا الفضل الذي هو كونه بدرياً أو كونه ممن شهد بيعة الرضوان، وقد جاءت نصوص الكتاب والسنة مبينة قدر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيان فضلهم ونبلهم، وأثنى الله عليهم وأثنى عليهم رسوله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وجاء في ذلك آيات كثيرة، وجاء في ذلك أحاديث عديدة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومما جاء في القرآن في فضل الصحابة قول الله عز وجل: وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا [التوبة:100]، وكذلك قول الله عز وجل: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا [الفتح:29].
فهذه الآية الكريمة فيها بيان أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكروا في التوراة والإنجيل، وأنهم ذكروا في الكتب السابقة قبل أن يوجدوا وقبل أن يأتي زمانهم، وهذا دال على فضلهم ونبلهم رضي الله عنهم وأرضاهم، فهم قد ذكروا في تلك الكتب وأثني عليهم فيها، وهذا مما يدل على فضلهم، وفيه أنهم يغاظ بهم الكفار، وذلك لأنهم يقومون بنصرة الدين بالجهاد في سبيل الله، فالكفار يغاظون بهم، ولهذا قال: لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ثم أخبر أنه وعدهم بمغفرة ورحمة فقال: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا والمقصود من ذلك الصحابة، وقد قال منهم، وليس المقصود (من) التبعيضية، وإنما بياناً للجنس، وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً أي أن هذا الوعد إنما هو لهم، ولو لم يأت بكلمة ( منهم ) لصار الأمر لا يخصهم، فلو قيل: وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات مغفرة وأجراً عظيماً. فيكون لهم ولغيرهم، لكن لما جاءت كلمة (منهم) عرف أن هذا الوعد لهم، لكن ليس لبعضهم وإنما هو لجميعهم، لأن من بيانية، وليست تبعيضية، ونظير ذلك قول الله عز وجل: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [المائدة:73] فقوله: الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ ليس المقصود بعضهم، بل كل الذين قالوا: إن الله ثالث ثلاثة توعدوا بهذا الوعيد، فكلمة منهم لبيان الجنس وليست للتبعيض.
فقوله: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً (من) في قوله: (منهم) لبيان الجنس في جانب المدح وفي جانب أهل الحق، وقد تأتي لبيان الجنس في الذم مثل قوله تعالى: لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ أي: من الذين قالوا: إن الله ثالث ثلاثة، فهذا في جانب الذم وفي جانب السوء، مع أنهم كلهم موعودون بهذا الوعد، وليس بعضهم؛ لأن (من) هنا لبيان الجنس وليست للتبعيض.
وكذلك قول الله عز وجل: لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى [الحديد:10] فإنه وإن حصل بينهم التفاوت في الدرجات وعلو المنازل إلا أن الكل وعد الحسنى، والحسنى هي: الجنة، كما قال الله عز وجل: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ [يونس:26].
أما سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد جاءت أحاديث كثيرة تدل على فضل الصحابة وعظيم منزلتهم.
وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث عمران بن حصين : (خير أمتي القرن الذي بعثت فيهم) وهم الصحابة، وقوله: (الذي بعثت فيهم) يدلنا على أن المقصود هؤلاء الذين رأوه والذين سمعوا كلامه، والذين تلقوا الحق والهدى منه وبلغوهما إلى الناس، فهؤلاء هم خير أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال: (خير أمتي القرن الذي بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم) أي: قرن الصحابة أولاً ثم قرن التابعين ثم قرن أتباع التابعين، وقد جاء الشك في حديث عمران بن حصين ، يعني هل ذكر الثالث أي: بعد قرنه صلى الله عليه وسلم، وليس المقصود من ذلك الشك في قرن أتباع التابعين، فإن الأحاديث التي وردت في ذكر القرون الثلاثة كثيرة، وإنما الشك في كونه ذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثة، والصحيح أنه ذكر قرنين، مع قرنه، فقرنه الذي هو قرن الصحابة وقرن التابعين وأتباع التابعين، والقرن الرابع لم يثبت فيه شيء، وإنما الثابت هو القرن الثالث الذي هو قرن أتباع التابعين.
فإذاً: الشك في القرن الثالث بعد قرنه صلى الله عليه وسلم، وليس بقرنه عليه الصلاة والسلام، فالقرون الثلاثة هذه جاءت عن جماعة من الصحابة.
ويوضح ذلك الحديث الصحيح الذي جاء في صحيح البخاري وصحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يأتي على الناس زمان فيغزوا فئام منهم، فيقال: هل فيكم من صحب أو من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون: نعم، فيفتح لهم -وهذا المراد به الصحابة- ثم يأتي على الناس زمان فيغزوا فئام منهم، فيقال: هل فيكم من رأى من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون: نعم، فيفتح لهم، ثم يأتي على الناس زمان فيغزوا فئام منهم، فيقال: هل فيكم من رأى من صحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون: نعم، فيفتح لهم) وهذه القرون الثلاثة هي: قرن الصحابة، وقرن التابعين، وقرن أتباع التابعين.
وقد ذهب أهل السنة والجماعة إلى تفضيل جميع أفراد الصحابة على جميع الأفراد الذين يجيئون بعد زمانهم، أي: أن كل واحد من الصحابة أفضل من أي واحد ممن يأتي بعدهم، ولم يأت ما يخالف ذلك إلا ما نقل عن ابن عبد البر رحمه الله أنه قال: يمكن أن يكون في بعض من يأتي بعد الصحابة من هو أفضل من بعض الصحابة. ولكن هذا خلاف ما عليه أهل السنة والجماعة والذي لا يعرف عنهم غيره، وهو أن التفضيل للجميع لا للمجموع، وأن أي واحد من الصحابة فإنه يكون أفضل من أي واحد ممن بعدهم، فإن ما حصل لهم من صحبة النبي صلى الله عليه وسلم والجهاد معه وتلقي الكتاب والسنة عنه وتأديتهما إلى الناس هذا شيء تميزوا به واختصوا به، فصار لهم فضل لا يدانيه أحد ولا يساويه أحد، ولهذا جاء في حديث سعيد بن زيد رضي الله عنه الذي مر: (لمشهد رجل منهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يغبر به وجهه خير من عمل أحدكم عمره ولو عمر عمر نوح). قوله: [ (خير أمتي القرن الذي بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم) ]، أي: الصحابة والتابعون وأتباع التابعين.
قوله: [ والله أعلم أذكر الثالث أم لا؟ ].
أي: هل ذكر الثالث بعد قرنه؟ وليس الثالث مع قرنه، فإن الثلاثة القرون هذه جاءت فيها النصوص، وإنما الخلاف في القرن الرابع أي قرن أتباع أتباع التابعين، وإلا فإن الثلاثة القرون -قرن الصحابة وقرن التابعين وقرن أتباع التابعين- جاءت عن جماعة من الصحابة.
قوله: [ (ثم يظهر قوم يشهدون ولا يستشهدون) ].
معناه: أنهم يتساهلون في أمر الشهادة ويحرصون على الشهادة دون أن تطلب منهم، وأما إذا كان الإنسان عنده شهادة وصاحب الشهادة لا يدري أن عند فلان شهادة وعنده فصل في أمر من الأمور، وشهادته تبين حقاً وتوضح حقاً فإن إدلاءه بشهادته محمود، ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: (خيركم الذي يأتي بالشهادة قبل أن يسألها) وأما إذا كان صاحب الحق يدري ويعرف، ولكن الإنسان يأتي فيخبر بأنه عنده شهادة، إما لأمر يكون بينه وبين ذلك الشخص الذي يشهد عليه أو لغير ذلك؛ فهذا هو الذي يكون مذموماً.
قوله: [ (وينذرون ولا يوفون) ].
يعني: يحصل منهم النذر ثم لا يوفون، والنذر يجب الوفاء به إذا وجد، ولكن ليس من المرغب فيه أن ينذر الإنسان، وإنما على الإنسان إذا أراد أن يحسن أن يحسن بدون نذر، وإذا أراد أن يتقرب إلى الله عز وجل بقربة فليبادر إليها بدون أن يعلقها بشيء، ودون أن ينيطها بشيء؛ لأن إناطتها بشيء وتعليقها بشيء يعني أن هذا ما حصل منه ابتداءً من أجل أن يتقرب إلى الله عز وجل به، وإنما إذا حصل له كذا فإنه يفعل كذا وكذا، ثم إذا حصل له ذلك الشيء الذي يترتب عليه النذر ضاق صدره وصار يتألم ويبحث عن مخارج يتخلص بها من ذلك النذر الذي ألزم نفسه به، فيكون فعله لتلك العبادة ولتلك الطاعة لم يحصل في البداية على وجه مشروع وعلى وجه مستحب، وفي النهاية حصل التلكؤ وحصل الامتعاض والتأثر والتألم، وأنه لم يكن مرتاحاً إلى ذلك الذي تصدق به، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام (إن النذر لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل) فالبخيل لا يحسن، ولكنه ينيط إحسانه بشيء إذا وجد، وإذا وجد لزمه ذلك، وقد يبحث عن سبيل يتخلص به من ذلك النذر، فالنذر إذا وجد يجب الوفاء به، وهو عبادة لا تكون إلا لله عز وجل، لكن ليس مرغباً فيها وليس مأموراً بها؛ لأنها ليست عبادة متمحضة لله عز وجل ابتداءً، وإنما معلقة بشيء.
قوله: [ (ويخونون ولا يؤتمنون) ].
يعني: تظهر فيهم الخيانة وقلة الأمانة.
قوله: [ (ويفشو فيهم السمن) ].
لأنهم مهتمون بمتع الدنيا والانهماك فيها والافتتان فيها، وعدم الاشتغال بشيء آخر سواها.
قوله: [ حدثنا عمرو بن عون ].
عمرو بن عون ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أنبأنا ح وحدثنا مسدد ].
التحويل جاء بعد ذكر الصيغة من الشيخ الأول، وذلك أن صيغة كلٍ من الشيخين تختلف في روايته عن أبي عوانة ؛ لأن عمرو بن عون قال: أنبأنا ومسدد ، قال: حدثنا أبو عوانة ، فهو من أجل ذلك أتى بالتحويل.
ومسدد بن مسرهد البصري ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ حدثنا أبو عوانة ].
هو أبو عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن قتادة ].
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن زرارة بن أوفى ].
زرارة بن أوفى ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عمران بن حصين ].
رضي الله عنهما أبو نجيد ، وهو صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
لا تعارض بين (خير الناس قرني) و(خير أمتي قرني)
الجواب: ما هناك تعارض، لكن لا نعرف لفظاً (بخير القرون)، وإنما ورد قوله: (خير الناس)، أو (خير أمتي)، وهذه معناها واحد.
بداية قرن الصحابة ونهايته
الجواب: القرن الأول يبدأ ببعثة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنه بحصول الإيمان به تكون بدأت الصحبة، وبوفاة آخر واحد من الصحابة ينتهي ذلك القرن، ويقال: إن أبا الطفيل هو آخر الصحابة موتاً، وكانت وفاته سنة مائة وعشر.
ضابط القرن الثاني والثالث بعد قرن الصحابة
الجواب: القرن الثاني: هم التابعون، وهم الذين رأوا الصحابة، وفيهم كبار وفيهم متوسطون وفيهم صغار، ولهذا يقال: من كبار التابعين، أو من أوساط التابعين، أو من صغار التابعين، وقد جاء ذكر المثال لهذه الأصناف من التابعين في أول حديث في صحيح البخاري وهو حديث: (إنما الأعمال بالنيات) فقد رواه عمر بن الخطاب ورواه عن عمر علقمة بن وقاص الليثي وهو من كبار التابعين، ورواه عن علقمة بن وقاص محمد بن إبراهيم التيمي وهو من أوساط التابعين، ورواه عن محمد بن إبراهيم التيمي يحيى بن سعيد الأنصاري وهو من صغار التابعين، والتابعون كما هو معلوم فيهم المخضرمون الذين كانوا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكنهم ما رأوا النبي صلى الله عليه وسلم وإنما رأوا كبار الصحابة ورووا عنهم، مثل قيس بن أبي حازم الذي قيل: إنه اتفق له أن يروي عن العشرة المبشرين بالجنة، وكذلك غيره ممن هم موصوفون بأنهم مخضرمون، وينتهي هذا القرن بوفاة آخر واحد رأى واحداً من الصحابة، وكذلك أتباع التابعين الذين رأوا التابعين.
والأحاديث الثلاثية في صحيح البخاري فيها بيان الكبار من هؤلاء وهؤلاء، والثلاثيات هي التي يكون فيها بين البخاري والنبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أشخاص؛ صحابي وتابعي وتابع تابعي، فهو يكون قد روى عن أتباع التابعين، مثل محمد بن عبد الله الأنصاري ، ومكي بن إبراهيم ، وأبي عاصم النبيل ، فهؤلاء هم ممن روى عنهم الثلاثيات، والبخاري توفي سنة مائتين وستة وخمسين، وأولئك الذين هم من كبار شيوخه ماتوا في حدود سنة مائتين وعشرين.
عدالة الصحابة مؤكدة وكذلك ضبطهم
الجواب: لا يبحث عن ضبطهم، ولا يقال: إن هذا ضابط أو غير ضابط، أو هذا يتوقف في خبره، بل كل ما جاء عنهم فإنه مقبول ومعول عليه.
تعليل الحديث بجهالة الصحابة غير مسلم به، وهو مذهب شواذ المبتدعة
الجواب: هذا ما له قيمة؛ لأن كتب الحديث فيها هذا الشيء، فهو موجود في صحيح البخاري وفي غيره، وفي تحفة الأشراف الأشخاص الذين ما سموا وقد جاءت الأحاديث عنهم في الكتب الستة، فالجهالة غير مؤثرة وغير معتبرة، ولم يخالف في عدالة الصحابة إلا أهل البدع، قال الحافظ ابن حجر : ولم يخالف في ذلك إلا شذوذ من المبتدعة، وقال السيوطي في كتابه تدريب الراوي: وقالت المعتزلة: هم عدول إلا من قاتل علياً ، وبه يتبين الشذوذ من المبتدعة.
استمع المزيد من الشيخ عبد المحسن العباد - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح سنن أبي داود [139] | 2890 استماع |
شرح سنن أبي داود [462] | 2842 استماع |
شرح سنن أبي داود [106] | 2835 استماع |
شرح سنن أبي داود [032] | 2731 استماع |
شرح سنن أبي داود [482] | 2702 استماع |
شرح سنن أبي داود [529] | 2693 استماع |
شرح سنن أبي داود [555] | 2686 استماع |
شرح سنن أبي داود [177] | 2679 استماع |
شرح سنن أبي داود [097] | 2654 استماع |
شرح سنن أبي داود [273] | 2649 استماع |