خطب ومحاضرات
فتاوى نور على الدرب [584]
الحلقة مفرغة
السؤال: شخص قال في مجلس: بسم الله يا سيدي يا رسول الله، فقال له أحد الإخوة: هذا شرك. هل هذا صحيح وماذا يجب على القائل وبماذا توجهونه مأجورين؟
الجواب: خطاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يجوز إلا فيما جاءت به السنة، وقد جاءت السنة بقول المُسلَّم عليه: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، وأما قول القائل: يا سيدي يا رسول الله فأقل ما يقال فيه: إنه بدعة، فإن ناداه هذا النداء ليستغيث به ويستعين به على أمر كان شركاً، فالمسألة تحتاج إلى تفصيل: إذا قال: يا سيدي يا رسول الله: إن كان يريد أن يستغيث به أو يستعين به فهذا شرك ودعاء بغير الله عز وجل، وإن قال: يا سيدي يا رسول الله السلام عليك فهذا بدعة لم يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وعلى كل حال فعلى القائل مثل هذا القول أن يتوب إلى الله وألا يعود إليه.
السؤال: تم عقد قراني بابنة عمي بدون استشارتي وبدون أي سابق علم، وتم ذلك بواسطة والدي فتقبلت الزواج إرضاءً لوالدي، ما حكم الزواج وهل هو مستوف للشرط مع منهج شروط العقد؟ مع العلم بأنني مقيم في مكان والعقد حصل في مكان آخر؟
الجواب: العقد صحيح عند بعض العلماء إذا أجزته ووافقت عليه، وغير صحيح عند آخرين، وعلى هذا فنرى أن من الاحتياط أن تعيد العقد قبل أن تدخل على المرأة التي عقد لك أبوك عليها.
السؤال: كم عدد التكبيرات في صلاة العيدين وما حكم صلاة من لم يأتِ بها في صلاته؟
الجواب: التكبيرات الزائدة عن تكبيرة الإحرام، والتكبيرات الزائدة في الركعة الثانية سنة وليست بواجبة، فلو تركها الإنسان فلا شيء عليه، وأما عددها فمختلف فيه بين السلف، والمختار منها أن يكبر ست تكبيرات بعد تكبيرة الإحرام في الركعة الأولى وخمس تكبيرات إذا قام في الركعة الثانية.
السؤال: يستفسر عن الآيتين الكريمتين: وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ [النساء:22]، والآية الثانية: وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ [النساء:23]؟
الجواب: أما الآية الأولى فمعناها: أن لا تعقد النكاح على من عقد عليها آباؤكم، ويشمل أب الصلب أو الأجداد الذين فوقه، سواء كانوا من قبل الأم أو من قبل الأب، فلا يجوز للرجل أن يتزوج من عقد عليها أبوه أو جده سواء كان جده من قبل الأب أو من قبل الأم، وقوله تعالى: إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ [النساء:22] يعني: لكن ما قد سلف في الجاهلية من هذا الفعل فإنه معفو عنه.
وأما قوله تعالى: وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ [النساء:23] فمعناه: أن الله حرم أن نجمع بين الأختين من نسب أو رضاع: إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ [النساء:22] يعني: لكن ما قد سلف لكم في الجاهلية فلا حرج عليكم فيه، والجمع بين الأختين محرم فإن تزوجهما في عقد واحد بأن قال أبوهما: زوجتك ابنتي فكلا العقدين باطل، وإن سبق أحدهما الآخر فالسابق هو الصحيح، فلو زوج ابنته رجلاً في أول النهار ثم زَوَّجَهُ أختها في آخر النهار مع بقاء الأولى فنكاح الثانية باطل، وكذلك ( لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها )، فهؤلاء ثلاث لا يجمع بينهم: الأختان، والعمة وبنت أخيها، والخالة وبنت أختها، وما عدا ذلك من الأقارب فإنه يجوز الجمع بينهن، فيجوز الجمع بين ابنتي العم، وبين ابنتي الخال، لكن لا ينبغي أن يجمع بين القريبات؛ لأن ذلك قد يفضي إلى قطيعة الرحم بينهما، إذ أن المعروف عادة أن الضرة تغار من ضرتها ويحصل بينها وبينها عداوة وبغضاء.
السؤال: هل تجوز الصلاة بعد الفجر وبعد العصر؟
الجواب: إذا أراد بعد الفجر وبعد العصر، أي: بعد دخول الوقتين فهي جائزة، وأما إذا أراد بعد العصر وبعد الفجر، أي: بعد الصلاتين فإنها غير جائزة، فلا يجوز للإنسان أن يتطوع بنافلة بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس وترتفع قيد رمح، ولا أن يتطوع بنافلة بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس، أما الفريضة فيصليها متى ذكرها ولو في وقت النهي، وأما النافلة التي لها سبب كتحية المسجد فقد اختلف العلماء فيها: فمنهم من قال: إنها تجوز بعد صلاة الفجر وبعد صلاة العصر، ومنهم من قال: لا تجوز، والصحيح أنها تجوز، وأن كل نافلة لها سبب فإنه يجوز أن يفعلها في وقت النهي كتحية المسجد، وركعتي الطواف، وركعتي الاستخارة فيما يفوت، وصلاة الكسوف على القول بأنها سنة وما أشبه ذلك.
السؤال: أسأل عن حكم الشرع في تعاطي المرأة حبوب منع الحمل هل يجوز أن تأخذه أم لا؟
الجواب: لا ينبغي أن يوجه السؤال لعالم يخطئ ويصيب، فيقال له: ما حكم الشرع، إلا أن يقيد فيقال: ما حكم الشرع في نظرك، وعليه فنقول: نرى أن استعمال حبوب منع الحمل ممنوع؛ وذلك لما يترتب عليه من الأضرار البدنية التي قد تتعدى إلى الجنين فيتشوه، ولما يترتب عليه من الأضرار الشرعية حيث إن الحيضة من استعمال هذه الحبوب لا تترتب ولا تنتظم فتتشوش العبادة على المرأة ولا تدري الذي أصابها حيض هو أم غير حيض، فقد تدع الصلاة في وقت لا يجوز تركها، وقد تصلي في وقت لا يجوز فيه الصلاة، لكن لو احتاجت المرأة إلى تقليل الحمل لسبب شرعي فلتستعمل أشياء أخرى تمنع الحمل سوى هذه الحبوب.
السؤال: نود أن نستفسر عن حكم الصلاة بمسجد بقبلته مقبرة حيث تبعد القبور عن المسجد بمسافة لا تزيد عن أربعة أمتار، ولا يوجد حاجز بين المسجد والقبور، ولا يمكننا طمس تلك القبور أو إنشاء حاجز بين المسجد والقبور كما نرجو من فضيلتكم بيان معنى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه: ( لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها )، هل المقصود بقوله عليه الصلاة والسلام: ( لا تصلوا إلى القبور ) الصلاة باتجاه القبر أو المقصود بها تعظيمها والتبرك بها، وقد أرسلت لكم رسماً توضيحياً للمسجد والمقبرة؟
الجواب: بعد النظر إلى الرسم تبين أن المقبرة في قبلة المسجد تماماً، وأنه ليس بينها وبين المسجد حاجز؛ لأن باب المقبرة مفتوح في جدار المسجد في جناح خارج عن المسجد، لكن هذا الجدار يمتد إلى جدار المسجد القبلي، وعلى هذا فلابد من أن يوضع جدار يحول بين المسجد وبين المقبرة، وهذا ليس بمتعذر، وقول السائل: إنه متعذر لا نرى له وجهاً وليس بمقبول، بل يوضع الجدار ويرفع ولا حرج أن يكون أعلى الجدار مفتوحاً من أجل الإضاءة والهواء، وبذلك يزول الإشكال.
السؤال: فتاة متدينة وتحمد الله، وقد تقدم لخطبتها شاب متدين وفقيه ومتمكن من معرفة الأمور الشرعية وأحكامه، تقول: وقد خطبني من أبي ولكنه رفض وقال: يجب أن يكون من العائلة، وقال: إنه ليس من العائلة، وقد قرأت في أحد الكتب حديثاً عن الرسول صلى الله عليه وسلم: ( إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير )، ما هي الفتنة في هذا الحديث وهل على والدي ذنب في رفضه لهذا الشاب؟
الجواب: هذا السؤال يحتاج جوابه إلى مقدمة ونصيحة نوجهها إلى أولياء الأمور في تزويج النساء: إنه من المعلوم أن ولي المرأة يجب عليه أداء الأمانة، بحيث لا يزوجها مَنْ لا يرضى دينه حتى وإن رغبته المرأة؛ لأن المرأة قاصرة في عقلها وتفكيرها، ولهذا لا يصح أن تكون الأميرة إمرة عامة على الرجال والنساء، وإن كان يصح أن تكون ولية لأمور النساء في حقل النساء كمديرة المدرسة ونحوها، فقد تختار لنفسها من لا يرضى دينه، لإعجابها بصورته، أو لإعجابها بفصاحته، أو تملقه أو ما أشبه ذلك، وفي هذه الحال لوليها أن يمنعها من نكاحها بهذا الخاطب، وكما أن له منعها من التزويج بمن لا يرضى دينه، فإنه يحرم عليه منعها أن تتزوج بمن رضيته وهو ذو خلق ودين؛ لأن الأمر إليها في ذلك، والولي ما هو إلا متول لأمرها لئلا تغتر وتختار من لا ينبغي أن تتزوج به، ولكن ليس له السيطرة التامة عليها بحيث يمنعها عمن شاء ويزوجها بمن شاء، فيجب على ولي أمر المرأة إذا خطبها من يرضى دينه وخلقه ورضيته أن يُزَوجها، ولا يحل له منعها فإن منع فهو آثم، بل قد قال العلماء: إذا تكرر منعه فإنه يكون فاسقاً تسقط وِلايته وتنتقل الولاية إلى من بعده، وعلى هذا فإذا منع الأب من تزويج ابنته بشخص رضيته ويُرضى دينه وخلقه فلعمها أن يزوجها ولو كره أبوها، ولأخيها أن يزوجها ولو كره أبوه، والأخ مقدم على العم لكن الأخ قد لا يتقدم بتزويجها خوفاً من أبيه فيزوجها في هذه الحالة العم، وإذا قدر أن العم امتنع زوجها ابن العم، وإذا امتنعت العائلة احتراماً لأبيها زوجها القاضي، وهذا وإن كان ممتنعاً عدة وعرفاً فإننا نبين أنه حق للمرأة سواء فعلته أم لم تفعله، لكننا نحذر أولياء الأمور من أن يمنعوا من ولاهم الله عليهن من تزويجهن بكفء يرضينه، هذا ما أحب أن ينتبه له أولياء الأمور في تزويج النساء.
أما هذه القضية الخاصة فنقول لهذه المرأة: إذا امتنع والدك من أن يزوجك بمن رضيته خلقاً وديناً وأَبَى أن يزوجك إلا من العائلة فإنه لا يجب عليك طاعته، بل لك الحق أن تطلبي من ولي بعده أن يزوجك، فإن امتنع الأولياء اتباعاً للعادات والتقاليد فاطلبي ذلك من القاضي، وعلى القاضي أن يزوجك إلا أن يرى أو يخاف مفسدة عظمى في تزويجك فالأمر إليه، وأما معنى الحديث: ( إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه -أو قال: فانكحوه- إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير )، فالفتنة: هي إما في المال، وإما في العرض، والفساد الكبير: ما يترتب على هذه الفتنة من الشر وانتشار الزنا وغير ذلك، وهذا تحذير من النبي صلى الله عليه وسلم لمن منع تزويج موليته بمن يُرضى دينه وخلقه.
السؤال: هل زوجة جدي من محارمي وللعلم بأنها مطلقة منه؟
الجواب: زوجة الجد من محارم ابن الابن أو ابن البنت، وفي هذا الصدد نود أن نبين قاعدة مهمة في هذا الباب، فنقول: إذا تزوج الإنسان امرأة صار أبوه وأجداده من قبل الأب أو من قبل الأم محارم لهذه الزوجة، سواء بقيت مع زوجها أو طلقها أو مات عنها، وكذلك أبناء الزوج وأبناء أبنائه وأبناء بناته كلهم محارم لهذه الزوجة، فصار أصول الزوج وهم آباؤه وأجداده محارم، وفروع الزوج وهم أبناؤه وأبناء بناته محارم لهذه الزوجة، أما جانب الزوجة فإن الرجل إذا تزوج امرأة صارت أُمها وجداتها من محارمه -أي: صار محرماً لأمها وجداتها- سواء بقيت الزوجة معه أم لم تبق، وأما بناتها أي: بنات الزوجة وبنات بناتها وبنات أبنائها فالزوج محرم لهن إن كان قد دخل بها، أي: قد جامعها، فأما لو عقد عليها ثم طلقها بدون أن يجامعها فإن بناتها وبنات أبنائها وبنات بناتها لا يكون محرماً لهن، وهذا معلوم من قول الله تبارك وتعالى: وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا * حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ [النساء:22-23].
السؤال: هل صلاة التسبيح صحيحة أم بدعة؟
الجواب: صلاة التسبيح ليست صحيحة كما حقق ذلك أهل العلم، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فإنه قال: إن حديثها باطل، وإنه لم يستحبها أحد من الأئمة، ومعلوم أنها لو كانت من شريعة الله لكانت مما تتوافر الدواعي على نقله ولأخرجها أصحاب الأمهات الصحيحة، وهي ليست في البخاري ولا في مسلم ، والدواعي تتوافر على نقلها من أجل ما ذكر فيها من فضل ومن أجل ما خرجت به عن نظائرها من الصلوات، فإن الغريب يكون في العادة منقولاً مشهوراً بين الناس.
فالصواب: أنها ليست بسنة، وأنه لا ينبغي للإنسان أن يتعبد الله بها؛ لعدم ثبوتها عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
فتاوى نور على الدرب [707] | 3913 استماع |
فتاوى نور على الدرب [182] | 3693 استماع |
فتاوى نور على الدرب [460] | 3647 استماع |
فتاوى نور على الدرب [380] | 3501 استماع |
فتاوى نور على الدرب [221] | 3496 استماع |
فتاوى نور على الدرب [411] | 3478 استماع |
فتاوى نور على الدرب [21] | 3440 استماع |
فتاوى نور على الدرب [82] | 3438 استماع |
فتاوى نور على الدرب [348] | 3419 استماع |
فتاوى نور على الدرب [708] | 3341 استماع |