أرشيف المقالات

مسألة الآية 23 من سورة الجاثية

مدة قراءة المادة : دقيقتان .
مسألة الآية 23 من سورة الجاثية

﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [الجاثية: 23].
آية توجِّه عقل واهتمام ونظر السامع الواعي المتدبِّر لكلام الله - عز وجل - إلى وضعيَّة وحالة الإنسان بين اتباع الهوى والتسليم للرغبات والشهوات، وبين المنهج السليم الحق الذي جبل عليه، الذي يؤمِّن للإنسان النجاة من العذاب والألم، ويضمَن له سبُل السلام والراحة والطمأنينة.
 
حيث توضِّح هذه الآية الكريمة وتفحَص تلك الجدلية التي يعيشها الإنسان، وتَكشِف عن حقيقتِها وتُبيِّنها تبيانًا واضحًا جليًّا فريدًا؛ حيث إن من الناس من يتخذ إلهه هواه، فكأنه بذلك أسلم نفسه لشهواتها ورغباتها وأهوائها، فهي محرِّكة ودافعَة إلى الفعل حتى كانت إلاهًا يُمتثَل لأوامرها، ويسعى إلى تحقيق مطلوباتها دون امتِثال إلى صوت الحق فيه، وإلى أوامر المنهج السليم والهُدى الذي جبل وفطر عليه الإنسان؛ حيث تتعمَّق بنا الآية العظيمة إلى دقائق وحقيقة هذه الوضعية التي يعيشها الإنسان، فاتخاذ الإنسان الهوى إلهًا في حياته وتعامله ومعاملاته كان سببًا مُباشرًا في ابتعاده عن المنهج الحق، بل وعدم فسح المجال لتلقِّيه واستيعابه وجعله محركًا لفعل الإنسان أمام هواه.
 
إذًا هي الضَّلالةُ وعكسُها الهداية، هذه الجدلية بين الضلالة والهداية التي يعيشها ويُواجِهُها كل إنسان في كل دقائق حياته إنما هي على علم من الله - عز وجل - فإرادة الإنسان بعلْم من الله تُحدِّد فعله من اتباع للهوى أو للمنهَج الحق، فتكون بذلك ضلالة الإنسان أو هدايتِه.
 
إضافة إلى ما يَستتبع الحالتين؛ أي: حالة الضلالة، وحالة الهداية من أسباب ومُعايَنات وشواهد وحالات ووضعيات يعيشها الإنسان تدفعه وتحثُّه وتسعى به إذا أراد أن يَبتعد عن طريق الضلال ويقرب إلى طريق الرشد والهدى.

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٣