فتاوى نور على الدرب [576]


الحلقة مفرغة

السؤال: شاب لم يستطع الزواج نظراً لغلاء المهور، فبماذا تنصحونه مع أنه يطلب العلم الشرعي؟ وهل من نصيحة للآباء وأولياء أمور البنات؟

الجواب: أنصح هذا الشاب بما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم حيث قال: ( يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) هكذا أرشد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الشباب وأمرهم بأن يصبروا وأن يستعفوا ليغنيهم الله عز وجل، كما قال الله تعالى: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ [النور:33]، وفي الحديث: ( ثلاثة حق على الله عونهم ) وذكر منهم: ( المتزوج يريد العفاف ).

أما نصيحتنا لأولياء الأمور فإننا نذكرهم الله عز وجل فيمن ولاهم الله عليهم من النساء، ونذكرهم أن يتقوا الله تعالى فيهن، ونذكرهم أن يزوجوهن من يرضى دينه وخلقه لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير )، ونذكرهم بأن المقصود بالنكاح ليس جمع المال لا للزوجة ولا لأهلها، المقصود بالنكاح هو إعفاف كل من الزوجين لتحصين الفرج وغض البصر، المقصود بالنكاح أن يجعل الله بينهما -أي: بين الزوجين- ولداً صالحاً ينتفع بحياته وينفع والديه في حياتهما وبعد مماتهما، المقصود بالنكاح دفع أسباب الشر والفتنة والفساد، المقصود بالنكاح خيرٌ كثير لا يتسع المقام لذكره. وليس المقصود بالنكاح تحصيل المال، فتحصيل المال يكون بالبيع والشراء والاستئجار والتأجير وما أشبه ذلك.

فليتق الله الأولياء في أنفسهم وفيمن ولاهم الله عليه، وياحبذا لو أن كل قبيلة من القبائل اجتمعت وقدرت المهر المناسب الذي يحصل به الكفاية من غير شطط ولا مشقة، وليعلم أن أعظم النكاح بركة أيسره مئونة، وأنه كلما تغالى الناس في المهور صعبت الأمور، إن الرجل إذا بذل مائة ألف في صداق وهو ميسور الحال فسوف يستدين ويستقرض ويثقل كاهله بالديون، ثم لو حصل بينه وبين الزوجة نزاع صعب عليه أن يطلقها ويفارقها إلا إذا رد إليه ماله، وماله ربما يكون قد فني وتبعثر، ويشق على أهل الزوجة وعلى الزوجة أن يستعيدوه فيحصل بذلك الضرر العظيم.

فأقول: لو اجتمع كل قبيلة اجتمع منها شرفاؤها وكبراؤها وقدروا من المهور ما تحصل به الكفاية وألزموا من يتخلف عن التزويج بغير سبب شرعي لكان في هذا خير كبير.

مداخلة: لكن بعض الأخوات يشكين من رد الخطاب الأكفاء من قبل أولياء الأمور أيضاً. فما نصيحتكم لمثل هذا؟

الشيخ: نصيحتنا أن يتقي الله هؤلاء وأن يخافوا الله عز وجل، أليس هم يشتهون فإذا كانوا يشتهون فإن النساء يشتهين أيضاً، فلماذا يمنعون المرأة مما تريد وهم يعلمون مشقة ذلك عليها كما هو مشاهد، وليعلم كل واحد أنه مسئول أمام الله عز وجل، مسئول عن تنفيذ قول الرسول عليه الصلاة والسلام: ( إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه )، ومسئول عن ولايته على هذه البنت المسكينة التي تريد الرجال كما يريدوا هم النساء، وربما يحصل فتنة وشر وفساد بسبب منع هؤلاء من تزويج بناتهم، وليعلم أن الأب وهو أولى الأولياء إذا امتنع عن تزويج ابنته كفئاً في دينه وخلقه فإن لها الحق بل لأوليائها من بعده أن يزوجوها غصباً عليه ورغماً على أنفه، فإن لم يفعل الأقارب وقالوا: ما لنا وللمشاكل فإن القاضي يجب عليه أن يزوجها، يجب عليه وجوباً أن يزوجها إذا كان الخاطب كفئاً في دينه وخلقه ورضيت المرأة، ولو سلكنا هذا المسلك لا نحل في ذلك مشاكل كثيرة.

السؤال: الحلف بغير الله هل هو شرك؟

الجواب: الحلف بغير الله شرك؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك )، لكنه ليس شركاً أكبر مخرجاً من الملة بل هو شرك أصغر، اللهم إلا أن يقع في قلب الحالف بغير الله أن منزلة هذا المحلوف به كمنزلة الله فحينئذ يكون شركاً أكبر بناء على ما حصل في قلبه من هذه العقيدة، وإلا فمجرد الحلف بغير الله شرك أصغر، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت ).

وبهذه المناسبة أود أن أحذر مما وقع فيه كثير من الناس اليوم، حيث كانوا يحلفون بالطلاق، فتجد الواحد منهم يقول: علي الطلاق لا أفعل كذا أو إن فعلت كذا فامرأتي طالق أو ما أشبه ذلك، وهذا خلاف الصواب، وأكثر أهل العلم من هذه الأمة من الأئمة وأتباعهم يرون أن الحلف بالطلاق طلاق لا يكفر، ويقولون: إذا قال الرجل: إن فعلت كذا فزوجتي طالق ففعل فإنها تطلق، ولو قال لزوجته: إن فعلت كذا فأنت طالق ففعلت فإنها تطلق سواء نوى التهديد أو نوى الطلاق، هذا هو الذي عليه جمهور الأمة وأئمة الأمة، فالمسألة خطيرة والتهاون بها إلى هذا الحد لو أن رجل قدم لشخص فنجاناً من الشاي، قال: علي الطلاق ما أشربه، ويقول الثاني: علي الطلاق أن تشرب وما أشبه ذلك، لماذا هذا التلاعب بدين الله عز وجل؟! ولو أن أحداً من العلماء الذين يرون أن الطلاق يقع يميناً ويقع طلاقاً، -أعني: الطلاق المعلق- لو أن أحداً من أهل العلم قال: أنا أريد أن ألزم الناس بذلك أي بالطلاق؛ لأن الناس يتتابعون فيه فألزمهم كما ألزمهم عمر بالطلاق الثلاث لو فعل ذلك لكان له وجه؛ لأن الناس كثر منهم هذا، كثر كثرة عظيمة، لو أن العالم الذي يستفتى قارن بين ما يستفتى عنه في مسائل الدين وبين ما يستفتى عنه في هذا الطلاق المعلق لوجد أن استفتاءه في هذا الطلاق المعلق أكثر بكثير من استفتائه في أمور تتعلق بالدين، وأنا أحذر الأزواج من أن يسهل على ألسنتهم هذا الطلاق أو هذا الحلف بالطلاق.

السؤال: رجل أفطر بعض الأيام في شهر رمضان بعذر شرعي، فهل يجوز له أن يصوم ستة أيام من شهر شوال قبل قضاء الأيام التي أفطرها في رمضان؟

الجواب: لا تجزئ الأيام الستة إلا إذا قضى رمضان نهائياً، بمعنى: أنه إذا كان عليه قضاء يوم من رمضان أو أكثر فإنه لا يصوم الأيام الستة حتى يقضي هذه الأيام؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال )، ومعلوم أن من عليه القضاء ولو يوماً واحداً لا يقال إنه صام رمضان، بل يقال: صام رمضان إلا قليلاً منه أو إلا نصفه أو ربعه أو ما أشبه ذلك.

وعلى هذا فنقول لهذا الرجل: اقض أولاً ما عليك من رمضان ثم صم ستة أيام من شوال.

السؤال: أملك مزرعة، وتنتج هذه المزرعة محاصيل، وعلي ديون كثيرة فهل تجب علي الزكاة؟

الجواب: نعم، تجب عليك الزكاة فيما حصل من هذه المزرعة، فأدِ الزكاة ثم اسأل الله تعالى أن يعينك على قضاء دينك.

السؤال: ما هو العلاج الشرعي للوسواس؟

الجواب: العلاج الشرعي للوسواس هو ما ذكره النبي عليه الصلاة والسلام: أن يستعيذ بالله وينتهي، هذا هو العلاج الشرعي للوسواس.

السؤال: ما حكم نبش القبور للضرورة؟

الجواب: الجواب على هذا يرجع إلى الجهات المسئولة لهذا البلد.

السؤال: ما هي شروط الوكالة؟

الجواب: شروط الوكالة أن تكون فيما يملكه الموكل، وفيما يجوز أن ينفذه الوكيل.

السؤال: ما هو التكبير المطلق؟ وما هو التكبير المقيد؟ ومتى وقته؟

الجواب: التكبير في ليلة عيد الفطر تكبير مطلق، والتكبير في عشر ذي الحجة وأيام التشريق تكبير مطلق ومقيد، فالمطلق من دخول شهر ذي الحجة إلى آخر يوم من أيام التشريق وهي الأيام الثلاثة بعد يوم العيد، والتكبير المقيد من صلاة الفجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق.

السؤال: أيهما أفضل عشر ذي الحجة أم العشر الأواخر من رمضان؟

الجواب: العشر الأواخر من رمضان في لياليه ليلة القدر، وليلة القدر خير من ألف شهر، والعشر الأول من ذي الحجة قال فيه النبي عليه الصلاة والسلام: ( ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء ).

السؤال: رجل أخذ أموالاً بغير حق كيف يردها إلى أصحابها؟ وهل عليه كفارة؟

الجواب: يردها إلى أصحابها إذا كان يعلمهم بأعيانهم أو إلى ورثتهم إذا كانوا قد ماتوا، وأما إذا كانوا مجهولين أو كانوا معلومين عنده ثم نسيهم فإنه يتصدق بما عنده لهم تخلصاً منه لا تقرباً به إلى الله، وحينئذ تبرأ ذمته.