فتاوى نور على الدرب [539]


الحلقة مفرغة

السؤال: هل إسقاط الجنين الذي علم عن طريق الأشعة بأنه مشوه خلقياً يعتبر حراماً، ومثال ذلك كأن يكون ناقص لعضو كساق أو غير ذلك، مع العلم بأنه يمكن أن يعيش ولن يكن ذلك سبباً يدعو لوفاته عقب ولادته مباشرة، وفي حالات يكون الجنين ناقص لعضو هام وبالتالي فهو يتوفى عقب الولادة، كأن يكون ناقص المخ أو القلب أو الرئتين أو غير ذلك من الأعضاء التي لا يمكن الحياة بدونها، فهل إنزال مثل هذا الجنين، وفي مثل هذه الحالة يعتبر حراماً حتى لا تتعب الأم بإكمال الحمل، مع العلم بأنه لن يعيش؟

الجواب: لقد كثر السؤال عن مثل هذه القضية، أعني تشوه ما في بطون الأمهات، وهذا لا شك أن له سبباً، فالسبب الأول هو المعاصي التي تقع من الناس عموماً، أو من هذه المرأة أو زوجها خصوصاً؛ لأن كل مصيبةٍ وقعت فهي بسبب الذنوب، قال الله تعالى: وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ [الشورى:30] وهذه جملة شرطية وأسماء الشرط تفيد العموم، أي: أي مصيبةٌ أصابتكم فإنها بما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير، وقد يصاب الإنسان بالمصيبة مع استقامته ليرفع الله بذلك درجاته ويزيد في ثوابه، لكن الأصل أن المصائب سببها الذنوب.

السبب الثاني: أنه قيل: إن استعمال الحبوب المانعة للحمل من أسباب تشوه الأجنة، واستعمال الحبوب المانعة للحمل في عصرنا هذا كثير؛ لأن النساء يردن الترف، يردن أن لا يتعبن بالحمل، يردن أن لا يتعبن بالحضانة، يردن أن يبقين مستريحات، ولا أدري أنسين ذكريات أمهاتهن اللاتي يعانين من مشقة الحمل، ومشقة الوضع ما لا تعانيه النساء في هذا الوقت؛ لوجود المخففات للآلام وغير ذلك، فإذا صح ما أخبرت به من أن حبوب الحمل التي تستعمل لمنع الحمل تكون سبباً للتشويه فإن هذا يقتضي أن تمتنع النساء من أكل هذه الحبوب، حتى ولو توالى عليهن الحمل بترك أكلهن، فإن كثرة الولادة من نعم الله عز وجل على الإنسان وعلى الأمة، وهو من الأمور التي يحبها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، المهم أن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر بأن نتزوج الودود الولود، فجمع النبي صلى الله عليه وسلم بين السبب وبين المسبب، فعلى كل حال فنحن ننصح أخواتنا المسلمات بعدم استعمال حبوب منع الحمل، ونقول: إن كثرة الحمل من نعم الله عز وجل على الزوجين وعلى الأمة جميعاً.

ثم إن الإنسان إذا اعتمد على ربه، وسأله المعونة أعانه الله في أعباء الحمل وفي أعباء الحضانة، ويسر الله له الأمر، أما ركون المرأة إلى الكسل والترف، وأن لا تتعب بالحمل ولا بالوضع ولا بالحضانة فهذا نعتبره قصور نظر.

فعلى كل حال التشويهات في الأجنة كثر السؤال عنها، وسبب هذه التشويهات فيما نرى هما ذلك السببان اللذان ذكرناهما، فإذا تبين أن الجنين مشوه فإن كان قد بلغ أربعة أشهر ونفخت فيه الروح فإنه لا يجوز أبداً محاولة إسقاطه؛ لأن هذا يؤدي إلى قتل نفسٍ محرمة، وقتل النفس المحرمة من أكبر الكبائر، حتى لو أدى ذلك إلى موت أمه فإنه لا يجوز إسقاطه في هذه الحال؛ لأنه لا يجوز إتلاف نفسٍ لإحياء نفسٍ أخرى، وأضرب مثلاً للسامع والمستمع برجلٍ اشتدت به الضرورة إلى الأكل، ولم يجد إلا آدمياً معصوماً، فهل يجوز أن يذبح هذا الآدمي المعصوم من أجل أن يُذهِب ضرورته؟

كل الناس يقولون: لا يجوز، فكذلك هذا الجنين إذا نفخت فيه الروح فإنه لا يجوز إنزاله ليموت، ولو أدى ذلك إلى موت أمه ببقائه في بطنها، إذا نفخت الروح في الجنين فإنه لا يجوز إنزاله إنزالاً يموت به مهما كانت الحال، سواءٌ كان مشوهاً بعدم يدٍ، أو عدم رجل، أو عدم عضو، أو عدم عين، أو عدم أنف، أو بأي حالٍ من الأحوال، يبقى حتى يخرجه الله عز وجل، ثم يفعل الله به ما يشاء، وأما إذا كان ذلك قبل نفخ الروح فيه فينظر إذا كان التشويه يسيراً محتملاً كفقد أصبع من الأصابع مثلاً، أو زيادة أصبع وما أشبه ذلك مما يمكن إزالته، أو مما لا يعتبر شيئاً مروعاً، فإنه لا ينزل ما دام قد كان مضغة وخلق، وإن كان تشويهاً بالغاً كفقد عضوٍ كامل، كفقد يدٍ أو رجل أو جمجمة أو ما أشبه ذلك فلا بأس من إنزاله حينئذٍ؛ لأنه لم يكن نفساً حتى الآن، كما يدل على ذلك حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو الصادق المصدوق فقال: ( إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقةً مثل ذلك، ثم يكون مضغةً مثل ذلك ) فهذه أربعة أشهر ( ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه، وعمله، وأجله، وشقيٌ أو سعيد، فوالله الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل عمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل عمل أهل الجنة فيدخلها ) فبين في هذا الحديث الشريف أن الجنين تنفخ فيه الروح إذا تم له أربعة أشهر، وعلى هذا فمتى تم له أربعة أشهر فإنه لا يجوز إنزاله إنزالاً يموت به على أي حالٍ كان.

السؤال: يقول استخدام الأدوات المكتبية أو الهاتف في العمل لغرضٍ خاص عند الضرورة فقط، هل يعد ذلك من المحرمات؟

الجواب: إذا كانت المكتبية هذه لغيرك سواءٌ كانت للحكومة أو لشركة أو لشريكٍ أيضاً فإنه لا يجوز استخدامها واستعمالها ولا عند الضرورة، نعم إن وجدت ضرورة لا بد منها فقد يقال بالجواز إذا كان الإنسان قد نوى أن يرد مثلها أو خيراً منها، أما أن يستخدمها على وجهٍ تتلف فيه، ولا يرد بدلها فهذا لا يجوز بأي حالٍ من الأحوال، وقد بلغني أن بعض الناس يتساهل في هذا الأمر في المكاتب الحكومية فيستعمل الأبواك الرسمية، ويستعمل آلات التصوير الرسمية لحاجته الخاصة، يستعمل هذه الأشياء لحاجته الخاصة وهذا لا يجوز، والواجب على المرء الذي يتقي الله عز وجل أن لا يستعمل هذه الأشياء إلا بإذنٍ ممن له الإذن في ذلك، وقولي: ممن له الإذن في ذلك؛ لئلا يقول: إن رئيسي المباشر أذن لي في هذا، فإن إذن الرئيس المباشر إذا كان النظام العام يقتضي منع هذا الشيء لا يعتبر، يعني: إذا أذن الرئيس المباشر لك أن تفعل شيئاً، والنظام العام يقتضي أن لا تفعله فإنه لا حق لك أن تفعله، ولو أذن الرئيس المباشر؛ لأن الرئيس المباشر نفسه لا يحق له أن يستعملها لنفسه، ولا أن يأذن بذلك لغيره، وهو مؤتمن، فلا يحل له أن يأذن في شيء يقتضي النظام العام منعه، وهذه مشكلة يقع فيها كثيرٌ من الناس، أعني أن بعض الرؤساء المباشرين يأذن لمن تحت يده في أمرٍ يمنع منه النظام العام، يريد بذلك التسهيل والتيسير والإحسان، وهذا في غير محله، اللهم إلا إذا وكل إليه ذلك بأن قال المسئول الأول في الدولة أو من ينوب منابه: لا بأس أن ترخص في هذا أحياناً جلباً للمودة وتأليفاً للموظفين؛ لأنه ربما يكون التشديد التام على الموظفين سبباً في نفرتهم من هذا العمل، والانتقال إلى وظيفةٍ أخرى.

السؤال: تقول: بأنها متزوجة منذ عشرين عاماً، وخلال عشر سنوات تقول: التزم زوجي، فتغيرت معاملته معي ومع أبنائي، فمنعني من زيارة الجيران والأقارب والأهل، ويستدل لذلك بقوله تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ [الأحزاب:33] وامتثلت لرأيه، ولكن لم نجد مقابل ذلك ما يعوضنا عنه من معاملةٍ حسنة، ومن خروج في نزهاتٍ بريئة، وزيارات للأهل والأقارب، وبتلك المعاملة القاسية كرهته أنا وأطفالي، فما نصيحتكم لي ولهذا الأب الذي يقول بأنني أرشدكم إلى الصواب، فهل هذا صواب يا فضيلة الشيخ؟

الجواب: أقول لهذا الزوج إذا صح ما نسبته هذه الزوجة إليه أقول له: بارك الله له في التزامه، وسدد خطاه وثبته على التزام شريعة الله، وأقول له أيضاً: إن من الالتزام أن يكون الإنسان لأهله خيراً وأن ييسر لهم الأمور، وأن لا يشد عليهم، فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي ) وكان عليه الصلاة والسلام يسابق عائشة ، وكان صلى الله عليه وسلم يأذن لها أن تقف خلفه وتنظر إلى الحبشة وهم يلعبون في المسجد ولا شك أن إعطاء الأهل على الوجه الذي تطيب به نفوسهم على الوجه الذي لا يتنافي مع الشريعة لا شك أنه من الخير، فأشير على أخي -هذا الملتزم- أن يكون ليناً سهلاً مع أهله، وأن لا يمنعهم من شيء قد يكون في ذلك حساسية، لا سيما إذا منع الزوجة من زيارة أهلها وأقاربها، فإن ذلك منعٌ لها من صلة الرحم التي هي من واجبات الدين، وإذا كان يخشى عليها من الفتنة إذا ذهبت فليذهب معها إلى هذا المكان، وليبقى فيه ما شاء الله، ثم يرجع بها، وأما أن يمنعها منعاً باتاً فإن هذا ليس بصحيح، وليس من المعاشرة الحسنة التي أمر الله بها.

وأما استدلاله بقوله تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى [الأحزاب:33] فالآية لا شك أنها صحيحة ثابتة، ولكن المراد بذلك أن لا تكثر المرأة الخروج والبروز، وإلا فقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: ( لا تمنعوا إماء الله مساجد الله، وبيوتهن خيرٌ لهن ) فنهى أن نمنع النساء من الذهاب إلى المساجد، وما زالت النساء في عهد النبي عليه الصلاة والسلام يخرجن إلى الأسواق ولكنهن يخرجن على وجهٍ ليس فيه تبرج ولا فتنة، فلا تخرج المرأة متطيبة ولا متبرجةً بزينة.

أما بالنسبة للمرأة فأشير عليها بالصبر والاحتساب وانتظار الفرج من الله، فلعل الله تعالى يهدي زوجها إلى ما فيه الخير والصلاح لها وله، فهذا السؤال يتضمن جوابين في الواقع، جواب موجه للزوج بألا يتشدد في هذه الأمور وإذا كان يخشى الفتنة فليعمل الأسباب التي تمنع هذه الفتنة، وجواب آخر للزوجة فلتصبر ولتحتسب، وبإمكانها بالنسبة لزيارة أهلها وجيرانها أن تتصل عليهم بالهاتف إذا كان في البيت هاتف.

السؤال: طالبة تقول: أحياناً يصادف وقت دوام المدرسة قبل موعد الصلاة، أي: في الساعة الثانية عشرة ظهراً والرابعة والنصف عصراً، ولا أستطيع الصلاة في المدرسة؛ لعدم وجود المكان المناسب للصلاة، فلذلك أضطر أن أجمع عدة فروض في آنٍ واحد تتعدى أحياناً ثلاثة فروض، فما حكم صلاتي؟

الجواب: أما الجمع بين الصلاتين اللتين يجمع بينهما فلا بأس به في هذه الحال؛ لأنه حاجة، فلها مثلاً أن تجمع بين الظهر والعصر أو بين المغرب والعشاء، وأما الجمع بين العصر والمغرب مثلاً فإنه لا يجوز، إذ لا يجوز إخراج الصلاة عن وقتها بأي حالٍ من الأحوال، وعليها في هذه الحال إذا خافت أن يخرج وقت الصلاة الحاضرة التي لا تجمع لما بعدها عليها أن تصليها على أي حالٍ كانت، وإذا كانت مثلاً تذهب إلى المدرسة في وقت صلاة العصر ولا تتمكن من صلاة العصر هناك فلتجمع العصر إلى الظهر جمع تقديم وتذهب إلى المدرسة وقد أدت الواجب عليها، والخلاصة أنه لا يجوز للمرأة ولا لغير المرأة أن تجمع بين صلاتين لا يجوز الجمع بينهما، وإنما الجمع بين الصلاتين اللتين يجوز الجمع بينهما كالجمع بين الظهر والعصر إما تقديماً وإما تأخيراً، والجمع بين المغرب والعشاء إما تقديماً وإما تأخيراً، حسبما تكون الحاجة داعية إليه.

السؤال: البعض من الناس يحتج بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم القائل: ( إنما الأعمال بالنيات ) في بعض الأمور، ومنها سلام المرأة على الرجل، أفيدونا؟

الجواب: استدلال الإنسان بقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( إنما الأعمال بالنيات ) على فعل شيء محرم استدلالٌ باطل؛ لأن هذا الحديث ميزانٌ لأعمال القلوب، أي: لما في القلب، وأما العمل الظاهر فميزانه حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) أي: مردودٌ باطل، وعلى هذا فإذا كان العمل حراماً فإنه حرام، سواء أراد به الإنسان خيراً أم لم يرد به خيراً، فمصافحة المرأة الأجنبية إذا قال المصافح: أنا أصافحها من أجل تأليف القلوب، ومحبة المؤمنين بعضهم لبعض، وليس عندي نية في أن أقصد شيئاً آخر، قلنا له: لكن هذا العمل نفسه حرام فلا يجوز لك مصافحة امرأة أجنبية، ولا بحسن نية، كما أن الإنسان لو أراد أن يتعبد لله تعالى بصلاةٍ أو غيرها مما لم ترد به الشريعة وقال: أنا لا أريد مخالفة الشريعة، ولا إحداث شيء في شريعة الله، ولكني أريد أن يزداد إيمان قلبي، وأن يزداد عملي، نقول: هذا أيضاً لا يجوز؛ لأن الأعمال الظاهرة لها ميزانٌ آخر غير الأعمال الباطنة، فحديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئٍ ما نوى ) هذا باعتبار عمل القلب، وهو أمرٌ باطن لا يعلمه إلا الله، وقول عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) هذا ميزانٌ للأعمال الظاهرة، فإذا كان العمل الظاهر حراماً صار حراماً وإن نوى به الإنسان نيةً طيبة، وعليه فلا يجوز للإنسان أن يصافح المرأة الأجنبية منه بأي حالٍ من الأحوال، حتى لو صافحها من وراء حائل كالقفازين أو طرف الخمار أو ما أشبه ذلك، فإنه لا يجوز له هذا.

السؤال: ما حكم دخول الرجال من غير المحارم على المرأة التي في عدتها بعد وفاة زوجها، علماً بأنها كبيرةً في السن.

الجواب: يظن بعض العامة أن المرأة إذا كانت معتدة من وفاة زوجها فإنها لا تكلم الرجال ولا تكلم الهاتف ولا تكلم المستأذنين في دخول البيت وما أشبه ذلك، وهذا غلط، المرأة التي في عدة زوجها من وفاة لها أن تخاطب الرجال كما يخاطبهم من لم تكن في عدة، ما لم يكن هناك محذورٌ شرعي من الخضوع بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض، ولها أن يحضر إليها رجالٌ من غير محارمها إذا لم يخلو بها، ولا حرج في هذا، كما أن لها أيضاً أن تخرج إلى سطح البيت، وإلى فناء البيت وإلى كل ما كان داخل سور البيت ليلاً أو نهاراً.

وإنني بهذه المناسبة أود أن أبين ما تمتنع منه المرأة المحادة التي كانت في عدة زوجها من وفاة، فتجتنب أولاً: كل لباس زينة، فكل لباسٍ يتزين به، ويقال هذه المرأة متزينة متجملة فإنه يحرم على المرأة المعتدة من وفاة أن تلبسه، ويجوز لها أن تلبس ما ليس بزينة بأي لونٍ كان، سواء كان أحمر أو أسود أو أصفر.

ثانياً: تجتنب لباس الحلي، لا تلبس الحلي في أذنها ولا عنقها ولا ذراعها ولا أصبعها ولا صدرها؛ لأن هذا ينافي الإحداد.

ثالثاً: تجتنب الطيب سواءٌ كان في رأسها أو في جسمها أو في ثوبها إلا إذا طهرت من الحيض فإنها تستعمل البخور لأجل إزالة الرائحة الباقية بعد الحيض.

رابعاً: لا تكتحل بأي كحلٍ كان حتى وإن كان من عادتها أنها تكتحل، وإذا فقدت الكحل تأثرت بعض الشيء، فإنها لا تكتحل، وقد ثبت في الصحيح: ( أن امرأةً جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فأخبرته أن ابنتها اشتكت عينها وكانت في عدة وفاة قالت: أفنكحلها؟ فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: لا ).

الخامس: ألا تتجمل بأي نوعٍ من أنواع التجميل كتحمير الشفتين والمكياج وما أشبهه.

والسادس: ألا تخرج من البيت الذي مات زوجها وهي ساكنةٌ فيه بأي حالٍ من الأحوال، لا لزيارة قريب ولا لعيادة مريض، ولا لتعزيةٍ بميت، ولا غير ذلك، إلا للحاجة كما لو احتاجت إلى مراجعة المستشفى، أو احتاجت إلى شراء طعامٍ لا يوجد في البيت من يشتريه لها، وما أشبه ذلك، أو لضرورة كما لو احترق البيت فاضطرت إلى الخروج منه، وأما ظن بعض النساء أن المرأة المحادة يجب عليها أن تغتسل كل جمعة فهذا لا أصل له، ولا يجب على المرأة أن تغتسل كل جمعة ولا كل شهرٍ ولا كل نصف الشهر، هي بالخيار إلا من جنابة أو حيض، والجنابة بالنسبة للمحادة هو الاحتلام مثلاً، وكذلك ظن بعض الناس أنه يجب عليها أن تصلي من حين أن تسمع الأذان هذا أيضاً لا صحة له، فهي لها أن تصلي في أول الوقت أو وسط الوقت أو في آخر الوقت، إلا أنه من المعلوم أن الصلاة في أول الوقت أفضل إلا في صلاة العشاء، فإن الصلاة في آخر الوقت أفضل، وكذلك ظن بعض الناس أن المرأة لا تبرز إلى السطح إذا كان القمر مبدراً، ولا إلى الفناء إذا كان القمر مبدراً، فإن ذلك أيضاً لا أصل له، بل تخرج إلى السطح وإلى فناء البيت في كل وقتٍ وحين، وكذلك ظن بعض الناس أنها لا تكلم الرجال غير المحارم كما أسلفت في أول الجواب، فهذا أيضاً كله لا أصل له، وقد ذكرنا ما يمتنع على المرأة المحادة وهي ستة أشياء، وما عدا ذلك فهي فيه كغيرها من النساء.