فتاوى نور على الدرب [520]


الحلقة مفرغة

السؤال: ما حكم الذي يصرف كثيراً من راتبه على دهن العود أو البخور وغير ذلك من الروائح الطيبة؟ وهل قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( حبب لي من دنياكم ثلاث وذكر من ذلك الطيب )، هل هو دهن العود في زماننا هذا؟

الجواب: لا شك أن الطيب واستعمال الطيب خيرٌ وفضيلة، أولاً: لأنه مما حبب إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

وثانياً: لأنه مما يشرح النفس ويطيب القلب.

وثالثاً: أنه مما يجعل الإنسان بين الناس خفيف الروح محبوباً إليهم؛ ولذلك تجد الرجل الذي يكون له رائحة كريهة يتمنى الإنسان ألا يجلس معه طرفة عين، فالطيب كله خير، ولكن الإسراف في الإنفاق فيه داخلٌ في قول الله تبارك وتعالى: وَلا تُسْرِفُوا [الأنعام:141] ، وربما يسرف بعض الناس في الأطياب ويقصر فيما هو واجبٌ عليه لمن نفقته واجبة عليه، فتجده يقصر في المأكل والمشرب وفي الملبس على من تجب عليه نفقته، ويصرف غالب أمواله في الطيب وهذا لا شك أنه خطأ، والله عز وجل مدح الذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً.

وأما ما أشار إليه السائل من قوله عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( حبب إلي من دنياكم ثلاث: النساء والطيب والصلاة )، فهذا لا صحة له، فإن الحديث الذي ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام: ( حبب إلي من دنياكم النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة )، ولم يقل: حبب إلي ثلاث، ولا يستقيم الكلام أن يقول قائل: حبب إلي ثلاث من الدنيا: النساء والطيب والصلاة؛ لأن الصلاة ليست من أعمال الدنيا، بل هي من أعمال الآخرة، بل لو أراد الإنسان بصلاته الدنيا فإن صلاته تكون مردودةً عليه؛ لأنه لم يخلص فيها لله، فيجب أن يتنبه الأخ السائل لهذه المسألة، وأن يتنبه لها أيضاً من يستمعون إلى كلامنا هذا؛ لأن الحديث ليس على هذا اللفظ الذي قاله السائل: حبب إلي من دنياكم ثلاث، بل إن صوابه ( حبب إلي من دنياكم النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة ).

وبهذه المناسبة أحذر إخواني المسلمين من نقل الأحاديث الموضوعة المكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أو الضعيفة، إلا إذا أراد الإنسان أن يذكرها للناس ليبين وضعها أو ضعفها فهذا حسنٌ وجيد، أما أن يذكرها على أن لها أصلاً وأنها صحيحة فإن هذا لا يجوز، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: ( من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار )، وقال: ( من حدث عني بحديثٍ يرى أنه كذب -أو يُرى أنه كذب- فهو أحد الكاذبين )، أي: فله إثم الكاذب والعياذ بالله، فلا يجوز لأحد أن ينسب حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلا إذا كان صحيحاً أو كان حسناً مقبولاً عند أهل العلم، أما الضعاف أو الموضوعات فلا يجوز لأحدٍ نقلها، ونحن نرى بين الحين والحين نشرات تنشر فيها أحاديث موضوعة مكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يعلم أهل العلم بالحديث أنها ليس لها أصل وأنها كذب، ومع ذلك يتداولها الناس حتى إن بعضهم يقف عند إشارات المرور، فإذا وقفت السيارات بدأ يوزع عليهم، هو يظن أنه يحسن صنعاً وهو في الحقيقة يسيء صنعاً إلى نفسه وإلى غيره، فإنه يضل الناس بغير هدى، كما أننا نرى بين الحين والحين نشرات أخرى تنسب إلى الرسول عليه الصلاة والسلام بمرائي كاذبة، فالحذر الحذر من هذه الأشياء التي تنسب إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، سواء كانت النسبة نسبة يقظة أو نسبة منام، والواجب على العامي إذا وقع في يده مثل هذا أن يعرضها على من عنده من أهل العلم، حتى يتبين الحق.

وأحث إخواني طلبة العلم الذين يعلمون كذب مثل هذه الأشياء إذا عرض عليهم مثل ذلك أن يكتب أحدهم ما شاء الله على هذه الورقة، ثم يصورها وتوزع حتى يرد الباطل بهذا الحق.

السؤال: الطيب هل هو دهن العود في زمننا هذا؟

الجواب: كل ما طابت رائحته، سواء ريحان، أو ورد، أو دهن عود، أو غير ذلك.

السؤال: ما حكم تكرار العمرة في رمضان؟

الجواب: نعم، تكرار العمرة في سفر واحد ليس من هدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولا من هدي أصحابه فيما نعلم، فها هو النبي عليه الصلاة والسلام فتح مكة في رمضان في العشرين من رمضان أو قريباً من ذلك، وبقي عليه الصلاة والسلام تسعة عشر يوماً في مكة، ولم يحفظ عنه أنه خرج إلى التنعيم ليأتي بالعمرة مع تيسر ذلك عليه وسهولته، وكذلك أيضاً في عمرة القضاء التي صالح عليها المشركين قبل فتح مكة دخل مكة وبقي فيها ثلاثة أيام ولم يأت بغير العمرة الأولى، مع أننا نعلم علم اليقين أنه ليس أحد من الناس أشد حباً لطاعة الله من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ونعلم علم اليقين أنه لو كان من شريعته صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يكرر الإنسان العمرة في سفرةٍ واحدة في هذه المدة الوجيزة لبينه لأمته إما بقوله أو فعله أو إقراره، فلما لم يكن ذلك لا من قوله ولا من فعله ولا من إقراره علم أنه ليس من شريعته، وأنه ليس من السنة أن يكرر الإنسان العمرة في سفرةٍ واحدة، بل تكفي العمرة الأولى التي قدم بها من بلاده، ويدل لهذا أيضاً أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما أرسل عبد الرحمن بن أبي بكر مع أخته عائشة إلى التنعيم أحرمت عائشة بالعمرة، ولم يحرم عبد الرحمن ، ولو كان معروفاً عندهم أن الإنسان يكرر العمرة لكان يحرم؛ لئلا يفوت نفسه الأجر، فإنه داخل الحرم ولا بد مع أخته ومع ذلك لم يحرم، والعجب أن الذين يفعلون ذلك أي: يكررون العمرة في سفر واحد يحتجون بحديث عائشة ، والحقيقة أن حديث عائشة حجة عليهم وليس لهم؛ لأن عائشة رضي الله عنها إنما فعلت ذلك حيث فاتتها العمرة الأولى، فهي رضي الله عنها أحرمت من الحديبية أول ما قدم النبي عليه الصلاة والسلام مكة، وفي أثناء الطريق حاضت بسرف، فدخل عليها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهي تبكي، وأخبرته بأنه أصابها ما يصيب النساء من الحيض، فأمرها صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن تدخل الحج على العمرة، فأحرمت بالحج، ولم تطف ولم تسع حين قدومهم إلى مكة، وإنما طافت وسعت بعد ذلك، فصار نساء الرسول عليه الصلاة والسلام أخذن عمرةً مستقلة وحجاً مستقلاً، فلما فرغت من الحج طلبت من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن تأتي بعمرة، وقالت: يذهب الناس بعمرةٍ وحج وأذهب بحج، فأذن لها النبي عليه الصلاة والسلام أن تأتي بعمرة، فذهبت وأتت بعمرة ومعها أخوها عبد الرحمن ولم يحرم معها، ولو كان هذا من السنة المطلقة لعامة الناس لأرشد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عبد الرحمن أن يحرم مع أخته، أو لأحرم عبد الرحمن مع أخته حتى يكون في ذلك إقرار الرسول صلى الله عليه وسلم على هذه العمرة التي فعلها عبد الرحمن ، وكل ذلك لم يكن.

ونحن نقول: إذا حصل لامرأة مثل ما حصل لـعائشة، يعني: أحرمت بالعمرة متمتعةً بها إلى الحج ولكن جاءها الحيض قبل أن تصل إلى مكة وأدخلت الحج على العمرة ولم يكن لها عمرة مستقلة، ولم تطب نفسها أن ترجع إلى أهلها إلا بعمرة مستقلة فإن لها أن تفعل ذلك كما فعلت عائشة ، فتكون القضية قضية معينة وليست عامة لكل أحد، وحينئذٍ نقول لهذا السائل: لا تكرر العمرة في سفر واحد، ائت بالعمرة الأولى التي قدمت بها إلى مكة وكفى، وخير الهدي هدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، هذا هو الحق في هذه المسألة.

وإنه بهذه المناسبة أرى كثيراً من الناس يحرصون على العمرة في ليلة سبعٍ وعشرين من رمضان، ويقدمون من بلادهم لهذا، وهذا أيضاً من البدع؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يحض يوماً من الأيام على فعل العمرة في ليلة سبع وعشرين من رمضان، ولا كان الصحابة يتقصدون ذلك فيما نعلم، وليلة القدر إنما تخص بالقيام الذي حث عليه النبي صلى الله عليه وسلم عليه فيها، حيث قال: ( من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه )، والقيام في ليلة السابع والعشرين من رمضان أفضل من العمرة، خلافاً لمن يخرج من مكة إلى العمرة في هذه الليلة، أو يقدم بها من بلده قاصداً هذه الليلة، أما لو كان ذلك على وجه المصادفة بأن يكون الإنسان سافر من بلده في وقتٍ صادف أن وصل إلى مكة ليلة سبعٍ وعشرين فهذا لا نقول له شيئاً، لا نقول: لا تؤد العمرة، وفرق بين أن نقول: يستحب أن يأتي بالعمرة في ليلة سبع وعشرين، وبين أن نقول: لا تأت بالعمرة في ليلة سبع وعشرين، نحن لا نقول: لا تأت بالعمرة ليلة سبع وعشرين، ائت بها، لكن لا تتقصد أن تكون ليلة سبعٍ وعشرين؛ لأنك إذا قصدت أن تكون ليلة سبعٍ وعشرين فقد شرعت في هذه الليلة ما لم يشرعه الله ورسوله، والمشروع ليلة سبع وعشرين إنما هو القيام كما أسلفنا؛ لذلك أرجو من إخواني طلبة العلم أن ينبهوا العامة على هذه المسألة، حتى نكون داعين إلى الله على بصيرة، داعين إلى الخير، آمرين بالمعروف ناهين عن المنكر، وحتى يتبصر العامة؛ لأن العامة يحمل بعضهم بعضاً، ويقتدي بعضهم ببعض، فإذا وفق طلبة العلم في البلاد وكل إنسان في بلده إلى أن ينبهوا الناس على مثل هذه المسائل التي اتخذها العامة سنةً وليست بسنة حصل في هذا خيرٌ كثير، والعلماء هم قادة الأمة هم سرج الأمة، كما كان نبيهم صلى الله عليه وعلى آله وسلم سراجاً منيراً، فإنه يجب أن يرثوه صلى الله عليه وسلم في هذا الوصف الجليل، وأن يكونوا سرجاً منيرة لمن حولهم، ونسأل الله تعالى أن يبصرنا جميعاً في ديننا.

السؤال: توفي لي ولد وهو في الخامسة عشرة من عمره، وكان يصلي الفروض مرة في البيت ومرة في المسجد، ولكنني أراه في المنام كثيراً وهو يقول: أعطوني.. أعطوني، فأقوم وأتصدق عنه على الفقراء، فهل من توجيهٍ في ذلك يا فضيلة الشيخ؟!

الجواب: لا شك أن كون الإنسان يصلي مع الجماعة مرة ويتركها مرةً أخرى تقصيرٌ منه، وإخلالٌ بالواجب وهو آثمٌ بذلك إذا علم وجوب صلاة الجماعة في المساجد.

وعلى هذا؛ فإذا مات إنسان وهو مقصرٌ في واجباته فالذي ينبغي لأهله أن يدعوا له بالمغفرة والعفو؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أرشد إلى هذا في قوله: ( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: إلا من صدقةٍ جارية، أو علم ينتفع به، أو ولدٌ صالح يدعو له )، وربما يخفف عن الإنسان في قبره بدعاء أهله وأصحابه له، وربما يرفع عنه العذاب رأساً بالدعاء له، وهذا من فائدة الأخوة الإيمانية، فإن المؤمنين يدعو بعضهم لبعض، رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [الحشر:10] ، وكل مصل يقول في صلاته: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، لكن قد لا يستحضر الإنسان عند هذا الدعاء العام شخصاً معيناً، فإذا دعا لشخصٍ معين عرف أنه مفرطٌ في واجب أو منتهكٌ لمحرم في حال حياته، فإنه قد يخفف عن هذا الميت من العذاب، أو يرفع عنه العذاب بسبب هذا الدعاء.

الدعاء للميت أفضل من الصدقة عنه؛ لأنه لو كانت الصدقة أفضل لأرشد إليها النبي عليه الصلاة والسلام حين قال: ( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: إلا من صدقةٍ جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له )، أقول: لو كانت الصدقة أفضل لقال: أو ولدٍ صالح يتصدق له؛ لأن سياق الحديث في العمل، والصدقة من العمل، فلما عدل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن ذكر العمل إلى ذكر الدعاء علم أن الدعاء للميت أفضل من قراءة القرآن له، وأفضل من الصدقة له، وأفضل من العمرة له، وأفضل من الحج له، اللهم إلا أن تكون العمرة والحج فريضتين فهذا فيهما نظر آخر، وأما كون هذه المرأة تتصدق كلما رأت الميت يقول: أعطوني.. أعطوني فلا أرى لها ذلك؛ لأن الأحكام الشرعية لا تبنى على المنامات والمرائي، والشيطان قد يتمثل بصورة الميت كما يتمثل بصورة الحي، إلا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإن الشيطان لا يتمثل به، فمن رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام على الوصف المطابق لما نقل من وصفه صلوات الله وسلامه عليه فقد رآه حقاً، ومع ذلك فالأحكام الشرعية لا تثبت بالمنامات، لكن قد تكون قرائن تشير إلى شيء ما، وأما أن تثبت بها أحكام شرعية فلا، ثم إذا كانت قرائن تشير إلى شيء ما فلننظر هل هذه الإشارة صحيحة من الواقع أو ليست بصحيحة حسب حال الإنسان وما يحتف بها من القرائن.

السؤال: ما هو الورع؟ وما هو الزهد؟ وكيف يكون المسلم ورعاً زاهداً كالسلف الصالح؟ أرجو الإفادة مأجورين.

الجواب: الزهد وصفٌ أعلى من الورع، والفرق بينهما: أن الورع: ترك ما يضر في الآخرة، والزهد: ترك ما لا ينفع في الآخرة، فالزاهد لا يفعل إلا ما هو نافعٌ له في آخرته، والورع يفعل ما هو نافع وما ليس بنافع لكن لا يفعل ما هو ضار، وذلك أن الأمور لها أحوالٌ ثلاثة: إما أن تكون نافعةً، أو تكون ضارة، أو لا نافعة ولا ضارة، يتفق الزاهد والورع في تجنب الضار، كلٌ منهما لا يفعل الضار، ويختلفان فيما ليس فيه نفعٌ ولا ضرر، فالزاهد يتجنبه، والورع يأتي به، الزاهد يتجنبه لأنه يريد أن تكون حياته حياة جد في كل شيء يقوم به في هذه الدنيا له فيه خير، فهو مغتنمٌ لوقته، حريصٌ على ألا يفوت من الوقت ولو شيئاً يسيراً إلا وقد عمره بطاعة الله التي تنفعه يوم القيامة، والورع لا دون ذلك يفعل المباحات، يذهب وقته بدون فائدة، لكنه لا يفعل المحرم، يجتنب المحرم، ولا يترك الواجب، يقوم بالواجب.

وبناءً على ذلك يكون الزهد أعلى مرتبةً من الورع، على أنه ربما يطلق أحدهما على الآخر، ربما يقال: فلان زاهد يعني: ورعاً، أو ورع يعني: زاهداً، لكن عندما نقول: ورع وزهد فهذا هو الفرق بينهما.

السؤال: ما حكم ركوب المرأة مع السائق الأجنبي؟

الجواب: المراد بالأجنبي هو من ليس محرماً للمرأة، ولو كان من أهل البلد، وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: ( لا يخلون رجلٌ بامرأة )، وقد ثبت عنه أنه قال عليه الصلاة والسلام: ( إياكم والدخول على النساء. قالوا: يا رسول الله أرأيت الحمو؟ -يعني أقارب الزوج- قال: الحمو الموت )، وهذا غاية ما يكون من التنفير عن خلوة الحمو الذي هو قريب الزوج بالمرأة.

السؤال: ما هو العلاج الشرعي للسحر؟

الجواب: العلاج الشرعي للسحر هي الرقية بكتاب الله عز وجل، بأن يقرأ على المصاب قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ [الفلق:1] ، قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ [الناس:1] ، وكذلك الآيات التي فيها بيان أن الله تعالى يبطل السحر مثل: مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ [يونس:81] ، إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ [يونس:81] ، ومثل قوله: وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى [طه:69] ، وكذلك ما جاءت به السنة من الأدعية التي يستشفى بها من المرض، هذا إذا لم يمكن الإطلاع على محل السحر، فإن أمكن فإنه إذا اطلع عليه ينقض، ونسأل الله السلامة.

السؤال: الشخص إذا استقدم عمالاً للعمل لديه، وقد استغنى عن بعضهم في العمل، وتركهم يعملون في السوق بموجب نسبة يأخذها منهم في الشهر، أو مبلغ معين يأخذه منهم في السنة، هل في ذلك إثم؟ وهل المبلغ الذي يأخذه منهم حلال أم حرام؟

الجواب: إذا أتى الإنسان بعمالٍ فزادوا عن حاجته فإنه بإمكانه أن يردهم إلى ديارهم إذا كانت المدة التي بينه وبينهم قد انتهت، أو يتنازل لهم إلى كفيلٍ آخر حسبما يقتضيه النظام، فإن لم يتمكن من ذلك فإنه لا يحل له أن يأخذ عليهم نسبة من أعمالهم التي ليس له فيها أثر، وكثيرٌ من الناس -نسأل الله لنا ولهم الهداية- ليس لهم همٌ إلا الطمع والجشع، فتجدهم يستقدمون عمالاً كثيرين لا يحتاجون إلا إلى قليل منهم، وربما لا يحتاجون منهم أحداً أبداً، ويتركهم في الأسواق، ويضرب عليهم ضريبة كل شهر سواء عملوا أم لم يعملوا، ولا شك أن هذا غلط مخالفٌ للأنظمة من وجه، وظلمٌ لهؤلاء العمال من وجهٍ آخر؛ لأنه ربما يحصل العامل هذه الضريبة التي ضربها عليه كفيله وربما لا يحصلها، فيكون في هذا ظلمٌ له، والواجب على المسلمين أن يتقوا الله عز وجل، وأن يجملوا في الطلب، وأن يطلبوا الرزق من أبوابه الحلال حتى يحصل لهم ما وعدهم الله به في قوله: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3].

السؤال: أنا رجلٌ تأتي حمام جاري إلى بيتي وتدخل، وكما تعلمون ما تضعه من أوساخٍ إلى غير ذلك، وقد قلت لجاري بشأن هذه الحمام: بأن يكفها عن منزلي، فقال لي: بأنها طيور ولا أستطيع أن أمنعها، فقلت له عدة مرات ولم يفد، أرجو إفتائي يا فضيلة الشيخ: هل يجوز لي أن أقتل هذه الحمام إذا دخلن بيتي أم ماذا أفعل؟

الجواب: أرى أن تصطلح مع جارك بما فيه الخير للجميع، تشتريها منه وتجعل لها مكاناً في بيتك، وتستفيد منها بأولادها أو تستفيد منها ببيعها؛ لأنك لو قتلتها صار بينك وبين جارك مشاكل وعداوة وبغضاء، ورسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أوصى بالجار خيراً، بل قال عليه الصلاة والسلام: ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره )، وقال: ( لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه )، فالذي أرى أن تصطلح مع جارك، وأن ينتزع كلٌ منكما ما في قلبه على الآخر من غلٍ وحقد، ومن طلب الحق يسر الله له الوصول إليه، نعم.

السؤال: إذا توضأت ونسيت البسملة هل يصح الوضوء؟

الجواب: التسمية على الوضوء سنة وليست بواجبة، بل هي من مكملات الوضوء؛ لأن أكثر الواصفين لوضوء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يذكروا أنه يسمي، لكن ورد عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: ( لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه )، وقد اختلف العلماء في ثبوت هذا الحديث وعدمه، فالإمام أحمد رحمه الله قال: لا يثبت في هذا الباب شيء، كما نقله عنه صاحب البلوغ، ومن العلماء من جعل هذا الحديث حجة، أي: أنه ثابت عنده عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لكن يبقى النظر في هذا النفي هل هو نفيٌ للصحة أو نفيٌ للكمال؟ وإذا كانت النصوص الواردة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في وضوئه لم تذكر هذه البسملة في أكثر ما ورد إن لم يكن كل ما ورد من فعل الرسول عليه الصلاة والسلام فإنه يتعين أن يحمل ذلك على الكمال، فالتسمية على الوضوء أكمل، لكن لو تركها الإنسان متعمداً فإن وضوءه صحيح، ولا إثم عليه.