فتاوى نور على الدرب [474]


الحلقة مفرغة

السؤال: تقام صلاة الفجر بعد الأذان بخمس وعشرين دقيقة في كثير من المساجد، ولكن ذكر أحد الإخوان أن الفجر لا يطلع إلا بعد التقويم بفترة ليست بالقصيرة، فهل ترى تأخير الصلاة إلى خمس وأربعين دقيقة مثلاً من الأذان حتى نتأكد من طلوع الفجر؟

الجواب: الذي ينبغي أن يوجه هذا السؤال إلى واضعي التقويم، ومحددي دخول الأوقات، فإذا كانوا قد علموا أو غلب على ظنهم دخول الوقت بالزمن الذي حددوه فإنه يعمل بهذا التقويم، وإذا قالوا: إننا وضعناه لا عن يقين ولا عن غلبة ظن وهذا بعيد، فإن الإنسان يعمل بما يغلب على ظنه أو ما يتيقنه من دخول الوقت، فالمهم أن مثل هذا يتوقف على صحة ما حدد في هذا التقويم، فإذا كان صحيحاً عمل به، ولم ينظر إلى الأقوال التي تشاع في هذا الأمر، أو ما أشبه ذلك، وإذا قالوا: إننا لم نحط علماً ولا غلبة ظن بما وضعناه، وإنما هو حسابات قد تخطئ وقد تصيب ولا أظنهم يفعلون ذلك إن شاء الله تعالى، فإن الإنسان يعمل بما يغلب على ظنه، وكل إنسان حسيب نفسه.

السؤال: هل ترى يا فضيلة الشيخ أن نزوج الشاب المحافظ على الصلاة لكن عنده تقصير في بعض الواجبات، لعله يتحسن بعد الزواج أم ننتظر حتى يستقيم أكثر؟

الجواب: في الحديث الصحيح عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: ( إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه ).

فالواجب على ولي المرأة إذا تقدم إليها شخص خاطب أن يبحث عن دينه، وعن خلقه، كما أن الزوج إذا طلب امرأة فإنه يسأل عن دينها وخلقها، فكذلك يجب أن يبحث عن دين الخاطب وعن خلقه، وأن يتحرى في ذلك غاية التحري؛ لأن وقتنا هذا فيه إضاعة لأمانات كثيرة، فكم من شخص سأل عن خاطب فأثني عليه خيراً، فإذا حصل عقد النكاح تبين أن الرجل ليس فيه خير، وعلى هذا فالواجب التثبت، والعبرة بما يكون عليه الإنسان في الوقت الحاضر، أما المستقبل فإن الإنسان قد يتغير إلى أسوأ، وقد يتغير إلى أحسن، وقد يتماسك فيبقى على حاله، ولسنا نحن المخاطبين عن المستقبل، وإنما نخاطب عن الوقت الحاضر، قد يكون الإنسان سيئاً في دينه وخلقه ثم يمن الله عليه بالاستقامة، فننظر إلى حاله حين تقدمه إلى خطبة هذه المرأة.

ثم إننا لا حاجة إلى أن ننتظر حتى تصلح حاله إذا كان الآن على حال لا ترضى على وجه الإطلاق؛ لأن الرجال سواه كثير، وقد يتقدم إليها من هو خير منه في دينه وخلقه، وقد يحسن هذا الرجل الخاطب حاله أمامنا ظاهراً حتى يتمكن من بغيته، ثم بعد ذلك يرجع إلى ما كان عليه.

والمهم أن الواجب على ولي المرأة إذا تقدم إليها خاطب أن يبحث عن دينه وخلقه، فإذا كان مرضياً فليزوجه، وإذا كان غير مرضي فلا يزوجه، وسيسوق الله إلى موليته من يرضى دينه وخلقه، إذا علم الله من نية الولي أنه إنما منعها هذا الخاطب من أجل أن يتقدم إليها من هو مرضي في دينه وخلقه فإن الله تعالى ييسر له ذلك.

السؤال: ما حكم الشرع في الأعراس التي يستعمل فيها الدف مصحوباً بالغناء من قبل من يقمن بالضرب على الدف فهل يعتبر هذا من الغناء المحرم مع العلم بأنه لا يصاحبه استعمال لآلات الموسيقى؟ وإذا كان كذلك فما حكم حضور مثل هذه الأعراس؟ فقد أصبح هذا الأمر شيئاً أساسياً في غالب الأعراس ولا يمكن تغييره، فهل يقاطع الإنسان الأقارب ولا يحضر لهذه الأعراس من أجل ذلك؟

الجواب: الغناء في العرس وضرب الدف مشروع، ولكن يجب أن يكون الغناء نزيهاً بعيداً عما ينبغي تركه من الألفاظ الدنيئة والكلمات البذيئة، فإذا كان غناءً نزيهاً مصحوباً بضرب الدف فإنه مما أمر به من أجل إعلان النكاح، فإعلان النكاح أمر مطلوب، وأما إذا كانت الكلمات بذيئة، أو كان موضوع الغناء سيئاً فإن الواجب تركه، ولا يجوز حضوره، سواء كان من الأقارب أم من الأصحاب، أم من الأباعد غير الأصحاب، فإن خاف الإنسان من قطيعة رحم فإنه ينصحهم عن هذا الغناء المعين، ويقول: أنا ما عندي مانع من الحضور إذا تركتم هذا الغناء، فإن أصروا إلا أن يقوموا به فإنه يذهب ويحضر، فإذا شرعوا في الغناء خرج.

السؤال: امرأة عليها قضاء من رمضان، ولكنها شكت هل هي أربعة أيام أو ثلاثة، والآن صامت ثلاثة أيام، فماذا يجب عليها؟

الجواب: إذا شك الإنسان فيما عليه من واجب القضاء فإنه يأخذ بالأقل، فإذا شكت المرأة أو الرجل هل عليه قضاء ثلاثة أيام أو أربعة فإنه يأخذ بالأقل؛ لأن الأقل متيقن، وما زاد مشكوك فيه، والأصل براءة الذمة، ولكن مع ذلك الأحوط أن يقضي هذا اليوم الذي شك فيه؛ لأنه إن كان واجباً عليه فقد حصلت براءة ذمته بيقين، وإن كان غير واجب فهو تطوع، والله تعالى لا يضيع أجر من أحسن عملاً.

السؤال: هل يجوز للمرأة أن تذهب إلى الأسواق لوحدها؟

الجواب: أولاً: ليعلم أن خروج المرأة إلى الأسواق غير مرغوب فيه، وأن بقاءها في بيتها خير لها، ولكن إذا احتاجت إلى الخروج إلى السوق لحاجة لا يقضيها إلا هي فإنها تخرج، ولا حرج عليها أن تخرج بلا محرم؛ لأن هذا ليس سفراً ولا خلوة، وفي حال خروجها الذي تحتاج إليه يجب أن تخرج غير متطيبة، ولا متبرجة بزينة، وأن يكون عليها الوقار في مشيتها، وغض الصوت في مخاطبتها للرجال الذين تحتاج إلى مخاطبتهم كأصحاب الدكاكين الذين تحتاج إلى الشراء منهم وما أشبه ذلك.

وأما ما تفعله بعض النساء نسأل الله لنا ولهن الهداية من الخروج متطيبات، وفي لباس جميل لا تغطيه إلا عباءة ربما تكشفها، وربما تكون خفيفة ترى من ورائها الثياب، فقد قال الله تبارك وتعالى لنساء نبيه صلى الله عليه وآله وسلم وهن أعف النساء وأطهر النساء، قال لهن: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا [الأحزاب:33] .

ففي قوله: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ) دليل على أن النهي عن التبرج والأمر بالإقرار في البيوت من أجل حفظ المرأة عن الرجس والدناءة والفاحشة، وبيوتهن خيرن لهن.

السؤال: ما حكم شراء الذهب بالتقسيط؟

الجواب: شراء الذهب بالتقسيط إن اشتري بغير العملة الورقية وبغير الذهب وبغير الفضة فلا بأس به، مثل أن يشترى بطعام من تمر أو بر، أو يشترى بسيارات وما أشبه ذلك فإنه لا حرج فيه؛ لأنه لا ربا بين الذهب والفضة وبين المطعومات، ولا ربا بين الذهب والفضة وبين المصنوعات، أما إذا اشترى الذهب بالتقسيط بعملة ورقية أو بذهب أو بفضة فإن ذلك حرام؛ لأن بيع الذهب بالذهب يشترط فيه شرطان:

الشرط الأول: التساوي وزناً.

والشرط الثاني: التقابض في مجلس العقد.

وإذا بيع الذهب بفضة أو بأوراق عملة اشترط فيه شرط واحد وهو التقابض في نفس العقد قبل التفرق؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( الذهب بالذهب مثلاً بمثل سواءً بسواء يداً بيد ).

ولقوله عليه الصلاة والسلام: ( الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والتمر بالتمر، والشعير بالشعير، والملح بالملح، مثلاً بمثل، سواءً بسواء، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد ).

السؤال: إذا مررت بالمقبرة المسورة هل أسلم عليهم أم لا بد من الدخول إلى المقبرة؟

الجواب: أنا متوقف في هذا، أحياناً أقول: يسلم؛ لأن المقبرة تعتبر داراً لهؤلاء الأموات، وأحياناً أقول: لا يسلم؛ لأن الإنسان لو مر في بيت رجل وهو يعلم أن الرجل في نفس البيت فإنه لا يسلم حتى يلاقيه ويدخل إليه، أو يقف عند بابه مستأذناً، فأنا أتوقف في هذا، لكن إن سلم فأرجو أن لا يكون فيه بأس.

السؤال: إذا حلف الإنسان عدة أيمان ولا يعلم عددها، فهل يكفي أن يخرج كيساً من الأرز ويوزعه على عشرة مساكين أو أكثر؟

الجواب: هذه المسألة فيها خلاف بين العلماء: هل تتعدد الكفارات بتعدد الأيمان أو يكفي فيها كفارة واحدة؟ قال بعض أهل العلم: إن الأيمان مهما كثرت فإنه يكفي فيها كفارة واحدة؛ وذلك لأن الموجب واحد، فلو قال: والله لا ألبس هذا الثوب، ووالله لا ألبس هذه الغترة، ووالله لا أخرج من البيت، ووالله لا أركب سيارة فلان، فهذه أربعة أيمان، فمن العلماء من يقول: إذا حنث فيها لزمه أربع كفارات، ومنهم من قال: لا يلزمه إلا كفارة واحدة؛ لأن موجب هذه الأيمان شيء واحد، فهو كما لو تعددت الأحداث فإنه يكفي فيها وضوء واحد، يعني: لو بال الإنسان، وتغوط، وخرجت منه ريح، ونام، وأكل لحم إبل، فهذه خمسة أحداث يكفي فيها وضوء واحد، فقاسوا عليها الأيمان، وقالوا: إن الأيمان وإن تعددت فإن موجبها واحد فتكفي فيها كفارة واحدة، وعلى هذا القول لا إشكال في مسألة السائل؛ لأنه يكفيه كفارة واحدة، سواء علم عدد الأيمان أم لم يعلم، وسواء قلت أم كثرت، ولكنْ هناك قول آخر يقول: إذا تعدد المحلوف عليه فإنه يلزمه كفارات بعدد المحلوف عليه ما لم تكن اليمين واحدة، فإذا قال: والله لا ألبس هذا الثوب، والله لا ألبس هذه الغترة، والله لا أخرج من البيت، والله لا أركب هذه السيارة، فهذه أربعة أيمان لكل يمين منها كفارة إذا حنث فيه، فيلزمه على هذا القول أربع كفارات.

وبناءً على هذا القول نقول للسائل: إذا كانت عليك أيمان متعددة ولم تدر قدرها فتحرى، وإذا شككت هل هي عشرة أو خمسة مثلاً؟ فخذ بالأقل، خذ بخمسة لأنها المتيقنة، وما زاد فهو مشكوك فيه، فلا يلزمك فيه الكفارة.

السؤال: أقوم الآن ببناء منزل لي ولكن النفقة قليلة، وأرغب في اقتراض مبلغ لا يزيد عن مائة ألف ريال، وعندي ولله الحمد مقدرة على السداد على أقساط شهرية، ولكنني متردد لما ورد من النصوص في شأن الدين، فما نصيحتكم لي ولإخواني المسلمين؟

الجواب: نصيحتي لك ولإخواني المسلمين: البعد كل البعد عن الاستدانة باستقراض أو غيره؛ لأن الدين أمره عظيم، حتى أن الشهادة في سبيل الله تكفر كل شيء إلا الدين، وحتى أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان لا يصلي على من مات مديناً لا وفاء له، حتى فتح الله وصار عليه الصلاة والسلام يلتزم بقضاء الديون عن الأموات.

ولكن إذا كنت محتاجاً حاجةً ملحة في إكمال بناء بيتك، وعندك ما يمكنك الوفاء منه لكنه ليس حاضراً في الوقت الحاضر واستقرضت من أحد قرضاً مؤجلاً أو غير مؤجل فأرجو ألا يكون في ذلك بأس، ولكن احرص كل الحرص على ألا تستقرض ولا تستدين من أحد، وسيجعل الله لك فرجاً ومخرجاً.

السؤال: رجل اقترض مبلغاً من المال من ابنته وأخبر أولاده بذلك، وقد توفي هذا الرجل، فهل للبنت المطالبة بحقها أم أن مالها يكون ملكاً لأبيها؟

الجواب: للبنت أن تطالب بمالها على أبيها؛ لأن أباها أخذه منها لا على سبيل التملك ولكن على سبيل القرض، وقد أقر به لها، فإذا مات وجب أن يقضى ذلك من تركته أولاً، ثم تدلي البنت مع إخوانها فيما فرضه الله لها من الميراث.




استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة اسٌتمع
فتاوى نور على الدرب [707] 3902 استماع
فتاوى نور على الدرب [182] 3690 استماع
فتاوى نور على الدرب [460] 3640 استماع
فتاوى نور على الدرب [380] 3496 استماع
فتاوى نور على الدرب [221] 3492 استماع
فتاوى نور على الدرب [411] 3473 استماع
فتاوى نور على الدرب [21] 3432 استماع
فتاوى نور على الدرب [82] 3431 استماع
فتاوى نور على الدرب [348] 3415 استماع
فتاوى نور على الدرب [708] 3335 استماع