ثمار الهداية


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

وبعد:

الهداية هي وضع الشيء في محله

أيها الإخوة في الله! الهداية والاستقامة والاستجابة لله عز وجل شجرة وارفة، ونعمة كبيرة يستظل بظلها المؤمن، ويحقق بها سر وجوده وحكمة خلقه والغرض من مجيئه إلى هذه الحياة، ودائماً حينما يوضع الشيء في محله يمكن الاستفادة منه، وإذا وضع في غير محله تعطلت المصلحة وانعدمت الفائدة التي يمكن أن يحققها؛ نظراً لعدم استغلاله الاستغلال السوي الذي يمكنه أن يؤدي دوره، وهذه قاعدة يتفق عليها العقلاء: إنك إذا أردت أن تستفيد من الشيء فيجب أن تضعه في موضعه.

فمثلاً: القلم، الغرض منه معروف عند الناس وهو مصلحة الكتابة، لكنك لا تستطيع أن تستخدم القلم لتجعله نعلاً في رجلك، ولو رأينا إنساناً يربط الأقلام في قدمه ويسير حافياً وحينما يقال له: لم تلبس الأقلام في قدمك؟ إذا قال: من أجل أن تقيني هذه الأقلام الحجارة والبرد! فبم نصف هذا الإنسان إذا سمعناه يقول هذا القول؟ نصفه بالجنون، ونعرف أنه إنسان يوظف الأشياء في غير الوظائف التي من أجلها وجدت.

وإذا رأينا إنساناً يضع نظارته التي صممت ليضعها على عينه لتعطيه القدرة على الإبصار، أو لتعطيه تعتيم الأضواء إذا كان عنده ضعف في النظر، فلو رأينا إنساناً يضع هذه النظارة في ركبته، ما ظنكم بالناس بم يصفونه؟ سيقولون: هذا جنون! هل ركبتك ترى حتى تضع لها نظارات؟! فالمحل الطبيعي للنظارات هو العيون، فإذا وضعت الأشياء في غير موضعها فإنما يقلل من الكيفية الصحيحة لاستخدامها، ويعطلها عن أداء دورها.

والثلاجة التي في بيتك إنما هي مصممة لحفظ الطعام، لكن هل يمكن أن تجري فيها عملية الغسيل، أي: تجمع فيها الأواني من الصحون والقدور وتغلقها، وتقول: اغسلي يا ثلاجة؟! أبداً.

أو هل يمكن أن تقوم هي بدور غسيل الملابس؟!

ولا يمكن أن يقوم الغاز بتثليج الطعام؛ لأنه لطهي الطعام .. وكل جهازٍ أو آلة من أصغر جزئية إلى أكبر جزئية في هذه الدنيا لا يمكن أن يستفاد منها إلا في مجالها الصحيح الذي وجدت من أجله، وإذا عطل مجالها الصحيح ووضعت في مجالٍ آخر فإنما نقضي عليها ولا تتحقق الفائدة من وجودها، هذه قاعدة عامة عند العقلاء.

الإنسان وطريق هدايته

أيها الإنسان: يا أيها الجهاز المعقد! اسأل نفسك عن حكمة خلقك! وعن سر وجودك! وعن الغرض الذي من أجله خلقك الله على ظهر هذه الحياة! وعلى ضوء الإجابة تستطيع أن تعرف أين أنت، فإن كنت تسير في تحقيق هذا الغرض، وتخدم هذه الحكمة، وتتجه إلى هذه الأهداف التي من أجلها وجدت؛ حينها يمكن الاستفادة منك لأنك تحقق الغرض.

أما إذا كان البعيد يعيش لغير حكمة خلقه، أو لا يعرف هو بنفسه ما هي حكمة خلقه، وما هو سر وجوده، فإنه بهذا سيظل عاطلاً، وسيظل عبئاً على هذه الحياة ومدمراً لقدراتها -والعياذ بالله- وسبباً في نكبتها، وهو ما تحقق في هذا الزمان على يد البشر حينما طورت المادة، وطوعت واستخدمت أحسن استخدام ولكن على حساب الروح .. على حساب الإنسان.

طور الإنسان المادة ودمر الإنسانية، وحسَّن في الإبداع المادي لكنه أساء في الجانب الإيماني والروحي، فظهرت هذه الصور المشوهة وهذه النماذج -والعياذ بالله- الملوثة للبشرية، رغم أن المادة حسنة، لكن الذي يستخدم المادة هو سوء سلوكه وسوء تربيته، وعدم استقامته مما جعله يستخدم المادة لتدمير الإنسان.

وهأنتم تسمعون كيف أن العالم اليوم يعيش في صراع وتسابق على التسلح، وفي غزو الفضاء، وحرب النجوم، والهيمنة والسيطرة على الأمم الضعيفة والشعوب المنكوبة، كل هذا لأن الإنسان الذي بيده المادة فاسد، لا يعرف الغرض الذي من أجله وجد، ولذا يفكر أنه وجد للسيطرة، والقوة، والاستعلاء على الناس؛ فهو في سبيل هذه الأغراض يحب أن يخترع ويكتشف الآلات المدمرة في سبيل أن يعلو هو، ولو كان يعرف من أجل أي غرض وجد لما كانت هذه أهدافه.

فهذه قاعدة ننطلق منها إلى أن الإنسان يوم أن يعرف أنه إنما خلق لعبادة الله، فإنه سيستقيم على منهج الله، ويستجيب لداعي الله، ويتمسك بهداية الله، ونتيجة لهذه الاستجابة تتحقق له عدة معطيات، وعدة ثمار وآثار يجنيها في الدنيا، ويجنيها في الآخرة، ولسنا الآن بصدد الحديث عن ثمار ومعطيات الهداية والالتزام بالدين في الآخرة؛ لأن الناس قد جبلوا على حب العاجلة إِنَّ هَؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً [الإنسان:27] ويقول الله عز وجل: كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ [القيامة:20] وحينما تحدث الإنسان وتطلب منه الهداية والاستقامة على الدين يقفز ببصره وعقله إلى الآخرة، ويقول: الآخرة بعيدة .. الآخرة مستأخرة .. تريد أن أترك ملذاتي وشهواتي وما تحققه لي هذه الدنيا من الملذات في سبيل أن أنجح في الآخرة، دعني أتمتع في الدنيا وعندما أكبر سأتوب، الآن سأقضي حياتي في اللهو واللعب والعبث وبعد ذلك أتوب.

هذه تفكيرات الناس، ولذا يحكمون على كل من اهتدى واستقام أنه حرم نفسه من لذة الدنيا ولذة الحياة على أمل أن ينجو في الآخرة، هذه نظرة الناس السطحية المحدودة الخاطئة، ولكن الحقيقة الناصعة التي نقيم عليها الأدلة ونكشف رءوسنا ونصيح بها من على كل منبر، وفي أي مجتمع من مجتمعات العالم أن الإيمان والهداية والاستقامة على دين الله يحقق للإنسان الثمار الغالية التي يجنيها الإنسان في الدنيا قبل الآخرة، وأن الكفر والضلال والانحراف شجرة السم التي يتجرعها العاصي والفاجر والكافر في الدنيا قبل الآخرة، وأن الهداية تحقق للإنسان الربح والكسب -في الدنيا والآخرة- أما الكفر والمعاصي فإنها تحقق للإنسان الدمار والشقاء في الدنيا والآخرة.

وأن لذاتها وجميع ما يتمتع بها العاصي لا تعدل نعمة واحدة من نعم الإيمان التي يجنيها المؤمن من ثمرة دينه وإيمانه في الدنيا قبل الآخرة.

أيها الإخوة في الله! الهداية والاستقامة والاستجابة لله عز وجل شجرة وارفة، ونعمة كبيرة يستظل بظلها المؤمن، ويحقق بها سر وجوده وحكمة خلقه والغرض من مجيئه إلى هذه الحياة، ودائماً حينما يوضع الشيء في محله يمكن الاستفادة منه، وإذا وضع في غير محله تعطلت المصلحة وانعدمت الفائدة التي يمكن أن يحققها؛ نظراً لعدم استغلاله الاستغلال السوي الذي يمكنه أن يؤدي دوره، وهذه قاعدة يتفق عليها العقلاء: إنك إذا أردت أن تستفيد من الشيء فيجب أن تضعه في موضعه.

فمثلاً: القلم، الغرض منه معروف عند الناس وهو مصلحة الكتابة، لكنك لا تستطيع أن تستخدم القلم لتجعله نعلاً في رجلك، ولو رأينا إنساناً يربط الأقلام في قدمه ويسير حافياً وحينما يقال له: لم تلبس الأقلام في قدمك؟ إذا قال: من أجل أن تقيني هذه الأقلام الحجارة والبرد! فبم نصف هذا الإنسان إذا سمعناه يقول هذا القول؟ نصفه بالجنون، ونعرف أنه إنسان يوظف الأشياء في غير الوظائف التي من أجلها وجدت.

وإذا رأينا إنساناً يضع نظارته التي صممت ليضعها على عينه لتعطيه القدرة على الإبصار، أو لتعطيه تعتيم الأضواء إذا كان عنده ضعف في النظر، فلو رأينا إنساناً يضع هذه النظارة في ركبته، ما ظنكم بالناس بم يصفونه؟ سيقولون: هذا جنون! هل ركبتك ترى حتى تضع لها نظارات؟! فالمحل الطبيعي للنظارات هو العيون، فإذا وضعت الأشياء في غير موضعها فإنما يقلل من الكيفية الصحيحة لاستخدامها، ويعطلها عن أداء دورها.

والثلاجة التي في بيتك إنما هي مصممة لحفظ الطعام، لكن هل يمكن أن تجري فيها عملية الغسيل، أي: تجمع فيها الأواني من الصحون والقدور وتغلقها، وتقول: اغسلي يا ثلاجة؟! أبداً.

أو هل يمكن أن تقوم هي بدور غسيل الملابس؟!

ولا يمكن أن يقوم الغاز بتثليج الطعام؛ لأنه لطهي الطعام .. وكل جهازٍ أو آلة من أصغر جزئية إلى أكبر جزئية في هذه الدنيا لا يمكن أن يستفاد منها إلا في مجالها الصحيح الذي وجدت من أجله، وإذا عطل مجالها الصحيح ووضعت في مجالٍ آخر فإنما نقضي عليها ولا تتحقق الفائدة من وجودها، هذه قاعدة عامة عند العقلاء.

أيها الإنسان: يا أيها الجهاز المعقد! اسأل نفسك عن حكمة خلقك! وعن سر وجودك! وعن الغرض الذي من أجله خلقك الله على ظهر هذه الحياة! وعلى ضوء الإجابة تستطيع أن تعرف أين أنت، فإن كنت تسير في تحقيق هذا الغرض، وتخدم هذه الحكمة، وتتجه إلى هذه الأهداف التي من أجلها وجدت؛ حينها يمكن الاستفادة منك لأنك تحقق الغرض.

أما إذا كان البعيد يعيش لغير حكمة خلقه، أو لا يعرف هو بنفسه ما هي حكمة خلقه، وما هو سر وجوده، فإنه بهذا سيظل عاطلاً، وسيظل عبئاً على هذه الحياة ومدمراً لقدراتها -والعياذ بالله- وسبباً في نكبتها، وهو ما تحقق في هذا الزمان على يد البشر حينما طورت المادة، وطوعت واستخدمت أحسن استخدام ولكن على حساب الروح .. على حساب الإنسان.

طور الإنسان المادة ودمر الإنسانية، وحسَّن في الإبداع المادي لكنه أساء في الجانب الإيماني والروحي، فظهرت هذه الصور المشوهة وهذه النماذج -والعياذ بالله- الملوثة للبشرية، رغم أن المادة حسنة، لكن الذي يستخدم المادة هو سوء سلوكه وسوء تربيته، وعدم استقامته مما جعله يستخدم المادة لتدمير الإنسان.

وهأنتم تسمعون كيف أن العالم اليوم يعيش في صراع وتسابق على التسلح، وفي غزو الفضاء، وحرب النجوم، والهيمنة والسيطرة على الأمم الضعيفة والشعوب المنكوبة، كل هذا لأن الإنسان الذي بيده المادة فاسد، لا يعرف الغرض الذي من أجله وجد، ولذا يفكر أنه وجد للسيطرة، والقوة، والاستعلاء على الناس؛ فهو في سبيل هذه الأغراض يحب أن يخترع ويكتشف الآلات المدمرة في سبيل أن يعلو هو، ولو كان يعرف من أجل أي غرض وجد لما كانت هذه أهدافه.

فهذه قاعدة ننطلق منها إلى أن الإنسان يوم أن يعرف أنه إنما خلق لعبادة الله، فإنه سيستقيم على منهج الله، ويستجيب لداعي الله، ويتمسك بهداية الله، ونتيجة لهذه الاستجابة تتحقق له عدة معطيات، وعدة ثمار وآثار يجنيها في الدنيا، ويجنيها في الآخرة، ولسنا الآن بصدد الحديث عن ثمار ومعطيات الهداية والالتزام بالدين في الآخرة؛ لأن الناس قد جبلوا على حب العاجلة إِنَّ هَؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً [الإنسان:27] ويقول الله عز وجل: كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ [القيامة:20] وحينما تحدث الإنسان وتطلب منه الهداية والاستقامة على الدين يقفز ببصره وعقله إلى الآخرة، ويقول: الآخرة بعيدة .. الآخرة مستأخرة .. تريد أن أترك ملذاتي وشهواتي وما تحققه لي هذه الدنيا من الملذات في سبيل أن أنجح في الآخرة، دعني أتمتع في الدنيا وعندما أكبر سأتوب، الآن سأقضي حياتي في اللهو واللعب والعبث وبعد ذلك أتوب.

هذه تفكيرات الناس، ولذا يحكمون على كل من اهتدى واستقام أنه حرم نفسه من لذة الدنيا ولذة الحياة على أمل أن ينجو في الآخرة، هذه نظرة الناس السطحية المحدودة الخاطئة، ولكن الحقيقة الناصعة التي نقيم عليها الأدلة ونكشف رءوسنا ونصيح بها من على كل منبر، وفي أي مجتمع من مجتمعات العالم أن الإيمان والهداية والاستقامة على دين الله يحقق للإنسان الثمار الغالية التي يجنيها الإنسان في الدنيا قبل الآخرة، وأن الكفر والضلال والانحراف شجرة السم التي يتجرعها العاصي والفاجر والكافر في الدنيا قبل الآخرة، وأن الهداية تحقق للإنسان الربح والكسب -في الدنيا والآخرة- أما الكفر والمعاصي فإنها تحقق للإنسان الدمار والشقاء في الدنيا والآخرة.

وأن لذاتها وجميع ما يتمتع بها العاصي لا تعدل نعمة واحدة من نعم الإيمان التي يجنيها المؤمن من ثمرة دينه وإيمانه في الدنيا قبل الآخرة.




استمع المزيد من الشيخ سعيد بن مسفر - عنوان الحلقة اسٌتمع
كيف تنال محبة الله؟ 2924 استماع
اتق المحارم تكن أعبد الناس 2920 استماع
وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً 2800 استماع
أمن وإيمان 2672 استماع
حال الناس في القبور 2671 استماع
توجيهات للمرأة المسلمة 2596 استماع
فرصة الرجوع إلى الله 2568 استماع
النهر الجاري 2472 استماع
دور رجل الأعمال في الدعوة إلى الله 2464 استماع
مرحباً شهر الصيام 2394 استماع