Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 73

Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 73

شرح زاد المستقنع كتاب الظهار [1]


الحلقة مفرغة

تعريف الظهار لغة واصطلاحاً وذكر أركانه

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على خير خلق الله أجمعين، وعلى آله وصحبه ومن سار على سبيله ونهجه إلى يوم الدين.

أما بعد:

فيقول المصنف رحمه الله: [ كتاب الظهار ]

الظِهار في لغة العرب وجمهور أئمة العلم رحمهم الله عليهم: مشتق من الظَهر، كما صرح به صاحب اللسان والإمام الأزهري وغيرهما من أئمة اللغة رحمة الله على الجميع.

والسبب في ذلك أن المظاهر يقول لزوجته: أنتِ عليّ كظهر أمي. فنظراً لوجود هذا التشبيه بهذا الموضع قيل له: ظِهار، فهو فعِال من الظهر.

والظهر من الكاهل إلى العجز، والكاهل في لغة العرب يشمل الست الفقرات الأول من الأعلى من ظهر الإنسان، والعجز آخر الفقرات من جهة مؤخرة الإنسان.

وبعض العلماء قال: إن الظهار فعِال من الظهور، بمعنى الارتفاع والعلو، يقال: ظهر على الشيء إذا علاه، ومنه قوله تعالى: فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ [الكهف:97] أي أن الله عز وجل لم يمكنهم من العلو على ذلك السد الذي جعله ذو القرنين.

وأما في اصطلاح الشرع فإن المراد بالظهار: تشبيه المنكوحة بمن تحرم عليه على التأبيد. فهو تشبيه الزوج زوجته ومنكوحته بامرأة تحرم عليه حرمة مؤبدة كأمه وأخته وعمته وخالته وبنت أخته وبنت أخيه، ونحوهن من النساء اللاتي يحرمن عليه حرمة مؤبدة في قول بعض العلماء.

وقال بعض العلماء: تشبيه المنكوحة بمن تحرم عليه. ولم يفرق بين الحرمة المؤبدة والحرمة المؤقتة.

والفرق بين القولين أن أصحاب القول الأول يخصون الظهار بمن تحرم على التأبيد، فلو قال لزوجته: أنتِ عليّ كظهر أختك فلا يكون ظهاراً؛ لأنها ليست محرمة على التأبيد.

وعلى القول الثاني لو قال لها: أنتِ عليّ كأختك، أو: أنتِ عليّ كظهر أختك فإنه يقع الظهار.

فقولهم رحمهم الله: (تشبيه). التشبيه: تفعيل من الشبه، يقال: هذا: يشبه هذا إذا كان مثلاً له، والتشبيه: هو الدلالة على أن أمرين أو شخصين أو شيئين اجتمعا واشتركا في أمر أو أمور، أو في شيء أو في أشياء.

فحينما يقول الإنسان: محمد كالأسد. يكون هذا تشبيهاً، حيث شبه محمداً بالأسد، لكنه ليس من كل وجه، إنما مراده أن محمداً في الشجاعة والقوة كالأسد، أو يقول: محمدٌ كالبحر. أي أنه كثير العلم ككثرة البحر، أو كثير الكرم والجود والعطاء كالبحر.

والمقصود أن التشبيه تمثيل، ولا بد في الظِهار من وجود التشبيه، وهذا التشبيه يستلزم أربعة أركان: مشبِّهٍ ومشبَّهٍ ومشبَّهٍ به وصيغة يقع بها التشبيه.

فالمشبِّه هو الزوج.

والمشبَّه هي الزوجة المنكوحة التي عقد عليها.

والمشبَّه به هي المرأة المحرمة حرمة مؤبدة أو حرمة مؤقتة، على التفصيل المعروف عند أهل العلم رحمهم الله.

والصيغة هي اللفظ الدال على الظهار والتحريم به، ويستوي أن يخاطبها أو يقول في غيبتها، فالمهم أن يقع التشبيه باللفظ، فلا بد من وجود الصيغة الدالة على الظهار والتحريم به.

فهذه أربعة أركان لا بد من وجودها.

أما المشبه -وهو الزوج- فيشترط فيه أن يكون بالغاً عاقلاً مختاراً، فلا يصح الظهار من الصبي، فلو أن صبياً عقد له أبوه على زوجة فقال الصبي: هذه الزوجة عليّ كظهر أمي. فإنه لا يقع الظهار، والسبب في هذا أن لفظ الصبي غير معتد به شرعاً في المؤاخذات، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (رفع القلم عن ثلاثة...)، وذكر منهم الصبي حتى يحتلم.

كذلك المجنون فإنه لا يصح ظهاره بالإجماع، وفي حكم المجنون السكران ومن تعاطى المخدرات -والعياذ بالله- سواء أكان معذوراً أم غير معذور.

وقد تقدمت معنا هذه المسألة في طلاق السكران، وبينا مراتب السكر وأوجه السكر، وأقوال العلماء رحمهم الله في مؤاخذة السكران به في الطلاق، وفصلنا في ذلك، وأن الصحيح أن السكران كالمجنون لا يؤاخذ لا على طلاقه ولا على ظهاره إذا بلغ به السكر إلى درجة لا يتحكم فيها في قوله؛ لدلالة قوله تعالى: لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ [النساء:43]، فدل على أن السكران لا يعلم ما يقول، ومن كان لا يعلم ما يقول فإنه لا يؤاخذ به.

وكذلك ذكرنا ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأحاديث، وأقوال الصحابة رضوان الله عليهم في هذه المسألة.

ويشترط أن يكون مختاراً بحيث لا يهدد ولا يكره، فلو كان مكرهاً فإن الإكراه يسقط المؤاخذة بالألفاظ، ولذلك المرتد إذا أكره على لفظ الردة فإنه لا يؤاخذ إذا كان مطمئن القلب بالإيمان كما قال تعالى: إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ [النحل:106]، فدل على أن المكره ساقط القول؛ لأن الله أسقط عنه الردة وهي أعظم شيء، فمن باب أولى أن يسقط ما دونها.

فمعنى ذلك أنه لا بد وأن يكون الزوج المظاهر بالغاً عاقلاً مختاراً.

ولا تشترط فيه حرية، فالرقيق والحر في هذا على حد سواء، فيؤاخذ ويلزمه ما يلزم الحر.

وأما المشبَه -وهي الزوجة- فيقول لها: أنتِ. أو: زوجتي فلانة، أو: نسائي، أو: امرأتي، ونحو ذلك مما يدل على المنكوحة، سواء أكانت مدخولاً بها أم غير مدخولٍ بها.

فكل زوجة عقد عليها الإنسان فإنه يصح ظهاره منها إذا كان العقد صحيحاً، ولا يشترط دخوله بها، فلو عقد عليها الساعة ثم قال مباشرة: هي عليّ كظهر أمي. أو: زوجتي عليّ كظهر أمي وقع الظهار، ولا يشترط الدخول، فهذا بالنسبة للمنكوحة حقيقة.

وأما من في حكم المنكوحة والزوجة فهي المطلقة طلاقاً رجعياً، فلو أن امرأة طلقها طلاقاً رجعياً فقال: هي عليّ كظهر أمي، أو: أنتِ عليّ كظهر أمي، أو: فلانة مني كظهر أمي ونحو ذلك وقع الظهار.

ويستوي أن يشبه المرأة كلها أو بعضها، فيقول: أنتِ، أو: بدنك، أو: ذاتك، أو: جسمك، أو: كلك، أو يذكر عضواً من الأعضاء المتصلة، على تفصيل سنذكره إن شاء الله.

وأما المشبه به -وهي كما ذكرنا المرأة المحرمة عليه، ومن أهل العلم من يقول: حرمة مؤبدة- فيختص بثلاثة أنواع:

الأول: المحرمات من جهة النسب.

الثاني: المحرمات من جهة المصاهرة.

الثالث: المحرمات من جهة الرضاع.

وقد فصلنا هذه الثلاث المحرمات، وبينّا أدلة الكتاب والسنة وإجماع العلماء رحمهم الله على التحريم بهن على التفصيل في مسائل النكاح.

فأي واحدة يختارها من المحرمات على التأبيد من جهة النسب السبع يقع بها الظهار، كما لو قال: أنتِ عليّ كظهر أمي، أو: بنتي، أو: أختي، أو: بنت أخي، أو: بنت أختي، أو: عمتي، أو: خالتي، فهؤلاء كلهن من المحرمات حرمة مؤبدة.

وكذلك المحرمات من جهة المصاهرة، كما لو قال لها: أنتِ عليّ، أو أنتِ مني كأمك، أو: أنتِ عليّ كظهر أمك.

فإن أم الزوجة محرمة حرمة مؤبدة بالشرط المذكور في القرآن، فلو خاطبها بذكر أمها أو ذكر بنتها فقال لها: أنتِ عليّ كبنتك فإن هذا أيضاً يدخل في المحرمات؛ لأنها محرمة من جهة سبب المصاهرة.

كذلك أيضاً أن يقول لها: أنتِ عليّ كزوجة أبي، أو: كفلانة التي هي زوجة أبي؛ لأنها محرمة إلى الأبد لقوله تعالى: وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ [النساء:22]، أو يذكر زوجة ابنه فيقول: أنتِ عليّ كزوجة ابني، أو: أنتِ عليّ كفلانة ويقصد زوجة ابن من أبنائه وإن نزل، فهذا كله يشمله الظهار، وفي الرضاع مثل النسب.

والتشبيه هنا قد يقع صريحاً أو كناية، فيسأل عن قصده، فالصريح أن يقول لها: أنتِ عليّ كظهر أمي. والكناية أن يأتي بلفظ محتمل لقصد الظهار وعدمه.

وعند بعض العلماء إذا قال لها: (أنتِ كأمي) ولم يذكر الظهر أن هذا اللفظ محتمل؛ لأنه يحتمل: أنتِ كأمي محرمة. أو: أنتِ كأمي مكرمة. فيريد أن يكرمها ويجلها فيقول لها: أنتِ كأمي، أو ما أنتِ مني إلا كأمي؛ تكريماً لها وإجلالاً.

أو يذكر جزء المحرمة، فيقول: أنتِ كعين أمي، أو: كرأس أمي، أو: كصدر أمي، فهذه المواضع -العين والصدر والرأس- مما يحتمل التكريم ويحتمل الظهار، فإذا تلفظ بلفظ الظهار وقع الظهار، فإما أن تكون صيغته صريحة، وإما أن تكون صيغته كناية متضمنة الدلالة على الظهار، فإن كان شيئاً صريحاً أخذنا به وحكمنا به ظهاراً، وإن كان شيئاً محتملاً سألناه عن قصده؛ لأن الله عز وجل جعل لكل شيء قدراً، والصريح لا ينـزل غيره منـزلته إلا إذا كان محتملاً.

سبب نزول آيات الظهار

الظهار كان في الجاهلية، وجاء الإسلام فبيّن حكمه وما يترتب على التلفظ به، وكان أهل الجاهلية إذا تلفظوا بالظهار يعتبرونه طلاقاً، وصح هذا عن ابن عباس رضي الله عنهما، وهناك رواية مرفوعة -ذكرها الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله- أن خولة رضي الله عنها لما ظاهر منها زوجها أوس بن الصامت رضي الله عنه وأرضاه واشتكت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم جعله طلاقاً.

فمذهب بعض العلماء أنه كان في الجاهلية طلاقاً، وحكى الإمام الشافعي رحمه الله عن بعض أئمة السلف وأهل العلم أنهم كانوا يقولون: كان الطلاق في الجاهلية بثلاثة أشياء: بالطلاق المعروف، وبالظهار، وبالإيلاء، فكانت العرب إذا تلفظت بالطلاق أو بالظهار أو بالإيلاء عدت ذلك كله طلاقاً، فجاء الإسلام وهذب الأحكام، فجعل الطلاق طلاقاً، وجعل الظهار موجباً للكفارة، وجعل الإيلاء على التفصيل الذي تقدم معنا.

واختلف العلماء في ظهار أهل الجاهلية، فقال بعضهم: كانوا في الجاهلية إذا تلفظ أحدهم بالظهار يعتبرونه طلاقاً محرماً للمرأة إلى الأبد، فكان من عظيم الظلم للنساء، فتبقى المرأة لا هي زوجة ولا هي مطلقة تبين منه حتى ينكحها غيره من الناس، فتصبح معلقة محرومة من الأزواج ومحرومة من زوجها، محرومة من زوجها بالظهار، ومحرومة من الأزواج بالطلاق المؤبد فتحرم على غيره حرمة مؤبدة.

وقال بعض العلماء: إنها حرمة مثل حرمة الطلاق.

وعلى كل حال كان هذا اللفظ موجوداً في الجاهلية، وشاء الله عز وجل أن وقع الظهار في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ووقع في حادثة مشهورة هي حادثة أوس بن الصامت بن قيس بن أصرم الأنصاري رضي الله عنه وأرضاه، وهذا الرجل كان من أجلاء الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، فقد شهد جميع المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من أهل بدر الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم -كما في الحديث الصحيح-: (وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم).

وكان من أهل بيعة الشجرة الذين قال النبي صلى الله عليه وسلم عنهم: (لن يلج النار أحد بايع تحت الشجرة) وهو صحابي له مكانته وفضله رضي الله عنه وأرضاه.

وقد عمِّر حتى توفي رضي الله عنه في خلافة عثمان في أواخر خلافته رضي الله عنه وأرضاه، وتوفي بالشام ببيت المقدس بالرملة رضي الله عنه وأرضاه، وجعل أعالي الفردوس مسكنه ومثواه.

فهذا الصحابي الجليل كان به ضعف وكانت فيه شدة، وفي يوم من الأيام راجعته زوجته في أمر من الأمور فحصل الغضب منه فقال: أنتِ عليّ كظهر أمي. فظاهر منها، فخرج إلى أصحابه وجلس في النادي مع قومه، ثم رجع، فلما رجع إليها أراد منها ما يريد الرجل من امرأته -أي: أن يستمتع بها- فمنعته، وامتنعت من أن تمكنه من نفسها.

وكانت حاله وحالها على فقر رضي الله عنهما وأرضاهما، فانطلقت إلى بعض جيرانها وأخذت ثوباً منهم، وانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منكسرة القلب حزينة مما أصابها من قول زوجها -وكان ابن عم لها- فذكرت شكواها، وبينت أنها أمضت حياتها وعاشرته على أحسن ما تكون العشرة، فنثرت له ما في بطنها، ومكنته من نفسها حتى رق عظمها وشاب رأسها، فظاهر منها رضي الله عنه، فاشتكت إلى الله عز وجل.

قال بعض العلماء: حصلت المجادلة بينها وبين النبي صلى الله عليه وسلم من جهة أن النبي صلى الله عليه وسلم حرمها، ثم نزل الوحي.

وقيل: إن المجادلة أن النبي صلى الله عليه وسلم حصل بينه وبينها بعض المراجعة.

وثبت في الحديث الصحيح من رواية أحمد في المسند أنها ما انتهت من كلامها إلا ونزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وكانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في هذه الحادثة العظيمة تقول: سبحان من وسع سمعه الأصوات، إني والله لفي طرف البيت ما بيني وبينها إلا ستر رقيق يخفى عليّ بعض كلامها وسمعها الله من فوق سبع سموات. سبحانه وتعالى.

ولذلك قال تعالى: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ [المجادلة:1] و(قد) تفيد التحقيق وثبوت الشيء دون شك فيه ولا مرية، ولا يؤتى بها إلا في الأمر الثابت الذي لا إشكال فيه. وأتى بلفظ الجلالة الظاهر، وما قال: قد سمعت بل قال: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا [المجادلة:1] .

يقول بعض العلماء: من بديع دلالات القرآن أن ينفي الأشياء المحتملة التي ليست بحقيقة؛ لأنه لما قال: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ [المجادلة:1] قد يظن ظان أنه سمع قولها ولم يسمع قول غيرها، فقال الله: وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ [المجادلة:1]، فأثبت لنفسه هذه الصفة التي تليق بجلاله وكماله، فوالله ما وقعت حبة في ظلمة إلا علمها الله، وما من نملة ولا أصغر من ذلك على صفحة حجر أملس في ليلة ظلماء إلا سمع الله صوتها وعلم مكانها وأجرى رزقها، لا يعجزه شيء جل جلاله وتقدست أسماؤه، ولا إله غيره.

وقوله تعالى: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ [المجادلة:1] فيه دليل على أن الشكوى إلى الله أمرها عظيم؛ لأن هذه المرأة قالت: إلى الله أشكو أوساً ، وإلى الله أشكو أمري، فذكرت أنها تشتكي إلى الله جل وعلا، والله إليه منتهى كل شكوى.

وفي هذا دليل على أن من اشتكى إلى الله فقد جعل أمره عند من تنتهي إليه الشكوى سبحانه وتعالى، وهو سامع كل شكوى، لذلك كان يقول الأئمة: إلى الله المشتكى، أي أنه هو نهاية كل شكوى سبحانه.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على خير خلق الله أجمعين، وعلى آله وصحبه ومن سار على سبيله ونهجه إلى يوم الدين.

أما بعد:

فيقول المصنف رحمه الله: [ كتاب الظهار ]

الظِهار في لغة العرب وجمهور أئمة العلم رحمهم الله عليهم: مشتق من الظَهر، كما صرح به صاحب اللسان والإمام الأزهري وغيرهما من أئمة اللغة رحمة الله على الجميع.

والسبب في ذلك أن المظاهر يقول لزوجته: أنتِ عليّ كظهر أمي. فنظراً لوجود هذا التشبيه بهذا الموضع قيل له: ظِهار، فهو فعِال من الظهر.

والظهر من الكاهل إلى العجز، والكاهل في لغة العرب يشمل الست الفقرات الأول من الأعلى من ظهر الإنسان، والعجز آخر الفقرات من جهة مؤخرة الإنسان.

وبعض العلماء قال: إن الظهار فعِال من الظهور، بمعنى الارتفاع والعلو، يقال: ظهر على الشيء إذا علاه، ومنه قوله تعالى: فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ [الكهف:97] أي أن الله عز وجل لم يمكنهم من العلو على ذلك السد الذي جعله ذو القرنين.

وأما في اصطلاح الشرع فإن المراد بالظهار: تشبيه المنكوحة بمن تحرم عليه على التأبيد. فهو تشبيه الزوج زوجته ومنكوحته بامرأة تحرم عليه حرمة مؤبدة كأمه وأخته وعمته وخالته وبنت أخته وبنت أخيه، ونحوهن من النساء اللاتي يحرمن عليه حرمة مؤبدة في قول بعض العلماء.

وقال بعض العلماء: تشبيه المنكوحة بمن تحرم عليه. ولم يفرق بين الحرمة المؤبدة والحرمة المؤقتة.

والفرق بين القولين أن أصحاب القول الأول يخصون الظهار بمن تحرم على التأبيد، فلو قال لزوجته: أنتِ عليّ كظهر أختك فلا يكون ظهاراً؛ لأنها ليست محرمة على التأبيد.

وعلى القول الثاني لو قال لها: أنتِ عليّ كأختك، أو: أنتِ عليّ كظهر أختك فإنه يقع الظهار.

فقولهم رحمهم الله: (تشبيه). التشبيه: تفعيل من الشبه، يقال: هذا: يشبه هذا إذا كان مثلاً له، والتشبيه: هو الدلالة على أن أمرين أو شخصين أو شيئين اجتمعا واشتركا في أمر أو أمور، أو في شيء أو في أشياء.

فحينما يقول الإنسان: محمد كالأسد. يكون هذا تشبيهاً، حيث شبه محمداً بالأسد، لكنه ليس من كل وجه، إنما مراده أن محمداً في الشجاعة والقوة كالأسد، أو يقول: محمدٌ كالبحر. أي أنه كثير العلم ككثرة البحر، أو كثير الكرم والجود والعطاء كالبحر.

والمقصود أن التشبيه تمثيل، ولا بد في الظِهار من وجود التشبيه، وهذا التشبيه يستلزم أربعة أركان: مشبِّهٍ ومشبَّهٍ ومشبَّهٍ به وصيغة يقع بها التشبيه.

فالمشبِّه هو الزوج.

والمشبَّه هي الزوجة المنكوحة التي عقد عليها.

والمشبَّه به هي المرأة المحرمة حرمة مؤبدة أو حرمة مؤقتة، على التفصيل المعروف عند أهل العلم رحمهم الله.

والصيغة هي اللفظ الدال على الظهار والتحريم به، ويستوي أن يخاطبها أو يقول في غيبتها، فالمهم أن يقع التشبيه باللفظ، فلا بد من وجود الصيغة الدالة على الظهار والتحريم به.

فهذه أربعة أركان لا بد من وجودها.

أما المشبه -وهو الزوج- فيشترط فيه أن يكون بالغاً عاقلاً مختاراً، فلا يصح الظهار من الصبي، فلو أن صبياً عقد له أبوه على زوجة فقال الصبي: هذه الزوجة عليّ كظهر أمي. فإنه لا يقع الظهار، والسبب في هذا أن لفظ الصبي غير معتد به شرعاً في المؤاخذات، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (رفع القلم عن ثلاثة...)، وذكر منهم الصبي حتى يحتلم.

كذلك المجنون فإنه لا يصح ظهاره بالإجماع، وفي حكم المجنون السكران ومن تعاطى المخدرات -والعياذ بالله- سواء أكان معذوراً أم غير معذور.

وقد تقدمت معنا هذه المسألة في طلاق السكران، وبينا مراتب السكر وأوجه السكر، وأقوال العلماء رحمهم الله في مؤاخذة السكران به في الطلاق، وفصلنا في ذلك، وأن الصحيح أن السكران كالمجنون لا يؤاخذ لا على طلاقه ولا على ظهاره إذا بلغ به السكر إلى درجة لا يتحكم فيها في قوله؛ لدلالة قوله تعالى: لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ [النساء:43]، فدل على أن السكران لا يعلم ما يقول، ومن كان لا يعلم ما يقول فإنه لا يؤاخذ به.

وكذلك ذكرنا ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأحاديث، وأقوال الصحابة رضوان الله عليهم في هذه المسألة.

ويشترط أن يكون مختاراً بحيث لا يهدد ولا يكره، فلو كان مكرهاً فإن الإكراه يسقط المؤاخذة بالألفاظ، ولذلك المرتد إذا أكره على لفظ الردة فإنه لا يؤاخذ إذا كان مطمئن القلب بالإيمان كما قال تعالى: إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ [النحل:106]، فدل على أن المكره ساقط القول؛ لأن الله أسقط عنه الردة وهي أعظم شيء، فمن باب أولى أن يسقط ما دونها.

فمعنى ذلك أنه لا بد وأن يكون الزوج المظاهر بالغاً عاقلاً مختاراً.

ولا تشترط فيه حرية، فالرقيق والحر في هذا على حد سواء، فيؤاخذ ويلزمه ما يلزم الحر.

وأما المشبَه -وهي الزوجة- فيقول لها: أنتِ. أو: زوجتي فلانة، أو: نسائي، أو: امرأتي، ونحو ذلك مما يدل على المنكوحة، سواء أكانت مدخولاً بها أم غير مدخولٍ بها.

فكل زوجة عقد عليها الإنسان فإنه يصح ظهاره منها إذا كان العقد صحيحاً، ولا يشترط دخوله بها، فلو عقد عليها الساعة ثم قال مباشرة: هي عليّ كظهر أمي. أو: زوجتي عليّ كظهر أمي وقع الظهار، ولا يشترط الدخول، فهذا بالنسبة للمنكوحة حقيقة.

وأما من في حكم المنكوحة والزوجة فهي المطلقة طلاقاً رجعياً، فلو أن امرأة طلقها طلاقاً رجعياً فقال: هي عليّ كظهر أمي، أو: أنتِ عليّ كظهر أمي، أو: فلانة مني كظهر أمي ونحو ذلك وقع الظهار.

ويستوي أن يشبه المرأة كلها أو بعضها، فيقول: أنتِ، أو: بدنك، أو: ذاتك، أو: جسمك، أو: كلك، أو يذكر عضواً من الأعضاء المتصلة، على تفصيل سنذكره إن شاء الله.

وأما المشبه به -وهي كما ذكرنا المرأة المحرمة عليه، ومن أهل العلم من يقول: حرمة مؤبدة- فيختص بثلاثة أنواع:

الأول: المحرمات من جهة النسب.

الثاني: المحرمات من جهة المصاهرة.

الثالث: المحرمات من جهة الرضاع.

وقد فصلنا هذه الثلاث المحرمات، وبينّا أدلة الكتاب والسنة وإجماع العلماء رحمهم الله على التحريم بهن على التفصيل في مسائل النكاح.

فأي واحدة يختارها من المحرمات على التأبيد من جهة النسب السبع يقع بها الظهار، كما لو قال: أنتِ عليّ كظهر أمي، أو: بنتي، أو: أختي، أو: بنت أخي، أو: بنت أختي، أو: عمتي، أو: خالتي، فهؤلاء كلهن من المحرمات حرمة مؤبدة.

وكذلك المحرمات من جهة المصاهرة، كما لو قال لها: أنتِ عليّ، أو أنتِ مني كأمك، أو: أنتِ عليّ كظهر أمك.

فإن أم الزوجة محرمة حرمة مؤبدة بالشرط المذكور في القرآن، فلو خاطبها بذكر أمها أو ذكر بنتها فقال لها: أنتِ عليّ كبنتك فإن هذا أيضاً يدخل في المحرمات؛ لأنها محرمة من جهة سبب المصاهرة.

كذلك أيضاً أن يقول لها: أنتِ عليّ كزوجة أبي، أو: كفلانة التي هي زوجة أبي؛ لأنها محرمة إلى الأبد لقوله تعالى: وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ [النساء:22]، أو يذكر زوجة ابنه فيقول: أنتِ عليّ كزوجة ابني، أو: أنتِ عليّ كفلانة ويقصد زوجة ابن من أبنائه وإن نزل، فهذا كله يشمله الظهار، وفي الرضاع مثل النسب.

والتشبيه هنا قد يقع صريحاً أو كناية، فيسأل عن قصده، فالصريح أن يقول لها: أنتِ عليّ كظهر أمي. والكناية أن يأتي بلفظ محتمل لقصد الظهار وعدمه.

وعند بعض العلماء إذا قال لها: (أنتِ كأمي) ولم يذكر الظهر أن هذا اللفظ محتمل؛ لأنه يحتمل: أنتِ كأمي محرمة. أو: أنتِ كأمي مكرمة. فيريد أن يكرمها ويجلها فيقول لها: أنتِ كأمي، أو ما أنتِ مني إلا كأمي؛ تكريماً لها وإجلالاً.

أو يذكر جزء المحرمة، فيقول: أنتِ كعين أمي، أو: كرأس أمي، أو: كصدر أمي، فهذه المواضع -العين والصدر والرأس- مما يحتمل التكريم ويحتمل الظهار، فإذا تلفظ بلفظ الظهار وقع الظهار، فإما أن تكون صيغته صريحة، وإما أن تكون صيغته كناية متضمنة الدلالة على الظهار، فإن كان شيئاً صريحاً أخذنا به وحكمنا به ظهاراً، وإن كان شيئاً محتملاً سألناه عن قصده؛ لأن الله عز وجل جعل لكل شيء قدراً، والصريح لا ينـزل غيره منـزلته إلا إذا كان محتملاً.

الظهار كان في الجاهلية، وجاء الإسلام فبيّن حكمه وما يترتب على التلفظ به، وكان أهل الجاهلية إذا تلفظوا بالظهار يعتبرونه طلاقاً، وصح هذا عن ابن عباس رضي الله عنهما، وهناك رواية مرفوعة -ذكرها الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله- أن خولة رضي الله عنها لما ظاهر منها زوجها أوس بن الصامت رضي الله عنه وأرضاه واشتكت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم جعله طلاقاً.

فمذهب بعض العلماء أنه كان في الجاهلية طلاقاً، وحكى الإمام الشافعي رحمه الله عن بعض أئمة السلف وأهل العلم أنهم كانوا يقولون: كان الطلاق في الجاهلية بثلاثة أشياء: بالطلاق المعروف، وبالظهار، وبالإيلاء، فكانت العرب إذا تلفظت بالطلاق أو بالظهار أو بالإيلاء عدت ذلك كله طلاقاً، فجاء الإسلام وهذب الأحكام، فجعل الطلاق طلاقاً، وجعل الظهار موجباً للكفارة، وجعل الإيلاء على التفصيل الذي تقدم معنا.

واختلف العلماء في ظهار أهل الجاهلية، فقال بعضهم: كانوا في الجاهلية إذا تلفظ أحدهم بالظهار يعتبرونه طلاقاً محرماً للمرأة إلى الأبد، فكان من عظيم الظلم للنساء، فتبقى المرأة لا هي زوجة ولا هي مطلقة تبين منه حتى ينكحها غيره من الناس، فتصبح معلقة محرومة من الأزواج ومحرومة من زوجها، محرومة من زوجها بالظهار، ومحرومة من الأزواج بالطلاق المؤبد فتحرم على غيره حرمة مؤبدة.

وقال بعض العلماء: إنها حرمة مثل حرمة الطلاق.

وعلى كل حال كان هذا اللفظ موجوداً في الجاهلية، وشاء الله عز وجل أن وقع الظهار في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ووقع في حادثة مشهورة هي حادثة أوس بن الصامت بن قيس بن أصرم الأنصاري رضي الله عنه وأرضاه، وهذا الرجل كان من أجلاء الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، فقد شهد جميع المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من أهل بدر الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم -كما في الحديث الصحيح-: (وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم).

وكان من أهل بيعة الشجرة الذين قال النبي صلى الله عليه وسلم عنهم: (لن يلج النار أحد بايع تحت الشجرة) وهو صحابي له مكانته وفضله رضي الله عنه وأرضاه.

وقد عمِّر حتى توفي رضي الله عنه في خلافة عثمان في أواخر خلافته رضي الله عنه وأرضاه، وتوفي بالشام ببيت المقدس بالرملة رضي الله عنه وأرضاه، وجعل أعالي الفردوس مسكنه ومثواه.

فهذا الصحابي الجليل كان به ضعف وكانت فيه شدة، وفي يوم من الأيام راجعته زوجته في أمر من الأمور فحصل الغضب منه فقال: أنتِ عليّ كظهر أمي. فظاهر منها، فخرج إلى أصحابه وجلس في النادي مع قومه، ثم رجع، فلما رجع إليها أراد منها ما يريد الرجل من امرأته -أي: أن يستمتع بها- فمنعته، وامتنعت من أن تمكنه من نفسها.

وكانت حاله وحالها على فقر رضي الله عنهما وأرضاهما، فانطلقت إلى بعض جيرانها وأخذت ثوباً منهم، وانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منكسرة القلب حزينة مما أصابها من قول زوجها -وكان ابن عم لها- فذكرت شكواها، وبينت أنها أمضت حياتها وعاشرته على أحسن ما تكون العشرة، فنثرت له ما في بطنها، ومكنته من نفسها حتى رق عظمها وشاب رأسها، فظاهر منها رضي الله عنه، فاشتكت إلى الله عز وجل.

قال بعض العلماء: حصلت المجادلة بينها وبين النبي صلى الله عليه وسلم من جهة أن النبي صلى الله عليه وسلم حرمها، ثم نزل الوحي.

وقيل: إن المجادلة أن النبي صلى الله عليه وسلم حصل بينه وبينها بعض المراجعة.

وثبت في الحديث الصحيح من رواية أحمد في المسند أنها ما انتهت من كلامها إلا ونزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وكانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في هذه الحادثة العظيمة تقول: سبحان من وسع سمعه الأصوات، إني والله لفي طرف البيت ما بيني وبينها إلا ستر رقيق يخفى عليّ بعض كلامها وسمعها الله من فوق سبع سموات. سبحانه وتعالى.

ولذلك قال تعالى: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ [المجادلة:1] و(قد) تفيد التحقيق وثبوت الشيء دون شك فيه ولا مرية، ولا يؤتى بها إلا في الأمر الثابت الذي لا إشكال فيه. وأتى بلفظ الجلالة الظاهر، وما قال: قد سمعت بل قال: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا [المجادلة:1] .

يقول بعض العلماء: من بديع دلالات القرآن أن ينفي الأشياء المحتملة التي ليست بحقيقة؛ لأنه لما قال: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ [المجادلة:1] قد يظن ظان أنه سمع قولها ولم يسمع قول غيرها، فقال الله: وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ [المجادلة:1]، فأثبت لنفسه هذه الصفة التي تليق بجلاله وكماله، فوالله ما وقعت حبة في ظلمة إلا علمها الله، وما من نملة ولا أصغر من ذلك على صفحة حجر أملس في ليلة ظلماء إلا سمع الله صوتها وعلم مكانها وأجرى رزقها، لا يعجزه شيء جل جلاله وتقدست أسماؤه، ولا إله غيره.

وقوله تعالى: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ [المجادلة:1] فيه دليل على أن الشكوى إلى الله أمرها عظيم؛ لأن هذه المرأة قالت: إلى الله أشكو أوساً ، وإلى الله أشكو أمري، فذكرت أنها تشتكي إلى الله جل وعلا، والله إليه منتهى كل شكوى.

وفي هذا دليل على أن من اشتكى إلى الله فقد جعل أمره عند من تنتهي إليه الشكوى سبحانه وتعالى، وهو سامع كل شكوى، لذلك كان يقول الأئمة: إلى الله المشتكى، أي أنه هو نهاية كل شكوى سبحانه.