خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/68"> الشيخ محمد بن محمد مختار الشنقيطي . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/68?sub=33614"> شرح كتاب زاد المستقنع
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
شرح زاد المستقنع باب صوم التطوع [2]
الحلقة مفرغة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
قال المصنف رحمه الله: [ومن دخل في فرض موسع حرم قطعه].
بين المصنف رحمه الله بهذه العبارة أن الشروع في الفريضة يمنع من قطعها، وهذا أصل قد دل عليه قوله سبحانه وتعالى: وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ [محمد:33] ولا شك أن العبادة في الأصل إذا شرع الإنسان فيها فعليه أن يحرص على إتمامها وكمالها، وإذا أحب الله العبد ووفقه للطاعة والخير والبر فمن دلائل حبه له أن يعينه على فعل ذلك الخير، فإذا أراد أن يتمم عليه النعمة ويكملها أعانه على تكميل ذلك الخير.
فالشروع في الفرض الموسع يحرم قطعه.
والفرض ينقسم إلى قسمين: مضيق، وموسع.
فالمضيق: يلزم فعله في وقته الذي ضيق الشرع فيه، ولا يجوز للمكلف أن يؤخره.
وأما الموسع: كقضاء رمضان، فإنه يجب عليك أن تقضي ما فاتك من أيام رمضان، إلا أن هذا القضاء لا تطالب به مباشرة بعد انتهاء شهر الصوم؛ فقد وسع الله في قضائه إلى رمضان الآخر، فهو واجب موسع وفرض موسع.
وهكذا لو أذن عليك أذان الظهر وأنت في أول الوقت فإنه فرض موسع، أي أنك بالخيار أن تؤخره ما لم يكن ذلك سبباً في تفويت جماعة أو نحوه، إذا كان يجب على الإنسان أن يشهدها.
فالمقصود: أن الواجب الموسع ذكره المصنف لكي ينبه على أن الواجب المضيق من باب أولى وأحرى.
بناءً على العبارة الأولى، فلو أن إنساناً كان عليه صيام يوم من رمضان، وقضاؤه موسع، فأنت بالخيار أن تصوم مباشرة بعد يوم العيد، وبين أن تؤخر القضاء إلى شعبان، فلو أنك بادرت وصمت هذا اليوم في شوال، فإنك بشروعك فيه لا يجوز لك أن تقطعه ولا أن تفطر فيه.
قال رحمه الله: [ولا يلزم في النفل].
أي: إذا صام الإنسان صوم نفل فهل يلزمه بمجرد شروعه في صوم النفل أن يتمه أو لا يلزمه الإتمام؟
قولان عند العلماء رحمة الله عليهم، وتعرف هذه المسألة عند أهل العلم رحمهم الله بمسألة: الشروع في النوافل، وأوردوا عليها السؤال المشهور: هل الشروع في النوافل يصيّرها فرائض أو لا؟
فذهب طائفة من العلماء إلى أن الشروع في النوافل يصيرها فرائض.
وذهب طائفة من العلماء إلى أن الشروع في النوافل لا يصيرها فرائض.
ومحل الخلاف: إذا بدأ الإنسان بالنافلة.
ومن أمثلة ذلك: لو أن إنساناً أحرم بنافلة في الضحى مثلاً، فإنه لا يجب عليه إتمامها، فلو أنه عرض له العارض فسلَّم منها ومضى، فإنه لا حرج عليه على القول الثاني، وأما على القول الأول فيأثم؛ لأن الشروع فيها ملزم بإتمامها، وهكذا في الصوم، فمن شرع في صوم نافلة كأن يصوم الإثنين والخميس، ثم طرأ عليه ما يوجب فطره من غير عارض لازم، فلم يكن ذلك لمرض أو عذر، فعلى القول بأن الشروع في النوافل يصيرها فرائض لا يجوز له الفطر، ويجب عليه أن يتم صوم ذلك اليوم، وعلى القول بأن الشروع في النوافل لا يصيرها فرائض، فإنه لا يجب عليك الإتمام، فإن شاء أفطر، وإن شاء أتم، وهو الصحيح.
والدليل على جواز فطرك في صوم النافلة إذا شرعت فيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المتطوع أمير نفسه) فدل هذا الحديث على أن الخيار لمن تطوع، ولكن الأفضل والأكمل للمسلم إذا بدأ خيراً أن لا يقفل بابه على نفسه، ولذلك ينبغي للمسلم دائماً أن يحرص على شكر نعمة الله عليه بالطاعة، فأي عمل خير يفتحه الله عليك من نافلة أو بر فلا تقطعه ما استطعت لإتمامه سبيلاً.
وهذه المسألة يقع فيها بعض الأخيار خاصةً، إذا عرضت لهم أمور فيها خير ومصلحة، فتجد الإمام يتقدم بالناس ويؤمهم أو يعظهم ويخطب فيهم، فقلّ أن تجد الشيطان يترك مثل هذا، فيأتيه من باب الخير فيسوّل له ترك هذا العمل، أو الإعراض عنه بحجة الاشتغال بغيره.
وهذا لا شك أنه يقفل على نفسه باب الخير، ويحرم نفسه من خير عظيم، وهكذا إذا فتح الله عليك باب خير في دعوة أو بر أو قربة ونحو ذلك مما يحتسب فيه الأجر عند الله، إياك أن تكون سبباً في قفل باب الخير عليك!
فلو كنت مشتغلاً بالصدقات وتفريج كربات المسلمين وستر عوراتهم، فجاءك الشيطان وقال لك: اترك هذا، وأقبل على كذا وكذا؛ فانظر رحمك الله في أمرك؛ وارجع إلى العلماء ولا تستعجل؛ لأنه قلّ أن يوفق إنسان لباب خير فيقفله عليه ثم يوفق له ثانية؛ لأنه إذا تسبب في قفل باب الخير على نفسه كأنه أعرض عن نعمة الله، ومن أعرض عن الله أعرض الله عنه.
ولذلك تجد الإنسان إذا كان مذبذباً في أموره، وكلما فتح الله عليه باب خير قفله على نفسه، قلّ أن تجده موفقاً، وقلّ أن يصيب الكمالات في أمور الطاعة والبر، فينبغي على الإنسان دائماً إذا وجد أن الله هيأ له باب خير، كالصلاة والصيام وقيام الليل أن لاّ يسعى في قفل هذا الباب على نفسه، فإن حال بينه وبين هذا الخير عذر كمرض أو شغل أو نحو ذلك مما هو آكد، فإنه يندم، ويشتكي إلى الله عز وجل أنه لو كان فارغاً لقام بهذا الخير حتى يجمع الله له بين الحسنيين، ويُبَلِّغه أجر الطاعتين، والله كريم وفضله عظيم، وكلما حسنت نية الإنسان بلغ من الخير الشيء الكثير.
فهذه الجملة المقصود منها: أن الإنسان إذا بدأ بالطاعة، فإنه مخير بين أن يتمها، وهذا أفضل بإجماع العلماء، وبين أن يتركها، وهذا دون الكمال، ولا يجب عليه أن يتم؛ لأن الطاعات ليست بواجبة في أصل الشرع إلا شيئاً واحداً استثناه العلماء من النوافل فيجب إتمامه بمجرد الدخول فيه، وهو النسك، والمراد به الحج والعمرة.
فمن أحرم بحج نافلة أو أحرم بعمرة نافلة فإنه يجب عليه إتمامهما، ولا يحل إلا بإتمامهما إلا في ما استثنى الله من المحصر وما في حكمه، فلو أن إنساناً أحرم بعمرة نافلة في رمضان مثلاً، ثم جاء فوجد الزحام، فقال: لا أريد أن أتمها، ولبس ثيابه ومضى، فقال: ما دامت نافلة فإني لا أتمها، ورجع إلى أهله، فإنه لا يزال محرماً حتى يتحلل من عمرته، وجميع ما يصيب من محظورات الإحرام فإنه يجب عليه أن يفتدي عنها، ولو مضت على هذه العمرة أيام وأسابيع وشهور، فإنه لا يزال مخاطباً بنص كتاب الله عز وجل بإتمامها، كما في قوله سبحانه: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة:196].
وقد أجمع العلماء على أن الحج والعمرة إذا كانا نافلة، أنه يجب على من شرع فيهما أن يتمهما، وعلى هذا: فإن العلماء استثنوا من مسألة الشروع في النوافل الحج والعمرة إذا كانا نافلتين، فيجب على الإنسان أن يتمهما ولا يخرج منهما إلا بالتحلل، أو بالصورة التي أذن الله فيها في مسائل الإحصار، كما وقع للنبي صلى الله عليه وسلم في الحديبية.
قال رحمه الله: [ولا قضاء فاسده إلا الحج].
أي: ولا يجب عليه قضاء الفاسد من النافلة.
فلو أن إنساناً صلى ركعتين وتبين له فسادهما، فإنه لا يجب عليه قضاء الركعتين، وأما الحج والعمرة فإنه يجب عليه قضاء الفاسد.
توضيح ذلك: لو أن إنساناً أحرم بالحج أو أحرم بالعمرة وقد نوى النافلة، ثم أفسد ذلك بالجماع، فيقال له: يجب عليك أن تمضي في هذا الفاسد وأن تتمه، ثم تنشئ بعد ذلك عمرة بدلاً عن هذه العمرة، أو حجاً بدل هذا الحج.
وهذا هو ظاهر القرآن في قوله تعالى: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة:196] قال العلماء: وردت الآية الكريمة عامة تأمر بالإتمام للفاسد والصحيح على حد سواء، فيجب عليه أن يتم عمرته الفاسدة ويتم أيضاً حجه الفاسد، وعليه القضاء.
وبذلك أفتى عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر في الرجل الذي جامع أهله، وأصله قضاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه حيث قال: عليه أن يمضي في حجه حتى يتمه، ثم يأتي بحج من عام قابل ويهدي، ويفترقا. يعني: أنه لا يحج مع امرأته في السنة القادمة عقوبة له، وخوفاً من الوقوع مرة أخرى، من باب تعاطي الأسباب لحفظ الحق لله عز وجل.
قال رحمه الله: [وترجى ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان]
حديث المصنف هنا عن الصوم، ولما بين أحكام الصوم المفروض والصوم النافلة شرع فيما يتبع الصوم من قيام رمضان.
وقيام رمضان في الأصل يراد به تحصيل فضيلة الشهر كله، وفضيلة ليلة القدر على وجه الخصوص، وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا بقوله: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه).
وقال أيضاً في الصحيح: (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه).
فقوله رحمه الله: (وترجى ليلة القدر في العشر الأواخر):
أولاً: ليلة القدر سميت بذلك لعظيم قدرها ومكانتها عند الله سبحانه وتعالى؛ ولذلك شرفها الله عز وجل فجعل قيامها خيراً من ألف شهر يقومها الإنسان، ولا شك أن هذا يدل دلالة واضحة على أن الله فضلها واختارها من بين الليالي، ولذلك قال الإمام ابن القيم رحمه الله في تفسير قوله تعالى: وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ [القصص:68] : إن الله اختار من الليالي ليالي العشر الأواخر، واختار من الليالي العشر ليلة القدر.
وقال بعض المفسرين في قوله تعالى: وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ [الفجر:1-2]: هي ليالي العشر الأواخر من رمضان، أقسم الله عز وجل بها لشرفها وعظيم قدرها ومكانها؛ لاشتمالها على أعظم وأفضل ليلة وهي ليلة القدر.
والله سبحانه وتعالى اختار من الناس، واختار من الجماد، واختار من الأزمنة، واختار من الأمكنة ما شاء سبحانه وتعالى، فاختار من أيام الأسبوع يوم الجمعة، واختار من ليالي السنة ليالي العشر، واختار من ليالي العشر ليلة القدر، واختار من الأيام أيام العشر من ذي الحجة، فأيام العشر من ذي الحجة أيام مفضلة، واختار من أيام العشر من ذي الحجة يوم عرفة، فكان اختيار الله عز وجل لجميعها.
فإذا نظرت إلى الأيام كانت الأيام العشر من ذي الحجة أفضل، وفضيلتها في النهار آكد، وذلك لقوله عليه الصلاة والسلام: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله عز وجل من عشر ذي الحجة) وخصت ليالي العشر الأواخر من رمضان بفضيلة الليل دون النهار، وهذا الذي دعا بعض العلماء إلى قوله: إن أيام عشر من ذي الحجة أفضل من العشر الأواخر؛ وذلك لأن العشر الأواخر فضيلتها في الليل، وأما عشر من ذي الحجة ففضيلتها عامة شاملة لليل والنهار؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: (ما من أيام) فشمل ذلك النهار والليل.
وأما بالنسبة لليالي: فالفضيلة لليالي العشر، وبها ورد القسم، وأفضل ليالي العشر ليلة القدر بإجماع العلماء رحمة الله عليهم، وأفضل أيام العشر من ذي الحجة يوم عرفة، وهذا التفضيل لله فيه الحكمة البالغة.
والله سبحانه وتعالى فضل ليلة القدر وندب إلى إحيائها، وذلك في كتابه وعلى لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في قوله سبحانه: إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ [القدر:1-3] فوصفها بأنها خَيْرٌ، وقوله: (خَيْرٌ) في لغة العرب بمعنى: أخير، فالعرب تقول: فلان خير من فلان. أي: أخير، وتقول: فلان شر من فلان. أي: أشر، كما في قول أبي طالب يمدح النبي صلى الله عليه وسلم في البائية المشهورة:
أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّا وَجدْنا مُحَمَّداً نَبِيّاً كَمُوْسَى خطَّ في أَوَّلِ الكُتْبِ
وَأن عليه في العباد محَبَّةً وَلاَ خَيْرَ مِمَّنْ خَصَّهُ الله بالحُبِّ
أي: ولا أخير ممن خصه الله بالحب، فمعنى قول الله في ليلة القدر: خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ [القدر:3] أخير من ألف شهر، وهذا يدل على فضيلتها وعظيم شأنها عند ربها.
وقال بعض العلماء: ليلة القدر من التقدير؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقدر فيها الأرزاق والأمور، وهي الليلة التي يكون فيها التقدير من عام إلى عام، والله أعلم بما يكتب فيها من سعادة السعداء ومن شقاء الأشقياء، ولذلك فضلت وَشُرِّفَت بهذا.
وقوله: ( ترجى ليلة القدر) أخفى الله ليلة القدر؛ وهذا لحكمة منه سبحانه وتعالى، وهذا الخفاء -كما يقول العلماء- لكي يجتهد الناس في الطاعة، فلا يقتصرون على ليلة من بين الليالي، ولا يجعلون طاعتهم مقصورة عليها، فإذا علموا أنها في العشر الأواخر اجتهدوا في العشر الأواخر كلها، وهذا هو مقصود الشرع.
تأكد طلب ليلة القدر في أوتار العشر الأواخر
وعلى هذا: فإن الأفضل أن يحرص على قيام ليالي العشر لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه اعتكف العشر الأواخر من رمضان.
وأوتار العشر الأواخر آكد؛ وذلك لنص النبي صلى الله عليه وسلم عليه.
وللعلماء في الوتر وجهان:
منهم من يقول: الوتر بعدد الشهر، فيبتدئ بالليلة الحادية والعشرين، ثم بعدها ليلة ثلاث وعشرين، ثم ليلة خمس وعشرين، ثم ليلة سبع وعشرين، ثم ليلة تسع وعشرين.
وقيل: الوتر لما بقي من الشهر، فيشمل ذلك ليلة الثلاثين، وليلة ثمانٍ وعشرين، وليلة ست وعشرين، وليلة أربع وعشرين، وليلة اثنتين وعشرين؛ وذلك بسبب كون الباقي وتراً إذا نظرت إلى العدد.
ومن هنا قال العلماء: إنها تشمل الأوتار والأشفاع لاحتمال النص؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (في ثالثة تبقى، في خامسة تبقى) والثالثة التي تبقى هي: ليلة ست وعشرين، والخامسة التي تبقى هي: ليلة أربع وعشرين، وقس على هذا، ومن هنا قال العلماء: شمل الأمر بالوتر ما بقي وشمل عدد الشهر، ومن هنا بقيت محتملة للعشر الأواخر كلها.
وأقوى الأقوال: أنها تنتقل؛ وذلك لأن النصوص قوية جداً في إثبات ليلة الحادي والعشرين وإثبات ليلة التاسع والعشرين، ولذلك لا يمكن التوفيق بين هذه النصوص إلا بمسألة الانتقال.
وهذا قول جمع من السلف رحمة الله عليهم وجمع من الأئمة؛ بأنه لا يمكن الجمع بين هذه النصوص إلا على هذا الوجه، مع أن هناك بعض الأدلة يقوي ليلة خمس وعشرين، وهناك بعض الأدلة يدل على إحدى وعشرين، وهو ثابت في الصحيح، وليلة سبع وعشرين وهو آكدها وأقواها لورود كثير من الأدلة، فدل هذا على وجود مسألة الانتقال.
والمسلم يتحرى هذه الليلة ويحرص على قيام العشر الأواخر طلباً لفضيلتها، ولا شك أن الله سبحانه وتعالى يختص بفضله من شاء، وإذا حسنت نية الإنسان وصدق مع الله فإن الله يصدق معه.
هذان قولان للعلماء رحمة الله عليهم؛ لأن السُّنة وردت بهما في حديث: (التمسوها في الوتر من العشر الأواخر) وكذلك تفصيله في قوله: (في ثالثة تبقى، في خامسة تبقى) ومن قال: إنها ليلة إحدى وعشرين فقد استدل عليها بحديث المطر (أُريت أني أسجد صبيحتها على الماء والطين) فوكف مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة إحدى وعشرين، وأُري الماء والطين في جبهته صلوات الله وسلامه عليه في مسجده، فهذا يقوي قول من قال: هي ليلة إحدى وعشرين.
القول بأن ليلة القدر في ليلة سبع وعشرين
فإنه قد قال به جمع من السلف رحمهم الله، ويختاره بعض الأئمة كما نبه عليه المصنف رحمه الله عليه.
والذي يظهر -والله أعلم- أن القول بانتقالها قول من القوة بمكان، أي: أنها تنتقل خلال العشر، وأن ليالي العشر محتملة؛ ولله في ذلك حكمة بالغة، فلو علم الناس ليلة القدر لأهلك بعضهم بعضاً بالدعاء، ولتسلط السفهاء بمسائل وحوائج الدنيا، ولخمل الناس عن إحياء العشر الأواخر، والعناية بغيرها، فمن حكمة الله سبحانه وتعالى: أنه جعلها مخفية، وقد أطلع الله نبيه صلى الله عليه وسلم عليها ثم رفعت.
وسبب رفعها: أنه تلاحى رجلان -وهما: أُبي وأبو حدرد الأسلمي رضي الله عنهما- فلما تلاحيا، أي: حصلت بينهما الخصومة داخل المسجد في الدَّين، كشف النبي صلى الله عليه وسلم الستار من قبته التي كان يعتكف فيها، فأمر عليه الصلاة والسلام بالوضع من الدَّين، وأمر المديون أن يقوم بالقضاء، وقال لأصحابه: (أُريت ليلتكم هذه فتلاحى رجلان فرفعت، وعسى أن يكون خيراً...) أي: عسى الله أن يجعل الخير في رفعها.
ولا شك أنه خير عظيم إذ صرف الله عز وجل الناس إلى الاشتغال بإحياء الليالي العشر، وهذا أعظم في أجورهم؛ والإنسان إذا أحيا ليالي العشر كاملة فلا شك أنه مصيب لليلة القدر، وأنه سينال هذه الفضيلة بلا إشكال؛ لنص النبي صلى الله عليه وسلم على كونها داخل العشر.
دعاء ليلة القدر
أي: ويدعو في ليلة القدر إذا رآها بما ورد؛ والسبب في ذلك: أن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها قالت: (يا رسول الله! أرأيت لو أني رأيت ليلة القدر ما أقول. قال: قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني) استدل بعض العلماء بقولها: (رأيت) على أن السُّنة دالة على أن لليلة القدر أمارات وعلامات، وأن الإنسان يتبين بهذه العلامات أن الليلة ليلة القدر؛ لأن عائشة رضي الله عنها قالت: (لو أني رأيت ليلة القدر).
وتوسع العوام في ذلك وأحدثوا في ذلك بدعاً وأموراً لا أصل لها في الشرع، وذلك في الدلالة على ليالي القدر، والصحيح: أن هذا أمر مسكوت عنه، والله أعلم بالعلامات التي تكون والتي تقع.
ولكن من أهل العلم رحمة الله عليهم من قال: إن الله وصف هذه الليلة بنزول الملائكة، والملائكة سكينة، والسكينة تغشى معها الطمأنينة للناس، خاصة في المساجد، قالوا: فالغالب أن الإنسان يجد من انشراح الصدر وطمأنينة القلب ما لا يجده في غيرها من الليالي؛ لأن الملائكة تتنزل، ولا شك أن السكينة إذا تنزلت فإن فيها الثبات وفيها الطمأنينة، ويجد الناس أثر ذلك.
فهذه من العلامات التي استؤنس فيها بورود نص القرآن بقوله سبحانه: تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ [القدر:4] لكن ينبغي الوقوف في مثل هذا على مورد النص؛ لأنه هو الأصل.
قال رحمه الله: [وأوتارة آكد]
وعلى هذا: فإن الأفضل أن يحرص على قيام ليالي العشر لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه اعتكف العشر الأواخر من رمضان.
وأوتار العشر الأواخر آكد؛ وذلك لنص النبي صلى الله عليه وسلم عليه.
وللعلماء في الوتر وجهان:
منهم من يقول: الوتر بعدد الشهر، فيبتدئ بالليلة الحادية والعشرين، ثم بعدها ليلة ثلاث وعشرين، ثم ليلة خمس وعشرين، ثم ليلة سبع وعشرين، ثم ليلة تسع وعشرين.
وقيل: الوتر لما بقي من الشهر، فيشمل ذلك ليلة الثلاثين، وليلة ثمانٍ وعشرين، وليلة ست وعشرين، وليلة أربع وعشرين، وليلة اثنتين وعشرين؛ وذلك بسبب كون الباقي وتراً إذا نظرت إلى العدد.
ومن هنا قال العلماء: إنها تشمل الأوتار والأشفاع لاحتمال النص؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (في ثالثة تبقى، في خامسة تبقى) والثالثة التي تبقى هي: ليلة ست وعشرين، والخامسة التي تبقى هي: ليلة أربع وعشرين، وقس على هذا، ومن هنا قال العلماء: شمل الأمر بالوتر ما بقي وشمل عدد الشهر، ومن هنا بقيت محتملة للعشر الأواخر كلها.
وأقوى الأقوال: أنها تنتقل؛ وذلك لأن النصوص قوية جداً في إثبات ليلة الحادي والعشرين وإثبات ليلة التاسع والعشرين، ولذلك لا يمكن التوفيق بين هذه النصوص إلا بمسألة الانتقال.
وهذا قول جمع من السلف رحمة الله عليهم وجمع من الأئمة؛ بأنه لا يمكن الجمع بين هذه النصوص إلا على هذا الوجه، مع أن هناك بعض الأدلة يقوي ليلة خمس وعشرين، وهناك بعض الأدلة يدل على إحدى وعشرين، وهو ثابت في الصحيح، وليلة سبع وعشرين وهو آكدها وأقواها لورود كثير من الأدلة، فدل هذا على وجود مسألة الانتقال.
والمسلم يتحرى هذه الليلة ويحرص على قيام العشر الأواخر طلباً لفضيلتها، ولا شك أن الله سبحانه وتعالى يختص بفضله من شاء، وإذا حسنت نية الإنسان وصدق مع الله فإن الله يصدق معه.
هذان قولان للعلماء رحمة الله عليهم؛ لأن السُّنة وردت بهما في حديث: (التمسوها في الوتر من العشر الأواخر) وكذلك تفصيله في قوله: (في ثالثة تبقى، في خامسة تبقى) ومن قال: إنها ليلة إحدى وعشرين فقد استدل عليها بحديث المطر (أُريت أني أسجد صبيحتها على الماء والطين) فوكف مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة إحدى وعشرين، وأُري الماء والطين في جبهته صلوات الله وسلامه عليه في مسجده، فهذا يقوي قول من قال: هي ليلة إحدى وعشرين.