شرح الفروق والتقاسيم للسعدي [17]


الحلقة مفرغة

قال رحمه الله: [ ومن التقاسيم الصحيحة تقسيم العتق إلى أربعة أقسام ].

يعني: ما يحصل به العتق.

قال رحمه الله: [أحدها: العتق بإيقاعه بلفظ من ألفاظ العتق والتحرير الصريحة أو الكناية المقترنة بالنية أو القرينة ].

هذا القسم الأول: العتق بالقول، كقوله: أعتقتك، وحررتك، يعني: سواء كان بألفاظ العتق، أو بالصريح أو بالكناية، والكناية: ما يحتمل العتق وغيره، فالكناية لا بد لها من نية، وأما الصريح فلا يحتاج إلى نية؛ لأنه لا يحتمل إلا العتق، فما يحتمل العتق وغيره لا بد له من النية، مثل لو قال: انطلق أو قال: اخرج، أو قال: اذهب، فيحتمل العتق وغيره، لكن لو قال: حررتك، أو أعتقتك فهذا صريح لا يحتاج إلى نية.

قال رحمه الله: [الثاني: العتق بالفعل بأن يمثل برقيقه بجدع أو تحريق أو تخريق عضو من أعضائه فيعتق عليه بهذا الفعل].

إذا مثل برقيقه، فقام بقطع أذنه أو قطع أنفه، أو خرق عضو من أعضائه فإنه يعتق عليه، وهذان لورود السنة بذلك.

القسم الثالث: قال رحمه الله: [ العتق بالملك، فإذا ملك ذا رحم محرم بالقرابة عتق عليه ].

لقول النبي عليه الصلاة والسلام: ( من ملك ذا رحم محرم عتق عليه ).

وضابط ذلك: كل ذي رحم محرم يملكه الإنسان يعتق عليه، فلو فرض أنه أنثى فإنه لا يحل له أن ينكحها؛ لأنه إذا ملكه عتق عليه ومثاله: إذا ملك أباه عتق عليه، وإذا ملك أخاه عتق عليه وإذا ملك أمه تعتق عليه، لكن إذا ملك ابن عمه فلا يعتق، وإذا ملك بنت عمه لا تعتق عليه.

قال رحمه الله: [السراية: وهو أن يعتق جزءاً من رقيقه له فيه شركة فيسري إلى بقيته إن كان موسراً، ويغرم حصة شريكه وإن كان معسراً، فقيل: يعتق كله ويستسعى العبد بالمعروف وهو الصحيح، والمشهور في المذهب أنه لا يعتق نصيب الشريك في هذه الحال بل يبقى حقه رقيقاً، وهذا هو المبعض الذي تتبعض أحكامه بحسب ما فيه من الحرية والرق].

هذا القسم الرابع: السراية، والسراية: هو أن يعتق الشريك نصيبه من هذا الرقيق، فإذا أعتق نصيبه من هذا الرقيق فلا يخلو الشريك من أمرين:

الأمر الأول: أن يكون موسراً، فإن كان موسراً فإنه يسري عليه، ويعتق الرقيق كله، ويكون حراً، فإذا كان لهذا الرقيق عشرة آلاف ريال، وهو يملك النصف، وأعتق النصف وهو موسر عنده خمسة آلاف ريال نقول: يسري العتق إلى كل الرقيق، ويغرم نصيب شريكه خمسة آلاف ريال وهذا ثبتت به السنة الصحيحة في الصحيحين، فإن كان الذي أعتق معسراً فهذا فيه قولان للعلماء رحمهم الله:

الرأي الأول: أنه يستسعى العبد، يقال: اعمل حتى تكتسب وتسدد للشريك الآخر، وهذا هو الصواب؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام: ( وإلا استسعى العبد غير مشقوق عليه ).

والقول الثاني: أنه يبقى مبعضاً يعني: بعضه حر وبعضه رقيق، لكن الصواب التي ثبتت به السنة أنه يستسعى غير مشقوق عليه.

قال رحمه الله: [ومن التقاسيم الصحيحة: تقسيم المماليك إلى أقسام بحسب الأسباب: رقيق، وقن، وعبد مطلق، وهو الذي لم يوجد فيه من أسباب العتق شيء، وهذا الأصل في المماليك، ومدبرٌ وهو: الذي علق سيده عتقه بموته، فإن مات السيد وهو على ملكه عتق من ثلثه].

المماليك ينقسمون إلى أقسام: الرقيق ويقال له: قن، فلو كانت قيمته هذا الرقيق عشرة آلاف ريال أو عشرون ألفاً، فإنه يعتق، يعني لو كان الثلث للميت عشرين ألفاً، وهذا الرقيق قيمته عشرة فإنه يعتق، أما إذا كان العكس: قيمته عشرون والثلث عشرة، فيعتق منه بعضه بمقدار الثلث فقط.

قال رحمه الله: [وأم ولد وهي الجارية التي ولدت من سيدها ما فيه صورة ولو خفيت].

أم الولد: هي التي وضعت من سيدها ما تبين فيه خلق إنسان، فهذه أم الولد إذا مرَّ على ما في بطنها أربعون يوماً نطفة ثم يكون علقةً مثل ذلك، ثم يكون مضغةً مثل ذلك، فبعد الثمانين يكون علقة أي: قطعة لحم، ثم مضغة كما قال الله عز وجل: مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ [الحج:5] يحتمل التخليق ويحتمل غير التخليق، لكن بعد الثمانين، يعني: واحداً وثمانين، اثنين وثمانين.. إلخ يكون التخليق هنا نادراً، فإذا تم له تسعون يوماً فالتخليق هنا غالب، وإذا تم له عشرون ومائة اكتمل تخليقه؛ لأنه سينفخ فيه الروح، ويرسل إليه الملك، فهذه أم الولد إذا ألقت هذه المضغة من اللحم وفيها التخطيط ولو خفيت صورة اليد، أو صورة الرجل، أو صورة الرأس أو صورة الإنسان، وكذا لو ولدت ولداً كاملاً فإنها تسمى أم ولد، تعتق بموت سيده.

قال رحمه الله: [وحكمها أنها في حال حياة سيدها يملك سيدها منافعها: منافع الخدمة، ومنافع الاستمتاع، دون التصرف فيها بنقل الملك ببيع أو هبة أو رهن أو نحوها، وبعد موت سيدها تعتق من رأس ماله].

ذكر ثلاثة أحكام لها:

الحكم الأول: إذا كان السيد على قيد الحياة فيملك منافعها من الخدمة والاستمتاع ونحو ذلك.

ثانياً: بعد الموت تعتق.

ثالثاً: لا يجوز نقل الملك فيها وبيعها، وهذا اختلف فيه أهل العلم رحمهم الله على قولين:

الرأي الأول: أنه لا يجوز وهو المذهب، لنهي عمر رضي الله تعالى عنه عن ذلك.

والرأي الثاني: يجوز بيع أم الولد؛ لحديث جابر قال: ( كنا نبيع سرارينا أمهات الأولاد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم )، فقالوا: هذا دليل على الجواز.

والصواب: أن هذا جائز إلا إذا أدى ذلك إلى التفريق؛ لأن المنع من بيع أمهات الأولاد لأنه يؤدي إلى التفريق بينها وبين ولدها، فإذا كان هذا يؤدي إلى التفريق بينها وبين ولدها فإنه محرم ولا يجوز؛ لأن من فرق بين ذي رحم فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة، والتفريق بين ذوي الرحم محرم ولا يجوز كما في حديث علي وغيره.

قال رحمه الله: [ ومكاتب وهو: الذي اشترى نفسه من سيده بنجوم مؤجلة، فما دام كذلك ملك أكسابه ومنافعه ].

هذا القسم الرابع: المكاتب: وهو: الذي اشترى نفسه من سيده بنجوم مؤجلة، يعني: يشتري نفسه من سيده بعشرة آلاف ريال مثلاً كل شهر بألف ريال، والعلماء يقيدون ذلك بأجلين فأكثر، وحكمه كما قال: [ما دام كذلك ملك أكسابه ومنافعه]، فما دام أنه مكاتب يملك الكسب الذي يكتسبه، وأيضاً: يملك منافعه، وسيده لا يملك استخدامه.

قال رحمه الله: [ فإن أدى لسيده أو لمن قام مقامه من وارث أو مشتر عتق، وإن عجز عن الأداء عاد إلى الرق ].

لقوله عليه الصلاة والسلام: ( المكاتب رقيق ما بقي عليه درهم ).

قال رحمه الله: [ومعلق عتقه على صفة؛ إن وجدت وسيده حي عتق من رأس المال إن كان صحيحاً، وإن كان مريضاً مرض الموت المخوف عتق من ثلثه والله أعلم].

هذا القسم الخامس من أقسام الأرقاء: من علق عتقه على صفة، كأن يقول: إن حفظت القرآن فأنت حر، أو إن حافظت على صلاة الجماعة فأنت حر ونحو ذلك، فإن وجدت هذه الصفة وسيده حي عتق من رأس المال، إن كان صحيحاً وليس مريضاً مرض الموت.

القسم الثاني: أن يكون حياً مريضاً مرض الموت، يعني المرض المخوف فهذا حكمه أن يعتق من الثلث كما تقدم في المدبر، فإذا كان الثلث فأقل عتق، وإذا كان أكثر من الثلث عتق منه بمقدار الثلث.

قال رحمه الله: [ومن التقاسيم الصحيحة تقسيم الصداق إلى مسمى وإلى مهر المثل، وإلى متعة؛ فالمسمى ما سمي من عوض، من مال، وديون ومنافع، واغتفرت فيه الجهالة اليسيرة قالوا: لأن العوض في النكاح مقصود لغيره].

الصداق يقسم إلى عدة تقاسيم:

فالمسمى ما سمي من مال كقوله: الصداق عشرة آلاف ريال، أو ديون، كقوله: الصداق سيارة صفتها كذا وكذا، موصوفة في الذمة، أو كتاب صفته كذا وكذا، أو منافع كقوله: الصداق منفعة هذا البيت لمدة سنة، أو منفعة خدمة هذا الرقيق لمدة سنة، واغتفرت فيه الجهالة اليسيرة؛ لأن العوض في النكاح ليس مقصوداً بذاته، ولذا فقد أخطأ المغالون في المهر؛ لأن الصداق يقصد منه مصالح عظيمة غير النكاح وليس مقصوداً به الربح والعوض والاتجار والكسب، بل يقصد منه تكثير الأمة، ومباهاة النبي صلى الله عليه وسلم، والاستجابة لأمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، وحفظ الفروج وتحصينها، وغض الأبصار، هذا هو المقصود منه، وإنما العوض يقصد في البيع والشراء، أما بالنسبة للنكاح فالعوض ليس مقصوداً فيه، ولهذا أمر الشارع بتخفيف الصداق، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( التمس ولو خاتماً من حديد )، وقال: ( زوجتكها بما معك من القرآن ).

صور مهر المثل عند الفقهاء

قال رحمه الله: [وأما مهر المثل ففيه صور: لمن لم يسم لها صداق ].

فيمن لم يسم لها صداق يعني: لو أن إنساناً لم يسم لزوجته صداقاً ودخل بها، فلها مهر المثل، يعني ينظر إلى مثيلاتها، ممن تماثلها من أقاربها، في الجمال، وفي الخلق، وفي البكارة، وفي الثيوبة.. إلخ.

قال رحمه الله: [ولمن نفي صداقها ].

يعني قال: أتزوج على غير صداق، فيصح الصداق ولها مهر المثل لكن بالدخول كما تقدم، والصواب ما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه إذا شرط نفي الصداق فإن هذا شرط فاسد مفسد، يفسد عقد النكاح؛ لأنه إذا شرط نفي الصداق أراد أن يتزوج هذه المرأة بالهبة، والزواج بالهبة من خصائص النبي عليه الصلاة والسلام، وما كان النبي عليه الصلاة والسلام مختصاً به فلا يجوز لأحد أن يشاركه فيه.

وأيضاً: الله عز وجل اشترط للحل أن يبتغي الإنسان بماله: وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ [النساء:24]، فالإحلال مشروط بأن يبتغي الإنسان بماله، حتى ولو يسيراً، هذه الصورة الثانية.

قال رحمه الله: [ ولمن سمي لها مهر فاسد وهو أنواع كثيرة ].

يعني: سمي لها خمر، أو سمي لها مال مسروق أو مغصوب، وهذا فيه تفصيل.

وكذلك أيضاً: إذا مات عنها زوجها، ولم يذكره المؤلف.

فلو تزوجها ولم يسم لها صداقاً ثم مات عنها قبل أن يفرض لها الصداق فلها مهر المثل؛ لحديث ابن مسعود : ( أنه سئل عن امرأة توفي عنها زوجها ولم يفرض لها صداقاً، ولم يدخل بها، فقال ابن مسعود : عليها العدة، وترث، ولها مهر نسائه. فقال معقل بن سنان الأشجعي : أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في بروع بنت واشق امرأة منا بمثل ما قضيت، فسر ابن مسعود ).

إذاً: عندنا مهر المثل: لمن لم يسم لها صداق بشرط أن يدخل بها، ولمن نفي صداقها وفيه خلاف، ولمن سمي لها مهر فاسد ودخل بها، ولمن مات عنها زوجها وإن لم يدخل بها، فهذه أربع صور.

متعة المعلقة بين الوجوب والاستحباب

قال رحمه الله: [وأما المتعة الواجبة فلمن طلقت قبل الدخول لها المتعة بحسب يسار الزوج وإعساره].

إذا تزوجها ولم يسم المهر، ثم طلقها قبل الدخول فلها المتعة، فالمتعة تجب على المذهب بشرطين: إذا لم يسم لها، وطلقت قبل الدخول.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: المتعة واجبة لكل امرأة طلقت، سواءً كان بعد الدخول، أو قبل الدخول، سمى أو لم يسم فكل امرأة يطلقها الإنسان يجب عليه أن يمتعها؛ لقول الله عز وجل: وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ [البقرة:241] ، فوصفه الله عز وجل بكونه حقاً؛ وأيضاً لأن هذه المتعة جبر لما يحصل لهذه المرأة من كسر؛ لأنها إذا طلقت كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( وكسرها طلاقها )، فهو كسر لها، فهذا فيه نوع من الجبر وحسن خلق.

قال رحمه الله: [وأما نصف المهر المسمى فلمن طلقت قبل الدخول وبعد تسمية المهر].

يعني: إذا سمى المهر عشرين ألفاً، أو سيارة، أو شاة، أو كتاباً، ثم طلقها قبل الدخول فلها النصف كما في الآية.

قال رحمه الله: [وأما المتعة المستحبة فلكل مطلقة والله أعلم].

وذكرنا أن هذا هو الواجب.

قال رحمه الله: [وأما مهر المثل ففيه صور: لمن لم يسم لها صداق ].

فيمن لم يسم لها صداق يعني: لو أن إنساناً لم يسم لزوجته صداقاً ودخل بها، فلها مهر المثل، يعني ينظر إلى مثيلاتها، ممن تماثلها من أقاربها، في الجمال، وفي الخلق، وفي البكارة، وفي الثيوبة.. إلخ.

قال رحمه الله: [ولمن نفي صداقها ].

يعني قال: أتزوج على غير صداق، فيصح الصداق ولها مهر المثل لكن بالدخول كما تقدم، والصواب ما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه إذا شرط نفي الصداق فإن هذا شرط فاسد مفسد، يفسد عقد النكاح؛ لأنه إذا شرط نفي الصداق أراد أن يتزوج هذه المرأة بالهبة، والزواج بالهبة من خصائص النبي عليه الصلاة والسلام، وما كان النبي عليه الصلاة والسلام مختصاً به فلا يجوز لأحد أن يشاركه فيه.

وأيضاً: الله عز وجل اشترط للحل أن يبتغي الإنسان بماله: وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ [النساء:24]، فالإحلال مشروط بأن يبتغي الإنسان بماله، حتى ولو يسيراً، هذه الصورة الثانية.

قال رحمه الله: [ ولمن سمي لها مهر فاسد وهو أنواع كثيرة ].

يعني: سمي لها خمر، أو سمي لها مال مسروق أو مغصوب، وهذا فيه تفصيل.

وكذلك أيضاً: إذا مات عنها زوجها، ولم يذكره المؤلف.

فلو تزوجها ولم يسم لها صداقاً ثم مات عنها قبل أن يفرض لها الصداق فلها مهر المثل؛ لحديث ابن مسعود : ( أنه سئل عن امرأة توفي عنها زوجها ولم يفرض لها صداقاً، ولم يدخل بها، فقال ابن مسعود : عليها العدة، وترث، ولها مهر نسائه. فقال معقل بن سنان الأشجعي : أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في بروع بنت واشق امرأة منا بمثل ما قضيت، فسر ابن مسعود ).

إذاً: عندنا مهر المثل: لمن لم يسم لها صداق بشرط أن يدخل بها، ولمن نفي صداقها وفيه خلاف، ولمن سمي لها مهر فاسد ودخل بها، ولمن مات عنها زوجها وإن لم يدخل بها، فهذه أربع صور.

قال رحمه الله: [وأما المتعة الواجبة فلمن طلقت قبل الدخول لها المتعة بحسب يسار الزوج وإعساره].

إذا تزوجها ولم يسم المهر، ثم طلقها قبل الدخول فلها المتعة، فالمتعة تجب على المذهب بشرطين: إذا لم يسم لها، وطلقت قبل الدخول.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: المتعة واجبة لكل امرأة طلقت، سواءً كان بعد الدخول، أو قبل الدخول، سمى أو لم يسم فكل امرأة يطلقها الإنسان يجب عليه أن يمتعها؛ لقول الله عز وجل: وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ [البقرة:241] ، فوصفه الله عز وجل بكونه حقاً؛ وأيضاً لأن هذه المتعة جبر لما يحصل لهذه المرأة من كسر؛ لأنها إذا طلقت كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( وكسرها طلاقها )، فهو كسر لها، فهذا فيه نوع من الجبر وحسن خلق.

قال رحمه الله: [وأما نصف المهر المسمى فلمن طلقت قبل الدخول وبعد تسمية المهر].

يعني: إذا سمى المهر عشرين ألفاً، أو سيارة، أو شاة، أو كتاباً، ثم طلقها قبل الدخول فلها النصف كما في الآية.

قال رحمه الله: [وأما المتعة المستحبة فلكل مطلقة والله أعلم].

وذكرنا أن هذا هو الواجب.

قال رحمه الله: [وكذلك تقسيم المهر إلى ثلاثة أقسام: تارةً يسقط إذا كانت الفرقة من قبل الزوجة قبل الدخول، أو فسخ لعيبها قبل الدخول، وتارةً يستقر إذا حصل الدخول أو الخلوة أو الموت، وتارةً يتنصف إذا كانت الفرقة قبل الدخول من قبله أو قبل أجنبي].

المهر ينقسم إلى ثلاثة أقسام من حيث السقوط، والتنصف:

القسم الأول: يسقط، إذا حصلت الفرقة من قبل الزوجة قبل أن يدخل بها، مثال ذلك: أسلمت المرأة قبل أن يدخل بها الزوج، فحصلت الفرقة بين الزوجين، والزوج لم يسلم واستمر على كفره، فالمرأة لها أن تنتظر، في أثناء العدة وليس لها أن تتزوج، لكن قبل الدخول ليس عليها عدة، ولها أن تنتظر إذا لم يسلم الزوج، فإذا لم يسلم فلها أن تتزوج، فجاءت الفرقة من قبل الزوجة، بعض العلماء يقول: الفرقة هذه من قبل الزوج؛ لأن الأصل أنه يسلم، لكن يظهر أن الفرقة هنا من قبل الزوجة، وليس لها شيء من المهر؟ هنا ليس لها شيء من المهر؛ لأن الفرقة جاءت من قبلها قبل الدخول.

قال رحمه الله: [أو فسخ لعيبها قبل الدخول]، الفرقة أيضاً من قبلها، فقبل أن يدخل بها الزوج تبين له أن فيها عيباً ثم فسخ العقد فلا شيء لها.

القسم الثاني: [ يستقر إذا حصل الدخول ]، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( ولها المهر بما استحل من فرجها )، فإذا حصل الدخول يستقر المهر.

والخلوة أيضاً، وهو موضع خلاف لكنه ورد عن علي وعمر ، والإمام أحمد رحمه الله قال: إذا استحل منها ما لا يحل لغيره إما بدخول، أو بخلوة، أو نحو ذلك، أو باستمتاع وجب المهر.

قال رحمه الله: [وتارة يتنصف، إذا كانت الفرقة قبل الدخول من قبله أو قبل أجنبي].

أي: قبل أن يدخل بها وكانت الفرقة من قبل الزوج، فلو طلقها الزوج وقد سمى لها، فلها النصف، أو من أجنبي فلو سمى لها الزوج وجاءت الفرقة من قبل أجنبي، مثلاً: من قبل أمه، بأن قامت أمه بإرضاع زوجته الطفلة، فقد حصلت الفرقة الآن، فلها نصف المهر، ويرجع الزوج على أمه؛ لأنها هي التي تسببت بالفراق، فالزوجة تطالبه، والزوج يرجع على الأم؛ لأنها لما أرضعتها أصبحت أخته.

قال رحمه الله: [ومن الفروق والتقاسيم الصحيحة: تقسيم الإجابة إلى الدعوات ثلاثة أقسام:

أحدها: تجب الإجابة إليها وهي وليمة العرس خاصة بشروطها].

الإجابة إلى الدعوة تنقسم إلى أقسام:

القسم الأول: وليمة العرس، والإجابة إليها واجبة؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام: ( ومن لم يجب فقد عصى الله ورسوله ) وقال في وليمة العرس؛ ( شر الوليمة وليمة العرس يدعى إليها الأغنياء، ويترك الفقراء، ومن لم يجب فقد عصى الله ورسوله )، فقوله: ( فقد عصى الله ورسوله )، يدل على أن الإجابة إليها واجبة، لكن العلماء يذكرون لها شروطاً:

أن تكون الإجابة في اليوم الأول يعني في المرة الأولى، وأن يعينه، وأن لا يكون هناك منكر، وأن يكون الداعي مسلماً، وأن يكون هذا المسلم ممن يحرم هجره.

وأن يكون الكسب حلالاً، وأن لا يلحقه ضرر، والصواب ما ذهب إليه الظاهرية بأن سائر الدعوات تجب الإجابة إليها، ما لم يكن هناك ضرر على المدعو؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام: ( حق المسلم على المسلم خمس وذكر منها: وإذا دعاك فأجبه ).

قال رحمه الله: [والثاني تكره، وهي وليمة المأتم الذي يصنعه أهل الميت للناس؛ لأنه مكروه، والإجابة إليه كذلك].

تكره وليمة المأتم وهي: ما يصنعه أهل الميت للناس، والأصل أن أهل الميت هم الذين يصنع لهم الطعام، فكونهم يصنعون للناس ويحضر الناس فهذا يكره حضوره والصواب: أنه يحرم.

قال رحمه الله: [والثالث: باقي الدعوات فالإجابة إليها مستحبة حيث لا عذر، والله أعلم].

وهذا رأي جمهور أهل العلم وقلنا: رأي الظاهرية أن باقي الدعوات الإجابة إليها واجبة، يعني: إجابة الدعوة غير وليمة العرس واجبة؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام في صحيح مسلم : ( حق المسلم على المسلم خمس وذكر منها: وإذا دعاك فأجبه ).

قال رحمه الله: [ ومن التقاسيم الصحيحة: أن الطلاق يكره من غير حاجة وهو الأصل، ويحرم في الحيض أو في طهر وطئ فيه، أو بالثلاث ].

يعني: أن الطلاق ينقسم إلى أقسام:

القسم الأول: يكره، وهذا هو الأصل، فالأصل أن الطلاق مكروه؛ لما فيه من حل هذا العقد العظيم أعني: عقد النكاح، والله عز وجل أشار إلى ذلك في قوله: لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [البقرة:226-227]، فقوله: فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [البقرة:227] فيه نوع من التهديد، بعد قوله: (إن عزموا الطلاق)، بينما قال في الفيء: فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [البقرة:226]، ففيه ترغيب في الفيء، وتتغير عن الطلاق، وهذا يدل على كراهة الطلاق.

القسم الثاني: يحرم في الحيض ودليله حديث ابن عمر ( لما طلق زوجته في حال الحيض فغضب النبي عليه الصلاة والسلام ).

أو طلقها في طهر وطئها فيه؛ لقول الله عز وجل: يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ [الطلاق:1] ، قال ابن مسعود : طاهرات من غير جماع، فالطلاق في العدة أن تطلق طاهراً من غير جماع،

وأيضاً قال النبي عليه الصلاة والسلام لـابن عمر : ( فليطلقها طاهراً أو حاملاً ).

[ أو بالثلاث ]، أيضاً: هذا محرم، ودليل ذلك حديث محمود بن لبيد فيمن طلق امرأته ثلاثاً فغضب النبي عليه الصلاة والسلام وقال: ( أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم؟ ).

وأيضاً: الطلاق في الحيض، الصحيح أنه محرم ولا يجوز، فهو طلاق بدعي، فطلاق السنة ما جمع أربع صفات:

الصفة الأولى: أن يكون طلقة.

والصفة الثانية: أن يكون في طهر.

والصفة الثالثة: أن يكون في طهر لم يجامع فيه.

والصفة الرابعة: أن يتركها حتى تنتهي عدتها ولا يلحقها طلقةً أخرى، فهذه أربع صفات.

قال رحمه الله: [ويجب على المولي إذا أبى الفيئة].

يجب الطلاق على المولي، وهو من حلف على ترك وطئ زوجته أكثر من أربعة أشهر، فإذا مضت المدة يقال له: أنت بالخيار: يجب عليك إما أن تفيء وترجع فتعاشر بالمعروف، وإما أن تطلق، فإذا لم يطلق طلق عليه الحاكم أو فسخ حسب ما يراه الأصلح؛ لقول الله عز وجل: لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [البقرة:226-227].

قال رحمه الله: [ولمن تركت العفة أو أصرت على ترك الصلاة] أيضاً: يجب على الزوج أن يطلق إذا كان هناك شيء يقدح في العرض، أو يقدح في الدين، كترك الصلاة فإنه يخل بدينها، ويقدح به. أو يقدح في عرضها؛ لأن كونه يمسكها وشيء يقدح بعرضها هذا من الدياثة، وكذلك إذا كان عندها شيء من الردة فلا يجوز كما قال الله عز وجل: لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ [الممتحنة:10].

قال رحمه الله: [ويسن إذا طلبت منه لتضررها بالبقاء معه].

هذا القسم الرابع: يسن الطلاق إذا كانت المرأة في حالة تحوجها للمخالعة، فلو أن المرأة كرهت خلق الزوج أو خلقه أو نحو ذلك، فهي في حالة يحوجها ذلك إلى أن تفتدي نفسها وتخالع فيستحب له أن يسرحها، ولا يمسكها حتى لا تفتدي نفسها بالمال.

قال رحمه الله: [ويباح إذا احتيج إليه من غير ضرر عليها]، أي: لا يوجد ضرر، ولكن الزوج احتاج إلى الطلاق فإنه لا بأس أن يطلق.

إذاً: الطلاق له خمسة أقسام كما تقدم.

قال رحمه الله: [وتبين المرأة من الزوج إذا كمل الطلاق الثلاث، وإذا كان على عوض، وفي النكاح الفاسد، وإذا كان قبل الدخول].

تبين المرأة من الزوج في مواضع، والبينونة هذه: إما أن تكون بينونة صغرى، وإما بينونة كبرى، فإذا كمل الطلاق الثلاث فالبينونة كبرى، لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره؛ لقول الله عز وجل: فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ [البقرة:230].

وبينونة صغرى، وهي الخلع إن كان على مالٍ، يعني: أن الزوج لا يملك المراجعة، ولكنه يملك أن يعقد عليها عقداً جديداً برضا وشهود وولي.

وفي النكاح الفاسد، فلو طلق في النكاح الفاسد لا يملك المراجعة، كنكاح ما اختل فيه شرط من شروطه بغير رضا، أو بغير شهود، أو بغير ولي، فهذا نكاح فاسد، فإذا طلق فيه بانت منه بينونة صغرى، فلا يملك المراجعة، لكن يملك، أن يعقد عليها إذا توفرت الشروط.

وقبل الدخول أيضاً: تبين منه بينونة صغرى؛ لأنها ليس لها عدة؛ لقول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا [الأحزاب:49]، لكن يملك أن يعقد عليها.

قال رحمه الله: [وإذا انقضت عدة الرجعية قبل الرجعة، والرجعية هي التي طلقت دون الثلاث بعد الدخول في نكاح صحيح بغير عوض].

أيضاً: هذه بينونة صغرى.

والرجعية: هي من طلقها زوجها دون ما يملك من العدد بلا عوض، فإذا انتهت عدتها بانت منه بينونة صغرى، فلا يملك أن يراجعها، ولكن يملك أن يعقد عليها، فإذا طلقها طلقة ثم تركها حتى انتهت عدتها فلا يملك أن يراجعها ولكن يملك أن يعقد عليها.

قال رحمه الله: [ومن التقاسيم الصحيحة والفروق: تقسيم العدد إلى أنواع: الحامل عدتها وضع الحمل بفراق الحياة والوفاة، والمتوفى عنها بغير حمل أربعة أشهر وعشراً، والمفارقة في الحياة بعد الدخول ثلاثة قروء، وهي الحيض، فإن لم تحض، أو أيست فثلاثة أشهر].

من الفروق الصحيحة بالنسبة للعدد:

القسم الأول من أقسام العدد: الحامل، وعدتها وضع كل الحمل، وتسمى أم العدد؛ لأنها تقضي على كل عدة؛ لقول الله عز وجل: وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ [الطلاق:4]، حتى المتوفى عنها زوجها والتي عدتها أربعة أشهر وعشراً، إذا كانت حاملاً ووضعت بعد الوفاة بيوم واحد خرجت من عدتها، ولو وضعت بعد الطلاق بيوم واحد خرجت من عدتها.

الثانية: المفارقة في الحياة بعد الدخول فعدتها ثلاثة قروء، ودليل ذلك قول الله عز وجل: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ [البقرة:228]، والمراد بالقرء عند الإمام أحمد وأبي حنيفة : ثلاث حيض، وعند مالك والشافعي الطهر، والصواب: أن المراد به الحيض، وقد أطال ابن القيم رحمه الله في تقرير هذا في كتابه زاد المعاد، والفرق بين القولين: أننا إذا قلنا: المراد به الحيض تنتهي العدة في نهاية الحيضة الثالثة، وعلى المذهب أيضاً له حق الرجعة ما لم تغتسل؛ لقول الله عز وجل: فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ [الطلاق:2]، وبلوغ الأجل بالطهر من الحيضة الثالثة، فما دامت لم تغتسل فله أن يراجعها للآية: فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ [الطلاق:2]، أما إذا قلنا: القروء هي الأطهار فتنتهي عدتها في بداية الحيضة الثالثة.

فإن لم تحض أو أيست فعدتها ثلاثة أشهر، ودليل ذلك قول الله عز وجل: وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ [الطلاق:4].

قال رحمه الله: [ وأما المرتفع حيضها قبل اليأس وامرأة المفقود فمتفرعة عن هذه العدة بحسب ما هو مفصل في الفقه ].

نقول: من ارتفع حيضها ولم تدر سبب رفعه، فيقسمها العلماء إلى قسمين:

القسم الأول: أن تدري ما هو سبب رفعه، كرضاع رفعه، أو مرض رفعه، فتنتظر حتى يزول السبب ثم يعود الحيض وهذا أمر ظاهر، فلو أن السبب الذي رفعه زال يعني: المرض زال أو الرضاع زال ولم يعد الحيض فقالوا: تنتظر حتى يعود الحيض أو تبلغ سن اليأس، فإذا كان لها عشرون سنة وارتفع الحيض بسبب مرض ما، فإنها تنتظر حتى يعود الحيض، فإن لم يعد الحيض فتنتظر ثلاثين سنة حتى تبلغ سن اليأس خمسين، ثم تعتد بعدة آيسة، ثم نحكم بعد الانتهاء من عدتها أن لها أن تتزوج، وهذا المشهور من المذهب.

والصواب: أنه إذا زال السبب ولم يعد الحيض أنها تعتد بعده سنة، تسعة أشهر للحمل، ثلاثة أشهر للعدة كالحالة الثانية.

القسم الثاني: إذا ارتفع الحيض ولم تدر سبب رفعه فهذه عدتها سنة، تسعة أشهر للحمل وثلاثة أشهر للعدة، وهذا قضاء عمر رضي الله تعالى عنه.

وأما امرأة المفقود، فإنها تتربص، ثم نحكم بموته، ثم تعتد بعدة الوفاة، والتربص مدته ليست محددة والمشهور من المذهب أنها محددة، يقولون: إن كان غالب فقده الهلاك فتتربص أربع سنوات؛ لوروده عن عمر وعثمان ، وإن كان غالب فقده السلامة فتتربص حتى يبلغ تسعين سنة من ولادته، فإذا كان يوم فقد له سبعون سنة فتتربص عشرين سنة، ثم نحكم أنه ميت ثم تعتد بأربعة أشهر وعشرٍ.

والصواب: ما ذهب إليه الشافعي ، وأن المدة ليست محددة، وإنما التربص بالنسبة للمفقود يجتهد فيه الحاكم؛ لأنه يختلف باختلاف الزمان والمكان والأحوال كأحوال الطقس ففي وقتنا الحاضر سبب آلات الاتصال وغيرها متوفرة ويمكن أن يتعرف على حال المفقود، فيضرب الحاكم ثلاثة أشهر أو أربعة أشهر تربص، ثم يحكم بالموت، ثم لها عدة وفاة ثم تتزوج، وما ورد عن عمر رضي الله تعالى عنه فهي قضايا أعيان.


استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح الفروق والتقاسيم للسعدي [15] 2288 استماع
شرح الفروق والتقاسيم للسعدي [6] 2116 استماع
شرح الفروق والتقاسيم للسعدي [10] 1836 استماع
شرح الفروق والتقاسيم للسعدي [9] 1822 استماع
شرح الفروق والتقاسيم للسعدي [8] 1814 استماع
شرح الفروق والتقاسيم للسعدي [2] 1776 استماع
شرح الفروق والتقاسيم للسعدي [5] 1629 استماع
شرح الفروق والتقاسيم للسعدي [14] 1615 استماع
شرح الفروق والتقاسيم للسعدي [4] 1598 استماع
شرح الفروق والتقاسيم للسعدي [11] 1574 استماع