فتاوى نور على الدرب [388]


الحلقة مفرغة

السؤال: هل ورد حديثٌ يحرم أو ينهى عن الاتكاء على اليد عند الجلوس؟

الجواب: يروى عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه رأى رجلاً متكئاً على يده اليسرى على بطن الكف، فقال: (إن هذه جلسة المغضوب عليهم )، ولكنني لم أحرر هذا الحديث تحريراً أصل به إلى درجة الحكم عليه، ولكن من المعلوم أنه إذا صح هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم فإنه يدل على الحذر من هذه الجلسة وتجنبها، لأنه لا يليق بالمسلم الذي يطلب رضا الله عز وجل أن يتشبه بالمغضوب عليهم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من تشبه بقومٍ فهو منهم )، والتشبه بالقوم هو أن يصنع الإنسان ما يختص بهم، من الهيئات واللباس وغير ذلك.

السؤال: هل يجوز رمي الأشرطة التي تحمل تسجيلات لبعض الآيات القرآنية الكريمة وبعض الأحاديث الشريفة في سلة المهملات؟ وإذا كان ذلك لا يجوز، فماذا يجب أن نفعل بها بعد تلفها؟

الجواب: نعم. هذه الأشرطة التي تتضمن شيئاً من الآيات الكريمة أو من الأحاديث النبوية لا يظهر فيها أثر بالنسبة للآيات ولا للأحاديث، أي: لا يظهر للآيات ولا للأحاديث صورة بهذا الشريط، وإنما هي حبيبات ٌأو نبرات إذا مرت بالبكرات التي في المسجل حصل منها هذا الصوت، فلا يثبت لها أحكام الورق الذي يكتب فيه شيء من القرآن أو من الأحاديث النبوية، فإذا رماها الإنسان في أي مكان بشرط أن لا يقصد إهانتها، فإنه لا حرج عليه في ذلك، كما أنه لو دخل فيها مكان قضاء الحاجة، فإنه ليس في ذلك بأس، لأن الآيات أو الأحاديث لا تظهر في هذه الأشرطة.

السؤال: عندما نشتري بعض الملابس للأولاد أو للبنات ويكبروا عنها فلا تعد تصلح لهم، مع أنها صالحة للاستعمال، فهل يجوز أن نلبس البنت ملابس الولد أو العكس؟

الجواب: لا يجوز أن تلبس البنت ملابس الولد، ولا الولد ملابس البنت، لأن هذا يتضمن تشبه الرجل بالمرأة، والمرأة بالرجل، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لعن المتشبهات من النساء بالرجال، والمتشبهين من الرجال بالنساء، وقد نص أهل العلم -رحمهم الله- على أنه يحرم إلباس الصبي ما يحرم على البالغ لبسه، وعلى هذا فإذا كان عند الإنسان فضل لباس لا يصلح لمن يلبسه، فإن الأفضل أن يتصدق به، إما على المحتاجين في بلده، أو على المحتاجين في بلدٍ آخر، يرسله إليهم، ولا يجوز في هذه الحال أن يتلفه مع إمكان الانتفاع به؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن إضاعة المال، وإتلاف ما يصلح للاستعمال مع إمكان وجود من يستعمله إضاعةٌ للمال.

السؤال: هل ضرب الدفوف حلال في العرس؟ وهل يجوز للرجال سماعه؟ وهل يجوز الغناء في العرس خاص للنساء؟

الجواب: نعم ضرب الدف في العرس للنساء جائز، بل إنه سنة، وكذلك الغناء على هذا الدف، لكن بشرط أن يكون غناءً نزيهاً ليس من الأغاني الماجنة التي تدعو إلى الفجور، وتحمل المعاني السيئة، بل يكون غناءً يتضمن التحية للحاضرين والدعاء بالبركة للمتزوجين، وما أشبه ذلك من الأشياء النافعة، وفي هذه الحال ينبغي أن يكون النساء في مكان خاص منفرد، وأقصد بمنفرد، أي: بعيد عن الرجال؛ لئلا يسمع الرجال أصواتهن، فإنه قد يحصل من سماع أصواتهن فتنة، لا سيما والناس في نشوة الفرح، وفرح بالزواج أيضاً، وهذا الفرح ربما يكون مثيراً للشهوة عند سماع أصوات النساء، فالنفوس متهيئة لمثل هذه الحال، فلذلك يفرد النساء في مكانٍ بعيد عن سماع الرجال أصواتهن.

وبهذه المناسبة أود أن أنبه على مسألةٍ مزعجة، وهي أن بعض الناس يضعون في قصور الأفراح أو في بيوتهم أيام الزواج مكبرات الصوت على الجدران، فتسمع الأصوات من بعيد، ويحصل إزعاج الناس الذين حولهم وإيذاؤهم، وهذا عمل محرم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى الصحابة رضي الله عنهم حين صلوا، وكانوا يصلون ويرفعون أصواتهم بقراءة القرآن، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (لا يجهر بعضكم على بعضٍ في القراءة )، أو قال: (في القرآن )، وفي روايةٍ أخرى: (لا يؤذين بعضكم بعضاً )، فإذا كان النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن إيذاء الناس بعضهم بعضاً برفع الصوت في قراءة القرآن، فما بالك برفع الصوت في مثل هذه المناسبة؟!

السؤال: هل يجوز للمرأة أن تخدم ضيوف زوجها من الرجال بحضور زوجها؟ وهل تجلس معهم كاشفةً للوجه إذا أمنت الفتنة؟

الجواب: لا يجوز ذلك، أي: لا يجوز للمرأة أن تخدم الرجال مباشرةً ولو بحضور زوجها أو محرمها، لأن هذا يؤدي إلى الفتنة بلا شك، ولا يجوز لها أن تكشف وجهها وإن لم تباشر الخدمة، مثل أن تأتي بالطعام أو بالقهوة تسلمها لزوجها أو وليها، وتنصرف، وهي في هذه الحال كاشفةٌ وجهها، فإن ذلك حرامٌ ولا يجوز، لأن كشف المرأة وجهها للرجال الأجانب محرم كما دل على ذلك آياتٌ من القرآن وأحاديثٌ من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأما ما يروى من حديث عائشة رضي الله عنها: أن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وعليها ثيابٌ رقاق، فأعرض النبي صلى الله عليه وسلم عنها وقال: (إن المرأة إذا بلغت سن المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا )، وأشار إلى وجهه وكفيه، فإن هذا الحديث ضعيف سنداً ومنكرٌ متناً، أما ضعفه سنداً فإن فيه رجالا ضعفاء، ولأن خالد بن دريك الذي رواه عن عائشة لم يدرك عائشة، فيكون فيه علتان من علل السند؛ إحداهما: انقطاع السند بين من رواه عن عائشة وبينها، والثاني: ضعف بعض رواته، وأما المتن فوجه إنكاره أن أسماء بنت أبي بكر وهي المرأة العاقلة المؤمنة لا يمكن أن تدخل على النبي صلى الله عليه وسلم بثيابٍ رقاق تصف ما وراءها، حتى يعرض النبي صلى الله عليه وسلم عنها، فإنها أجل قدراً وأغزر علماً وأقوى ديناً وأشد حياءً من أن تظهر لرسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا المظهر، ومن المعلوم أن المتن إذا خالف ما يعلم أنه على خلافه، فإنه يدل على أنه متنٌ منكر، وعلى هذا فإنه لا يعتمد على هذا الحديث في جواز كشف الوجه والكفين.

السؤال: هل تعد زيارة المسلمة لأهلها الكفار موالاةً لمن حاد الله ورسوله؟ وهل يعتبر الأب أجنبياً يجب عدم الكشف له؟

الجواب: صلة الرحم لا تعتبر موالاة، بل الموالاة شيء، والصلة شيء آخر، ولهذا جمع الله تعالى بين الصلة وبين النهي عن اتخاذ الولاية في سورة واحدة، فقال تعالى في سورة الممتحنة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ [الممتحنة:1]، وقال في نفس السورة: لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ [الممتحنة:8]، فصلة الرحم أمرٌ منفصل عن الولاية، وعلى هذا يجب على الإنسان أن يصل رحمه ولو كانوا كفاراً، لكن بدون موالاةٍ ومناصرة ومعاضدة على ما هم عليه من الكفر، وكذلك يجوز أن يدعوهم إلى بيته مثلاً، ولكن مع ذلك ينبغي أن يحرص على عرض الإسلام عليهم ونصحهم وإرشادهم لعل الله أن يهديهم بسببه.

السؤال: لقد اخترت فتاةً على خلقٍ ودين لتكون زوجةً لي، ولكن عندما أخبرت والدي بذلك رفض وحاولت إقناعه، ولكنه أصر، فأردت أن أعرف السبب، فقال: ليس هناك من سبب، وأنا حائر بين عدم طاعته أو صرف النظر عن هذه الفتاة التي اخترتها، رغم ما يسببه لي ولأسرتها من آلامٍ نفسية، فأرجو النصيحة إلى الطريق الصحيح؟

الجواب: هذا السؤال يقتضي أن نوجه نصيحتين: النصيحة الأولى لوالدك: حيث أصر على منعك من التزوج بهذه المرأة التي وصفتها بأنها ذات خلقٍ ودين، فإن الواجب عليه أن يأذن لك في تزوجها، إلا أن يكون لديه سببٌ شرعي يعلمه فليبينه، حتى تقتنع أنت وتطمئن نفسك، وعليه أن يقدر هذا الأمر في نفسه، لو كان أبوه منعه من أن يتزوج امرأة أعجبته في دينها وخلقها، أفلا يرى أن ذلك فيه شيء من الغضاضة عليه، وكبت حريته، فإذا كان هو لا يرضى أن يقع من والده عليه مثل هذا، فكيف يرضى أن يقع منه على ولده مثل هذا؟! وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه )، فلا يحل لأبيك أن يمنعك من التزوج بهذه المرأة بدون سببٍ شرعي، وإذا كان هناك سببٌ شرعي فليبينه لك حتى تكون على بصيرة.

أما النصيحة التي أوجهها إليك أيها السائل: فأنا أقول: إذا كان يمكنك أن تعدل عن هذه المرأة إلى امرأةٍ أخرى إرضاءً لأبيك، وحرصاً على لمَّ الشعث وعدم الفرقة فافعل، وإذا كان لا يمكنك بحيث يكون قلبك متعلقاً بها، وتخشى أيضاً أنك إن خطبت امرأةً أخرى أن يمنعك أبوك عن الزواج بها أيضاً، لأن بعض الناس قد يكون في قلبه غيرة أو حسد ولو لأبنائه، فيمنعهم مما يريدون، أقول: إذا كنت تخشى هذا، ولا تتمكن من الصبر عن هذا المرأة التي تعلق بها قلبك، فلا حرج عليك أن تتزوجها ولو كره والدك، ولعله بعد الزواج يقتنع بما حصل، ويزول ما في قلبه، ونسأل الله أن يقدر لك ما فيه خير الأمرين.

السؤال: أنا أعمل مع رجل يصر على ارتكاب بعض المخالفات ولا يعبأ بالنصيحة، وقد أحضرت له بعض الكتب الشرعية عله يستنير بها، ولكن دون جدوى، فهل أترك العمل معه، رغم ندرة العمل عندنا، أم أن نصحي وإرشادي له قد يجعله يتراجع عن معاصيه؟ أرجو النصيحة أيضاً في هذا الشأن.

الجواب: النصيحة في هذا الشأن أيضاً يمكن أن نوجهها إليك وإليه، أما بالنسبة لك فالواجب عليك أن تتابع النصيحة ما دمت ترجو أن يكون لها أثر في إصلاح هذا الرجل، ولا تمل ولا تسام ولا تيأس، فإن الباب قد لا ينفتح في أول محاولة وينفتح في المحاولة الثانية أو الثالثة أو الرابعة أو أكثر، واسأل الله له الهداية، فإن دعاءك لأخيك في ظهر الغيب حريٌ بالإجابة، لأن الملك يقول: آمين ولك بمثله، وائته بالتي هي أحسن، فإن أبى وأصر على ما هو عليه من المعصية، فإن كان يفعل المعصية بحضورك، وأن طبيعة العمل تقتضي أن تكون حاضراً وهو يعمل المعصية، فلا يجوز لك أن تبقى في هذا العمل، لأن الجلوس مع أهل المعاصي معصية ومشاركةٌ لهم في الإثم، كما قال الله تعالى: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ [النساء:140]، أي: إن جلستم معهم إن قعدتم معهم فأنتم مثلهم، أما إذا كانت المعاصي التي يعملها خارج العمل التي أنت مشاركٌ له فيه، فإنه لا يضيرك أن تبقى في عملك، لأنك لم تشاهد المعاصي التي يفعلها، ولم ترضَ بها، هذا بالنسبة للنصيحة لك.

أما نصيحتي له، فإنني أقول: عليه أن يتقي الله في نفسه، وأن يتوب إلى الله عز وجل، لأن الله عز وجل أوجب التوبة على عباده من جميع الذنوب، فقال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ [التحريم:8]، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتوبة إلى الله، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: (توبوا إلى الله؛ فإني أتوب إلى الله تعالى في اليوم مائة مرة )، فالواجب عليه أن يقلع من الذنب ويندم عليه ويعزم على أن لا يعود إليه في المستقبل؛ حتى تكون توبته نصوحاً، لئلا يفجأه الموت وهو مقيمٌ على معصيته، فلا تنفعه التوبة حينئذٍ؛ لقول الله تعالى: وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ [النساء:18]، والإنسان لا يدري متى يفجأه الموت، فنصيحتي له ولكل مذنب مشفقٍ على نفسه أن يتوب إلى الله ويقلع عن ذنبه قبل أن لا يكون له مناصٍ منه.

السؤال: أرجو من فضيلتكم إعطائي وصفاً كاملاً لصفة تكفين الميت والصلاة عليه، وما هو الدعاء الذي يدعى به في صلاة الجنازة؟ كما أرجو من فضيلتكم إخباري عن الكتب التي تعالج هذا الموضوع.

الجواب: أما الكتب التي تبحث في هذا الموضوع فهي كتب الفقهاء رحمهم الله، وكذلك كتب أهل الحديث، فالكتب الحديثية تبحث في هذا الموضوع، سواءٌ كانت مرتبة على الأبواب أو على المسانيد، وأدلك على كتابٍ معين مثلاً كتاب منتقى الأخبار الذي ألفه مجد الدين عبد السلام بن تيمية جد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمهم الله، فهو كتاب قيم مفيد، وعليه شرحٌ للشوكاني رحمه الله، فبإمكانك أن تأخذ منه فائدة كبيرة، وكذلك كتاب الجنائز من صحيح البخاري الذي عليه فتح الباري لـابن حجر العسقلاني، وكذلك كتب الفقه على جميع المذاهب، كلها تبحث في الموضوع وتبينه، ويستفيد منها المرء المسلم.

أما مسألة صفة التكفين؛ فإن النبي عليه الصلاة والسلام كفن في ثلاثة أثوابٍ بيض بدون قميصٍ ولا عمامة، فيؤتى بالخرق الثلاث ويبسط بعضها فوق بعض، ثم يوضع الميت عليها، ثم ترد أطرافها على الميت من الجوانب ومن عند الرأس والرجلين، وتعقد حتى لا تتفرق عند حمل الميت، وإذا وضع في القبر فكت العقد.

أما بالنسبة للصلاة عليه؛ فإنه يقدم بين يدي المصلين، ويكون رأسه عن يمين الإمام أو عن يساره، لا فرق بين هذا وهذا، خلافاً لما يفهمه كثيرٌ من العامة من أنه لا بد أن يكون رأسه إلى يمين الإمام، ويتقدم الإمام وحده للصلاة عليه ويكون الناس خلفه.

وأما ما يظنه بعض العامة من أنه لا بد أن يكون أولياء الميت إلى جنب الإمام، فهذا ليس له أصل، لكن الذين يقدمونه إذا قدموه إلى الإمام تأخروا إلى الصفوف، فإن لم يكن لهم مكان فلا حرج عليهم أن يصفوا وراء الإمام، لكن لا يصفوا بحذائه، لأن السنة تقدم الإمام على المأمومين، ويكبروا عليه أربع تكبيرات أو خمس أو أكثر حسب ما جاءت به السنة، يقرأ في الأولى سورة الفاتحة بعد التعوذ والبسملة، وفي الثانية يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم كما في التشهد: (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد)، وبعد التكبيرة الثالثة يدعو للميت فيقول: (اللهم اغفر لحينا وميتنا، وشاهدنا وغائبنا، وصغيرنا وكبيرنا، وذكرنا وأنثانا، إنك تعلم منقلبنا ومثوانا، اللهم من أحييته منا فأحييه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان، اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله وأوسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله داراً خيراً من داره، وأهلاً خيراً من أهله، وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر وعذاب النار وأفسح له في قبره ونور له فيه)، ويدعو أيضاً بما شاء مما يحضره من الدعاء، وبعد التكبيرة الرابعة يقول: ربنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النار، ثم يسلم، وإن كبر ثم سلم بدون دعاء فلا بأس، وإن كبر خمساً فلا أعلم ماذا يقول بين الرابعة والخامسة، ولكن لو قسم الدعاء السابق فجعل بعضه بعد الرابعة وبعضه بعد الخامسة، فإن ذلك لا بأس به، يعني أنه جعل بعضه بعد الثالثة، وبعضه بعد الرابعة، فلا بأس به، ثم بعد هذا يسلم تسليمةً واحدة عن يمينه، وفي هذه التكبيرات يرفع يديه عند كل تكبيرة، كما جاءت بذلك السنة، فقد صح هذا من فعل ابن عمر رضي الله عنهما، وروي مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالسنة أن يرفع المصلي على الجنازة يديه مع كل تكبيرة.