فتاوى نور على الدرب [263]


الحلقة مفرغة

السؤال: الإنسان العاصي هل تقبل منه توبته الأخيرة، علماً بأن جميع توباته ينقضها، إلا توبته الأخيرة أفيدونا بارك الله فيكم؟

الجواب: إذا تاب الإنسان إلى ربه توبة تامة الشروط، فإن الله تعالى يقبل توبته، وشروط التوبة خمسة:

الشرط الأول: أن تكون خالصة لله سبحانه وتعالى، بأن لا يحمله على التوبة مراعاة أحدٍ من الناس أو التزلف إليهم أو الخوف من عقابهم، وإنما يحمله على التوبة إرادة وجه الله عز وجل والنجاة من عذابه، وهذا الشرط أساسي في جميع الأعمال، فإن الله لا يقبل من الأعمال إلا ما كان خالصاً لوجهه.

والشرط الثاني: أن يندم على ما وقع منه من الذنب، بحيث يظهر عليه الحزن والتأسف لما صنع.

والشرط الثالث: أن يقلع عن الذنب إن كان متلبساً به، وأن يأتي به إذا كان تركاً لواجب يمكن تداركه، فلو تاب الإنسان من ذنب وهو مصر عليه لم تقبل توبته، لو تاب الإنسان من الربا وهو مصر عليه ويتعامل بالربا، إما على وجه صريح، وإما على وجه الحيلة والخداع، أو تاب من حلق لحيته وهو مصر على حلقها، أو تاب من شرب الدخان وهو مصر على شربه، أو تاب من الغش وهو مصر على الغش، أو تاب من التفريط في واجب ولم يقم بهذا الواجب مع إمكان تداركه، فإن هذا وأمثاله لم يتب إلى الله توبة نصوحاً تقبل منه، يقول الله عز وجل: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ [آل عمران:135].

الشرط الرابع: أن يعزم على أن لا يعود في المستقبل، بحيث يعزم عزماً أكيداً بأنه لن يعود إلى هذا الفعل الذي تاب منه في المستقبل، فأما لو ندم وأقلع ولكن من نيته أن يعود إليه إذا حانت الفرصة، فإن هذه التوبة لا تقبل، لأن نيته على العودة تدل على عدم صدق توبته.

الشرط الخامس: أن تقع التوبة في الوقت الذي تقبل فيه، وهو ما كان قبل طلوع الشمس من مغربها، وقبل أن يحضر الأجل، فإن كانت التوبة بعد طلوع الشمس من مغربها لم تقبل، لقول الله تعالى: يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا [الأنعام:158]، وكذلك لو علم الإنسان الموت وحضره الأجل، فإن توبته لا تقبل، لقول الله تعالى: وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ [النساء:18]، فإذا تمت هذه الشروط الخمسة بالتوبة فهي مقبولة، ثم إن عاد إلى الذنب مرة أخرى فإنه لا يبطل توبته السابقة، فإذا تاب إلى الله مرة أخرى تاب الله عليه، ثم إن عاود مرة ثالثة حيث تغلبه نفسه ثم تاب تاب الله عليه وهكذا، والمهم أن الإنسان كلما تاب إلى الله توبة نصوحاً بالشروط التي أشرنا إليها فإنها تقبل توبته، ثم إن سولت له نفسه بعد ذلك أن يعود فعاد، فإن ذلك لا يبطل توبته السابقة.

السؤال: ما معنى قوله تعالى: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ [الإسراء:1]، الآية، وكيف كانت صفة الإسراء بالنبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى بيت المقدس؟

الجواب: معنى هذه الآية الكريمة أن الله تعالى يسبح نفسه عن كل نقص وعيب، فإن (سبحان) اسم مصدر من سبح يسبح، والتسبيح: هو التنزيه، والله عز وجل منزه عن كل نقص وعيب، منزه عن مماثلة المخلوقين، منزه عن الأنداد، قال الله تعالى: وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:4]، وقال تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11]، وقد أسرى الله تعالى بعبده محمد صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام مسجد الكعبة الذي بمكة المكرمة، ليلاً إلى المسجد الأقصى الذي في فلسطين في القدس، وكيفية الإسراء أن جبريل عليه الصلاة والسلام أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم بدابة يقال لها: البراق، دون البغل وفوق الحمار، يضع خطوه في منتهى بصره، بمعنى أن خطوته بعيدة جداً، تكون بقدر منتهى بصره، فوصل النبي عليه الصلاة والسلام إلى بيت المقدس، ثم عرج به من هناك إلى السماء الدنيا بصحبة جبريل، ولما بلغ السماء استفتح جبريل، فقيل له: من هذا؟ فقال: جبريل؟ قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحباً به فنعم المجيء جاء، ثم ما زال جبريل يعرج به سماء بعد سماء حتى وصل إلى السماء السابعة، فوجد فيها إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام، وهناك رفعه الله، أي: رفع الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم حتى بلغ سدرة المنتهى، وفرض الله عليه الصلوات خمسين صلاة كل يوم وليلة، فقبل واستسلم عليه الصلاة والسلام، حتى نزل راجعاً، فمر بموسى فأخبره بما فرض الله عليه وعلى أمته من الصلوات، فقال: إن أمتك لا تطيق ذلك، فارجع إلى ربك واسأله التخفيف، فما زال النبي عليه الصلاة والسلام يراجع الله عز وجل ويسأله التخفيف، حتى صارت الصلوات الخمسون خمس صلوات بالفعل لكنها في الميزان خمسون صلاة، ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلم من ليلته إلى مكة، واختلفت الروايات: هل صلى الفجر في مكة أو صلى في بيت المقدس، وأصبح النبي صلى الله عليه وسلم يحدث الناس به، فاتخذت قريش من ذلك فرصة لإظهار كذب النبي صلى الله عليه وسلم، وقالوا: كيف يمكن ذلك؟ ولكن النبي صلى الله عليه وسلم ألقمهم حجراً، حين قالوا: إن كنت صادقاً فصف لنا بيت المقدس، فرفع جبريل له بيت المقدس حتى كأن النبي صلى الله عليه وسلم يشاهده فيصفه لقريش، فألقموا حجراً بتكذيبهم النبي صلى الله عليه وسلم، وتبين بذلك صدق النبي صلى الله عليه وسلم، وأما قوله: لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا [الإسراء:1]، فهذا بيان للحكمة من الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم، أن الله يريه من آياته العظيمة الدالة على قدرته وحكمته وتمام سلطانه، وقد رأى من آيات ربه الكبرى ما يكون عبرة للمعتبرين، وقوله: إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الإسراء:1]، يعني: أن الله تعالى هو السميع البصير، الذي وسع سمعه كل صوت، قالت عائشة رضي الله عنها حين أنزل الله تعالى: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ [المجادلة:1]، قالت رضي الله عنها: تبارك الذي وسع سمعه الأصوات، والله إني لفي طرف الحجرة، وإنه ليخفى علي بعض حديثها، والرب عز وجل على عرشه فوق سبع سموات يسمع كلام هذه المرأة التي تجادل النبي صلى الله عليه وسلم في زوجها وتشتكي إلى الله، فهو عز وجل يسمع كل صوت وإن كان خفياً، قال الله تعالى: أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ [الزخرف:80]، وإذا آمن الإنسان بهذه الصفة العظيمة صفة السمع، فإن إيمانه بذلك يقتضي أن لا يُسمع الله تعالى ما يكون سبباً لغضبه على عبده، وأما قوله: (الْبَصِيرُ)، فالبصير معناه الذي أدرك بصره كل شيء، وهو سبحانه وتعالى قد جمع بين هاتين الصفتين: السمع والبصر، وهما من كمال صفاته جل وعلا، فما من شيء إلا والله عز وجل يراه، وإن دق وخفي.

السؤال: كيف يصلي ويتوضأ المريض؟

الجواب: أما كيف يتوضأ فإن الواجب عليه أن يتوضأ بالماء إذا قدر على استعماله بلا ضرر، لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ [المائدة:6]، يعني: واغسلوا أرجلكم إلى الكعبين، فإن كان الماء يضره، أو كان غير قادر على استعماله فإنه يتيمم، لقوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا [المائدة:6]، وكيفية التيمم: أن يضرب الأرض بيديه ضربة واحدة، ثم يمسح بهما وجهه وكفيه، يمسح كفيهما بعضهما ببعض، هذا هو كيفية التيمم لمن لا يستطيع التطهر بالماء، وإذا تيمم المريض فإن تيممه هذا يقوم مقام الوضوء، فما دام باقياً على طهارته لم تنتقض بشيء من النواقض فإنه لا يلزمه إعادة التيمم حتى ولو بقي من الصباح إلى العشاء، لأن الله سبحانه وتعالى قال بعد ذكر التيمم: مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ [المائدة:6]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً )، والطهور بالفتح ما يتطهر به، فدلت الآية الكريمة والحديث النبوي على أن التيمم مطهر، إلا أن طهارته مؤقتة، متى زال العذر المبيح للتيمم فإنه يجب عليه أن يستعمل الماء، فلو تيمم عن جنابة لعدم الماء ثم وجد الماء فإنه يجب عليه أن يغتسل، وإن لم تتجدد الجنابة، ودليل ذلك حديث أبي سعيد الذي رواه البخاري مطولاً في قصة الرجل الذي رآه النبي صلى الله عليه وسلم معتزلاً لم يصل في القوم، فسأله ( ما منعك أن يصلي في القوم، فقال: يا رسول الله! أصابتني جنابة ولا ماء؟ فقال: عليك بالصعيد فإنه يكفيك )، ثم جيء بالماء إلى النبي صلى الله عليه وسلم واستقى الناس منه وارتووا، وبقي منه بقية فأعطى هذا الرجل هذه البقية، وقال: ( خذ هذا أفرغه على نفسك )، فدل ذلك على أن التيمم إنما يكون مطهراً في الوقت الذي يكون استعماله جائزاً، وأما إذا زال العذر المبيح له فإن حدثه يعود عليه، ويجب عليه استعمال الماء عند إرادة الصلاة، وأما كيف يصلي المريض فقد بينه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله لـ عمران بن حصين : ( صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب )، فيجب على المريض أن يستقبل القبلة ويصلي قائماً، ولو كان معتمداً على عصا أو على جدار أو على عمود أو نحو ذلك، فإن لم يستطع القيام فإنه يصلي قاعداً، وفي حال قعوده يكون متربعاً لا مفترشاً، ويؤمئ بالركوع، وفي السجود يسجد على الأرض إن تمكن، فإن لم يتمكن أومأ بالسجود أيضاً، ويجلس بين السجدتين وفي التشهد كما كان يجلس في العادة، ويجب على المريض أن يتجنب في صلاته كل ما يتجنبه الصحيح من النجاسات وغيرها، فيصلي في ثياب طاهرة، ويصلي على فراش طاهر، فإن كان عليه ثياب نجسة لا يتمكن من خلعها صلى فيها، ولا إعادة عليه، لعدم قدرته على خلع هذه الثياب، إلا إذا كان يمكن أن يغسلها مثل أن تكون النجاسة في أسفلها ويمكن أن يغسلها فليغسلها، وكذلك الفراش إذا كان متنجساً فإن الواجب عليه إزالته ليصلي على طاهر، فإن لم تمكن إزالته بسط عليه شيئاً طاهراً وصلى عليه، فإن لم يمكن ذلك صلى عليه ولو كان نجساً إن كان لا يمكنه أن يتحول عنه، وكل هذه التسهيلات مأخوذة من قوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، وقوله: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286]، ومن قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ).

السؤال: هناك البعض من الناس يستعملون الجرائد سفرة لأكلهم، علماً بأن هذه الجرائد تحتوي على أسماء الله، وبعض الأحاديث، أرجو أن توضحوا ما حكم هذا؟

الجواب: حكم هذا أنه إذا علم أن في هذه الجرائد آيات من القرآن، أو أسماء من أسماء الله عز وجل، أو أحاديث من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه لا يجوز استخدامها في الأكل أو للجلوس عليها أو ما أشبه ذلك، لما في هذا من ابتذال كلام الله وأسمائه وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وامتهانها، وإنك لتعجب من قوم يستعملون هذا، مع أن في الإمكان أن يستعملوا بدل ذلك السماطات المعروفة، أو الأوراق التي تباع وتجعل سماطات، وهي رخيصة قليلة الكلفة، ولكن بعض الناس نسأل الله السلامة يزين له سوء عمله، فيختار هذه الجرائد مع تيسر غيرها تيسراً ظاهراً، ثم يبتلى بوضعها كما ذكر السائل سماطات للأكل، وربما يضعها بعض الناس فيجلس عليها أيضاً إذا كانت الأرض ترابية، وكل هذه من الأمور التي يجب على المسلم أن يتنبه لها، وأن يعظم كلام الله عز وجل وأسماء الله وكلام نبيه صلى الله عليه وسلم، حتى يكون بذلك معظماً للرب عز وجل تمام التعظيم.

السؤال: إنني أحرص دائماً على قراءة القرآن الكريم وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولكنني قليل الحفظ، فما هي الطريقة التي تنصحوني بها كي أحفظ كتاب الله؟

الجواب: من أسباب الحفظ أولاً: أن يبادر الإنسان به في حال صغره، لأنه كما قيل: الحفظ في الصغر كالنقش في الحجر، والآن الإنسان الكبير يتذكر أشياء مرت عليه في صغره، ولا يتذكر أشياء مرت عليه عن قرب، فهذا أول سبب يكون به الحفظ.

ثانياً: المتابعة والدراسة وتعاهد ما حفظ، ولهذا أمر النبي عليه الصلاة والسلام بتعاهد القرآن، وقال عليه الصلاة والسلام: ( إنه أشد تفصياً من الإبل في عقلها ).

ثالثاً: أن يكون دائماً مرتبطاً نفسياً بما حفظه بحيث لا يغيب عن ذهنه، وبحيث يشعر نفسه بأنه ملزم بهذا الذي حفظه من العلم من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأقوال أهل العلم.

رابعاً: أن يكون على جانب كبير من الإيمان بالله عز وجل، وتقوى الله سبحانه وتعالى، فإن هذا من أكبر أسباب الحفظ، يقول الله تبارك وتعالى: وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ [محمد:17] ومن الحكم المأثورة: قيدوا العلم بالعمل، فالعمل بالعلم من أسباب حفظه وربطه، فإذا كان الإنسان كثير المعاصي فإن المعاصي توجب النسيان، قال الله تعالى: فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ [المائدة:13]، فالمعاصي سبب كبير من أسباب النسيان، كما أن الطاعات والإيمان سبب كبير من أسباب الحفظ، ومما يؤثر عن الشافعي رحمه الله أنه قال:

شكوت إلى وكيع سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي

وقال اعلم بأن العلم نور ونور الله لا يؤتاه عاصي

ومن عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم.