مشاكل الأطفال النفسية


الحلقة مفرغة

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

أما بعد:

فقد وردت في الحقيقة عدة أسئلة من بعض الإخوة، وفيها شكوى من حصول صورة من صور خيانة الأمانة بالنسبة لبعض الأطفال، وانتشار ظاهرة السرقة عندهم، فرأينا أن نصرف الدرس حول هذه الظاهرة؛ لأنها مفيدة للجميع في الحقيقة، سواء من كان عنده أطفال قد يكونون يعانون من هذا الوصف -السرقة- أو من عنده أطفال عوفوا من ذلك أو لما يكبروا حتى يفهم كيف يمكنه وقاية أطفاله من تلبسهم بهذه الصفة.

فالسرقة بالنسبة للأطفال هي امتلاك الطفل شيئاً ليس من حقه بعيداً عن عيون أصحاب هذا الشيء وبدون إذنهم، لكن أهم شيء لا بد أن نلتفت إليه في هذا الموضوع منذ البداية أن السرقة صفة مكتسبة، يعني: ليس هناك طفل يولد وهو مائل إلى السرقة، لكن البيئة التي يتربى فيها، أو يتلقى فيها ويتفاعل معها هي التي تُرسِّخ فيه هذا النوع من الخيانة أو هذا النوع من تضييع الأمانة عن طريق السرقة، فلا بد أن ننظر في الأسباب والدوافع التي تؤدي بالأطفال إلى التلطخ بصفة السرقة.

الأسباب المباشرة للسرقة لدى الأطفال

هناك أحياناً أسباب مباشرة تدفع الطفل إلى السرقة، فيمكن أن يكون الطفل فقيراً، وتنقصه الاحتياجات الأساسية.. جوعان.. عطشان.. يحتاج إلى شيء من هذه الاحتياجات، فهو يسرق ليأكل بالذات إذا كان هذا الطفل الفقير يخالط أطفالاً من أبناء الأثرياء، فيشعر بالحرمان إذا قرن حاله بحالهم، وهو لا يجد الأكل أو الشراب أو الأشياء الأساسية، فيرى أن السرقة في هذه الحالة تشبع احتياجاً أساسياً، إذاً: السرقة هنا لسبب مباشر كما ذكرنا.

قد يكون من دوافع السرقة إشباع رغبة أو عاطفة أو هواية عند الطفل، فمثلاً: يريد أن يلعب وليس عنده لعبة، أو عنده رغبة في اللعبة التي في يد الطفل الفلاني فيسرقها ليشبع رغبة اللعب، أو يكون الدافع عاطفياً كأن يكون ارتكب خطأً تافهاً، فعاقبه أحد الوالدين عقوبة شديدة لا تتناسب مع حجم هذا الخطأ، فيبدأ يسرق كوسيلة من الانتقام من الوالدين، أو وسيلة انتقام من المدرس إن كان هو الذي عاقبه بأكثر مما يستحق.

وقد يكون الدافع الهواية.

ومن الدوافع: فقدان حب الأسرة؛ لأن الأسرة تخل في إشباع هذا الطفل من الناحية العاطفية بالحب والحنان ونحو ذلك، كأن تكون الأسرة لا تتمنى وجود هذا الطفل في الحياة لسبب أو لآخر، فإذا كان الطفل غير مرغوب فيه فهذا ينعكس على سلوكيات الآباء نحو هذا الطفل بالذات، وبالتالي لا يبذلون له الحب أو الحنان أو العاطفة التي هي من حقه، فيشعر الطفل بأنه منبوذ.

قد يكون من الدوافع أيضاً: شعوره بأنه قادر على النيل من أعدائه، أو الأولاد الذين يغيظونه أو يعادونه، فعندما يسرقهم يشعر بالانتصار؛ لأنه استطاع أن ينال منهم ويدعم توكيد ذاته، وخاصة إذا كان غير محبوب من زملائه.

أحياناً: لما يكون زملاؤه لا يحبونه ويؤذونه وهو مستضعف بينهم، فربما يسرق ليهدي إليهم الهدايا، فيحصل على حبهم أو على عطفهم، فيمكن أن يكون الدافع: أن يرغب في كسب زملائه، فيسرق كي يعطيهم الهدايا.

ويمكن أن يكون هذا الطفل فاشلاً من الناحية الدراسية، فيبدأ يسرق كنوع من التعويض عن هذا الفشل.

قد يكون هناك نوع من سوء التوافق الاجتماعي؛ لأن سلوك (الشلة) المحيطة به من أصدقائه منحرف، فيأخذ منهم هذه الأخلاق.

العوامل المساعدة على تفشي السرقة لدى الأطفال

إلا أن هناك عوامل مساعدة بجانب هذه العوامل التي أشرنا إليها، ومنها: نقص شعور الطفل بالأمن والاستقرار، وهذه طبعاً تكون بسبب تغير في معاملة الوالدين أو تفكك الروابط الأسرية كأن يولد أخ أو أخت لهذا الطفل، فيرى أن الاهتمام كله انتقل منه إلى هذا الأخ الجديد المولود حديثاً؛ فيبدأ يغار منه بسبب ما يلحظه من التغير في معاملة الوالدين مما يؤثر في شعوره بالأمن والاستقرار.

كذلك أيضاً: تفكك روابط الأسرة التي تجعل الطفل يبدأ يشك في حب الوالدين له، وبالتالي تحصل السرقة كرد فعل لهذا الحرمان، أو يفعل ذلك محاولاً استعادة الشعور بالأمان الذي فقده في هذه الأم أو هذا الأب.

هناك عوامل أيضاً مساعدة على سلوك السرقة كالتدليل الزائد، كأن يكون الطفل الأول أو يكون الطفل الوحيد فيتعود بسبب التدليل الزائد على أن كل طلباته تجاب، فيصبح الطفل الصغير هذا ملكاً غير متوج، فيبقى هو الآمر الناهي، وكأن من علامات الحب له أن تكون كل طلباته مجابة، التدليل لا بد منه، لكن نتكلم عن الغلو فيه أو الإفراط فيه، طبعاً الطفل في هذه الحالة يصل إلى مفهوم معين فيفهم أن كل شيء يطلبه يناله، ففي هذه الحالة يفهم أن الحياة والتعامل مع الناس قائم على الأخذ فقط، فإذا كبر يصطدم بأن الحياة هي في الحقيقة أخذ وعطاء وربما كان العطاء أكثر من الأخذ.

نلفت النظر لشيء مهم جداً، بالذات حينما توجد المشاكل بين الزوجين وتكون العلاقات متوترة، والنزاعات مستمرة ولا يوجد تفاهم بين الزوجين، وبالذات حينما تظهر هذه الأشياء أمام الأطفال، فيكونون ضحية، ويدفع الجميع الثمن، وأولهم الطفل الذي هو ضحية النزاعات بين الأبوين، أو تضارب في القيادة التربوية، الأب يقول له: اعمل كذا، والأم -لكي تعاند الأب- تقول: لا تعمل، وطبعاً يحصل الخلاف وشعور الطفل بهذه الأوضاع، فنقول: إن نفس هؤلاء الآباء أحياناً إذا طلب منه أن يضحي بأي شيء مادي في سبيل إسعاد هذا الطفل البائس فهو يقول: أنا مستعد أن أدفع أموال الدنيا، نقول له حتى لا يشقى ابنه ويصبح ضحية: لن يكلفك الأمر أموال الدنيا، بل لن يكلفك أموالاً على الإطلاق، لكن يكلفك أن تتغلب على المشاكل بينك وبين زوجتك لمصلحة هؤلاء الأولاد، قد يصل العناد أحياناً ببعض الآباء إلى أنه لا يكون مستعداً لمثل هذه الخطوة، ولا يدرك خطورة الثمن الفادح الذي سوف يدفعه هؤلاء الأولاد.

إذا كان الأبوان مستعدين للتضحية بأي شيء في سبيل إسعاد الابن والابنة، فالأولى أنهما يضحيان بعلاج هذه المشاكل بسلوك مسلك سليم في التعامل أمام الأولاد، وإصلاح ما بينهما من التفكك حتى لا ينعكس على نفسية هؤلاء الأولاد، فهذا هو لب العلاج بالذات في الأسرة التي توجد فيها مشاكل بين الأبوين، وبالتالي يكون الأولاد هم الضحية!

هناك أحياناً أسباب مباشرة تدفع الطفل إلى السرقة، فيمكن أن يكون الطفل فقيراً، وتنقصه الاحتياجات الأساسية.. جوعان.. عطشان.. يحتاج إلى شيء من هذه الاحتياجات، فهو يسرق ليأكل بالذات إذا كان هذا الطفل الفقير يخالط أطفالاً من أبناء الأثرياء، فيشعر بالحرمان إذا قرن حاله بحالهم، وهو لا يجد الأكل أو الشراب أو الأشياء الأساسية، فيرى أن السرقة في هذه الحالة تشبع احتياجاً أساسياً، إذاً: السرقة هنا لسبب مباشر كما ذكرنا.

قد يكون من دوافع السرقة إشباع رغبة أو عاطفة أو هواية عند الطفل، فمثلاً: يريد أن يلعب وليس عنده لعبة، أو عنده رغبة في اللعبة التي في يد الطفل الفلاني فيسرقها ليشبع رغبة اللعب، أو يكون الدافع عاطفياً كأن يكون ارتكب خطأً تافهاً، فعاقبه أحد الوالدين عقوبة شديدة لا تتناسب مع حجم هذا الخطأ، فيبدأ يسرق كوسيلة من الانتقام من الوالدين، أو وسيلة انتقام من المدرس إن كان هو الذي عاقبه بأكثر مما يستحق.

وقد يكون الدافع الهواية.

ومن الدوافع: فقدان حب الأسرة؛ لأن الأسرة تخل في إشباع هذا الطفل من الناحية العاطفية بالحب والحنان ونحو ذلك، كأن تكون الأسرة لا تتمنى وجود هذا الطفل في الحياة لسبب أو لآخر، فإذا كان الطفل غير مرغوب فيه فهذا ينعكس على سلوكيات الآباء نحو هذا الطفل بالذات، وبالتالي لا يبذلون له الحب أو الحنان أو العاطفة التي هي من حقه، فيشعر الطفل بأنه منبوذ.

قد يكون من الدوافع أيضاً: شعوره بأنه قادر على النيل من أعدائه، أو الأولاد الذين يغيظونه أو يعادونه، فعندما يسرقهم يشعر بالانتصار؛ لأنه استطاع أن ينال منهم ويدعم توكيد ذاته، وخاصة إذا كان غير محبوب من زملائه.

أحياناً: لما يكون زملاؤه لا يحبونه ويؤذونه وهو مستضعف بينهم، فربما يسرق ليهدي إليهم الهدايا، فيحصل على حبهم أو على عطفهم، فيمكن أن يكون الدافع: أن يرغب في كسب زملائه، فيسرق كي يعطيهم الهدايا.

ويمكن أن يكون هذا الطفل فاشلاً من الناحية الدراسية، فيبدأ يسرق كنوع من التعويض عن هذا الفشل.

قد يكون هناك نوع من سوء التوافق الاجتماعي؛ لأن سلوك (الشلة) المحيطة به من أصدقائه منحرف، فيأخذ منهم هذه الأخلاق.

إلا أن هناك عوامل مساعدة بجانب هذه العوامل التي أشرنا إليها، ومنها: نقص شعور الطفل بالأمن والاستقرار، وهذه طبعاً تكون بسبب تغير في معاملة الوالدين أو تفكك الروابط الأسرية كأن يولد أخ أو أخت لهذا الطفل، فيرى أن الاهتمام كله انتقل منه إلى هذا الأخ الجديد المولود حديثاً؛ فيبدأ يغار منه بسبب ما يلحظه من التغير في معاملة الوالدين مما يؤثر في شعوره بالأمن والاستقرار.

كذلك أيضاً: تفكك روابط الأسرة التي تجعل الطفل يبدأ يشك في حب الوالدين له، وبالتالي تحصل السرقة كرد فعل لهذا الحرمان، أو يفعل ذلك محاولاً استعادة الشعور بالأمان الذي فقده في هذه الأم أو هذا الأب.

هناك عوامل أيضاً مساعدة على سلوك السرقة كالتدليل الزائد، كأن يكون الطفل الأول أو يكون الطفل الوحيد فيتعود بسبب التدليل الزائد على أن كل طلباته تجاب، فيصبح الطفل الصغير هذا ملكاً غير متوج، فيبقى هو الآمر الناهي، وكأن من علامات الحب له أن تكون كل طلباته مجابة، التدليل لا بد منه، لكن نتكلم عن الغلو فيه أو الإفراط فيه، طبعاً الطفل في هذه الحالة يصل إلى مفهوم معين فيفهم أن كل شيء يطلبه يناله، ففي هذه الحالة يفهم أن الحياة والتعامل مع الناس قائم على الأخذ فقط، فإذا كبر يصطدم بأن الحياة هي في الحقيقة أخذ وعطاء وربما كان العطاء أكثر من الأخذ.

نلفت النظر لشيء مهم جداً، بالذات حينما توجد المشاكل بين الزوجين وتكون العلاقات متوترة، والنزاعات مستمرة ولا يوجد تفاهم بين الزوجين، وبالذات حينما تظهر هذه الأشياء أمام الأطفال، فيكونون ضحية، ويدفع الجميع الثمن، وأولهم الطفل الذي هو ضحية النزاعات بين الأبوين، أو تضارب في القيادة التربوية، الأب يقول له: اعمل كذا، والأم -لكي تعاند الأب- تقول: لا تعمل، وطبعاً يحصل الخلاف وشعور الطفل بهذه الأوضاع، فنقول: إن نفس هؤلاء الآباء أحياناً إذا طلب منه أن يضحي بأي شيء مادي في سبيل إسعاد هذا الطفل البائس فهو يقول: أنا مستعد أن أدفع أموال الدنيا، نقول له حتى لا يشقى ابنه ويصبح ضحية: لن يكلفك الأمر أموال الدنيا، بل لن يكلفك أموالاً على الإطلاق، لكن يكلفك أن تتغلب على المشاكل بينك وبين زوجتك لمصلحة هؤلاء الأولاد، قد يصل العناد أحياناً ببعض الآباء إلى أنه لا يكون مستعداً لمثل هذه الخطوة، ولا يدرك خطورة الثمن الفادح الذي سوف يدفعه هؤلاء الأولاد.

إذا كان الأبوان مستعدين للتضحية بأي شيء في سبيل إسعاد الابن والابنة، فالأولى أنهما يضحيان بعلاج هذه المشاكل بسلوك مسلك سليم في التعامل أمام الأولاد، وإصلاح ما بينهما من التفكك حتى لا ينعكس على نفسية هؤلاء الأولاد، فهذا هو لب العلاج بالذات في الأسرة التي توجد فيها مشاكل بين الأبوين، وبالتالي يكون الأولاد هم الضحية!

عند الكلام عن السرقة من المهم الكلام عن أنواعها؛ لأن السرقة تكون لها أنواع كثيرة، فهناك سرقة ذكية وسرقة غبية، فالذكية يصعب كشفها، لكن السرقة الغبية فهي التي تكون نتيجة لكون الطفل مبتدئاً في هذا الموضوع وصغيراً، فيبدأ يسرق بطريقة غبية بحيث تكتشف السرقة بسهولة.

أيضاً: يجب أن نفرق بين السرقة العارضة والسرقة المعتادة، فالسرقة العارضة تنشأ نتيجة تحريض على السرقة أو قليل من الإغراء فيقدم على هذا السلوك ثم يرجع عنه؛ لأن هذا نتيجة شيء عارض، لكن السرقة المعتادة فهي أن تصبح السرقة عنده عادة متكررة ولا يرجع عنها.

فإذاً: نحتاج إلى أن ندرك ما هو نوع السرقة؟ هل يسرق لإشباع حاجة أساسية كأن يكون جائعاً وليس معه مال ليأتي بطعامه فيدخل محلاً -مثلاً- ويسرق شيئاً يأكله؟ فهل السرقة للحاجة أم هي سرقة للمباهاة؟

طبعاً حين نعرف السبب فإن ذلك يساعدنا على علاج هذه الظاهرة، فإذا كانت السرقة نتيجة أنه لا يأخذ المصروف مثلا أو لا يأخذ طعاماً. فإذاً: لابد أن توفر له الاحتياجات الأساسية؛ حتى لا يسلك هذا المسلك، فهناك سرقة للحاجة، وهناك سرقة للمباهاة، أي أنه يريد فقط أن يفتخر أمام أصدقائه، فهذا نوع من حب الظهور عند الطفل بأن يظهر أنه استطاع أن يفعل هذه السرقة.

هناك سرقة فردية وسرقة جماعية، الجماعية: أن يشترك مجموعة في السرقة، والفردية: أن يسرق بمفرده، لكن السرقة الجماعية يكون جزء من عصابة من الأطفال السراق طبعاً هذا معه عصابة وعمل جماعي، كل واحد له دور محدد يؤديه.

أيضاً: هناك فرق بين السارق المحترف والسارق الماهر، فالسارق الماهر يتميز بالذكاء والمهارة واللباقة وسرعة البديهة، أما السارق المحترف فهو يكون عنده مهارات مميزة جداً في الناحية العقلية والجسمية والحركية، كخفة اليد والأصابع وسرعة حركتها... إلى آخره.

كذلك يكون عنده هدوء أعصاب، وهذه تكشف أنه محترف ومتمكن جداً في السرقة، بل ربما يتظاهر بالأدب والتأنق والمودة والاحتشام ومساعدة الغير؛ حتى يسهل وقوع الفريسة في الفخ!

السرقة كسلوك منحرف تبدأ في سنوات الطفولة المبكرة، لكن ذروتها تكون في سن خمس إلى ثمان سنوات، ففي الخمس السنوات الأولى من الخطأ الشديد أن تعامل الطفل بعقليتك أنت؛ لأنه في البداية لا يدرك أنها سرقة، وأيضاً من الخطر الشديد أن تدعو الطفل بلقب أو تعلق له شارة: حرامي، لص، وتناديه: يا حرامي! يا لص! فإن إخوانه سيعيرونه به، وهذا الأمر له أضرار في غاية الشدة.

عدم فهم الطفل في سنه المبكرة لمفهوم الملكية الخاصة

وننبه هنا على نقطة مهمة جداً وهي أن طفلك ليس مثلك، يعني: عقلك ليس كعقله، أي أن المفاهيم التي عندك ليست هي نفس المفاهيم التي عنده، ففي الخمس السنوات الأولى من عمر الطفل تسمى السرقة سرقة بريئة، ففي الخمس السنوات الأولى الطفل يستحوذ على الأشياء التي لا تخصه بصورة تلقائية، يرى اللعبة في يد واحد آخر، أو يعجبه شيء فيريد أن يكون بحوزته، وهذا نوع من التلقائية في التصرف. هو ليس قاصداً السرقة، ولا يعرف أن هذه سرقة ولا شيء من هذا، فهو يستحوذ على ما لا يخصه تلقائياً بسبب أنه لم يحقق النضج العقلي والنضج الاجتماعي الذي وصله إلى عملية التمييز بين ملكيته الخاصة وبين ملكية غيره.

ففي الخمس السنوات الأولى أصلاً لم يقف على هذا المفهوم، وهو معرفة حدود الملكية وأن هناك شيئاً يخصني وشيئاً يخص غيري، وعليّ أن أحترم ملكيته بحيث لا آخذه قصراً، وإن كان لابد فأستأذن صاحبه.

المشكلة تكمن فيما لو بدأ بالسرقة بعد سن خمس سنوات؛ لأن هذا يعد سلوكاً مرضياً ولا بد من مواجهته.

إذا استمرت بعد خمس سنوات حتى امتدت لسن العاشرة فغالباً يكون هناك اضطراب انفعالي ولا بد أن يعالج هذا الطفل.

أسباب السرقة: أول سبب، هو: جهل الطفل بمعنى الملكية الخاصة، وبالتالي ما دام ليس عنده مفهوم الملكية الخاصة، فإنه لن يستطيع أن يميز بين ما يملكه، وبين ما لا يملكه.

جهل الطفل بمعنى الملكية الخاصة

من أسباب السرقة: هو جهل الطفل بمعنى الملكية الخاصة، وبالتالي أنه ما دام ليس عنده مفهوم الملكية الخاصة، فإنه لن يستطيع أن يميز بين ما يملكه وبين ما لا يملكه.

عدم اهتمام الطفل في سنه المبكرة بنظرة المجتمع إليه

أيضاً: هو لا يدرك أن هذا أمر سوف يحاسب عليه.

كذلك لا يكون عنده نضج بحيث لا يعنيه نظرة المجتمع لسلوكه، طبعاً هذا السبب حينما نفهمه نستطيع أن نعالجه بطريقة صحيحة؛ لأننا ننمي فيه أنه سيحاسب على السرقة، وأنه آثم والأمانة فضيلتها كذا وكذا، فنبدأ بالعلاج أننا نغرس فيه خلق الأمانة، والترغيب في الأمانة والترهيب من الخيانة ومن السرقة، وإيقاظ الشعور بأن الإنسان محاسب على تصرفاته.

كذلك نغرس فيه العناية بنظرة المجتمع إليه؛ حتى ينمو اجتماعياً بطريقة سليمة، ويضع في اعتباره أيضاً رد فعل الناس من هذا السلوك، بحيث لا يتبجح بالخروج على المعايير الصحيحة في المجتمع.

أحياناً تكون السرقة عملية رمزية يعوض فيها عن حرمانه من الحب أو الحنان الأبوي؛ لأنه لا يحس بأن أحداً يهتم به أو يحترمه أو يوده.

أثر الوالدين وعلاقتهما بالطفل على نشوء ظاهرة السرقة عنده

قد يكون أحد الأسباب التي تدفع الطفل إلى عملية تعويض الحرمان غياب أحد الأبوين؛ كأن يسافر مثلاً فترة طويلة أو يُسجن، أو يتوفى أحد الوالدين أو نحو ذلك. أيضاً: قد يكون السبب الحاجة أو الفقر أو الحرمان، فيسرق ليسد رمقه، وفي هذه الحالة الدافع يكون قوياً بحيث لا يدعه يفكر في عاقبة السرقة، فهو يريد أن يأكل فقط؛ لأنه جائع وليس مستعداً لأن يفكر في العاقبة. أحياناً تكون السرقة علامة تكشف عن وجود توتر داخلي في هذا الطفل، غالباً يكون اكتئاباً من شيء معين، كأن يكون ناتجاً عن كثرة الصراع بين الأبوين، واستمرار المشاكل بينهما، واطلاع الطفل على هذه الأشياء، وهو لو لم يطّلع فإنه يُحس بها على الأقل.

الجو الأسري المتقلب والمضطرب

أيضاً من هذه الأسباب: الجو الأسري المتقلب والمضطرب؛ لأن جو الأسرة حين يكون متقلباً ومضطرباً نتيجة العلاقة السيئة بين الوالدين؛ فمن المتوقع أن الرقابة الأسرية تنعدم، ويحصل فيه تساهل من النواحي التربوية، وبالتالي فلا يستطيع الطفل في ظل هذه البيئة المريضة أن يتعلم التحكم في رغباته، وبالتالي يفقد الأمن والحنان.

سلبية الأبوين وأثرها في تكريس ظاهرة السرقة عند الطفل

أحياناً يكون هناك إقرار من الوالدين أو أحدهم على سلوك السرقة، كأن تعرف الأم أن الولد سرق شيئاً فلا تبالي -علماً بأن سلوك السرقة عند الطفل يبدأ من داخل البيت، قبل أن يخرج للمجتمع- وتقول: ما دام يسرق في البيت فليست مشكلة، المهم ألا يفضحنا أمام الناس، ولا يشوه سمعة الأسرة، فعدم المبالاة هذه تدعم فيه هذا السلوك المنحرف.

أحياناً يأتي الطفل وقد سرق شيئاً من زميله: كقلم، أو مسطرة، أو كراسة، فيقابل في البيت بنوع من الدعابة والمزاح والاستحسان أحياناً، فطبعاً هذا سيدعم فيه هذا السلوك، فهو في أول الأمر يؤخذ بصورة الدعابة ثم ينتهي بأنه يصبح عادة متأصِّلة في هذا الطفل.

أثر الممارسات الخاطئة عند الأبوين على نمو ظاهرة السرقة عند الطفل

أيضاً: من هذه الأسباب: البيئة المتصدعة، فبعض الأسر يكون فيها نوع من التصدع واهتزاز القيم، فالأب مدمن منحرف السلوك، أو محترف للسرقة، فهذه البيئة يتشرب منها استحسان هذا الفعل، وأنه إذا نجح في السرقة سيشعر بلذة القوة ونشوة الانتصار.

ومن الأسباب أيضاً: سلوك الوالدين -وكلمة الوالد تطلق على الأب وعلى الأم على حد سواء- فإذا بالغ الوالد في الاحتياطات الأمنية لحفظ الأشياء، سواء أكانت غالية أو رخيصة، فإن ذلك سيثير عند الطفل حب الاستطلاع والحرص على اكتشاف السر، فالتكتم الشديد أو الاحتياط الشديد حتى في الأشياء التافهة يعطي الطفل دافعاً على أنه استطاع أن يصل إلى الشيء المخبأ سواء كان طعاماً أو كذا، ويجد في ذلك نوعاً من اللذة الكبيرة، وبالتالي تزرع فيه نواة (أيدلوجية) السرقة بدون قصد، لأنه إذا حرص على حب الاستطلاع والاستكشاف والاجتهاد في كشف هذا السر، وإذا استطاع أن يسرق هذا الشيء سيعاقب، فإذا عوقب يعود من جديد للسرقة، لكن هذه المرة بدافع الانتقام والتشفِّي، ولسان حاله يقول: سأثبت لكم أني أستطيع أن أسرق مرة ثانية.

المبالغة في الاحتياطات الأمنية لحفظ الأشياء مما يثير حب الاستطلاع لدى الطفل

من الأسباب أيضاً: سلوك الوالدين -وكلمة الوالد تطلق على الأب وعلى الأم على حد سواء- فإذا بالغ الوالد في الاحتياطات الأمنية لحفظ الأشياء سواء كانت غالية أو رخيصة، فإن ذلك سيثير عند الطفل حب الاستطلاع والحرص على اكتشاف السر، فالتكتم الشديد أو الاحتياط الشديد حتى في الأشياء التافهة يعطي الطفل دافعاً على أنه استطاع أن يصل إلى الشيء المخبأ سواء كان طعاماً أو غيره، ويجد في ذلك نوعاً من اللذة الكبيرة، وبالتالي تزرع فيه نواة (أيدلوجية) السرقة بدون قصد، لأنه إذا حرص على حب الاستطلاع والاستكشاف والاجتهاد في كشف هذا السر .. وإذا استطاع أن يسرق هذا الشيء سيعاقب، فإذا عوقب يعود من جديد للسرقة، لكن هذه المرة بدافع الانتقام والتشفِّي، ولسان حاله يقول: سأثبت لكم أني أستطيع أن أسرق مرة ثانية.

القدوة السيئة وأثرها في ممارسة الطفل للسرقة

كذلك القدوة السيئة كالأب أو الأصدقاء أو الإخوة كأنموذج مستحسن، ويكون أحدهم سارقاً، ثم يجيء فيحكي أمام الأولاد كيف أنه خدع صاحبه، أو كيف أنه أخذ منه شيئاً من غير أن يحس، ففي هذه الحالة طبعاً سيقدِّم أنموذجاً يحتذى به، كذلك رد فعل الأسرة حينما يسرق الطفل شيئاً من أحد زملائه في المدرسة فمن المفترض أن يقوم الوالدان بالتحري عن هذا الأمر، واغتنام تلك الفرصة لتفهيمه حدود ملكيته وملكية غيره، وتحريضه على إعادة هذا الشيء إلى صاحبه.

قد يكون أحياناً من أسباب السرقة الابتزاز، خاصة إذا كان للطفل قدرات عقلية فوق المتوسط، فبعض الناس قد يبتزونه حتى يقوم بالسرقة ويؤدي إليهم ما يسرقه.

كذلك إسراف المربي في العقوبة دون النظر إلى الدوافع التي دفعت هذا الطفل إلى السرقة، وفضيحته أمام الناس وأمام الآخرين: هذا حرامي، هذا لص، هذا سارق، طبعاً إذا كان هذا الطفل عنيداً سيستمر في التحدي، ويتمادى في هذا السلوك.

إذاً: السرقة أو الأمانة هي في الحقيقة سلوك اجتماعي مكتسب، لا يمكن أبداً أن يظهر بدون سبب! هذه فطرة سليمة، صعب جداً أن يصدر منها شيء تلقائي مثل هذا، لكن هي ستكتسب من الجو المحيط بهذا الطفل والذي ينشأ فيه.

إسراف الوالدين في العقوبة دون النظر إلى دافع السرقة

كذلك إسراف المربي في العقوبة دون النظر إلى الدوافع التي دفعت هذا الطفل إلى السرقة، وفضيحته أمام الناس وأمام الآخرين: هذا حرامي .. هذا لص .. هذا سارق فإذا كان هذا الطفل عنيداً سيستمر في التحدي، ويتمادى في هذا السلوك. إذاً: السرقة أو خيانة الأمانة هي في الحقيقة سلوك اجتماعي مكتسب لا يمكن أبداً أن يظهر بدون سبب! هذه فطرة سليمة، صعب جداً أن يصدر منها شيء تلقائي مثل هذا، لكن هي ستكتسب من الجو المحيط بهذا الطفل والذي ينشأ فيه.

وننبه هنا على نقطة مهمة جداً وهي أن طفلك ليس مثلك، يعني: عقلك ليس كعقله، أي أن المفاهيم التي عندك ليست هي نفس المفاهيم التي عنده، ففي الخمس السنوات الأولى من عمر الطفل تسمى السرقة سرقة بريئة، ففي الخمس السنوات الأولى الطفل يستحوذ على الأشياء التي لا تخصه بصورة تلقائية، يرى اللعبة في يد واحد آخر، أو يعجبه شيء فيريد أن يكون بحوزته، وهذا نوع من التلقائية في التصرف. هو ليس قاصداً السرقة، ولا يعرف أن هذه سرقة ولا شيء من هذا، فهو يستحوذ على ما لا يخصه تلقائياً بسبب أنه لم يحقق النضج العقلي والنضج الاجتماعي الذي وصله إلى عملية التمييز بين ملكيته الخاصة وبين ملكية غيره.

ففي الخمس السنوات الأولى أصلاً لم يقف على هذا المفهوم، وهو معرفة حدود الملكية وأن هناك شيئاً يخصني وشيئاً يخص غيري، وعليّ أن أحترم ملكيته بحيث لا آخذه قصراً، وإن كان لابد فأستأذن صاحبه.

المشكلة تكمن فيما لو بدأ بالسرقة بعد سن خمس سنوات؛ لأن هذا يعد سلوكاً مرضياً ولا بد من مواجهته.

إذا استمرت بعد خمس سنوات حتى امتدت لسن العاشرة فغالباً يكون هناك اضطراب انفعالي ولا بد أن يعالج هذا الطفل.

أسباب السرقة: أول سبب، هو: جهل الطفل بمعنى الملكية الخاصة، وبالتالي ما دام ليس عنده مفهوم الملكية الخاصة، فإنه لن يستطيع أن يميز بين ما يملكه، وبين ما لا يملكه.


استمع المزيد من الشيخ الدكتور محمد إسماعيل المقدم - عنوان الحلقة اسٌتمع
الطفل العنيد 2568 استماع
أطفالنا والصلاة 2253 استماع
رفقا أيها المربى 2037 استماع
التشجيع وأثره في التربية 1324 استماع
تشاجر الأشقاء 1234 استماع