أرشيف المقالات

النية وارتباطها بالعمل والجزاء

مدة قراءة المادة : 17 دقائق .
النِّيَّة وارتِباطها بالعمل والجزاء
 
نفتتح مواضيع هذا الكتاب بما افتتح به أكثر المحدِّثين كتبهم، وهو حديث النية[1]، الذي رواه الشيخان، وسائر أهل السنن والمسانيد، عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمَن كانتْ هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومَن كانت هجرته إلى دنيا يُصيبها، أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجَر إليه))[2].
والنِّيَّة في اللغة: القصد، وحقيقتها: انبِعاث القلب[3] نحو ما يراه من أي شيء؛ خيرًا كان أو شرًّا، أو جلب نفع، أو دفع ضرر، سواء كان حقيقة أو وهمًا.
 
والشارعُ بهذا الحديث حَصَر منْفعة الأعمال وجدواها؛ من حيث ثوابُ الله وتَوْفيقه وتسديده، على قصد العامل في عمله، لا على صُورته ومَظْهره[4]، فصلاة المخلص والمرائي صلاةٌ واحدة من حيثُ الصورةُ، ولكن يختلف حُكمها بحسب ما لابَس فعلها من النية، فيكون بينهما من الأجر المضاعف، والعقاب المتزايد، وحسن العاقبة في الدنيا والآخرة ما الله به عليم مِنَ الفَرْق العظيم.
وكذلك القتل، فهو واحد في صورة الفعل، ولكن حكمه يختلف، ونتيجته تتنوَّع بحسب نية القاتل مِن ابتغاء وجه الله لإعلاء كلمته، أو الدفاع عن نفسه مِن صولة المقتول، أو البغي والعدوان الناشئ مِن طمع أو غلبة حِقْد.
 
كما أنَّ الهجرة في صورتها واحدةٌ؛ إذ هي مُجرد انتقال مِن بلد إلى بلد، ولو مع اختلاف البلدَيْن، لكن المهاجر تختلف أحواله مِن ناحية المثوبة وحُسن العاقبة من الله في الدنيا والآخرة، بحسب نيته في هجرته، كما فصَّله النبيُّ صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الشريف.
فمَنْ كان باعثُ هجرته ومنتهى قصده وَجْهَ الله، فهِجْرته مقْبولة، مُثاب عليها بما شاء الله من أنواع المثوبة العاجلة والآجلة، حسب ما تَقْتَضِيه حكمتُه - جلَّ وعلا.
ومَن كان الباعثُ لهجرته رغبةً في امرأة يتصل بها، أو يريد التزوُّد من الدنيا والمكاثرة فيها، أو لاختيار المسكن الملائم لمعيشته، فإنَّ هجرته إلى ما قصده، وقد يناله وزر، أو يُحْرَم من الأجر والمثوبة، بحسب حال ما نواه شرعًا؛ لأنَّ هجرته ليستْ لله في ورد ولا صدر.
 
ففي الحديث إخبار صريح عن انقسام الأعمال إلى طاعات ومعاصٍ حسب نيات أصحابها، وكذلك الأقوال والتروك؛ لأنَّ التَّرْك فِعْل، فيُلاحَظ منشأ القصْد منه.
فمَن ترك الاعتداء والفواحش، وترك فعل ما حرَّمه الله امتثالاً لله، وابتغاء ثوابه، وحياءً منه أن يراه حيث نهاه، فهذا مأجورٌ بحسب قوة نيَّته في مُضاعَفة الثواب، كفاعل المأمورات تمامًا.
وإن كان تركُه لذلك خوفًا من سطوة حاكم الدُّنيا، أو رياءً، أو تزلُّفًا إلى أحدٍ من الناس، فهو معاقَب بحسب ما لابَسه من سوء النِّية، فتارِكُ المحظور حُكمُه كفاعل المأمور.
ومَن كان تركه مجردًا عن هذا وذاك، فلا له ولا عليه.
 
وفاعِل المباح إذا نوى به القُرْبَى إلى الله، والتقوِّي على عبادته، والجهاد في سبيله، والاستغناء به لكفِّ النفس عن المحرَّم، حصل له ثواب على حسب نيته؛ قال الله تعالى: ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآَخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ ﴾ [الشورى: 20].
 
وأمَّا إذا نوى العبادة في ترْك أو فعل، وخالطه في نيَّته شيء مما يُغاير الإخلاص، فقد قال جمهور السلَف: إنَّ الاعتبار في الابتداء، فمَن كان ابتداؤه لله خالصًا، لَم يضره ما عرض له بعد ذلك من إعجاب وغيره[5].
واستدلَّ العلماء بهذا الحديث على أنه لا يجوز الإقدام على الفعل قبل معرفة حكمه؛ لأنه باشتراط إخلاص النية لله لا يتقرب إليه إلا بما شرع؛ إذ لا يجوز للمسلم قطعًا أن يعملَ شيئًا لغير غاية دينيَّة يقصد بها وجه الله.
 
وفي هذا الحديث إبطال لأوضاع العصر مما يعمل باسم قومية[6] أو لأجلها، أو باسم الوطن والجنسيَّة الفلانية، والمبدأ أو المذْهب الفلاني، أو لأجل زعيم، أو لإعزاز العلَم الفلاني، أو الجيش الفلاني، أو الحزب والثورة الفلانية، وغير ذلك مما أحدثه المادِّيُّون المتعلِّقون بالمنافع والمصالح القومية أو الوطَنيَّة، والتحَزُّبات لمذاهبهم المادية وأغراضهم النفعيَّة؛ لأنَّ جميع ذلك من أنواع الشرك المحبط للأعمال، المسخط لربِّ العالَمين، والذي لا يجوز لمسلمٍ أن يتَّجه إليه أبدًا، فكلُّه يدور معناه على اتِّخاذ أنداد مِن دون الله.
 
مهما غالط المغالطون في ذلك، فإنَّ واقعَهم يُكذبهم، ويشهد عليهم بالشِّرك المنافي لما جاءتْ به الرُّسل مِن توحيد الله، وإخلاص القصد له في جميع الأعمال؛ لأنهم صرفوا أعظم أنواع العبادة، بل أساسها، الذي هو المحبة، لغير الله مما يشتهون، فجعلوا المحبة والموَالاة في القومية والوطنية، حتى فَضَّلوا الكافر الذي تجمعه معهم مُسمياتهم على المسلم من القومية الأخرى أو الوطن الآخر، ونادوا بوجوب العمل للأوطان والقَوْميات، والجهاد في سبيلها، والإنفاق من أجلها، وجعلوا حماية حدودها وحماية مذاهبهم المادية فوق حماية دين الله وحدوده، فهم لا لدينه وحدوده رأسًا، ولا يغضبون مِن أجله كما يغضبون لمبادئهم ومنافعهم، ولا يكترثون لشيء من قضايا المسلمين ونوائبهم، ولا يحظى الله ورسوله منهم بشيء من الطاعة والحب الصحيح، ولا عُشر معشار ما يحظى زعماؤهم ورُواد مذاهبهم ومبادئهم، كما تشهد بذلك أقلامُهم وألسنتهم وأفعالهم المخالِفة لِوَحْي الله تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ ﴾ [البقرة: 165].
فَفِعْلُهم هذا مُخالف لأصل التوحيد الذي جاءتْ به الرسل مِن إخلاص المحبة لله؛ لتكون الباعث على العمل الموافق لشرعه، والسير في المُوالاة والمعاداة حسب ملَّة إبراهيم.
وهذا الحديث كغَيْره من النصوص يوجب على المسلم أن يكونَ مُخلصًا في قصده، متجهًا اتجاهًا واحدًا خالصًا لله الواحد الأحد، في طريق واحد هو الصراط الذي يسأل مولاه الهداية إليه في كل ركعة من ركعات صلاته ليل نهار.
 
ومسالِك أولئك المخالفين مُخالِفة لِما جاء به القُرآن الكريم من الأمر باتِّباع الصِّراط المستقيم في أصوله وفروعه، والنَّهي عن اتِّباع السبُل الأخرى؛ لأن المخالَفة تفكيك لرابطة المسلمين، وتمزيق لشمْلهم ووحدتهم، وقَطْعٌ لِما أمر الله أن يوصل منَ الميثاق الإسلامي الذي يربط العربي بالأعجمي، والمشرقي بالمغربي، وهو قرَّة لعُيُون اليهود الذين وضعوا أُسس هذه التفرقة بشَتَّى المذاهب والأذواق المختلفة، فتحقيق التوحيد باتِّحاد المقاصد والاتجاهات نحو الله في كل شيء، هو الضامن لِحُصُول الوحدة العامَّة، وتحقيق الرابطة العظمى لجميع الأُمم الإسلامية باستمْساكهم بحبل الله الذي هو القرآن الكريم والعروة الوثقى التي لا انفِصام لها.
 
فلْيَحْذر المسلمُ مِنَ الانخداع بدجلهم، وشعاراتهم المُضَللة، ومنَ الانزلاق فيما يصده عن سبيل الله ويُبعِده عن وحيه الذي مزَّقوه تمزيقًا معنويًّا، بِعَزْلهم إياه عن التشريع وإقصائه عن الحكم، وأن يخلص لله في أقواله وأفعاله وإرادته ونياته، ويحذر غاية الحذَر من الشرك في الإرادات والنيات، فإنه البحر الذي لا ساحل له، وقلَّ مَنْ يَنْجو منه، فمَنْ أراد بعملِه غير وجه الله، أو اتَّجه إلى خلاف ما شرعه، فقد أشْرك بالله، وانتقص جنابه العظيم، واستهان بعِزته، وكان ظالمًا بانتقاصِه حقوق الله، وتعطيل حكمه، والولوع بغَيْره من مذاهب الكُفر الرَّجعيَّة المنبوشة التي أضفي عليها أسماء وشعارات جديدة، أعادوا بها الوثنيَّة وعبادة المادَّة والشهوات، والعبرة بالمعاني، لا بالألفاظ والمباني، فالوسائلُ لها أحكام المقاصِد، كما ينص عليه هذا الحديث وغيره، فقد ورد في الحديث: ((مَن غزا وهو لا ينوي إلا عقالاً[7]، فله ما نوى))[8].
 
وروى مسلم مرفوعًا: ((إنَّ أول الناس يقضى عليهم ثلاثة رجال: رجل استشهد في سبيل الله، فأتي به فعرَّفه الله نعمه، فعَرَفها، قال: فما عملتَ فيها؟ قال: قاتلتُ في سبيلك حتى قُتلت، قال: كذبتَ، ولكنَّك قاتلْتَ ليُقال: هو جَرِيء، فقد قيل، ثُم أمر به، فسُحب على وجْهه حتى ألقي في النار، والثاني: عالِم مُراءٍ، والثالث: رجل وسَّع الله عليه من أصناف المال، فأتي به فعرَّفه نعَمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: ما تركتُ من سبيل تحب أن يُنفق فيه إلا أنفقْتُ فيه، قال الله: كذبت، ولكنَّك فعلت ليقال: هو جَوَاد، فقد قيل، ثُم أمر به فسُحب على وجْهه حتى ألقي في النار))[9].
وما نصَّ عليه في الحديث المشهور: ((ومَن قاتَلَ تحت راية عُمِّيَّة[10]، يدعو إلى عصبة أو ينصر عصبة، فليس منِّي ولَسْتُ منه))[11].
وغير ذلك من الأحاديث الدالة على حُسن نتائج الإخلاص، وسوء نتائج الخبث والتحايُل، وعلى عدم جدْوى الأعمال وقبولها بدون صلاح نيَّة.
فالنيَّة مِعْيار لتصحيح الأعمال، وسبب عظيم لِحُسْن نتائجها في الدنيا، وعِظَم مثوبتها في الآخرة، إن خلصتْ لله، والعكس بالعكس.
 
وخير مقامات المؤمنين في ذلك مَن يفعل الطاعات، ويكف عن المعاصي، ويبذل النفس والمال في نُصرة دين الله، وأخذ كتابه بقوة عن محبة لله وحياء منه، وتأدِية لحقّ عبوديته، وقيام بشُكره، وغضب لدِينه، وغيرة على حُرماته، وشوق إلى لقائه واللحوق بِنَبيه، ويرى نفسه مع ذلك مُقَصِّرًا، وهذا النوع هم الذي عناهم بقوله: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ﴾ [المؤمنون: 60 - 61].
 
والخَلْق بعد هذا درَجات، وعلى حسب صِدْق النِّيَّة لله وقوة الحب له، والإخلاص والصِّدق معه، تتضاعَف أُجُور الحسنات، ويقوى تكفير السيئات، ويستنزل المدد منَ الله، فينصر عباده ويوفِّقهم، ويسدد خطاهم، وينوّر بصائرهم، ويجعل العاقبة والتمكين في الأرض لهم، ويكبت أعداءهم.
 
هذه هي القاعدة، واعلم أن هذا الحديث من جوامع كلمه - عليه الصلاة والسلام - وعليه ينْبني كثير من الأحكام، بحيث عدَّهُ العلماء ثُلُث العلم، وفوائده كثيرةٌ تصعب الإحاطة بها، ولا بد من العودة إلى ذِكْر بعضها مع شُرُوح الأحاديث التالية، وفيه تَمْييز للعادة من العبادة، وفيه مُواجهة حقيقية بين الإنسان ونفسه، وتعليم الانضباطيَّة الرفيعة، وتحسين للسلوك كي يكونَ مُستقيمًا، ويصلب على هذه الاستقامة.
 



[1] حديث النية أحد الأحاديث التي يدور الدين عليها، كما قال الإمام أحمد - رحمه الله - : "أصول الإسلام على ثلاثة أحاديث: حديث عمر: ((إنما الأعمال بالنيات))، وحديث عائشة - رضي الله عنها - : ((مَن أحدَث في أمْرِنا هذا ما ليس منه، فهو رد))، وحديث النعمان بن بشير: ((الحلال بيِّن، والحرام بيِّن)).


[2] أخرجه البخاري: (1/ 7) في بدء الوحي، باب: ما جاء أن الأعمال بالنية، ومسلم برقم: (1907) في الإمارة، باب: قوله - عليه السلام -: ((إنما الأعمال بالنية))، وأحمد في "المسند"، (1/ 25)، وأبو داود برقم: (2201) في الطلاق، باب: فيما عين به الطلاق والنيات، والتِّرمذي برقم (1647) في فضائل الجهاد، باب: فيمن يقاتل رياء وللدنيا، والنسائي: (1/ 59) في الطهارة، باب: النية في الوضوء، والدارقطني: (1/ 51) في الطهارة، باب: النية، والبيهقي في "سننه" (1/ 41) في الطهارة، باب: النية.
هذا، والحديث تفرَّد بروايته يحيى بن سعيد الأنصاري، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن علقمة بن أبي وقاص الليثي، عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وليس له طريق يصح غير هذا، وقد اتَّفق العلماء على صحته وتلَقّيه بالقبول، وعليه نقول: إن خبر الواحد العدل عن مثله، إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوجب العلم والعمل معًا، سواء كان في أحد الصحيحين، أو في غيرهما.


[3] النية في كلام العلماء تقع بمَعْنَيَيْن:
أحدهما: تَمْييز العبادات عن العادات، أو تمييز العبادات بعضها عن بعض، وكلام الفقهاء في كُتُبهم يقع على هذا المعنى.
الثاني: تمييز المقصود بالعمل، هل هو لله وحده لا شريك له؟ أم لله وغيره؟ وهذا النوع هو الذي يتكلَّم به [عنه] العارفون في كُتُبهم في كلامهم على الإخلاص وتوابعه.
هذا، والنية كما هو واضح هي قصد القلب، يستثنى الحج ففيه التلفظ بالنية وعلى هذا، فمَن تلفَّظ بها فهو مُبْتَدِع.


[4] بعض ضعاف النفوس والإيمان يحتج بهذا الحديث؛ ليسوغ تقاعُسه عن العمل، ويقول: النوايا بالقلب، والإيمان بالقلب، فنقول لمثل هذا: صحيح أن للنية دلالتها ومكانتها من العقيدة، ولكنَّها بذاتها ليستْ مناط الحكم والجزاء، وإنما النية تحسب مع العمل فتحدد قيمته، وهذا معنى: ((إنما الأعمال بالنيات))، إذًا فليس كل مَن ادعى الإيمان أو صدق النية يكون صادقًا بدعواه، فللإيمان علامات، فإن وجدت فبها ونِعْمت، وإلا كذبتِ الدعوى، نسأل الله تعالى أن يلهمنا صِدْق النوايا وحُسْن العمل.


[5] الرِّياء قد يكون محضًا كحال المنافقين، وقد يكون العمل لله ولغيره معًا ابتداءً، وكلاهما محبط للعمل، والنصوص الصحيحة تدلُّ على ذلك، وأما الحالة التي ذكرها الشيخ - رحمه الله - ففيها اختلاف بين العلماء من السلف، والمطلوب من المسلم أن يجاهدَ نفسه حتى يتخلَّص من كلِّ صوَر الرِّياء، حتى تتخلَّص نفسه من ذاتيتها وهواها، وحتى يصير مُرادها هو عين ما أراده الله تعالى منها.


[6] القوميَّة: حركةٌ سياسيَّة فكريَّة، تدعو إلى ردة الجاهلية، وقيام دولة على أساس من رابطة الدم والقربى واللغة والتاريخ، وإحلالها محل رابطة الدين، وتهدف إلى محاربة الإسلام، والتخلص من أحكامه وتعاليمه، وقد أحدثها المستغربون أذيال الغرب من النصارى العرب؛ مجاراة للدعوات القومية التي ظهرت في أوربا، وردة فعل للفكر القومي التركي الطوراني، ويتبنى القوميون شعار: (الدين لله والوطن للجميع)؛ بهدف إقصاء الإسلام عن أن يكون له وجود فعلي في واقع الحياة، وكان أول ظهور الفكر القومي في أواخر القرْن التاسع عشر، وللأسف الشديد، فإن معظم حكام العرب يتبارون في ادِّعاء القوميَّة، وكل منهم يفتخر بأنه رائد القومية العربية، وأنه أولى مِن غيره بزعامتِها!


[7] (عقالاً) العقال: حبل صغير تشد به ركبة البعير؛ لئلا ينفر.


[8] إسناده حسن، أخرجه الإمام أحمد في "المسند"، (5/ 315، 320، 329)، والنسائي: (6/ 24) في الجهاد، باب: مَن غزا في سبيل الله ولَم ينو في غزاته إلا عقالاً، والحاكم في "المستدرك": (2/ 109)، وقال: حديث صحيح الإسناد، ولَم يخرجاه، ووافقه الذهبي، والدارمي في "سننه" (2/ 208) في الجهاد، باب: مَن غزا ينوي شيئًا فله ما نوى، وفي سند الحديث يحيى بن الوليد حفيد عبادة بن الصامت، مقبول كما ذكر ابن حجر في "التقريب" (7666).


[9] أخرجه مسلم برقم: (1905) في الإمارة، باب: ((مَن قاتَلَ للرِّياء والسُّمعة استحقَّ النار))، وأحمد في "المسند"، (2/ 322)، والنسائي: (6/ 23) في الجهاد، باب: من قاتل ليقال: فلان جريء.


[10] العمية: الجهالة والضلالة، وهي مأخوذة من العمى.


[11] أخرجه مسلم برقم: (1848) في الإمارة، باب: وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن، والإمام أحمد في "المسند"، (2/ 296، 306، 488)، والنسائي: (7/ 133) في تحريم الدم، باب: التغليظ فيمن قاتل تحت راية عمية، وابن ماجه برقم: (3948) في الفتن، باب: العصبية.

شارك الخبر

مشكاة أسفل ٢