خطب ومحاضرات
فتاوى نور على الدرب [252]
الحلقة مفرغة
السؤال: هل يجوز الرد على الخطيب يوم الجمعة إذا أخطأ في آية أو حديث أو الرد على من يرد عليه إن أخطأ أيضاً؟
الجواب: في خطبة الجمعة يجب على الحاضرين الإنصات والاستماع إليها، ولا يجوز لهم التشاغل عنها بكلام ولا بصلاة ولا بقراءة حتى رد السلام وتشميت العاطس؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( إذا قلت لصاحبك: أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت )، و( الذي يتكلم والإمام يخطب يوم الجمعة كمثل الحمار يحمل أسفاراً )، إلا أنه يجوز للخطيب ولمن يكلم الخطيب في الحاجة، ودليل ذلك: ( أن رجلاً دخل يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال: يا رسول الله! هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله أن يغيثنا، فلم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم بل دعا ) و( دخل رجل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فجلس، فقال له النبي: أصليت؟ قال لا قال: قم فصل ركعتين وتجوز فيهما )، وفي هذين الحديثين دليل على أنه يجوز للإمام وللحاضرين أن يتكلموا للمصلحة أو للحاجة، وعلى هذا فإذا أخطأ الإمام في قراءة آية من كتاب الله فإنه يرد عليه ولا بأس في ذلك، فإن رد عليه أحد فأخطأ في الرد فلغيره أن يرد على الإمام على الوجه الصحيح ولا يقصد برده أنه يرد على هذا الذي أخطأ، ولكن يقصد برده أن يرد على الإمام على الوجه الصحيح ولا بأس في ذلك.
السؤال: لو تعذر على الخطيب يوم الجمعة إكمال خطبته إما لمرض مفاجئ ألم به أو نحو ذلك، فماذا يكون على المصلين في مثل هذه الحالة؟
الجواب: في مثل هذه الحال إذا كان الخطيب قد آتى بما يكفي في خطبته فإن الخطبة تعتبر كاملة، فإن كانت الخطبة الأولى قام أحد فخطب الخطبة الثانية ثم صلوا، وإن كانت الخطبة الثانية صلوا؛ لأن الخطيب أتى بخطبتين من قبل، وإن لم يكن أتى بما يكفي من الخطبة الأولى، فإنه يقوم أحد الحاضرين ويستأنف بهم الخطبة ويخطب خطبتين ثم يصلي بهم.
مداخلة: لابد من إكمال الخطبة؟
الشيخ: إي نعم؛ لأن الخطبتين شرط لصحة صلاة الجمعة.
السؤال: هل يجوز لمن أدى صلاة الفريضة أن يتصدق على من جاء متأخراً منفرداً فيصلي معه ليحسب له أجر الجماعة ويجوز ذلك لجميع الفروض الخمسة؟
الجواب: نعم إذا دخل أحد وقد فاتته الصلاة فإنه يستحب لمن كان في المسجد أن يقوم أحدهم فيتصدق عليه ويصلي معه ليدرك فضل الجماعة؛ لأنه دخل رجل والنبي صلى الله عليه وسلم في أصحابه جالس ولم يدرك الرجل صلاة الجماعة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( من يتصدق على هذا فيصلي معه )، فقام أحد القوم فصلى معه، ومثل ذلك لو دخل رجلان أو أكثر وقد فاتتهما صلاة الجماعة فإنهما يصليان جماعة، وفي هذه الحال لا يحتاج إلى أحد يقوم معهم فيتصدق عليهم، ولا فرق في هذه بين الصلوات الخمس حتى لو كانت الصلاة صلاة العصر فقام أحد يتصدق عليه ويصلي معه فلا بأس بذلك؛ لأن هذه النافلة نافلة لها سبب، وكل النوافل التي لها سبب يجوز أن يفعلها الإنسان في وقت النهي؛ لأن النهي الوارد عن الصلوات الخمس في الأوقات المعلومة وهي من صلاة الفجر إلى ارتفاع الشمس قيد رمح، وعند قيامها حتى تزول، ومن صلاة العصر إلى غروبها، هذه الأوقات ينهى فيها عن النفل المطلق الذي لا سبب له، مثل: أن يقوم أحد من الناس فيصلي تطوعاً في هذه الأوقات، فنقول: إن ذلك لا يجوز، أما ما له سبب فإنه يفعل في هذه الأوقات، كما لو دخل إنسان المسجد بعد صلاة الفجر أو بعد صلاة العصر فإنه لا يجلس حتى يصلي ركعتين، وكما لو طاف بالبيت بعد الفجر أو بعد صلاة العصر فإنه يصلي ركعتي الطواف، وكما لو كسفت الشمس بعد صلاة العصر فإنه تصلى صلاة الكسوف إلى غير ذلك من النوافل التي لها سبب، على أن صلاة الكسوف ذهب بعض أهل العلم إلى أنها واجبة.
المهم أنه لا فرق بين الصلوات في أن يقوم أحد يتصدق على هذا الداخل الذي فاتته صلاة الجماعة.
السؤال: هل يجوز تأجيل راتبة صلاة الفجر إلى ما بعد الفريضة أم لا؟
الجواب: لا يجوز للإنسان أن يتعمد تأخير راتبة الفجر إلى ما بعد الفريضة؛ لأن لازم ذلك أن يصلي نفلاً في وقت النهي بدون سبب يقتضيه، أما لو فاتته راتبة الفجر فإنه لا حرج عليه أن يقضيها بعد صلاة الفجر وقبل طلوع الشمس، مثل: أن يأتي والإمام قد دخل في الصلاة فإنه يدخل مع الإمام، فإذا انتهى من صلاة الفريضة فلا بأس أن يأتي بالراتبة، وإن أخرها إلى بعد ارتفاع الشمس قيد رمح فلا بأس بذلك أيضاً إلا أن يخاف نسيانها أو أن تثقل عليه في ذلك الوقت، فإنه يصليها بعد صلاة الفجر أفضل.
مداخلة: لو أتى بعد أن صلى الجماعة الفريضة ويصلي وحده هو فهل يقدمها أو يؤخرها؟
الشيخ: يقدم راتبة الفجر على الفجر؛ لأن راتبة الفجر مقدمة عليه.
مداخلة: حتى لو كان بعد خروج الوقت؟
الشيخ: نعم. حتى لو كان بعد خروج الوقت؛ لأنه ثبت في الصحيح في قصة نوم الصحابة رضي الله عنهم عن صلاة الفجر حتى ارتفعت الشمس ومعهم الرسول عليه الصلاة والسلام، فالنبي عليه الصلاة والسلام أمر بلالاً فأذن ثم صلى ركعتين راتبة الفجر ثم صلى الفجر كما كان يصليها كل يوم.
السؤال: رجل يرعى الإبل بعيداً عن المنازل ولم يجد الماء لمدة طويلة ويعيش على لبن الإبل بدل الماء في هذه الفترة وزوجته معه، فهل يصح له أن يتيمم ويصلي؟ وماذا يفعل من ناحية الغسل؟ وما حكم صلاته وهو جنب بالتيمم فقط لو طالت المدة إلى شهر مثلاً؟ وهل السفر مع هذه الإبل بحثاً عن الكلأ يعتبر سفراً مباحاً يبيح أحكام السفر من قصر الصلاة الرباعية والإفطار في رمضان وغيرها؟
الجواب: يجوز للإنسان المسافر العادم للماء أن يفعل كل ما يباح له في حال وجود الماء من جماع زوجته وتقبيلها وغير ذلك، وإذا وجب عليه غسل من الجنابة فإنه يتيمم إذا لم يجد الماء، وإذا تيمم فإن جنابته ترتفع لكنه ارتفاع مؤقت إلى أن يجد الماء، فإذا وجد الماء وجب عليه أن يغتسل، وأما كونه يترخص برخص السفر فيُنظر: إن كان هذا المكان الذي يرعى به مكان إقامته بحيث يعرف أنه مستمر في هذا دائماً فإنه لا يترخص برخص السفر، وإن كان يبقى فيه أياماً ثم يرتحل إلى مكان آخر وهكذا وليس محل إقامته وإنما محل إقامته وسكناه محل سوى ذلك، فإنه يترخص برخص السفر.
السؤال: في زماننا هذا كثر التبرع بالعين، وربما بيعها ممن قد يئسوا من الحياة، فأرجو إجابتكم على الحكم في الحالتين: التبرع والبيع؟
الجواب: هذه المسألة حدثت أخيراً في الأزمان المتأخرة، واختلف أهل العلم فيها: فمنهم من أجاز للإنسان أن يتبرع بأحد أعضائه التي يبقى له منها شيء، ثم اختلف هؤلاء: هل يجوز أن يتبرع فقط أو له أن يبيع؟ ومن أهل العلم من منع ذلك مطلقاً، وقال: لا يجوز لأحد أن يتبرع أو يبيع شيئاً من أعضائه حتى وإن كان قد أيس من حياته؛ وذلك لأن بدنه أمانة عنده لا يجوز له أن يتصرف فيه، فالإنسان مملوك وليس مالكاً، وإذا لم يكن مالكاً لشيء من أعضائه وإنما هي أمانة عنده فإنه لا يجوز له أن يتصرف فيها ببيع ولا غيره، وتبرعه بعضو في بدنه من جنسه قد يقوم البدن بدون ذلك العضو الذي تبرع به، ولاشك أن الله تعالى لم يخلق هذين العضوين إلا لفائدة عظيمة وذلك بأن يتساعدا على المصلحة التي وكلت إليهما، ثم إنه إذا تبرع بأحد هذين العضوين لم يبق له إلا عضو واحد، وفي هذه الحال ربما يتعطل ذلك العضو فيكون هذا المتبرع فاقداً للمنفعة كلها، ثم إنه إذا تبرع به لغيره فإن تحقق المفسدة فيه قد حصلت حيث فقد ذلك العضو، وحصول المصلحة للمتبرع له به أمر محتمل؛ لأن العملية قد لا تنجح، فمثلاً: لو أن أحداً تبرع بكليته لشخص فإنها إذا نزعت منه فقدها وهذه مفسدة، ثم إذا زرعت في المتبرع له فإنها قد تنجح وقد لا تنجح، فنكون هنا قد ارتكبنا مفسدة لمصلحة غير متيقنة، والذي يترجح عندي أنه لا يجوز أن يتبرع أحد بشيء من أعضاء بدنه، وإذا لم يجز التبرع فالبيع من باب أولى.
وأما التبرع بالدم فللمحتاج إليه لا بأس به؛ وذلك لأن الدم يخلفه غيره، فإذا كان يخلفه غيره صار النقص الذي يحصل على البدن مفقوداً ويكون هنا فيه مصلحة إما متيقنة أو محتملة، لكن بدون وجود مفسدة، ومثل هذا لا تأتي الشريعة بمنعه، فالتبرع بالدم لمن احتاج إليه جائز بشرط أن يقرر الطبيب أنه لا ضرر على هذا المتبرع إذا تبرع بدمه.
مداخلة: حكم البيع وعرفناه حسب ما ترون ولكن حكم الشراء لو أراد أن يشتري وربما من غير مسلم يشتري عضواً من الجسد؟
الشيخ: إذا حرم البيع في شيء فإنه يحرم الشراء.
مداخلة: يعني: لو أردت أن أشتري من غير المسلمين؟
الشيخ: لا فرق في هذا بين المسلم وغيره.
مداخلة: إذا أنا مضطر لهذا العمل ربما أنقذ به حياة شخص؟
الشيخ: ربما تنقذ به حياة شخص لكنك لا تتيقن أن تنقذ به حياة شخص، ولهذا لو كانت المسألة من باب الأكل لا من باب زرع العضو في البدن الذي قد ينفر منه البدن ولا يقبله، لو كانت المسألة أكلاً لكان يجوز لك أن تأكل ما لا حرمة له، ولهذا اختلف العلماء رحمهم الله فيما لو اضطر الإنسان إلى الأكل وليس عنده إلا ميت هل يجوز له أن يأكل منه أو لا يجوز؟ فالمشهور من مذهب الحنابلة أنه لا يجوز أن يأكل الحي شيئاً من الميت ولو أدى إلى موت الحي؛ لأن احترام الميت كاحترام الحي، وذهب بعض أهل العلم إلى جواز أكل الحي من هذا الميت لدفع ضرورته، لأن حرمة الحي أعظم من حرمة الميت، وهذا قول قوي بلا شك، ولكن الأكل تندفع به الضرورة يقيناً، ولهذا لما حرم الله الميتة أباح للمضطر أن يأكل منها؛ لأن ضرورته تندفع بذلك يقيناً بخلاف الدواء والعلاج، ومن ثم قال أهل العلم: إنه لا يجوز التداوي بالمحرم ويجوز للإنسان أن يأكل المحرم لدفع جوعه، ففرق بين شيء تحصل به المصلحة يقيناً وتندفع به المضرة وبين شيء لا يتيقن فيه ذلك، فإنه لا يرتكب المحظور المتيقن لحصول شيء غير متيقن.
السؤال: ما مدى صحة هذا الحديث وما المقصود به تقول: ( لعن الله الواصلة والمستوصلة .. ) إلى آخره، فما المقصود من هذا الحديث؟ وهل يقصد به الشعر المصنوع من الشعر الذي سقط أو الشعر المصنوع من الألفاف وغيرها من المصنوعات؟
الجواب: الواصلة: هي التي تصل رأس غيرها، والمستوصلة: هي التي تطلب أن يفعل ذلك بها، ووصل شعر الرأس بالشعر محرم بل هو من الكبائر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن من فعله، ووصل الشعر بغير شعر اختلف فيه أهل العلم: فمنهم من قال: إنه لا يجوز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تصل المرأة شيئاً بشعرها، وكلمة: (شيئاً) عامة تشمل الشعر وغيره، وعلى هذا فالشعور المصنوعة التي تشبه الشعور التي خلقها الله عز وجل لا يجوز أن توصل بالشعور التي خلقها الله سبحانه وتعالى، بل هي داخلة في هذا الحديث، والحديث فيه الوعيد الشديد على من فعل ذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( لعن الله الواصلة والمستوصلة ) واللعن معناه: الطرد والإبعاد عن رحمة الله، وقد ذكر أهل العلم أن كل ذنب رتب الله تعالى عليه عقوبة اللعن فإنه يكون من الكبائر.
السؤال: قرأت في كتاب أن كل شيء يعيش في البحر يمكن أكله، ولكني سمعت أن هناك بعض الحيوانات التي تعيش في البحر لا يجوز أكلها، فهل هذا صحيح، وما هو الحكم الشرعي في أكل صيد البحر؟
الجواب: صيد البحر كله حلال حتى للمحرمين فإنه يجوز لهم أن يصطادوا في البحر؛ لقول الله تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا [المائدة:96] ، فصيد البحر: هو ما أكل حياً وطعامه ما وجد ميتاً، وظاهر الآية الكريمة (أحل لكم صيد البحر) أنه لا يستثنى من ذلك شيء؛ لأن (صيد) اسم مفرد مضاف، والمفرد المضاف يفيد العموم، كما في قوله تعالى: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا [إبراهيم:34] فإن (نعمة) مفرد هنا ولكن المراد بها العموم، وهذا القول هو الصحيح الراجح: أن صيد البحر كله حلال ولا يستثنى منه شيء، واستثنى بعض أهل العلم من ذلك الضفدع والتمساح والحية، وقالوا: إنه لا يحل أكلها، ولكن القول الصحيح هو العموم وأن جميع حيوانات البحر حلال حية وميتة.
السؤال: امرأة قامت ببناء مسجد خاص بالنساء في أحد الشوارع، وفي هذا الشارع مسجد للرجال في أوله ومسجد النساء الذي بنته في آخره، وقد قامت بتسجيل الأذان على شريط بصوت زوجها تضعه أمام مكبر الصوت إذا حان وقت الصلاة، فهل عملها هذا من حيث تخصيص مسجد للنساء، ومن حيث رفع الأذان بواسطة شريط مسجل جائز أم لا؟
الجواب: أما بناؤها المسجد فلا شك أنها مأجورة عليه ومثابة مع الإخلاص لله تبارك وتعالى، وقد ثبت في الصحيحين من حديث عثمان رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من بنى لله مسجداً يبتغي به وجه الله بنى الله له بيتاً في الجنة ).
وأما تخصيصها مسجداً للنساء فلا بأس به إذا كان هذا المسجد قد أحاط به سور المسجد العام؛ لأن غاية ما فيه أنها جعلت ستراً بين الرجال والنساء، وهذا لا بأس به.
وأما كونها قد سجلت صوت زوجها بالأذان من أجل أن تضعه عند مكبر الصوت حين يحين الوقت، فإن هذا ليس بجائز؛ وذلك لأن الأذان عبادة فيجب أن يتعبد به الإنسان على حسب ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم بأن يقوم الإنسان به نفسه ولا يجعله مسجلاً، ففي مثل هذه الحال ننصحها بأن ترتب مؤذناً لهذا المسجد إن كانت تستطيع، وإلا فلتتصل بوزارة الشئون الدينية حتى ترتب لهذا المسجد مؤذناً.
السؤال: في بداية أيام زواجي كنت كثير الحلف بالطلاق أحلف كثيراً وكنت كثيراً ما أحلف بسبب وبدون سبب كأن أقول: عليّ طلاق كذا وكذا أو علي الطلاق لا تبيتين هنا الليلة، وفعلاً أحياناً تنفذ وأحياناً لا يحصل شيء من ذلك، وحصل أن قلت لزوجتي: أنت حرام علي كمثل أمي وأختي، ثم مضى عامان بعد ذلك والتزمت بشرع الله والحمد لله فعرفت أن ذلك هو ما يسمى بالظهار وعلمت أن كفارته صيام ستين يوماً أو إطعام ستين مسكيناً، فامتنعت عن زوجتي حتى أطعمت ستين مسكيناً ثم أتيتها، فما حكم الحلف الكثير بالطلاق مع اعتبار أنني كنت جاهلاً بكثير من أحكام الشرع، وما الحكم إن كانت فعلت شيئاً مما حلفت عليه وهل أديت الكفارة المطلوبة بإطعام ستين مسكيناً أم لا؟
الجواب: الجواب على هذا السؤال يتضمن أولاً: أنني أنصح هذا السائل وغيره من المسلمين بأن لا يكثروا من الحلف بالطلاق بل بأن لا يحلفوا بالطلاق؛ وذلك لأن الحلف بالطلاق عند أكثر أهل العلم يعتبر شرطاً متى حلف فيه طلقت زوجته، وإن كان بعض أهل العلم يقول في ذلك بالتفصيل، وأنه إن قصد إيقاع الطلاق فهو شرط يقع به الطلاق، وإن قصد المنع أو الحث أو التصديق أو التكذيب فإنه حلف لا يقع به الطلاق، ويكون له حكم الحلف إذا حنث فيه يكفر كفارة يمين، وكفارة اليمين كما قال الله تعالى: إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ [المائدة:89].
والذي يظهر من حال هذا الشخص أنه أراد اليمين، وعلى هذا فإنه يجب عليه أن يكفر كفارة يمين عن الطلاق الذي خالفت زوجته فيه ما حلف عليها به، ثم إن كان المحلوف عليه شيئاً واحداً أجزأته كفارة يمين واحدة، وإن كان أشياء وجب عليه لكل واحد كفارة.
ثانياً: تضمن هذا السؤال الظهار الذي قاله، والواجب على المظاهر أن يعتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً، لقوله تعالى: وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا [المجادلة:3-4]، فإذا كان هذا الرجل الذي أطعم ستين مسكيناً لا يستطيع أن يصوم شهرين متتابعين فإنه قد أبرأ ذمته بهذه الكفارة، وإن كان يستطيع فإنه يجب عليه أن يصوم شهرين متتابعين من الآن.
مداخلة: يقول: ما حكم المدة التي قضيتها أعاشر زوجتي بعد ذلك الظهار إلى أن علمت بالحكم وهي مدة سنتين؟
الشيخ: الحكم في هذه المدة التي كنت تعاشر زوجتك قبل أن تكفر إذا كنت جاهلاً فإنه لا شيء عليك؛ لقوله تعالى: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286] قال الله تعالى: قد فعلت، وإن لم تكن جاهلاً فإنك آثم وعليك أن تتوب إلى الله عز وجل وتكثر الاستغفار.
استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
فتاوى نور على الدرب [707] | 3913 استماع |
فتاوى نور على الدرب [182] | 3693 استماع |
فتاوى نور على الدرب [460] | 3647 استماع |
فتاوى نور على الدرب [380] | 3501 استماع |
فتاوى نور على الدرب [221] | 3496 استماع |
فتاوى نور على الدرب [411] | 3478 استماع |
فتاوى نور على الدرب [21] | 3440 استماع |
فتاوى نور على الدرب [82] | 3438 استماع |
فتاوى نور على الدرب [348] | 3419 استماع |
فتاوى نور على الدرب [708] | 3341 استماع |