خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/943"> د. عمر عبد الكافي . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/943?sub=34776"> سلسلة الدار الآخرة
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
سلسلة الدار الآخرة وصف الجنة أسماء الجنة
الحلقة مفرغة
نحمد الله رب العالمين حمد عباده الشاكرين الذاكرين، حمداً يوافي نعم الله علينا ويكافئ مزيده، وصلاةً وسلاماً على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد، اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه صلاةً وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم الدين.
أما بعد:
فهذه بمشيئة الله عز وجل هي الحلقة السادسة والعشرون في سلسلة حديثنا عن الدار الآخرة أو عن الموت وما بعده، وهي الحلقة الخامسة في الجنة، اللهم اجعل مآلنا الجنة يا رب العالمين!
اجعل اللهم جمعنا هذا جمعاً مرحوماً، وتفرقنا من بعده تفرقاً معصوماً، ولا تجعل يا ربنا! بفضلك ومنِّك وجودك وكرمك بيننا شقياً ولا محروماً.
ولا تدع لنا في هذه الليلة العظيمة ذنباً إلا غفرته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا ضالاً إلا هديته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا همّاً إلا فرّجته، ولا غماً إلا أذهبته، ولا صدراً ضيّقاً إلا شرحته، ولا صدراً ضيّقاً إلا شرحته، ولا صدراً ضيّقاً إلا شرحته، ولا طالباً إلا نجّحته، ولا شيطاناً إلا طردته، ولا مظلوماً إلا نصرته، ولا ظالماً إلا قصمته، ولا مسافراً إلا رددته لأهله غانماً.
اللهم إنا نعوذ بك من دعاء لا يسمع، ومن عين لا تدمع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تقنع، ومن بطن لا تشبع، نسألك من الخير كله ما علمنا منه وما لم نعلم، ونعوذ بك من الشر كله ما علمنا منه وما لم نعلم، أصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وآخرتنا التي إليها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون، وارفع مقتك وغضبك عنا، ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، ولا تسلّط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا، يا أرحم الراحمين ارحمنا، يا أرحم الراحمين ارحمنا، يا أرحم الراحمين ارحمنا، وارزقنا قبل الموت توبة وهداية، ولحظة الموت روحاً وراحة، وبعد الموت إكراماً ومغفرة ونعيماً.
اللهم إن أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك معافين، غير فاتنين ولا مفتونين، وغير خزايا ولا ندامى ولا مبدّلين، اللهم فك كرب المكروبين، واقض دين المدينين، وتب على كل عاصٍ، واهد كل ضال، واشف كل مريض، وارحم كل ميت، واقض حوائجنا وحوائج المحتاجين.
اللهم متعنا بالنظر إلى وجهك الكريم في مقعد صدق عند مليك مقتدر، اللهم اسقنا من حوض الكوثر شربة لا نظمأ بعدها أبداً، اللهم شفّع فينا نبينا، اللهم شفّع فينا نبينا، اللهم شفّع فينا نبينا، اللهم فرح بنا قلب نبينا، اللهم فرح بنا قلب نبينا، اللهم اجعلنا من جيرانك في جنة الرضوان يا رب العالمين! واغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين.
اجعل هذه الجلسات في ميزان حسناتنا يوم القيامة، واجعل هذا العلم حجة لنا لا حجة علينا يوم القيامة، وثبت به على الصراط أقدامنا يوم تزل الأقدام، وأعطنا كتابنا بأيماننا ولا تعطه إيانا بشمائلنا أو من وراء ظهورنا، أظلنا بظل عرشك يوم لا ظل إلا ظلك، واغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين، وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
تحدثنا في أربع حلقات سابقة عن الجنة، واليوم موعدنا مع الحلقة الخامسة في الجنة وهي تخص أسماء الجنة، وسوف نقوم في هذه الحلقة بمشيئة الرحمن بالزيارة لطائفة من أهل الجنة لنتعرف على صفاتهم وأخلاقهم وما الذي جعلهم يسكنون في هذا المكان، اللهم اجعلنا من سكانها يا رب العالمين!
إن حلقات الدار الآخرة التي لا أتمنى أبداً أن تنتهي هي عبارة عن حلقات تشحذ عزيمة المسلم نحو ربه، وتقوم بتقريب الإنسان إلى مولاه، وتعمل على أن يحب الإنسان آخرته وأن يحب الموت ولا يفزع من حضوره؛ لأن الموت هو الذي يدخله على الله عز وجل، وعرفنا كيف أن الكليم موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام عندما جاءه ملك الموت قال: يا ملك الموت! دعني أكلم ربي، فقال: يا رب! هل رأيت حبيباً يسيء إلى حبيبه؟ فإذا بالله عز وجل يكلم كليمه قائلاً: وأنت يا موسى! هل رأيت حبيباً يكره لقاء حبيبه؟ فكل إنسان محب لله عز وجل يتمنى لقاء الله سبحانه، والمؤمن لا راحة له إلا بلقاء الله.
ولأن الله بنا رحيم جعل لنا مواسم نلتقي به فيها، فجعل من العام الحج ورمضان والعمرة، وجعل من الأسبوع الجمعة، وجعل من اليوم الصلوات الخمس.
قال الحسن البصري رحمه الله: هنيئاً لك أيها المسلم! إن أردت أن تكلم الله فأحرم بالصلاة، وإن أردت أن يكلمك الله فاقرأ القرآن، فالذي يريد أن يكلمه الله يقرأ في كتابه لأن كلام الله في كتاب الله، والذي يريد أن يكلم ربه يقف ليصلي بين يدي الله، ولو علم المصلي من يناجي ما انفتل من صلاته، وما قام عبد يصلي لله ركعتين إلا وتناثر البر من السماء إلى عنان رأسه، وناجاه وناداه مناد من قبل العلي الأعلى: يا ابن آدم! لو تعلم من تناجي ما انفتلت من صلاتك، لذلك كانت قرة عين الحبيب صلى الله عليه وسلم في الصلاة، فالمسلم لا راحة له إلا أن يلقى الله، والمؤمن لا راحة له إلا في بيت الله أو في مكان يذكره بالله سبحانه، اللهم ذكّرنا بك دائماً يا رب العالمين! واجعلنا من الذاكرين والذاكرات، ولا تجعلنا من الغافلين أو الغافلات يا أكرم الأكرمين!
نسأل ربنا سبحانه وتعالى أن يجعلنا وإياكم من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، ليس العلم كثرة الرواية وإنما العلم الخشية، فالعلم الذي يوصلك إلى الخشية لله سبحانه والانزواء إلى طريق الله، والانضمام إلى وفد الرحمن، والانضمام إلى عباد الله الأتقياء؛ هو العلم الذي يقربك من الله، أما العلم الذي يبعدك عن الله عز وجل فإنه يكون حجة عليك لا حجة لك، فهذه هي الخطورة؛ لأن الله عز وجل وصف اليهود وصفاً سيئاً فقال: كالحمار يحمل أسفاراً، فمنهم حامل لكتاب الله التوراة، ولكنه كالحمار الذي يحمل على ظهره كتباً لا يستفيد منها ولا تعود عليه بخير قال الشاعر:
كالعير في البيداء يقتلها الظما والماء فوق ظهورها محمول
فالإبل تحمل قرب الماء على ظهرها ولا تستطيع أن تشرب منها إلا بإذن صاحبها عندما يفتح لها فم القربة، فاللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه يا رب العالمين!
غبطة المؤمن للصالحين وحسد المنافق للصالحين
قلنا: إن المؤمن يغبط، والمنافق يحسد، ومعنى يغبط: يفرح بالنعمة التي عندك، ويدعو الله لك بالزيادة والتثبيت، أما المنافق والعياذ بالله فإنه يتمنى زوال النعمة من يدك حتى وإن لم تؤل إليه، بمعنى: أنه يتمنى أن تؤخذ النعمة منك.
ويقال: إن ملكاً من الملوك جاء باثنين من الحاشية وهو يعلم خبرهما - من معاملته لحاشيته يعرف أخلاقهم جميعاً - أحدهم حسود يحسد كل الناس، والثاني بخيل، وهذه من أسوء الصفات التي لا علاج لها نسأل الله السلامة؛ فقال لهما: ليتمن علي أحدكما أمنية، فمن بدأ أعطيت الثاني ضعف ما طلب الأول، طبعاً الحسود يخاف أن يطلب هو الأول فيأتي البخيل ويأخذ مثله مرتين وهو بطبيعته لا يريد أن يأخذ البخيل شيئاً، والبخيل بطبيعته والعياذ بالله رب العالمين لا يريد أن يأخذ غيره شيئاً؛ فقال: البخيل للحسود: قم أنت، وقال الحسود للبخيل: لا، اطلب أنت، حتى علا صوتهما فتشاجرا، فقال الملك غاضباً: إن لم يطلب أحدكما قطعت رقبة كل واحد منكما، ابدأ يا حسود!
فقال الحسود: أتمنى أيها الملك! وأطلب أن تقلع لي إحدى عيني.
لذلك فإنه لا يجتمع في قلب العبد إيمان وحسد.
ذكر أن سهل بن حنيف رضي الله عنه وكان رجلاً أبيض الجلد فأراد أن يغتسل، فرأى عامر بن ربيعة رضي الله عنه جسمه فقال: لم أر كاليوم ولا جلد مخبأة، فوقع سهل بن حنيف رضي الله عنه مكانه، فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبر أن سهلاً أصيب بعين، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره سهل عما كان من شأن عامر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (علام يقتل أحدكم أخاه؟ ألا بركت؟ إن العين حق، توضأ له) فتوضأ له عامر فراح سهل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس به بأس، فالعائن يجعلونه يتوضأ بنية الشفاء لأخيه المسلم الذي عانه، وفي أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم كان الناس مطيعين، فما كان من هذا العائن إلا أن توضأ لأخيه فقام من ساعته وذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فالحسد موجود؛ وكانت هناك قبائل من العرب قبل الإسلام وبعده كان فيها الحاسدون، فقد كان يمر القطيع من الإبل أو القطيع من الغنم فيقول الرجل لجاريته: خذي هذا الإناء وائتيني بلحم هذا البعير! فما أن يصل البعير إلى بيت صاحبه حتى يكون لحمه في القدر.
قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (إن العين لتدخل الرجل القبر والجمل القدر) .
والحاسد نوعان: حاسد يحسد وهو يعلم، وحاسد يحسد وهو لا يعلم.
فإذا رأت عينك شيئاً يسرك وأنت قاصد؛ فكبّر وبرّك، بأن تقول: الله أكبر بارك الله لك في هذا، فإذا رأيت سيارة جميلة فقل: بارك الله فيها، أو رأيت بيتاً جميلاً فقل: بارك الله لك فيه، أو رأيت بدلة جميلة على أخيك المسلم أو غيرها فقل: بارك الله لك فيها.
كان رجل من بني تميم عائناً، فقالوا له: إن هذه البقرة تحلب لبناً كثيراً! فقال: أروني هذه البقرة، فأروه بقرة أخرى تفنيداً له، فسقطت البقرتان في وقت واحد.
إذاً: المسلم إذا أعجبه شيء، يقول: الله أكبر! بارك الله لك فيه، أو يقول: ما شاء الله لا قوة إلا بالله، والمشكلة تكمن في العائن الذي يعين وهو لا يعلم؛ فأنت عندما تثق أن هناك عائناً يدخل بيتك ينقلب البيت رأساً على عقب، فإن رأيت مثل هذا فاقرأ سورتي الفلق والناس، ولذلك قال بعض الفقهاء: إن ولي الأمر إذا علم أن أحداً يحسد الناس يحبسه في بيته وإن كان فقيراً، ويصرف له عطاءً من بيت المال، لكي لا ينتشر فساده في المجتمع.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليؤتين برجال يوم القيامة ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء) يعني: الأنبياء والشهداء يفرحون لهم ويغبطونهم لمنزلتهم العظيمة عند الله عز وجل، قال: (يكونون على منابر من نور) قال الصحابة: ومن هم يا رسول الله؟! قال: (هم الذين يحببون الله إلى الناس ويحببون الناس إلى الله) فالصحابة سألوا عن شق وتركوا الشق الثاني؛ لأنه فطري طبيعي، قالوا: فكيف يحببون الناس إلى الله يا رسول الله؟! أي: فكيف يجعلون الناس يحبون الله؟ قال: (يأمرونهم بالمعروف وينهونهم عن المنكر، فإذا أطاعوهم أحبهم الله سبحانه وتعالى) فأهل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يحبهم الله سبحانه، قال تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران:110] .
اللهم اجعلنا منهم يا رب العالمين!
ولذلك قال الله عز وجل فيهم: لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ [النساء:57] لماذا؟ لأنه كان طاهراً في كلامه وثيابه ويده، فيده لا تختلس ولا ترتشي ولا تضرب إنساناً أو تؤذيه، وإنما جوارحه كلها في خدمة الله عز وجل.
يحكى أن سيدنا يحيى بن زكريا عليهما السلام قال: يا رب! إذا رأيتني أغادر مجالس الذاكرين إلى مجالس الغافلين فاكسر لي رجلي فإنها نعمة تنعم بها علي. يقول ذلك لأنه لا يريد أن ينخرط مع أهل السوء ولا يريد أن يدخل مع أهل المعاصي؛ اللهم اجمعنا مع أهل طاعتك يا رب العالمين!
روى الإمام مسلم عن أنس رضي الله عنه عن الصادق المعصوم صلى الله عليه وسلم قال: (ليؤتين برجال يوم القيامة ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء).
قلنا: إن المؤمن يغبط، والمنافق يحسد، ومعنى يغبط: يفرح بالنعمة التي عندك، ويدعو الله لك بالزيادة والتثبيت، أما المنافق والعياذ بالله فإنه يتمنى زوال النعمة من يدك حتى وإن لم تؤل إليه، بمعنى: أنه يتمنى أن تؤخذ النعمة منك.
ويقال: إن ملكاً من الملوك جاء باثنين من الحاشية وهو يعلم خبرهما - من معاملته لحاشيته يعرف أخلاقهم جميعاً - أحدهم حسود يحسد كل الناس، والثاني بخيل، وهذه من أسوء الصفات التي لا علاج لها نسأل الله السلامة؛ فقال لهما: ليتمن علي أحدكما أمنية، فمن بدأ أعطيت الثاني ضعف ما طلب الأول، طبعاً الحسود يخاف أن يطلب هو الأول فيأتي البخيل ويأخذ مثله مرتين وهو بطبيعته لا يريد أن يأخذ البخيل شيئاً، والبخيل بطبيعته والعياذ بالله رب العالمين لا يريد أن يأخذ غيره شيئاً؛ فقال: البخيل للحسود: قم أنت، وقال الحسود للبخيل: لا، اطلب أنت، حتى علا صوتهما فتشاجرا، فقال الملك غاضباً: إن لم يطلب أحدكما قطعت رقبة كل واحد منكما، ابدأ يا حسود!
فقال الحسود: أتمنى أيها الملك! وأطلب أن تقلع لي إحدى عيني.
لذلك فإنه لا يجتمع في قلب العبد إيمان وحسد.
ذكر أن سهل بن حنيف رضي الله عنه وكان رجلاً أبيض الجلد فأراد أن يغتسل، فرأى عامر بن ربيعة رضي الله عنه جسمه فقال: لم أر كاليوم ولا جلد مخبأة، فوقع سهل بن حنيف رضي الله عنه مكانه، فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبر أن سهلاً أصيب بعين، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره سهل عما كان من شأن عامر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (علام يقتل أحدكم أخاه؟ ألا بركت؟ إن العين حق، توضأ له) فتوضأ له عامر فراح سهل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس به بأس، فالعائن يجعلونه يتوضأ بنية الشفاء لأخيه المسلم الذي عانه، وفي أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم كان الناس مطيعين، فما كان من هذا العائن إلا أن توضأ لأخيه فقام من ساعته وذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فالحسد موجود؛ وكانت هناك قبائل من العرب قبل الإسلام وبعده كان فيها الحاسدون، فقد كان يمر القطيع من الإبل أو القطيع من الغنم فيقول الرجل لجاريته: خذي هذا الإناء وائتيني بلحم هذا البعير! فما أن يصل البعير إلى بيت صاحبه حتى يكون لحمه في القدر.
قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه الإمام البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (إن العين لتدخل الرجل القبر والجمل القدر) .
والحاسد نوعان: حاسد يحسد وهو يعلم، وحاسد يحسد وهو لا يعلم.
فإذا رأت عينك شيئاً يسرك وأنت قاصد؛ فكبّر وبرّك، بأن تقول: الله أكبر بارك الله لك في هذا، فإذا رأيت سيارة جميلة فقل: بارك الله فيها، أو رأيت بيتاً جميلاً فقل: بارك الله لك فيه، أو رأيت بدلة جميلة على أخيك المسلم أو غيرها فقل: بارك الله لك فيها.
كان رجل من بني تميم عائناً، فقالوا له: إن هذه البقرة تحلب لبناً كثيراً! فقال: أروني هذه البقرة، فأروه بقرة أخرى تفنيداً له، فسقطت البقرتان في وقت واحد.
إذاً: المسلم إذا أعجبه شيء، يقول: الله أكبر! بارك الله لك فيه، أو يقول: ما شاء الله لا قوة إلا بالله، والمشكلة تكمن في العائن الذي يعين وهو لا يعلم؛ فأنت عندما تثق أن هناك عائناً يدخل بيتك ينقلب البيت رأساً على عقب، فإن رأيت مثل هذا فاقرأ سورتي الفلق والناس، ولذلك قال بعض الفقهاء: إن ولي الأمر إذا علم أن أحداً يحسد الناس يحبسه في بيته وإن كان فقيراً، ويصرف له عطاءً من بيت المال، لكي لا ينتشر فساده في المجتمع.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليؤتين برجال يوم القيامة ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء) يعني: الأنبياء والشهداء يفرحون لهم ويغبطونهم لمنزلتهم العظيمة عند الله عز وجل، قال: (يكونون على منابر من نور) قال الصحابة: ومن هم يا رسول الله؟! قال: (هم الذين يحببون الله إلى الناس ويحببون الناس إلى الله) فالصحابة سألوا عن شق وتركوا الشق الثاني؛ لأنه فطري طبيعي، قالوا: فكيف يحببون الناس إلى الله يا رسول الله؟! أي: فكيف يجعلون الناس يحبون الله؟ قال: (يأمرونهم بالمعروف وينهونهم عن المنكر، فإذا أطاعوهم أحبهم الله سبحانه وتعالى) فأهل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يحبهم الله سبحانه، قال تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران:110] .
اللهم اجعلنا منهم يا رب العالمين!
ولذلك قال الله عز وجل فيهم: لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ [النساء:57] لماذا؟ لأنه كان طاهراً في كلامه وثيابه ويده، فيده لا تختلس ولا ترتشي ولا تضرب إنساناً أو تؤذيه، وإنما جوارحه كلها في خدمة الله عز وجل.
يحكى أن سيدنا يحيى بن زكريا عليهما السلام قال: يا رب! إذا رأيتني أغادر مجالس الذاكرين إلى مجالس الغافلين فاكسر لي رجلي فإنها نعمة تنعم بها علي. يقول ذلك لأنه لا يريد أن ينخرط مع أهل السوء ولا يريد أن يدخل مع أهل المعاصي؛ اللهم اجمعنا مع أهل طاعتك يا رب العالمين!