عنوان الفتوى : حكم تأخير الجنب للصلاة حتى يخرج وقتها بسبب البرد
ما حكم من قام لصلاة الفجر، فوجد أنه على جنابة من الاحتلام، وبسبب الظروف السكنية والطقس البارد يؤخر الغسل من الجنابة إلى وقت صلاة الظهر، فيغتسل، ويصلي الصبح، ثم يصلي الظهر؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز تأخير صلاة الفجر حتى يخرج وقتها، قال تعالى: إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا {النساء:103}، وقال تعالى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون:4-5}،
ومن فعل ذلك متعمدا متساهلا فهو آثم مرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب، وعليه الاستغفار والتوبة.
والواجب على من أصبح جنبا أن يغتسل من الجنابة، ثم يصلي الفجر، قال تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا.. {المائدة:6}، وإن لم يستطع الاغتسال لعجزه عن استعمال الماء بعذر معتبر شرعا؛ كأن لا يتوفر عنده ما يسخن به الماء في برد شديد مضر، فإنه ينتقل إلى التيمم قال تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ .. {المائدة:6}.
وشرط جواز الانتقال إلى التيمم هو عدم وجود الماء، أو عدم القدرة على استعماله. قال تعالى: فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ..{التغابن:16}.
فيصلي الفجر بالتيمم حينئذ، ولا يؤخر الفجر عن وقتها، فإذا زال عذره، وقدر على الغسل اغتسل، ولا يعيد صلاة الفجر.
جاء في الحديث عن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- أنه لما بعثه الرسول -صلى الله عليه وسلم- في غزوة ذات السلاسل قال: احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد فأشفقت إن اغتسلت أن أَهْلِكَ، فتيممت ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح، فلما قدمنا على الرسول -صلى الله عليه وسلم- ذكرت ذلك له، فقال: يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب؟ قلت: نعم يا رسول الله، إني احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، وذكرت قول الله (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما) فتيممت، ثم صليت، فضحك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم يقل شيئا. رواه أحمد وأبو داود، وقواه ابن حجر .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: الذي يكون نائما في بستان، أو قرية، والماء بارد يضره، والحمام بعيد منه إن خرج إليه ذهب الوقت، فإنه يتيمم، ويصلي في الوقت، ولا يؤخر الصلاة بعد خروج الوقت. وكذلك لو كان في المصر، وقد تعذر عليه دخول الحمام: إما لكونه لم يفتح، أو لبعدها عنه، أو لكونه ليس معه ما يعطي الحمامي أجرته، ونحو ذلك؛ فإنه يصلي بالتيمم؛ لأن الصلاة بالتيمم فرض إذا عجز عن الماء لعدم، أو لخوف الضرر باستعماله، ولا إعادة على أحد من هؤلاء؛ ففي كثير من الضرر لا إعادة عليه باتفاق المسلمين: كالمريض والمسافر. وبعض الضرر تنازع فيه العلماء. والصحيح أنه لا إعادة على أحد صلى بحسب استطاعته كما أمر. انتهى
والله أعلم.