فتاوى نور على الدرب [181]


الحلقة مفرغة

السؤال: ذهبت إلى شخصٍ يبيع الدجاج بعد ذبحه حاضراً, ولكنني أثناء ذبحه للدجاج لم أسمعه يذكر اسم الله, فسألته عن ذلك؟ فأجاب أنه يسمي على أول واحدةٍ يذبحها في اليوم, عنها وعن الجميع؛ لأنه لكثرة ما يذبح يقول: إنه يجد صعوبةً في ذكر اسم الله على كل واحدة, وقد ينسى ذلك، والسؤال هو: هل يجوز أن يبيعها دون تسميةٍ لكثرة المشترين, أو يجوز أن يسمي مرةً واحدة في أول اليوم على دجاجة ثم يذبح البقية بدون تسمية, وما حكم أكلها كذلك؟

الجواب: الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد:

فإن هذا ذابح جهل في كونه لا يسمي إلا على أول واحدة, وذلك أن ذبح كل واحدة يجب أن يسمي عليها الله سبحانه وتعالى؛ لأن ذبح كل واحدةٍ فعلٌ مستقلٌ عن الأخرى, فلا بد من أن يسمي على كل واحدة على حدتها, فإن لم يفعل فإن ما لم يسمِ عليه لا يحل أكله؛ لقوله تعالى: وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ [الأنعام:121] , ومن العجب أن هذا الذابح يقول: إنه يشق عليه أن يسمي عند ذبح كل واحدة, مع أن النطق أسهل من الفعل, فإذا كان لا يشق عليه أن يذبح كل واحدةٍ وحدها فكيف يشق عليه أن يسمي على كل واحدة, وعلى هذا فالواجب أن يسمي الله سبحانه وتعالى على كل واحدة, ولا يحل أكل ما لم يسمَ الله عليه؛ لما تلوناه من الآية الكريمة, ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( ما أنهر الدم فذكر اسم الله عليه فكلوا إلا السن والظفر فإن السن عظم، وإن الظفر مدي الحبشة).

مداخلة: لو ترك التسمية سهواً؟

الشيخ: لو تركها سهواً ففي حلها خلافٌ بين أهل العلم, واختار شيخ الإسلام ابن تيمية أنها لا تحل؛ لأن التسمية شرط, والشرط لا يسقط بالنسيان, وهذا الذي ذكره هو الراجح عندي, أن ما ترك التسمية عليه فالذابح معذور بهذا ولا يأثم بذلك, لكن بالنسبة للآكل لا يأكله؛ لأن هذه الذبيحة لم يذكر اسم الله عليها, وقال بعض أهل العلم: إنه يحل ذبح ما ترك التسمية عليه سهواً, ولا يحل أكل ما صيد من الطيور وتركت التسمية عليه سهواً, وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله, فيفرقون بين الصيد وبين الذبيحة, وقال بعض أهل العلم: إنه إذا ترك التسمية سهواً في الذبيحة وفي الصيد فإنها تؤكل, ولكن أرجح الأقوال عندي ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله, فالإنسان إذا حرم من أكل هذه الذبيحة التي لم يسم الله عليها فإنه لن ينسى بعد ذلك, وسوف يكون على ذكرٍ دائماً, فإذا قيل له: هذا حلال, ولا بأس بأنك معذور تهاون فيما بعد في ترك التسمية.

مداخلة: بالمناسبة الصيد بوسيلة من الوسائل الغير مباشرة, كالكلاب مثلاً, أو الصقور ونحوها, كيف تكون التسمية عليها؟

الشيخ: تكون التسمية عليها عند إرسال الكلب أو الصقر, إذا أرسلته قل: باسم الله, ومتى صادها هذا فإنها تحل.

السؤال: يوجد في القرية المجاورة لقريتنا مسجد تؤدى فيه صلاة الجمعة, غير أن سكان قريتنا اختلفوا فيما بينهم فمنهم من يؤدي صلاة الجمعة في ذلك المسجد, ومنهم من يؤديها في منزله, أما أنا فكنت في أثناء إجازتي أؤدي صلاة الجمعة في ذلك المسجد, فلما سألتهم عن سبب امتناعهم عن أداء الصلاة فيه, قالوا: إن الإمام لا يجيد القراءة, فهو يقرأ بسرعة وأحياناً يرفع بعض الآيات المكسورة, وينصبها تارة أخرى, علماً أنه يوجد من هو أعلم منه بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم, وهذا الأخير يعمل في تدريس القرآن وتحفيظه لأبناء القرية, وحسب اعتقادي أن سكان تلك القرية لم يجعلوا هذا الرجل إماماً لهم؛ لأنه غريب أي ليس من عائلتهم, علماً بأنه مقيمٌ بهذه القرية ومتزوجٌ منها, فهل تصح الصلاة خلف الإمام الأول؟

الجواب: إذا كان الإمام الأول لا يلحن لحناً يحيل المعنى فإن الصلاة خلفه تصح, أما إذا كان يلحن لحناً يحيل المعنى فإنه لا يصلى خلفه, ولكن يجب عليكم أنتم أن تتصلوا بالمسئولين بالنسبة لهذا الإمام الذي لا يحسن القراءة؛ لأجل أن يعلموه حتى يحسن القراءة, أو يبدلوه بمن يحسن القراءة ويكون خيراً منه في إقامة إمامة الجمعة؛ لأن هذا مسئولية الجميع, ولا يمكن للناس أن يقال لهم: صلوا خلف هذا الذي لا يحسن القراءة, أو صلوا في بيوتكم, فإن هذا خلافٌ المشروع, المهم أنه إذا كان اللحن لا يحيل المعنى فإن الصلاة خلفه صحيحة, لكن ينبغي أن يعلم أو يبدل, أما إذا كان يحيل المعنى ولا يمكنه تعديله فإن الصلاة خلفه لا تصح, ولا يجوز أن يبقى إماماً في هذا الحال.

السؤال: بالنسبة للشخص الذي يجيد القرآن هل يمنع من الإمامة, بسبب أنه غريبٌ عن تلك القرية أو أجنبيٌ عنها؟

الجواب: من الناحية الشرعية لا يمنع، قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله), لكن مثل هذه العادات التي عندهم يجب أن يعلموا أولاً بأن هذا خلاف الشرع, فإنهم يتمسكون بعاداتٍ بحيث يخالفون فيها ما أمر به النبي عليه الصلاة والسلام, يخبرون بأن هذا لا يجوز, وأن الواجب الرجوع إلى ما جاءت به السنة في مثل هذه الأمور.

السؤال: ما حكم قراءة الفاتحة مع رفع اليدين عند تعزية أحد أقارب الميت, وإذا كان ذلك لا يجوز، فماذا يقال عند التعزية؟

الجواب: قراءة الفاتحة عند التعزية مع رفع اليدين بدعة, ولم يكن النبي عليه الصلاة والسلام يعزي أصحابه بذلك, وإنما التعزية معناها: التقوية, أي: تقوية المصاب على تحمل المصيبة, فبأي لفظٍ عزيت به صاحبك حصل المقصود, وقد عزى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض بناته, حيث قال للرسول الذي أرسلته إليه: ( مرها فلتصبر ولتحتسب، فإن لله ما أخذ وله ما أبقى وكل شيء عنده بأجلٍ مسمى), فمثل هذه الكلمات من أحسن ما يكون للتعزية, أن يؤمر الإنسان المصاب بالصبر واحتساب الأجر على الله عز وجل, وأن يبين له أن الكل ملكٌ لله سبحانه وتعالى, له ما أخذ وله ما أبقى وأن كل شيء عنده بأجلٍ مسمى معين لا يتقدم ولا يتأخر, فالحزن والتسخط ونحو ذلك من الأشياء التي تنافي الشرع هي لا ترد قضاءً, ولا تزيل مصيبةً, فالواجب على الإنسان أن يصبر ويحتسب, وأحسن ما يعزى به الإنسان ما عزى به النبي عليه الصلاة والسلام ابنته من هذه الكلمات.

السؤال: ما حكم تعليق الأحجبة على أعضاء الجسد, وخاصةُ تلك الحجب التي بها آيات قرآنية أو أحاديث؟

الجواب: هذه المسألة أعني تعليق الحجب أو التمائم تنقسم إلى قسمين:

أحدهما: أن يكون المعلق من القرآن.

والثاني: أن يكون من غير القرآن مما لا يعرف معناه.

أما الأول: وهو تعليقها من القرآن فقد اختلف في ذلك أهل العلم سلفاً وخلفاً, فمنهم من أجاز ذلك ورأى أنه داخلٌ في قوله تعالى: كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ [ص:29], وأن من بركته أن يعلق ليدفع به السوء, ومنهم من فعل هذا وقال إن تعليقها لم يثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه سببٌ شرعيٌ يدفع به السوء, أو يرفع به, والأصل في مثل هذه الأشياء التوقيف, وهذا القول هو الراجح, وأنه لا يجوز تعليق التمائم ولو من القرآن, ولا يجوز أن تجعل تحت وسادة المريض, أو تعلق في الجدار أو ما أشبه ذلك, وإنما يُرقى المريض ويقرأ عليه مباشرةً, كما كان النبي عليه الصلاة والسلام يفعل.

وأما إذا كان المعلق من غير القرآن -وهو القسم الثاني- مما لا يعرف معناه فإنه لا يجوز بكل حال؛ لأنه لا يدرى ماذا يكتب, فإن بعض الناس يكتبون طلاسم وأشياء معقدة, حروف متداخلة ما تكاد تعرفها ولا تقرؤها, فهذا من البدع, وهو محرم لا يجوز بكل حال.

السؤال: إذا فات على المرأة المسلمة المتزوجة صيام رمضان بسبب إرضاع طفلها فماذا عليها إذا لم تستطع قضاء ذلك الشهر, هل تفدي عنه؟ وهل زوجها هو المكلف بالفدية عنها إذا كانت لا تملك ما تفدي به؟

الجواب: نعم المرأة إذا كانت تخاف على ولدها من الصيام, بحيث ينقص اللبن حتى يتضرر الطفل, فإن لها أن تفطر ولكنها تقضي فيما بعد؛ لأنها تشبه المريض الذي قال الله فيه: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:184], فمتى زال المحظور إما في وقت الشتاء لقصر النهار وبرودة الجو, فإنها تصوم في ذلك الوقت, أو إذا لم يمكن ولو في الشتاء ففي العام القادم تقضيه, وأما الإطعام فلا يجوز إلا في حال كون المانع أو العذر مستمراً لا يرجى زواله, فهذا هو الذي يكون فيه الإنسان مطعماً.

السؤال: إنه في هذا العام فات عليها أو صامت ثمانية عشر يوماً من أيام شهر رمضان ثم أفطرت البقية بسبب مرضها الشديد, لضعفها وعدم قدرتها على الصيام, فماذا عليها إذا لم تستطع قضاء الأيام المتبقية من رمضان والتي أفطرتها مرغمةً بسبب المرض؟

الجواب: هي إن شاء الله تعالى نأمل ونرجو الله لها الشفاء والعافية, وإذا جاء الشتاء وقصر النهار وبرد الجو فإنها سوف تقدر إذا عافاها الله, فإن استمر بها المرض وأيس من شفائها, فإنها تنتقل إلى الإطعام.

مداخلة: أي تطعم عن كل يومٍ مسكيناً؟

الشيخ: نعم.

السؤال: رجلٌ متزوج وله طفلان وليس له أملاكٌ لا دار ولا عقار, يسكن في غرفةٍ تعود ملكيتها لوالده, وله مرتبٌ شهريٌ من الدولة جزاء وظيفته, وهذا الأجر الشهري لا يزيد عن سد حاجته أو حاجاته الضرورية جداً, فهل عليه زكاة وما مقدارها بالنسبة المئوية للراتب؟

الجواب: الراتب لا زكاة فيه, وغير الراتب لا زكاة فيه أيضاً, حتى يتم عليه الحول فإذا أفناه الإنسان وأنفقه قبل تمام الحول فلا زكاة عليه فيه, إلا أن ربح التجارة لا يشترط له حول, فلو يشتري الإنسان سلعةً للتجارة بعشرة آلاف, ثم ارتفعت قيمتها عند تمام الحول إلى خمسة عشر ألفاً فإنه يزكي خمسة عشر ألفاً, وإن كانت الخمسة ما حصلت إلا في نهاية العام, لأن ربح التجارة يتبع أصله في الحول, وإذا وجبت الزكاة في النقود فإن الواجب فيها ربع العشر, يعني: واحداً من الأربعين.

السؤال: نريد تفسيراً لهذه الآية الكريمة قال تعالى: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ [المائدة:44]؟

الجواب: يبين الله تعالى في هذه الآية أن الإنسان الذي لا يحكم بما أنزل الله فإنه يكون كافراً؛ وذلك لأنه أعرض عن كتاب الله وعما أنزله على رسله, إلى حكم طاغوت مخالفٌ لشريعة الله, ولكن هذا حسب النصوص مقيد بما إذا كان الحاكم بغير ما أنزل الله يعتقد أن الحكم أفضل من حكم الله عز وجل, وأنفع للعباد, وأولى بهم وأن حكم الله غير صالحٌ بأن يحكم به بين العباد, فإذا كان على هذا الوجه صار كافراً كفراً مخرجاً عن الملة, أما إذا حكم بغير ما حكم الله إتباعاً لهواه, أو قصداً للإضرار بالمحكوم عليه, أو محاباةً للمحكوم له ونحو ذلك, فإن كفره يكون كفراً دون كفر, ولا يخرج بذلك من الملة؛ لأنه لم يستبدل بحكم الله غيره زهداً في حكم الله ورغبةً عنه واعتقاداً أن غيره أصلح, وإنما فعل هذا لأمرٍ في نفسه, إما لمحاباة قريب, أو لمضارة عدو أو ما أشبه ذلك, المهم أن هذه المسألة تحتاج إلى تفصيل.

السؤال: ما حكم تارك الصلاة وهو يزعم أنه مسلم وأنه يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله, ولم يجحد فرضيتها, ولكنه تهاون بها, وتكاسل عنها؟ وهل يستوي هو ومن يصوم ويصلي في شهر رمضان فقط, ولا يصلي باقي العام, وكذلك صنفٌ من الناس يصلي فترة وينقطع فترة, وكذلك صنفٌ من الناس يصلي الجمعة فقط, وإن كان تارك الصلاة كافراً فهل يجوز أن نقول له: يا كافر؟

الجواب: نعم تارك الصلاة كافر على القول الراجح كفراً مخرجاً عن الملة, وذلك لقوله تعالى: فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ [التوبة:11] , فبين الله تعالى أن الأخوة في الدين لا تحقق إلا بهذه الشروط الثلاثة, التوبة من الشرك, وأما إقامة الصلاة, وإيتاء الزكاة, أما التوبة من الشرك فمن المعلوم أن المشرك ليس أخاً للمؤمن, وأنه مشركٌ كافر, وأن إقامة الصلاة فإن هذه الآية تدل على أنه إذا لم يقم الصلاة فليس من إخواننا في الدين, فإذا انتفت الأخوة الدينية فإن معنى ذلك: الكفر؛ لأن المؤمن أخو المؤمن مهما كان عليه من الفسق فهو أخوه, وانظر إلى قوله تعالى في الطائفتين المقتتلتين من المؤمنين: وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ [الحجرات:9-10] , مع أن قتال المؤمن من أعظم كبائر الذنوب, ومع ذلك جعلهم الله أخوة للطائفة الثالثة المصلحة, وكذلك في آية القصاص قال الله تعالى فيها والقصاص لا يكون إلا عن قتل عمد قال: فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:178] المهم أن الأخوة الإيمانية لا تنتفي بالفسق, لكنها تنتفي بالكفر, وهذه الآية: فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ [التوبة:5] , تدل على أنه إذا لم يقم الصلاة فليس أخاً في الدين, ومعنى ذلك: أنه كافر.

وأما الأمر الثالث: وهو قوله: آتُوا الزَّكَاةَ [البقرة:43] ، فالآية هنا تدل على أن من لم يؤتِ الزكاة فهو كافر أيضاً, وقد قال به بعض أهل العلم وهي رواية عن الإمام أحمد , لكن الراجح أن تارك الزكاة لا يكفر؛ لأن في حديث أبي هريرة الثابت في الصحيح حين ذكر مانع الزكاة, وذكر عذابه قال: ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار, ومن يمكن أن يرى سبيلاً له إلى الجنة فليس بكافر, وعلى هذا فتكون الآية دالةٌ على أن تارك الصلاة كافر, وثبت في صحيح مسلم من حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة), وفي السنن أيضاً من حديث بريدة : ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر), وكذلك أيضاً أدلةٌ أخرى ليس هذا موضع بحثها, كلها تدل على أن ترك الصلاة كفرٌ مخرجٌ عن الملة, وعلى هذا فإذا مات الإنسان على ترك الصلاة فهو كافر, لا يجوز أن يغسل, ولا يكفن, ولا يصلى عليه, ولا يدفن في مقابر المسلمين, ولا يدعى له بالرحمة؛ لأنه كافر, والعياذ بالله! يحشر يوم القيامة مع فرعون و هامان و قارون و أبي بن خلف .

وأما من كان لا يصلي إلا في رمضان فقد اختلف أهل العلم في حكم كفره؛ لأن هذا لم يتركها تركاً مطلقاً والظاهر والله أعلم أنه ما كان لا يصلي إلا في رمضان, الظاهر أنه يتلاعب في الدين كونه لا يصلي إلا في وقتٍ يهواه, ويدعه, فهو أقرب ما يكون متلاعباً, وكذلك من كان لا يصلي إلا الجمعة, فإنه على خطرٍ عظيم, وقد قال بعض العلماء بكفره كفراً مخرجاً عن الملة, فالواجب على المرء أن يتقي الله في نفسه, وأن يصلي الصلوات الخمس في أوقاتها مع الجماعة إن كان من أهل الجماعة, بدون تخلف, والله المستعان.