خطب ومحاضرات
فتاوى نور على الدرب [48]
الحلقة مفرغة
السؤال: والدتي أفطرت شهرين من رمضان وذلك قبل خمسة عشر عاماً بسبب الولادة، وكانت لا تعلم أن هناك قضاء، وعندما سمعت أخيراً بالقضاء صارت في حيرة من أمرها، ولا تستطيع القضاء؛ لأنها مريضة بسبب الضعف والهزل، وعمرها يقارب ستين عاماً، مع العلم أن لها سبع سنوات تصوم الست من شوال تطوعاً لله، ماذا يجب عليها؟
الجواب: هذه المرأة التي فاتها صيام شهرين من رمضان، يجب عليها القضاء إن استطاعت ولو يوماً بعد يوم في أيام الشتاء، فإذا كانت لا تستطيع هذا، وعدم الاستطاعة مستمر لا يرجى زواله، فإنها تطعم عن كل يوم مسكيناً، وبذلك تبرأ ذمتها.
السؤال: ما حكم الشرع في التسليم على النساء غير المحارم، والتقبيل مثل بنات الخال والعم وأقاربي جميعاً، ويقول: ونحن في مجتمع ماش على غير شرع الله، والدخول على هذه البيوت بقصد الخير والموعظة الحسنة، والأمر بدعوة الأهل والأقارب؛ لتعريفهم ونهيهم عما يضرهم في دينهم، أفتونا وفقكم الله؟
الجواب: النظر للمحارم لا بأس به فيما يظهر غالباً كالوجه واليدين والقدمين وما أشبه ذلك، والسلام عليهن -أي: على المحارم- ومصافحتهن لا بأس به، وأما التقبيل فلا ينبغي إلا للزوجة وكذلك الأم يقبل رأسها وجبهتها وما أشبه ذلك، وأما غير المحارم فالنظر إليهن لا يجوز ومصافحتهن أشد من النظر، ولهذا لا يجوز للرجل أن يصافح المرأة الأجنبية منه كابنة العم، وابنة الخال، وابنة الخالة وما أشبه ذلك؛ لأنه لا يجوز له النظر، والمس أشد من النظر وأعظم فتنة، وأما الدخول على غير المحارم بدون خلوة فلا بأس به، ولكن بشرط أن يكن متحجبات وغير متطيبات وأن تؤمن الفتنة، وإذا اقترنت بذلك مصلحة الدعوة والتبصير بالدين كان ذلك خيراً.
مداخلة: ذكرتم أنه يقبل زوجته، أما الوالدة فإنه يقبل رأسها، ألا يجوز أن يقبلها مع الخد أو مع الفم؟
الشيخ: الفم كرهه بعض أهل العلم حتى من الوالدة ومن ذوات المحرم وشددوا فيه، وبعضهم رخصوا فيه، والخد أهون من الفم، إنما الشيء الذي على سبيل الإكرام وعلى سبيل التعظيم هو الذي يكون في الرأس وفي الجبهة.
السؤال: هل يجوز للإنسان المسلم المتفقه في دينه أن يلقي المواعظ، ولكن يقول الحديث بمعناه وليس بنصه، وهل يكون عليه إثم في ذلك؟
الجواب: هذا الذي يذكره معناه أنه يريد أن يروي الحديث بالمعنى، ورواية الحديث بالمعنى اختلف فيها علماء الحديث هل هي جائزة أو لا؟ فمنهم: من يرى أنها جائزة بشرط أن يكون الإنسان المتحدث عارفاً للمعنى، وأن ما نقله بمعناه لم يتغير شيء منه، وشرط آخر أن يستوعب من الحديث ما يجب استيعابه بحيث لا يحذف منه شيئاً يتعلق بما ذكره، فإذا كان عارفاً بالمعنى واستوعب الحديث على وجه لا خلل فيه فالصحيح أنه جائز، لكن ينبغي أن يختمه بقوله: أو كما قال صلى الله عليه وسلم؛ حتى لا يحفظه أحد بلفظه ظاناً أنه لفظ الحديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام.
السؤال: أنا فتاة صمت رمضان السنة الماضية وجاءتني العادة الشهرية وأخذت ستة أيام مثل كل شهر، ثم انتهت وبعد عدة أيام رجعت مرة ثانية، وأنا لا أعرف السبب، وأخذت يوم انتهت وصمت اليوم الآخر، ثم رجعت مرة أخرى، وهكذا وأنا لا أعرف كم يوماً أفطرت فيه؛ لأنها متقطعة، وفي آخر الشهر رجعت مرة أخرى وأخذت سبعة أيام؛ ولأن التي أعرفها هي الستة أو السبعة أيام، أما الأيام الأخرى المتقطعة لا أعرف كم هي؟ ولهذا السبب ما صمتها، وجاء رمضان الثاني وهي عليَّ، ثم صمت وأفطرت فيه خمسة أيام فقط، أفيدوني جزاكم الله خيراً، وهل علي كفارة، وهل يجوز لي أن أطعم من بيت أبي؟
الجواب: عليك أن تقضي ما علمتِ أنه واجب في ذمتك، فالأيام الخمسة التي عليكِ من رمضان الثاني يجب عليكِ قضاؤها إن كنتِ لم تقضيها، وكذلك الأيام المتقطعة يجب عليكِ قضاؤها، ولكن لا يلزمك إلا ما علمتِ أنك أفطرتِ فيه، فإذا قدر أنك شككت هل أفطرت خمسة أيام أو ستة؟ لم يجب عليك إلا قضاء خمسة أيام فقط؛ لأنها متيقنة وما عداها مشكوك فيه، والأصل براءة الذمة، ولكن إن راعيتي جانب الاحتياط وأخذت بالأكثر فلا حرج، فلو قلت مثلاً: أنا أشك هل هي خمسة أيام أو ستة؟ وأريد أن أقضي ستة أيام احتياطاً، فلا حرج عليكِ في ذلك، إنما الواجب عليك ما تيقنت أنك أفطرتِ فيه، وهو الخمسة أيام في المثال الذي ذكرنا.
السؤال: أولاً: ظروف عملي تتطلب مني السفر دائماً بين مدن المملكة، فهل يجوز لي قصر الصلوات الخمس جميعاً، وهل أصلي شيئاً من السنن؟
الجواب: قصر الصلوات الخمس جميعاً لا يجوز لأحد؛ لأن القصر خاص بالصلاة الرباعية وهي الظهر والعصر والعشاء الآخرة، فأنت ما دمت مسافراً ولو طالت مدة سفرك وتنقلك في البلاد فإنه يجوز لك قصر الصلاة، بل هو المشروع في حقك إما وجوباً أو استحباباً على خلاف بين أهل العلم في ذلك، تقصر الصلاة الرباعية فقط، وتجمع إذا احتجت إلى الجمع بين الظهر والعصر في وقت إحداهما، وبين المغرب والعشاء في وقت إحداهما، وأما السنن المشروعة للمسافر كغيره، يتطوع بما شاء إلا في راتبة الظهر والمغرب والعشاء، فهذه الصلوات الثلاث الأفضل أن لا يصلي الراتبة لها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يصلي من الرواتب سوى راتبة الفجر فقط، والعصر ليس لها راتبة في الأصل، يبقى الظهر والمغرب والعشاء لا يصلي لها المسافر راتبة، وأما بقية التطوعات كصلاة الضحى وصلاة الاستخارة وصلاة الكسوف لو طرأت وهو في السفر، وكذلك قيام الليل كل هذا باق على مشروعيته بالنسبة للمسافر كما هو مشروع للمقيم.
السؤال: استيقظت من نومي في الفجر وتوضأت وصليت الفجر، وبعد الضحى رأيت على ملابسي الداخلية آثاراً للاحتلام، مع العلم أنني قد صليت الفجر، هل أعيد ما صليت بعد أن عرفت ذلك؟
الجواب: نعم، يجب عليك قضاء صلاة الفجر التي صليتها بدون طهارة، وكذلك يسن لك قضاء سنتها أيضاً، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم حين فاتته صلاة الفجر، لما ناموا عنها قضى الراتبة ثم صلاة الفريضة، وها هنا مسألة بهذه المناسبة يجب أن نتفطن لها، وهي: كل من صلى بغير طهارة سواء كان بغير وضوء أو بغير غسل، وسواء كان ناسياً أم جاهلاً يجب عليه قضاء الصلاة التي صلاها بدون هذه الطهارة، فلو أكل الإنسان لحماً وهو لا يدري أنه لحم إبل ثم صلى ثم تبين له بعد صلاته أنه لحم إبل، وجب عليه قضاء الصلاة التي صلاها بعد أكل اللحم، وكذلك لو نسي أنه أحدث فصلى ثم ذكر أنه كان محدثاً حين صلاته وجب عليه قضاء الصلاة التي صلاها بدون طهارة، هذا بالنسبة للطهارة من الحدث، أما طهارة النجاسة فإن الإنسان إذا كان ناسياً أو جاهلاً فصلاته صحيحة ولا إعادة عليه، مثال ذلك: رجل صلى وفي ثوبه نجاسة ولكنه لم يعلم عنها إلا بعد انتهاء صلاته فصلاته صحيحة، أو رجل آخر كان في ثوبه نجاسة ونسي أن يغسله وصلى في ثوبه، ثم بعد أن صلى ذكر أنه لم يغسل النجاسة فصلاته صحيحة ولا إعادة عليه؛ لأنه يفرق بين طهارة الحدث وطهارة الخبث، فإن طهارة الحدث من باب فعل المأمور الذي لا تتم العبادة إلا بوجوده، فهو شرط إيجابي وجودي، وأما الطهارة من الخبث فهو من باب ترك المحظور؛ لأنه شرط سلبي عدمي، أي: يشترط إزالته لا إيجاده، وما كان من باب فعل المحظور فإنه يعفى عنه بالجهل والنسيان.
وفي قصة خلع النبي صلى الله عليه وسلم نعاله أثناء صلاته حين أخبره جبريل أن فيهما أذى دليل على تقرير هذه القاعدة التي ذكرناها، وهو الفرق بين فعل المأمور وترك المحظور، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لما أخبره جبريل بأن في نعليه أذىً خلعهما واستمر في صلاته ولم يستأنفها، فدل ذلك على أن فعل المحظور إذا كان الإنسان ناسياً أو جاهلاً لا حرج عليه فيه، وعليه أيضاً لو ذكر الإنسان في أثناء الصلاة أن في ثوبه نجاسة فإن كان يمكنه أن يخلع هذا الثوب ويستمر في صلاته، مثل: أن يكون عليه ثياب أخرى سواه فيخلعه؛ لأنه الأعلى من الثياب ويستمر في صلاته فهذا هو الواجب عليه، وإن كان لا يمكنه خلعه لكونه ليس عليه ثوب سواه فإنه ينصرف من صلاته؛ لأن صلاته لا تصح إذا علم عن النجاسة وهو في أثنائها.
مداخلة: قولكم: من فعل المأمور، أي: المقصود به الإنسان نفسه المسلم.
الشيخ: لا، قصدنا من فعل المأمور يعني: فعل المأمور به، يعني: من فعل الشيء المأمور به، يعني: مثلاً الوضوء، الإنسان مأمور بأن يتوضأ، لكن ليس مأموراً بأن يوجد نجاسة، بل هو مأمور بأن يترك هذه النجاسة، فهي محظورة وهو مأمور بتركها، فقوله: من باب فعل المأمور، أي: فعل المأمور به، وقوله: من باب ترك المحظور يعني: المحرم.
السؤال: أنا فتاة في التاسعة عشرة من عمري، عندما جاءتني العادة الشهرية في رمضان المبارك وانتهت، وبعد نهايتها بثلاثة أيام رجع الدم مرة أخرى واستمر معي بقية شهر رمضان، وصمت تلك الأيام التي رجع علي الدم فيها وصليت، فهل أعيد صيام تلك الأيام أم لا؟
الجواب: إذا كان هذا الدم الذي أصابك دم استحاضة يعني: بكونه استمر معك كل الشهر أو أكثره فإنه لا قضاء عليك؛ لأن دم الاستحاضة لا يمنع الصوم ولا الصلاة، وأما إذا كان دم حيض بحيث إنه مر بك في أيام معلومة وانقطع فإن عليك أن تقضي ما صمت فيه؛ لأن دم الحيض لا يصح الصوم فيه. ثم إنه بهذه المناسبة أود أن أبين للنساء أن من أكثر ما يكون سبباً لاختلاف العادة واضطرابها تناول الحبوب المانعة للحيض، فإن هذه الحبوب المانعة للحيض وإن كانت في أصل الشرع جائزة من حيث هي، لكن نظراً لما ينتج عنها من اختلاف العادة واضطرابها فإننا ننهى النساء عن تناولها، ثم إنه فيما يظهر أن فيها ضرراً على المرأة؛ لأن حبس شيء من الطبيعي أن يخرج، لا شك أنه يؤثر على الجسم برد فعل، ولذلك نحن نحذر النساء من استعمال هذه الحبوب المانعة للحيض لما ذكرنا من مفاسدها، وإن كانت حسب ما قاله أهل العلم ليس بها بأس.
السؤال: هل يجوز لي أن أقرأ في القرآن وأدخل الحرم في تلك الفترة التي رجع علي الدم فيها أم لا؟
الجواب: الآن المسألة قد انقضت، لكن لو تكررت إذا حكمنا بأنها حيض بحيث رجعت واستمرت كما يستمر الحيض العادي وهي أيضاً بطبيعة دم الحيض، فإنها لا يحل لها أن تدخل الحرم، وأما قراءة القرآن فإن الراجح عندنا أن الحائض لا تمنع من قراءة القرآن إذا احتاجت إلى ذلك؛ لكونها مدرسة تدرس البنات مثلاً، أو طالبة تريد اختبار أو تخشى النسيان فإنه لا حرج عليها في تلاوة القرآن حينئذٍ.
مداخلة: بحمل المصحف أو حفظاً؟
الشيخ: حفظاً أو نظراً.
استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
فتاوى نور على الدرب [707] | 3913 استماع |
فتاوى نور على الدرب [182] | 3693 استماع |
فتاوى نور على الدرب [460] | 3647 استماع |
فتاوى نور على الدرب [380] | 3501 استماع |
فتاوى نور على الدرب [221] | 3496 استماع |
فتاوى نور على الدرب [411] | 3478 استماع |
فتاوى نور على الدرب [21] | 3440 استماع |
فتاوى نور على الدرب [82] | 3438 استماع |
فتاوى نور على الدرب [348] | 3419 استماع |
فتاوى نور على الدرب [708] | 3342 استماع |