فتاوى نور على الدرب [13]


الحلقة مفرغة

السؤال: في العام الماضي أديت فريضة الحج، ولكني بعد أن أحرمت من الميقات بتنا قبل دخول مكة المكرمة وجامعت زوجتي، فما الذي يترتب عليّ بالتفصيل، علماً أني قد ذبحت شاةً العام الماضي، وحيث أني قد نويت الحج هذا العام أرجو أن أكون على بينة من أمري؟

الجواب: لا أدري عن هذا الرجل حين أحرم من الميقات هل أحرم بالحج أو أحرم بعمرة؟

فإذا كان هذا الرجل محرماً بالحج فإنه يكون قد أفسد حجه وعليه بدنة يذبحها هناك ويوزعها على الفقراء، وعليه أيضاً أن يقضي ذلك الحج الفاسد في هذه السنة هو وزوجته، إلا إذا كانت زوجته مكرهةً أو كانت جاهلةً لا تعلم فليس عليها شيء.

السؤال: أنا فتاة مسلمة والحمد لله محافظة بقدر استطاعتي على تعاليم ديني، ولكنني أذهب في بعض الأحيان إلى منزل خالي الذي هو أخ لوالدتي وأنا متحجبة، ولكن خالي يكره الحجاب كثيراً، ويقول لي: إنك فتاة متأخرة، سؤالي هذا: هل آثم إن خلعت الحجاب عن رأسي أمام خالي، علماً بأنه ليس بأجنبي عني، أم أبقى متحجبة، ولكن لا أريد أن أخلع حجابي أمامه لأنه يستهزئ من الحجاب ومن الشريعة؟

الجواب: الخال من المحارم ولا يجب التحجب عنه، ولا بأس بكشف ما يبدو غالباً للمحارم سواء كان خالاً أو عماً أو كان أخاً أو ابناً أو أباً، كل ما يظهر غالباً كالوجه والرأس واليد والذراع والساق والقدم فإنه لا بأس بكشفه للمحارم، والذي ينبغي أن تكشفه لخالها ليتبين له أن هذا هو الشرع؛ حتى لا يظن أن الشرع فيه من الشدة ما يوجب التضييق على المسلمين.

وأما قوله: (إن هذا تأخر) وما أشبه ذلك فإن هذه اللهجة يلهج بها كثير من أعداء الإسلام، يقولون: إن الإسلام تأخر، وإنه يخنق أصحابه، وإنه قيود وأغلال وما أشبه ذلك مما يثيره أعداء الإسلام في الإسلام لينفروا منه، وليس هذا بغريب، فإن الله تعالى يقول في سورة المطففين: إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ * وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ [المطففين:29-32] فمن حكى الله عنهم يقولون: إنهم لضالون، والمتأخرون يقولون: إنهم رجعيون، اختلف اللفظ واتفق المعنى، فما قيل في الأول قيل في الثاني، ولا غرابة أن يقول أعداء الإسلام: إن الإسلام تأخر وإنه قيود وإنه أغلال وما أشبه ذلك؛ وهذا لأنهم يضيقون به ذرعاً ولم يشرح الله صدورهم للإسلام، ومن لم يشرح الله صدره للإسلام فهو كمن قال الله تعالى: وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ [الأنعام:125] فمن لم يرد الله هدايته فإنه لا يعرف نور الإسلام ولا هدايته ولا يعرف ما في أوامره من الخير والمصالح العاجلة والآجلة، ولا ما في نواهيه من الشر الحاضر والآجل، فيظن أن الخير هو التحرر، بل بعبارة أصح: أن الخير هو البعد عن الإسلام، وفي الحقيقة أن الخير هو التحرر من قيد النفس والدخول في حظيرة الإسلام.

مداخلة: هي يفهم من سؤالها أنها إنما تتحجب عن خالها لأنها تراه ينهاها عن ذلك، فهي تريد أن تثبت له أو أن ترد عليه هذا.

الشيخ: لا، لا ينبغي هذا؛ لأن نهيه إياها عن الحجاب موافق للشرع، فإنه ليس من حق المرأة أن تحتجب عن محارمها؛ لأن ذلك مما يبيحه الشرع، وكون أن ينسب إلى الإسلام ما ليس منه هذا خطأ.

السؤال: هل النذر في المنام يثبت أم لا؟

الجواب: النذر في المنام لا يثبت، وجميع الأقوال في المنام لا تثبت.

السؤال: سمعت بأن الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم في قبره الشريف عمل الناس في هذا العصر، هل هذا الكلام صحيح أم غير صحيح؟ وهل إذا قال المسلم في أثناء صلاته: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته يسمعه الرسول عليه السلام ويجيبه؟

الجواب: أما السلام على النبي صلى الله عليه وسلم من أمته فإنه يعرض على النبي صلى الله عليه وسلم ويبلغه أين ما كنا، إذا سلمنا عليه في أي مكان من الأرض، وأما أعمال أمته صلى الله عليه وسلم فلا أدري هل هذا صحيح أم لا.

السؤال: لقد وقعت في جريمةٍ نكراء وداهيةٍ دهياء في حج العام الماضي، حيث سول لي الشيطان ووقعت على زوجتي وجامعتها جماعاً في منى، ولكن هذا وقع في الليل، وقال بعض طلبة العلم: إن حجك قد فسد، فصرعوني بهذا القول وركبت سيارتي وهربت إلى بلدي وتركت زوجتي مع أخيها، وأنا لم أهرب إلا خوفاً من الله حيث أني أبقى في مشاعره المقدسة وأنا قد عصيته وليس لي حج، أرجو الإفادة والمخرج الله يخرجكم من الظلمات إلى النور؟

الجواب: الجواب يحتاج إلى تفصيل، وذلك أن جماعه إياها في منى إن كان بعد التحلل مثل أن يكون بعد يوم العيد بعد أن رمى وحلق أو قصر وطاف وسعى فهذا لا شيء عليه إطلاقاً؛ لأنه قد تحلل من الحج، أما إذا كان بعد الرمي والحلق وقبل الطواف، يعني: بعد التحلل الأول وقبل التحلل الثاني فإن الحج لا يفسد، ولكن يفسد الإحرام، فيجب عليه أن يخرج إلى أدنى الحل فيحرم من جديد ليطوف طواف الإفاضة محرماً، وعليه مع ذلك شاة يذبحها ويفرقها على الفقراء.

أما إذا كان الوطء في منى قبل الذهاب إلى عرفة فمعناه أنه جامع قبل التحلل الأول والثاني أيضاً، وهذا يفسد حجه، وعلى ما قاله أهل العلم يجب عليه المضي فيه ويجب عليه بدنة يذبحها ويفرقها على الفقراء، ويجب عليه القضاء من العام القادم، ولكن هذا الرجل في الحقيقة لا ندري أي الأحوال كان عليه، فلا نستطيع أن نحكم على فعله وذهابه إلى بلده.

مداخلة: لكن لو ذهب إلى بلده وهو قبل أن يخرج مثلاً إلى عرفة جامع في اليوم الثامن وهو محرم، ما حكم ذهابه إلى بلده؟

الشيخ: هذا ذهابه لا يجوز، لو فرض أنه سأل في ذلك الوقت قبل أن ينتهي الحج وجب عليه الرجوع ليكمل الحج الفاسد ثم يقضيه العام التالي، أما وقد فات الأوان فإنه يجب عليه على ما تقتضيه قواعد المذهب أن يمضي في الحج هذا العام تكميلاً للحج الفاسد الأول؛ لأنه لا زال على إحرامه لم يتحلل منه أو يتحلل بعمرة حيث فاته الحج بفوات الوقوف، ثم يقضي الحج الفاسد هذا العام، يقضي الحج الفاسد الذي تحلل منه بعمرة بالفوات.

مداخلة: يقضيه مثلاً يتحلل بعمرة يذهب إلى مكة وأعاد بإحرامه من بلده، يحرم من بلده ويذهب.

الشيخ: نعم، وهو على إحرامه، الآن لا زال على إحرام.

مداخلة: هل يلزمه شيء عن لبس المخيط؟

الشيخ: لا يلزمه لأنه جاهل.

السؤال: أنا أدرس في جامعة في كلية الطب وهي كلية شاقة، وتحتاج الدراسة إلى سبع سنوات، تقول بعد أن استعرضت عليكم ظروفي الدراسية أني منذ سنوات أكرمني الله عز وجل وهداني إلى ارتداء الحجاب، فأنا أقوم بارتداء بالطو أراعي فيه حسب ما أستطيع شروط الزي الإسلامي وأضع غطاء على رأسي، ولكن لا يستر وجهي، ومشكلتي هي عدم استطاعتي ستر وجهي، فوالداي يرفضان تماماً هذه الفكرة، حيث إن عدد الفتيات اللاتي أكرمهن الله بتغطية وجوههن في بلدنا قليل جداً، وهي فئة ينظر إليها بعين الاستغراب والاحتقار.. إلى آخره، وكنت قد وضعت في قلبي أني إن شاء الله تعالى أغطي عندما يوفقني المولى بالزواج من أخ ملتزم، ولكن أخشى أن توافيني المنية قبل ذلك، تقول: فإني أرجو الإفادة في ذلك؟

الجواب: يجب على المرأة أن تبادر بالتزام أحكام الإسلام جميعها حسب استطاعتها؛ لقوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] ومن الآداب الإسلامية التي جاء بها الشرع هو تغطية المرأة وجهها ويديها لما في إبدائهما من الفتنة من المرأة وفي المرأة أيضاً، وليس هذا محل سرد النصوص الدالة على وجوب ستر الوجه واليدين أو الكفين، ولكني أقول لهذه المرأة التي وفقها الله تعالى وهداها وأسال الله لي ولها الثبات والاستقامة أقول لها: إن الواجب أن تبادر بالتزام أحكام الإسلام غير مباليةٍ بأي شيء يطرأ عليها من أجل ذلك، ما لم يكن عليها في ذلك ضرر بحيث لا تستطيع أن تنفذ الحكم الشرعي، وتكون داخلة ضمن قول الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] فحينئذ يسقط عنها ما تعجز عنه من الواجبات، وأما كونها تنتظر حتى توفق بزوج ملتزم فإن هذا لا يجوز؛ لأنها لا تدري هل يمكنها ذلك أو تموت قبل أن توفق بهذا الزوج الذي تترقبه، فالواجب عليها المبادرة إلى فعل ما أوجب الله سبحانه وتعالى من تغطية الوجه واليدين عن الرجال الأجانب.

مداخلة: المشكلة التي لديها عدم تطبيق الحجاب في البلدة والتضايق من والديها، تقول: أخشى أنهم يزعلون علي؟

الشيخ: رضا الوالدين في معصية الله تعالى لا يطلب، وإنما رضا الله تعالى فوق كل رضا، فإذا كانت البلدة لا يحتجبون أو النساء لا يحتجبن فهذا ليس بعذر شرعي عند الله عز وجل أن تبقى هذه المرأة تابعة لنساء البلد.

السؤال: ما حكم الاضطباع في طواف الوداع وقد سبق أن حججت من مدة خمس سنوات، وبدلاً أن أعمل السنة في الاضطباع عكست الأمر، فجعلت طرفي رداءي تحت إبطي الأيسر وغطيت منكبي الأيمن، فهل علي شيء في هذين السؤالين؟

الجواب: الحمد لله، الاضطباع إنما يكون في طواف القدوم، وهو طواف أول ما يصل الإنسان إلى مكة، سواء كان طواف عمرة أو طواف قدوم في حق القارن والمفرد، وليس في طواف الوداع اضطباع؛ لأن الإنسان في طواف الوداع قد لبس ثيابه المعتادة فلا محل للاضطباع هنا، وعلى كل حال فكون هذا الرجل أيضاً يعكس الاضطباع فيبدي الكتف الأيسر بدلاً عن الكتف الأيمن هذا أمر هو معذور فيه، والله تعالى يثيبه على نيته، ولكن الفعل لم يحصله فلا ثواب له على الفعل نفسه، إنما له ثواب على النية التي أراد منها أن يوافق الصواب في فعله ولم يوفق له.

السؤال: ما حكم تقليم الأظافر في الحج والشخص متلبس بالإحرام؟

الجواب: المشهور عند أهل العلم أن تقليم الأظافر في حال الإحرام لا يجوز قياساً على تحريم الترفه بحلق شعر الرأس، وعلى هذا القول وهو قول جمهور أهل العلم يجب عليه أن يبتعد عن تقليم أظافر اليدين وأظافر الرجلين.