عنوان الفتوى : كيفية التوبة من الاقتراض بالربا
اضطررت لأخذ قرض من البنك بفوائد، لتسهيل زواج أخي، وشراء مستلزمات للمنزل ضرورية، مثل: الأثاث، حيث كان المنزل بحاجة إليه بالتزامن مع التحضير للفرح.
فهل بأخذي لهذا القرض وقعت في الإثم؟ وهل ضيق الرزق الذي أمر به عقاب من الله؛ لأخذي هذا القرض؟
وكيف يكون الخلاص من هذا الإثم، والتوبة منه؟
وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالاقتراض بالربا من كبائر المحرمات؛ لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ.... {البقرة: 278ـ 279}.
ولما روى مسلم في صحيحه عَنْ جَابِرٍ-رضي الله عنه- قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ، وَقَالَ: هُمْ سَوَاءٌ.
فلا يجوز الاقتراض بالربا، إلا عند الضرورة، وهي خوف الهلاك على النفس، وقد بينا ذلك في الفتوى: 6501. فراجعها.
فإن كنت اقترضت بالربا لغير ضرورة؛ فقد ارتكبت إثما عظيما، والواجب عليك التوبة إلى الله تعالى، والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العود إليه، مع ردّ أصل القرض دون الزيادة الربوية -إن أمكنك ذلك- وراجع الفتوى: 16659.
وأمّا ضيق الرزق؛ فلا يلزم أن يكون عقوبة على هذه المعصية، وعلم ذلك عند الله وحده.
واعلم أنك إذا تبت توبة صادقة؛ فالتوبة تمحو ما قبلها، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، فلا يعاقب التائب على ذنبه في الدنيا، ولا في الآخرة.
قال ابن تيمية -رحمه الله-: ونحن حقيقة قولنا أن التائب لا يعذب، لا في الدنيا، ولا في الآخرة، لا شرعًا، ولا قدرًا. انتهى.
وعلى أية حال؛ فتجديد التوبة من كل الذنوب مطلوب، وكما قيل: لم ينزل بلاء إلا بذنب، ولم يكشف إلا بتوبة.
وفي صحيح مسلم عن أبي ذر عن النبي –صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه:... يَا عِبَادِى، إِنَّمَا هِي أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ، ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدْ اللهَ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ.
قال ابن رجب الحنبلي -رحمه الله- :فَالْمُؤْمِنُ إِذَا أَصَابَهُ فِي الدُّنْيَا بَلَاءٌ، رَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ بِاللَّوْمِ، وَدَعَاهُ ذَلِكَ إِلَى الرُّجُوعِ إِلَى اللهِ بِالتَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَار. انتهى من جامع العلوم والحكم.
والله أعلم.