خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/162"> الشيخ محمد بن صالح العثيمين . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/162?sub=8835"> شرح مختصر التحرير
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
مختصر التحرير [20]
الحلقة مفرغة
ثم قال المؤلف: [الحروف] الحروف: جمع حرف، وهو في اللغة: طرف الشيء، ومنه قوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ [الحج:11].
وحرف الشيء طرفه، فهنا الحروف متطرفة؛ لأنها متأخرة الرتبة عن الاسم والفعل، لأن الكلمات اسم وفعل وحرف، المتأخر رتبة هو الحرف؛ لأن الحرف لا يظهر معناه إلا مقروناً بالاسم أو بالفعل، أما (في) وحدها فلا تفهم منها معنى، الباء لا تفهم منها معنى، فلهذا سمي حرفاً، لكن عندما نقرأ الفصل هذا نجد أن المؤلف ذكر إذا وإذ وهما اسمان، فنقول: القليل في الكثير يُغلَّب عليه الكثير، فهذا من باب التغليب.
معاني حرف الواو
أي: الواو العاطفة لمطلق الجمع، يعني: تدل على الجمع بين المعطوف والمعطوف عليه، مرتباً وغير مرتب، يعني: قد يكون ما بعدها سابقاً لما قبلها أو بالعكس، وقد يكون مقارناً.
قال الله تعالى: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى [الشورى:13]، هذه فيها ترتيب وغير ترتيب.
فقوله: مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ [الشورى:13] فيه ترتيب؛ لأن ما وصى به نوحاً هو الأول، ثم قال: وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى [الشورى:13] فيه عكس الترتيب، يعني: وما وصى به إبراهيم وموسى قبل: (والذي أوحينا إليك)، ففي هذه الآية ترتيب وغير ترتيب.
وقال تعالى: فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ [العنكبوت:15] ، فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ [الأعراف:83]، هذا فيه مصاحبة ومعية، كلٌ منهما نجا في آنٍ واحد، فالواو إذاً لمطلق الجمع، أي: أنها تفيد الجمع بين المعطوف والمعطوف عليه بقطع النظر عن الترتيب، يعني قد يكون مرتباً، وقد يكون مصاحباً، وقد يكون غير مرتب.
يقول: [وتأتي بمعنى مع]، أي: مثل: سرت والنيل، هذه واو يسمونها واو المعية، بمعنى (مع).
وتأتي بمعنى (أو) للتنويع، ومنه قوله تعالى: فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ [النساء:3] يعني: مثنى أو ثلاث أو رباع.
وقال تعالى: جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ [فاطر:1].
وتأتي بمعنى (رب)، كقول الشاعر:
وليل كموج البحر أرخى سدوله عليَّ بأنواع الهموم ليبتلي
أي: وربَّ ليلٍ كموج البحر.
وتأتي لقسم، وهذا كثير مثل: وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى [الليل:1] ، وَالْعَصْرِ [العصر:1] ، وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا [الشمس:1].
وتأتي لاستئناف، كقوله تعالى: ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ [الأنعام:2] الواو هنا للاستئناف، (أجلٌ) مبتدأ غير معطوفة على (أجلاً) التي قبلها.
وتأتي أيضاً للحال مثل: زرتك والشمس طالعة؛ هذه حالية، وهي أيضاً كثيرة، وتكون الجُمَل الحالية اسمية وتكون أيضاً فعلية، ومحل البحث فيه علم النحو، لكن الذي يهمنا هنا في أصول الفقه أكثر الواو العاطفة؛ لأننا نحتاج إليها في باب الوقف، فإذا وقف على أولاده وأولادهم، وهل يشتركون أو يترتبون أو ما أشبه ذلك، هذا أكثر ما يهمنا في باب أصول الفقه.
معاني حرف الفاء
أي: تفيد الترتيب. فإذا قلت: جاء زيدٌ فعمرو، فالأول زيد، هذا الترتيب.
والتعقيب يفيد أن ما بعدها حصل عقب ما قبلها، يعني: مباشرة، لكن تعقيب كل شيء بحسبه، يعني: قد يكون بينهما مدة لكن أعقبه، تقول: تزوج زيد فولد له، فهل يعني أنه بعد العقد مباشرة؟
الجواب: لا يمكن، لكن المعنى: أنها شرعت في الحمل من حين ما دخل عليها، لكن لو تزوج وبقي عشر سنين وجاءه ولد لا تقول: تزوج فولد له؛ لأن الولادة الآن لم تعقب العقد.
وقول الله: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الأَرْضُ مُخْضَرَّةً [الحج:63] هنا ترتيب وتعقيب؛ لكن الأرض لا تخضر في صباح يوم المطر؛ تبدأ مدة ثم تخضر، لكن المعنى: أنه بمجرد نزول المطر بدأت حياتها فأصبحت بعد ذلك مخضرة، ولهذا قال المؤلف: [تَعْقِيبٍ كُلٌّ بِحَسَبِهِ عُرْفًا، وَتَأْتِي سَبَبِيَّةٌ] مثل: وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي [طه:81] الفاء هنا للسببية.
وتأتي أيضاً رابطة لجواب الشرط، أو رابطة لخبر المبتدأ، أحياناً تكون رابطة لخبر المبتدأ مثل: الذي يأتيني فله درهم، الفاء هنا رابطة للخبر لشبه المبتدأ بالشرط.
وتأتي رابطة لجواب الشرط في مواضع سبعة: إذا كانت جملة الشرط:
اسمية طلبية وبجامد وبما وقد وبلم وبالتنفيس
فهي سبعة مواضع تكون فيه رابطة للجواب، هذا كله بحث نحوي لكن فيه فائدة في أصول الفقه، فلو قلت: جاء زيد ثم عمرو فقد اشتركا في المجيء ولكن بمهلة، فأخر مجيء عمرو عن زيد، والمهلة ولو ساعة أو ساعتين، وقد تكون سنة أو سنتين، المهم أنها تدل على المهلة.
معاني الحرف (حتى)
قوله: (حتى العاطفة للغاية) تقول مثلاً: قدم الحجاج حتى المشاة، هذه غاية في الدنو.
وتقول مثلاً: نصحت العصاة حتى الوزراء، يعني: في العلو؛ لأن مرتبة الوزير أعلى من مرتبة المشاة مثلاً.
وليس فيها ترتيب؛ لأنه يجوز أن تكون نصحت هؤلاء قبل هؤلاء، وعندما تقول: قدم الحجاج حتى المشاة، قد يكون يمكن المشاة تقدموا في المجيء، فهي لا تدل على الترتيب.
قوله: [ويشترط كون معطوفها جزءًا من متبوعه أو كجزئه]، مثل قوله: أكلت السمكة حتى رأسها، هذا جزء من متبوعه، (أو كجزئه) مثل: قدم الحجاج حتى المشاة، فإن المشاة ليسوا جزءاً من الحجاج، لكنهم بعض، والبعض كجزء، أما أن تقول: جاء زيدٌ حتى عمروٌ فهذا لا يجوز؛ لأن هذا ليس بجزء ولا شبيهاً بالجزء.
قوله: (تأتي لتعليل) يعني: أن (حتى) يراد بها التعليل، مثل: زرتك حتى ترضى عني، أي: لترضى عني.
وتأتي لاستثناء منقطع، يعني: بمعنى (إلا)، والمثال كما في الشرح:
ليس العطاء من الفضول سماحة حتى تجود وما لديك قليل
يعني: إلا أن تجود والذي عندك قليل، أما الإنسان الذي عنده مال كثير فإن عطاءه لا يدل على السماحة.
وعلى كل حال! هذا قول الشاعر، وإلا فإن العطاء يدل على السماحة؛ لكن عطاء من عنده القليل أدل على السماحة من عطاء ممن ماله كثير.
وتأتي حرف جر، وتأتي ابتدائية، لكن المؤلف ما تعرض إلا للعاطفة فقط.
معاني حرف (من) و(إلى)
قال المؤلف: (من لابتداء الغاية حقيقة ولها معان) وسكت؛ لأن (مِن) معانيها كثيرة، وهي معروفة في كتب النحو.
لابتداء الغاية تقول مثلاً: سرت من مكة إلى المدينة، فإلى المدينة غاية، وابتداؤها من مكة. صمت من الفجر إلى الغروب، هذه أيضاً غاية، لكن غاية زمنية، والأولى غاية مكانية.
قال المؤلف: [إلى: لانتهائها، وبمعنى (مع) وابتداؤها داخل لا انتهاؤها].
الغاية، مثل: سرت من مكة إلى المدينة، الغاية هي المدينة.
يقول المؤلف رحمه الله: (وبمعنى "مع") ومثلوا لذلك بقوله تعالى: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ [النساء:2] ، وبقوله تعالى: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ [المائدة:6] قالوا: إلى بمعنى مع.
ثم تعرض المؤلف إلى مسألة وهي: ابتداء الغاية وانتهاؤها هل هما داخلان أو خارجان، أو يفرق بين الابتداء والانتهاء؟
المؤلف فرَّق بين الابتداء والانتهاء، فإذا قلت: سرت من مكة إلى المدينة فابتداء الغاية داخل، أما انتهاؤها فليس بداخل، فمثلاً إذا قلت: لك من هذا الجدار إلى هذا الجدار، نقول: ابتداء الغاية داخل لا انتهاؤها.
لك من واحد إلى عشرة، أي لك تسعة؛ لأن الغاية لا يدخل انتهاؤها.
والصحيح في هذا: أنه يُرجع إلى القرينة، فإن الإنسان إذا قال: سرت من مكة إلى المدينة لا أحد يشك أن الرجل دخل المدينة، وليس المعنى أنه وقف على حدودها، وإذا قال: لك من هذا الجدار إلى هذا الجدار؛ فإن الناس لا يشكون بأن الجدار في الأول غير داخل وفي الثاني غير داخل أيضاً، فالمسألة ترجع إلى القرينة.
أما إذا لم يكن قرينة فقد نقول: إن المتبادر أن ابتداء الغاية وانتهاءها كليهما غير داخل. وقد نقول: إن المتبادر أنهما داخلان، فقول الناس مثلاً: لك من درهم إلى عشرة، أما (من درهم) فالدرهم الأول لا شك أنه داخل؛ لأنه معروف أنه يقول: (إلى عشرة) فالابتداء من الواحد، هو معروف من الأصل، لكن بقينا بالعشرة هل يدخل العاشر أو لا يدخل؟ يُرجع في ذلك إلى القرائن والعرف، والظاهر لي أن العرف إذا قيل: عندي لك من الريال إلى عشرة، أن العشرة داخلة.
معاني (على) و(في)
على للاستعلاء، يعني: تدل على العلو. فإذا قلت: أنا على السطح، فالمعنى: أنني فوق السطح.
قوله: (وهي للإيجاب) لكن هل هي صريحة أو ظاهرة؟ الصحيح أنها ظاهرة، فإذا قلت: عليك أن تصلي ركعتين، فمعنى ذلك أن ركعتين واجبتان، ولكن بعض العلماء يقول: ليست صريحة، إنما يقال: ظاهرها الوجوب وهذا هو الأصح؛ لأنه قد يقال: عليك ركعتان، يعني: عليك من السنة ركعتان، حسب القرينة.
ولها معانٍ مذكورة في كتب النحو.
قال المؤلف: [في: لظرف، وهي بمعناه على قول في: وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ [طه:71]، وتأتي للاستعلاء وتعليل وسببية ومصاحبة وتوكيد وتعويض، وبمعنى الباء وإلى ومن].
(في) للظرف، وهذا هو الأصل أن (في) للظرفية. قال ابن مالك :
والظرفية استبن ببا و(في) وقد يبينان السببا
فالأصل في (في) أنها للظرفية المكانية والزمانية، تقول: فلان في مسجد، وتقول: زرته في شهر رجب؟
قوله: [وهي بمعناه على قول في: وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ [طه:71] ]، يعني: بمعنى الظرف في جذوع النخل أي: في داخلها، والمشهور أنها بمعنى: على جذوع النخل.
وقوله: (وتأتي للاستعلاء) أي: بمعنى (على).
وتأتي أيضاً للتعليل، وتأتي سببية، وتأتي للمصاحبة، وتأتي للتوكيد، وتعويض، وبمعنى الباء وإلى ومن. وأمثلة هذه كلها في الشرح.
قال في الشرح: وتعليل نحو قوله تعالى: فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ [يوسف:32] أي: لأجله.
وهذا قد يناقش فيه فقوله: (لمتنني فيه) يعني: وضعتن الملامة فيه علي، فتكون للظرفية المعنوية، ويجوز أن تكون (لُمْتُنَّنِي فِيهِ)، أي: عليهِ، تقول: لامه على كذا، ويحتمل ما قال المؤلف.
قال الشارح: ومنه: لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ [النور:14].
جاءت (في) مرتين في الآية: لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ [النور:14] فالأولى معناها: لمسكم بسبب ما أفضتم فيه عذاب عظيم.
قال الشارح: والسببية، كقوله صلى الله عليه وسلم: (في النفس المؤمنة مائة)، (ودخلت امرأة النار في هرة).
أي بسبب امرأة، والسبب قد يطلق عليه العلة.
قال الشارح: ومصاحبة، نحو قوله تعالى: فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ [القصص:79].
وهذا فيه نظر، لأن (في زينته) تحتمل الظرفية أقوى من كونها للمصاحبة، لأنه إن كان المراد بالزينة لباسه فواضح أن الظرفية فيه؛ لأن الإنسان في جوف لباسه.
وإن كان (في زينته) أي في حاشيته وماله وخدمه؛ فهو أيضاً يكون بينهم وتكون (في) للظرفية.
قال الشارح: وكقوله تعالى: ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ [الأعراف:38].
قال الشارح: وتوكيد، نحو قوله تعالى: وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا [هود:41].
يعني لأنه لو قال: اركبوها لاستقام الكلام، فهي للتوكيد، ولكن كأن المؤلف يقول: لأن (ركب) تتعدى بنفسها، وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا [النحل:8] ولكن يقال: إن قوله في السفينة: (ارْكَبُوا فِيهَا) لأن الركوب في السفينة لا يكون على ظهرها، بل يكون في داخلها، في جوفها، فتكون على هذا للظرفية وليست زائدة.
قال الشارح: وتعويضية، كقوله: رغبتُ فيمن رغبتَ، أي: فيه.
ولو مثل بقولهم: بعتك هذا في عشرة دراهم، لكان التأويل فيها أوضح مما مثل به، لأن (في) هنا بمعنى الباء، فهي للعوض.
قال الشارح: وبمعنى الباء، كقوله تعالى: يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ [الشورى:11].
يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ [الشورى:11] يعني أنها بمعنى: (به)، والذرء بمعنى النشر والبث.
قال الشارح: وإلى، كقوله تعالى: فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ [إبراهيم:9].
وهذه أيضاً فيها نظر؛ لأن الصحيح في مثل هذا التركيب أن نسلك مسلك التضمين؛ لأن (ردوا أيديهم إلى أفواههم) صحيح هذا المعنى من هذا المعنى، لكن (ردوا أيديهم في أفواههم) بمعنى: أدخلوا أيديهم في أفواههم أبلغ؛ لأن المكذبين للرسل ما أخذوا على اليد وحطوها على الفم هكذا، كأن من شدة ردها إلى الأفواه حنقاً وغيظاً أدخلوها في أفواههم، لئلا يتكلموا بما جاءوا به.
فالصحيح في مثل هذا التركيب أن نجعل هذا من باب التضمين، وتكون (في) على بابها على الظرفية.
قال: ومن، كقول امرئ القيس :
وهل يع من كان أحدث عهده ثلاثين شهراً في ثلاثة أحوال
الشاهد: (ثلاثين شهراً في ثلاثة أحوال)؛ لأننا لو جعلنا (في) للظرف لكان ثلاثين في ثلاثة، والحاصل تسعون.
ولكن يقول: المعنى: ثلاثين شهراً من ثلاثة أحوال، والثلاثة الأحوال ستة وثلاثون شهراً، وهذه ثلاثون شهراً من ثلاثة الأحوال.
معاني اللام وبل
أي: لا يعدل عنه إلا بدليل.
فاللام الجارة تأتي للملك، وتأتي للاختصاص، وتأتي للتعليل، يعني: لها معانٍ كثيرة.
قال المؤلف: [بل لعطف وإضراب إن وليها مفرد في إثبات، فتعطي حكم ما قبلها لما بعدها، ونفي فتقرر ما قبلها وضده لما بعدها، وقبل جملة لابتداء، وإضراب لإبطال أو انتقال].
وهذا كما قال، فتأتي (بل) للعطف، والإضراب إن وليها مفرد في إثبات، فتعطي حكم ما قبلها لما بعدها، تقول: جاء زيدٌ بل عمرو، فالذي جاء الآن في هذا المثال هو عمرو، وزيد مسكوت عنه، ولهذا قال: [تعطي حكم ما قبلها لما بعدها]، وأما ما قبلها فيكون في هذا المثال مسكوتاً عنه.
قوله: (ونفي) يعني: وتكون أيضاً للإضراب. إن وليها مفرد في نفي، فتقرر ما قبلها وضده لما بعدها، فإذا قلت: ما جاء زيدٌ بل عمرو، تكون قد قررت أن زيداً لم يأت، وأثبتت ضده وهو المجيء لعمرو.
يقول: (وقبل جملة لابتداء، وإضراب لإبطال أو انتقال)، قال الله تعالى: بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الآخِرَةِ [النمل:66] نقول: هذه للابتداء، لأن (ادارك) فعل.
بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا [النمل:66]، هذا للإضراب الانتقالي إن جعلناه من باب التدرج في أحوالهم.
بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ [النمل:66]، هنا كذلك للإضراب الانتقالي، وإن كان المعنى أنه (ادارك علمهم في الآخرة، بل هم في شك منها، وأنه أبطل الأول وأثبت الثاني صارت للإبطال، وهي كثيرة في القرآن الكريم وغيره.
معاني حرف (أو)
معانيها كثيرة، يعني (أو) للشك، تقول: جاء زيد أو عمرو، إذا كنت شاكاً وتطلب التعيين.
وتقول: هل جاء زيد أو عمرو؟ تطلب التعيين.
وتكون للإبهام، كما في المثال الأول الذي ذكرنا، فإذا قال: من الذي جاء: هل هو زيد أو عمرو؟ تقول: جاء زيد أو عمرو، فأبهمت عليه الأمر.
وتكون أيضاً لإباحة وتخيير، وفرقوا بينهما بأن الإباحة: أن تكون في شيئين يمكن الجمع بينهما، والتخيير أن تكون في شيئين لا يمكن الجمع بينهما، فتقول: كل لحماً أو خبزاً، هذه للإباحة، يعني: لو أكلتهن كلهن فلا مانع.
وتقول: تزوج هنداً أو أختها. فهذه للتخيير، لأنه لا يمكن الجمع بينهما.
يقول: (ومطلق جمع) يعني: فتكون بمعنى الواو، كما أن الواو تأتي بمعنى أو، ومثاله في الشرح: وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ .
وهذا أحد القولين في الآية، يعني أن المعنى: أرسلناه إلى مائة ألف ويزيدون.
والقول الثاني: أن (أو) هنا للتقريب، أي: تقريب ما مضى، كأنه قال: أرسلناه إلى مائة ألف، فإن لم يزيدوا على مائة ألف لم ينقصوا.
واتفقوا على أنها هنا ليست للشك؛ لأنه لا يقع الشك في كلام الله عز وجل، فالله عالم بكل شيء، فهي إما بمعنى بل، يعني: بل يزيدون، وإما بمعنى التقريب، يعني: أنه إن لم يزيدوا ما نقصوا. وإما بمعنى الواو.
قوله: (وتقسيم) أصل التقسيم، أن تقول: الكلام اسم أو فعل أو حرف، هذا تقسيم.
قوله: (وبمعنى إلى): أي أن (أو) تأتي بمعنى (إلى) مثل: لألزمنك أو تقضيني ديني، يعني: إلى أن تقضيني ديني، أو تقول: لأسجننك أو تقضي ديني.
وبمعنى (إلا) مثل: لأقتلن الكافر أو يسلم، يعني: إلا أن يسلم.
قوله: (وإضراب كبل)، هذا أحد القولين في الآية: وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ [الصافات:147]، أي: بل يزيدون.
معاني حرف (لكن) والباء
(لكن: تكون لعطف واستدراك) ومعنى الاستدراك: أن تنسب لما بعدها حكمًا مخالفًا لحكم ما قبلها، ولذلك لا بد أن يتقدمها كلام مناقض لما بعدها.
إذا علمت ذلك، فإنما تكون حرف عطف واستدراك بشرطين.
أحدهما: أن يتقدمها نفي أو نهي.
والثاني: أن لا تقترن بالواو -عند أكثر النحاة- والتالي لها مفرد، وإلى ذلك أشير بقوله: (إن وليها مفرد في نفي أو نهي) نحو (ما قام زيد لكن عمرو) و(لا يقم زيد لكن عمرو).
(و) تكون لكن (قبل جملة لابتداء) لا حرف عطف، وتقع هنا بعد إيجاب ونفي ونهي وأمر لا استفهام.
قال المؤلف: [الباء لإلصاق حقيقةً ومجازًا ولها معان].
يعني: لإلصاق الشيء بالشيء، تقول: مسحت برأسي: هذا إلصاق حقيقة. مررت بزيد: هذا إلصاق مجازي، لأنك إذا قلت: مررت بزيد، فليس معناه أنك مررت به حتى حككت كتفك بكتفه.
فربما أقول: مررت بزيد، وبيني بينه متران أو ثلاثة، هذا إلصاق مجازي على كلام المؤلف، ولنا أن نقول: إنه إلصاق حقيقة؛ لكن إلصاق كل شيء بحسبه.