مختصر التحرير [47]


الحلقة مفرغة

الحمد لله، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [والشرط لغةً العلامة، وشرعًا: ما يلزم من عدمه العدم، لا من وجوده وجود ولا عدم لذاته، فإن أخل عدمه بحكمة السبب فشرط السبب كقدرة على تسليم مبيع، وإن استلزم عدمه حكمةً تقتضي نقيض الحكم فشرط الحكم. وهو عقلي كحياة لعلم، وشرعي كطهارة لصلاة، ولغوي كأنت طالق إن قمت، وهذا كالسبب، وعادي كغذاء الحيوان، وما جعل قيدًا في شيء لمعنىً كشرط في عقد فكشرعي. واللغوي: أغلب استعماله في سببية عقلية وشرعية، واستعمل لغةً في شرط لم يبق لمسبب شرط سواه].

تعريف الشرط في اللغة والشرع

قول المؤلف رحمه الله: (والشرط)، هذا من أحكام الوضع؛ لأن أحكام الوضع كما سبق هي: علة، وسبب، وشرط ومانع.

ثم الشرط في اللغة: العلامة، ومنه قوله تعالى: فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا [محمد:18]، أي: علاماتها.

وفي الشرع: ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته.

فكونه لا يلزم من عدمه العدم يوافق السبب؛ لأن السبب يلزم من عدمه العدم، فما هنا ليست نافية بمعنى الذي.

ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته، بهذا يخالف السبب؛ لأن السبب يلزم من وجوده الوجود كما سبق، فصار الشرط موافقاً للسبب في أن كلاً منهما يلزم من عدمه العدم، ومخالف له في أنه لا يلزم من وجوده الوجود والسبب يلزم من وجوده الوجود.

وقول المؤلف: (لا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته)، احتراز مما لو كان يلزم من عدمه العدم، ومن وجوده الوجود؛ لأنه لم يبق في الشروط سواه، فإنه إذا لم يبق في الشروط سواه لزم من عدمه العدم ومن وجوده الوجود، مثال ذلك: رجل صلى الصلاة كلها، وبقي عليه شرط واحد لم يأت به، هذا الشرط إذا وجد لزم من وجوده الوجود، فمثلاً شروط صحة الصلاة تسعة، أتى المكلف بثمانية، وبقي عليه واحد، هذا الواحد إذا أتى به لزم من وجوده الوجود، وإذا لم يأت به لزم من عدمه العدم؛ لكن ليس هذا لذاته، بل لاستيفاء الشروط سواه، فتوقف الوجوب هنا على وجوده والعدم على عدمه ليس لذاته، ولهذا لو فقد شرط آخر لم ننتفع بوجود هذا الشرط.

إذاً: كلمة (لذاته) احترازاً مما إذا وجدت الشروط سوى هذا الشرط، فإن هذا الشرط يتوقف على وجوده الوجود، وعلى عدمه العدم.

شرط السبب

قال المؤلف رحمه الله: [فإن أخل عدمه بحكمة السبب فشرط السبب].

عدم الشرط يؤثر، لكن تأثيره مختلف، إن كان أخل بحكمة السبب فشرط السبب، (كقدرة على تسليم مبيع).

أي: من شرط صحة البيع القدرة على تسليم المبيع، لأن تخلف القدرة على تسليم المبيع يخل بحكمة السبب، والحكمة من اشتراط القدرة على التسليم هو أن يتمكن المشتري من الانتفاع بالمبيع، وإذا كان لا يقدر على تسليمه أخل ذلك بحكمة هذا الشرط، وإذا كان يخل بالحكمة فإنه يسمى شرط السبب، كما قال المؤلف.

إذاً هذا التقسيم في الحقيقة ليس ذا أهمية، لكن ما دام المؤلف ذكره فلنعرف أنه إذا عاد الشرط إلى الإخلال بحكمة السبب سميناه شرط السبب، والمثال: القدرة على تسليم المبيع.

فإذا قال قائل: من شرط صحة البيع أن يكون قادراً على تسليم المبيع، لماذا؟ فنقول: لأن فوات هذا الشرط يخل بحكمة السبب وهو الملك، فهذا المبيع إذا كان غير مقدور على تسليمه فإن المشتري تفوته الحكمة التي من أجلها اشترط هذا الشرط، والحكمة هي: الانتفاع بالمبيع.

مثاله: باع طيراً في الهواء وهو لا يعرف الرجوع، فهذا البيع لا يصح؛ لأن المشتري لم ينتفع بالمبيع، فنسمي هذا الشرط شرط السبب.

شرط الحكم

يقول المؤلف: [وإن استلزم عدمه حكمةً تقتضي نقيض الحكم فشرط الحكم].

الحكم بالصحة نقيضه الحكم بالفساد، فإذا استلزم عدمه حكمة تقتضي نقيض الحكم يسمى شرط الحكم، كالسترة في الصلاة مثلاً، قال الله تعالى: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ [الأعراف:31]، فإذا أخل الإنسان بالسترة فإن هذا إخلال بشرط الحكمة، والحكمة هي أن تقف بين يدي الله على أحسن حال، وعلى أكمل صورة؛ لأنك تناجي ملك الملوك، فكونك تخاطبه وأنت عار هذا خلاف الحكمة، لو أنك خاطبت بشراً من البشر وأنت عار لقيل: هذا من أعظم الإساءة في الأدب، فكيف وأنت تخاطب الله؟ فنسمي هذا شرط الحكم.

والواقع أننا في غنًى عن هذا التقسيم، ونقول: شرط الصحة سواء عاد إلى السبب أو إلى حكمة تقتضي نقيض الحكم فإن الكل يسمى شرطاً، فأنت إذا عرفت الشرط فاعلم أنه يخالف السبب من وجه، ويوافقه من وجه آخر، ويخالف الركن أيضاً؛ لأن الركن هو الذي تنبني عليه العبادة، فهو جزء منها، وليس وصفاً فيها، فمثلاً الركوع والسجود والقيام والقعود في الصلاة أركان؛ لأن الصلاة تتكون من هذه الأشياء، مع أنه يلزم من عدمها العدم، ولا يلزم من وجودها وجود ولا عدم لذاته كالشرط.

قول المؤلف رحمه الله: (والشرط)، هذا من أحكام الوضع؛ لأن أحكام الوضع كما سبق هي: علة، وسبب، وشرط ومانع.

ثم الشرط في اللغة: العلامة، ومنه قوله تعالى: فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا [محمد:18]، أي: علاماتها.

وفي الشرع: ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته.

فكونه لا يلزم من عدمه العدم يوافق السبب؛ لأن السبب يلزم من عدمه العدم، فما هنا ليست نافية بمعنى الذي.

ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته، بهذا يخالف السبب؛ لأن السبب يلزم من وجوده الوجود كما سبق، فصار الشرط موافقاً للسبب في أن كلاً منهما يلزم من عدمه العدم، ومخالف له في أنه لا يلزم من وجوده الوجود والسبب يلزم من وجوده الوجود.

وقول المؤلف: (لا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته)، احتراز مما لو كان يلزم من عدمه العدم، ومن وجوده الوجود؛ لأنه لم يبق في الشروط سواه، فإنه إذا لم يبق في الشروط سواه لزم من عدمه العدم ومن وجوده الوجود، مثال ذلك: رجل صلى الصلاة كلها، وبقي عليه شرط واحد لم يأت به، هذا الشرط إذا وجد لزم من وجوده الوجود، فمثلاً شروط صحة الصلاة تسعة، أتى المكلف بثمانية، وبقي عليه واحد، هذا الواحد إذا أتى به لزم من وجوده الوجود، وإذا لم يأت به لزم من عدمه العدم؛ لكن ليس هذا لذاته، بل لاستيفاء الشروط سواه، فتوقف الوجوب هنا على وجوده والعدم على عدمه ليس لذاته، ولهذا لو فقد شرط آخر لم ننتفع بوجود هذا الشرط.

إذاً: كلمة (لذاته) احترازاً مما إذا وجدت الشروط سوى هذا الشرط، فإن هذا الشرط يتوقف على وجوده الوجود، وعلى عدمه العدم.




استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة اسٌتمع
مختصر التحرير [69] 3199 استماع
مختصر التحرير [54] 3186 استماع
مختصر التحرير [70] 3078 استماع
مختصر التحرير [33] 2823 استماع
مختصر التحرير [36] 2819 استماع
مختصر التحرير [23] 2741 استماع
مختصر التحرير [45] 2738 استماع
مختصر التحرير [4] 2688 استماع
مختصر التحرير [34] 2621 استماع
مختصر التحرير [24] 2611 استماع