خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/162"> الشيخ محمد بن صالح العثيمين . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/162?sub=8835"> شرح مختصر التحرير
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
مختصر التحرير [6]
الحلقة مفرغة
هذا الفصل من مباحث اللغة العربية، وله تعلق بأصول الفقه؛ لأن أصول الفقه -كما سبق- مركبة من الأدلة الشرعية ومن اللغة العربية أيضاً، فنحن في حاجة إلى معرفة هذا الفصل.
يقول المؤلف رحمه الله: [ فصل: اللغة أفيد من غيرها ]:
أفيد هذا هو الصواب، ولا يقال: أفود؛ لأنها من فاد يفيد فهي يائية وليست واوية، وما جرى على ألسنة كثير من الناس اليوم حيث يقولون: هذا أفود من هذا فهو خطأ عن اللغة، والصواب أن يقال: أفيد.
[ أفيد من غيرها وأيسر ] أي: من غيرها، يعني كالإشارات، لماذا؟
قال: [لأنها أخف]، أي: خفيفة، لكن الإشارات أو الكتابة أو الرموز أو ما أشبه ذلك؛ صعبة، وفهمها أيضاً قد يكون صعباً، فلهذا قيض الله عز وجل للعالم اللغة، بحيث ينطق، وهذا المبحث الواقع أنه قليل الفائدة؛ لأن فائدة اللغة معلومة بطبيعة الإنسان، ولكن المبحث المهم: هل اللغات توقيفية أم أن اللغات كسبية؟
الصحيح أنها أصلها توقيفي وإلهام من الله عز وجل، ولكن ما يتفرع منها كسب، ولهذا تزداد اللغة بزيادة الأشياء، حيث تحدث أشياء كانت غير موجودة فنحدث لها أسماء، هذه الأسماء التي أحدثناها زيادة في اللغة العربية.
فأصل اللغات توقيفي، ثم صار كسبياً عن طريق تجارب وطريق دعاء الحاجة إلى استحداث لفظ يليق بما حدث، والدليل على أنها توقيفية وإلهام قوله تعالى: وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا [البقرة:31]؛ لأن هذا يدل على أن آدم ما تعلم اللغة إلا بتعليم الله عز وجل.
ألفاظ اللغة بحسب الحاجة إليها
لا شك أن الناس مضطرون وليسوا محتاجين فقط، مضطرون غاية الضرورة إلى اللغة، ولا يمكن أن يعيش الناس بدون لغة، لو جمعنا مثلاً من العالم من كل ذي لغة واحداً وجعلناهم في قرية، فهل يعيشون عيشة سليمة كما يعيشها أصحاب اللغة الواحدة؟
لا؛ فيمكن لواحد أن يبربر على الثاني يقول: أعطني ماء، وذاك يظن أنه يقول: أعطني ناراً، فيأتي له بكبريت، فالناس مضطرون إلى معرفة اللغة سواء كانت اللغة العربية أم غيرها.
يقول: [ وهي ألفاظ وضعت لمعان ].
(وهي) أي: اللغة، (ألفاظ وضعت لمعان)، فقولنا: (ألفاظ) خرج به الإشارات، وخرج به الكتابة فإنها ليست ألفاظاً، ولهذا طريقة التفاهم بيننا الآن بالألفاظ، والكتابة والإشارات نيابة عن الألفاظ.
قال: [ فما الحاجة إليه، والظاهر أو كثر لم تخل من لفظ له ].
قوله: (فما الحاجة إليه) يعني: فما دعت الحاجة إليه.
وقوله: (والظاهر أو كثرت) هذا من كلام المؤلف كأن يقول: والظاهر أن ما كثرت الحاجة إليه فإنها لا تخلو من لفظ له، وأما ما لم تدع الحاجة إليه، سواء كانت لا تدعو إليه إطلاقاً أو تدعو إليه بقلة، فيقول المؤلف رحمه الله: [ ويجوز خلوها من لفظ لعكسهما ]، أي عكس الحاجة أو الحجة، ولو قال المؤلف: (لفقدهما) لكان أوضح.
على كل حال الألفاظ تنقسم إلى أربعة أقسام:
أولاً: ما دعت الحاجة إليه، فهذا لابد أن يكون في اللغة لفظ دال عليه، ونحن الآن نقسم الألفاظ باعتبار المعاني، فنقول: إذا كان المعنى مما تدعو الحاجة إليه ولابد منه فلابد أن يكون في اللغة لفظ له.
ثانياً: ما تكثر الحاجة إليه ويمكن الاستغناء عنه، لكن الحاجة تكثر إليه، فهذا لابد أن يوجد في اللغة لفظ يدل عليه؛ لئلا يفتقر الناس إلى ألفاظ هم في حاجة إليها؛ لكن في الغالب.
الثالث: ما لا تدعو الحاجة إليه أصلاً.
والرابع: ما تدعو الحاجة إليه بقلة، فهذا الثالث والرابع يمكن أو يجوز أن تخلو اللغة عن وجود لفظ دال عليها، ولكن لابد أن يحدث لها لفظ، لكن لفظ يكون قريباً من معنى اللغة العربية، فمثلاً الآن من طرق التفاهم بين الناس الطرق اللاسلكية، ماذا نسميها؟ هل يوجد في اللغة العربية معنى أو لفظ يدل على هذا المعنى؟ هذا المعنى غير موجود في اللغة العربية، أي غير موجود في زمن أهل اللغة العربية الذين هم العربية الفصحى، لكن نقول: يمكن أن نحدث أو يمكن أن ندخل هذا المعنى في لفظ وارد في اللغة العربية، وهو الهاتف، الهاتف موجود في اللغة العربية، يقول: سمعت هاتفاً يقول كذا وكذا، فنسميه الهاتف، وهل يجوز أن نسميه: التلفون؟
الجواب: يجوز أن تكون لغة معربة، لكن إذا وجد في اللغة العربية لفظ صالح لأن يكون لهذا المعنى فالأولى أن يستعمل اللفظ العربي.
الميكرفون هذا حدث بعد اللغة العربية فماذا نسميه؟
الظاهر: مكبر الصوت.
لو قال قائل: لم لا تسميه موصل الصوت؟ نقول: مكبر أحسن؛ لأنه في الواقع يكبر الصوت، وأنت إذا قلت: مكبر الصوت دخل فيه أنه موصل، لكن إذا قلت: موصل لا يدخل فيه المكبر.
على كل حال: ما دعت الحاجة إليه أو كثرت الحاجة إليه فإن اللغة العربية لا تخلو من لفظ له، وما لا تدعو الحاجة إليه أو كانت الحاجة إليه قليلة فقد تخلو منه.
اللفظ والصوت والقول والعلاقة بينها
الصوت هل هو عرض أم صفة؟
يقول المتكلمون: إنه عرض؛ لأن كل شيء يعرض ويزول فهو عرض، ولكن المؤلف رحمه الله يقول: بل صفة، وكأن المؤلف أراد أن يتحاشى أن يقال عن صوت الله عز وجل: إنه عرض، بل يقال: إنه صفة، والمتكلمون كما تعرفون يدعون أنهم ينزهون الله تعالى عن الأعراض والأغراض والأبعاض، ويدعون أن هذه الأشياء نقص.
إذاً: الخلاف في الواقع في جوهره لفظي؛ لأنه لا شك أن الصوت صفة من الصفات التي تعرض وتزول، ما دام الإنسان ناطقاً فالصوت مسموع، وإذا سكت فقد الصوت.
يقول: [ واللفظ صوت معتمد على بعض مخارج الحروف ] أيهما أعم صوت أم لفظ؟
الجواب: الصوت أعم، ولهذا قيده فقال: (صوت معتمد على بعض مخارج الحروف)، بخلاف صوت المدفع مثلاً فإننا لا نسميه لفظاً لأنه لا يعتمد على بعض مخارج الحروف.
ثم الرجل إذا عطس سمع له صوت، ولا نسمي هذا لفظاً؛ لأنه يعتمد على شيء من مخارج الحروف.
والأنين صوت لا شك، لكن هل هو لفظ أم لا؟
الجواب: على كل حال إذا انفرد أحدكم بنفسه فليئن وينظر: إذا كان يعتمد على بعض مخارج الحروف فهو لفظ وإلا فلا، وقد مر علينا أن الإمام أحمد لما مرض رحمه الله وكان يئن دخل عليه أحد أصحابه فقال له: إن طاوساً يقول: إن الإنسان يكتب عليه حتى أنين مرضه، لقوله تعالى: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق:18]، فامتنع الإمام أحمد عن الأنين خوفاً من أن يكتب عليه.
مخارج الحروف في اللسان والأسنان والحلق والجوف، هذه المخارج كلها يمر بها شيء واحد وهو الهواء الخارج من الرئة، ومع ذلك يمر على منطقة فيكون حرفاً، وعلى المنطقة الثانية يكون حرفاً مغايراً، وعلى منطقة ثالثة حرفاً مغايراً أيضاً، والكل في أدنى من لحظة، وهذا أمر يبهر العقول في الواقع، كيف يكون هذا الهواء الخارج يمر على منطقة بأدنى أدنى من لحظة فيكون س ج ط ض ع... إلخ، ولهذا قال تعالى: وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ [الذاريات:21]، الإنسان إذا تأمل في خلقته وما أودع الله تعالى فيها من الحكم الباهرة ينبهر في الواقع ويتعجب كيف يكون هذا الشيء سبباً لأمور متعددة مع أنه واحد؟ لكن بمروره على مناطق معينة يتكيف بحسب ما تقتضيه هذه المناطق.
قال: [ والقول لفظ وضع لمعنى ذهني ] إذاً: هو أخص من اللفظ.
فعندنا ثلاثة أشياء: صوت ولفظ وقول، وعندنا أيضاً معنى رابع يمكن أن يذكره المؤلف وهو الكلام، فالصوت أعمها، ولهذا الذي سمعنا الآن من الإشارة نسميه صوتاً، لكن لا نسميه لفظاً، ولو قال قائل مثلاً كلمة ليست موضوعة لمعنى، بل مهملة، فهي تسمى لفظاً، كما يقول النحويون في كلمة: ديز مقلوب زيد، هذا لفظ وليس بقول، فإذا وضع لمعنى ذهني أو لمعنى خاص كما يعبر به بعضهم صار قولاً.
القول إذاً: أخص من اللفظ، واللفظ أخص من الصوت، والله أعلم.
قال: [ القول لفظ وضع لمعنى ذهني ] معنى (ذهني) أي: يدركه الذهن وإن لم يكن معلوماً في الخارج، بل وإن كان مستحيلاً في الخارج، ففي مثل قوله تعالى: لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا [الأنبياء:22] نسمي هذا قولاً؛ لأننا ندرك بالذهن أنه لو كان في السماوات والأرض آلهة غير الله لفسدتا، لكن هل يمكن أن يوجد هذا في الخارج؟ لا يمكن، فالعمدة على الذهن.
فقوله رحمه الله: (والقول لفظ وضع لمعنى ذهني) الواضع له أهل اللغة؛ لأنهم هم الذين يضعون الألفاظ بإزاء المعاني.
ثم يقول المؤلف: [ وسببها حاجة الناس ].
لا شك أن الناس مضطرون وليسوا محتاجين فقط، مضطرون غاية الضرورة إلى اللغة، ولا يمكن أن يعيش الناس بدون لغة، لو جمعنا مثلاً من العالم من كل ذي لغة واحداً وجعلناهم في قرية، فهل يعيشون عيشة سليمة كما يعيشها أصحاب اللغة الواحدة؟
لا؛ فيمكن لواحد أن يبربر على الثاني يقول: أعطني ماء، وذاك يظن أنه يقول: أعطني ناراً، فيأتي له بكبريت، فالناس مضطرون إلى معرفة اللغة سواء كانت اللغة العربية أم غيرها.
يقول: [ وهي ألفاظ وضعت لمعان ].
(وهي) أي: اللغة، (ألفاظ وضعت لمعان)، فقولنا: (ألفاظ) خرج به الإشارات، وخرج به الكتابة فإنها ليست ألفاظاً، ولهذا طريقة التفاهم بيننا الآن بالألفاظ، والكتابة والإشارات نيابة عن الألفاظ.
قال: [ فما الحاجة إليه، والظاهر أو كثر لم تخل من لفظ له ].
قوله: (فما الحاجة إليه) يعني: فما دعت الحاجة إليه.
وقوله: (والظاهر أو كثرت) هذا من كلام المؤلف كأن يقول: والظاهر أن ما كثرت الحاجة إليه فإنها لا تخلو من لفظ له، وأما ما لم تدع الحاجة إليه، سواء كانت لا تدعو إليه إطلاقاً أو تدعو إليه بقلة، فيقول المؤلف رحمه الله: [ ويجوز خلوها من لفظ لعكسهما ]، أي عكس الحاجة أو الحجة، ولو قال المؤلف: (لفقدهما) لكان أوضح.
على كل حال الألفاظ تنقسم إلى أربعة أقسام:
أولاً: ما دعت الحاجة إليه، فهذا لابد أن يكون في اللغة لفظ دال عليه، ونحن الآن نقسم الألفاظ باعتبار المعاني، فنقول: إذا كان المعنى مما تدعو الحاجة إليه ولابد منه فلابد أن يكون في اللغة لفظ له.
ثانياً: ما تكثر الحاجة إليه ويمكن الاستغناء عنه، لكن الحاجة تكثر إليه، فهذا لابد أن يوجد في اللغة لفظ يدل عليه؛ لئلا يفتقر الناس إلى ألفاظ هم في حاجة إليها؛ لكن في الغالب.
الثالث: ما لا تدعو الحاجة إليه أصلاً.
والرابع: ما تدعو الحاجة إليه بقلة، فهذا الثالث والرابع يمكن أو يجوز أن تخلو اللغة عن وجود لفظ دال عليها، ولكن لابد أن يحدث لها لفظ، لكن لفظ يكون قريباً من معنى اللغة العربية، فمثلاً الآن من طرق التفاهم بين الناس الطرق اللاسلكية، ماذا نسميها؟ هل يوجد في اللغة العربية معنى أو لفظ يدل على هذا المعنى؟ هذا المعنى غير موجود في اللغة العربية، أي غير موجود في زمن أهل اللغة العربية الذين هم العربية الفصحى، لكن نقول: يمكن أن نحدث أو يمكن أن ندخل هذا المعنى في لفظ وارد في اللغة العربية، وهو الهاتف، الهاتف موجود في اللغة العربية، يقول: سمعت هاتفاً يقول كذا وكذا، فنسميه الهاتف، وهل يجوز أن نسميه: التلفون؟
الجواب: يجوز أن تكون لغة معربة، لكن إذا وجد في اللغة العربية لفظ صالح لأن يكون لهذا المعنى فالأولى أن يستعمل اللفظ العربي.
الميكرفون هذا حدث بعد اللغة العربية فماذا نسميه؟
الظاهر: مكبر الصوت.
لو قال قائل: لم لا تسميه موصل الصوت؟ نقول: مكبر أحسن؛ لأنه في الواقع يكبر الصوت، وأنت إذا قلت: مكبر الصوت دخل فيه أنه موصل، لكن إذا قلت: موصل لا يدخل فيه المكبر.
على كل حال: ما دعت الحاجة إليه أو كثرت الحاجة إليه فإن اللغة العربية لا تخلو من لفظ له، وما لا تدعو الحاجة إليه أو كانت الحاجة إليه قليلة فقد تخلو منه.
ثم قال المؤلف: [ والصوت عرض مسموع قلت: بل صفة مسموعة، والله أعلم ].
الصوت هل هو عرض أم صفة؟
يقول المتكلمون: إنه عرض؛ لأن كل شيء يعرض ويزول فهو عرض، ولكن المؤلف رحمه الله يقول: بل صفة، وكأن المؤلف أراد أن يتحاشى أن يقال عن صوت الله عز وجل: إنه عرض، بل يقال: إنه صفة، والمتكلمون كما تعرفون يدعون أنهم ينزهون الله تعالى عن الأعراض والأغراض والأبعاض، ويدعون أن هذه الأشياء نقص.
إذاً: الخلاف في الواقع في جوهره لفظي؛ لأنه لا شك أن الصوت صفة من الصفات التي تعرض وتزول، ما دام الإنسان ناطقاً فالصوت مسموع، وإذا سكت فقد الصوت.
يقول: [ واللفظ صوت معتمد على بعض مخارج الحروف ] أيهما أعم صوت أم لفظ؟
الجواب: الصوت أعم، ولهذا قيده فقال: (صوت معتمد على بعض مخارج الحروف)، بخلاف صوت المدفع مثلاً فإننا لا نسميه لفظاً لأنه لا يعتمد على بعض مخارج الحروف.
ثم الرجل إذا عطس سمع له صوت، ولا نسمي هذا لفظاً؛ لأنه يعتمد على شيء من مخارج الحروف.
والأنين صوت لا شك، لكن هل هو لفظ أم لا؟
الجواب: على كل حال إذا انفرد أحدكم بنفسه فليئن وينظر: إذا كان يعتمد على بعض مخارج الحروف فهو لفظ وإلا فلا، وقد مر علينا أن الإمام أحمد لما مرض رحمه الله وكان يئن دخل عليه أحد أصحابه فقال له: إن طاوساً يقول: إن الإنسان يكتب عليه حتى أنين مرضه، لقوله تعالى: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق:18]، فامتنع الإمام أحمد عن الأنين خوفاً من أن يكتب عليه.
مخارج الحروف في اللسان والأسنان والحلق والجوف، هذه المخارج كلها يمر بها شيء واحد وهو الهواء الخارج من الرئة، ومع ذلك يمر على منطقة فيكون حرفاً، وعلى المنطقة الثانية يكون حرفاً مغايراً، وعلى منطقة ثالثة حرفاً مغايراً أيضاً، والكل في أدنى من لحظة، وهذا أمر يبهر العقول في الواقع، كيف يكون هذا الهواء الخارج يمر على منطقة بأدنى أدنى من لحظة فيكون س ج ط ض ع... إلخ، ولهذا قال تعالى: وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ [الذاريات:21]، الإنسان إذا تأمل في خلقته وما أودع الله تعالى فيها من الحكم الباهرة ينبهر في الواقع ويتعجب كيف يكون هذا الشيء سبباً لأمور متعددة مع أنه واحد؟ لكن بمروره على مناطق معينة يتكيف بحسب ما تقتضيه هذه المناطق.
قال: [ والقول لفظ وضع لمعنى ذهني ] إذاً: هو أخص من اللفظ.
فعندنا ثلاثة أشياء: صوت ولفظ وقول، وعندنا أيضاً معنى رابع يمكن أن يذكره المؤلف وهو الكلام، فالصوت أعمها، ولهذا الذي سمعنا الآن من الإشارة نسميه صوتاً، لكن لا نسميه لفظاً، ولو قال قائل مثلاً كلمة ليست موضوعة لمعنى، بل مهملة، فهي تسمى لفظاً، كما يقول النحويون في كلمة: ديز مقلوب زيد، هذا لفظ وليس بقول، فإذا وضع لمعنى ذهني أو لمعنى خاص كما يعبر به بعضهم صار قولاً.
القول إذاً: أخص من اللفظ، واللفظ أخص من الصوت، والله أعلم.
قال: [ القول لفظ وضع لمعنى ذهني ] معنى (ذهني) أي: يدركه الذهن وإن لم يكن معلوماً في الخارج، بل وإن كان مستحيلاً في الخارج، ففي مثل قوله تعالى: لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا [الأنبياء:22] نسمي هذا قولاً؛ لأننا ندرك بالذهن أنه لو كان في السماوات والأرض آلهة غير الله لفسدتا، لكن هل يمكن أن يوجد هذا في الخارج؟ لا يمكن، فالعمدة على الذهن.
فقوله رحمه الله: (والقول لفظ وضع لمعنى ذهني) الواضع له أهل اللغة؛ لأنهم هم الذين يضعون الألفاظ بإزاء المعاني.
قال: [ والوضع خاص: وهو جعل اللفظ دليلاً على المعنى، وعام: وهو تخصيص شيء بشيء يدل عليه كالمقادير ].
يعني: أن الألفاظ الموضوعة للمعاني بعضها خاص وبعضها عام، الخاص أن يوضع اللفظ لمعنى خاص مفرد كزيد علماً على شخص، وبيت اسم لشيء معين، نقول: هذا الوضع خاص لا عام.
ويوجد لفظ عام، أي لفظ وضع لدلالة عامة غير مقيدة بعين شخص ولا بوصفه كالمقادير، فالمقادير ما تقدر بها الأحجام، أو ما تقدر بها الأثقال، أو ما تقدر بها الكميات، مثلاً كلمة: (صاع) هذه من اللفظ الموضوع لمعنى عام؛ لأنه يشمل الصاع من البر ومن الرز، ومن الجص مثلاً، ومن الأشنان، ومن كل ما يكال، كذلك إذا قلنا: مثقال فهو عام؛ لأنه صالح لكل ما يوزن ويقدر بهذا المثقال من أي نوع كان: مثقال من الذهب، مثقال من الفضة، مثقال من الزبيب، مثقال من البر.. إلخ.
طيب: العدد كلمة (عشرين) مثلاً عام؛ لأنه يشمل أي عشرين من أي شيء، مثل: عشرين رجلاً، عشرين امرأة، عشرين شاة، عشرين بعيراً، عشرين بيتاً.. إلخ، نقول: هذا نسميه الوضع العام، والأول الخاص، وهو الدال على شيء معين.
قال: [ وهو: تخصيص شيء بشيء يدل عليه، والاستعمال: إطلاق اللفظ وإرادة المعنى ].
الاستعمال من المتكلم أن يطلق اللفظ ويريد المعنى، أنا مثلاً عندما أقول: عشرين ديناراً، لست أنا الذي وضع العشرين، بل الذي وضعها هم العرب، فإذا استعملت كلمة عشرون ديناراً، فقلت: عندي عشرون ديناراً، نسمي هذا استعمالاً.
إذاً: الاستعمال يكون في المرتبة الثانية بعد الوضع، فأولاً: الوضع، توضع اللغة، ثانياً: الاستعمال، تستعمل وتدال بين الناس.
بعد ذلك الحمل، قال: [ والحمل: اعتقاد السامع مراد المتكلم من لفظه ].
هذا نسميه حملاً ويتعلق بغير المتكلم، أي: يتعلق بالسامع، بحيث يعتقد معنى الكلام من لفظ المتكلم، فإذا قال المتكلم: (جاء زيد) وعرف السامع معنى (جاء زيد) ونسبة المجيء إلى زيد، وحكم بمجيء زيد؛ نسمي هذا حملاً.
فعندنا الآن في الكلمات: وضع واستعمال وحمل، فالوضع باعتبار الواضع الأول، والاستعمال باعتبار المستعمل الذي استخدم الكلام لأغراضه، والحمل باعتبار السامع.
انظر اللغة كيف هي دائرة الآن، اللغة لابد فيها من واضع ومستعمل وحامل، وهي هكذا دائرة بين الناس، هذا يضعها، وهذا يستعمل اللفظ فيما وضع له، والثالث يحمل اللفظ على ما أريد به.