مختصر التحرير [5]


الحلقة مفرغة

تعريف الحد لغة واصطلاحاً

قال: [ فصل: الحد لغة المنع ].

الحد في اللغة: المنع، ولو قيل: ما يحصل به المنع، لكان أولى؛ لأنه ليس المنع نفسه ولكن ما يحصل به المنع، فهذه حدود الأرض تسمى حداً؛ لأنه يحصل بها المنع، أي منع تعدي أحد الجارين على الآخر، وحدود الله التي هي العقوبات المرتبة على المعاصي، فهل هي المنع أم يحصل بها المنع؟

الجواب: يحصل بها المنع.

وحدود الله الأوامر يحصل بها المنع أيضاً، فلو قيل: الحد ما يحصل به المنع أو ما يكون مانعاً لكان أوضح من قولنا: الحد هو المنع.

على كل حال: الشيء الفاصل بين شيئين يسمى حداً.

أما في الاصطلاح فقال: [ هو الوصف المحيط بموصوفه المميز له عن غيره ]؛ هذا الحد في الاصطلاح، وهو الوصف المحيط بموصوفه المميز له عن غيره، فلابد أن يكون جامعاً، وهذا معنى قولنا: (المحيط بموصوفه)، ولابد أن يكون مانعاً وهذا معنى قولنا: (المميز له عن غيره).

فلابد في كل حد أن يكون محيطاً بالمحدود ومانعاً من دخول غيره، مثال ذلك: لو قيل: ما الإنسان؟ فتقول: حيوان ناطق!

الآن نريد أن نمشي مع المناطقة، لا تستطيعون أن تقولوا: نحن لسنا حيوانات!

الإنسان حيوان ناطق، هذا الحد محيط بموصوفه، في قوله: (حيوان)؛ فإن الحيوانية في كل ذي روح، مميز له عن غيره بقوله: (ناطق)؛ لأن كلمة (ناطق) تخرج البهيم، بل تخرج جميع الحيوانات سوى الإنسان.

أما الببغاء فليس بناطق.

إذاً: نقول: الإنسان حيوان ناطق، هذا حد محيط للمحدود مانع لغيره، طيب تقول مثلاً: الصلاة عبادة ذات أقوال وأفعال معلومة مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم.

فقولك: عبادة وصف محيط جامع لكل الصلوات، بل وللعبادات الأخرى، وقولك: ذات أقوال وأفعال معلومة مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم، هذا مميز لها عن غيرها؛ لأنك تأتي مثلاً للصيام تجده عبادة لكن ليس مفتتحاً بالتكبير ولا مختتماً بالسليم، نأتي للحج نجده عبادة لكن ليس مفتتحاً بالتكبير ولا مختتماً بالتسليم.

فالحد سواء كان حداً لمحسوس أو حداً لمعقول هو الوصف المحيط بموصوفه المميز له عن غيره.

لكن لو قلنا مثلاً في الإنسان: الإنسان هو الحيوان، فهل هذا الحد محيط بموصوفه أم لا؟

الجواب: نعم، لأنه يشمل جميع الإنسان، لكنه غير مميز له عن غيره؛ لأنه يدخل فيه الحيوانات كلها.

ولو قلنا: الإنسان حيوان كاتب. فليس محيطاً بموصوفه؛ لأنه يخرج الإنسان الذي لا يكتب.

لو قلنا في الصلاة: عبادة ذات أقوال وأفعال معلومة مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم فرضها الله على عباده، فهذا الحد لا يصلح لأنه غير محيط بالمحدود، لأنه خرج منه النفل؛ لأنك الآن قيدت الصلاة بأنها عبادة مفروضة، مع أن الصلاة منها مفروض ومنها غير مفروض.

فالمهم الآن لابد أن يكون الحد محيطاً بالموصوف وهذا معنى قولنا: (جامع)، مميز له عن غيره وهذا معنى قولنا: (مانع).

فكل لفظ أحاط بمعناه وأخرج ما سواه فهو حد، إذا قلنا: (الإنسان حيوان ناطق) مثلاً، فهو لفظ أحاط بمعناه وأخرج به ما سواه، وإذا قلنا: (الطهارة هي ارتفاع الحدث وما في معناه وزوال الخبث) فهو لفظ أحاط بمعناه وأخرج به ما سواه، المؤلف قال: (هو الوصف المحيط بموصوفه المميز له عن غيره) والمعنى واحد، لكن بعض العبارات قد تكون أوضح من بعض.

أهمية الحدود في العلوم

قال المؤلف هنا: [ وهو أصل كل علم ]:

ووجه ذلك أن بالحد يكون التصور، لا يمكن أن تتصور الشيء إلا بمعرفة حده.

والحد هو التعريف، إذا قيل لك: عرف الطهارة؟ عرف الصلاة؟ عرف الحج؟ فإنك تأتي بحدودها، إذاً: الحد هو التعريف، أيضاً هذه نقطة تقرب لكم الموضوع، أن الحد هو التعريف الذي عرف به الشيء.

يقول المؤلف إنه أصل كل علم؛ لأن الحد تعريف للمحدود، والتعريف بالشيء يستلزم تصوره، والحكم على الشيء فرع عن تصوره، فهذا وجه كون الحد أصل كل علم؛ لأنك لا يمكن أن تحكم على شيء بنفي أو إثبات أو صحة أو فساد إلا بعد تصوره، والتصور التام هو الحد، ولهذا قال: إنه أصل كل علم.

وبيان ذلك: أن الحد يكون به تصور المحدود، والحكم على الشيء فرع عن تصوره، إذاً: فهو الدرجة الأولى للأحكام إثباتاً أو نفياً، فلهذا قالوا إنه أصل كل علم.

شروط الحدود أن تكون جامعة مانعة

قال: [ وشرطه أن يكون مطرداً -وهو المانع- كلما وجد وجد المحدود، منعكساً وهو الجامع ].

الاطراد يقول المؤلف إنه المانع، وهو الذي يمنع من دخول غير المحدود في الحد.

وأن يكون منعكساً، يقول: وهو الجامع الذي يمنع من خروج شيء من أفراد المحدود عن الحد.

فالجامع والمانع متعاكسان، المانع هو الذي يمنع من دخول غير المحدود في الحد، والجامع هو الذي يمنع من خروج شيء من أفراد المحدود عن الحد، أي: أنه يجمع جميع أفراد المحدود فلا يخرج منها شيء، مثال ذلك: قال قائل في حد الإنسان: إنه الحيوان الماشي، فهذا غير مطرد؛ لأنه لا يمنع من دخول غير المحدود في الحد، لأنك إذا قلت: إن الإنسان هو الحيوان الماشي، دخل فيه البهائم لأنها حيوان تمشي فلا يكون مانعاً، والمانع هو المطرد على رأي المؤلف.

إذا قلت: الإنسان حيوان ذو لحية مثلاً، لم يصح هذا حداً؛ لأنه ليس جامعاً، إذ أنه يخرج به كل إنسان لا لحية له، وهذا لا يصح، لابد أن يكون الحد جامعاً مانعاً.

ويقول في المانع: كلما وجد الحد وجد المحدود؛ لأنه إذا كان مانعاً من دخول غيره فإنه يلزم إذا وجد الحد أن يوجد المحدود؛ ولو كان غير مانع لكان يوجد الحد ولا يوجد المحدود.

كذلك الجامع كلما وجد المحدود -وهو الإنسان- وجد الحد.

ولكن بعض العلماء عكس القضية في مسألة الجامع والمانع، فقال: إن الجامع هو الذي يجمع جميع أفراد المحدود، فكلما وجد المحدود وجد الحد، والمانع بالعكس، والذي ذهب إليه البعض هو الصحيح؛ لأن الحد إذا لم يكن جامعاً لجميع أفراد المحدود لم يكن مطرداً، وإذا لم يكن مانعاً لم يكن منعكساً؛ لأنه إذا جاء العكس لم يمنع من دخوله.

على كل حال المعنى بدلاً من هذه الكلمات كلها أن نقول: لابد أن يكون الحد مشتملاً على جميع أفراد المحدود، وأن يكون مانعاً من دخول غير المحدود فيه؛ لأنه إن لم يجمع جميع أفراد المحدود صار ناقصاً، وإن خرج به شيء من أفراد المحدود صار أيضاً ناقصاً؛ لأننا زدنا فيه وصفاً لا نحتاج إليه، وسيأتي إن شاء الله ما يوضحه أكثر.

قال: [ ويلزم أنه كلما انتفى الحد انتفى المحدود ] يعني: يلزم من قولنا إنه لابد أن يكون جامعاً مانعاً، أنه كلما انتفى الحد انتفى المحدود، وهذا واضح، إذا كان الحد غير جامع أو غير مانع فإنه لا يلزم أنه كلما انتفى الحد انتفى المحدود، فلا يمكن أن يلزم كلما انتفى الحد انتفى المحدود إلا إذا كان الحد جامعاًمانعاً.

قال: [ فصل: الحد لغة المنع ].

الحد في اللغة: المنع، ولو قيل: ما يحصل به المنع، لكان أولى؛ لأنه ليس المنع نفسه ولكن ما يحصل به المنع، فهذه حدود الأرض تسمى حداً؛ لأنه يحصل بها المنع، أي منع تعدي أحد الجارين على الآخر، وحدود الله التي هي العقوبات المرتبة على المعاصي، فهل هي المنع أم يحصل بها المنع؟

الجواب: يحصل بها المنع.

وحدود الله الأوامر يحصل بها المنع أيضاً، فلو قيل: الحد ما يحصل به المنع أو ما يكون مانعاً لكان أوضح من قولنا: الحد هو المنع.

على كل حال: الشيء الفاصل بين شيئين يسمى حداً.

أما في الاصطلاح فقال: [ هو الوصف المحيط بموصوفه المميز له عن غيره ]؛ هذا الحد في الاصطلاح، وهو الوصف المحيط بموصوفه المميز له عن غيره، فلابد أن يكون جامعاً، وهذا معنى قولنا: (المحيط بموصوفه)، ولابد أن يكون مانعاً وهذا معنى قولنا: (المميز له عن غيره).

فلابد في كل حد أن يكون محيطاً بالمحدود ومانعاً من دخول غيره، مثال ذلك: لو قيل: ما الإنسان؟ فتقول: حيوان ناطق!

الآن نريد أن نمشي مع المناطقة، لا تستطيعون أن تقولوا: نحن لسنا حيوانات!

الإنسان حيوان ناطق، هذا الحد محيط بموصوفه، في قوله: (حيوان)؛ فإن الحيوانية في كل ذي روح، مميز له عن غيره بقوله: (ناطق)؛ لأن كلمة (ناطق) تخرج البهيم، بل تخرج جميع الحيوانات سوى الإنسان.

أما الببغاء فليس بناطق.

إذاً: نقول: الإنسان حيوان ناطق، هذا حد محيط للمحدود مانع لغيره، طيب تقول مثلاً: الصلاة عبادة ذات أقوال وأفعال معلومة مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم.

فقولك: عبادة وصف محيط جامع لكل الصلوات، بل وللعبادات الأخرى، وقولك: ذات أقوال وأفعال معلومة مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم، هذا مميز لها عن غيرها؛ لأنك تأتي مثلاً للصيام تجده عبادة لكن ليس مفتتحاً بالتكبير ولا مختتماً بالسليم، نأتي للحج نجده عبادة لكن ليس مفتتحاً بالتكبير ولا مختتماً بالتسليم.

فالحد سواء كان حداً لمحسوس أو حداً لمعقول هو الوصف المحيط بموصوفه المميز له عن غيره.

لكن لو قلنا مثلاً في الإنسان: الإنسان هو الحيوان، فهل هذا الحد محيط بموصوفه أم لا؟

الجواب: نعم، لأنه يشمل جميع الإنسان، لكنه غير مميز له عن غيره؛ لأنه يدخل فيه الحيوانات كلها.

ولو قلنا: الإنسان حيوان كاتب. فليس محيطاً بموصوفه؛ لأنه يخرج الإنسان الذي لا يكتب.

لو قلنا في الصلاة: عبادة ذات أقوال وأفعال معلومة مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم فرضها الله على عباده، فهذا الحد لا يصلح لأنه غير محيط بالمحدود، لأنه خرج منه النفل؛ لأنك الآن قيدت الصلاة بأنها عبادة مفروضة، مع أن الصلاة منها مفروض ومنها غير مفروض.

فالمهم الآن لابد أن يكون الحد محيطاً بالموصوف وهذا معنى قولنا: (جامع)، مميز له عن غيره وهذا معنى قولنا: (مانع).

فكل لفظ أحاط بمعناه وأخرج ما سواه فهو حد، إذا قلنا: (الإنسان حيوان ناطق) مثلاً، فهو لفظ أحاط بمعناه وأخرج به ما سواه، وإذا قلنا: (الطهارة هي ارتفاع الحدث وما في معناه وزوال الخبث) فهو لفظ أحاط بمعناه وأخرج به ما سواه، المؤلف قال: (هو الوصف المحيط بموصوفه المميز له عن غيره) والمعنى واحد، لكن بعض العبارات قد تكون أوضح من بعض.

قال المؤلف هنا: [ وهو أصل كل علم ]:

ووجه ذلك أن بالحد يكون التصور، لا يمكن أن تتصور الشيء إلا بمعرفة حده.

والحد هو التعريف، إذا قيل لك: عرف الطهارة؟ عرف الصلاة؟ عرف الحج؟ فإنك تأتي بحدودها، إذاً: الحد هو التعريف، أيضاً هذه نقطة تقرب لكم الموضوع، أن الحد هو التعريف الذي عرف به الشيء.

يقول المؤلف إنه أصل كل علم؛ لأن الحد تعريف للمحدود، والتعريف بالشيء يستلزم تصوره، والحكم على الشيء فرع عن تصوره، فهذا وجه كون الحد أصل كل علم؛ لأنك لا يمكن أن تحكم على شيء بنفي أو إثبات أو صحة أو فساد إلا بعد تصوره، والتصور التام هو الحد، ولهذا قال: إنه أصل كل علم.

وبيان ذلك: أن الحد يكون به تصور المحدود، والحكم على الشيء فرع عن تصوره، إذاً: فهو الدرجة الأولى للأحكام إثباتاً أو نفياً، فلهذا قالوا إنه أصل كل علم.