شرح العمدة (الأمالي) - كتاب البيوع - مراجعة في كتاب البيوع


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونصلي ونسلم على خاتم رسله، وأفضل أنبيائه، وخيرته من خلقه، محمد صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً.

ثم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وهذا هو الدرس الثاني من سلسلة هذه الدروس في الدورة العلمية المكثفة الأولى، في هذا اليوم الذي هو يوم الأحد، وتاريخه أعتقد هو (19) من ربيع الثاني من سنة (1423) للهجرة.

الاتفاق أن درس اليوم سوف يكون -إن شاء الله- في العمدة في كتاب البيوع. وقد سبق أن شرحنا من كتاب البيوع عدداً من الأبواب والدروس تزيد على أربعة أو خمسة، لكن مراعاة لأن مجموعة طيبة من الإخوة جاءوا إلى هذه الدورة من مناطق شتى، أحببنا أن يشاركونا في كتاب البيوع من أوله، ولكن -على سبيل الإيجاز والاختصار- فهذه الجلسة سوف أجعلها تمهيداً وعرضاً مختصراً وسريعاً لجميع الأبواب والمقدمات السابقة التي يقوم عليها كتاب البيوع ربما بأكمله، فسوف نعرض في حوالي اثنتي عشرة نقطة معظم المسائل التي مرت معنا في كتاب البيوع.

النقطة الأولى: الحاجة إلى عقد البيع.

فإن عقد البيع هو -كما يقال- أبو العقود كلها وأسبقها، والناس إليه أشد حاجة، ولهذا يذكر عقد البيع عادة في أول المعاملات؛ بعدما ينتهي الفقهاء من كتاب العبادات ينتقلون إلى المعاملات، فيبدءون بالبيع، وأحياناً يسمونه كتاب البيع، وقد يسمونه كتاب البيوع؛ إشارة أولاً: إلى أن هذا العقد هو من العقود المهمة كما ذكرنا؛ فإن الناس لا غنى لهم عن البيع والشراء، فعندي حاجات أستغني عنها فأبيعها، وعندك أمور تحتاجها تجدها عندي أو عند فلان أو علان، وهذا عنده نقد، وهذا عنده سلعة وهكذا، فهو نوع من التبادل والتعاطي بين الناس لابد للمجتمعات البشرية منه.

عقود البيع من العقود المسماة في الشريعة

وثانياً: لأن هذا العقد من العقود المسماة -كما ذكرنا- في الشريعة، فهو عقد مسمى؛ سماه الله تعالى البيع: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا [البقرة:275]، أو التجارة: إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ [النساء:29]، وهكذا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( وكل بيع مبرور ) كما في الحديث الذي في مسند أحمد .

إذاً فهو من العقود المسماة، بخلاف أن هناك عقوداً أخرى قد يتعامل الناس بها دون أن يكون لها اسم، وقد يطرأ عند الناس اليوم في هذا العصر عقد جديد لا يعرفون ما اسمه، فأنت مثلاً حينما تسكن في فندق، وتأخذ غرفة وتجلس فيها ويكون لها توابعها من الطعام والشراب والاحتياجات الأخرى والتنقل، فهذا عقد مختلط من مجموعة أشياء؛ فيه إجارة وفيه شراء وفيه أمور ثانية، فهذا العقد قد لا يكون مسمى بالضبط، فيحتاج إلى اسم خاص به، بخلاف العقود التي سميت في الكتاب أو في السنة أو حتى عند الفقهاء، فإنها تسمى عقوداً مسماة.

أنواع عقود البيع

وكذلك عقد البيع يتفرع عنه عقود متعددة، فهناك -كما سوف يأتي ضمن الحديث- هناك ما يسمى بعقد السلم، هناك عقد الاستصناع .. هناك الدين .. هناك عقود عديدة وأنواع، ولهذا يسمى البيوع أحياناً، وقد يسمى كتاباً؛ لأنه يوجد في ضمنه وفي داخله عدد من الأبواب والفصول والأنواع.

عقود البيع بين عقود المعاوضات

هذا البيع أو هذا العقد هو أيضاً من عقود المبادلات أو من عقود المعاوضات، لأنه لابد فيه من ثمن ولابد فيه من سلعة، هذا يدفع شيئاً ويأخذ عوضه، والآخر مثل ذلك، فهي من عقود المعاوضات، بخلاف الأنواع الأخرى، هناك عقود تسمى عقود إرفاق، يعني: المقصود بها الرفق بالناس والتسهيل عليهم، وليست عقود معاوضات وبيع وشراء وتجارة، هذه نقطة.

وثانياً: لأن هذا العقد من العقود المسماة -كما ذكرنا- في الشريعة، فهو عقد مسمى؛ سماه الله تعالى البيع: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا [البقرة:275]، أو التجارة: إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ [النساء:29]، وهكذا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( وكل بيع مبرور ) كما في الحديث الذي في مسند أحمد .

إذاً فهو من العقود المسماة، بخلاف أن هناك عقوداً أخرى قد يتعامل الناس بها دون أن يكون لها اسم، وقد يطرأ عند الناس اليوم في هذا العصر عقد جديد لا يعرفون ما اسمه، فأنت مثلاً حينما تسكن في فندق، وتأخذ غرفة وتجلس فيها ويكون لها توابعها من الطعام والشراب والاحتياجات الأخرى والتنقل، فهذا عقد مختلط من مجموعة أشياء؛ فيه إجارة وفيه شراء وفيه أمور ثانية، فهذا العقد قد لا يكون مسمى بالضبط، فيحتاج إلى اسم خاص به، بخلاف العقود التي سميت في الكتاب أو في السنة أو حتى عند الفقهاء، فإنها تسمى عقوداً مسماة.

وكذلك عقد البيع يتفرع عنه عقود متعددة، فهناك -كما سوف يأتي ضمن الحديث- هناك ما يسمى بعقد السلم، هناك عقد الاستصناع .. هناك الدين .. هناك عقود عديدة وأنواع، ولهذا يسمى البيوع أحياناً، وقد يسمى كتاباً؛ لأنه يوجد في ضمنه وفي داخله عدد من الأبواب والفصول والأنواع.

هذا البيع أو هذا العقد هو أيضاً من عقود المبادلات أو من عقود المعاوضات، لأنه لابد فيه من ثمن ولابد فيه من سلعة، هذا يدفع شيئاً ويأخذ عوضه، والآخر مثل ذلك، فهي من عقود المعاوضات، بخلاف الأنواع الأخرى، هناك عقود تسمى عقود إرفاق، يعني: المقصود بها الرفق بالناس والتسهيل عليهم، وليست عقود معاوضات وبيع وشراء وتجارة، هذه نقطة.

النقطة الثانية: أن من المعروف أن أحكام الشريعة الإسلامية تنقسم إلى قسمين أو مجموعتين:

المجموعة الأولى: ما يتعلق بالعبادات التي تصلح بها الآخرة أو يصلح بها الدين، وذلك كالطهارة والصلاة والزكاة والصوم والحج، فهذه تسمى عبادات .. قسم العبادات.

وبالمناسبة فقد أنجزنا -ولله الحمد- من العمدة شرح قسم العبادات في نحو خمسين شريطاً، سوف تكون متاحة ومداولة للإخوة عما قريب إن شاء الله تعالى، هذا نوع.

إذاً: النوع الأول من أحكام الشريعة ما يتعلق بالعبادات.

والنوع الثاني منها ما يتعلق بالمعاملات، وقد تسمى بالعادات.

ليس هناك مشكلة في هذا التقسيم؛ لأنه تقسيم صحيح، ويترتب عليه نتائج معينة.

العبادات في الشريعة الأصل فيها التفصيل

من الفروق بين العبادات والمعاملات: أن العبادات في الشريعة الأصل فيها التفصيل، يعني: جاءت الشريعة بتفصيل العبادات؛ كيف تصلي .. كيف ترفع يديك عند تكبيرة الإحرام .. كيف تركع .. كيف تسجد .. ماذا تقول .. كيف تقول .. كيف تقعد، فتجد الإنسان حينما يتلبس بعبادة توحي إليه الشريعة بتفاصيل هذه العبادة التي ينبغي أن يقوم بها، هذا أولاً؛ الأصل فيها التفصيل.

العبادات في الشريعة الأصل فيها التوقيف

ثانياً: أن الأصل فيها أيضاً التوقيف، بمعنى: أنه لا يحل لأحد أن يتصرف في العبادة إلا بإذن من الشرع، فالشريعة هي التي تحدد لك كل ما يتعلق بهذه العبادة؛ من حيث جنس العبادة، ومن حيث سببها ومن حيث عددها، ومن حيث صفتها، ومن حيث هيئتها وما يتعلق بها، فكل الأشياء المتعلقة بالعبادة لابد أن تكون بأمر وإذن من الشارع، فإذا خرج الإنسان في العبادات عن إذن الشريعة كان مبتدعاً، ولهذا كانت الزيادة في العبادات بدعة: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ [الشورى:21]، هذا نظام العبادات.

المعاملات في الشريعة الأصل فيها الإجمال

بينما القسم الثاني وهو العادات؛ الأصل فيها الإجمال وليس التفصيل، ولهذا تجد أن النصوص في المعاملات ليست كثيرة ولا مفصلة، وإنما هي نصوص إجمالية تنقسم تقريباً إلى قسمين:

القسم الأول في النصوص الواردة في المعاملات: هو بيان ما يحرم من المعاملات، كأن يبين الله تعالى أو الرسول صلى الله عليه وسلم لنا ما يحرم من البيوع، فيحرم كذا ويحرم كذا ويحرم كذا، معنى ذلك أن ما لم يذكر فهو حلال.

فالنوع الأول من النصوص يتعلق ببيان المحرمات كأنه يقول: هذه الأشياء ممنوعة، وما سواها فهو عفو ومسكوت عنه ومأذون فيه، وهو مباح.

النوع الثاني من النصوص أيضاً: وهو التقعيد، يعني: النصوص التي جاءت بوضع قواعد عامة في المعاملات، فهذه القواعد الكلية العامة هي عبارة عن أصول تحدد للناس نظام المعاملات.

لكن لا تجد في المعاملات ما تجده في العبادات، من أن كل شيء منها لابد أن يكون بأمر وبنص شرعي؛ وكلا الأمرين هو من يسر الشريعة، ولهذا نقول في باب المعاملات، كما قال الله سبحانه وتعالى: قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ [يونس:59]، فالأصل فيها الإذن، ولو أن إنساناً حرم شيئاً منها لكنا نقول له: ما هو دليلك على التحريم؟ بينما في العبادات لو جاء إنسان بعبادة قلنا له: ما هو دليلك على هذه العبادة؟

إذاً: هناك فارق كبير جداً بين المعاملات التي تصلح بها دنيا الناس، وبين العبادات التي يصلح بها دين الناس.

من الفروق بين العبادات والمعاملات: أن العبادات في الشريعة الأصل فيها التفصيل، يعني: جاءت الشريعة بتفصيل العبادات؛ كيف تصلي .. كيف ترفع يديك عند تكبيرة الإحرام .. كيف تركع .. كيف تسجد .. ماذا تقول .. كيف تقول .. كيف تقعد، فتجد الإنسان حينما يتلبس بعبادة توحي إليه الشريعة بتفاصيل هذه العبادة التي ينبغي أن يقوم بها، هذا أولاً؛ الأصل فيها التفصيل.

ثانياً: أن الأصل فيها أيضاً التوقيف، بمعنى: أنه لا يحل لأحد أن يتصرف في العبادة إلا بإذن من الشرع، فالشريعة هي التي تحدد لك كل ما يتعلق بهذه العبادة؛ من حيث جنس العبادة، ومن حيث سببها ومن حيث عددها، ومن حيث صفتها، ومن حيث هيئتها وما يتعلق بها، فكل الأشياء المتعلقة بالعبادة لابد أن تكون بأمر وإذن من الشارع، فإذا خرج الإنسان في العبادات عن إذن الشريعة كان مبتدعاً، ولهذا كانت الزيادة في العبادات بدعة: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ [الشورى:21]، هذا نظام العبادات.

بينما القسم الثاني وهو العادات؛ الأصل فيها الإجمال وليس التفصيل، ولهذا تجد أن النصوص في المعاملات ليست كثيرة ولا مفصلة، وإنما هي نصوص إجمالية تنقسم تقريباً إلى قسمين:

القسم الأول في النصوص الواردة في المعاملات: هو بيان ما يحرم من المعاملات، كأن يبين الله تعالى أو الرسول صلى الله عليه وسلم لنا ما يحرم من البيوع، فيحرم كذا ويحرم كذا ويحرم كذا، معنى ذلك أن ما لم يذكر فهو حلال.

فالنوع الأول من النصوص يتعلق ببيان المحرمات كأنه يقول: هذه الأشياء ممنوعة، وما سواها فهو عفو ومسكوت عنه ومأذون فيه، وهو مباح.

النوع الثاني من النصوص أيضاً: وهو التقعيد، يعني: النصوص التي جاءت بوضع قواعد عامة في المعاملات، فهذه القواعد الكلية العامة هي عبارة عن أصول تحدد للناس نظام المعاملات.

لكن لا تجد في المعاملات ما تجده في العبادات، من أن كل شيء منها لابد أن يكون بأمر وبنص شرعي؛ وكلا الأمرين هو من يسر الشريعة، ولهذا نقول في باب المعاملات، كما قال الله سبحانه وتعالى: قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلالًا قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ [يونس:59]، فالأصل فيها الإذن، ولو أن إنساناً حرم شيئاً منها لكنا نقول له: ما هو دليلك على التحريم؟ بينما في العبادات لو جاء إنسان بعبادة قلنا له: ما هو دليلك على هذه العبادة؟

إذاً: هناك فارق كبير جداً بين المعاملات التي تصلح بها دنيا الناس، وبين العبادات التي يصلح بها دين الناس.

النقطة الثالثة: شمول الشريعة.

الشريعة الإسلامية شملت العبادات والمعاملات؛ لأن أحكام الشريعة خمسة، ومنها المباح، كما يقول غالب الأصوليين، فالمباح هو من أقسام الأحكام التكليفية، يعني: أن الله تعالى حكم بحله؛ سكت عنه أو أذن به، (وسكت عن أشياء رحمة لكم غير نسيان)، أو أذن الله تبارك وتعالى بها لعباده.

والمباح هو أوسع الدوائر في الشريعة الإسلامية، فهو من أوسع من المحرم، وأوسع من الواجب، ومن غيرهما، فالشريعة كاملة، وحتى حينما نعمل شيئاً فالشريعة أذنت لنا فيه، ولهذا نقول مثلاً: إن كل ما يحدثه الناس الآن من عقود جديدة خصوصاً بعد ثورة المعلومات -كما يقولون- وانفجار المعلومات وثورة الاتصالات واختراع الناس لألوان من العقود والمعاملات ربما لم تخطر في بال السابقين؛ لأنها اعتمدت على أمور متجددة في واقع الناس اليوم، فنقول: إن هذه العقود الجديدة الآن ليس مسكوتاً عنها في الشريعة بمعنى أنها منسية: وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا [مريم:64]، ولكنها داخلة ضمن إطار واسع، وهو إطار المباح الحلال المسكوت عنه، بمعنى: المأذون فيه الذي لم يحرم، ولم يوجب، هذا هو الأصل فيه.

الازدواجية عند بعض المسلمين بين العبادات والمعاملات

ولكن مع هذا الشمول في الشريعة فإننا نلاحظ مثلاً أن كثيراً من المسلمين يكون عندهم ازدواجية في تعاملهم، فلا غرابة أبداً أن تجد مسلماً مصلياً في محرابه، فإذا أتيته إلى السوق وجدت شخصاً آخر من مثلاً تعاطي الربا أو الغش أو أكل أموال الناس بالباطل، أو قد تجد هذا الإنسان يستولي على أموال الناس ويتخوض فيها بغير حق، ومع ذلك قد تجد أنه متعبد أو متزهد أو متظاهر ببعض الأعمال الصالحة، أو قد يتصدق بشيء قليل من هذا المال في بناء مسجد أو إعانة مسكين أو إغاثة ملهوف، نعم نحن نقول: بناء المساجد طيب، وإعانة المساكين وإغاثة الملهوفين، لكن أيضاً يفترض في المسلم الذي يرجو ثواب الله بهذا العمل أن يرجو ثواب الله تعالى بأن يكون هذا العمل وهذا المال من حلال من حيث أصله.

إذاً: هناك ازدواجية في شخصية المسلم أو كثير من المسلمين اليوم بين تعاملهم في العبادات؛ حيث يقبلون على الصلاة وتجد الإنسان وهو يسبح في ركوعه وسجوده يعلم أن له رباً وخالقاً يراقبه ويثيب ويعاقبه، بينما لا تجد هذا الشيء عنده وهو يبيع أو يشتري أو يتعامل بالدرهم والدينار.

ازدواجية التنظير في سبب تأخر المسلمين وتخلفهم

النقطة الثانية: أن كثيراً من الناس حتى من الخاصة يقع عندهم ازدواجية أيضاً في موضوع التنظير، فمثلاً: تجد أن كثيراً منهم حينما يتحدثون عن التأخر والتخلف الذي أصاب المسلمين في بلادهم، فإنهم يرجعون ذلك إلى إخلال بجوانب العبادة، فيقولون: السبب مثلاً هو تركهم للصلوات. وهذا جزء من السبب، لكنه ليس كل السبب؛ لأنه يفترض أن نفهم الدين بشموليته وبعمومه، فنقول: السبب في هذا تركهم الصلوات ووقوعهم في -مثلاً- الشهوات، والسبب في هذا أيضاً تركهم لما أوجب الله تعالى عليهم من الكسب، ومن المعاش، ومن تحصيل المصالح الدنيوية، ومن التزام أحكام الشريعة حتى في الأمور الحياتية العادية أو المعاملات التي نظمتها الشريعة أيضاً.

ولهذا فيما يتعلق بالأسباب مثلاً، فالأصل أن الأسباب مأذون فيها للمسلم وغيره، وأن نتائجها مترتبة عليه، فالمسلم ما لم يبع ويشترِ لم يحصل المال، وما لم يتدرع بالخبرة والمعرفة والدراسة لم يحصل المال.

النية الطيبة وحدها لا تكفي، ويقولون في بعض الأمثال: الطريق إلى جهنم مفروش بالنيات الطيبة، وفي تقديري أن هذا المثل يحتاج إلى نوع من الشرح؛ لأنه ليس على إطلاقه .. ليس كلاماً صحيحاً؛ النية الطيبة هي من الأعمال الصالحة، و(إنما الأعمال بالنيات)، ولكن يجب أن يفهم -وربما هذا مراد المثل- أن النية الطيبة وحدها لا تكفي، ولهذا اشترط السلف للعمل الصالح شرطين: الأول: هو النية الطيبة أو الإخلاص كما يسمونه. والشرط الثاني: ما هو؟ المتابعة. أو بشكل آخر: الصواب.

إذاً: لابد أن يكون العمل صالحاً -يعني: بالنية الطيبة- خالصاً، ولابد أن يكون صواباً، فالنية الطيبة قد يكون الإنسان نيته حسنة، لكن لابد أن يكون العمل صواباً أيضاً بأن يكون وفق الشريعة إن كان عبادة، وأن يكون وفق المصلحة ووفق ما تقتضيه الأسباب الطبعية إن كان من أمور المعاملات.




استمع المزيد من الشيخ سلمان العودة - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح العمدة (الأمالي) - كتاب الحج والعمرة - باب الفدية 3973 استماع
شرح العمدة (الأمالي) - كتاب البيوع – باب الخيار -2 3917 استماع
شرح العمدة (الأمالي) - كتاب الزكاة - زكاة السائمة 3846 استماع
شرح العمدة (الأمالي) - كتاب الزكاة - باب زكاة العروض 3838 استماع
شرح العمدة (الأمالي) - كتاب الطهارة - باب المسح على الخفين 3661 استماع
شرح العمدة (الأمالي) - كتاب الحج والعمرة - باب محظورات الإحرام -1 3617 استماع
شرح العمدة (الأمالي) - كتاب الصلاة - باب صلاة المريض 3606 استماع
شرح العمدة (الأمالي) - كتاب البيوع – مراجعة ومسائل متفرقة في كتاب البيوع 3541 استماع
شرح العمدة (الأمالي) - كتاب الحج والعمرة - باب صفة الحج 3504 استماع
شرح العمدة (الأمالي) - كتاب الصلاة - باب أركان الصلاة وواجباتها 3424 استماع