خطب ومحاضرات
شرح الترمذي - باب النهي عن استقبال القبلة بغائط أو بول وباب الرخصة في ذلك [5]
الحلقة مفرغة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، ورضي الله عن الصحابة الطيبين وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً، سهل علينا أمورنا، وعلمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين! اللهم زدنا علماً نافعاً، وعملاً صالحاً بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين!
سبحانك اللهم وبحمدك على حلمك بعد علمك! سبحانك اللهم وبحمدك على عفوك بعد قدرتك!
اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد: إخوتي الكرام! لا زلنا نتدارس الباب السادس والسابع من أبواب الطهارة من جامع الإمام أبي عيسى الترمذي, عليه وعلى أئمتنا والمسلمين أجمعين رحمة رب العالمين.
وهذان البابان يتعلقان بما جاء من النهي عن استقبال القبلة بغائط أو بول، وبما ورد من الرخصة في ذلك.
وقد أورد الإمام الترمذي في هذين البابين أربعة أحاديث عن نبينا عليه الصلاة والسلام, أولها حديث أبي أيوب رضي الله عنه وأرضاه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول ولا تستدبروها، ولكن شرقوا أو غربوا. قال
قال الإمام أبو عيسى : حديث أبي أيوب أحسن شيء في هذا الباب وأصح.
والأحاديث الأخرى إخوتي الكرام! ذكرتها ويأتي الكلام عليها مع هذا الحديث ضمن فقه الحديث, وهو المبحث الثاني الذي كنا نتدارسه، وأخذنا قسماً منه في موعظة البارحة بعد أن انتهينا من المبحث الأول من دراسة رجال إسناد هذه الأحاديث الشريفة الثابتة عن نبينا عليه الصلاة والسلام.
أما المبحث الذي كنا نتدارسه في فقه الحديث إخوتي الكرام! فقلت: إن هذه الأحاديث دلت على أمرين: على النهي والتحريم من استقبال القبلة أو استدبارها بغائط أو بول، وعلى الترخيص في ذلك. فما هو التوفيق بين هذه الأحاديث وبين هذين الحكمين المتقابلين؟
قلت: لأئمتنا البررة في ذلك أربعة أقوال معتبرة، وألحق بها كما قلت ثلاثة أقوال, ومجموع الأقوال في ذلك سبعة كما ذكرت البارحة, وأفصل الكلام عليها في هذه الموعظة إن شاء الله.
ولعلنا بعون ربنا ننتهي من الكلام على فقه الحديث في هذه الليلة لنتدارس المبحث الثالث والرابع فيما يتعلق بتخريج الأحاديث, وبيان الروايات التي أشار إليها الإمام الترمذي في قوله وفي الباب.
القول بحرمة الاستقبال والاستدبار مطلقاً ومناقشته
وقلت: أيدوا هذا بثلاثة أمور معتبرة:
أولها: النصوص الصحيحة الصريحة التي تنهى عن ذلك, وقد تقدم ذكرها.
وثانيها: قالوا: العلة من المنع والتحريم حرمة القبلة ومكانتها وشرفها، وإذا كان كذلك فينبغي أن يستوي المنع سواء كنت في البنيان أو في الصحراء.
الأمر الثالث: قالوا: لا يجوز أن نجعل البنيان مرخصاً لنا لاستقبال القبلة أو استدبارها عند قضاء حاجتنا؛ لأن هذا لو اعتبر فإنه ينبغي أن يعتبر في الصحراء أيضاً، وعليه لا يوجد هناك حالة ننهى عن استدبار القبلة أو استقبالها لحاجة البول أو الغائط.
ووجه هذا التعليل تقدم معنا مفصلاً, وأشير إليه باختصار: قالوا: الذي يقضي حاجته في الصحراء بينه وبين الكعبة أشجار وجبال وعمارات وأودية كثيرات. إذاً: بينه وبين الكعبة حواجز، فإذا رخص له أن يقضي حاجته في البنيان فليرخص له أيضاً أن يقضي حاجته في الصحراء سواء استقبل القبلة أو استدبرها، وإذا منع من قضاء حاجته مستقبل القبلة أو مستدبرها في الصحراء فينبغي أن يمنع في البنيان، ولا ينبغي أن نفرق بين هذين الأمرين.
ثم بعد ذلك التفتوا إلى الأحاديث التي فيها الإباحة والترخيص في ذلك، فقالوا: لنا نحوها موقفان, يتفرعان إلى ثلاثة مواقف مفصلة:
أولها: قالوا: ما هو ضعيف فلا نشتغل به, ولا يقوى على معارضة النهي الصريح الصحيح، وحديث أبو أيوب كما قلت في الصحيحين, بل في الكتب الستة كما سيأتينا, عدا عن إخراج الإمام أحمد وغيره له أيضاً, فهو من أصح الأحاديث, واتفق الشيخان على إخراجه.
فإذاً: ما فيه ضعف لا يقوى على المعارضة، وما ليس فيه ضعف أيضاً له حالتان: إما أنه قبل النهي والتحريم, فهو منسوخ, فلا إشكال أيضاً فيه، وإذا ثبت أنه بعد النهي كما في حديث جابر يقول: بعد النهي رضي الله عنه وأرضاه رأى النبي عليه الصلاة والسلام يبول مستقبل القبلة. فإذا كان الأمر كذلك قلنا: هذه حالة خاصة، حكاية فعل حكاه جابر رضي الله عنه وأرضاه عن نبينا عليه الصلاة والسلام. وحكاية الأفعال تقبل الاحتمال، ويتطرق إليها العذر والترخيص الخاص لسبب معين والاحتمالات، وما تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال.
وعليه؛ لا يجوز أن نعارض بأحاديث الترخيص أحاديث النهي الصريح؛ لأن هذا القول شرع مبتدأ وجه إلى الأمة لتلتزم به. ولذلك اتفق أئمتنا بلا نزاع أنه إذا تعارض القول مع الفعل يقدم القول, فهو أقوى؛ لأنه موجه إلى الأمة لتعمل به، فلا يجوز أن نتركه وأن نقيد إطلاقه بما يحتمل أما الفعل فكما قلت: يتطرق إليه احتمال التخصيص، واحتمال وجود عذر من أجله استقبل أو استدبر.
حقيقة أدلتهم في منتهى القوة والوجاهة. وكما قلت: قال بذلك الإمام أبو حنيفة والإمام أحمد في المشهور من مذهبهما. نعم للإمام أحمد في ذلك ثلاثة أقوال، وللإمام أبي حنيفة قولان, لكن سيأتي تفصيل بقية الأقوال.
القول بجواز الاستقبال والاستدبار مطلقاً ومناقشته
القول الثاني لم يقل به أيضاً أحد من المذاهب الأربعة، إنما قال به بعض السلف, قال به عروة بن الزبير , وهو من التابعين، وقال به ربيعة شيخ الإمام مالك عليهم جميعاً رحمة الله، وقال به داود بن علي الظاهري ، فقالوا عكس القول المتقدم، أي: بالجواز مطلقاً في البنيان أو في الصحراء، فيجوز عندهم أن تستقبل وأن تستدبر القبلة لحاجة البول أو الغائط سواء كنت في البناء أو في العراء والصحراء. لم؟ قالوا: لأمرين معتبرين:
الأمر الأول: قالوا: أحاديث الرخصة دلت على النسخ؛ لأن الأصل الجواز والبراءة الأصلية، وأنه لا يحرم أن يستقبل الإنسان القبلة أو يستدبرها، فطرأ النهي، ثم جاءت أحاديث الترخيص, فأحاديث الترخيص بعد النهي قطعاً وجزماً؛ لأن الترخيص هو الأصل، الأصل البراءة الأصلية, ولا يحرم عليك أن تتوجه إلى أي جهة عند قضاء حاجتك. هذا الأصل. ثم جاء النهي بالمنع من قضاء الحاجة في حال استقبال القبلة أو استدبارها، ثم جاء الترخيص, فالترخيص بعد النهي قطعاً وجزماً، وإذا كان بعد النهي فهو ناسخ، وعليه يجوز استقبال القبلة واستدبارها في البنيان وفي الصحراء.
هذا قول -كما قلت- عروة وربيعة وداود عليهم جميعاً رحمة الله، هذا القول الأول قطعاً مردود، ويكفي في رده أنه لم يقل به أحد من أئمتنا الأربعة, لكن من ناحية المناقشة العلمية أيضاً نناقشه ونرده إن شاء الله.
نقول: القول بالنسخ لا ينبغي أن يصار إليه إلا عند تعذر الجمع، وإذا أمكن الجمع فلا يجوز أن نصير إلى النسخ باتفاق الأئمة؛ لأن إعمال الدليلين خيرٌ من إهمال أحدهما، وأنت بالنسخ ستلغي أحد النصين وتعمل بالنص الآخر، بينما عندما تجمع تعمل بالنصوص كلها، ولذلك يقول أئمتنا كما قال هذا شيخ الإسلام زين الدين عبد الرحيم الأثري في ألفيته:
والمتن إن نافاه متن آخر وأمكن الجمع فلا تنافر
والمتن إن نافاه متن آخر أي: عارضه، وأمكن الجمع فلا تنافر اجمع, وهذا يقبل على حالة وهذا على حالة, وأن تعمل بالنصين خير من أن تهمل أحدهما، فإعمال الدليلين خير من إهمال أحدهما بالاتفاق؛ لأنك تصون كلام الشارع عن الإلغاء عندما تعمل بجميع ما ثبت عن خاتم الأنبياء عليه صلوات الله وسلامه.
أو لا، لا يمكن الجمع ماذا نعمل؟
فإن نسخ بدأ فاعمل به أو لا فرجح واعملن بالأشبه
هذه ثلاثة أحوال، لا ينبغي أن ننتقل للثانية إذا أمكن الأولى، ولا للثالثة إذا أمكن الثانية، وإذا لم يمكن الأولى ولا الثانية ولا الثالثة نتوقف ونعود إلى حكم الشرع في هذه المسألة دون هذه النصوص المعينة في هذه القضية، كأنها الآن ملغية. وهيهات أن يوجد نصان لا يمكن الجمع بينهما أو النسخ أو الترجيح. والمرجحات التي ذكرها أئمتنا زادت على ثلاثين ومائة مرجح، ولا يمكن ألا تجد مرجحاً من هذه المرجحات لترجيح نص من النصين أو النصوص.
وعليه؛ هنا الجمع ممكن، فلا نلجأ إلى النسخ، ومن باب أولى ألّا نلجأ إلى الترجيح، ومن باب أولى ألّا نتوقف. واضح هذا يا إخوتي الكرام؟!
وقلت سابقاً: إننا نقدم النسخ على الترجيح، لم؟ لأن المعتبر الذي قرره أئمتنا ذكرته سابقاً, وسألتكم عنه وما أجبتم، وما أعلم الآن أيضاً هل ستتصفون بالحالة السابقة؟! لم نقدم النسخ على الترجيح؟ الجمع مقدم هذا لا خلاف فيه, واضح، يعني: وجه تقديمه أننا عملنا بجميع النصوص، لكن عند النسخ سنهمل أحد النصين، ولا نعمل به. فلم نقدم النسخ على الترجيح؟ فيكم من يستحضر هذا إخوتي الكرام؟! لأن النسخ لا يكون إلا بدليل ونص، فنحن ننسخ كلام الشارع بكلام الشارع، فلا نخطئ في النسخ؛ لأن النسخ منه ما يكون نسخ حديث بحديث، بناء على ثبوت التاريخ، هذا متقدم وهذا متأخر، أو على قول صحابي, يقول: هذا متقدم وهذا متأخر، وإما بناء على الإجماع، أو بقول النبي عليه الصلاة والسلام مباشرة, كقوله: ( كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها). تنبيه: الإجماع كما تقدم معنا مراراً لا ينسخ ولا ينسخ, إنما يدل على وجود نص نسخ به الأمر. وإذا انعقد الإجماع فلا ينسخ؛ لأنه حكم شرعي قطعي إلى قيام الساعة. ولذلك الإجماع يكشف عن وجود نص يكون ناسخاً لنص من النصوص التي معنا كقتل شارب الخمر في الرابعة، والحديث في سنن الترمذي وغيره بسند صحيح كالشمس: ( من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد الرابعة فاقتلوه ). أجمع أئمتنا على أن شارب الخمر لا يقتل في الرابعة. هل الإجماع نسخ هذا الحديث؟ لا، إنما دل الإجماع على وجود نص نسخ هذا، ما هو؟ ثبت في ترجمة عبد الله بن النعيمان وغيره أنه جلد في الخمر أكثر من خمسين مرة، فلو كان القتل حداً لازماً لما جلد ولقتل بعد الثالثة. فإذاً: هذا الإجماع دل على أن فعل النبي عليه الصلاة والسلام هو الذي نسخ هذا القول؛ لأن هذا الإجماع كما قلت قطعي. وعليه، فحكم شارب الخمر الجلد ليس إلا، سواء شرب أربع مرات أو أربعين مرة، ولا تضرب الرقبة، وليس قتل شارب الخمر حداً لازماً ثابتاً كما هو الحال في القصاص من قتل يقتل، وكما هو الحال في الرجم من زنى وهو محصن يرجم.
يقول الإمام العراقي -عليه رحمة الله- عند مبحث النسخ.
إذاً: نقدم -كما قلت- النسخ على الترجيح؛ لأن النسخ ترك بعض النصين بدليل، لا ندخل فيه عقولنا، إما بكلام النبي عليه الصلاة والسلام، وإما بمعرفة التاريخ، وإما بقول صحابي، وإما بإجماع. أما الترجيح فهذا فيه مدخل للعقل، وأنت قد تزل وتخطئ، وترجح المرجوح وتترك الراجح، هذا جهد البشر. لكن ماذا تعمل؟ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286].
وعليه فقول ربيعة وعروة وداود : أحاديث الترخيص بعد أحاديث النهي فهي إذاً ناسخة لأحاديث النهي, نقول: هذا لا ينبغي أن يصار إليه؛ لأن عندنا خطوة قبل ذلك, وهي: الجمع, فإذا أمكن الجمع لم نلجأ إلى النسخ؟ والجمع ممكن بكل سهولة, كما سيأتينا في القول الرابع الذي هو قول الإمام الشافعي والإمام مالك , وهو أحد الأقوال الثلاثة للإمام أحمد في هذه المسألة, كما سيأتينا إن شاء الله.
الدليل الثاني عندهم: قالوا: إن النصوص إذا تعارضت نرجع إلى أصل الإطلاق، نص يمنع ويحرم، ونص يرخص ويجيز ويبيح, إذا تعارضا فإننا نغض الطرف عنها ونرجع إلى أصل الإطلاق. أصل الإطلاق الإباحة، ولو لم يرد نص ينهانا لما كان هناك إثم في استقبال القبلة أو استدبارها لغائط أو بول.
وهذا خطأ من باب أولى؛ لأنه صار إلى الحالة الرابعة، أوليس كذلك؟ قلنا: جمع ونسخ وترجيح ثم توقف وإلغاء النصوص والنظر إلى الحالة التي قبل ورود هذه النصوص ما حكمها في الشرع؟
فإذا الحالة الثانية ما سلمناها لكم فكيف تذهبون إلى الحالة الرابعة؟! هذا في الحقيقة في منتهى البعد؛ لأنه لا كلفة في الجمع بين هذه النصوص.
إخوتي الكرام! سنتوسع في هذه الأمور, وقد يقول قائل: ألا يمكن للإنسان أن يسرد الحكم ويمشي؟ يذكر قول الجمهور أو قول المذاهب الأربعة وينتهي، لكن أريد فقط أن نعرف مأخذ أئمتنا في استنباط الأحكام الشرعية من أحاديث نبينا عليه الصلاة والسلام، وأنه ما أخذ حكم شرعي من العقل البشري، ومن أخذ حكماً شرعياً من عقله فهو كافر مرتد, لا حظ له في الإسلام، فالله لا يشرك في حكمه أحداً، والحكم كله لله. وأئمتنا أعلى وأتقى لله من أن يقولوا في دين الله بآرائهم وعقولهم، لكن النصوص عندنا تتعارض في الظاهر؛ فلا بد من بحث ومعرفة هل نعمل أحاديث النهي كما هو القول الأول أم نعمل أحاديث الترخيص كما هو القول الثاني أم نفارق بين الأمرين كما هو القول الثالث أم نجمع بكيفية معينة كما هو القول الرابع؟ فكلها أقوال استندت على أدلة شرعية، ولذلك لا داعي لإثارة اللغط حول فقه أئمتنا، وأن يأتي سفيه في العصور المتأخرة ويقول: هذه آراء رجال، وهذه أهواء، وهذا ضلال، وينبغي أن نعود إلى الكتاب والسنة.
يا عبد الله! هل نحن الآن نتكلم بهوى أو بكتاب وسنة؟! هذه أربعة أحاديث عندنا في جامع الإمام أبي عيسى الترمذي ، وكلها صحيحة كما سيأتينا، حديث ابن عمر في الكتب الستة الذي فيه الترخيص لاستدبار نبينا عليه الصلاة والسلام القبلة لقضاء حاجة الغائط، وهو في الكتب الستة كما سيأتينا، وحديث أبي أيوب في الكتب الستة وفيه نهي عن ذلك، وحديث جابر فيه ترخيص في استقبال القبلة لحاجة البول, وهو في الكتب الثلاثة كما سيأتينا, في سنن أبي داود والترمذي وابن ماجه والمسند وصحيح ابن حبان وصحيح ابن خزيمة ومستدرك الحاكم ، وسنده صحيح كالشمس. فماذا ستفعل يا أخي؟! أحاديث صحيحة وصريحة على هذا الأمر وعلى هذا الأمر. فكل واحد يبذل ما في وسعه للوصول إلى مراد الله، إن أصاب فبها ونعمت, وله أجران، وإن أخطأ فبها ونعمت, وله أجر, ورحمة الله واسعة، وتبقى صدورنا متسعة لبعضنا، ولا داعي بعد ذلك أن أقول: أنت الآن تتبع الهوى، وأنت من أصحاب الرأي؛ لأنك تتبع الإمام أبي حنيفة , عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا.
لا بد -إخوتي الكرام- من أن نتقي الله في علماء الإسلام، فإذا كنا نعظم كتاب الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام فلنعظم أيضاً ولنحترم من نقل إلينا هذين الأصلين ومن فهمهما خير فهم, وهم سلفنا الكرام رضوان عليهم أجمعين.
لكن كما قلت: هذا لا يمنع أن ينظر الإنسان في هذه الأقوال كما تقدم معنا مراراً. وأئمتنا قلت ولا أزال: شراح حديث، ومفسرو قرآن، فتنظر في أقوالهم، وترى بعد ذلك ما الذي يلوح لك؟ وفيما يبدو لي -والعلم عند ربي- أن القول الرابع هو أظهر الأقوال جميعاً، والأول أولاها بالعمل, فهو أحوط، فهذا يرجح من جهة, وهذا من جهة، ولكن كلها معتبرة، لا سيما كما قلت إذا كانت ضمن المذاهب الأربعة البررة.
القول بجواز الاستدبار مطلقاً وحرمة الاستقبال مطلقاً .. نسبته وأدلته والجواب عنها
خلاصة هذا القول: التفريق في كيفية حالة الإنسان عند قضاء الحاجة مع التساوي في جميع الأماكن، سواء كان في الصحراء أو في البنيان، لكن التفريق في أي شيء؟ في كيفية قضاء الحاجة، قالوا: لا يجوز الاستقبال مطلقاً في الصحراء أو في البنيان، ويجوز أن تستدبر القبلة في الصحراء أو في البنيان، تستدبر بحيث تكون مؤخرتك وظهرك إليها عند قضاء الحاجة، لا أن تستقبلها بفرجك لحاجة البول.
إذاً: يحرم الاستقبال كما قلت في البناء وفي الصحراء، ويجوز الاستدبار فيهما.
إذاً: لا فرق بين الأماكن، لكن التفريق في كيفية قضاء الحاجة، فإن استدبرت جاز مطلقاً، وإن استقبلت نهيت مطلقاً.
ودليلهما في ذلك الأثر الثابت عن نبينا عليه الصلاة والسلام من قوله وفعله.
أما الحديث القولي: حديث سلمان , وتقدم معنا, وقلت: هو في المسند وصحيح مسلم والسنن الأربعة، قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلة لغائط أو بول ). قالوا: الاستقبال تمنع منه، وأما الاستدبار فلا تمنع منه.
وهذا الدليل الأول الذي هو حديث قولي في الحقيقة فيه نظر؛ لأن مجموع الأحاديث كما صرحت بالمنع من الاستقبال صرحت بالمنع من الاستدبار.
الأمر الثاني: نص الحديث: ( نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول )، كيف سنستقبلها في حالة الغائط؟ هذا استدبار, أوليس كذلك؟ لأن الاستقبال يكون من الجهة الأمامية، لكن لعلة تجَّوز في العبارة وأطلق عليها استقبال، وعليه ليس في ذلك أي إشكال؛ لأنه ما يمكن أن تستقبل القبلة بحاجة الغائط, فالاستقبال يكون عندما توجه وجهك إليها، وهذا في حاجة البول.
وعليه نقول: هذا فيه نظر من وجهين:
الأول: أن مجموع الأحاديث منعت من الاستقبال والاستدبار.
ثانياً: أن نص الحديث وإن كان فيه الاستقبال لكن في الحقيقة ذكر معه ( نهانا أن نستقبل القبلة لغائط أو بول ). وحاجة الغائط ما يمكن أن يفعلها الإنسان مستقبل القبلة، بل لا بد من أن يكون مستدبراً.
هذا الذي ذكروه في الاستدلال.
لكن حقيقة لما نظرت للتوجيه الثاني وجدت أن أئمتنا -كالحافظ ابن حجر والإمام النووي - ذكروا الأول، وقالوا: مجموع النصوص دلت على المنع من الأمرين، فكيف لنا أن نفرق بين الاستقبال والاستدبار؟ لكن الأمر الثاني لا بد من ذكره أيضاً, وهو ورود حاجة الغائط في الحديث، وهي لا يمكن أن تقضى إلا في حالة استدبار القبلة. هذا الذي يبدو لي إلا إذا كنت واهماً في التصور، يعني: أحد يتصور قضاء حاجة الغائط مستقبلاً القبلة؟ حقيقة ما أعلم, فقد جلست أفكر في هذا وقتاً طويلاً, يعني: بما استدلوا به من حديث يمنع من الاستقبال ولا يمنع من الاستدبار، وهو: لفظ: ( نهانا أن نستقبل )؛ لأنه ليس في حديث سلمان أن نستدبر، لكن ذكرت حاجة البول وحاجة الغائط، والمعلوم أن حاجة البول استقبالاً، وحاجة الغائط استدباراً، إلا إذا كان هناك إنسان يستطيع أن يبين لي أنه يمكن أن تستقبل القبلة لحاجة الغائط، أما أنا فما دخلت في عقلي. والعلم عند ربي جل وعلا.
الدليل الثاني: فيه تصريح للاستدبار من فعل النبي عليه الصلاة والسلام حسبما ورد في حديث عبد الله بن عمر , وقلت: إنه صحيح في الكتب الستة، وتقدم معنا آخر الأحاديث من سنن الإمام الترمذي : ( رقيت يوماً على بيت
هذا القول الثاني الدليل الثاني الذي ذكروه قلت: دليل من قوله عليه الصلاة والسلام وفعله.
والدليل الفعلي ينبغي أن نقول هذا أيضاً حوله نظران:
النظر الأول: نقول: ضموا إليه ما ورد في حديث جابر . فلم خصصتم الاستدبار بالجواز وقد ورد في حديث جابر الاستقبال؟! فعليه إما أن تقولوا بالقول الأول, أعني: الذي قبل هذا, وهو القول الثاني, قول عروة وربيعة وداود ؛ لأن أولئك أعملوا حديث جابر الذي فيه استقبال النبي عليه الصلاة والسلام للكعبة المشرفة عند قضاء حاجة البول، وحديث ابن عمر رضي الله عنهم أجمعين الذي فيه استدبار الكعبة.
هذا أيضاً في الحقيقة فيه شيء من عدم الانسجام نحو الأدلة على التمام.
النظر الثاني: تقدم معنا في القول الأول أن قلنا: هذا حكاية فعل، وحكاية لا تصلح أن تكون دليلاً في المسألة مع القول؛ لأن القول مقدم، وعليه لا يجوز أن نعارض حكاية فعل النبي عليه الصلاة والسلام بقوله؛ لتطرق الاحتمال إلى الفعل. وقلت: إذا تطرق الاحتمال سقط الاستدلال.
هذا فيما يتعلق بالقول الثالث للإمامين الكريمين المباركين أبي حنيفة والإمام أحمد , يحرم الاستقبال مطلقاً في البنيان وفي الصحراء، ويجوز الاستدبار مطلقاً، وعليه فقد فرقوا في كيفية قضاء الإنسان للحاجة وتوجهه, وعمموا هذا الحكم في سائر الأمكنة، فقالوا: إن استقبلت يمنع في أي مكان، وإن استدبرت يرخص لك في أي مكان.
القول باستقبال القبلة واستدبارها في البنيان ومنعه في الصحراء ... نسبته وبيان أدلته
وهذا القول عكس القول الأول الذي قبله, وهو الثالث, هناك فرَّق بين كيفية حالة الإنسان عند قضاء الحاجة مع تعميم الحكم في الأمكنة، وهنا فرَّق بين الأمكنة مع تعميم الحكم لحالات الإنسان كيفما كان مستقبلاً أو مستدبراً، فقالوا: إن كنت في الصحراء تمنع من استقبال القبلة واستدبارها لبول أو غائط، وإن كنت في البنيان يرخص لك الاستقبال والاستدبار مطلقاً.
وحجة هذا القول خمسة أمور، وبعد سرد الحجج سيجيبون بعد ذلك عن بقية الأقوال, فاصبروا وما صبركم إلا بالله.
الدليل الأول لهذا القول المعتبر الذي هو قول الجمهور: قالوا: ورود الرخصة في ذلك، والرخصة وردت في مكان معين، فلنقف عندها، وردت عند قضاء النبي عليه الصلاة والسلام حاجته في البنيان مستقبلاً ومستدبراً، مستقبلاً كما في حديث جابر كما سيأتينا، ومستدبراً كما في حديث ابن عمر ، لكن هذا في البنيان فلنقف عنده، ولنعمل أحاديث النهي على ما عدا هذه الحالة, أي: حالة البنيان، فإذا لم تكن في البنيان لا تستقبل القبلة لغائط ولا بول، وإذا كنت في البنيان فقد فعل هذا نبينا عليه الصلاة والسلام مما دل على الترخيص في البنيان، وأن هذه تستثنى من عموم النهي.
قالوا: وهناك أحاديث صريحة وردت بالترخيص في قضاء الحاجة في البنيان استقبالاً واستدباراً. هذه الأحاديث وردت من طريق أمنا عائشة رضي الله عنها وأرضاها، وكنت ذكرت لكم البارحة الحديث، وقلت: هو في المسند وسنن ابن ماجه ، ورواه أيضاً الإمام البيهقي في السنن الكبرى. والحديث تقدم معنا عند القول الأول عندما قالوا: وحديث أمنا عائشة ردوه, وقالوا: فيه ضعف، وسيأتينا عند تخريج الحديث إن شاء الله درجته. لكن خلاصة حديث أمنا عائشة : أنه قيل للنبي عليه الصلاة والسلام: ( إن أناساً يتنزهون عن استقبال القبلة بفروجهم، فقال: أوقد فعلوها؟ فقالوا: نعم يا رسول الله! قال: حولوا بمقعدتي )، يعني: في المقعد الذي يقعد عليه عليه الصلاة والسلام عند قضاء الحاجة, ( حولوا بمقعدتي نحو القبلة )؛ من أجل أن يدلل على الجواز، وأن هذا مرخص فيه في البنيان. الحديث سيأتينا الكلام عليه, الذهبي في الميزان يقول: إنه منكر، والإمام النووي يحسنه, ويقول: إنه حديث حسن الإسناد، رواه هؤلاء الأئمة الكرام، وصحح إسناده كما قلت لكم، يأتينا هذا -بإذن الله- عند تخريج هذا الحديث الذي أشار إليه الإمام الترمذي بقوله: وفي الباب عن أمنا عائشة رضي الله عنها وأرضاها، وليس فيه إلا خالد بن أبي الصلت ، وقد أخرج حديثه الإمام ابن ماجه فقط من أهل الكتب الستة، والإمام الذهبي اعترف في الميزان بأنه لم يتعرض أحد إلى تليينه. وإذا لم يتعرض أحد إلى تليينه علام حكمت على الحديث بالنكارة؟ والإمام ابن حجر في التقريب عندكم في ترجمته -كما سيأتينا- يقول: مقبول. ويأتينا الكلام على إسناده إن شاء الله فيما يأتي إخوتي الكرام! بعون الله. كما قلت الحديث في سنن البيهقي وابن ماجه أيضاً في الجزء الأول صفحة ثلاث وتسعين من سنن البيهقي عن خالد بن أبي الصلت قال: كنت عند عمر بن عبد العزيز في خلافته وعنده عراك بن مالك ، فقال عمر : ما استقبلت القبلة ولا استدبرتها ببول ولا غائط منذ كذا وكذا. فقال عراك : حدثتني عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بلغه قول الناس في ذلك أمر بمقعدته فاستقبل بها القبلة ). ورواية ابن ماجه : ( حولوا مقعدتي نحو القبلة ).
إذاً: حديث أمنا عائشة قالوا: يدل على الترخيص في البنيان.
والحديث الثاني: حديث جابر ، وقلت: إنه حديث صحيح كالشمس سطوعاً, وهو في السنن الثلاثة والمسند وفي صحيح ابن خزيمة وصحيح ابن حبان والمستدرك, وسنده صحيح, وهو في غير ذلك من كتب الحديث كما سيأتينا.
وحديث جابر تقدم معنا، وهكذا حديث ابن عمر ، وتقدم معنا في حديث جابر الاستقبال، وفي حديث ابن عمر الاستدبار، وحديث ابن عمر قلت: إنه في الكتب الستة، فأخرجه الشيخان وغيرهما.
إذاً: إخوتي الكرام! دليل هذا القول: أحاديث صحيحة صريحة في ذلك، وقد روى الإمام أبو داود في سننه، والحديث رواه الدارقطني في سننه أيضاً، ورواه الحاكم في مستدركه وقال: صحيح على شرط البخاري , وأقره عليه الذهبي ، ورواه أيضاً الإمام البيهقي في السنن الكبرى عن مروان بن الأصفر ، هذا من فعل عبد الله بن عمر الآن لا حكاية فعل عن النبي عليه الصلاة والسلام، وهو مذهبه, وكما قلت قال بذلك العباس رضي الله عنه وابن عمر من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين.
يقول: عن مروان بن الأصفر قال: رأيت ابن عمر أناخ راحلته مستقبل القبلة، ثم جلس يبول إليها، فقلت: أبا عبد الرحمن ! أليس قد نهي عن هذا؟ قال: بلى، إنما نهي عن ذلك في الفضاء، فإذا كان بينك وبين القبلة شيء يسترك فلا بأس. فلا يقولن قائل: هذا الآن في صحراء, لا, هذا الآن وضع حاجزاً, وسيأتينا في المراد بالبناء، أن يكون بينك وبين القبلة حاجز يسترك, لا تتأخر عنه، ويكون مرتفعاً، ومن ناحية الارتفاع ضبطه أئمتنا بأ
إخوتي الكرام! بدأت بالقول الأول, وقلت: هو أحد القولين القويين في هذه المسألة, والرابع أقوى كما سيأتينا. وتقدم معنا أن هذا القول هو المشهور في مذهب الإمامين المباركين أبي حنيفة وأحمد بن حنبل عليهم جميعاً رحمة الله، وقال بذلك بعض السلف كـأبي ثور , ورجحه كما تقدم معنا الإمام أبو بكر بن العربي وابن حزم ، وخلاصة هذا القول: أنه يحرم استقبال القبلة واستدبارها لحاجة البول أو الغائط مطلقاً في البناء أو في الصحراء.
وقلت: أيدوا هذا بثلاثة أمور معتبرة:
أولها: النصوص الصحيحة الصريحة التي تنهى عن ذلك, وقد تقدم ذكرها.
وثانيها: قالوا: العلة من المنع والتحريم حرمة القبلة ومكانتها وشرفها، وإذا كان كذلك فينبغي أن يستوي المنع سواء كنت في البنيان أو في الصحراء.
الأمر الثالث: قالوا: لا يجوز أن نجعل البنيان مرخصاً لنا لاستقبال القبلة أو استدبارها عند قضاء حاجتنا؛ لأن هذا لو اعتبر فإنه ينبغي أن يعتبر في الصحراء أيضاً، وعليه لا يوجد هناك حالة ننهى عن استدبار القبلة أو استقبالها لحاجة البول أو الغائط.
ووجه هذا التعليل تقدم معنا مفصلاً, وأشير إليه باختصار: قالوا: الذي يقضي حاجته في الصحراء بينه وبين الكعبة أشجار وجبال وعمارات وأودية كثيرات. إذاً: بينه وبين الكعبة حواجز، فإذا رخص له أن يقضي حاجته في البنيان فليرخص له أيضاً أن يقضي حاجته في الصحراء سواء استقبل القبلة أو استدبرها، وإذا منع من قضاء حاجته مستقبل القبلة أو مستدبرها في الصحراء فينبغي أن يمنع في البنيان، ولا ينبغي أن نفرق بين هذين الأمرين.
ثم بعد ذلك التفتوا إلى الأحاديث التي فيها الإباحة والترخيص في ذلك، فقالوا: لنا نحوها موقفان, يتفرعان إلى ثلاثة مواقف مفصلة:
أولها: قالوا: ما هو ضعيف فلا نشتغل به, ولا يقوى على معارضة النهي الصريح الصحيح، وحديث أبو أيوب كما قلت في الصحيحين, بل في الكتب الستة كما سيأتينا, عدا عن إخراج الإمام أحمد وغيره له أيضاً, فهو من أصح الأحاديث, واتفق الشيخان على إخراجه.
فإذاً: ما فيه ضعف لا يقوى على المعارضة، وما ليس فيه ضعف أيضاً له حالتان: إما أنه قبل النهي والتحريم, فهو منسوخ, فلا إشكال أيضاً فيه، وإذا ثبت أنه بعد النهي كما في حديث جابر يقول: بعد النهي رضي الله عنه وأرضاه رأى النبي عليه الصلاة والسلام يبول مستقبل القبلة. فإذا كان الأمر كذلك قلنا: هذه حالة خاصة، حكاية فعل حكاه جابر رضي الله عنه وأرضاه عن نبينا عليه الصلاة والسلام. وحكاية الأفعال تقبل الاحتمال، ويتطرق إليها العذر والترخيص الخاص لسبب معين والاحتمالات، وما تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال.
وعليه؛ لا يجوز أن نعارض بأحاديث الترخيص أحاديث النهي الصريح؛ لأن هذا القول شرع مبتدأ وجه إلى الأمة لتلتزم به. ولذلك اتفق أئمتنا بلا نزاع أنه إذا تعارض القول مع الفعل يقدم القول, فهو أقوى؛ لأنه موجه إلى الأمة لتعمل به، فلا يجوز أن نتركه وأن نقيد إطلاقه بما يحتمل أما الفعل فكما قلت: يتطرق إليه احتمال التخصيص، واحتمال وجود عذر من أجله استقبل أو استدبر.
حقيقة أدلتهم في منتهى القوة والوجاهة. وكما قلت: قال بذلك الإمام أبو حنيفة والإمام أحمد في المشهور من مذهبهما. نعم للإمام أحمد في ذلك ثلاثة أقوال، وللإمام أبي حنيفة قولان, لكن سيأتي تفصيل بقية الأقوال.
استمع المزيد من الشيخ عبد الرحيم الطحان - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح الترمذي - باب الاستتار عند الحاجة، والاستنجاء باليمين، والاستنجاء بالحجارة [4] | 4045 استماع |
شرح الترمذي - باب ما جاء في فضل الطهور [6] | 3979 استماع |
شرح الترمذي - باب ما جاء في كراهية ما يستنجى به [9] | 3906 استماع |
شرح الترمذي - باب ما جاء في كراهية ما يستنجى به [46] | 3793 استماع |
شرح الترمذي - مقدمات [8] | 3787 استماع |
شرح الترمذي - باب مفتاح الصلاة الطهور [2] | 3771 استماع |
شرح الترمذي - باب ما جاء في كراهية ما يستنجى به [18] | 3570 استماع |
شرح الترمذي - باب ما جاء في كراهية ما يستنجى به [24] | 3486 استماع |
شرح الترمذي - باب ما يقول إذا خرج من الخلاء [10] | 3465 استماع |
شرح الترمذي - باب ما جاء في كراهية ما يستنجى به [6] | 3416 استماع |