خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/122"> الشيخ عبد الرحيم الطحان . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/122?sub=8329"> سلسلة مباحث النبوة
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
مباحث النبوة - ارتفاق كل من الزوجين بصاحبه [2]
الحلقة مفرغة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، ورضي الله عن الصحابة الطيبين وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً، سهل علينا أمورنا، وعلمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين، اللهم زدنا علماً نافعاً، وعملاً صالحاً بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين.
سبحانك اللهم وبحمدك على حلمك بعد علمك، سبحانك اللهم وبحمدك على عفوك بعد قدرتك، اللهم صل على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد:
إخوتي الكرام! لا زلنا نتدارس مقاصد النكاح وحكمه، وتقدم معنا أن مقاصده كثيرة، والحكم من مشروعيته متعددة وفيرة، وقلت: يمكن أن نجملها في خمسة مقاصد:
أولها كما تقدم معنا: تحصين النفس البشرية من كل آفة ردية، سواء كانت حسية أو معنوية.
وثانيها: إيجاد الذرية التي تعبد وتوحد رب البرية سبحانه وتعالى.
وثالثها: تحصيل الأجر للزوجين عن طريقين اثنين: عن طريق حسن عشرة كل منهما لصاحبه، وعن طريق مساعدته في نفقته.
ورابع المقاصد: تذكر لذة الآخرة. وقد مر الكلام على هذه الأمور الأربعة في المواعظ الماضية مقرراً مفصلاً بأدلته، وشرعنا في مدارسة المقصد الخامس والحكمة الأخيرة من مشروعية النكاح، ألا وهي ارتفاق كل من الزوجين بصاحبه وبأهل زوجه وقرابته.
هذا الأمر الخامس إخوتي الكرام سأقرره بخمس آيات كريمات، ذكرت آيتين كريمتين تدلان على هذا الأمر: الآية الأولى من سورة الذاريات: وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [الذاريات:49] ، فقلت: إن التفرد لا يليق إلا بالفرد الواحد الأحد الفرد الصمد سبحانه وتعالى، ومن عداه بحاجة إلى الاقتران بزوجه من أجل أن تحصل الفائدة منه.
والآية الثانية من سورة الروم، وفيها يقول الحي القيوم سبحانه وتعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الروم:21].
وتقدم معنا شرح هذه الآية الكريمة، وأن السكن لا يحصل للإنسان إلا إذا أوى الزوج إلى زوجة، واقترن كل صنف بنظيره الذي جعله الله نظيراً له وأباح الله الاجتماع بين هذين الصنفين: بين الذكر والأنثى لحكم كثيرة في العاجل والآجل، وربط الله بين الزوجين برباط محكم وثيق عن طريق الود، وهو أتم الحب وأكمله وأدقه وألطفه، وعن طريق الرأفة والرحمة، وجعل: وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الروم:21] .
إخوتي الكرام! تقدم معنا كما قلت شرح هذه الآية الكريمة، واستعرضت قول الإمام الرازي عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا في تفسير هذه الآية، وفي استنباطه معنىً غريباً لم يسبق إليه، حيث قال: إن هذه الآية الكريمة تدل على أن النساء خلقن كخلقة الدواب والنبات والجماد؛ لأن الله يقول: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ [الروم:21] ومن آياته أن خلق لكم، وبينت أن الآية لا تدل على هذا لا من قريب ولا من بعيد، وفندت هذا القول بستة أوجه معتبرة كما تقدم معنا تقرير هذا في الموعظة الماضية.
إخوتي الكرام! وقفت عند جزئية أحب أن أذكرها وأكملها لأنتقل بعد ذلك إلى الآية الثالثة التي تقرر ارتفاق كل من الزوجين بصاحبه، هذه الجزئية هي ضمن مراحل البحث، فقد تقدم معنا أن الله سوى بين النساء والرجال في عناصر المماثلة والمشابهة البارزة، وهي ثلاثة أمور: أولها: في الخلق، وثانيها: في التكليف، وثالثها: في الجزاء، فهي مخلوقة من الجنس الذي خلقنا منه، وهي مكلفة بما كلف الذكور به، وستثاب وتعاقب كما يثاب ويعاقب الذكر تماماً، ولذلك لا يجوز أن نقول: إن النساء خلقن كخلقة الدواب والنبات، بل مخلوقة من جنسنا، وتستوي معنا في التكليف، (فالنساء شقائق الرجال) كما تقدم معنا هذا من كلام نبينا عليه وآله وصحبه صلوات الله وسلامه، وتستوي معنا بعد ذلك في الجزاء عند رب الأرض والسماء.
مزية النساء في الرواية للسنة
يقول الإمام الذهبي في الميزان (4/604)، والإمام ابن حجر في لسان الميزان (7/522) ينقل هذا عن الذهبي ويقره فيقول: ما علمت في النساء من اتهمت، ولا من تركوها.
ما وجد في تاريخ هذه الأمة امرأة كذبت على النبي عليه الصلاة والسلام، وما أكثر من يكذب على النبي عليه الصلاة والسلام من الرجال والوضاعين.
الترجيح عند تعارض رواية المرأة ورواية الرجل عند العلماء
ثلاثة من فحول أئمتنا: أبو إسحاق الإسفراييني والزركشي والإمام العراقي يرون أن رواية المرأة تقدم على رواية الرجل عند التعارض، قال: لأنها في أمور الديانة أصدق، نعم في أمور الدنيا هي ما خلقت لأن تعتني وأن تجمع الريالات وأن تعد الدراهم والدنانير، لكن أمر الدين هذه مكلفة كما أنك مكلف، فهي تحرص كما أنك تحرص، لكن أنت عندك أحياناً ما يشغلك ويشتت ذهنك، وأما هي فتصدق أكثر، هؤلاء الأئمة الثلاثة يرون أن رواية المرأة تقدم على رواية الرجل عند التعارض، وهذا قول من أقوال أربعة قيلت في المسألة، والجمهور على تقديم رواية الرجل على المرأة عند التعارض، وهناك قول ثالث: إذا كانت الرواية تتعلق بالنساء تقدم رواية المرأة على الرجل؛ لأن هذا الحكم يتعلق بالنساء، فهي له أضبط.
والقول الرابع: أن المرأة إذا روت حديثاً يتعلق بها وبقصتها فيقدم على الرجل إذا عارضها في هذه الرواية.
أربعة أقوال، وقول من هذه الأقوال ذهب إليه ثلاثة من أئمتنا الأبرار: أن رواية المرأة تقدم على رواية الرجل عند التعارض في الرواية، وانظروا هذه المسألة إخوتي الكرام في كتاب شرح جمع الجوامع مع حاشية الإمام العطار عليه (2/407)، وجمع الجوامع للإمام ابن السبكي ، فهو في أصول الفقه، وجمعه من مائة كتاب، فشرحه الجلال المحلي ، وعليه حاشية للشيخ العطار في مجلدين كبيرين، كل مجلد يزيد على سبعمائة صفحة من القطع الكبير، والكلام مرصوص كرءوس الإبر والنمل، ولو فرد المجلدان لبلغا على أقل تقدير خمسة مجلدات من الحجم الكبير.
جمع الجوامع شرحه كما قلت الجلال المحلي ، وعليه حاشية للإمام العطار ، انظروا (2/407) في نقل هذا الكلام عن أبي إسحاق الإسفراييني والزركشي والإمام العراقي ، ونقل هذا أيضاً الشيخ الكتاني في كتابه التراتيب الإدارية، وهو كتاب نظام الحكومة النبوية على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه، والكتاب في مجلدين، ينقل هذا في (2/235)، وانظروه في فتح الرحيم وفي شرح مسلم الثبوت في أصول الفقه لـابن عبد الشكور (2/209)، ورأى ترجيح رواية الذكر في غير أحكام النساء، وهذا قول ثان من الأقوال الأربعة التي قيلت في المسألة، وكما قلت إخوتي الكرام: الجمهور على تقديم رواية الرجل، وهذا الذي قرره جمهور الأئمة، انظروا التقييد والإيضاح في شرح مقدمة الحافظ ابن الصلاح لشيخ الإسلام الإمام عبد الرحيم العراقي الأثري عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا (ص:286)، فذكر من وجوه الترجيح إذا تعارضت الروايات ما يزيد على مائة وجه من أوجه الترجيح، يقول: أبدأ بالخمسين التي عدها الإمام الحازمي حيث عد خمسين وجهاً من وجوه الترجيح في أول كتابه الاعتبار الناسخ والمنسوخ من الآثار، ثم أكمل عليها ما زيد عليها، فبلغت أسباب الترجيح عنده مائة وعشرة وجه في الترجيح لو تعارضت الروايات، وإذا تعارضت فأول ما نفعله بين الروايات المتعارضة الجمع، فإن أمكن لا نعدل عنه إلى ما بعده، فإذا لم يمكن نبحث هل يوجد نسخ، فإذا لم يوجد نسخ نلجأ إلى الترجيح بمرجح من المرجحات أوصلها شيخ الإسلام الإمام العراقي إلى مائة وعشرة مرجحات في التقييد والإيضاح، المرجح الثاني والستين يقول: كون الراوي ذكراً، وهذا ما ذهب إليه الإمام السيوطي في تدريب الراوي أيضاً (ص:388)، وقال: استوفى وجوه الترجيح الإمام العراقي في نكته على ابن الصلاح وهو التقييد والإيضاح الذي ذكرته لكم، اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
إذاً: المرأة تستوي مع الرجل في هذا الأمر، فلا داعي للقول بأنها خلقت كخلقة الدواب والنبات والجماد.
ولذلك إخوتي الكرام تقدم معنا أن ما شرع للرجل شرع للمرأة، إلا ما قام عليه دليل التخصيص بأن الله خص المرأة بحكم وخص الرجل بحكم حسب مقتضى شريعته، ولكن ما عدا هذا يستويان فيه، وعندنا أعظم الأمور في شرع العزيز الغفور، ألا وهو نقل حديث نبينا الرسول عليه الصلاة والسلام تستوي المرأة مع الرجل، لو روت المرأة عن النبي عليه الصلاة والسلام حديثها يقبل كما لو رواه الرجل سواءً بسواء، بل تقدم معنا للنساء مكانة ومفخرة في الرواية ما حصلت للرجال، ألا وهي أنه لا يوجد في النساء كذابة على نبينا عليه الصلاة والسلام، بل ما وجد في الراويات متهمة، وما أكثر الكذابين من الرجال الذين يكذبون على نبينا الأمين عليه الصلاة والسلام. وما أكثر المتهمين! هذه منقبة للنساء في باب الرواية، حفظها أئمتنا للنساء.
يقول الإمام الذهبي في الميزان (4/604)، والإمام ابن حجر في لسان الميزان (7/522) ينقل هذا عن الذهبي ويقره فيقول: ما علمت في النساء من اتهمت، ولا من تركوها.
ما وجد في تاريخ هذه الأمة امرأة كذبت على النبي عليه الصلاة والسلام، وما أكثر من يكذب على النبي عليه الصلاة والسلام من الرجال والوضاعين.
ذهب بعض أئمتنا إلى أن رواية الذكر إذا تعارضت مع رواية الأنثى تقدم رواية الأنثى، وهذا هو الذي قرره شيخ الإسلام شيخ أهل السنة الكرام الإمام أبو إسحاق الإسفراييني ، وصوبه الإمام الزركشي ، ونقله شيخ الإسلام عبد الرحيم العراقي الأثري، وارتضاه وأقره.
ثلاثة من فحول أئمتنا: أبو إسحاق الإسفراييني والزركشي والإمام العراقي يرون أن رواية المرأة تقدم على رواية الرجل عند التعارض، قال: لأنها في أمور الديانة أصدق، نعم في أمور الدنيا هي ما خلقت لأن تعتني وأن تجمع الريالات وأن تعد الدراهم والدنانير، لكن أمر الدين هذه مكلفة كما أنك مكلف، فهي تحرص كما أنك تحرص، لكن أنت عندك أحياناً ما يشغلك ويشتت ذهنك، وأما هي فتصدق أكثر، هؤلاء الأئمة الثلاثة يرون أن رواية المرأة تقدم على رواية الرجل عند التعارض، وهذا قول من أقوال أربعة قيلت في المسألة، والجمهور على تقديم رواية الرجل على المرأة عند التعارض، وهناك قول ثالث: إذا كانت الرواية تتعلق بالنساء تقدم رواية المرأة على الرجل؛ لأن هذا الحكم يتعلق بالنساء، فهي له أضبط.
والقول الرابع: أن المرأة إذا روت حديثاً يتعلق بها وبقصتها فيقدم على الرجل إذا عارضها في هذه الرواية.
أربعة أقوال، وقول من هذه الأقوال ذهب إليه ثلاثة من أئمتنا الأبرار: أن رواية المرأة تقدم على رواية الرجل عند التعارض في الرواية، وانظروا هذه المسألة إخوتي الكرام في كتاب شرح جمع الجوامع مع حاشية الإمام العطار عليه (2/407)، وجمع الجوامع للإمام ابن السبكي ، فهو في أصول الفقه، وجمعه من مائة كتاب، فشرحه الجلال المحلي ، وعليه حاشية للشيخ العطار في مجلدين كبيرين، كل مجلد يزيد على سبعمائة صفحة من القطع الكبير، والكلام مرصوص كرءوس الإبر والنمل، ولو فرد المجلدان لبلغا على أقل تقدير خمسة مجلدات من الحجم الكبير.
جمع الجوامع شرحه كما قلت الجلال المحلي ، وعليه حاشية للإمام العطار ، انظروا (2/407) في نقل هذا الكلام عن أبي إسحاق الإسفراييني والزركشي والإمام العراقي ، ونقل هذا أيضاً الشيخ الكتاني في كتابه التراتيب الإدارية، وهو كتاب نظام الحكومة النبوية على نبينا وآله وصحبه صلوات الله وسلامه، والكتاب في مجلدين، ينقل هذا في (2/235)، وانظروه في فتح الرحيم وفي شرح مسلم الثبوت في أصول الفقه لـابن عبد الشكور (2/209)، ورأى ترجيح رواية الذكر في غير أحكام النساء، وهذا قول ثان من الأقوال الأربعة التي قيلت في المسألة، وكما قلت إخوتي الكرام: الجمهور على تقديم رواية الرجل، وهذا الذي قرره جمهور الأئمة، انظروا التقييد والإيضاح في شرح مقدمة الحافظ ابن الصلاح لشيخ الإسلام الإمام عبد الرحيم العراقي الأثري عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا (ص:286)، فذكر من وجوه الترجيح إذا تعارضت الروايات ما يزيد على مائة وجه من أوجه الترجيح، يقول: أبدأ بالخمسين التي عدها الإمام الحازمي حيث عد خمسين وجهاً من وجوه الترجيح في أول كتابه الاعتبار الناسخ والمنسوخ من الآثار، ثم أكمل عليها ما زيد عليها، فبلغت أسباب الترجيح عنده مائة وعشرة وجه في الترجيح لو تعارضت الروايات، وإذا تعارضت فأول ما نفعله بين الروايات المتعارضة الجمع، فإن أمكن لا نعدل عنه إلى ما بعده، فإذا لم يمكن نبحث هل يوجد نسخ، فإذا لم يوجد نسخ نلجأ إلى الترجيح بمرجح من المرجحات أوصلها شيخ الإسلام الإمام العراقي إلى مائة وعشرة مرجحات في التقييد والإيضاح، المرجح الثاني والستين يقول: كون الراوي ذكراً، وهذا ما ذهب إليه الإمام السيوطي في تدريب الراوي أيضاً (ص:388)، وقال: استوفى وجوه الترجيح الإمام العراقي في نكته على ابن الصلاح وهو التقييد والإيضاح الذي ذكرته لكم، اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
إذاً: المرأة تستوي مع الرجل في هذا الأمر، فلا داعي للقول بأنها خلقت كخلقة الدواب والنبات والجماد.
وقلت في آخر الأمور في رد كلام الإمام الرازي عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا: إن هذا المفهوم مفهوم جاهلي، وقلت: إن الرأي إذا عارض النص يطرح، وختمت الكلام بأمر انفرد به تابعيان: الإمام الحسن البصري وقتادة بن دعامة السدوسي ، انفردا بقول غريب في أمر العقيقة، ألا وهو أن العقيقة تشرع عن الذكر ولا تشرع عن الأنثى، قالا: لأنها شرعت للسرور، وليس في مجيء الأنثى سرور وبهجة وحبور، وعليه لا يعق الإنسان عن الأنثى، إنما يعق عن الذكر، وقلت: هذا رأي، والرأي إذا صادم نصاً فهو فاسد الاعتبار، فإن كان قائله من أهل الخير والصلاح نستغفر له ونرد قوله ونقف عند هذا الحد، وهذا هو الحاصل في الحسن البصري وقتادة رحمة الله ورضوانه عليهما وعلى أئمتنا أجمعين، وتقدم معنا أن هذا القول نقله الإمام ابن المنذر عنهما، ونقله الإمام ابن القيم في تحفة المودود بأحكام المولود (ص:52)، ونقله الإمام ابن قدامة في المغني (11/120).
وقلت إخوتي الكرام: إن هذا يصادم الأحاديث التي وردت في أمر العقيقة، ووعدت بأن أذكر بعض الأحاديث في ذلك على وجه الإيجاز لأنتقل بعد ذلك إلى الآية الثالثة التي تقرر ارتفاق كل من الزوجين لصاحبه.
إخوتي الكرام! تقدم معنا أن العقيقة مستحبة عند أئمة الإسلام، وما نسب إلى سيدنا فقيه هذه الملة الإمام المبارك أبي حنيفة النعمان بن ثابت عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا أنه يقول: ببدعية العقيقة في حق الذكر والأنثى، فقلت: إن القول لا يثبت عنه، نعم حكاه الحافظ ابن حجر عليه وعلى أئمتنا في فتح الباري (9/588)، ونسب القول ببدعية العقيقة إلى الإمام أبي حنيفة ، لكن الإمام العيني في عمدة القاري تعقبه بعبارة قاسية وقلت: لا داعي للقسوة في الكلام، إنما يرد هذا ويقال ما صح عن هذا الإمام أنه يقول ببدعية العقيقة، فالإمام العيني في عمدة القاري (21/83) قال: وقال بعضهم في شرحه -يشير إلى الحافظ ابن حجر - إن أبا حنيفة عليه يقول إن العقيقة بدعة، قلت: هذا افتراء على الإمام، إنما أبو حنيفة لا يرى أن العقيقة سنةً لا يراها سنةً ثابتةً مؤكدةً يطالب الإنسان بها على سبيل الجزم، إنما يراها من باب الاستحباب، ولا يرد ما ورد فيها من أحاديث، إنما يرى أنها مستحبة، أما أنه يقول: إنها بدعة فلا ثم لا، والإمام العيني حنفي المذهب، وأهل مكة أدرى بشعابها، فهو أدرى بأقوال إمامه من الحافظ ابن حجر وغيره في هذه المسألة رحمة الله ورضوانه عليهم أجمعين.
كما قلت إخوتي الكرام أذكر بعض الأحاديث على سبيل الإيجاز التي تقرر مشروعية العقيقة للذكر والأنثى، وأن ما قاله الحسن وقتادة قول يصادم النص فيطرح ولا يعول عليه.
حديث عائشة في العقيقة عن الغلام والجارية
شاتان مكافئتان أي: خذهما متماثلتين، وكل واحدة تكافئ الأخرى وتساويها، فلا تكن واحدة دون السن المطلوب وواحدة في السن المطلوب؛ لأنه يشترط في العقيقة ما يشترط في الأضحية من السن والسلامة من العيوب.
وهذا هو المستحب في الغلام، وتحصل السنة ويحصل الاستحباب للعق عنه بشاة واحدة، لكن الأكمل في حق الغلام أن تعق بشاتين وعن الجارية بشاة، ولو فعلت شاةً عن الغلام أجزأ، وقد ثبتت في ذلك أحاديث كثيرة عن نبينا صلى الله عليه وسلم.
الشاهد من هذا الحديث أن فيه عقيقة عن الجارية، فمن قال: لا يعق عنها لأنه لا سرور في مجيئها فهو مفهوم الجاهلية، ولا يجوز أن نقول هذا، وهذه هدية من الله جل وعلا، والله يقول في كتابه: لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ [الشورى:49-50].
أمر البشرية في عجب عندما يحتكمون إلى عقولهم، فريق قدس المرأة وقدمها على الرجل في الخطاب وفي الكلام كما تسمعون في هذه الأيام في وسائل الإفساد والإعلام: سيداتي آنساتي سادتي، وقد قال بعض شيوخ الأزهر في بدعة تأبين قاسم أمين قسمه الله وألقاه في سجين، وقد أفضى إلى ما قدم، يقول في بدعة تأبين: سيداتي آنساتي سادتي، ثم قال الشيخ الألباني قال: لا تظنوا أنني أقول هذا تقليداً للغرب في تقديم المرأة، إنما أقول هذا اقتداءً بقول الله: يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ [الشورى:49]، فقدم الأنثى على الذكر قال: سيداتي آنستي سادتي، لكن أعمى الله قلبه عن آخر الآية أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا [الشورى:50].
الأمر الثاني: آيات كثيرة إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ [الأحزاب:35] ، قدم الذكر أم الأنثى؟ استمع بعد ذلك لدلالة أوضح في آخر الآية أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ [الأحزاب:35] حذف الأنثى وأدرجها ضمن ضمير الذكور، أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا [الأحزاب:35] ، (أعد لهم) ما قال: لهم ولهن أيضاً، هناك يقول: (إن المسلمين والمسلمات) ثم قال: (أعد لهم) فأدرج ضمير الإناث ضمن ضمير الذكور وجعلهن تبع؟
والآيات في ذلك كثيرة: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [التوبة:71].
الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ [التوبة:67] في تقديم الرجل على المرأة، لكن هذا لهوىً في نفسه استدل بآية الشورى وأيضاً أهمل آخرها، يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ [الشورى:49]، لا يا عبد الله، ما فعلت هذا اقتداءً بالآية الكريمة، إنما تقليداً لسنة إفرنجية ملعونة، وما أهان المرأة كالغرب باسم إكرامها، يكرمها ويضحك على ذقنها، لكن ليجعلها بعد ذلك ألعوبةً بين يديه ورجليه، نعم هو يقبل يداها ويفتح لها الباب، لكن جعلها سلعةً مبتذلةً لا قيمة لها، فهذا الذي حصل من الغرب نحو المرأة كما كان شيخ الإسلام الشيخ مصطفى صبري عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا يقول: ضحك على ذقنها، ومخادعة لها، واعتداء على عرضها باسم إكرامها وتقديمها في المجالس، فهو يقدمها في الذكر لكن بعد ذلك يرتع هذا وذاك في عرضها وكأنها خرقة بالية، هذا لا يوجد عندنا في الإسلام، نحن عندنا في الإسلام المرأة في الذكر تبع للرجل، بل يطوى الحديث عنها في كتاب الله من أجل ألا تتحرك الأذهان نحوها، والخطاب الذي يوجه إلى هذا القيم: وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ [البقرة:228] ، تدخل فيه، لكن عندنا أدب أدبنا الله به وهو ألا نذكر النساء إلا لضرورة.
وهذا إخوتي الكرام كانت الأمة جارية عليه، يعني حقيقةً الواحد منا لا يمكن أن يصرح باسم أمه عندما يسأل، وعندما كنا صغاراً في المدرسة يقال: أنت ابن من؟ ابن فلان، أمك ما اسمها؟ …، لم؟ يرى أن هذا في الحقيقة مهزلة في ذكر اسم أمه، ماذا تريد؟ هذا ينبغي أن يصان عن الذكر، وأخبرني مرةً بعض الشيوخ العميان ابتلي بتدريس النسوان في بعض المدارس، فقال لي: دخلت إلى الفصل أسألهن: ما اسمك؟ ولا واحدة تجيب، قال: الإخبار عن الاسم ليس بعورة.
هذا في الوقت المتقدم ليس في هذه الأيام، ونسأل الله حسن الختام، الآن الإنسان يباهي أن ابنته -على تعبيره- نجم كذا وخسة كذا بالتمثيليات، وبعد ذلك البلاء الذي يعانيه النساء في هذه الأمة، لكن امرأة لماذا تصرح باسمها لغير ضرورة؟ الأصل أن النساء يصن عن الذكر، وألا يذكرن إلا بمقدار الضرورة.
وهنا إخوتي الكرام الله جل وعلا يخبر عن هذه الأمة المباركة والدرة الفاخرة بأنها هبة، يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ [الشورى:49] سبحانه وتعالى، قدمها لعظيم العبرة فيها هي المعامل الربانية في إيجاد الذرية، قدمها للاحتياج إليها: يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ [الشورى:49].
إذاً: هذه هبة، وإذا كانت هبة فاشكر الله عليها، ينبغي أن تعق عنها كما تعق عن الولد الذكر، أما الأنثى البنت لا تعق عنها فحالك صار كحال الجاهلية: وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ [النحل:58].
حديث عبد الله بن عمرو في العقيقة عن الغلام والجارية
وثبت في مسند الإمام أحمد وسنن أبي داود والنسائي والحديث رواه ابن حبان في صحيحه والحميدي في مسنده، والدارمي في سننه من رواية أم كرز رضي الله عنها وأرضاها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عن الغلام شاتان، وعن الجارية شاة).
والأحاديث في ذلك كثيرة، منها ما في مسند الإمام أحمد من رواية أسماء بنت يزيد رضي الله عنها، ومنها ما في مسند البزار ومعجم الطبراني الكبير من رواية عبد الله بن عباس رضي الله عنهم أجمعين، وكل هذه الأحاديث فيها كما قلت: (عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة)، انظروا الروايتين الأخيرتين في مجمع الزوائد (4/57)، وأصل العقيقة الأحاديث فيه متواترة، لكن أنا آتي الآن بأحاديث تبين أنه ينبغي أن نعق وأن ننسك عن الجارية، وهذا نطالب به كما نطالب بأن نعق وننسك عن الغلام.
عدم الذبح عن الجارية من فعل اليهود
وانظروا رواية البزار في مجمع الزوائد (4/58)، ولفظ الحديث من رواية أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن اليهود تعق) عق يعق من باب رد يرد، (إن اليهود تعق عن الغلام كبشاً، ولا تعق عن الجارية).
هذا فعل اليهود، فـالحسن وقتادة رضي الله عنهما هل يريدان أن نوافق اليهود في ذلك؟ لا ثم لا، (إن اليهود تعق عن الغلام شاة، ولا تعق عن الجارية، فعقوا عن الغلام شاتين -لتحصل المخالفة لليهود- وعن الجارية شاة).
والحديث إخوتي الكرام في إسناده أبو حفص وهو سالم بن تميم ، روى الحديث أبو حفص الشاعر عن أبيه وهو سالم بن تميم ، عن أبيه تميم ، قال الإمام الهيثمي في المجمع: لم أجد من ترجمهما، وبعد البحث عنهما ما وقفت على ترجمة، أبو حفص الشاعر سالم عن أبيه وهو تميم ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن اليهود تعق عن الغلام شاةً ولا تعق عن الجارية، فعقوا عن الغلام شاتين، وعن الجارية شاة)، كما قلت: أصل العق عن الغلام شاتين، وعن الجارية شاة، هذا ثابت كما تقدم معنا أننا نعق شاتين وشاةً في الأحاديث الصحيحة الكثيرة، لكن أن اليهود تعق عن الغلام شاةً ولا تعق عن الجارية مطلقاً ثابت في هذا الحديث الذي في راويان يقول الإمام الهيثمي : لم أجد من ترجمهما، والعلم عند الله جل وعلا.
ثبت في مسند الإمام أحمد وسنن الترمذي والحديث رواه ابن ماجه وابن حبان في صحيحه والإمام البيهقي في السنن الكبرى، والحديث صحيح من رواية أمنا عائشة رضي الله عنها وأرضاها: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (عن الغلام شاتان مكافئتان، وعن الجارية شاة).
شاتان مكافئتان أي: خذهما متماثلتين، وكل واحدة تكافئ الأخرى وتساويها، فلا تكن واحدة دون السن المطلوب وواحدة في السن المطلوب؛ لأنه يشترط في العقيقة ما يشترط في الأضحية من السن والسلامة من العيوب.
وهذا هو المستحب في الغلام، وتحصل السنة ويحصل الاستحباب للعق عنه بشاة واحدة، لكن الأكمل في حق الغلام أن تعق بشاتين وعن الجارية بشاة، ولو فعلت شاةً عن الغلام أجزأ، وقد ثبتت في ذلك أحاديث كثيرة عن نبينا صلى الله عليه وسلم.
الشاهد من هذا الحديث أن فيه عقيقة عن الجارية، فمن قال: لا يعق عنها لأنه لا سرور في مجيئها فهو مفهوم الجاهلية، ولا يجوز أن نقول هذا، وهذه هدية من الله جل وعلا، والله يقول في كتابه: لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ [الشورى:49-50].
أمر البشرية في عجب عندما يحتكمون إلى عقولهم، فريق قدس المرأة وقدمها على الرجل في الخطاب وفي الكلام كما تسمعون في هذه الأيام في وسائل الإفساد والإعلام: سيداتي آنساتي سادتي، وقد قال بعض شيوخ الأزهر في بدعة تأبين قاسم أمين قسمه الله وألقاه في سجين، وقد أفضى إلى ما قدم، يقول في بدعة تأبين: سيداتي آنساتي سادتي، ثم قال الشيخ الألباني قال: لا تظنوا أنني أقول هذا تقليداً للغرب في تقديم المرأة، إنما أقول هذا اقتداءً بقول الله: يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ [الشورى:49]، فقدم الأنثى على الذكر قال: سيداتي آنستي سادتي، لكن أعمى الله قلبه عن آخر الآية أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا [الشورى:50].
الأمر الثاني: آيات كثيرة إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ [الأحزاب:35] ، قدم الذكر أم الأنثى؟ استمع بعد ذلك لدلالة أوضح في آخر الآية أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ [الأحزاب:35] حذف الأنثى وأدرجها ضمن ضمير الذكور، أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا [الأحزاب:35] ، (أعد لهم) ما قال: لهم ولهن أيضاً، هناك يقول: (إن المسلمين والمسلمات) ثم قال: (أعد لهم) فأدرج ضمير الإناث ضمن ضمير الذكور وجعلهن تبع؟
والآيات في ذلك كثيرة: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [التوبة:71].
الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ [التوبة:67] في تقديم الرجل على المرأة، لكن هذا لهوىً في نفسه استدل بآية الشورى وأيضاً أهمل آخرها، يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ [الشورى:49]، لا يا عبد الله، ما فعلت هذا اقتداءً بالآية الكريمة، إنما تقليداً لسنة إفرنجية ملعونة، وما أهان المرأة كالغرب باسم إكرامها، يكرمها ويضحك على ذقنها، لكن ليجعلها بعد ذلك ألعوبةً بين يديه ورجليه، نعم هو يقبل يداها ويفتح لها الباب، لكن جعلها سلعةً مبتذلةً لا قيمة لها، فهذا الذي حصل من الغرب نحو المرأة كما كان شيخ الإسلام الشيخ مصطفى صبري عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا يقول: ضحك على ذقنها، ومخادعة لها، واعتداء على عرضها باسم إكرامها وتقديمها في المجالس، فهو يقدمها في الذكر لكن بعد ذلك يرتع هذا وذاك في عرضها وكأنها خرقة بالية، هذا لا يوجد عندنا في الإسلام، نحن عندنا في الإسلام المرأة في الذكر تبع للرجل، بل يطوى الحديث عنها في كتاب الله من أجل ألا تتحرك الأذهان نحوها، والخطاب الذي يوجه إلى هذا القيم: وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ [البقرة:228] ، تدخل فيه، لكن عندنا أدب أدبنا الله به وهو ألا نذكر النساء إلا لضرورة.
وهذا إخوتي الكرام كانت الأمة جارية عليه، يعني حقيقةً الواحد منا لا يمكن أن يصرح باسم أمه عندما يسأل، وعندما كنا صغاراً في المدرسة يقال: أنت ابن من؟ ابن فلان، أمك ما اسمها؟ …، لم؟ يرى أن هذا في الحقيقة مهزلة في ذكر اسم أمه، ماذا تريد؟ هذا ينبغي أن يصان عن الذكر، وأخبرني مرةً بعض الشيوخ العميان ابتلي بتدريس النسوان في بعض المدارس، فقال لي: دخلت إلى الفصل أسألهن: ما اسمك؟ ولا واحدة تجيب، قال: الإخبار عن الاسم ليس بعورة.
هذا في الوقت المتقدم ليس في هذه الأيام، ونسأل الله حسن الختام، الآن الإنسان يباهي أن ابنته -على تعبيره- نجم كذا وخسة كذا بالتمثيليات، وبعد ذلك البلاء الذي يعانيه النساء في هذه الأمة، لكن امرأة لماذا تصرح باسمها لغير ضرورة؟ الأصل أن النساء يصن عن الذكر، وألا يذكرن إلا بمقدار الضرورة.
وهنا إخوتي الكرام الله جل وعلا يخبر عن هذه الأمة المباركة والدرة الفاخرة بأنها هبة، يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ [الشورى:49] سبحانه وتعالى، قدمها لعظيم العبرة فيها هي المعامل الربانية في إيجاد الذرية، قدمها للاحتياج إليها: يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ [الشورى:49].
إذاً: هذه هبة، وإذا كانت هبة فاشكر الله عليها، ينبغي أن تعق عنها كما تعق عن الولد الذكر، أما الأنثى البنت لا تعق عنها فحالك صار كحال الجاهلية: وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ [النحل:58].
ومن الأحاديث إخوتي الكرام التي تقرر هذا ما ثبت في مسند الإمام أحمد وسنن أبي داود والنسائي والحديث رواه الإمام الحاكم في المستدرك، والبيهقي في السنن، وإسناده صحيح كالشمس من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده، وهو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم أجمعين: (أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن العقيقة؟ فقال: أكره العقوق)، كره الاسم، كأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول: سموها بغير هذا الاسم، ولذلك لو قيل عن العقيقة: نسيكة لكان أولى، ولو قيل لها: ذبيحة لكان أولى، والنسيكة هي أحسن الأسماء كما قال الحافظ ابن حجر عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا، (أكره العقوق) كره الاسم، لكن الذبح عن الغلام وعن الجارية، (أكره العقوق، ثم قال عليه الصلاة والسلام: من أحب أن ينسك عن ولده) لم يقل هنا: أن يعق في هذا الحديث (من أحب أن ينسك عن ولده فلينسك، عن الغلام شاتان، وعن الجارية شاة).
وثبت في مسند الإمام أحمد وسنن أبي داود والنسائي والحديث رواه ابن حبان في صحيحه والحميدي في مسنده، والدارمي في سننه من رواية أم كرز رضي الله عنها وأرضاها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عن الغلام شاتان، وعن الجارية شاة).
والأحاديث في ذلك كثيرة، منها ما في مسند الإمام أحمد من رواية أسماء بنت يزيد رضي الله عنها، ومنها ما في مسند البزار ومعجم الطبراني الكبير من رواية عبد الله بن عباس رضي الله عنهم أجمعين، وكل هذه الأحاديث فيها كما قلت: (عن الغلام شاتان وعن الجارية شاة)، انظروا الروايتين الأخيرتين في مجمع الزوائد (4/57)، وأصل العقيقة الأحاديث فيه متواترة، لكن أنا آتي الآن بأحاديث تبين أنه ينبغي أن نعق وأن ننسك عن الجارية، وهذا نطالب به كما نطالب بأن نعق وننسك عن الغلام.