شرح أخصر المختصرات [54]


الحلقة مفرغة

يقول المصنف رحمه الله تعالى: [فصل: والعصبة يأخذ ما أبقت الفروض، وإن لم يبق شيء سقط مطلقاً، وإن انفرد أخذ جميع المال، لكن للجد والأب ثلاث حالات:

فيرثان بالتعصيب فقط مع عدم الولد وولد الابن، وبالفرض فقط مع ذكوريته، وبالفرض والتعصيب مع أنوثيته.

وأخت فأكثر مع بنت أو بنت ابن فأكثر يرثن ما فضل.

والابن وابنه والأخ لأبوين أو لأب يعصبون أخواتهم، فلذكر مثلا ما لأنثى، ومتى كان العاصب عماً أو ابنه أو ابن أخ انفرد بالإرث دون أخواته، وإن عدمت عصبة النسب ورث المولى المعتِق مطلقاً، ثم عصبته الذكور، والأقرب فالأقرب كالنسب.

فصل: أصول المسائل سبعة: أربعة لا تعول، وهي ما فيها فرض أو فرضان من نوع، فنصفان أو نصف والبقية من اثنين، وثلثان أو ثلث والبقية من ثلاثة، وربع والبقية أو مع النصف من أربعة، وثمن والبقية أو مع النصف من ثمانية].

تعداد العصبات بالنفس

العصبة: هي الإرث بلا تقدير، وقد ذكروا أنهم ثلاثة أقسام:

1- عصبة بالنفس.

2- عصبة بالغير.

3- عصبة مع الغير.

فالعصبة بالنفس كلهم ذكور، وهم: الأب والجد وإن علا، والابن وابن الابن وإن نزل، والأخ الشقيق، والأخ لأب، وابن الأخ الشقيق، وابن الأخ لأب، والعم الشقيق، والعم لأب، وابن العم الشقيق، وابن العم لأب، والمعتق والمعتقة، هؤلاء هم العصبة بالنفس، فكلهم ذكور إلا المعتقة، يقول الناظم:

وليس في النساء طراً عصبـة إلا التي منت بعتق الرقبة

فالعصبة: هم الذين يرثون بلا تقدير.

وذكر أن للعاصب ثلاث حالات:

الحالة الأولى: أن يأخذ ما أبقت الفروض قليلاً أو كثيراً.

والحالة الثانية: أن يسقط إذا استغرقت الفروض التركة.

والحالة الثالثة: أن يأخذ جميع المال إذا انفرد.

هذه حالات المعصب: إذا انفرد حاز المال، وإن بقي شيء بعد أهل الفروض أخذه، وإن استغرقت الفروض التركة سقط.

أمثلة على أخذ العصبة للمال كله

فمثاله الأب: إذا لم يكن معه غيره أخذ المال كله، وكذلك الابن إذا انفرد أخذ المال كله، وكذلك ابن الابن، والجد، والأخ، وابنه، والعم، وابنه؛ فمن انفرد منهم ولم يزاحمه أحد أخذ المال كله.

أمثلة على أخذ العصبة ما أبقت الفروض

وإذا بقي شيء بعد أهل الفروض أخذه، فإذا ماتت امرأة عن زوج وبنت وابن ابن، فعندنا الزوج له فرض الربع لوجود الفرع الوارث، والبنت لها فرض النصف، فتأخذ البنت اثنين من أربعة، والزوج واحد من أربعة، ويبقى الربع يأخذه ابن الابن تعصيباً، فهو أخذ ما بقي بعد أهل الفروض.

ولو بقي قليل فإنه يأخذه، فلو كان عندنا بنتان وأم وزوجة وأخت شقيقة، أو ابن ابن، أو أخ شقيق، أليس البنتان لهما الثلثان ستة عشر من أربعة وعشرين؟ أليس الأم لها السدس أربعة من أربعة وعشرين؟ هذه عشرون، أليس الزوجة لها الثمن ثلاثة من الأربعة والعشرين؟ هذه ثلاثة وعشرون، بقي سهم واحد: ثلث الثمن، يأخذه ابن الابن مثلاً؛ لأنه المعصب، فيأخذه المعصب، سواء كان ابن الابن، أو الأخ الشقيق، أو الأخ لأب، أو العم الشقيق، أو العم لأب، أو ابن أحدهما، فيأخذه، مع أنه ما بقي إلا ثلث الثمن، فهذا بيان أنه إذا أبقت الفروض شيئاً أخذه المعصب قليلاً كان أو كثيراً.

فإذا كان عندنا ابن وزوجة، هل الابن يرث بالفرض أو بالتعصيب؟

الابن يرث بالتعصيب، ولا يرث بالفرض، ولكن يحجب الزوجة إلى الثمن، فللزوجة الثمن، والباقي للابن سبعة أثمان، والابن أخذ ما بقي، فإن كان معنا زوج وأبوان وابن، فالزوج له الربع، والأبوان لكل واحد منهما السدس، والابن له الباقي، فنعطي الأبوين أربعة من اثني عشر، والزوج ثلاثة من اثني عشر، فهذه سبعة، يبقى خمسة يأخذها الابن، أي أنه ما بقي له إلا أقل من النصف، فهو يأخذ ما بقي.

وكذلك إذا كان عندك بنت، وزوج، وأم، وعم، في هذه الحال: البنت لها النصف ستة، والزوج له الربع ثلاثة من اثني عشر، والأم لها السدس اثنان من اثني عشر، بقي نصف السدس يأخذه العم تعصيباً، فهو المعصب، فيأخذ ما أبقت الفروض قليلاً كان أو كثيراً.

أمثلة سقوط العصبة لاستغراق الفروض

وإن استغرقت الفروض التركة سقط، فهذه حالة من حالاته، إلا الابن والأب فلا يسقطان، وذلك لأن الابن يحجب أهل الفروض الكثيرة: فيحجب الأخوات، وكذلك ينقص الأم فلا تأخذ إلا السدس، وينقص الأبوين فلا يأخذ كل واحد منهما إلا السدس، وينقص الزوج فلا يأخذ إلا الربع، أو الزوجة فلا تأخذ إلا ثمن، فيتوفر له الباقي، فلا يمكن أن يسقط؛ لأنه لما حجبهم ومنعهم من أن يأخذوا الحظ الأوفر، لم يمكن أن تستغرق الفروض التركة.

ومثال استغراق الفروض التركة: لو ماتت امرأة عن زوج وأخت شقيقة وعم، أليس الزوج له النصف؟ أليس الشقيقة لها النصف؟ نصفان.. هل بقي شيء للعم؟ ما بقي شيء، فيسقط العم، وكذلك لو كان ابن أخ ما بقي له شيء فيسقط؛ لاستغراق الفروض التركة، هذا استغراق الفروض.

فإذا كان عندنا أختان شقيقتان، وأختان لأم، وأخ من الأب، أليس الشقيقتان ترثان الثلثين، والأخوان من الأم يرثان الثلث؟ هل بقي شيء للأخ من الأب؟ لا. فقد استغرقت الفروض التركة وإذا استغرقت الفروض التركة سقط. فهذه حالات المعصب: إذا انفرد حاز المال، وإن بقي شيء بعد أهل الفروض أخذه، وإن استغرقت الفروض التركة سقط.

العصبة: هي الإرث بلا تقدير، وقد ذكروا أنهم ثلاثة أقسام:

1- عصبة بالنفس.

2- عصبة بالغير.

3- عصبة مع الغير.

فالعصبة بالنفس كلهم ذكور، وهم: الأب والجد وإن علا، والابن وابن الابن وإن نزل، والأخ الشقيق، والأخ لأب، وابن الأخ الشقيق، وابن الأخ لأب، والعم الشقيق، والعم لأب، وابن العم الشقيق، وابن العم لأب، والمعتق والمعتقة، هؤلاء هم العصبة بالنفس، فكلهم ذكور إلا المعتقة، يقول الناظم:

وليس في النساء طراً عصبـة إلا التي منت بعتق الرقبة

فالعصبة: هم الذين يرثون بلا تقدير.

وذكر أن للعاصب ثلاث حالات:

الحالة الأولى: أن يأخذ ما أبقت الفروض قليلاً أو كثيراً.

والحالة الثانية: أن يسقط إذا استغرقت الفروض التركة.

والحالة الثالثة: أن يأخذ جميع المال إذا انفرد.

هذه حالات المعصب: إذا انفرد حاز المال، وإن بقي شيء بعد أهل الفروض أخذه، وإن استغرقت الفروض التركة سقط.

فمثاله الأب: إذا لم يكن معه غيره أخذ المال كله، وكذلك الابن إذا انفرد أخذ المال كله، وكذلك ابن الابن، والجد، والأخ، وابنه، والعم، وابنه؛ فمن انفرد منهم ولم يزاحمه أحد أخذ المال كله.

وإذا بقي شيء بعد أهل الفروض أخذه، فإذا ماتت امرأة عن زوج وبنت وابن ابن، فعندنا الزوج له فرض الربع لوجود الفرع الوارث، والبنت لها فرض النصف، فتأخذ البنت اثنين من أربعة، والزوج واحد من أربعة، ويبقى الربع يأخذه ابن الابن تعصيباً، فهو أخذ ما بقي بعد أهل الفروض.

ولو بقي قليل فإنه يأخذه، فلو كان عندنا بنتان وأم وزوجة وأخت شقيقة، أو ابن ابن، أو أخ شقيق، أليس البنتان لهما الثلثان ستة عشر من أربعة وعشرين؟ أليس الأم لها السدس أربعة من أربعة وعشرين؟ هذه عشرون، أليس الزوجة لها الثمن ثلاثة من الأربعة والعشرين؟ هذه ثلاثة وعشرون، بقي سهم واحد: ثلث الثمن، يأخذه ابن الابن مثلاً؛ لأنه المعصب، فيأخذه المعصب، سواء كان ابن الابن، أو الأخ الشقيق، أو الأخ لأب، أو العم الشقيق، أو العم لأب، أو ابن أحدهما، فيأخذه، مع أنه ما بقي إلا ثلث الثمن، فهذا بيان أنه إذا أبقت الفروض شيئاً أخذه المعصب قليلاً كان أو كثيراً.

فإذا كان عندنا ابن وزوجة، هل الابن يرث بالفرض أو بالتعصيب؟

الابن يرث بالتعصيب، ولا يرث بالفرض، ولكن يحجب الزوجة إلى الثمن، فللزوجة الثمن، والباقي للابن سبعة أثمان، والابن أخذ ما بقي، فإن كان معنا زوج وأبوان وابن، فالزوج له الربع، والأبوان لكل واحد منهما السدس، والابن له الباقي، فنعطي الأبوين أربعة من اثني عشر، والزوج ثلاثة من اثني عشر، فهذه سبعة، يبقى خمسة يأخذها الابن، أي أنه ما بقي له إلا أقل من النصف، فهو يأخذ ما بقي.

وكذلك إذا كان عندك بنت، وزوج، وأم، وعم، في هذه الحال: البنت لها النصف ستة، والزوج له الربع ثلاثة من اثني عشر، والأم لها السدس اثنان من اثني عشر، بقي نصف السدس يأخذه العم تعصيباً، فهو المعصب، فيأخذ ما أبقت الفروض قليلاً كان أو كثيراً.

وإن استغرقت الفروض التركة سقط، فهذه حالة من حالاته، إلا الابن والأب فلا يسقطان، وذلك لأن الابن يحجب أهل الفروض الكثيرة: فيحجب الأخوات، وكذلك ينقص الأم فلا تأخذ إلا السدس، وينقص الأبوين فلا يأخذ كل واحد منهما إلا السدس، وينقص الزوج فلا يأخذ إلا الربع، أو الزوجة فلا تأخذ إلا ثمن، فيتوفر له الباقي، فلا يمكن أن يسقط؛ لأنه لما حجبهم ومنعهم من أن يأخذوا الحظ الأوفر، لم يمكن أن تستغرق الفروض التركة.

ومثال استغراق الفروض التركة: لو ماتت امرأة عن زوج وأخت شقيقة وعم، أليس الزوج له النصف؟ أليس الشقيقة لها النصف؟ نصفان.. هل بقي شيء للعم؟ ما بقي شيء، فيسقط العم، وكذلك لو كان ابن أخ ما بقي له شيء فيسقط؛ لاستغراق الفروض التركة، هذا استغراق الفروض.

فإذا كان عندنا أختان شقيقتان، وأختان لأم، وأخ من الأب، أليس الشقيقتان ترثان الثلثين، والأخوان من الأم يرثان الثلث؟ هل بقي شيء للأخ من الأب؟ لا. فقد استغرقت الفروض التركة وإذا استغرقت الفروض التركة سقط. فهذه حالات المعصب: إذا انفرد حاز المال، وإن بقي شيء بعد أهل الفروض أخذه، وإن استغرقت الفروض التركة سقط.

ثم ذكر أن الجد والأب لكل منهما ثلاث حالات: تارة يرث بالفرض، وتارة يرث بالتعصيب، وتارة يجمع بينهما. فيرثان بالتعصيب فقط مع عدم الولد وولد الابن ذكوراً وإناثاً؛ فإذا لم يكن عندك إلا أب أخذ المال.

وكذلك لو كان هناك زوج أو زوجة أو أم، فالجد في هذه الحال، هل يرث بالفرض؟ لا يرث بالفرض، بل يرث بالتعصيب، ولا يرث بالفرض إلا إذا كان معه أحد الأولاد، فإن كان معه ابن، أو بنون، أو بنون وبنات، فليس له إلا فرض، وهو السدس: هلك هالك عن أب وابن، فللأب السدس والباقي للابن تعصيباً، وكذلك لو كان معه أم، أعطيت الأب السدس والأم السدس، والباقي للابن، وكذلك لو كان معهم زوج، أعطيت الأبوين السدسين، والزوج الربع، والباقي للابن، فالأب إذا كان هناك أبناء قليلون أو كثيرون فليس له إلا السدس، فهو يرث بالفرض مع ذكور الأولاد، وكذلك ولد الابن، فإذا كان مع الأب ابن ابن، فليس للأب إلا السدس، أو ابن ابن ابن وأب، فللأب السدس، لا يزيد ميراثه عن السدس إذا كان معه ابن أو بنون، أو ابن ابن، أو ابن ابن ابن، فيرث بالفرض مع ذكور الأولاد.

ويرث بالتعصيب إذا لم يوجد ابن، ولا بنت، ولا ابن ابن، ولا بنت ابن، ولا أولاد ذكور أو إناث، ولا أولاد بنين ذكور أو إناث، فإن كان وحده أخذ المال، وإن كان معه أصحاب فروض أخذ ما بقي، والأب لا يسقط بحال، أما الجد فهو مثل الأب، يقول الناظم:

والجد مثل الأب عند فقـده في حوز ما يصيبه ومده

إلا إذا كان هناك أخوة لكونهم في القرب وهو أسوة.

ويقول في الحجب:

والجد محجوب عن الميـراث بالأب في أحواله الثلاث

يعني: أن الأب له ثلاثة أحوال:

حال يرث فيها بالفرض، وحال بالتعصيب، وحال يجمع بينهما.

متى يجمع الجد أو الأب بين الفرض والتعصيب؟

إذا كان هناك إناث من الولد، يعني: من الذرية، وبقي شيء بعد أهل الفروض، فإن الأب أو الجد أولى به، فيأخذه تعصيباً.

فإذا مات ميت عن أب وبنت، أليس الأب له السدس فرضاً، والبنت لها النصف فرضاً؟ وبقي عندنا ثلث يأخذه الأب تعصيباً.

وكذا لو مات عن بنت وجد، نعطي الجد السدس، ونعطي البنت النصف، ونعطي الباقي للجد تعصيباً، وكذا لو كان عندنا بنتان وأب، أليس البنتان لهما الثلثان، والجد أو الأب له السدس فرضاً؟ ويبقى عندنا سدس يأخذه الأب أو الجد تعصيباً، فيجمع بين الفرض والتعصيب مع الإناث.

فإن لم يبق إلا السدس أخذه، فلو كان عندنا بنتان وأم وأب، أليس البنتان لهما الثلثان أربعة من ستة، والأم لها السدس واحد من ستة؟ ما بقي إلا واحد يأخذه الأب فرضاً، وليس هناك تعصيب، فاستغرقت الفروض التركة، فما بقي شيء يأخذه تعصيباً في هذه الحال، وكذلك لو عالت المسألة، فإنه لا يبقى له شيء، وإنما يأخذ سهمه السدس من عولها.

فالحاصل أن للأب والجد ثلاث حالات:

الحالة الأولى: التعصيب فقط، وذلك إذا لم يكن هناك ابن، ولا ابن ابن، ولا بنت، ولا بنت ابن، ففي هذه الحال يرث الموجود منهما بالتعصيب.

الحالة الثانية: بالفرض فقط، وذلك مع الابن، أو ابن الابن، أي: مع ذكور الولد؛ الابن وابن الابن وإن نزل.

الحالة الثالثة: الجمع بين الفرض والتعصيب مع الإناث من الفرع الوارث، فيأخذ ما بقي بعد أهل الفروض، قليلاً كان أو كثيراً، وإن لم يبق شيء اقتصر على السدس، الذي هو فرضه.

ميراث العصبة مع الغير

يقول: (وأخت فأكثر مع بنت أو بنت ابن فأكثر يرثن ما فضل).

ويسمى هذا: التعصيب مع الغير، فالأخوات مع البنات عصبات، دليل ذلك حديث ابن مسعود : (فإنه رفع إليه رجل مات، وله بنت وبنت ابن وأخت شقيقة، فسألوا أبا موسى فجعل المال نصفين بين البنت والأخت، وأسقط بنت الابن، وقال للسائل: ائت ابن مسعود فسيوافقني) ، ظن أبو موسى أن الله ذكر البنت في أول السورة بقوله: وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ [النساء:11] ، وذكر الأخت في آخر السورة بقوله: وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ [النساء:176] فأعطى البنت النصف والأخت النصف، وأسقط بنت الابن. (فجاءوا إلى ابن مسعود فأخبروه بجواب أبي موسى، فقال: قد ضللت إذاً وما أنا من المهتدين، لأقضين فيها بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: للبنت النصف، ولبنت الابن السدس، تكملة الثلثين، وما بقي فللأخت) .

فهذا الحديث فيه أن الأخت أخذت الباقي، ومعلوم أنه ليس فرضاً، فإن الأخت لا ترث فرضاً إلا في الكلالة، وهاهنا ليست المسألة كلالة؛ لوجود الفرع الوارث، وهو البنت وبنت الابن، فإنهما من الولد، والله تعالى ما ورّث الأخت إلا مع عدم الولد؛ لقوله تعالى: إِنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ [النساء:176] ، فلذلك أعطوا البنت النصف، وبنت الابن السدس تكملة الثلثين، وبقي ثلث، فأعطوا الأخت، وسموا هذا تعصيباً مع الغير.

القياس في هذه المسألة: أن نعطي البنت النصف، وبنت الابن السدس تكملة الثلثين، ونقول الباقي لأولى رجل ذكر؛ وذلك لأن الأخت لا ترث إلا في الكلالة، وهاهنا ليست المسألة كلالة، ولأن الله تعالى إنما ورّث الأخت عند عدم الولد: لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ [النساء:176]، وهاهنا الولد موجود، فإن البنت ولد، وبنت الابن ولد، فهذا هو القياس، ولكن اتبعنا النص، وهو الحديث، وقلنا: لا قياس مع النص، وجعلنا الأخت لها الباقي، وسميناه تعصيباً مع الغير، فتأخذ ما بقي في المسألة قليلاً كان أو كثيراً، وقد تُقَدَّم في هذه الحال على الذكور.

فلو مات ميت عن بنت وأخت شقيقة، وأخ من الأب، فإن البنت لها النصف فرضاً، والنصف الباقي نعطيه الشقيقة تعصيباً مع الغير، ولا شيء للأخ من الأب؛ لأن الأخت الشقيقة أصبحت عصبة مع الغير، فتكون أقدم منه، فهذا معنى: أن الأخت أو الأخوات مع البنت أو بنت الابن فأكثر يرثن ما فضل، قليلاً كان أو كثيراً.

فبنت وخمس أخوات شقائق: للبنت النصف فرضاً، والباقي للأخوات الشقائق.

بنتان وأخوات شقائق أو من الأب: للبنتين الثلثان، والباقي للأخوات من الأب، أو الأخوات الشقائق تعصيباً مع الغير.

بنتان وأم وخمس أخوات شقائق: البنتان لهما الثلثان أربعة من ستة، والأم لها السدس واحد من ستة، ويبقى عندنا السدس تأخذه الأخوات تعصيباً مع الغير.

إذا كان عندنا بنتان، وأم، وزوجة، وعشر أخوات شقائق: في هذه الحال البنتان لهما الثلثان ستة عشر من أربعة وعشرين، والأم لها السدس أربعة من أربعة وعشرين، فهذه عشرون، والزوجة لها الثمن ثلاثة من أربعة وعشرين، بقي واحد من أربعة وعشرين تأخذه الأخوات الشقائق أو الأخوات لأب، ونسميه تعصيباً مع الغير، فيأخذن ما فضل.

وكذا لو كان بدل البنات بنات ابن:

فإذا مات ميت عن بنتي ابن وأخت شقيقة؛ فلبنتي الابن الثلثان، وللأخت الشقيقة ما بقي تعصيباً وكذلك إذا كانت أختاً لأب.

ميراث العصبة بالغير

يقول: (الابن وابنه، والأخ لأبوين أو لأب، يعصبون أخواتهم، فللذكر مثلا ما للأنثى).

يسمى هذا تعصيباً بالغير، وبذلك تعرف أن التعصيب ثلاثة: عصبة بالنفس، وعصبة بالغير، وعصبة مع الغير.

فالعصبة بالغير هم: البنت مع أخيها، وبنت الابن مع أخيها أو ابن عمها الذي في درجتها، والشقيقة مع أخيها، والأخت من الأب مع أخيها.

فهؤلاء يعصبون أخواتهم، فينقلونهن من الإرث بالفرض إلى الإرث بالتعصيب، فيكون لهم المال أو ما بقي.

فإذا كان عندك أم وأب وزوج، وثلاثة أبناء وثلاث بنات، فهل تعطي البنات فرضاً أو تعصيباً؟

تعطيهن تعصيباً؛ لوجود إخوتهن، وهم الأبناء، فيأخذ أهل الفروض فروضهم، ثم الباقي للأولاد ذكوراً وإناثاً، ويكون تعصيباً، ولو لم يكن عندك إلا البنات لورثن الثلثين فرضاً، ولعالت لهن المسألة.

إذا كان عندك أم لها السدس، وأب له سدس، فهذه أربعة من اثني عشر، وزوج له ربع هذه سبعة، والبنتان لهما الثلثان ثمانية، فتعول إلى خمسة عشر، فيكون لهن ثمانية من خمسة عشر، ولما جاء معهن أخوهن أو إخوتهن نقلوهن إلى التعصيب، ولم يحصل للجميع إلا خمسة من اثني عشر، فقلّ نصيبهن، فالأخ لما نقلهن إلى التعصيب نقص حظهن.

وكذلك بنات الابن، فالابن يعصب أخته، فإذا انفرد ابن وأخته أو أخواته فلهم المال، للذكر مثل حظ الأنثيين.

ابن الابن وبنت الابن ولو لم تكن أخته، كما لو كانت بنت عمه في درجته، أو هو أنزل منها واحتاجت إليه، فإنه يعصبها، وينقلها إلى الإرث بالتعصيب.

وقد يكون أخاً مباركاً، وقد يكون أخاً مشئوماً: فالأخ المبارك، كما لو كان عندك بنتان وعم وخمس بنات ابن، فهل تعطي بنات الابن شيئاً؟ ليس لهن شيء؛ لأن الثلثين أخذه بنات الصلب، والثلث الباقي يأخذه العم، ويسقط بنات الابن، فإذا وجد معهن أخوهن، أو ابن عمهن في درجتهن، أخذوا الثلث الباقي، واقتسمه هو وأخواته أو بنات عمه، ويسمى هذا تعصيباً بالغير، وسقط العم، فيسمى أخاً مباركاً، حيث ورثن معه وقد كن ساقطات؛ لأن البنات إذا استغرقن الثلثين سقط بنات الابن.

وأما إذا أخذ بنات الابن السدس مع بنت الصلب، وكان عندك ابن ابن ابن فإنه يأخذ الباقي تعصيباً:

مثاله: مات ميت عن بنت الصلب لها النصف، وبنت ابن لها السدس تكملة الثلثين، وابن ابن ابن له الباقي تعصيباً، وفي هذه الحال لا تشاركه بنت الابن؛ لأنها أخذت فرضها، فلو كانت ساقطة، كما لو مات عن بنتين وبنت ابن وابن ابن ابن؛ فإن ابن ابن الابن يعصب عمته التي هي أخت أبيه، فيأخذ الثلث الباقي هو وإياها، فهي تقول له: لو كان أبوك حياً لورثت معه فإني في منزلته، وإذا كان مفقوداً فأنت تقوم مقامه، فأرث معك كما أرث مع أبيك، فيعصب عمته، ويعصب أخته التي هي بنت ابن ابن.

كذلك الأخوات: فالأخت الشقيقة مع الأخ الشقيق عصبة بالغير، أي: أنه إذا كان عندنا بنتان وزوج وأخ شقيق وأخت شقيقة، فإن الأخ الشقيق والأخت الشقيقة يأخذان ما بقي وهو نصف السدس، ويسمى تعصيباً بالغير، وكذا لو كان عندك زوج، وأم، وأخ من أم، وأخ شقيق وأخته، ففي هذه الحال إذا أعطيت الزوج النصف، والأم السدس؛ لوجود الجمع من الإخوة، والأخ من أم السدس، بقي عندك سدس يأخذه الشقيق وأخته، لو لم يكن معه أخت لانفرد بالمال، ولو لم يكن معها أخ لورثت فرضاً، فلما كان معه أخت أخذا الباقي تعصيباً، فهو نقلها إلى الإرث بالتعصيب.

وكذلك الأخ من الأب مع الأخت من أب، أي: كلاهما أخ للميت من أبيه، فيرثان المال تعصيباً، أو يرثان ما بقي بعد أهل الفروض تعصيباً، قليلاً كان أو كثيراً.

فالعصبة بالغير هؤلاء الأربعة: الابن مع أخته أو أخواته، وابن الابن مع أخته أو بنت عمه أو أخواته أو بنات عمه، والأخ الشقيق مع أخته أو أخواته، والأخ من الأب مع أخته أو أخواته، فيسمون عصبة بالغير، فللذكر مثل حظ الأنثيين.

العم هل يعصب أخته؟

لا يعصبها، بل يأخذ المال وحده، والعمة لا ترث.

وابن العم هل ترث معه بنت العم؟

لا ترث؛ لأنها ليست من الورثة.

ابن الأخ هل يعصب بنت الأخ؟

لا يعصبها، بل يأخذ المال كله دون أخته، يقول الناظم:

وليس ابـن الأخ بالمعصـب من مثله أو فوقه في النسب

أي: حتى لو كانت عمة.

إذا مات ميت عن بنت أخيه وابن ابن أخيه، فإنه لا يعصب عمته.

فإذا كان عندنا أخت شقيقة، وعندنا بنت وبنت ابن، وعم أو ابن عم، فإن الشقيقة هي التي ترث الباقي لوجود البنات، ويسقط العم.

وبكل حال هؤلاء هم العصبة، فالعصبة بالنفس كلهم ذكور إلا المعتقة.

والعصبة بالغير هم: البنت، وبنت الابن، والأخت الشقيقة، والأخت لأب.

والعصبة مع الغير: الأخت الشقيقة مع البنات أو بنات الابن، والأخت من الأب مع البنات أو بنات الابن.

ميراث عصبة المعتق

يقول بعد ذلك: (إذا عدمت عصبة النسب ورث المولى المعتِق مطلقاً، ثم عصبته الذكور، والأقرب فالأقرب كالنسب).

المولى هو المعتق؛ وذلك لأنه أنعم على رقيقه بالعتق، فإذا أنعم عليه أصبح مولىً له، فإذا مات ذلك العتيق وليس له أولاد ولا إخوة أحرار ورثه سيده المعتق، فإن كان السيد المعتق قد مات ورثه أولاده، أي: أولاد المعتق، فإن لم يكن له أولاد فإخوة المعتق أو أعمامه أو بنو عمه.

الحاصل: أنه يرثه عصبته الذكور الأقرب فالأقرب، فابن المعتق يقدم على ابن ابن المعتق، وأخو المعتق يقدم على عم المعتق، وابن أخ المعتق الشقيق يقدم على العم، وهكذا كالتقديم بالنسب.

التقديم بين جهات العصوبة

وقد ذكرنا أن العصبة خمس جهات: بنوة، ثم أبوة، ثم جدودة وأخوة، ثم بنو أخوة، ثم عمومة وبنوهم، ثم ولاء، وهي ست جهات إذا قلنا إن الإخوة يرثون مع الجد، أما إذا أسقطنا الإخوة بالجد، فتكون الجهات خمساً: حيث نعد الأبوة والجدودة جهة، فنقول: البنوة وبنوهم، والأبوة وآباؤهم، والإخوة وبنوهم، والأعمام وبنوهم، والولاء. ثم ترتيبهم في الإرث على هذا، أي: على ترتيبهم في التعصيب.

فمن من المعلوم أنه إذا كان عند الميت أبناء وآباء وإخوة وأعمام وموال؛ فالعصبة للأقرب فالأقرب: فهي للابن، فإن عدم فابن الابن، فإن لم يكن عندنا أبناء ولا أبناء أبناء، فالتعصيب للأب، ثم لأب الأب، وهكذا.

فإن عدم الأبناء والآباء فالتعصيب للإخوة: الأخ الشقيق، ثم الأخ لأب، ثم ابن الأخ الشقيق، ثم ابن الأخ لأب.

فإن عدم الإخوة وبنوهم فالتعصيب للأعمام: العم الشقيق، ثم العم لأب، ثم ابن العم الشقيق، ثم ابن العم لأب.

ثم أعمام الأب، ثم أعمام الجد، ثم بنوهم وبنو بنيهم وإن نزلوا، فيصير التعصيب لأولى رجل ذكر.

فإن اتحدت الجهة قدمنا القريب: فابن الابن لا يرث مع الابن؛ لأن الابن أقرب، وابن ابن الابن لا يرث مع ابن ابن، وكذلك ابن الأخ لا يرث مع الأخ، وابن ابن الأخ لا يرث مع ابن الأخ، لأن التقديم للأقرب.

وإذا اتحدت الجهة واستووا في القرب: مثل: إذا كان عندنا إخوة أشقاء وإخوة من الأب، فالإرث للأشقاء، أي أن التعصيب للأشقاء؛ لأنهم يدلون بقرابتين، وكذلك العم الشقيق يقدم على العم لأب، يقول الناظم:

والأخ والعم لأم وأبِ أولى من المدلي بشطر النسب

شطر النسب: أي الذي ما أدلى إلا بأب، كأخ من أب، أو عم من أب، فيقدم عليه عم من أب وأم.


استمع المزيد من الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح أخصر المختصرات [21] 2741 استماع
شرح أخصر المختصرات [28] 2718 استماع
شرح أخصر المختصرات [72] 2609 استماع
شرح أخصر المختصرات [87] 2572 استماع
شرح أخصر المختصرات [37] 2486 استماع
شرح أخصر المختصرات [68] 2350 استماع
شرح أخصر المختصرات [81] 2342 استماع
شرح أخصر المختصرات [58] 2334 استماع
شرح أخصر المختصرات [9] 2321 استماع
شرح أخصر المختصرات [22] 2271 استماع