شرح سنن أبي داود [142]


الحلقة مفرغة

شرح حديث (أمرنا رسول الله أن نخرج ذوات الخدور يوم العيد... )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب خروج النساء في العيد.

حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن أيوب ويونس وحبيب ويحيى بن عتيق وهشام في آخرين عن محمد أن أم عطية رضي الله عنها قالت: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج ذوات الخدور يوم العيد، قيل: فالحيض؟ قال: ليشهدن الخير ودعوة المسلمين، قال: فقالت امرأة: يا رسول الله! إن لم يكن لإحداهن ثوب كيف تصنع؟ قال: تلبسها صاحبتها طائفة من ثوبها) ].

يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باب خروج النساء في العيد ]، أي: استحباب ذلك، وترغيبهن في ذلك، وذلك لحضور الصلاة ودعوة المسلمين، والنساء اللاتي ليس عليهن الحيض يشاركن في الصلاة، والحيض يكبرن ويسمعن الذكر والخطبة، ولكنهن يعتزلن المصلى بحيث لا يكنَّ مع المصليات، وإنما يكن راءهن منعزلات عنهن، فيسمعن الخطبة ويكبرن فيذكرن الله عز وجل.

وأورد أبو داود رحمه الله حديث أم عطية وهي نسيبة بنت الحارث رضي الله تعالى عنها أنها قالت: [ (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج ذوات الخدور) ] أي: في العيد، وذوات الخدور هن الفتيات اللاتي لم يتزوجن، والخدور هي أماكن مخصصة في البيوت، والمراد أن المخبأة التي في الخدر التي هي قليلة الخروج من المنزل؛ تذهب لصلاة العيد، وكذلك الحيض، وهن المتلبسات بالحيض، فالبالغات يصلين، والمتلبسات بالحيض يسمعن الخطبة، ويكبرن الله عز وجل، ويشهدن الخير ودعوة المسلمين، وهذا يدلنا على تأكد صلاة العيد، ومن أهل العلم من قال: هي فرض عين على الرجال، والنساء يرغبن فيها حتى ذوات الخدور والحيض، وبعضهم قال: إنها سنة مؤكدة، وبعضهم قال: إنها فرض كفاية، ولا شك في أن الأمر بإخراج ذوات الخدور والمخبآت والصغيرات اللاتي بلغن أو قاربن البلوغ يدلنا على تأكد هذه الصلاة وأهميتها، وقد سبق أن من حضر صلاة العيد يوم الجمعة يمكنه أن يتخلف عن صلاة الجمعة، وأنه يغنيه ويكفيه حضوره العيد، ولا يلزمه أن يحضر الجمعة، ويكون معذوراً في حضورها، وهذا يدلنا على أهمية حضور صلاة العيد، وعلى الحرص على الإتيان بها، والنبي صلى الله عليه وسلم أمر بإخراج ذوات الخدور والحيض ليشهدن الخير ودعوة المسلمين، وليكون لهن نصيب من ذلك الخير ومن هذه الدعوة.

قولها: [ (فقالت امرأة: يا رسول الله! أرأيت إن لم يكن لإحدانا ثوب؟ قال: تلبسها صاحبتها طائفة من ثوبها) ] هذا مما يدل على تأكد الذهاب إلى صلاة العيد، وعدم التخلف عنها، وأن المرأة إذا لم يكن معها ثوب فإن أختها أو قريبتها تعيرها شيئاً من ثيابها حتى تذهب بها، وحتى تحضر هذه الدعوة وتحضر هذا الخير.

تراجم رجال إسناد حديث (أمرنا رسول الله أن نخرج ذوات الخدور يوم العيد... )

قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ].

هو موسى بن إسماعيل التبوذكي البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا حماد ].

هو حماد بن سلمة بن دينار البصري، ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن، وإذا جاء موسى بن إسماعيل يروي عن حماد ، وحماد غير منسوب فالمراد به حماد بن سلمة بن دينار.

[ عن أيوب ].

هو أيوب بن أبي تميمة السختياني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ ويونس ].

يونس هو ابن عبيد ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ وحبيب ].

هو حبيب بن الشهيد، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ ويحيى بن عتيق ].

يحيى بن عتيق ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأبو داود والنسائي.

[ وهشام ].

هو هشام بن حسان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ في آخرين ].

يعني أنه ذكر هذا العدد من الرواة، وهناك غيرهم، ولكنه اقتصر على هذا العدد، وهؤلاء كلهم يروي عنهم حماد، وهم يروون عن ابن سيرين.

[ عن محمد ].

هو محمد بن سيرين البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أم عطية ].

أم عطية هي نسيبة بنت الحارث رضي الله تعالى عنها، وهي مشهورة بكنيتها أم عطية ، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث (يعتزل الحيض مصلى المسلمين)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عبيد حدثنا حماد حدثنا أيوب عن محمد عن أم عطية رضي الله عنها بهذا الخبر، قال: (ويعتزل الحيض مصلى المسلمين) ولم يذكر الثوب، قال: وحدث عن حفصة عن امرأة تحدثه عن امرأة أخرى أنها قالت: (قيل: يا رسول الله) فذكر معنى حديث موسى في الثوب.

أورد أبو داود حديث أم عطية رضي الله عنها من طريق آخر، وفيه: [ (ويعتزل الحيض مصلى المسلمين) ] أي: المتلبسات بالحيض، واللاتي عليهن الحيض؛ لأن الحائض تطلق على البالغة، وعلى التي عليها الحيض، فقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار) يعني: البالغة؛ لأنها قد بلغت سن المحيض، ويطلق على المتلبسة بالحيض.

فالحيض المتلبسات بالحيض يذهبن إلى المصلى في صلاة العيد، ولكن يعتزلن مصلى المسلمين، ولا تكون الحيض مع النساء الطاهرات اللاتي يصلين، وإنما يتأخرن عنهن، وذلك حتى لا يحصل التلويث للمكان الذي يصلى فيه، وأيضاً من أجل عدم حصول الرائحة التي تكون بسبب الحيض، فتعتزل الحيض المصلى، ولكنهن يشهدن الخير، ويكبرن، ويشهدن دعوة المسلمين، ويكون لهن نصيب في الخير ونصيب في الأجر.

تراجم رجال إسناد حديث (يعتزل الحيض مصلى المسلمين)

قوله: [ حدثنا محمد بن عبيد ].

محمد بن عبيد هو ابن حساب، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم وأبو داود والنسائي.

[ حدثنا حماد ].

هو حماد بن زيد ، وإذا جاء محمد بن عبيد يروي عن حماد فالمراد به ابن زيد ، وهو أحياناً ينسبه وأحياناً لا ينسبه، وحماد بن زيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا أيوب عن محمد عن أم عطية ].

مر ذكر الثلاثة في الإسناد السابق.

تابع شرح حديث (يعتزل الحيض مصلى المسلمين)

قوله: [ (ويعتزل الحيض مصلى المسلمين)، ولم يذكر الثوب ] يعني: هذه الرواية التي هي رواية حماد بن زيد ما جاءت في رواية حماد بن سلمة الذي تقدمت.

قوله: [ وحدث عن حفصة عن امرأة تحدثه عن امرأة أخرى أنها قالت: (قيل: يا رسول الله) فذكر بعد حديث موسى في الثوب ].

يعني: روى حماد بن زيد عن أيوب عن حفصة عن امرأة حدثته عن امرأة أخرى، وفيها ذكر الثوب كما جاء في رواية موسى بن إسماعيل المتقدمة.

وحفصة هي بنت سيرين، وهي ثقة أخرج لها أصحاب الكتب الستة، وهي تروي عن امرأة، وتلك المرأة غير معروفة، ثم تلك المرأة تروي عن أختها، وكانت مع زوجها خرجا للجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت تداوي المرضى، وقد سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن المرأة إذا لم يكن يوم العيد لها ثوب فقال: تلبسها صاحبتها، ثم إن حفصة بنت سيرين لقيت أم عطية فأخبرتها بالذي سمعته من تلك المرأة فصدقت ذلك، وهو مطابق لما تقدم عن أم عطية في رواية موسى بن إسماعيل.

شرح حديث (والحيض يكن خلف الناس فيكبرن مع الناس)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا النفيلي حدثنا زهير حدثنا عاصم الأحول عن حفصة بنت سيرين عن أم عطية رضي الله عنها أنها قالت: (كنا نؤمر -بهذا الخبر-، قالت: والحيض يكن خلف الناس فيكبرن مع الناس) ].

أورد أبو داود حديث أم عطية من طريق أخرى، وفيه [ قالت: (كنا نؤمر) بهذا الخبر ] يعني: بالكلام المتقدم الذي مر، وقالت: [ والحيض يكن خلف الناس يكبرن مع الناس ]، أي: خلف النساء يعتزلن المصلى، ولا يكن مع النساء الطاهرات، وإنما يكن خلفهن، ويكبرن مع الناس، والذكر لا تمنع منه الحائض، فهي تكبر وتذكر الله عز وجل، ولا بأس بذلك، وهذا يدلنا على أن الناس يكبرون في العيد، ويشرع التكبير عند الذهاب إلى مصلى العيد، وقبل صلاة العيد، وقولها: [ يكبرن مع الناس ] يدل على حصول التكبير، وأنه يكون من الرجال والنساء، ولكن النساء لا يرفعن أصواتهن بالتكبير كما يرفع الرجال، كما أنهن يلبين بالتلبية ولكن لا يرفعن أصواتهن كما يفعل الرجال.

والمصلى مكان مكشوف، والمقصود من ذلك أنهن إذا ذهبن لا يكن مع الطاهرات؛ لأن وجودهن مع الطاهرات قد يلوث المكان، وأيضاً تشم منهن الرائحة غير الطيبة، وإلا فإن المصلى مكان مكشوف يمر به الحيض وغير الحيض، وليس له حكم المسجد لكن جلوس الحيض فيه مع النساء الطاهرات قد يحصل به التلويث وشم الرائحة غير الطيبة.

تراجم رجال إسناد حديث (والحيض يكن خلف الناس فيكبرن مع الناس)

قوله: [ حدثنا النفيلي ].

هو عبد الله بن محمد النفيلي، ثقة، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن.

[ حدثنا زهير ].

هو زهير بن معاوية، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا عاصم الأحول ].

هو عاصم بن سليمان الأحول، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، والأحول لقبه.

[ عن حفصة بنت سيرين عن أم عطية ].

مر ذكرهما.

شرح حديث (وأمرنا بالعيدين أن نخرج فيهما الحيض)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أبو الوليد -يعني الطيالسي - ومسلم قالا: حدثنا إسحاق بن عثمان حدثني إسماعيل بن عبد الرحمن بن عطية عن جدته أم عطية رضي الله عنها: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة جمع نساء الأنصار في بيت، فأرسل إلينا عمر بن الخطاب فقام على الباب فسلم علينا فرددنا عليه السلام، ثم قال: أنا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكن، وأمرنا بالعيدين أن نخرج فيهما الحيض والعتق، ولا جمعة علينا، ونهانا عن اتباع الجنائز) ].

أورد أبو داود حديث أم عطية رضي الله تعالى عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة جمع نساء الأنصار في بيت، وأرسل إليهن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه، وأنه قام على الباب وسلم عليهن، ورددن عليه السلام، فقال: إني رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكن، وأمرنا بالعيد أن نخرج فيهن الحيض والعتق.

والحيض هن البالغات أو المتلبسات بالحيض؛ لأن الحيض يشمل هذا وهذا، فيقال للتي بلغت سن المحيض: حائض، ومنه حديث: (لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار) يعني: التي بلغت سن المحيض، والتي صارت مكلفة، وكذلك -أيضاً- يطلق على المتلبسة بالحيض، فالنساء يخرجن كلهن، والطاهرات يصلين، وغير الطاهرات يشهدن الخير ودعوة المسلمين ويعتزلن المصلى.

والعتق: جمع عاتق، قيل: هي التي قاربت البلوغ أو التي قد بلغت بالفعل، ويقال لها: عاتق لأنها عتقت عن أن تمتهن وأن تستخدم لكونها تجاوزت حد الصغر الذي يكون معه الامتهان والتكليف بالأعمال التي يستخدم فيها الصغير.

قولها: [ ولا جمعة علينا ] أي: النساء ليس عليهن جمعة، وهذا بإجماع العلماء، وسبق أن مر بنا الحديث الذي في باب الجمعة للملوك والمرأة، وأنه لا جمعة عليهن، وقد سبق أن الإجماع انعقد على أنه لا يجب على النساء جمعة، ولكنهن إذا حضرن وصلين مع الناس فقد أتين بالفرض، وسقط عنهن أداء صلاة الظهر، وإذا لم يشهدن صلاة الجمعة يجب عليهن أن يصلين الظهر بعد دخول وقت الظهر.

قولها: [ ونهانا عن اتباع الجنائز ] وذلك لقلة صبرهن ولضعفهن وهلعهن، فنهين عن اتباع الجنائز، لا سيما عند الصدمة الأولى، فإن النساء عندهن ضعف، ولا يتمالكن عن النياحة والصياح وظهور شيء لا يصلح ولا يليق.

وهذا الحديث في سنده شخص قال عنه الحافظ في التقريب: مقبول، والشيء الذي انفرد به قصة مجيء عمر بن الخطاب إليهن، وجمع الرسول صلى الله عليه وسلم لهن في مكان، وسائر ما جاء فيه له شواهد، فقضية إخراج الحيض والعتق جاء في حديث أم عطية الذي سبق أن مر، وكذلك كونه لا جمعة عليهن سبق أن جاء في حديث: (الجمعة حق على كل مسلم إلا أربعة) وذكر فيهم المرأة، وعرفنا اتفاق العلماء على أنه لا جمعة على النساء، وكذلك نهيهن عن اتباع الجنائز جاء عن أم عطية من طرق صحيحة ثابتة، وذلك لضعفهن وخورهن وعدم صبرهن وعدم تحملهن، ولأنه قد يحصل منهن أمور لا تنبغي، ولهذا جاءت الأحاديث في ذم النائحة وبيان عقوبة النائحة، وكذلك الرجل لو ناح فإن حكمه حكم المرأة، ولكن الغالب أن النياحة تكون من النساء لضعفهن، فلو وجد من الرجال من ينوح فحكمه حكم النساء، ولكن نص على النساء وذكر النائحة دون النائح لأن النياحة تحصل غالباً من النساء؛ لعدم صبرهن وعدم قوة تحملهن.

تراجم رجال إسناد حديث (وأمرنا بالعيدين أن نخرج فيهما الحيض)

قوله: [ حدثنا أبو الوليد -يعني الطيالسي- ].

كلمة (يعني) هذه قالها من هو دون أبي داود ؛ لأن أبا داود لا يقول: يعني الطيالسي ، بل ينسب شيخه كما يريد، فـأبو داود اقتصر على قوله: [ حدثنا أبو الوليد ] فالذي جاء بعد أبي داود هو الذي أضاف كلمة (الطيالسي)، وأتى قبلها بكلمة (يعني)، و(يعني) فعل مضارع فاعله ضمير مستتر يرجع إلى أبي داود ، والذي قال: (يعني) هو دون أبي داود ، وأبو الوليد الطيالسي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ ومسلم ].

هو مسلم بن إبراهيم الفراهيدي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا إسحاق بن عثمان ].

إسحاق بن عثمان صدوق أخرج له أبو داود وحده.

[ حدثني إسماعيل بن عبد الرحمن بن عطية ].

إسماعيل بن عبد الرحمن بن عطية مقبول، أخرج حديثه أبو داود وحده.

[ عن جدته أم عطية ].

مر ذكرها.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب خروج النساء في العيد.

حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن أيوب ويونس وحبيب ويحيى بن عتيق وهشام في آخرين عن محمد أن أم عطية رضي الله عنها قالت: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج ذوات الخدور يوم العيد، قيل: فالحيض؟ قال: ليشهدن الخير ودعوة المسلمين، قال: فقالت امرأة: يا رسول الله! إن لم يكن لإحداهن ثوب كيف تصنع؟ قال: تلبسها صاحبتها طائفة من ثوبها) ].

يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باب خروج النساء في العيد ]، أي: استحباب ذلك، وترغيبهن في ذلك، وذلك لحضور الصلاة ودعوة المسلمين، والنساء اللاتي ليس عليهن الحيض يشاركن في الصلاة، والحيض يكبرن ويسمعن الذكر والخطبة، ولكنهن يعتزلن المصلى بحيث لا يكنَّ مع المصليات، وإنما يكن راءهن منعزلات عنهن، فيسمعن الخطبة ويكبرن فيذكرن الله عز وجل.

وأورد أبو داود رحمه الله حديث أم عطية وهي نسيبة بنت الحارث رضي الله تعالى عنها أنها قالت: [ (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج ذوات الخدور) ] أي: في العيد، وذوات الخدور هن الفتيات اللاتي لم يتزوجن، والخدور هي أماكن مخصصة في البيوت، والمراد أن المخبأة التي في الخدر التي هي قليلة الخروج من المنزل؛ تذهب لصلاة العيد، وكذلك الحيض، وهن المتلبسات بالحيض، فالبالغات يصلين، والمتلبسات بالحيض يسمعن الخطبة، ويكبرن الله عز وجل، ويشهدن الخير ودعوة المسلمين، وهذا يدلنا على تأكد صلاة العيد، ومن أهل العلم من قال: هي فرض عين على الرجال، والنساء يرغبن فيها حتى ذوات الخدور والحيض، وبعضهم قال: إنها سنة مؤكدة، وبعضهم قال: إنها فرض كفاية، ولا شك في أن الأمر بإخراج ذوات الخدور والمخبآت والصغيرات اللاتي بلغن أو قاربن البلوغ يدلنا على تأكد هذه الصلاة وأهميتها، وقد سبق أن من حضر صلاة العيد يوم الجمعة يمكنه أن يتخلف عن صلاة الجمعة، وأنه يغنيه ويكفيه حضوره العيد، ولا يلزمه أن يحضر الجمعة، ويكون معذوراً في حضورها، وهذا يدلنا على أهمية حضور صلاة العيد، وعلى الحرص على الإتيان بها، والنبي صلى الله عليه وسلم أمر بإخراج ذوات الخدور والحيض ليشهدن الخير ودعوة المسلمين، وليكون لهن نصيب من ذلك الخير ومن هذه الدعوة.

قولها: [ (فقالت امرأة: يا رسول الله! أرأيت إن لم يكن لإحدانا ثوب؟ قال: تلبسها صاحبتها طائفة من ثوبها) ] هذا مما يدل على تأكد الذهاب إلى صلاة العيد، وعدم التخلف عنها، وأن المرأة إذا لم يكن معها ثوب فإن أختها أو قريبتها تعيرها شيئاً من ثيابها حتى تذهب بها، وحتى تحضر هذه الدعوة وتحضر هذا الخير.

قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ].

هو موسى بن إسماعيل التبوذكي البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ حدثنا حماد ].

هو حماد بن سلمة بن دينار البصري، ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن، وإذا جاء موسى بن إسماعيل يروي عن حماد ، وحماد غير منسوب فالمراد به حماد بن سلمة بن دينار.

[ عن أيوب ].

هو أيوب بن أبي تميمة السختياني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ ويونس ].

يونس هو ابن عبيد ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ وحبيب ].

هو حبيب بن الشهيد، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ ويحيى بن عتيق ].

يحيى بن عتيق ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأبو داود والنسائي.

[ وهشام ].

هو هشام بن حسان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ في آخرين ].

يعني أنه ذكر هذا العدد من الرواة، وهناك غيرهم، ولكنه اقتصر على هذا العدد، وهؤلاء كلهم يروي عنهم حماد، وهم يروون عن ابن سيرين.

[ عن محمد ].

هو محمد بن سيرين البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن أم عطية ].

أم عطية هي نسيبة بنت الحارث رضي الله تعالى عنها، وهي مشهورة بكنيتها أم عطية ، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.


استمع المزيد من الشيخ عبد المحسن العباد - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح سنن أبي داود [139] 2890 استماع
شرح سنن أبي داود [462] 2842 استماع
شرح سنن أبي داود [106] 2835 استماع
شرح سنن أبي داود [032] 2731 استماع
شرح سنن أبي داود [482] 2702 استماع
شرح سنن أبي داود [529] 2693 استماع
شرح سنن أبي داود [555] 2686 استماع
شرح سنن أبي داود [177] 2679 استماع
شرح سنن أبي داود [097] 2654 استماع
شرح سنن أبي داود [273] 2649 استماع